أختي المؤمنة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة متدينة وأدرس العلم الشرعي ولله الحمد، مشكلتي أني لم أتزوج لأن أختي التي تكبرني لم تتزوج بعد، وقد تقدم لي ثلاثة شباب ومنهم الملتزم الصالح، لكن أبي رفضهم جميعا؛ بسبب أنه لن يزوجني قبل أختي لأنها عاداتهم وتقاليدهم.. وقد كرهت أختي وأهلي لأنهم حرموني من أبسط حقوقي، وشكوت إلى أمي لكن ليس بيدها حيلة.. كثرت الفتن، وأخاف على نفسي الفتنة، وطال بي العمر ولم تتزوج أختي، فجاءني إحباط فإذا مُنِعت طريق الحلال (الزواج) فأين أذهب وطرق الحرام كثيرة والعياذ بالله.. أنصحوني كيف أقنع أهلي وما الطريق لذلك؟
الحمد لله رب العالمين، وصلَّ الله وسلَّم وبارك على نبينا الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أسأل الله في علاه، أن يُفرِّج همَّك، ويُنَفِّس كربك، وأن يُحقِّق أمنياتك في الخير، وأن يسعدك سعادة تامة تامة تامة لا شقاء بعدها، ويرزقك الذرية الصالحة التي تَقَرُّ بها عينك، اللهم آمين.
أولاً: سَرَّني ما أنتِ فيه من سيرك على منهج التزام أوامر الله سبحانه وتعالى، كما سَرَّني أيضاً طلبك للعلم الشرعي، وسَرَّني كذلك اجتهادك في أن تكوني حيث أمر الله القدير.
كما أنك تعلمين ما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء" صححه الألباني رحمه الله.
ومن الإيمان بالقدر: الإيمان بأن الله تعالى علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلا، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال، ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق، فأول ما خلق الله القلم قال له: اكتب قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه جفت الأقلام وطويت الصحف كما قال تعالى: "ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير" [الحج:70].
ومن الإيمان بالقدر أيضاً الإيمان بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه ما في السماوات والأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله سبحانه لا يكون في ملكه إلا ما يريد، وأنه سبحانه وتعالى على كل شيء قدير من الموجودات والمعدومات (العقيدة الطحاوية 1/50).
إذا تَصَوَّرتِ هذا أختي الصابرة المحتسبة؛ أيقنتِ بثقة تامة، وإيمان لا يخالطه شك، أنه إن كان الله قد كتب لك الزواج، فإنه لو اجتمعت الإنس والجن على منع هذا الأمر لم يستطيعوا ذلك.. وإن كان الله قد كتب خلاف ذلك لحكمة يعلمها، فإنه لن يتم ولو اجتمعت الإنس والجن.. فطيبي نفساً، وقَرِّي عيناً، فالأمر بيد الله وحده، ليس بيدك، ولا بيد والدك، ولا بيد أحد آخر.
ثانياً: لاشك أن منع الزواج عن البنت الصغرى، حتى يتم تزويج من هي أكبر منها، خطأ كبير، وجناية في حق الاثنتين، فإن هذا الأمر لن يجلب الخُطاب للكبرى، وسيكون جناية على الصغرى، فالزواج نوع من أنواع الرزق، يكتبه الله لبعض عباده، ويمنعه من آخرين، أو يقدِّم بعضهم، ويؤخر من شاء .
وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله على أن الفتاة المسلمة إذا تقدَّم لها من يُرتضى دينه وخلُقه، وكان مناسباً لها، فإنه لا يحل لوليها حبسها عن الزواج، لقول الله تعالى: "فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" [البقرة:232]، جاء في زاد المسير: قوله تعالى: "فلا تعضُلوهن" خطاب للأولياء. قال ابن عباس، وابن جبير، وابن قتيبة في آخرين. معناه: لا تحبسوهن).
ثالثاً: عليك بمسبب الأسباب، وقاضي الحاجات، ومفرِّج الكربات، قفي على بابه، أهريقي دموعك بين يديه، سليه (إن ربكم حيي كريم يستحيي أن يبسط العبد يديه إليه فيردهما صفرا) (صحيح الجامع/2070)، سليه واثقة باستجابته، مؤمنة بقضائه، متقرِّبة إليه بعمل الصالحات؛ براً بوالديك، ومحافظة على الفرائض، وملتزمة بالحجاب الساتر، وممتنعة عما يحرم عليك النظر أو الاستماع إليه، وقدمي بين يدي ذلك صدقة ولو بالقليل.
سليه فما خاب من ركن إلى الله، فإنه يأوي إلى ركن شديد، سليه أن يطهِّر قلبك، ويُصَبِّر نفسك، ويحصن فرجك، ويرزقك الزوج الصالح، والذرية المباركة، سليه في سجودك وقبل السلام من الصلاة، سليه في آخر ساعة من عصر يوم الجمعة، سليه وأنت صائمة، سليه وأنت قائمة آخر الليل، سليه في كل وقت وحين، فإنه سبحانه واسع العطاء، "يد الله ملأى لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار" متفق عليه. ولا تنسي أن: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" [الطلاق:2]، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا" [الطلاق:4]، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا " [الطلاق:5]. فالتقوى خير كلها.
رابعاً: لا تفقدي الأمل في حديثك مع والدتك، بل وحتى النظر في إمكانية فتح هذا الموضوع مع أختك لتقوم بدورها بالحديث مع والدك، فقد يكون سبب تصرف والدك، خوفاً من التأثير على نفسية أختك الكبيرة، فإن كان الطلب منها فقد يكون ذلك إيجابياً، وكذا يمكن الحديث من خلال والدتك مع أخوالك أو أعمامك أو إخوتك الكبار، إن رأيتم أن أحدهم يمكنه التأثير على والدك وإقناعه، على ألا ينتج عن ذلك سلبيات أكبر.
ومع هذا وذاك لترى منكِ أسرتك الجانب المشرق، براً بوالديك، وتذللاً بين يديهما، وخدمة لهما، ونشاطاً في أسرتك، ودعوات صادقة بأن يكتب السعادة والتوفيق لأختك الكبيرة، فسعادتكن من سعادة بعض، والخير لإحداكن هو خير للأخرى.
كما ينبغي التأكيد على أن هذا الموقف من والدك لم يكن لغرض الإساءة لك، وإن كان ظاهره كذلك، بل قناعة تراكمت في تصوراته، ولستِ تدرين، فلعل ذلك سبب لسعادة تعيشينها أنت الآن لم تكن لو كنت متزوجة، فكم من المتزوجات يشتكين الهموم والغموم، يقول أحدهم: (تألمت كثيراً عندما وجدت نفسي حافي القدمين...ولكنني شكرت الله بالأكثر حينما وجدت آخر ليس له قدمان)، وقد يكون تأخير زواجك لحكمة يعلمها، فليكن حمد الله وشكره شعارك على كل حال أنت فيه، والخير كل الخير فيما يختاره الله لك، وثقي أنه: "لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ" [الرعد:38].
خامساً: ما مضى فات والمؤمل غيب، ولك الساعة التي أنت فيها، أدركُ أن الزواج ستر للفتاة، وحصن للمرأة، وحق مشروع، إلا أنني أوصيكِ بتوجيه فكرك لما يشغل وقتك ببناء القصور في جنات رب العالمين، شيِّدي لك ما تسرِّين به يوم تقفي بين يدي الله تعالى، ازرعي لك من الأشجار والثمار ما يخفِّف عنك أهوال يوم القيامة.
أنتِ فتاة لديها ألق الحياة الإيمانية، ونور السعادة الربانية، وحلاوة الالتزام بالمنهج الشرعي، فلا تتعثَّري يا ابنة الأصول، ولا تدعي للفراغ إليك مسلكاً، "فحي على جنات عدن فإنها، منازلك الأولى وفيها المخيم"، وعند البخاري رحمه الله أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها".
عليك بالصحبة الصالحة، والاستزادة من طلب العلم، والمشاركة في الأعمال الخيرية، والإسهام في خدمة والديك وأسرتك، وقراءة القرآن، وتنمية مهاراتك بالالتحاق بالدورات المتخصصة، وغير ذلك مما ترينه معيناً لك على الطاعة، صارفاً تفكيرك عن المعصية، يسليك حتى يكتب الله لك ما يحقق أمنياتك، ويقر عينك بإذن الله.
أسأل الله الرحمن الرحيم، الجواد الكريم، أن يجعلكِ من الصالحات، ويصرف عنك شياطين الإنس والجن، ويقر عينك بمن ترتضين دينه وخلقه، مع رجائي طمأنتنا عن أحوالك، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أ / عادل بن سعد الخوفى
ماجده
أنا فتاة متدينة وأدرس العلم الشرعي ولله الحمد، مشكلتي أني لم أتزوج لأن أختي التي تكبرني لم تتزوج بعد، وقد تقدم لي ثلاثة شباب ومنهم الملتزم الصالح، لكن أبي رفضهم جميعا؛ بسبب أنه لن يزوجني قبل أختي لأنها عاداتهم وتقاليدهم.. وقد كرهت أختي وأهلي لأنهم حرموني من أبسط حقوقي، وشكوت إلى أمي لكن ليس بيدها حيلة.. كثرت الفتن، وأخاف على نفسي الفتنة، وطال بي العمر ولم تتزوج أختي، فجاءني إحباط فإذا مُنِعت طريق الحلال (الزواج) فأين أذهب وطرق الحرام كثيرة والعياذ بالله.. أنصحوني كيف أقنع أهلي وما الطريق لذلك؟
الحمد لله رب العالمين، وصلَّ الله وسلَّم وبارك على نبينا الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أسأل الله في علاه، أن يُفرِّج همَّك، ويُنَفِّس كربك، وأن يُحقِّق أمنياتك في الخير، وأن يسعدك سعادة تامة تامة تامة لا شقاء بعدها، ويرزقك الذرية الصالحة التي تَقَرُّ بها عينك، اللهم آمين.
أولاً: سَرَّني ما أنتِ فيه من سيرك على منهج التزام أوامر الله سبحانه وتعالى، كما سَرَّني أيضاً طلبك للعلم الشرعي، وسَرَّني كذلك اجتهادك في أن تكوني حيث أمر الله القدير.
كما أنك تعلمين ما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء" صححه الألباني رحمه الله.
ومن الإيمان بالقدر: الإيمان بأن الله تعالى علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلا، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال، ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق، فأول ما خلق الله القلم قال له: اكتب قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه جفت الأقلام وطويت الصحف كما قال تعالى: "ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير" [الحج:70].
ومن الإيمان بالقدر أيضاً الإيمان بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه ما في السماوات والأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله سبحانه لا يكون في ملكه إلا ما يريد، وأنه سبحانه وتعالى على كل شيء قدير من الموجودات والمعدومات (العقيدة الطحاوية 1/50).
إذا تَصَوَّرتِ هذا أختي الصابرة المحتسبة؛ أيقنتِ بثقة تامة، وإيمان لا يخالطه شك، أنه إن كان الله قد كتب لك الزواج، فإنه لو اجتمعت الإنس والجن على منع هذا الأمر لم يستطيعوا ذلك.. وإن كان الله قد كتب خلاف ذلك لحكمة يعلمها، فإنه لن يتم ولو اجتمعت الإنس والجن.. فطيبي نفساً، وقَرِّي عيناً، فالأمر بيد الله وحده، ليس بيدك، ولا بيد والدك، ولا بيد أحد آخر.
ثانياً: لاشك أن منع الزواج عن البنت الصغرى، حتى يتم تزويج من هي أكبر منها، خطأ كبير، وجناية في حق الاثنتين، فإن هذا الأمر لن يجلب الخُطاب للكبرى، وسيكون جناية على الصغرى، فالزواج نوع من أنواع الرزق، يكتبه الله لبعض عباده، ويمنعه من آخرين، أو يقدِّم بعضهم، ويؤخر من شاء .
وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله على أن الفتاة المسلمة إذا تقدَّم لها من يُرتضى دينه وخلُقه، وكان مناسباً لها، فإنه لا يحل لوليها حبسها عن الزواج، لقول الله تعالى: "فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" [البقرة:232]، جاء في زاد المسير: قوله تعالى: "فلا تعضُلوهن" خطاب للأولياء. قال ابن عباس، وابن جبير، وابن قتيبة في آخرين. معناه: لا تحبسوهن).
ثالثاً: عليك بمسبب الأسباب، وقاضي الحاجات، ومفرِّج الكربات، قفي على بابه، أهريقي دموعك بين يديه، سليه (إن ربكم حيي كريم يستحيي أن يبسط العبد يديه إليه فيردهما صفرا) (صحيح الجامع/2070)، سليه واثقة باستجابته، مؤمنة بقضائه، متقرِّبة إليه بعمل الصالحات؛ براً بوالديك، ومحافظة على الفرائض، وملتزمة بالحجاب الساتر، وممتنعة عما يحرم عليك النظر أو الاستماع إليه، وقدمي بين يدي ذلك صدقة ولو بالقليل.
سليه فما خاب من ركن إلى الله، فإنه يأوي إلى ركن شديد، سليه أن يطهِّر قلبك، ويُصَبِّر نفسك، ويحصن فرجك، ويرزقك الزوج الصالح، والذرية المباركة، سليه في سجودك وقبل السلام من الصلاة، سليه في آخر ساعة من عصر يوم الجمعة، سليه وأنت صائمة، سليه وأنت قائمة آخر الليل، سليه في كل وقت وحين، فإنه سبحانه واسع العطاء، "يد الله ملأى لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار" متفق عليه. ولا تنسي أن: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" [الطلاق:2]، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا" [الطلاق:4]، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا " [الطلاق:5]. فالتقوى خير كلها.
رابعاً: لا تفقدي الأمل في حديثك مع والدتك، بل وحتى النظر في إمكانية فتح هذا الموضوع مع أختك لتقوم بدورها بالحديث مع والدك، فقد يكون سبب تصرف والدك، خوفاً من التأثير على نفسية أختك الكبيرة، فإن كان الطلب منها فقد يكون ذلك إيجابياً، وكذا يمكن الحديث من خلال والدتك مع أخوالك أو أعمامك أو إخوتك الكبار، إن رأيتم أن أحدهم يمكنه التأثير على والدك وإقناعه، على ألا ينتج عن ذلك سلبيات أكبر.
ومع هذا وذاك لترى منكِ أسرتك الجانب المشرق، براً بوالديك، وتذللاً بين يديهما، وخدمة لهما، ونشاطاً في أسرتك، ودعوات صادقة بأن يكتب السعادة والتوفيق لأختك الكبيرة، فسعادتكن من سعادة بعض، والخير لإحداكن هو خير للأخرى.
كما ينبغي التأكيد على أن هذا الموقف من والدك لم يكن لغرض الإساءة لك، وإن كان ظاهره كذلك، بل قناعة تراكمت في تصوراته، ولستِ تدرين، فلعل ذلك سبب لسعادة تعيشينها أنت الآن لم تكن لو كنت متزوجة، فكم من المتزوجات يشتكين الهموم والغموم، يقول أحدهم: (تألمت كثيراً عندما وجدت نفسي حافي القدمين...ولكنني شكرت الله بالأكثر حينما وجدت آخر ليس له قدمان)، وقد يكون تأخير زواجك لحكمة يعلمها، فليكن حمد الله وشكره شعارك على كل حال أنت فيه، والخير كل الخير فيما يختاره الله لك، وثقي أنه: "لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ" [الرعد:38].
خامساً: ما مضى فات والمؤمل غيب، ولك الساعة التي أنت فيها، أدركُ أن الزواج ستر للفتاة، وحصن للمرأة، وحق مشروع، إلا أنني أوصيكِ بتوجيه فكرك لما يشغل وقتك ببناء القصور في جنات رب العالمين، شيِّدي لك ما تسرِّين به يوم تقفي بين يدي الله تعالى، ازرعي لك من الأشجار والثمار ما يخفِّف عنك أهوال يوم القيامة.
أنتِ فتاة لديها ألق الحياة الإيمانية، ونور السعادة الربانية، وحلاوة الالتزام بالمنهج الشرعي، فلا تتعثَّري يا ابنة الأصول، ولا تدعي للفراغ إليك مسلكاً، "فحي على جنات عدن فإنها، منازلك الأولى وفيها المخيم"، وعند البخاري رحمه الله أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها".
عليك بالصحبة الصالحة، والاستزادة من طلب العلم، والمشاركة في الأعمال الخيرية، والإسهام في خدمة والديك وأسرتك، وقراءة القرآن، وتنمية مهاراتك بالالتحاق بالدورات المتخصصة، وغير ذلك مما ترينه معيناً لك على الطاعة، صارفاً تفكيرك عن المعصية، يسليك حتى يكتب الله لك ما يحقق أمنياتك، ويقر عينك بإذن الله.
أسأل الله الرحمن الرحيم، الجواد الكريم، أن يجعلكِ من الصالحات، ويصرف عنك شياطين الإنس والجن، ويقر عينك بمن ترتضين دينه وخلقه، مع رجائي طمأنتنا عن أحوالك، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أ / عادل بن سعد الخوفى
ماجده