بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن العوامل الداخلية في العالم الإسلامي التي تكيد للإسلام كيداً لهي أشد وأنكى من الآتية من الخارج؛ لأن القادم الخارجي مهما كانت عداوته؛ فهو شيء متوقع، ومن الممكن تفاديه بالسياسة، أو المهادنة، أو الانحناء أمام العاصفة، أو أساليب الحرب الباردة.
أما الداخلية؛ فهي نار هشيم، يتسع اشتعالها كلما رُمْتَ إطفاءها؛ فهي توقد فتناً، وتفرقنا إلى شيعاً، كل حزب بما لديهم فرحون، وهي: الغلو، والتطرف، والنزعات الإقليمية، والنزغات الحزبية.
وهي التي تريد بالمسيرة الانحراف عن خطها المستقيم.
فبعضها يحاول تجميدنا على الأوضاع الفاسدة.
وآخر يريد تمييعنا في بوتقة الحضارات المعاصرة.
والذي لا ريب فيه: أن الغلو والتطرف بعيد عن روح الإسلام بعد المشرقين؛ ذلك لأن الإسلام عقيدة شاملة أصيلة، متفاوتة كلياً مع فلسفات الإغريق والبراهمة -الوثنية المشركة-، والإسلام منفتح كلياً على معطيات العقل والعلم، ولا يرضى التقوقع ضمن توابيت القديم.
والتمييع العالي هو الآخر عقبة كؤود، يشكلها الانهزاميون الذين منعتهم التيارات الغربية الشعور بأنفسهم، فراحوا ينظرون إلى واقعهم وكيانهم بعيون مستعارة، فلا يرون إلا مصالح الآخرين، فهم يريدون أن نرفض كل أصيل؛ لأنه في زعمهم السبب المباشر لتخلفنا.
والذي يلفت النظر: أنه كلما اشتد الاحتكاك الغربي بالمسلمين؛ زاد الصراع، واشتدت حدة التطرف والغلو والعنف والإرهاب؛ فالغرب هو مؤجج حركات الغلو والتطرف والإرهاب، ومحتضنها في عقر داره، والساعي بالنميمة السياسية.
وعليه؛ فإن وصف الإسلام بالتطرف والإرهاب بدعة أطلقها الغرب، وأكذوبة روج لها الصهاينة؛ للحد من نشاط المسلمين في الدفاع عن الدِّين والعِرض والأرض.
وعملية إسقاط؛ لأن حياة الغرب قائمة على العنف، والتطرف، والإرهاب، ولا زال الاضطهاد والقتل والتدمير قائماً على مسمع الدنيا وبصرها، لا يرقب في مسلم إلَّاً ولا ذمّة، وإن كانوا يُرْضُون المسلمين بأقـوالهم ووعودهـم: بالتحرير، والتنمية، والديمقراطية
{وَلَنْ تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}
[النساء:120].
ولذلك؛ فالأصولية زعم أُلحق بالمسلمين؛ لتجريم العالم الإسلامي، وبخاصة الدول والجماعات التي استعصت على الغرب أن يجرها في فلكه.
لأن الأصولية يُعني بها: التجريم، والإرهاب، والوحشية، والدموية، ومجازفة التحضر والتمدن، وفق معناها الكنسي عندما كان الغرب يسبح في عصر الظلمات!!
وكثير من المسلمين ظلوا بين الطرفين؛ كالشاة العائرة بين الصفين، لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً؛ ذلك لأن المنحرفين راحوا يشككون في قدرة الإسلام أن يبني حضارة المسلمين الحديثة الأصيلة.
وبما أن الدين لا يزال يتمتع بقاعدة شعبية واسعة وراسخة؛ فإن المنحرفين لم يقدروا على الهجوم على صلاحية الإسلام، أو إمكانية المسلمين للقيام ببناء حضارة جديدة، بل راحوا ينافقون -كل حسب اتجاهه المتطرف- أيما نفاق.
فبعضهم حاول أن يحصر الدين عند الناس في حدود معينة من السلوك الفردي، وبعض النظم الاجتماعية، أما في المناهج العلمية والقواعد الخلقية؛ فلا بد أن يصبح تابعاً متواضعاً للفلسفة التي يختارونها، كل حسب هواه.
أما النصوص الشرعية المخالفة لهم في نسبتهم هذه؛ فكانت في أيديهم ألين من الحديد بين أصابع داود -عليه الصلاة والسلام-، حيث أخذوا يأولون فيها، ويحرفون، ويفترون على الله الكذب، وهم هادئون مطمئنون.
وفي الطرف المعاكس تماماً كان الانهزاميون يقومون بدور مماثل؛ ولكن من منطلق مختلف، إذ كانوا يحاولون تجريد الإسلام من روحه الناصعة، ومبادئه الفطرية الصائبة، وتمييع أحكامه المحددة، وتوجيه نصوصه وفق فلسفات الغرب الحديثة، ناسين أو متناسين كل ما في هذه الأخيرة من سلبيات وتناقضات.
وقد بلغ الُجهد ببعضهم حداً دعا المسلمين إلى تبنى فكرة مناهضة للإسلام تماماً، وباسم الإسلام ذاته، وقالوا: لا يعدو الإسلام أن يكون انتماء قومياً، أو قبلياً، أو عائلياً، فهو ينسجم -أو لا بد أن نجعله ينسجم- مع كل جديد يقتضيه اتجاه المدنية الحديثة.
ولم يعلموا أنهم بعملهم هذا انتزعوا عن الإسلام أهم ما فيه؛ وهي الروح المبدعة الخلاقة.
وضاعت الأمة الإسلامية المرتقبة والحضارة الإسلامية المأمولة على مفترق الطرق، واحتارت في زحمة الاتجاهات المتطرفة.
وأصبح الإسلام كلمة مطاطية، كأنها ضباب السواحل تشمل جميع المتناقضات، وليس أبداً ذلك الدين الواحد الذي جاء به رسول واحد من رب واحد، لتكوين أمة واحدة؛ بل ألف دين، وألف مذهب، وألف أمة، وألف ملة... وكانت هذه عقبة تعترض مسيرة المسلمين الحضارية، وكان لا بد لنا من تحديها بأمرين:
1- تجريد الإسلام من الفلسفات الجاهلية التي نسبها المنحرفون إلى الدين حتى يعود الدين كما أنزله الله
-سبحانه- على رسول الله صلى الله عليه وسلم، عقيدة صافية، وفكرة رائعة، تحمل نفسها على كتف الحياة، وتنسجم وتتفاعل معها، ولا يمكن ذلك دون العودة إلى ذات النصوص الشرعية، ومحاولة التسليم لها، والتفتح عليها، دون التأويل لها، والتحريف لكلماتها.
إن الإسلام بنى الحياة المادية على أفضل ما تكون، وفتح أبواب الأمل؛ ليصل الإنسان إلى كماله المهيأ له، ولكن ليس على حساب الآخرين -كما يفعل الغرب المادي-، ومع الجانب المادي يسعى الإسلام إلى بناء الكيان الروحي والعقلي والأخلاقي في الإنسان؛ لأن المادة جزء من حياة الإنسان، وأما الجزء الآخر؛ فهو الروح، والعقل، والأخلاق.
قال - تعالى-:
{وِمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}
[البقرة:201].
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- ؛ قال: قال صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم -وفي رواية: صالح -الأخلاق»(1).
ويروى عن عيسى -عليه الصلاة والسلام- قوله: «ليس بالخبز وحده يحيى الإنسان».
فالأخلاق والعلم جناحان يحلق بهما الإنسان في سماوات الإجادة والإفادة.
2- تجريد الحضارة الحديثة مما شابهها من سلبيات الإنسان الأوروبي، ونظراته الضيقة المحدودة، وذلك بدراستها في ضوء وهدى القرآن والسنة ومنهج خير القرون، دون تقليد منا لها، أو انغلاق عنها.
لأن الانعزال والتقوقع على التراث في عالم اليوم، الذي تحول إلى قرية صغيرة- بحكم التطور التقني الهائل في تكنولوجيا الاتصال -أمر مستحيل، كما أن الانسياق وراء الدعوة إلى حضارة عالمية واحدة بحد ذاته انتصار للمدنية الغربية الكاسحة، وهو طريق التبعية الحضارية التي تفقد المسلمين خصوصيتهم الحضارية، ويحولهم إلى مجرد هامش لمدينة الغرب.
إن المشروع الحضاري الإسلامي فعل حضاري مركب، لا يجتر ماضياً، ولا يحاكي راهناً، فعل يبدع ذاته من أصل ذاته (الأصيل): الأصل الذي أبدع نماذجه في التاريخ الماضي، القادر على أن يبدع نماذج جديدة في الحاضر والمستقبل.
وعلينا بعد ذلك الاعتماد على أصالتنا الرسالية، وأن نتخذ من سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قوة مناعية في بناء حضارة قوية وسليمة.
نريد جيلاً يحاول التعرف على تاريخه وماضيه، وينفتح على تراثه الإسلامي الصافي الأصلي، ويستلهم منه مشعلاً لطريقه ورؤيته للمستقبل.
-----------
(1)أخرجه البخاري في «الأدب المفرد»، وأحمد، والحاكم وغيرهم وهوصحيح.
م
مـــ ماجده ـلاك الروح
</B></FONT>السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن العوامل الداخلية في العالم الإسلامي التي تكيد للإسلام كيداً لهي أشد وأنكى من الآتية من الخارج؛ لأن القادم الخارجي مهما كانت عداوته؛ فهو شيء متوقع، ومن الممكن تفاديه بالسياسة، أو المهادنة، أو الانحناء أمام العاصفة، أو أساليب الحرب الباردة.
أما الداخلية؛ فهي نار هشيم، يتسع اشتعالها كلما رُمْتَ إطفاءها؛ فهي توقد فتناً، وتفرقنا إلى شيعاً، كل حزب بما لديهم فرحون، وهي: الغلو، والتطرف، والنزعات الإقليمية، والنزغات الحزبية.
وهي التي تريد بالمسيرة الانحراف عن خطها المستقيم.
فبعضها يحاول تجميدنا على الأوضاع الفاسدة.
وآخر يريد تمييعنا في بوتقة الحضارات المعاصرة.
والذي لا ريب فيه: أن الغلو والتطرف بعيد عن روح الإسلام بعد المشرقين؛ ذلك لأن الإسلام عقيدة شاملة أصيلة، متفاوتة كلياً مع فلسفات الإغريق والبراهمة -الوثنية المشركة-، والإسلام منفتح كلياً على معطيات العقل والعلم، ولا يرضى التقوقع ضمن توابيت القديم.
والتمييع العالي هو الآخر عقبة كؤود، يشكلها الانهزاميون الذين منعتهم التيارات الغربية الشعور بأنفسهم، فراحوا ينظرون إلى واقعهم وكيانهم بعيون مستعارة، فلا يرون إلا مصالح الآخرين، فهم يريدون أن نرفض كل أصيل؛ لأنه في زعمهم السبب المباشر لتخلفنا.
والذي يلفت النظر: أنه كلما اشتد الاحتكاك الغربي بالمسلمين؛ زاد الصراع، واشتدت حدة التطرف والغلو والعنف والإرهاب؛ فالغرب هو مؤجج حركات الغلو والتطرف والإرهاب، ومحتضنها في عقر داره، والساعي بالنميمة السياسية.
وعليه؛ فإن وصف الإسلام بالتطرف والإرهاب بدعة أطلقها الغرب، وأكذوبة روج لها الصهاينة؛ للحد من نشاط المسلمين في الدفاع عن الدِّين والعِرض والأرض.
وعملية إسقاط؛ لأن حياة الغرب قائمة على العنف، والتطرف، والإرهاب، ولا زال الاضطهاد والقتل والتدمير قائماً على مسمع الدنيا وبصرها، لا يرقب في مسلم إلَّاً ولا ذمّة، وإن كانوا يُرْضُون المسلمين بأقـوالهم ووعودهـم: بالتحرير، والتنمية، والديمقراطية
{وَلَنْ تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}
[النساء:120].
ولذلك؛ فالأصولية زعم أُلحق بالمسلمين؛ لتجريم العالم الإسلامي، وبخاصة الدول والجماعات التي استعصت على الغرب أن يجرها في فلكه.
لأن الأصولية يُعني بها: التجريم، والإرهاب، والوحشية، والدموية، ومجازفة التحضر والتمدن، وفق معناها الكنسي عندما كان الغرب يسبح في عصر الظلمات!!
وكثير من المسلمين ظلوا بين الطرفين؛ كالشاة العائرة بين الصفين، لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً؛ ذلك لأن المنحرفين راحوا يشككون في قدرة الإسلام أن يبني حضارة المسلمين الحديثة الأصيلة.
وبما أن الدين لا يزال يتمتع بقاعدة شعبية واسعة وراسخة؛ فإن المنحرفين لم يقدروا على الهجوم على صلاحية الإسلام، أو إمكانية المسلمين للقيام ببناء حضارة جديدة، بل راحوا ينافقون -كل حسب اتجاهه المتطرف- أيما نفاق.
فبعضهم حاول أن يحصر الدين عند الناس في حدود معينة من السلوك الفردي، وبعض النظم الاجتماعية، أما في المناهج العلمية والقواعد الخلقية؛ فلا بد أن يصبح تابعاً متواضعاً للفلسفة التي يختارونها، كل حسب هواه.
أما النصوص الشرعية المخالفة لهم في نسبتهم هذه؛ فكانت في أيديهم ألين من الحديد بين أصابع داود -عليه الصلاة والسلام-، حيث أخذوا يأولون فيها، ويحرفون، ويفترون على الله الكذب، وهم هادئون مطمئنون.
وفي الطرف المعاكس تماماً كان الانهزاميون يقومون بدور مماثل؛ ولكن من منطلق مختلف، إذ كانوا يحاولون تجريد الإسلام من روحه الناصعة، ومبادئه الفطرية الصائبة، وتمييع أحكامه المحددة، وتوجيه نصوصه وفق فلسفات الغرب الحديثة، ناسين أو متناسين كل ما في هذه الأخيرة من سلبيات وتناقضات.
وقد بلغ الُجهد ببعضهم حداً دعا المسلمين إلى تبنى فكرة مناهضة للإسلام تماماً، وباسم الإسلام ذاته، وقالوا: لا يعدو الإسلام أن يكون انتماء قومياً، أو قبلياً، أو عائلياً، فهو ينسجم -أو لا بد أن نجعله ينسجم- مع كل جديد يقتضيه اتجاه المدنية الحديثة.
ولم يعلموا أنهم بعملهم هذا انتزعوا عن الإسلام أهم ما فيه؛ وهي الروح المبدعة الخلاقة.
وضاعت الأمة الإسلامية المرتقبة والحضارة الإسلامية المأمولة على مفترق الطرق، واحتارت في زحمة الاتجاهات المتطرفة.
وأصبح الإسلام كلمة مطاطية، كأنها ضباب السواحل تشمل جميع المتناقضات، وليس أبداً ذلك الدين الواحد الذي جاء به رسول واحد من رب واحد، لتكوين أمة واحدة؛ بل ألف دين، وألف مذهب، وألف أمة، وألف ملة... وكانت هذه عقبة تعترض مسيرة المسلمين الحضارية، وكان لا بد لنا من تحديها بأمرين:
1- تجريد الإسلام من الفلسفات الجاهلية التي نسبها المنحرفون إلى الدين حتى يعود الدين كما أنزله الله
-سبحانه- على رسول الله صلى الله عليه وسلم، عقيدة صافية، وفكرة رائعة، تحمل نفسها على كتف الحياة، وتنسجم وتتفاعل معها، ولا يمكن ذلك دون العودة إلى ذات النصوص الشرعية، ومحاولة التسليم لها، والتفتح عليها، دون التأويل لها، والتحريف لكلماتها.
إن الإسلام بنى الحياة المادية على أفضل ما تكون، وفتح أبواب الأمل؛ ليصل الإنسان إلى كماله المهيأ له، ولكن ليس على حساب الآخرين -كما يفعل الغرب المادي-، ومع الجانب المادي يسعى الإسلام إلى بناء الكيان الروحي والعقلي والأخلاقي في الإنسان؛ لأن المادة جزء من حياة الإنسان، وأما الجزء الآخر؛ فهو الروح، والعقل، والأخلاق.
قال - تعالى-:
{وِمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}
[البقرة:201].
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- ؛ قال: قال صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم -وفي رواية: صالح -الأخلاق»(1).
ويروى عن عيسى -عليه الصلاة والسلام- قوله: «ليس بالخبز وحده يحيى الإنسان».
فالأخلاق والعلم جناحان يحلق بهما الإنسان في سماوات الإجادة والإفادة.
2- تجريد الحضارة الحديثة مما شابهها من سلبيات الإنسان الأوروبي، ونظراته الضيقة المحدودة، وذلك بدراستها في ضوء وهدى القرآن والسنة ومنهج خير القرون، دون تقليد منا لها، أو انغلاق عنها.
لأن الانعزال والتقوقع على التراث في عالم اليوم، الذي تحول إلى قرية صغيرة- بحكم التطور التقني الهائل في تكنولوجيا الاتصال -أمر مستحيل، كما أن الانسياق وراء الدعوة إلى حضارة عالمية واحدة بحد ذاته انتصار للمدنية الغربية الكاسحة، وهو طريق التبعية الحضارية التي تفقد المسلمين خصوصيتهم الحضارية، ويحولهم إلى مجرد هامش لمدينة الغرب.
إن المشروع الحضاري الإسلامي فعل حضاري مركب، لا يجتر ماضياً، ولا يحاكي راهناً، فعل يبدع ذاته من أصل ذاته (الأصيل): الأصل الذي أبدع نماذجه في التاريخ الماضي، القادر على أن يبدع نماذج جديدة في الحاضر والمستقبل.
وعلينا بعد ذلك الاعتماد على أصالتنا الرسالية، وأن نتخذ من سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قوة مناعية في بناء حضارة قوية وسليمة.
نريد جيلاً يحاول التعرف على تاريخه وماضيه، وينفتح على تراثه الإسلامي الصافي الأصلي، ويستلهم منه مشعلاً لطريقه ورؤيته للمستقبل.
-----------
(1)أخرجه البخاري في «الأدب المفرد»، وأحمد، والحاكم وغيرهم وهوصحيح.
م
مـــ ماجده ـلاك الروح