إنه الذئب وأنت الفريسة
هذه رسالة من أخ إلى أخته وقد اكتشف مصادفة أنها تحادث رجلا ً غريبا ً ويحادثها عبر الهاتف ويتبادلان كلمات العشق والغرام .
يا من عهدت فيك الخير والصلاح وطيبة القلب والإحسان إلى الخلق لا أراني الله فيك مكروها ً ، ولا أبكاني عليك أبدا ً . لقد علمت أنك تحادثين بالهاتف رجلا ً أجنبيا ً عنك ، وتبادلينه كلمات العشق والهيام ، ومتى يحدث هذا ؟ في أفضل أوقات الطاعة وأشرفها في وقت نزول المولى – عز وجل – إلى السماء الدنيا ويقول : " هل من سائل ٍ فأعطيه ؟ هل من داع ٍ فأغفر له ؟ هل من مستغفر ٍ فأغفر له ؟ " في وقت قيام المتهجدين والتائبين وحنين المحبين لخلوتهم برب العالمين أنيس المستأنسين وحبيب المحبين .
لم كل هذا ؟ هل ظننت أن ظلمة الليل تسترك عن رب الخلق كما سترتك عن الخلق ؟ هل جعلت الله تعالى أهون الناظرين إليك ؟ أم هل ظننت أنه غافل عنكِ أم غركِ طول إمهاله – سبحانه – لك ِ ؟
ماهو جوابك إذا سألك ِالله يوم القيامة :
إذا ما قـــــال لي ربي أما استحيت تعصـــيني
وتخفي الذنب عن خلقــي وبالعصيان تأتـــــيني؟
ألم تحدثي نفسك ِ مرة وتقولي لها :
إذا ما خلوت بريبة في ظلمة داعية إلى العصـــيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يرانــي
ألا تخافين أن يأتيك ملك الموت وأنتِ ممسكة بسماعة الهاتف وترددين كلمات العشق الهابطة فيختم لك ِ بها ، بدلا ً ممن نطق كلمة لا إله إلا الله ثم يبعثك الله تعالى على ما مت عليه فتخسرين الدنيا والآخرة ؟!
إن الصبر على اقتراف اللذة المحرمة والمعصية المخزية أهون من الاكتواء بنار تلظى .
وأهون من الوحشة والظلمة التي تجدينها في قلبك ِ وبينك ِ وبين الله وبين خلقه . كما أن حلاوة البعد عن المعصية وفعل الطاعة له أنس في القلب وفرحة ولذة لا تعادلها لذة .
لقد عهدت فيك الخير والصلاح وحب الأنس بالله – عزوجل - . فلماذا استبدلت المعصية بالطاعة ؟ وألفاظ المجون بالقرآن الكريم ، وبالأنس بذئب وقح يرغب في الاستمتاع الرخيص بك ، وهو باحث عن غيرك لا محالة ؟!
إن ربنا –عز وجل - قريب رحيم ، يتوب على التائبين ، ويفرح بندم العاصين ، ويقبل المقبل عليه وهو أشد فرحا ً بتوبة عبده وأمته من رجل ضاعت منه راحلته في أرض فلاة فانتظرت الموت بعد أن فقد الأمل ثم رجعت إليه راحلته وفيها طعامه وشرابه .
فلا يصدنك شياطين الإنس والجن بكلماتهم المعسولة المسمومة عن العودة إلى خالقك والتوبة من ذنبك .
فإن طريق التوبة مفتوح والخالق كريم سترك في المعصية ويقبل منك التوبة ، وسيعوضك خيرا ً مما أنت فيه ، فأقبلي عليه والجئي إليه وسليه الصفح والمغفرة والثبات على الطاعة وسن الختام وتبديل السيئات حسنات . ولك أعظم أسوة في سلف الأمة من النساء الصالحات اللواتي انغمسن في الرذيلة ثم تُبن لله تعالى فذاع صيتهن وتأست النساء بهن . والحمد لله أنك لم تصلي إلى ما وصلن إليه من الرذيلة . وأسأل الله تعالى أن تصلي إلى ما وصلن إليه من الطاعة والفضيلة .
كتاب قصص مؤثرة للنساء هاني درار عثمان