المسارعة إلى تصحيح الخطأ وعدم إهماله :
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبادر إلى ذلك لاسيما وأنه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة وأنه مكلف بان يبين للناس الحق ويدلهم على الخير ويحذرهم من الشر ومسارعته صلى الله عليه وسلم إلى تصحيح أخطاء الناس واضحة في مناسبات كثيرة كقصة المسيء صلاته وقصة المخزومية وابن اللتبية وقصة أسامه والثلاثة الذين أرادوا التشديد والتبتل وغيرها وستأتي هذه القصص في ثنايا هذا البحث إن شاء الله . وعدم المبادرة إلى تصحيح الأخطاء قد يفوت المصلحة ويضيع الفائدة وربما تذهب الفرصة وتضيع المناسبة ويبرد الحدث ويضعف التأثير
.(2) معالجة الخطأ ببيان الحكم :
عن جرهد ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو كاشف عن فخذه فقال النبي صلى الله عليه وسلم غط فخذك فإنها من العورة
(3) تصحيح التصور الذي حصل الخطأ نتيجة لاختلاله :
ففي صحيح البخاري عن حميد بن أبي حميد الطويل أنه سمع أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ يقول جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها (أي رأي كل منهم أنها قليلة ) فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ماتقدم من ذنبه وماتأخر( أي أنهم ظنوا بأن من لم يعلم مغفرة ذنوبه يحتاج إلى المبالغة في العبادة أكثر من النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن تحصل له المغفرة ) قال احدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبداً . وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر . وقال آخر :أنااعتزل النساء فلا أتزوج أبداً . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال : أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج .
ورواه مسلم :عن أنس أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلي الله عليه وسلم عن عملة في السر فقال بعضهم لا أتزوج النساء . وقال بعضهم لا آكل اللحم . وقال بعضهم لا أنام على فراش . فحمد الله وأثني عليه فقال : ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني.
و نلاحظ هنا مايلي:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم فوعظهم في أنفسهم بينه وبينهم ولما أراد أن يعلم الناس عموماً أبهمهم ولم يفضحهم وإنما قال : ما بال أقوام .. وهذا رفقا بهم وستراً عليهم مع تحصيل المصلحة في الإخبار العام .
- في الحديث تتبع أحوال الأكابر للتأسي بأفعالهم والسير على منوالهم وأن التنقيب عن ذلك من كمال العقل والسعي في تربية النفس.
- وفيه أن الأمور المفيدة والمشروعة إذا تعذرت معرفتها من جهة الرجال جاز استكشافها من جهة النساء..
- وأن لا بأس بحديث المرء عن عملة إذا أمن الرياء وكان في الإخبار منفعة للآخرين .
- وفية أن الأخذ بالتشديد في العبادة يؤدي إلى إملال النفس القاطع لها عن أصل العبادة وخير الأمور أو ساطها .
- أن الأخطاء كثيراً وواضح من الحديث أن السبب الذي دفع أولئك الصحابة إلى تلك الصور من التبتل والرهبانية والتشديد هو ظنهم أن لابد من الزيادة على عبادة النبي صلى الله عليه وسلم رجاء النجاة حيث أنه اخبر من ربه بالمغفرة بخلافهم فصحح لهم النبي صلى الله عليه وسلم تصورهم المجانب للصواب وأخبرهم بأنه مع كونه مغفوراً له فإنه اخشي الناس وأتقاهم لله وأمرهم بأن يلزموا سنته وطريته في العبادة.
وقريب من هذا ما حصل لأحد الصحابة وهو كهمس الهلالي ـ رضي الله عنه ـ الذي روي قصته فقال : (( أسلمت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بإسلامي فمكثت حولاً وقد ضمرت ونحل جسمي ثم أتيته فخفض في البصر ثم رفعه . قلت : أما تعرفني ؟ قال : ومن أنت ؟ قلت : أنا كهمس الهلالي ، قال: فما بلغ بك ما أرى ؟ قلت : ما أفطرت بعدك نهاراً ولا نمت ليلاً ، فقال : ومن أمرك أن تعذب نفسك ؟ شهر الصبر ومن يومين ، قلت : زدني أجد قوة : صم شهر الصبر ومن كل شهر ثلاثة أيام ))
ومن الخلل في التصورات ما يكون متعلقاً بموازين تقويم الأشخاص والنظرة إليهم وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على تصحيح ذلك وبيانه ففي صحيح البخاري عن سهل بن سعد الساعدى أنه قال : مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده جالس ما رأيك في هذا فقال : رجل من أشراف الناس هذا والله حري إن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مر رجل آخر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيك في هذا . فقال : يا رسول الله هذا رجل من فقراء المسلمين هذا حري إن خطب أن لا ينكح ، وإن شفع أن لا يشفع وإن قال أن لا يسمع لقوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خير من ملء الأرض مثل هذا.
وفي رواية ابن ماجه : مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال النبي صلي الله عليه وسلم : ما تقولون في هذا الرجل ؟ قالوا : رأيك في هذا نقول هذا من أشرف الناس ، هذا حري إن خطب أن يخطب وإن شفع أن يسمع لقوله . فسكت النبي صلى الله عليه وسلم . ومر رجل آخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما تقولون في هذا الرجل ؟ قالوا : نقول والله يا رسول الله هذا من فقراء المسلمين هذا حري إن خطب لم ينكح وإن شفع لا يشفع وإن قال لا يسمع لقوله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهذا خير من ملء الأرض مثل هذا.
م
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبادر إلى ذلك لاسيما وأنه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة وأنه مكلف بان يبين للناس الحق ويدلهم على الخير ويحذرهم من الشر ومسارعته صلى الله عليه وسلم إلى تصحيح أخطاء الناس واضحة في مناسبات كثيرة كقصة المسيء صلاته وقصة المخزومية وابن اللتبية وقصة أسامه والثلاثة الذين أرادوا التشديد والتبتل وغيرها وستأتي هذه القصص في ثنايا هذا البحث إن شاء الله . وعدم المبادرة إلى تصحيح الأخطاء قد يفوت المصلحة ويضيع الفائدة وربما تذهب الفرصة وتضيع المناسبة ويبرد الحدث ويضعف التأثير
.(2) معالجة الخطأ ببيان الحكم :
عن جرهد ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو كاشف عن فخذه فقال النبي صلى الله عليه وسلم غط فخذك فإنها من العورة
(3) تصحيح التصور الذي حصل الخطأ نتيجة لاختلاله :
ففي صحيح البخاري عن حميد بن أبي حميد الطويل أنه سمع أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ يقول جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها (أي رأي كل منهم أنها قليلة ) فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ماتقدم من ذنبه وماتأخر( أي أنهم ظنوا بأن من لم يعلم مغفرة ذنوبه يحتاج إلى المبالغة في العبادة أكثر من النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن تحصل له المغفرة ) قال احدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبداً . وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر . وقال آخر :أنااعتزل النساء فلا أتزوج أبداً . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال : أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج .
ورواه مسلم :عن أنس أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلي الله عليه وسلم عن عملة في السر فقال بعضهم لا أتزوج النساء . وقال بعضهم لا آكل اللحم . وقال بعضهم لا أنام على فراش . فحمد الله وأثني عليه فقال : ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني.
و نلاحظ هنا مايلي:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم فوعظهم في أنفسهم بينه وبينهم ولما أراد أن يعلم الناس عموماً أبهمهم ولم يفضحهم وإنما قال : ما بال أقوام .. وهذا رفقا بهم وستراً عليهم مع تحصيل المصلحة في الإخبار العام .
- في الحديث تتبع أحوال الأكابر للتأسي بأفعالهم والسير على منوالهم وأن التنقيب عن ذلك من كمال العقل والسعي في تربية النفس.
- وفيه أن الأمور المفيدة والمشروعة إذا تعذرت معرفتها من جهة الرجال جاز استكشافها من جهة النساء..
- وأن لا بأس بحديث المرء عن عملة إذا أمن الرياء وكان في الإخبار منفعة للآخرين .
- وفية أن الأخذ بالتشديد في العبادة يؤدي إلى إملال النفس القاطع لها عن أصل العبادة وخير الأمور أو ساطها .
- أن الأخطاء كثيراً وواضح من الحديث أن السبب الذي دفع أولئك الصحابة إلى تلك الصور من التبتل والرهبانية والتشديد هو ظنهم أن لابد من الزيادة على عبادة النبي صلى الله عليه وسلم رجاء النجاة حيث أنه اخبر من ربه بالمغفرة بخلافهم فصحح لهم النبي صلى الله عليه وسلم تصورهم المجانب للصواب وأخبرهم بأنه مع كونه مغفوراً له فإنه اخشي الناس وأتقاهم لله وأمرهم بأن يلزموا سنته وطريته في العبادة.
وقريب من هذا ما حصل لأحد الصحابة وهو كهمس الهلالي ـ رضي الله عنه ـ الذي روي قصته فقال : (( أسلمت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بإسلامي فمكثت حولاً وقد ضمرت ونحل جسمي ثم أتيته فخفض في البصر ثم رفعه . قلت : أما تعرفني ؟ قال : ومن أنت ؟ قلت : أنا كهمس الهلالي ، قال: فما بلغ بك ما أرى ؟ قلت : ما أفطرت بعدك نهاراً ولا نمت ليلاً ، فقال : ومن أمرك أن تعذب نفسك ؟ شهر الصبر ومن يومين ، قلت : زدني أجد قوة : صم شهر الصبر ومن كل شهر ثلاثة أيام ))
ومن الخلل في التصورات ما يكون متعلقاً بموازين تقويم الأشخاص والنظرة إليهم وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على تصحيح ذلك وبيانه ففي صحيح البخاري عن سهل بن سعد الساعدى أنه قال : مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده جالس ما رأيك في هذا فقال : رجل من أشراف الناس هذا والله حري إن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مر رجل آخر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيك في هذا . فقال : يا رسول الله هذا رجل من فقراء المسلمين هذا حري إن خطب أن لا ينكح ، وإن شفع أن لا يشفع وإن قال أن لا يسمع لقوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خير من ملء الأرض مثل هذا.
وفي رواية ابن ماجه : مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال النبي صلي الله عليه وسلم : ما تقولون في هذا الرجل ؟ قالوا : رأيك في هذا نقول هذا من أشرف الناس ، هذا حري إن خطب أن يخطب وإن شفع أن يسمع لقوله . فسكت النبي صلى الله عليه وسلم . ومر رجل آخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما تقولون في هذا الرجل ؟ قالوا : نقول والله يا رسول الله هذا من فقراء المسلمين هذا حري إن خطب لم ينكح وإن شفع لا يشفع وإن قال لا يسمع لقوله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهذا خير من ملء الأرض مثل هذا.
م
ماجده