شيخ الأزهر سيد طنطاوى فجع الأمة الاسلامية بفتاوى ومواقف لا تحصى وقد اختلف مع الجميع وخالف الجميع إلا الحكومة المصرية وكيف يخالفها والرجل اعترف بكل صدق في حديث لمجلة المصور أنه موظف رسمي في الحكومة!!!
لذلك ليس غريباً أن يصرح شيخ الأزهر من قبل أن الأزهر لن يتدخل في قضية الرسوم المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن قبل أعطى موافقة للفرنسيين بخلعهم حجاب المسلمات في فرنسا، والكثير الكثير من فتاويه ومواقفه، ومن هنا ليس مفاجأة أن يصافح السفاح بيريز بل ويعلن أن مكتبه مفتوح للسفاحين وغيرهم لأن هذا هو موقف الحكومة المصرية!!
ولكن ما كان ينبغي أبداً أن يكون هذا موقف الأزهر قلعة الإسلام التي سجلت للتاريخ أروع صفحات المجد في الدفاع عن الإسلام وأهله والآن معاول كل الأعداء تتسابق إلى هدم قلعة الأزهر وسكانها وعلماؤنا غافلون أو منشغلون بدنياهم...
لايعقل ولايقبل أبدًا أن يقتل المسلمون في فلسطين، ويحاصروا في غزة ويشردوا وتهدم بيوتهم بل تحرق بيوتهم وعلماء الإسلام في الأزهر كأنهم نائمون غافلون...
كيف وقد كنتم جدار الأمة وقلعتها التي تحتمي بها عند الشدائد؟!، كيف والتاريخ سطر لأجدادكم من الرعيل الأول صفحات المجد؟!
وقديما عندما قام نابليون بحملته الاستعمارية لاحتلال مصر فطن الخبيث إلى قيمة الأزهر فاتجه بعسكره وخيله نحو الأزهر فوجد علماء الأزهر في قمة اليقظة والثبات فقد قاوم وجاهد رجال وشيوخ الأزهر حملة نابليون بونابرت الفرنسية واستمروا في الجهاد وتقديم التضحيات حتى خرجت خيل الفرنساوية وطرد جنودها شر طردة ـ بفضل الله ـ ثم قيادة الأزهر للأمة.
لقد أراد بونابرت بتدنيس خيوله لصحن الأزهر أن يرسل رسالة واضحة لكل أعداء الإسلام في كل وقت وزمان، أن احتلال مصر من هنا وتضييع هويتها من هنا وتغريبها من هنا!!
ومن وقتها فطن أعداء الإسلام من كل لون أن من يريد السيطرة والاستبداد بشعب مصر وهويته الإسلامية فليتجه صوب الأزهر؛ ولهذا عمل المحتلون ومن خلفهم السلاطين والحكام على تقييد الأزهر، وجعله مقطورة يجرها كل سلطان خلفه، تهلل للاستبداد وتصفق للفساد، وتصدر له الفتاوى الجاهزة حتى سخر الشعب المصري على طريقته من ذلك، وأطلق أحدهم (نكتة) أن أحد السلاطين قديماً ذهب للصيد مع أصدقائه وكان معهم شيخ من شيوخ الأزهر الموالين للسلطان؛ فصوب أصدقاء السلطان سهامهم وأصاب كل منهم طائرًا، وعندما صوب السلطان سهمه لم يصب الطائر، فنظر للشيخ الذي انبرى قائلا ـ سبحان الله ـ تطير وهي مقتولة؟!
واجتهد كل حاكم لمصر في تعيين شيخًا للأزهر تتوافر فيه كافة المواصفات المطلوبة للتعيين في قيادة هذه القلعة المقيدة بسلاسل السلطان كي يتعاون مع الحاكم في إحكام القيود، والتلبيس على الأمة كي تسبح بحمد الحاكم، حتى لو علق خيارها على أعواد المشانق!!.
وفى أيامنا هذه ساد القهر والفقر والفساد، وانشغل الكثير من علماء الأزهر بالترقيات والإعارات والفضائيات وبعضهم يجتهد فى الفتاوى جاهزة التفصيل، وتراجع بشدة دور الأزهر في الدعوة والإصلاح وقيادة الأمة، وتركوا مهمتهم في بيان الحق وفضح الباطل، والحق تبارك وتعالى يقول: {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [سورة آل عمران:187].
والأزهر الشريف لم يعد القلعة الشامخة التي يحتمي بها المسلمون وتدافع عنهم، فمن علا صوته بالحق من القلة الصابرة من علماء الأزهر يُحارب من كل جهة، والبعض من علمائه سكت قهرًا وضعفًا والبعض سافر هجرة، ولم يبق على السطح إلا فريق يتفنن بكل وسيلة وكل طريقة في نفاق السلطان؛ كي ينال حظاً من الدنيا الزائلة، وفريق اغتربوا فعادوا بأفكار الغرب؛ لتطبيقها على المسلمين باسم الأزهر زورًا.
والأزهر الذي وقف أمام دعوة تخريب المرأة لقاسم أمين يقف الآن مسلوب الإرادة تماماً عندما تصدر وزارة الأوقاف والدعوة كتاباً تحارب فضيلة النقاب، في الوقت الذي لم تصدر فيه وزارة الدعوة وريقة حتى تحارب الفساد والعري، وفنانين الدعارة العلانية في الفضائيات والتحرش الجنسي!!
وتواصلاً مع مسلسل السقوط نجد أن حملات فك الحصار عن غزة تنطلق من مجلس الدولة أو نقابة الصحفيين أماكن كثيرة ليس منها الأزهر، كيف والأزهر يجب أن يكون في المقدمة والكل ورائه
من هنا أقول لعلماء الأزهر ما قاله الشاعر:
يا معشر القراء يا ملح البلد *** من يصلح الملح إذا الملح فسد
ويبقى نداء يا فضيلة شيخ الأزهر، الله يمنعك من الحكومة والحكومة لا تمنعك من الله، وعمرك الآن ثمانون عام وقد خدمت الحكومة المصرية 22 عام 10 سنوات مفتي و12 عام شيخاً للأزهر فهل حان الوقت لترك المنصب والرحيل والتدبر في حسن الخاتمة والاستغفار قبل فوات الآوان؟؟!
يا شيوخ وعلماء ودعاة الأزهر حتى متى تتركون كل ناعق يتصدر لقضية الأقصى وأنتم غافلون؟!
ياشيوخ وعلماء الأزهر متى تركبون خيول الحق وتطردون كل البغاة الذين اعتدوا على الدين والحرمات وتنصرون المسلمين في كل مكان وترفعون راية التوحيد خالصة لله؟!
وأخيراً هل يظل اسم الشيخ الأزهري المجاهد عمر مكرم رمزًا لسرادق العزاء... أم يصبح رمزًا حياً للفداء ومقارعة الأعداء؟
ممدوح إسماعيل محام وكاتب
مـــ ماجده ـلآك الروح