العاصم من الضلال
د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان
ضلال الخلق على كثرة صوره وأنواعه، وتعدد مظاهره وأشكاله، سواء كان في الأفكار والتصورات، أو الأخلاق والسلوكيات، أو الأعمال والممارسات، يعود في حقيقته إلى سببين رئيسين:
الأول: الجهل أو العمى. والثاني: الظلم أو الهوى.
قال الله عز وجل: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال
فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا) [الأحزاب: 72]
فبين أن الأصل في الإنسان هو الظلم والجهل، إلا من زكاه الله بالعدل الذي يمنعه من الظلم، والعلم النافع الذي يرفع عنه الجهل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والجهل والظلم هما أصل كل شر، كما قال سبحانه:
(وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً)"1
ويدل على ذلك أيضاً: أن الله تعالى أمرنا بقراءة أم القرآن في
كل ركعة من ركعات الصلاة، سواء كانت مفروضة أو مستحبة، ومن بين آياتها قوله سبحانه:
(اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)[الفاتحة: 6ـ7]
فأرشدنا إلى سؤاله الهداية إلى الصراط المستقيم،
وذلك يتضمن معرفة الحق والتوفيق للعمل به، وهما ينافيان
الجهل والهوى. ثم بين أن هذا هو طريق الذين أنعم عليهم من
النبيين وأتباعهم بإحسان، حيث دلهم على الحق، وأعانهم
على امتثاله والعمل به، بخلاف المغضوب عليهم والضالين،
الذين تنكبوا الصراط المستقيم، فوقعوا في الشرك
والضلالات، والبدع والخرافات، وارتكبوا الكبائر والمنكرات،
إما اتباعاً للهوى مع علمهم بالحق، وهؤلاء هم المغضوب
عليهم، كاليهود، الذين أضلهم الله على علم، فتركوا الحق مع علمهم به.
وإما جهلاً منهم بالحق، فعبدوا الله على جهل، وهؤلاء هم الضالون، كالنصارى،
الذين يتقربون إليه بالشركيات، ويتعبدون له بالبدع والضلالات.
وإذا كان المسلم مأموراً بأن يتفهم هذه المعاني العظيمة،
ويدعو بهذا الدعاء الجامع في كل ركعة من ركعات الصلاة،
فإن هذا دليل على خطورة الجهل واتباع الهوى،
ووجوب مجاهدة النفس على طلب العلم والهدى، واتباع الحق
والاستقامة عليه، وأن الجهل والهوى هما سبب ضلال الخلق،
وبعدهم عن الهدى ودين الحق.
ولو تأملت في أحوال العاصين المفرطين، والمبتدعة الضالين، والغلاة الجافين،
لوجدتهم إنما أتوا من قبل هذين الأمرين أو أحدهما
م
مـــ ماجده ـلآك الروح