في المستحقين للزكاة
الفصل الأول
في أصناف المستحقين
وهم ثمانية، كما نطق بهم الكتاب المجيد:
الأول والثاني: الفقير والمسكين، والثاني أسوأ حالاً من الأول، ويكفي في كل منهما عدم قدرته المالية على القيام بمؤنة سنته اللائقة بحاله له ولعياله من غير إسراف. والغني بخلافهما، وهو من يقدر على القيام بمؤنة سنته بالنحو المذكور. نعم لو كان مديناً ديناً حالاً لا يقدر على وفائه كان فقيراً أيضاً وحلت له الزكاة.
(مسألة 38): إذا كان الشخص غير مالك لمقدار المؤنة المذكورة إلا أنه كان قادراً على تحصيلها بصنعة أو حيازة أو تجارة لم تحل له الزكاة. ولو لم يفعل تكاسلاً لم تحل له، إلا أن يمضي وقت التحصيل، كما لو كان وقت التحصيل فصلاً خاصاً من السنة فلم يفعل حتى مضى الفصل المذكور، فيحل له أخذ الزكاة حينئذٍ.
(مسألة 39): إذا كان قادراً على تعلم صنعة تكفيه فلم يفعل لم يحل له أخذ الزكاة. نعم إذا مضى وقت التعلم جاز له أخذها. وكذا يجوز له الأخذ لسد نفقته في مدة التعلم أو قبله، وإن كان الأحوط وجوباً الاقتصار على ما إذا لم يقدر على سد حاجته بالاستدانة مع القدرة على الوفاء في نفس السنة بعد التعلم، مثلاً إذا كان زمان التعلم شهري ربيع جاز له ان يأخذ من الزكاة لنفقة شهري محرّم وصفر وشهري ربيع، إلا إذا كان قادراً على الاستدانة لها ثم الوفاء بعد التعلم قبل شهر محرّم الثاني.
(مسألة 40): إذا كان له رأس مال يتكسب به أو ضيعة يستنميها أو عقار أو آلات أو حيوانات يؤجرها أو يعمل عليها لكن لا يكفيه ما يحصله منها جاز تتميم حاجته من الزكاة، ولا يجب عليه بيع الأشياء المذكورة وإن كان ثمنها وافياً بمؤنة سنته. نعم إذا كانت الاُمور المذكورة معطلة غير مستغلة لاكتساب النفقة ولا محتاجاً إليها في حياته وكان ثمنها وافياً بمؤنة سنته لم يحل له أخذ الزكاة.
(مسألة 41): إذا كان قادراً على التكسب لكنه كان منافياً لشأنه ـ بحيث يكون وهناً عليه أو على بعض الجهات التي يجب حفظها ـ جاز له الأخذ من الزكاة.
(مسألة 42): دار السكنى والخادم وفرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله ـ ولو لكونه من أهل الشرف ـ لا يمنع من أخذ الزكاة، وكذا ما يحتاج إليه بحسب شأنه من الثياب والأثاث والكتب وغيرها. نعم ما كان زائداً عن حاجته يمنع من أخذ الزكاة إذا كان يفي بمؤنة سنته.
(مسألة 43): إذا أمكن إبدال ما عنده من دار وأثاث أو غيرهما مما يحتاج إليه بأقل منه قيمة، فإن كان الموجود عنده زائداً عن مقتضى شأنه وغير مناسب له وجب الإبدال، وإن كان مناسباً له لم يجب الإبدال.
(مسألة 44): طالب العلم يجوز له الأخذ من الزكاة إذا كان فقيراً عاجزاً عن التكسب ولو لكونه منافياً لشأنه، وكذا إذا كان طلب العلم واجباً عليه عينياُ ـ ولو لعدم قيام غيره بما يؤدي الواجب ـ وكان الانشغال به مزاحماً للتكسب، بحيث لا يمكنه الجمع بينهما، وفي غير هاتين الصورتين لا تحل له الزكاة من سهم الفقراء. نعم يجوز أن يدفع له من سهم سبيل الله تعالى بالمقدار الذي يحمله على طلب العلم إذا ترتب على طلبه له فائدة راجحة شرعاً.
(مسألة 45): يجوز للزوجة أخذ الزكاة إذا لم يكن الزوج باذلاً لنفقتها ولم تقدر على إجباره بوجه غير حرجي، أما إذا كان باذلاً لها أو كانت قادرة على إجباره بوجه غير حرجي فلا يجوز لها أخذ الزكاة.
(مسألة 46): سقوط نفقة الزوجة بالنشوز لا يحل لها الأخذ من الزكاة.
(مسألة 47): غير الزوجة ممن تجب نفقته على غيره إن كان من تجب نفقته عليه واجداً للنفقة باذلاً لها من دون حرج معتد به في أخذ النفقة منه فالأحوط وجوباً عدم أخذه من الزكاة. أما في غير ذلك فيجوز له الأخذ منها.
(مسألة 48): وجود المتبرع بالنفقة للفقير من دون أن تجب عليه لا يمنعه من أخذ الزكاة والاستغناء بها عنه.
(مسألة 49): المدعي للفقر إن لم يعلم حاله فإن كان فقيراً سابقاً ـ ولو حينما كان طفلاً ـ جاز البناء على فقره، وإن علم غناه سابقاً لم يصدق إلا إذا حصل الاطمئنان بفقره، ولو من شواهد وقرائن خارجية. وكذا الحال لو أخبر شخص بفقر غيره.
(مسألة 50): إذا شهد بفقر الشخص غيره، فإن تمت بالشهادة البينة عمل بها، وكذا إذا أوجبت الوثوق. وإلا جرى عليه ما تقدم في المسألة السابقة من التفصيل.
(مسألة 51): دفع الزكاة للفقير على أحد وجهين:
الأول: تمليكه إياها، ولابد من قصده أو قصد وليه أو وكيله التملك لما يأخذه وإن لم يعلم بأنه زكاة ولم يقصده بل أخذه غافلاً عن ذلك أو بتخيل كونه هدية. أما لو لم يقصد التملك فلا يتم هذا الوجه، كما لو دفع إليه على أنه ملكه سابقاً وقد أرجع إليه، وكذا لو قصد تملكه بشرط أن لا يكون زكاة ملتفتاً لذلك.
الثاني: صرفها في مصالحه، كما لو دفع إليه الطعام الزكوي فأكله، ولا يحتاج هذا إلى القصد منه ولا من وليه أو وكيله، فلو دفع له الطعام الزكوي فأخذه على أنه ملكه سابقاً قد أرجع إليه، أو على أنه ليس بزكاة بل هدية أو غير ذلك لم يمنع من حصول هذا الوجه. نعم لابد من صرفه له في مصالح نفسه، كما لو أكل الطعام بنفسه، ولا يكفي صرفه في مصالح غيره ممن من شأنه الصرف عليه، كواجب النفقة والضيف على الأحوط وجوباً. إلا أن يكون ذلك الغير فقيراً أيضاً ويقصد دافع الزكاة بذلها له أيضاً.
(مسألة 52): إذا كان للمالك دين على الفقير جاز احتسابه من الزكاة بلا حاجة إلى دفعها له ثم أخذها منه، سواء كان المدين حياً أم ميتاً. نعم إذا كان للميت تركة تفي بدينه لم يجز احتساب دينه من الزكاة إلا أن يتعذر وفاء دينه من التركة لامتناع الورثة من وفائه جهلاً أو عصياناً وعدم تيسر إجبارهم على الوفاء أو إقناعهم به.
(مسألة 53): إذا دفع الزكاة لشخص باعتقاد فقره فبان كون المدفوع له غنياً، فلذلك صورتان:
الاُولى: أن تكون متعينة بالعزل، من دون أن تنشغل بها ذمته، إما لعزلها من نفس النصاب أو من غيره. وحكمها أنه مع تفريط الدافع وخروجه عن مقتضى ولايته في إحراز فقره يكون ضامناً لها، ومع عدم تفريطه لا يكون ضامناً.
الثانية: أن لا تكون متعينة بالعزل، كما لو أتلف النصاب قبل دفع الزكاة فانتقلت الزكاة إلى ذمته، أو تكون متعينة بالعزل إلا أنها مضمونة عليه لتأخيره دفعها مع وجود المستحق أو لتفريطه في حفظها، والأحوط وجوباً هنا بقاء الضمان عليه مطلقاً وإن لم يفرط في إحراز فقر من دفعها إليه.
هذا كله في حق دافع الزكاة، وأما في حق آخذها فيجري عليه حكم آخذ المال بلا حق، فيضمن ولا يرجع على الدافع، إلا أن يكون مغروراً من قبله لعدم إخباره له بأن المدفوع إليه زكاة.
وهذا التفصيل يجري في جميع موارد دفع الزكاة لغير المستحق، مثل من تجب نفقته. نعم من دفع زكاته لغير المؤمن باعتقاد أنه مؤمن تجزى عنه إذا كان قد اجتهد في الفحص، ومع تقصيره لا تجزى عنه، من غير فرق في الصورتين بين تعينها بالعزل وعدمه.
الثالث ـ من المستحقين للزكاة ـ: العاملون عليها، وهم المنصوبون لأخذ الزكاة وحفظها وضبطها وإيصالها لوليها أو إلى المستحق. والذي ينصبهم لذلك هو الإمام أو نائبه الخاص. وفي ولاية الحاكم الشرعي على ذلك إشكال، بل منع.
الرابع: المؤلفة قلوبهم، وهم المسلمون الذين يضعف اعتقادهم بالمعارف الدينية فيعطون من الزكاة تأليفاً لقلوبهم ليأنسوا بالدين ويتحللوا من عقد الجاهلية وينظروا بعين بصائرهم بعيداً عنها.
الخامس: الرقاب، والمراد بذلك عتق العبيد. إما لكونهم مكاتبين عاجزين عن أداء مال الكتابة فيعطون من الزكاة ليؤدوا ما عليهم ويتحرروا، أو لكونهم عبيداً تحت الشدة، فيشترون ويعتقون. وأما لو لم يكونوا تحت الشدة فاللازم الاقتصار على ما إذا لم يجد مصرفاً للزكاة غيرهم، حتى لو كان المملوك مؤمناً على الأحوط وجوباً.
السادس: الغارمون، وهم الذين ركبتهم الديون وعجزوا عن أدائها، وإن كانوا مالكين قوت سنتهم، بشرط أن لا تكون ديونهم في معصية ولا سرف.
(مسألة 54): وفاء دين الغارم من الزكاة يكون بوجهين:
الأول: أن يعطى من الزكاة لوفاء دينه بها بعد أن يملكها.
الثاني: أن يوفّى دينه من الزكاة ابتداء من دون أن تدفع الزكاة له، بل وإن لم يعلم بها.
(مسألة 55): لو كان صاحب الزكاة هو الدائن جاز له احتساب دينه عليه زكاة، نظير ما تقدم في المسألة (52)، وأما أن يجعل شيئاً من زكاته للمدين من دون أن يقبضه المدين ثم يأخذه وفاءً عن دينه فهو لا يخلو عن إشكال، والأحوط وجوباً عدم الاجتزاء به.
(مسألة 53): لو كان الغارم ممن تجب نفقته على صاحب الزكاة جاز لصاحب الزكاة إعطاؤه من الزكاة لوفاء دينه أو وفاء دينه منها ابتداء من دون أن يدفعها إليه.
السابع: سبيل الله تعالى، وهو جميع سبل الخير الراجحة شرعاً. والأحوط وجوباً الاقتصار على الجهات العامة، كبناء المساجد والقناطر وإقامة الشعائر الدينية ونحوها. وأما الجهات الخاصة كالتزويج والحج ونحوها فالأحوط وجوباً تخصيصها بسهم الفقراء، فيعتبر في من ينتفع فيه الفقر.
الثامن: ابن السبيل، وهو المسافر الذي نفذت نفقته بحيث لا يقدر على الذهاب إلى بلده ولو ببيع بعض ما يسعه الاستغناء عنه من متاعه، بل اللازم الاقتصار على ما إذا تعذرت عليه الاستدانة والوفاء من ماله من غير حرج. ولا يشترط فيه أن يكون فقيراً في بلده. نعم يشترط أن لا يكون سفره في معصية
الفصل الأول
في أصناف المستحقين
وهم ثمانية، كما نطق بهم الكتاب المجيد:
الأول والثاني: الفقير والمسكين، والثاني أسوأ حالاً من الأول، ويكفي في كل منهما عدم قدرته المالية على القيام بمؤنة سنته اللائقة بحاله له ولعياله من غير إسراف. والغني بخلافهما، وهو من يقدر على القيام بمؤنة سنته بالنحو المذكور. نعم لو كان مديناً ديناً حالاً لا يقدر على وفائه كان فقيراً أيضاً وحلت له الزكاة.
(مسألة 38): إذا كان الشخص غير مالك لمقدار المؤنة المذكورة إلا أنه كان قادراً على تحصيلها بصنعة أو حيازة أو تجارة لم تحل له الزكاة. ولو لم يفعل تكاسلاً لم تحل له، إلا أن يمضي وقت التحصيل، كما لو كان وقت التحصيل فصلاً خاصاً من السنة فلم يفعل حتى مضى الفصل المذكور، فيحل له أخذ الزكاة حينئذٍ.
(مسألة 39): إذا كان قادراً على تعلم صنعة تكفيه فلم يفعل لم يحل له أخذ الزكاة. نعم إذا مضى وقت التعلم جاز له أخذها. وكذا يجوز له الأخذ لسد نفقته في مدة التعلم أو قبله، وإن كان الأحوط وجوباً الاقتصار على ما إذا لم يقدر على سد حاجته بالاستدانة مع القدرة على الوفاء في نفس السنة بعد التعلم، مثلاً إذا كان زمان التعلم شهري ربيع جاز له ان يأخذ من الزكاة لنفقة شهري محرّم وصفر وشهري ربيع، إلا إذا كان قادراً على الاستدانة لها ثم الوفاء بعد التعلم قبل شهر محرّم الثاني.
(مسألة 40): إذا كان له رأس مال يتكسب به أو ضيعة يستنميها أو عقار أو آلات أو حيوانات يؤجرها أو يعمل عليها لكن لا يكفيه ما يحصله منها جاز تتميم حاجته من الزكاة، ولا يجب عليه بيع الأشياء المذكورة وإن كان ثمنها وافياً بمؤنة سنته. نعم إذا كانت الاُمور المذكورة معطلة غير مستغلة لاكتساب النفقة ولا محتاجاً إليها في حياته وكان ثمنها وافياً بمؤنة سنته لم يحل له أخذ الزكاة.
(مسألة 41): إذا كان قادراً على التكسب لكنه كان منافياً لشأنه ـ بحيث يكون وهناً عليه أو على بعض الجهات التي يجب حفظها ـ جاز له الأخذ من الزكاة.
(مسألة 42): دار السكنى والخادم وفرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله ـ ولو لكونه من أهل الشرف ـ لا يمنع من أخذ الزكاة، وكذا ما يحتاج إليه بحسب شأنه من الثياب والأثاث والكتب وغيرها. نعم ما كان زائداً عن حاجته يمنع من أخذ الزكاة إذا كان يفي بمؤنة سنته.
(مسألة 43): إذا أمكن إبدال ما عنده من دار وأثاث أو غيرهما مما يحتاج إليه بأقل منه قيمة، فإن كان الموجود عنده زائداً عن مقتضى شأنه وغير مناسب له وجب الإبدال، وإن كان مناسباً له لم يجب الإبدال.
(مسألة 44): طالب العلم يجوز له الأخذ من الزكاة إذا كان فقيراً عاجزاً عن التكسب ولو لكونه منافياً لشأنه، وكذا إذا كان طلب العلم واجباً عليه عينياُ ـ ولو لعدم قيام غيره بما يؤدي الواجب ـ وكان الانشغال به مزاحماً للتكسب، بحيث لا يمكنه الجمع بينهما، وفي غير هاتين الصورتين لا تحل له الزكاة من سهم الفقراء. نعم يجوز أن يدفع له من سهم سبيل الله تعالى بالمقدار الذي يحمله على طلب العلم إذا ترتب على طلبه له فائدة راجحة شرعاً.
(مسألة 45): يجوز للزوجة أخذ الزكاة إذا لم يكن الزوج باذلاً لنفقتها ولم تقدر على إجباره بوجه غير حرجي، أما إذا كان باذلاً لها أو كانت قادرة على إجباره بوجه غير حرجي فلا يجوز لها أخذ الزكاة.
(مسألة 46): سقوط نفقة الزوجة بالنشوز لا يحل لها الأخذ من الزكاة.
(مسألة 47): غير الزوجة ممن تجب نفقته على غيره إن كان من تجب نفقته عليه واجداً للنفقة باذلاً لها من دون حرج معتد به في أخذ النفقة منه فالأحوط وجوباً عدم أخذه من الزكاة. أما في غير ذلك فيجوز له الأخذ منها.
(مسألة 48): وجود المتبرع بالنفقة للفقير من دون أن تجب عليه لا يمنعه من أخذ الزكاة والاستغناء بها عنه.
(مسألة 49): المدعي للفقر إن لم يعلم حاله فإن كان فقيراً سابقاً ـ ولو حينما كان طفلاً ـ جاز البناء على فقره، وإن علم غناه سابقاً لم يصدق إلا إذا حصل الاطمئنان بفقره، ولو من شواهد وقرائن خارجية. وكذا الحال لو أخبر شخص بفقر غيره.
(مسألة 50): إذا شهد بفقر الشخص غيره، فإن تمت بالشهادة البينة عمل بها، وكذا إذا أوجبت الوثوق. وإلا جرى عليه ما تقدم في المسألة السابقة من التفصيل.
(مسألة 51): دفع الزكاة للفقير على أحد وجهين:
الأول: تمليكه إياها، ولابد من قصده أو قصد وليه أو وكيله التملك لما يأخذه وإن لم يعلم بأنه زكاة ولم يقصده بل أخذه غافلاً عن ذلك أو بتخيل كونه هدية. أما لو لم يقصد التملك فلا يتم هذا الوجه، كما لو دفع إليه على أنه ملكه سابقاً وقد أرجع إليه، وكذا لو قصد تملكه بشرط أن لا يكون زكاة ملتفتاً لذلك.
الثاني: صرفها في مصالحه، كما لو دفع إليه الطعام الزكوي فأكله، ولا يحتاج هذا إلى القصد منه ولا من وليه أو وكيله، فلو دفع له الطعام الزكوي فأخذه على أنه ملكه سابقاً قد أرجع إليه، أو على أنه ليس بزكاة بل هدية أو غير ذلك لم يمنع من حصول هذا الوجه. نعم لابد من صرفه له في مصالح نفسه، كما لو أكل الطعام بنفسه، ولا يكفي صرفه في مصالح غيره ممن من شأنه الصرف عليه، كواجب النفقة والضيف على الأحوط وجوباً. إلا أن يكون ذلك الغير فقيراً أيضاً ويقصد دافع الزكاة بذلها له أيضاً.
(مسألة 52): إذا كان للمالك دين على الفقير جاز احتسابه من الزكاة بلا حاجة إلى دفعها له ثم أخذها منه، سواء كان المدين حياً أم ميتاً. نعم إذا كان للميت تركة تفي بدينه لم يجز احتساب دينه من الزكاة إلا أن يتعذر وفاء دينه من التركة لامتناع الورثة من وفائه جهلاً أو عصياناً وعدم تيسر إجبارهم على الوفاء أو إقناعهم به.
(مسألة 53): إذا دفع الزكاة لشخص باعتقاد فقره فبان كون المدفوع له غنياً، فلذلك صورتان:
الاُولى: أن تكون متعينة بالعزل، من دون أن تنشغل بها ذمته، إما لعزلها من نفس النصاب أو من غيره. وحكمها أنه مع تفريط الدافع وخروجه عن مقتضى ولايته في إحراز فقره يكون ضامناً لها، ومع عدم تفريطه لا يكون ضامناً.
الثانية: أن لا تكون متعينة بالعزل، كما لو أتلف النصاب قبل دفع الزكاة فانتقلت الزكاة إلى ذمته، أو تكون متعينة بالعزل إلا أنها مضمونة عليه لتأخيره دفعها مع وجود المستحق أو لتفريطه في حفظها، والأحوط وجوباً هنا بقاء الضمان عليه مطلقاً وإن لم يفرط في إحراز فقر من دفعها إليه.
هذا كله في حق دافع الزكاة، وأما في حق آخذها فيجري عليه حكم آخذ المال بلا حق، فيضمن ولا يرجع على الدافع، إلا أن يكون مغروراً من قبله لعدم إخباره له بأن المدفوع إليه زكاة.
وهذا التفصيل يجري في جميع موارد دفع الزكاة لغير المستحق، مثل من تجب نفقته. نعم من دفع زكاته لغير المؤمن باعتقاد أنه مؤمن تجزى عنه إذا كان قد اجتهد في الفحص، ومع تقصيره لا تجزى عنه، من غير فرق في الصورتين بين تعينها بالعزل وعدمه.
الثالث ـ من المستحقين للزكاة ـ: العاملون عليها، وهم المنصوبون لأخذ الزكاة وحفظها وضبطها وإيصالها لوليها أو إلى المستحق. والذي ينصبهم لذلك هو الإمام أو نائبه الخاص. وفي ولاية الحاكم الشرعي على ذلك إشكال، بل منع.
الرابع: المؤلفة قلوبهم، وهم المسلمون الذين يضعف اعتقادهم بالمعارف الدينية فيعطون من الزكاة تأليفاً لقلوبهم ليأنسوا بالدين ويتحللوا من عقد الجاهلية وينظروا بعين بصائرهم بعيداً عنها.
الخامس: الرقاب، والمراد بذلك عتق العبيد. إما لكونهم مكاتبين عاجزين عن أداء مال الكتابة فيعطون من الزكاة ليؤدوا ما عليهم ويتحرروا، أو لكونهم عبيداً تحت الشدة، فيشترون ويعتقون. وأما لو لم يكونوا تحت الشدة فاللازم الاقتصار على ما إذا لم يجد مصرفاً للزكاة غيرهم، حتى لو كان المملوك مؤمناً على الأحوط وجوباً.
السادس: الغارمون، وهم الذين ركبتهم الديون وعجزوا عن أدائها، وإن كانوا مالكين قوت سنتهم، بشرط أن لا تكون ديونهم في معصية ولا سرف.
(مسألة 54): وفاء دين الغارم من الزكاة يكون بوجهين:
الأول: أن يعطى من الزكاة لوفاء دينه بها بعد أن يملكها.
الثاني: أن يوفّى دينه من الزكاة ابتداء من دون أن تدفع الزكاة له، بل وإن لم يعلم بها.
(مسألة 55): لو كان صاحب الزكاة هو الدائن جاز له احتساب دينه عليه زكاة، نظير ما تقدم في المسألة (52)، وأما أن يجعل شيئاً من زكاته للمدين من دون أن يقبضه المدين ثم يأخذه وفاءً عن دينه فهو لا يخلو عن إشكال، والأحوط وجوباً عدم الاجتزاء به.
(مسألة 53): لو كان الغارم ممن تجب نفقته على صاحب الزكاة جاز لصاحب الزكاة إعطاؤه من الزكاة لوفاء دينه أو وفاء دينه منها ابتداء من دون أن يدفعها إليه.
السابع: سبيل الله تعالى، وهو جميع سبل الخير الراجحة شرعاً. والأحوط وجوباً الاقتصار على الجهات العامة، كبناء المساجد والقناطر وإقامة الشعائر الدينية ونحوها. وأما الجهات الخاصة كالتزويج والحج ونحوها فالأحوط وجوباً تخصيصها بسهم الفقراء، فيعتبر في من ينتفع فيه الفقر.
الثامن: ابن السبيل، وهو المسافر الذي نفذت نفقته بحيث لا يقدر على الذهاب إلى بلده ولو ببيع بعض ما يسعه الاستغناء عنه من متاعه، بل اللازم الاقتصار على ما إذا تعذرت عليه الاستدانة والوفاء من ماله من غير حرج. ولا يشترط فيه أن يكون فقيراً في بلده. نعم يشترط أن لا يكون سفره في معصية