من يوم لآخر تتزايد دعوات مواجهة الأسلمة في ألمانيا سواء على المستوى الحكومي أو على المستوى الشعبي، خاصة بعد انتشار الإسلام بصورة ملفتة للنظر في الفترة الأخيرة بين الألمان، وزيادة أعداد المساجد في جميع المدن الألمانية، حتى أصبح رواد المساجد من المسلمين أكثر من زائري الكنائس الألمانية التي تكاد تكون خاوية، ما ولد شعور الخوف لدى الألمان على مسيحية الدولة ومن انتشار الإسلام بين الشباب الألمان وخاصة النساء.
فبالرغم من جدارات برلين الإجتماعية والثقافية والسياسية والأمنية والإستراتيجية المتعددة التي أقامها الغرب بينه وبين الإسلام منذ طرد المسلمين من الأندلس ومرورا بالحركات الإستعمارية ووصولا بالغارة الكبرى على عالمنا الإسلامي، إلا أن الإسلام إستطاع أن يصل إلى جغرافيا الغرب تماما كما تمكن الغرب سابقا وحاليا إلى الوصول إلى مواقعنا على متن البواخر الحربية والطائرات والدبابات، ولكن الفرق بين اختراق الغرب وقدومه لمواقعنا الجغرافية وذهاب الإسلام وانتشاره في مواقع الغرب الجغرافية تكمن في أن الغرب جاء إلى مواقعنا بقوة السلاح، أما الإسلام فقد اخترق الخارطة الغربية بقوته الذاتية وتعاليمه ومبادئه العظيمة وقيمة السامية وسط الشباب والفتيات والأكاديميين الغربيين حتى أصبحت ظاهرة في حد ذاتها ما زال الغربيون يبحثون في أمرها حتى اليوم ، فتفرغت مراكز الدراسات والمؤسسات الغربية لرصد هذه الظاهرة ومحاولة الوصول إلى الأسباب والدوافع وراء إقبال الآلاف من الشباب والفتيات وفئات مختلفة على الإسلام.
الأغلبية من النساء
وتعتبر ألمانيا من أكبر الدول الأوروبية التي توجد بها جالية إسلامية، حيث يقدر تعدادهم حسب بعض الاحصاءات حوالي أربعة ملايين مسلم، ووفق إحصائيات أرشيف المعهد المركزي للشؤون الإسلامية الموجود بمدينة سوست الألمانية يوجد 12400 مسلم من ذوي الأصل الألماني من مجمل حوالي 732 ألف مسلم من حاملي الجنسية الألمانية. وتقول المعطيات أن أغلب المعتنقين الألمان هم من النساء اللواتي يقررن طواعية الدخول في الإسلام سواء عن قناعة ذاتية أو نتيجة ارتباط بزوج مسلم، وأغلبهن منتظمات داخل جمعيات المساجد ويمارسن العديد من الأنشطة الدينية باللغة الألمانية، ولا غرابة في هذا الأمر، ما دامت المسلمات الألمانيات يتمتعن بمستوى تعليمي رفيع وحاصلات على العديد من الشواهد الجامعية.
وقد حاولت مجلة (دير شبيجل) الألمانية تقصي أسباب هذا الإقبال غير المسبوق على اعتناق الإسلام بين الألمان، مستعينة بدراسة أصدرها مجلس الوثائق الإسلامية في ألمانيا، ويؤكد فيها أن أحداث 11 سبتمبر عام 2001 والحملة الهوجاء التي قادتها الصحافة في الغرب ضد الإسلام، وما أعقبها من رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول -صلى الله عليه وسلم- نشرتها صحف دنمركية، ثم آراء بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر غير المنصفة حول الإسلام، لم تستطع وقف انتشار الدين الإسلامي في ألمانيا وأوروبا، بل أصبح هذا الدين أكثر قبولاً من غيره من الأديان في هذا البلد.
ونقلت المجلة عن المتحدث باسم المركز سالم عبد الله الإشارة إلى أن معظم المعتنقين الجدد للإسلام هم من المسيحيين من مختلف الأوساط الاجتماعية، ممن انتهى بهم الأمر إلى الشك في دينهم، أو من النساء الذين يتزوجون من مسلمين، ويقررون بعد ذلك اعتناق الإسلام بكامل حريتهم.
ويلفت عبد الله النظر إلى أن الجالية الإسلامية الموجودة في ألمانيا تُعدّ مصدراً لاجتذاب الكثيرين إلى الإسلام بفضل روح الإخاء التي يتمتعون بها.
زيادة مستمرة
أما الشيخ عبد الكريم البازي إمام مسجد في المركز الإسلامي بمدينة بيلفيلد الألمانية فيؤكد أن ظاهرة إنتشارة الإسلام بين الألمان في زيادة مستمرة وخاصة بين النساء ، فقد وصل إجمالي الذين اعتنقوا الإسلام عام 2006 حوالي 6000 مسلم، ويتوقع اتحاد المسلمين في ألمانيا واتحاد الأئمة أن تتزايد النسبة في إحصائية عام 2007 التي سوف تصدر في القريب العاجل، كما من المتوقع أيضا أن تتضاعف هذا النسبة في السنوات القادمة، فيوميا نفاجأ بالعديد من الألمان الذين يأتون إلى المركز الإسلامي للتعرف على الدين الإسلامي واستعارة بعض الكتب عن الإسلام.
ويؤكد الشيخ البازي أن المسلمين الجدد في ألمانيا هم خير من يمثل الإسلام ويعمل على إنتشاره بصورة كبيرة بين الألمان، فمعظم معتنقي الإسلام من الألمان يعملون في مجال الدعوة الإسلامية، وهذا من أهم أسباب انتشار الإسلام بين الألمان، فهناك على سبيل المثال أكاديمي ألماني اعتنق الإسلام منذ عدة سنوات، ومنذ ذلك الحين وهو يعمل في مجال الدعوة الإسلامية، ويلقي محاضرات ولقاءات بين شباب الجامعات الألمانية بصورة شبه يوميه ، وبعد كل مرة يلقي فيها محاضرة عن الإسلام يدخل ما بين ثلاثة أو أربعة من الألمان إلى الإسلام، وهناك غيره من المسلمين الجدد الناشطين في مجال الدعوة الإسلامية.
نماذج من المسلمات الجدد
لازالت "بيآته محمد" تذكر ذلك اليوم العظيم الذي شهد دخولها الإسلام وغير مجرى حياتها بالكامل، فقد تعرفت على شاب مسلم من أصل سوري، وتم زواجهما بالرغم من معارضة الأهل، وبعد سنة من الزواج جاء مولودها الأول، ابنها مهدي، لكن، وبسبب خطأ فني طبي أصيبت الأم الشابة بالتهاب تعفني شديد استوجب إجراء عمليات جراحية متكررة عليها، وذات مرة سألها الطبيب الذي كان يباشر علاجها "هل تؤمنين بالله ؟"، ولما أجابت بالنفي أضاف: "بل كان ينبغي عليك"، ذلك أنها كانت مصابة بتقيح في الصِفاق لم تنج منه إلا بأعجوبة.
وبعد عودتها إلى البيت قدمت لزيارتها مجموعة من النساء التركيات يسكنّ في نفس
العمارة وفي أيديهن باقات زهور وبنطلونات أطفال وحلويات، وتقول بيآتة متذكرة: "كنت أسأل نفسي آنذاك: من أين لهن بكل هذا الدفء الإنساني وهذا التضامن النسائي؟".
ولم يكن من العسير عليها أن تضع نفسها في موضع تلك النساء وأن تحس بما يشعرن به وتقول: "أنا أيضا أشعر بنفسي أجنبية في بلدي." بعدها أخذتها جارتها إلى المسجد، ومن ذلك الحين شرعت تهتم بجدية بالإسلام، وكانت تقرأ كل ما يقع بين يديها حول هذا الموضوع، وخلال السنة نفسها أعلنت إسلامها في إحدى مساجد برلين، وأصبحت مسلمة.
أما "إليزابيث مسوي" فتقول أنها تعرفت واعتنقت الإسلام منذ 15 عاما، بعد ظروف نفسية شخصية عصفت بها وعمرها لا يتجاوز عشرين عاما، وهذه المرحلة المتوترة دفعت إليزابيث إلى البحث والتأمل في الطبيعة، وأمام منظر غروب الشمس أحست إليزابيث يوما بشعور الحب وتعرفت على أن الله قريب منها، وكانت لها الرغبة في السقوط على الأرض وممارسة الشعائر الدينية كما يقوم بها المسلمون، وكل ما درسته إليزابيث من قبل عن الإسلام تجسد أمامها في تلك اللحظة.
وعن رؤيتها للإسلام وعلاقة الدين بالسياسة، قالت إليزابيث: "أنها لم تكن حقيقة كائنا سياسيا، وإنها ترى أن الشخص المتدين يوجه قناعته السياسية، فالقواعد الموجودة في القرآن في رأيهاتسهل الحياة الشخصية، إنها مفتوحة وقابلة للتأويل. فالأشياء الدينية التي تتجاوز الوعي الأخلاقي الشخصي، يجب ألا تجد مكانها في المجال السياسي. الواقع يكشف لنا كيف يمكن استغلال الدين لممارسة السلطة. مع الأسف تعطى أهمية للقواعد أكثر من الإنسان، وهذا موجود في الممارسة السياسية التي يحركها الدين. فالعلماء هم بشر وليسوا مستقلين عن العمل السياسي، سابقا كانت دائما هناك وضعيات وقواعد دينية يتم تأويلها لفائدة الحاكم".
وبسؤالها عن كيفية دخولها إلى الإسلام، تقول سيتلانا 24 سنة: "منذ أن كان عمري 13 عاماً، كان هناك تساؤل يتبادر إلى ذهني من حين إلى آخر: ما هو الإسلام؟ ومن هو محمد؟ ولماذا نكره نحن المسيحيين الإسلام والنبي محمداً؟
وكنت دائماً أريد أن أعرف الكثير عن الإسلام، ولكن لمن أوجه أسئلتي؟!، فلم أجد في البداية غير والدي، إلا أنني عندما سألتهما عن الإسلام، لم أجد عندهما الإجابة عن سؤالي، بل كانت لهجتهما ورد فعلهما عنيفاً وقاسياً، وطالباني بالتوقف عن طرح مثل هذه التساؤلات وإلا سيكون العقاب شديداً، ولكن كان هناك شيء بداخلي يدفعني لمعرفة ماهية هذا الدين، بالإضافة إلى أنني لا أعرف أي شيء أيضاً عن الله وعن المسيح، فكنت لا أصدق أن الله هو المسيح كما تقول ديانتي المسيحية
وعندما جئت إلى ألمانيا مع أسرتي الروسية أصبح لي زملاء وأصدقاء مسلمون من جنسيات مختلفة سواء أتراك أو باكستانيون أو غيرهم من الجنسيات المختلفة، وجدت في تعاملهم ومعرفتهم دفئاً وحنيناً لم أجده عند الألمان، فأردت أن أتعرف أكثر على هذا الدين وعن الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم"، وقضيت سنوات أبحث ولا أعرف كيف تكون البداية في البحث، وذهبت إلى البابا في الكنيسة وسألته عن الإسلام فلم أجد في ردوده وإجاباته غير كرهه للإسلام والمسلمين، وأنه دين عنف وإرهاب، فدفعني هذا إلى البحث بنفسي؛ إلا أنني لم أعرف الطريق الصحيح وقضيت سنوات عديدة.. أريد أن أعرف، ولكن لا أعرف كيف؟!!
وشاءت الأقدار أن أتعرف على شاب تركي مسلم، وأن تنشأ قصة حب بيننا، كما تعرفت على أسرته الذين رحبوا بي وأحبوني كثيراً، وأحاطوني بعطف ورعاية، واعتبروني فرداً من الأسرة، وكنت دائماً أطرح أسئلة عديدة على هذا الشاب، عن الإسلام وعن الرسول وعن الله، ولكني لم أجد أي إجابة عنده، لأنه نفسه لا يعرف شيئاً عن الإسلام غير أنه ولد مسلماً فقط..
ولكني لم أتوقف، فكنت أسأل أمه كثيراً، ووجدت عندها إجابات عديدة، وكانت سعيدة بي جداً لمجرد طرح مثل هذه التساؤلات، فحدثتني كثيراً عن الإسلام وعن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فأسعدني هذا كثيراً ولكنه لم يروِ ظمئي...
وأردت معرفة المزيد، فسألتهم عن كتاب للقرآن فأعطوني نسخة من القرآن مترجمة من العربية إلى التركية، وبالطبع لا أعرف شيئاً عن أي من اللغتين، فبدأت أبحث بنفسي وأقرأ كثيراً عن الإسلام والمسلمين من خلال الإنترنت، مما دفعني لمعرفة المزيد وقراءه القرآن الكريم، فقررت الذهاب إلى المركز الإسلامي ببيلفلد...
فوجدت اهتماماً كبيراً منهم لم أتوقعه، فأعطوني نسخة للقرآن مترجمة إلى اللغة الألمانية، بالإضافة إلى مجموعة كتب أخرى عن الإسلام، فبدأت أقرأ بلهفة وشغف وترقب كل ما تقع عليه عيناي عن الإسلام، وكنت في ذلك الوقت دائمة التردد على المركز الإسلامي، وأخيراً وبعد سنوات عديدة في البحث عن أسئلتي حول الله والإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد شهرين من التردد بصفة شبه يومية على المركز الإسلامي، قررت الدخول في الإسلام ونطق الشهادة عن قناعة وحب ويقين...
وعن الأسباب التي تدفع الألمان إلى إعتناق الإسلام، تؤكد مونيكا فريتاج المتخصصة في السوسيولوجيا الثقافية، أن أسباب اعتناق الألمان للإسلام كثيرة ومتنوعة تلخصها في الزواج من مسلم بشكل أساسي، وهناك عوامل عديدة أخرى على حد قول هذه الباحثة، تتجسد الدوافع في رغبة الألمان في تغيير نمط حياتهم من خلال بناء نظام أخلاقي جديد، هذا إضافة إلى الهجرة الرمزية التي يمارسها العديد منهم بحثا عن انتماء مغاير يجدونه في الإسلام بعيدا عن الوطن والعرق الألماني، كما أن هناك العديد من الألمان دخلوا الإسلام متخذين المسلمين المقيمين بألمانيا كنموذج للإقتداء، وهناك فئة أخرى من الألمان قررت السفر والعيش في البلدان الإسلامية مما سمح لها باكتشاف الدين الإسلامي من ناحية وساعدها على تبني ثقافة هذه البلدان من ناحية أخرى.
صلاح الصيفي
مـــ ماجده ـلآك الروح
فبالرغم من جدارات برلين الإجتماعية والثقافية والسياسية والأمنية والإستراتيجية المتعددة التي أقامها الغرب بينه وبين الإسلام منذ طرد المسلمين من الأندلس ومرورا بالحركات الإستعمارية ووصولا بالغارة الكبرى على عالمنا الإسلامي، إلا أن الإسلام إستطاع أن يصل إلى جغرافيا الغرب تماما كما تمكن الغرب سابقا وحاليا إلى الوصول إلى مواقعنا على متن البواخر الحربية والطائرات والدبابات، ولكن الفرق بين اختراق الغرب وقدومه لمواقعنا الجغرافية وذهاب الإسلام وانتشاره في مواقع الغرب الجغرافية تكمن في أن الغرب جاء إلى مواقعنا بقوة السلاح، أما الإسلام فقد اخترق الخارطة الغربية بقوته الذاتية وتعاليمه ومبادئه العظيمة وقيمة السامية وسط الشباب والفتيات والأكاديميين الغربيين حتى أصبحت ظاهرة في حد ذاتها ما زال الغربيون يبحثون في أمرها حتى اليوم ، فتفرغت مراكز الدراسات والمؤسسات الغربية لرصد هذه الظاهرة ومحاولة الوصول إلى الأسباب والدوافع وراء إقبال الآلاف من الشباب والفتيات وفئات مختلفة على الإسلام.
الأغلبية من النساء
وتعتبر ألمانيا من أكبر الدول الأوروبية التي توجد بها جالية إسلامية، حيث يقدر تعدادهم حسب بعض الاحصاءات حوالي أربعة ملايين مسلم، ووفق إحصائيات أرشيف المعهد المركزي للشؤون الإسلامية الموجود بمدينة سوست الألمانية يوجد 12400 مسلم من ذوي الأصل الألماني من مجمل حوالي 732 ألف مسلم من حاملي الجنسية الألمانية. وتقول المعطيات أن أغلب المعتنقين الألمان هم من النساء اللواتي يقررن طواعية الدخول في الإسلام سواء عن قناعة ذاتية أو نتيجة ارتباط بزوج مسلم، وأغلبهن منتظمات داخل جمعيات المساجد ويمارسن العديد من الأنشطة الدينية باللغة الألمانية، ولا غرابة في هذا الأمر، ما دامت المسلمات الألمانيات يتمتعن بمستوى تعليمي رفيع وحاصلات على العديد من الشواهد الجامعية.
وقد حاولت مجلة (دير شبيجل) الألمانية تقصي أسباب هذا الإقبال غير المسبوق على اعتناق الإسلام بين الألمان، مستعينة بدراسة أصدرها مجلس الوثائق الإسلامية في ألمانيا، ويؤكد فيها أن أحداث 11 سبتمبر عام 2001 والحملة الهوجاء التي قادتها الصحافة في الغرب ضد الإسلام، وما أعقبها من رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول -صلى الله عليه وسلم- نشرتها صحف دنمركية، ثم آراء بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر غير المنصفة حول الإسلام، لم تستطع وقف انتشار الدين الإسلامي في ألمانيا وأوروبا، بل أصبح هذا الدين أكثر قبولاً من غيره من الأديان في هذا البلد.
ونقلت المجلة عن المتحدث باسم المركز سالم عبد الله الإشارة إلى أن معظم المعتنقين الجدد للإسلام هم من المسيحيين من مختلف الأوساط الاجتماعية، ممن انتهى بهم الأمر إلى الشك في دينهم، أو من النساء الذين يتزوجون من مسلمين، ويقررون بعد ذلك اعتناق الإسلام بكامل حريتهم.
ويلفت عبد الله النظر إلى أن الجالية الإسلامية الموجودة في ألمانيا تُعدّ مصدراً لاجتذاب الكثيرين إلى الإسلام بفضل روح الإخاء التي يتمتعون بها.
زيادة مستمرة
أما الشيخ عبد الكريم البازي إمام مسجد في المركز الإسلامي بمدينة بيلفيلد الألمانية فيؤكد أن ظاهرة إنتشارة الإسلام بين الألمان في زيادة مستمرة وخاصة بين النساء ، فقد وصل إجمالي الذين اعتنقوا الإسلام عام 2006 حوالي 6000 مسلم، ويتوقع اتحاد المسلمين في ألمانيا واتحاد الأئمة أن تتزايد النسبة في إحصائية عام 2007 التي سوف تصدر في القريب العاجل، كما من المتوقع أيضا أن تتضاعف هذا النسبة في السنوات القادمة، فيوميا نفاجأ بالعديد من الألمان الذين يأتون إلى المركز الإسلامي للتعرف على الدين الإسلامي واستعارة بعض الكتب عن الإسلام.
ويؤكد الشيخ البازي أن المسلمين الجدد في ألمانيا هم خير من يمثل الإسلام ويعمل على إنتشاره بصورة كبيرة بين الألمان، فمعظم معتنقي الإسلام من الألمان يعملون في مجال الدعوة الإسلامية، وهذا من أهم أسباب انتشار الإسلام بين الألمان، فهناك على سبيل المثال أكاديمي ألماني اعتنق الإسلام منذ عدة سنوات، ومنذ ذلك الحين وهو يعمل في مجال الدعوة الإسلامية، ويلقي محاضرات ولقاءات بين شباب الجامعات الألمانية بصورة شبه يوميه ، وبعد كل مرة يلقي فيها محاضرة عن الإسلام يدخل ما بين ثلاثة أو أربعة من الألمان إلى الإسلام، وهناك غيره من المسلمين الجدد الناشطين في مجال الدعوة الإسلامية.
نماذج من المسلمات الجدد
لازالت "بيآته محمد" تذكر ذلك اليوم العظيم الذي شهد دخولها الإسلام وغير مجرى حياتها بالكامل، فقد تعرفت على شاب مسلم من أصل سوري، وتم زواجهما بالرغم من معارضة الأهل، وبعد سنة من الزواج جاء مولودها الأول، ابنها مهدي، لكن، وبسبب خطأ فني طبي أصيبت الأم الشابة بالتهاب تعفني شديد استوجب إجراء عمليات جراحية متكررة عليها، وذات مرة سألها الطبيب الذي كان يباشر علاجها "هل تؤمنين بالله ؟"، ولما أجابت بالنفي أضاف: "بل كان ينبغي عليك"، ذلك أنها كانت مصابة بتقيح في الصِفاق لم تنج منه إلا بأعجوبة.
وبعد عودتها إلى البيت قدمت لزيارتها مجموعة من النساء التركيات يسكنّ في نفس
العمارة وفي أيديهن باقات زهور وبنطلونات أطفال وحلويات، وتقول بيآتة متذكرة: "كنت أسأل نفسي آنذاك: من أين لهن بكل هذا الدفء الإنساني وهذا التضامن النسائي؟".
ولم يكن من العسير عليها أن تضع نفسها في موضع تلك النساء وأن تحس بما يشعرن به وتقول: "أنا أيضا أشعر بنفسي أجنبية في بلدي." بعدها أخذتها جارتها إلى المسجد، ومن ذلك الحين شرعت تهتم بجدية بالإسلام، وكانت تقرأ كل ما يقع بين يديها حول هذا الموضوع، وخلال السنة نفسها أعلنت إسلامها في إحدى مساجد برلين، وأصبحت مسلمة.
أما "إليزابيث مسوي" فتقول أنها تعرفت واعتنقت الإسلام منذ 15 عاما، بعد ظروف نفسية شخصية عصفت بها وعمرها لا يتجاوز عشرين عاما، وهذه المرحلة المتوترة دفعت إليزابيث إلى البحث والتأمل في الطبيعة، وأمام منظر غروب الشمس أحست إليزابيث يوما بشعور الحب وتعرفت على أن الله قريب منها، وكانت لها الرغبة في السقوط على الأرض وممارسة الشعائر الدينية كما يقوم بها المسلمون، وكل ما درسته إليزابيث من قبل عن الإسلام تجسد أمامها في تلك اللحظة.
وعن رؤيتها للإسلام وعلاقة الدين بالسياسة، قالت إليزابيث: "أنها لم تكن حقيقة كائنا سياسيا، وإنها ترى أن الشخص المتدين يوجه قناعته السياسية، فالقواعد الموجودة في القرآن في رأيهاتسهل الحياة الشخصية، إنها مفتوحة وقابلة للتأويل. فالأشياء الدينية التي تتجاوز الوعي الأخلاقي الشخصي، يجب ألا تجد مكانها في المجال السياسي. الواقع يكشف لنا كيف يمكن استغلال الدين لممارسة السلطة. مع الأسف تعطى أهمية للقواعد أكثر من الإنسان، وهذا موجود في الممارسة السياسية التي يحركها الدين. فالعلماء هم بشر وليسوا مستقلين عن العمل السياسي، سابقا كانت دائما هناك وضعيات وقواعد دينية يتم تأويلها لفائدة الحاكم".
وبسؤالها عن كيفية دخولها إلى الإسلام، تقول سيتلانا 24 سنة: "منذ أن كان عمري 13 عاماً، كان هناك تساؤل يتبادر إلى ذهني من حين إلى آخر: ما هو الإسلام؟ ومن هو محمد؟ ولماذا نكره نحن المسيحيين الإسلام والنبي محمداً؟
وكنت دائماً أريد أن أعرف الكثير عن الإسلام، ولكن لمن أوجه أسئلتي؟!، فلم أجد في البداية غير والدي، إلا أنني عندما سألتهما عن الإسلام، لم أجد عندهما الإجابة عن سؤالي، بل كانت لهجتهما ورد فعلهما عنيفاً وقاسياً، وطالباني بالتوقف عن طرح مثل هذه التساؤلات وإلا سيكون العقاب شديداً، ولكن كان هناك شيء بداخلي يدفعني لمعرفة ماهية هذا الدين، بالإضافة إلى أنني لا أعرف أي شيء أيضاً عن الله وعن المسيح، فكنت لا أصدق أن الله هو المسيح كما تقول ديانتي المسيحية
وعندما جئت إلى ألمانيا مع أسرتي الروسية أصبح لي زملاء وأصدقاء مسلمون من جنسيات مختلفة سواء أتراك أو باكستانيون أو غيرهم من الجنسيات المختلفة، وجدت في تعاملهم ومعرفتهم دفئاً وحنيناً لم أجده عند الألمان، فأردت أن أتعرف أكثر على هذا الدين وعن الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم"، وقضيت سنوات أبحث ولا أعرف كيف تكون البداية في البحث، وذهبت إلى البابا في الكنيسة وسألته عن الإسلام فلم أجد في ردوده وإجاباته غير كرهه للإسلام والمسلمين، وأنه دين عنف وإرهاب، فدفعني هذا إلى البحث بنفسي؛ إلا أنني لم أعرف الطريق الصحيح وقضيت سنوات عديدة.. أريد أن أعرف، ولكن لا أعرف كيف؟!!
وشاءت الأقدار أن أتعرف على شاب تركي مسلم، وأن تنشأ قصة حب بيننا، كما تعرفت على أسرته الذين رحبوا بي وأحبوني كثيراً، وأحاطوني بعطف ورعاية، واعتبروني فرداً من الأسرة، وكنت دائماً أطرح أسئلة عديدة على هذا الشاب، عن الإسلام وعن الرسول وعن الله، ولكني لم أجد أي إجابة عنده، لأنه نفسه لا يعرف شيئاً عن الإسلام غير أنه ولد مسلماً فقط..
ولكني لم أتوقف، فكنت أسأل أمه كثيراً، ووجدت عندها إجابات عديدة، وكانت سعيدة بي جداً لمجرد طرح مثل هذه التساؤلات، فحدثتني كثيراً عن الإسلام وعن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فأسعدني هذا كثيراً ولكنه لم يروِ ظمئي...
وأردت معرفة المزيد، فسألتهم عن كتاب للقرآن فأعطوني نسخة من القرآن مترجمة من العربية إلى التركية، وبالطبع لا أعرف شيئاً عن أي من اللغتين، فبدأت أبحث بنفسي وأقرأ كثيراً عن الإسلام والمسلمين من خلال الإنترنت، مما دفعني لمعرفة المزيد وقراءه القرآن الكريم، فقررت الذهاب إلى المركز الإسلامي ببيلفلد...
فوجدت اهتماماً كبيراً منهم لم أتوقعه، فأعطوني نسخة للقرآن مترجمة إلى اللغة الألمانية، بالإضافة إلى مجموعة كتب أخرى عن الإسلام، فبدأت أقرأ بلهفة وشغف وترقب كل ما تقع عليه عيناي عن الإسلام، وكنت في ذلك الوقت دائمة التردد على المركز الإسلامي، وأخيراً وبعد سنوات عديدة في البحث عن أسئلتي حول الله والإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد شهرين من التردد بصفة شبه يومية على المركز الإسلامي، قررت الدخول في الإسلام ونطق الشهادة عن قناعة وحب ويقين...
وعن الأسباب التي تدفع الألمان إلى إعتناق الإسلام، تؤكد مونيكا فريتاج المتخصصة في السوسيولوجيا الثقافية، أن أسباب اعتناق الألمان للإسلام كثيرة ومتنوعة تلخصها في الزواج من مسلم بشكل أساسي، وهناك عوامل عديدة أخرى على حد قول هذه الباحثة، تتجسد الدوافع في رغبة الألمان في تغيير نمط حياتهم من خلال بناء نظام أخلاقي جديد، هذا إضافة إلى الهجرة الرمزية التي يمارسها العديد منهم بحثا عن انتماء مغاير يجدونه في الإسلام بعيدا عن الوطن والعرق الألماني، كما أن هناك العديد من الألمان دخلوا الإسلام متخذين المسلمين المقيمين بألمانيا كنموذج للإقتداء، وهناك فئة أخرى من الألمان قررت السفر والعيش في البلدان الإسلامية مما سمح لها باكتشاف الدين الإسلامي من ناحية وساعدها على تبني ثقافة هذه البلدان من ناحية أخرى.
صلاح الصيفي
مـــ ماجده ـلآك الروح