السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الخلافات الزوجية شرٌّ لابد منه؛ فهو واقع يمر به معظم الأزواج، إلاّ أنه يختلف في نوعه ودرجة خطورته، ويُعدّ ذلك شيئاً طبيعياً؛ نظراً لاختلاف طبيعة كل من الزوجين ومدى النضج النفسي والاجتماعي لكل منهما, وكذلك درجة التفاهم بينهما.
وإيذاء هذا الزائر غير المرغوب فيه في حياة الزوجين – المشكلات الزوجية – يختلف كل زوجين في طريقة وكيفية مواجهته ومواجهة ما ينجم عنه من مشكلات وخلافات.. فمنهم من يريد أن يكون بيته منظمة سرية..! لا يخرج منها أي خبر لا مشين ولا مفرح.. سواء كان كبيراً أم صغيراً..! ومنهم من يتكلف لإظهار الوفاق وادّعاء السعادة أحياناً، ويجتهد في إخفاء أي بادرة لنزاع أو خلاف عن القريب والبعيد, حتى لو انهار من بداخل البيت..! لأن مثل هذا النوع من الأزواج المهم لديه في المرتبة الأولى هو التجمّل أمام الناس حتى لا يُنتقص من قدره إذا عُلم عنه أنه يشوب حياته بعض التقلبات أو عدم الوفاق..!
والبعض الآخر من الأزواج يقدر الأمور بقدرها حباً منهم في الحفاظ على بيتهما وأسرتهما الصغيرة؛ فيبدآن أولاً في الاعتماد على ما بينهما من وفاق ورصيد حبٍ في مواجهة وتغلب ما يعترض صفو حياتهما من متغيرات طارئة، آخذين سبيل التعقل والتشاور حتى يتمكنا من الخروج من تلك الأزمة العارضة وسوء التفاهم القائم بينهما, أما إذا استعصى الأمر عليهما، ولم يتوصلا إلى نقطة اتفاق بينهما، فمن باب حرصهما على الحفاظ على البيت يبدآن في إدخال طرف ثالث حتى يكون عوناً لهما في الإصلاح بينهما، خاضعيْن لكتاب الله عز وجل، ملتمسيْن فيه الحلول، كما قال تعالى:"وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا". [النساء:35].
ولكن على الزوجين قبل الشروع في هذه الخطوة – اللجوء إلى الأهل في حل المشكلات– أن يتذكرا أن بينهما جزءاً كبيراً من الحب والمودة لن يقدرها ويحرص عليها أثناء الخلاف سواهما؛ إذ إن مثل هذا الجانب عادة ما يغيب عن اهتمامات الأهل عند الحكم في المشكلات بين الزوجين؛ ففي ذروة الخلاف والخصومة يلجأ كل من الزوجين لعرض الجانب السيئ من العلاقة، والذي أدى إلى عدم الوفاق, وبالتالي سيكون حكم الأهل مبنياً على ما تلمّسوه من شكوى الزوجين أثناء الخلاف.. وسيغيب عنهـم مراعـاة الجـانب الآخر (الحب) الذي لن يقدره سوى الزوجين أنفسهما، وبالتالي سيكون حكم الأهل في هذه الحالة غير سليم ويشوبه القصور, ومن هنا يجب علينا أن نتعرف على أهم المواصفات في المصلحين، والتي تتضمن تدخلاً آمناً للأهل في حل المشكلات بين الزوجين وهي:
1- أن يكون المصلحان أصلاً أهلاً للإصلاح وحل الخلافات؛ وذلك بأن يكونا ممن يُعرف عنهما الحكمـة والتريث والصبر في الحكم على الأمور، كما قال تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا". [النساء:35]. أي يُعرفا بالحكمة .
2- أن يكون المتدخل لحل الخلافات ممن يحرص على حب الخير لكل من الزوج والزوجة، وأن يكون جُلّ همه هو الستر وتضييق هوة الخلاف-ليس ممن يتمتعون بحب كشف أسرار البيوت وإذاعتها- طامعاً في ثواب الله ومرضاته، كما بشّر بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما قال في الحديث: "من ستر مؤمناً ستره الله يوم القيامة ومن فرّج كربة عن أخيه فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة..."، وكذلك قوله: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" .
3- الحياد: بأن لا يحاول المتدخل للإصلاح الانتصار لأحد الزوجين، بل يجب أن يكون التدخل لصالحهما، وذلك عن طريق إبراز أوجه الاتفاق بينهما وليس أوجه الخلاف؛ لأن هذا مدعاة للتوفيق كما قال تعالى:"إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا".
4- على المصلحين أن يسعوا لتقديم الرأي السليم والحل الناجع والعملي، والابتعاد عن العبارات الفضفاضة والمواعظ، بل يجب أن يقدموا خبراتهم وتجاربهم بما يفيد الزوجين في التغلب على ما هم فيه من خلاف.
5- يجب أن تكون مناقشة المشكلة في وجود الزوجين، وأن يُعطى كل منهما فرصة أن يستمع إلى الآخر بهدوء وتعقُّل، بدلاً من أن يتحوّل النقاش إلى أصوات عالية ومشادّات كي لا تضيع معها الحقيقة.
6- في حالة التوصّل إلى حل للمشكلة يجب أن يُصاغ بشكل واضح وصريح ومحدد وبعيد عن التشويش كي يلتزم به كل من الزوجين, وكذلك حتى لا يعود الخلاف بينهما مرة أخرى ولنفس السبب، أي بأن يكون الحل جذرياً قدر الإمكان .
وفي النهاية يجب على الزوجين أن يدركا أثر المشكلات على العلاقات الاجتماعية بينهما وبين أهل كل منهما؛ ففي حالة الخلاف عادة ما يأخذ أحد الزوجين موقفاً معادياًً إلى حد ما من أحد الأهل، ولذا يجب على الأهل أن يعلموا خطورة هذه التغيرات في المشاعر ومقدار الحب والاحترام بأن يحرصوا في هذه الأوقات الحرجة ألاّ يتوسّعوا في إظهار المزيد من مساوئ أحد الزوجين؛ فعادة الكلمات الجارحة والسيئة لا تُنسى؛ لأنها تكون بمثابة جرح أو شرخ في النفس قد يطيب مع الأيام بحسن العشرة..!
و تدخُّل الأهل يكون مفيداً وإيجابياً أيضاً لردع التجاوز من أحد الزوجين على الآخر..! لأن خوف الزوج والزوجة من انتقاد الآخرين له وفقْد مكانته بين الأهل يُعدّ هذا رادعاً نفسياً وسبباً في تراجع أحد الزوجين عن إظهار الكثير من العيوب والأخطاء التي ستُأخذ عليه فيما بعد، وبهذا يكون تدخُّل الأهل في هذه الحالات بمثابة لجام لضبط النفس والحفاظ على قدر كبير من الثوابت الأخلاقية عند حلّ المشكلات.
م
ماجده
إن الخلافات الزوجية شرٌّ لابد منه؛ فهو واقع يمر به معظم الأزواج، إلاّ أنه يختلف في نوعه ودرجة خطورته، ويُعدّ ذلك شيئاً طبيعياً؛ نظراً لاختلاف طبيعة كل من الزوجين ومدى النضج النفسي والاجتماعي لكل منهما, وكذلك درجة التفاهم بينهما.
وإيذاء هذا الزائر غير المرغوب فيه في حياة الزوجين – المشكلات الزوجية – يختلف كل زوجين في طريقة وكيفية مواجهته ومواجهة ما ينجم عنه من مشكلات وخلافات.. فمنهم من يريد أن يكون بيته منظمة سرية..! لا يخرج منها أي خبر لا مشين ولا مفرح.. سواء كان كبيراً أم صغيراً..! ومنهم من يتكلف لإظهار الوفاق وادّعاء السعادة أحياناً، ويجتهد في إخفاء أي بادرة لنزاع أو خلاف عن القريب والبعيد, حتى لو انهار من بداخل البيت..! لأن مثل هذا النوع من الأزواج المهم لديه في المرتبة الأولى هو التجمّل أمام الناس حتى لا يُنتقص من قدره إذا عُلم عنه أنه يشوب حياته بعض التقلبات أو عدم الوفاق..!
والبعض الآخر من الأزواج يقدر الأمور بقدرها حباً منهم في الحفاظ على بيتهما وأسرتهما الصغيرة؛ فيبدآن أولاً في الاعتماد على ما بينهما من وفاق ورصيد حبٍ في مواجهة وتغلب ما يعترض صفو حياتهما من متغيرات طارئة، آخذين سبيل التعقل والتشاور حتى يتمكنا من الخروج من تلك الأزمة العارضة وسوء التفاهم القائم بينهما, أما إذا استعصى الأمر عليهما، ولم يتوصلا إلى نقطة اتفاق بينهما، فمن باب حرصهما على الحفاظ على البيت يبدآن في إدخال طرف ثالث حتى يكون عوناً لهما في الإصلاح بينهما، خاضعيْن لكتاب الله عز وجل، ملتمسيْن فيه الحلول، كما قال تعالى:"وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا". [النساء:35].
ولكن على الزوجين قبل الشروع في هذه الخطوة – اللجوء إلى الأهل في حل المشكلات– أن يتذكرا أن بينهما جزءاً كبيراً من الحب والمودة لن يقدرها ويحرص عليها أثناء الخلاف سواهما؛ إذ إن مثل هذا الجانب عادة ما يغيب عن اهتمامات الأهل عند الحكم في المشكلات بين الزوجين؛ ففي ذروة الخلاف والخصومة يلجأ كل من الزوجين لعرض الجانب السيئ من العلاقة، والذي أدى إلى عدم الوفاق, وبالتالي سيكون حكم الأهل مبنياً على ما تلمّسوه من شكوى الزوجين أثناء الخلاف.. وسيغيب عنهـم مراعـاة الجـانب الآخر (الحب) الذي لن يقدره سوى الزوجين أنفسهما، وبالتالي سيكون حكم الأهل في هذه الحالة غير سليم ويشوبه القصور, ومن هنا يجب علينا أن نتعرف على أهم المواصفات في المصلحين، والتي تتضمن تدخلاً آمناً للأهل في حل المشكلات بين الزوجين وهي:
1- أن يكون المصلحان أصلاً أهلاً للإصلاح وحل الخلافات؛ وذلك بأن يكونا ممن يُعرف عنهما الحكمـة والتريث والصبر في الحكم على الأمور، كما قال تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا". [النساء:35]. أي يُعرفا بالحكمة .
2- أن يكون المتدخل لحل الخلافات ممن يحرص على حب الخير لكل من الزوج والزوجة، وأن يكون جُلّ همه هو الستر وتضييق هوة الخلاف-ليس ممن يتمتعون بحب كشف أسرار البيوت وإذاعتها- طامعاً في ثواب الله ومرضاته، كما بشّر بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما قال في الحديث: "من ستر مؤمناً ستره الله يوم القيامة ومن فرّج كربة عن أخيه فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة..."، وكذلك قوله: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" .
3- الحياد: بأن لا يحاول المتدخل للإصلاح الانتصار لأحد الزوجين، بل يجب أن يكون التدخل لصالحهما، وذلك عن طريق إبراز أوجه الاتفاق بينهما وليس أوجه الخلاف؛ لأن هذا مدعاة للتوفيق كما قال تعالى:"إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا".
4- على المصلحين أن يسعوا لتقديم الرأي السليم والحل الناجع والعملي، والابتعاد عن العبارات الفضفاضة والمواعظ، بل يجب أن يقدموا خبراتهم وتجاربهم بما يفيد الزوجين في التغلب على ما هم فيه من خلاف.
5- يجب أن تكون مناقشة المشكلة في وجود الزوجين، وأن يُعطى كل منهما فرصة أن يستمع إلى الآخر بهدوء وتعقُّل، بدلاً من أن يتحوّل النقاش إلى أصوات عالية ومشادّات كي لا تضيع معها الحقيقة.
6- في حالة التوصّل إلى حل للمشكلة يجب أن يُصاغ بشكل واضح وصريح ومحدد وبعيد عن التشويش كي يلتزم به كل من الزوجين, وكذلك حتى لا يعود الخلاف بينهما مرة أخرى ولنفس السبب، أي بأن يكون الحل جذرياً قدر الإمكان .
وفي النهاية يجب على الزوجين أن يدركا أثر المشكلات على العلاقات الاجتماعية بينهما وبين أهل كل منهما؛ ففي حالة الخلاف عادة ما يأخذ أحد الزوجين موقفاً معادياًً إلى حد ما من أحد الأهل، ولذا يجب على الأهل أن يعلموا خطورة هذه التغيرات في المشاعر ومقدار الحب والاحترام بأن يحرصوا في هذه الأوقات الحرجة ألاّ يتوسّعوا في إظهار المزيد من مساوئ أحد الزوجين؛ فعادة الكلمات الجارحة والسيئة لا تُنسى؛ لأنها تكون بمثابة جرح أو شرخ في النفس قد يطيب مع الأيام بحسن العشرة..!
و تدخُّل الأهل يكون مفيداً وإيجابياً أيضاً لردع التجاوز من أحد الزوجين على الآخر..! لأن خوف الزوج والزوجة من انتقاد الآخرين له وفقْد مكانته بين الأهل يُعدّ هذا رادعاً نفسياً وسبباً في تراجع أحد الزوجين عن إظهار الكثير من العيوب والأخطاء التي ستُأخذ عليه فيما بعد، وبهذا يكون تدخُّل الأهل في هذه الحالات بمثابة لجام لضبط النفس والحفاظ على قدر كبير من الثوابت الأخلاقية عند حلّ المشكلات.
م
ماجده