إن هذه الكلمة الجميلة كلمة الجهاد كلمة بالغ فيها البعض إفراطا وتفريطا
لعلنا في هذه الكلمة نتطرق باختصار أولا : إلى مفهوم الجهاد لغة واصطلاحا ومبرارته في القرآن الكريم .
ثانيا: بعلاقة المسلم بالآخر .
ثالثا: بالثقافة التي ينبغي أن نلقنها أجيالنا الصاعدة في دار المهجر .
الجهاد هو مصدر من جاهد جهادا ومجاهدة ومعناه استفراغ الوسع أي بذل أقصى الجهد للوصول إلى غاية في الغالب محمودة .
وهو في الإسلام كما يقول الراغب في مفرداته يغطي ثلاث ميادين أو هو على ثلاثة أضرب حسب عبارته :
1- مجاهدة العدو الظاهر. 2- مجاهدة الشيطان. 3- مجاهدة النفس .
والمعنيان الأخيران وردا في أحاديث منها ما رواه الأمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه عن فضالة عن عبيد أنه r قال : والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله عز وجل." وهو حديث حسن .
وقد جاء في حديث ضعيف رواه البيهقي عن جابر أنه عليه الصلاة والسلام قال- عند عودته من آخر غزوة له تبوك : رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر .
وفسره بمجاهدة الهوى وخدمة الوالدين جهاد قال عليه السلام : ففيهما فجاهد."
أما المعنى الأول وهو جهاد الناس فهو المعنى الأكثر انتشارا وهو جهاد غير المسلمين الذي يعني عمليات القتال والحرب والذي وردت فيه آيات كثيرة وأحاديث في فضله وشروطه وضوابطه وكانت له ممارسات في التاريخ بين المسلمين وغيرهم لا تزال أصداؤها تتردد في أسماع التاريخ ومازالت إلى يومنا هذا موضوع أخذ ورد إفراطا وتفريطا وإعجابا وشجبا فكم من أناس برروا حروبا عدوانية ومطامع دنيوية بدعوى الجهاد وكم آخرون فرطوا في الجهاد فتقاعسوا عن ردِّ العدو ونكصوا عن مقارعة العدو فكانت النتائج وخيمة وكم حركات غير منضبطة بضوابط الجهاد شوهت سمعت الإسلام وأورثت المسلمين عنتا وضياعا .
وكم متجنٍ على الإسلام معتبرا أن الجهاد لا ينتظر مبرراً وأنه دعوة إلى القتال الدائم ضد غير المسلمين كما يقول القس هانز فوكنج في مقاله المنشور بجريدة ألمانية في فرانكفورت 1991م كما يحكيه مراد هوفمان .
وأمثال هذا في المقالات الاستشراقية كثير وهم بذلك يبررون حرباً عدوانية ضد المسلمين لتمدينهم وجعلهم مسالمين.
والحق أن مفهوم الجهاد في الإسلام ليس مرادفا دائما للقتال فالجهاد مفهوم واسع فهو دفاع الحق ودعوة إليه باللسان وهذا هو المعنى الأول قال تعالى: ( وجاهدهم به جهاداً كبيراً ) في سورة الفرقان أي بالقرآن الكريم أقم عليهم الحجة وقدم لهم البرهان تلو البرهان ومعلوم أن تلاوة القرآن لا تتضمن أعمالا حربية فليس كل جهاد قتالا وليس كل قتال جهادا والجهاد دعوة إلى الحرية .
إلا أن الجهاد قد يكون أعمالاً حربية كما أن هناك أعمالاً حربية ولهذا قسم ابن خلدون الحرب إلى أربعة أنواع وذلك حسب دوافعها قائلا: إن أصل جميع الحروب إرادة الانتقام نوعان منها حروب بغي وفتنة : حرب المنافسة (التوسع) وحرب العدوان التي تقوم بها الأمم المتوحشة .
ونوعان عادلان : حرب غضب لله تعالى ودينه وهي جهاد .
وحرب على الخارجين عن السلطان وهي حرب للعناية بالملك كما سماها.
وبناء على الآيات العديدة في مختلف الفترات وهناك آيات أخرى ( يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم ) 73)
( فإذا الأشهر الحرم فأقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) التوبة 5)
ومن يراجع أسباب النزول وتاريخ تطور النزاع بين الإسلام وخصومه يمكن أن أنه لا تعارض بين هذه الآيات والآيات التي تحدد هدف القتال بأنه دفاعي وأنه لا يجوز اقتطاع الآيات عن سياقها الكلي كما يحاول المستشرقون وتلاميذهم أن يفعلوه .
وبهذا المنطق يمكن اعتبار المسيحية دين حرب إذا حكمنا عليها من خلال الفقرة 24 الواردة في إنجيل متى الإصحاح العاشر مما نسبه إلى سيدنا عيسى عليه السلام ( لا تظنوا أني جئت لألقى سلاماً على الأرض ما جئت لألقى سلاما بل سيفاً) .
فالحرب في الإسلام إنما هي حرب دفاعية وليست لإجبار الناس على الدين
وقال ابن تيمية : إن الحرب الإسلامية إنما هي حرب دفاعية لأن أصل العلاقة مع غير المسلمين هي المسالمة . وأن غزوات النبي r ترجع إلى هذا المعنى عند التأمل .
دفاعا عن المسلمين والمستضعفين وليست هجومية بلغة العصر وإنما كانت لإنقاذ المستضعفين وقد شرح الشيخ الجليل أبو زهرة - في كتابه ابن تيمية - وجهة نظر شيخ الإسلام ابن تيمية شرحا ضافياً .
وكذلك أشار العلامة الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى إلى ذلك عند قوله تعالى ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ) أنه تنبيه على أن القتال المأذون فيه هو قتال جزاء على اعتداء .
وقال في آخر شرحه : وكان هذا شرعاً لأصول الدفاع عن البيضة .
وقد نبه ابن عاشور على أن غزوة تبوك إنما كانت رداً على هجوم محتمل من الروم بالشام كما يدل عليه حديث عمر في الصحيح عندما جاءه أخوه من الأنصار في بيته في وقت لم يكن يأتيه فيه فقال عمر أجاء صاحب غسان لأنهم كانوا يتوقعون غزوا من أحد ملوك غسان بالشام مدعوما من الروم .
وقد اختلف العلماء في وجوب الجهاد فقال كثير من العلماء إنه فرض كفاية وقال بعض العلماء كالإمامين ابن أبي شبرمة والثوري و أبي عمر بن عبد البرِّ ليس واجبا ...
الطلب .. وهو جهاد يقرره الخليفة ( السلطة) لردع الدول المجاورة للدولة المسلمة عن التفكير بالإخلال بالأمن على الحدود وليس من شرطه وقوع حرب بل تهديد واستعراض للقوة وإعداد للقوة وتمرين للجيوش وليس الغرض منه إجبار الناس على تغيير دينهم بل في غالب الأحوال على معاهدات لتأمين الحدود وحسن الجوار وبالتالي ليصبح الجار دار هدنة وصلح وعهد وليس دار حرب وهو أمر سلطاني لا دخل للإفراد والجماعات إلا بحكم كونهم جيوشا أو أعضاء في المجتمع بحيث عليهم أن يؤدوا خدمتهم العسكرية إذا صدر إليهم الأمر" وإذا استنفرتم فانفروا" كما قال عليه الصلاة والسلام .
وإذا كان هذا مرغبا فيه فلأن الإسلام يعتبر كل أعمال الإنسان الهادفة التي تدعو إلى الخير طاعة لله .
ولم يتحرك المسلمون في جهاد طلب منذ أكثر من ثلاثمائة سنة تقريباً منذ إنتهاء حصار عن فينا 1683م وبعد ذلك كانت مستعمرات الخلافة في البلقان واليونان تثور من وقت لآخر بل كل قتالهم كان في بلادهم وعلى أرضهم
لعلنا في هذه الكلمة نتطرق باختصار أولا : إلى مفهوم الجهاد لغة واصطلاحا ومبرارته في القرآن الكريم .
ثانيا: بعلاقة المسلم بالآخر .
ثالثا: بالثقافة التي ينبغي أن نلقنها أجيالنا الصاعدة في دار المهجر .
الجهاد هو مصدر من جاهد جهادا ومجاهدة ومعناه استفراغ الوسع أي بذل أقصى الجهد للوصول إلى غاية في الغالب محمودة .
وهو في الإسلام كما يقول الراغب في مفرداته يغطي ثلاث ميادين أو هو على ثلاثة أضرب حسب عبارته :
1- مجاهدة العدو الظاهر. 2- مجاهدة الشيطان. 3- مجاهدة النفس .
والمعنيان الأخيران وردا في أحاديث منها ما رواه الأمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه عن فضالة عن عبيد أنه r قال : والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله عز وجل." وهو حديث حسن .
وقد جاء في حديث ضعيف رواه البيهقي عن جابر أنه عليه الصلاة والسلام قال- عند عودته من آخر غزوة له تبوك : رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر .
وفسره بمجاهدة الهوى وخدمة الوالدين جهاد قال عليه السلام : ففيهما فجاهد."
أما المعنى الأول وهو جهاد الناس فهو المعنى الأكثر انتشارا وهو جهاد غير المسلمين الذي يعني عمليات القتال والحرب والذي وردت فيه آيات كثيرة وأحاديث في فضله وشروطه وضوابطه وكانت له ممارسات في التاريخ بين المسلمين وغيرهم لا تزال أصداؤها تتردد في أسماع التاريخ ومازالت إلى يومنا هذا موضوع أخذ ورد إفراطا وتفريطا وإعجابا وشجبا فكم من أناس برروا حروبا عدوانية ومطامع دنيوية بدعوى الجهاد وكم آخرون فرطوا في الجهاد فتقاعسوا عن ردِّ العدو ونكصوا عن مقارعة العدو فكانت النتائج وخيمة وكم حركات غير منضبطة بضوابط الجهاد شوهت سمعت الإسلام وأورثت المسلمين عنتا وضياعا .
وكم متجنٍ على الإسلام معتبرا أن الجهاد لا ينتظر مبرراً وأنه دعوة إلى القتال الدائم ضد غير المسلمين كما يقول القس هانز فوكنج في مقاله المنشور بجريدة ألمانية في فرانكفورت 1991م كما يحكيه مراد هوفمان .
وأمثال هذا في المقالات الاستشراقية كثير وهم بذلك يبررون حرباً عدوانية ضد المسلمين لتمدينهم وجعلهم مسالمين.
والحق أن مفهوم الجهاد في الإسلام ليس مرادفا دائما للقتال فالجهاد مفهوم واسع فهو دفاع الحق ودعوة إليه باللسان وهذا هو المعنى الأول قال تعالى: ( وجاهدهم به جهاداً كبيراً ) في سورة الفرقان أي بالقرآن الكريم أقم عليهم الحجة وقدم لهم البرهان تلو البرهان ومعلوم أن تلاوة القرآن لا تتضمن أعمالا حربية فليس كل جهاد قتالا وليس كل قتال جهادا والجهاد دعوة إلى الحرية .
إلا أن الجهاد قد يكون أعمالاً حربية كما أن هناك أعمالاً حربية ولهذا قسم ابن خلدون الحرب إلى أربعة أنواع وذلك حسب دوافعها قائلا: إن أصل جميع الحروب إرادة الانتقام نوعان منها حروب بغي وفتنة : حرب المنافسة (التوسع) وحرب العدوان التي تقوم بها الأمم المتوحشة .
ونوعان عادلان : حرب غضب لله تعالى ودينه وهي جهاد .
وحرب على الخارجين عن السلطان وهي حرب للعناية بالملك كما سماها.
وبناء على الآيات العديدة في مختلف الفترات وهناك آيات أخرى ( يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم ) 73)
( فإذا الأشهر الحرم فأقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) التوبة 5)
ومن يراجع أسباب النزول وتاريخ تطور النزاع بين الإسلام وخصومه يمكن أن أنه لا تعارض بين هذه الآيات والآيات التي تحدد هدف القتال بأنه دفاعي وأنه لا يجوز اقتطاع الآيات عن سياقها الكلي كما يحاول المستشرقون وتلاميذهم أن يفعلوه .
وبهذا المنطق يمكن اعتبار المسيحية دين حرب إذا حكمنا عليها من خلال الفقرة 24 الواردة في إنجيل متى الإصحاح العاشر مما نسبه إلى سيدنا عيسى عليه السلام ( لا تظنوا أني جئت لألقى سلاماً على الأرض ما جئت لألقى سلاما بل سيفاً) .
فالحرب في الإسلام إنما هي حرب دفاعية وليست لإجبار الناس على الدين
وقال ابن تيمية : إن الحرب الإسلامية إنما هي حرب دفاعية لأن أصل العلاقة مع غير المسلمين هي المسالمة . وأن غزوات النبي r ترجع إلى هذا المعنى عند التأمل .
دفاعا عن المسلمين والمستضعفين وليست هجومية بلغة العصر وإنما كانت لإنقاذ المستضعفين وقد شرح الشيخ الجليل أبو زهرة - في كتابه ابن تيمية - وجهة نظر شيخ الإسلام ابن تيمية شرحا ضافياً .
وكذلك أشار العلامة الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى إلى ذلك عند قوله تعالى ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ) أنه تنبيه على أن القتال المأذون فيه هو قتال جزاء على اعتداء .
وقال في آخر شرحه : وكان هذا شرعاً لأصول الدفاع عن البيضة .
وقد نبه ابن عاشور على أن غزوة تبوك إنما كانت رداً على هجوم محتمل من الروم بالشام كما يدل عليه حديث عمر في الصحيح عندما جاءه أخوه من الأنصار في بيته في وقت لم يكن يأتيه فيه فقال عمر أجاء صاحب غسان لأنهم كانوا يتوقعون غزوا من أحد ملوك غسان بالشام مدعوما من الروم .
وقد اختلف العلماء في وجوب الجهاد فقال كثير من العلماء إنه فرض كفاية وقال بعض العلماء كالإمامين ابن أبي شبرمة والثوري و أبي عمر بن عبد البرِّ ليس واجبا ...
الطلب .. وهو جهاد يقرره الخليفة ( السلطة) لردع الدول المجاورة للدولة المسلمة عن التفكير بالإخلال بالأمن على الحدود وليس من شرطه وقوع حرب بل تهديد واستعراض للقوة وإعداد للقوة وتمرين للجيوش وليس الغرض منه إجبار الناس على تغيير دينهم بل في غالب الأحوال على معاهدات لتأمين الحدود وحسن الجوار وبالتالي ليصبح الجار دار هدنة وصلح وعهد وليس دار حرب وهو أمر سلطاني لا دخل للإفراد والجماعات إلا بحكم كونهم جيوشا أو أعضاء في المجتمع بحيث عليهم أن يؤدوا خدمتهم العسكرية إذا صدر إليهم الأمر" وإذا استنفرتم فانفروا" كما قال عليه الصلاة والسلام .
وإذا كان هذا مرغبا فيه فلأن الإسلام يعتبر كل أعمال الإنسان الهادفة التي تدعو إلى الخير طاعة لله .
ولم يتحرك المسلمون في جهاد طلب منذ أكثر من ثلاثمائة سنة تقريباً منذ إنتهاء حصار عن فينا 1683م وبعد ذلك كانت مستعمرات الخلافة في البلقان واليونان تثور من وقت لآخر بل كل قتالهم كان في بلادهم وعلى أرضهم