27/06/2008 | | |
مكتبة الأسرة وأهميتها في تربية الأبناء | ||
تتعدد وسائط ووسائل التربية والثقافة لأبنائنا ، ومنها جماعة الرفاق ، ووسائل الإعلام , ودروس المساجد ، والشبكة العالمية في الحاسوب ، ومن أهم تلك الوسائط والوسائل مكتبة الأسرة ، تلك الوسيلة التربوية المهمة التي لعبت الدور الرئيس في تربية الأجيال ، وإيجاد أجيال من القراء والمبدعين عبر السنين ، ولأهمية المكتبة والقراءة كان أول كلمة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المعلم الأول والمربي الأول وخاتم المرسلين (اقرأ) لأن القراءة هي مفتاح العلم ، ووسيلة الإنسان للتعليم والتعلم والترقي ، وستظل القراءة هي السبيل الرئيس للعلم ، سواء كانت هذه القراءة في صحيفة ورقية أو صفحة الكترونية ، وسيظل الكتاب هو الوسيط الأمثل والأرخص والصحي في القراءة وتحصيل العلم ، فالآثار الجانبية الصحية للقراءة في الكتاب الورقي شبه معدومة فلا إشعاعات ، ولا كهرباء ، ولا صيانة دائمة ، ولا عطل مفاجئ ، ولا فيروسات ولا لهث خلف التجديدات الدائمة والأساليب التجارية الباحثة عن الربح بنسف القديم وحجب قطع غياره وقطع صلاحياته وتزيين تغييره وتبديله ، لذلك سيظل الكتاب الورقي من أفضل الوسائل للتربية والتعليم ، والكتاب في المكتبة يتزين للنظارين ، وينادي القارئين ، ويغري المحبين ، ويفصح من أول نظرة عن الحب الدفين ، يتلألأ أمام عينيك ، ويغريك باقتنائه ، ولذلك فالمكتبة من أهم المقتنيات التي تحرص عليها أسر العلماء والدعاة والباحثين والمربين ، والطفل الذي ينشأ في أسرة تهتم بالكتاب ، والقراءة ، والبحث ينشأ على حب الكتاب والقراءة والتعليم والتعلم ، خاصة إذا اهتمت الأسرة بتطوير محتويات المكتبة مع تطور سن الأبناء ، فالأسرة الواعية تجعل للطفل مكانة مبرزة ومحترمة في المكتبة حيث يجد الكتاب الذي يتناسب مع مستواه العقلي ، وبنائه الجسدي وتطوره المعرفي فنبدأ بالكتب المصورة ، وكتب التلوين , ونتدرج مع الأبناء إلى أن يصلوا إلى المرحلة الجامعية ، ومن السلوكات الطيبة أن نحتفظ بكتب أبنائنا الدراسية ودفاتر أعمالهم اليدوية ، ونختار منها المتميز والمعبر تعبيرًا صادقًا عن المستوى العلمي والتعليمي والعقلي للأبناء ونحافظ عليه . وقد عجبت للأسر العربية التي تنفق ألاف الدنانير على الثريات والسجاجيد والتحف والجداريات ولا تجعل للمكتبة نصيبًا من ميزانيتها ودخل أسرتها ، ولذلك يمر العام على البعض من الأسرة العربية ولا تنفق دينارًا واحدًا على الكتاب ، وكان من نتيجة ذلك أنه في آخر دراسة ميدانية عن القراءة في كبرى الدول العربية جاء نصيب الفرد في العام ربع صفحة من كتاب متوسط القطع, بينما نصيب الفرد في معظم الدول غير العربية والإسلامية عشرة كتب في العام الواحد ، وهنا تتجلى مأساة القراءة في أمة أمرها ربها سبحانه وتعالى بالقراءة وجعل معجزة نبيها صلى الله عليه وسلم كتابًا معجزُا يقرأ . الكتاب خير جليس للأبناء ، ومن دعائم التربية الصحيحة والتنشئة السوية نأمل أن ننتبه لأهمية مكتبة الأسرة ونجعلها محل اهتمامنا وننوع في مصادرها وأساليبها لتضم الكتاب الورقي , والكتاب الالكتروني ، وأن تجعل الأسرة لأبنائها نصيبًا من القراءة والبحث والحوار والنقاش ، كما يجب على وزارات الثقافة والإعلام والتربية والتعليم والتنمية الاجتماعية الاهتمام بمكتبة الأسرة ، وكتب الأطفال الناشئة ، وأن تقوم بمشروع قومي لنشر الكتاب المفيد بين الأبناء ، وأن تجعل للمكتتبات العامة ومصادر التعلم مكانة في نفوس الناشئة ، وأن نقيم مسابقات ومهرجانات للقراءة والكتابة والإبداع الأدبي والعلمي والثقافي حتى نتمكن من محو الأمية القرائية والمكتبية البحثية عند أبنائنا ، كما يجب إصدار قوائم بكتب الأطفال والشباب المتوافرة في المكتبات العامة ومصادر التعلم بالمدارس ، وعرض أنشطة الطلاب القرائية في طابور الصباح وجداريات المدارس والصحف اليومية ، وأن تفتح المجال في صفحات الأسرة والمجتمع والبيئة لأبنائنا ليكتبوا ويشاركوا في الحياة الثقافية والسياسية والاجتماعية و أن يعاون الآباء الأبناء في ذلك خاصة الموهوبين منهم ، وأأمل أن تتحول هدايانا من الشوكلاتات والحلويات والروائح والعطور إلى الكتب ، وهذا ما يقوم به البعض حيث يشترى كميات متميزة ومخفضة من الكتب المهمة والجميلة والمتميزة من معارض الكتب الدولية في بلده ليهديها للأحباب والأقارب في المناسبات بعد كتابة إهداء جميل عليها , والبعض الآن يقوم بتوزيع بعض الكتب على المدعوين في حفلات عيد الميلاد وعقد القرآن ويوم الزفاف. وعلينا بالتنوع في اقتناء الكتاب من الكتب العلمية إلى الكتب الدينية والثقافية والاجتماعية والتاريخية والجغرافية ، وأن نتعرف قدرات أبنائنا واهتماماتهم ونهتم بها ونساعدهم على تنميتها ، وأن نتجنب سياسة الثقافة الأحادية التي تربي أبناءنا أحاديي النظرة ، وضيقي الأفق يصعب عليهم التنوع والتكيف وقبول الآخر . هذا جانب من جوانب أهمية مكتبة الأسرة وددت لفت الأنظار إليه والاهتمام به حماية لأبنائنا من الجهل وخاصة الجهل المركب طاعون العصر الذي عشش في عقولنا وهدد حياتنا وجعل أبناءنا لقمة سائغة للتوجيه الخاطئ نحو الانغلاقية الثقافية والعقلية والدينية وجعلهم كما يقول البعض كالميت في يد المغسل يفعل به ما يشاء ، إن شاء وجهه للتدمير والتكسير والسب واللعن والخصام ، وإن شاء جعله قنبلة موقوتة يهدد بها الأمن العام والاستقرار الاجتماعي ويفجر به الفتن الطائفية ، فالجهلاء هم وقود معارك الفتن الطائفية والعقائدية والمذهبية والسياسية ، والمتعلمون الواعون هم صمام الأمان ، والعقبة الكبرى أمام قادة الفتن وأصحاب المصالح الشخصية والفئوية الضيقة أصحاب الثقافات أحادية النظرة وثقافة التطهير العرقي والديني والمناطقي والوظائفي وهذا هو الخطر القادم ، خطر الشباب الذين لا يقرؤن ولا يفكرون ولا يفهمون ، وغير القادرين على الخلاص من خشبة الغسل بين أيدي المغسل الجاهل الذي يستغل جهلهم لتحقيق مصالحه الشخصية والفئوية والمذهبية الضيقة والغبية . وعندما يوضع السلاح في يد هؤلاء الجهلاء تصبح فتنة محركها الجهل ووقودها الأول الجهلاء الذين لم يتعودوا القراءة الواعية والرشيدة في صغرهم وشبابهم وفي داخل أسرهم |
م
ماجده