رفع اليدين في الدعاء
بين فريقين
كثر الحديث - بين طلبة العلم - عن مشروعية رفع اليدين في الدعاء وعدم مشروعيتها، وقامت سجالات بين الطرفين، وتاه في وسط هذه الضجة العوام من المسلمين، وظلوا في (مكانك قف)، ولا يدرون أيتجهون يمينا أم شمالا ليسلَموا من نقد الآخر لهم؛ وليت أن هذا الأمر توقف عند هذا الحد, بل تعدّ إلى أكثرَ من ذلك, فعبر هذا الخلاف المحيطات و القارات - بواسطة بعض الأخوة العاملين في مجال الدعوة– ليستقر بين الأقليات المسلمة الذين هم بأمس الحاجة لمن يعلمهم أولويات الإسلام. وما سوى ذلك من الخلاف هم في غنىً عنه.ولقد حصلت على رسالة قيمة للشيخ أبي بكر جابر الجزائري ـ حفظه الله ـ يبين فيها اللبس الذي وقع فيه الكثير من طلبة العلم ـ هداني الله وإياهم ـ فرأيت أنه من الواجب نشرها بين إخواني المسلمين لتعم الفائدة ويذهب اللبس الذي وقع فيه الكثير.
يقول الشيخ:أن الذي قضينا فيه عمراً طويلا ندعو المسلمين إلى تركه لمخالفته لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأئمة الإسلام وهو الدعاء الجماعي,والذكر الجماعي دبر الصلوات الخمس,ونقول لهم: ليذكر كل واحد ربّه في خاصة نفسه وليدعُ بما شاء وحده إذ صلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمسلمين بالمدينة عشر سنوات إماما فلم يشأ يوما صلى الله عليه وسلم أن يذكر، أو يدعو بهم، بل كان إذا قضى صلاته استقبلهم فذكر الله وسبحه في نفسه ريثما يخرج النساء ثم ينصرف إلى بيته,وكذلك فعل خلفاؤه من بعده,فظهر بذلك أن الذكر والدعاء جماعة بعد المكتوبات محدث يتعين تركه.والحمد لله استجاب أكثر المسلمين وتركوا هذه البدعة.وما كدنا نفرغ من هذه حتى طالعنا الأبناء بأخرى أعظم وهي نهيهم الصريح عن رفع اليدين في الدعاء,ونسبة من يرفع يديه إلى ربه يدعوه بعد الصلاة إلى الابتداع,وبالغ بعضهم حتى كان إذا وجد الرجل رافعا يديه يدعو، يضربُ على يديه قائلا:اترك هذا فإنها بدعة,وتألم لذلك الناس حتى قال لي بعضهم:لقد كنت أجد راحة وانشراح صدري في رفع يدي في الدعاء,والآن أصبحت أهاب ذلك,وأتخوف منه.
ومن غريب ما احتج به الأبناء أن النبي صلى الله عليه وسلم ما فعله بعد الصلوات.وهذا الاحتجاج باطل لأمرين:
الأول:أنه لو فعله النبي صلى الله عليه وسلم ولازمه لكان واجبا لا يسع المؤمن تركه.
والثاني:أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إماما طيلة حياته,و كان إذا صلى استقبل الناس بوجهه وذكر وسبح ولم يدع بالناس,وهذا الذي احتججنا به على الناس وأبطلنا لهم الدعاء والذكر الجماعي بعد الصلوات الخمس.أما مشروعية الدعاء ورفع اليدين فهي ثابتة بأكثر من ثلاثين حديثا ذكرها النووي رحمه الله تعالى في (المنهاج),وألف السيوطي في مشروعية رفع اليدين رسالة سماها (فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء)ولنكتف بحديثين اثنين من الثلاثين حديثا.
الأول:حديث مسلم وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يُطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب,ومطعمه حرام ومشربه حرام,وقد غذي بالحرام فأنى يستجاب له؟فهذا الحديث دالٌ دلالة قطعية على جواز رفع اليدين في الدعاء، وهو مطلق غير مقيد بزمان، ولا مكان,فمن أين يأتي الإنكار على من رفع يديه يدعو في صلاته أو بعدها؟وقد رفع صلى الله عليه وسلم يديه يدعو ربه حتى يبدو بياض إبطه صلى الله عليه وسلم,وفي مواطن عديدة في عرفات وعند رمي الجمرات,وفي بدر وفي غيرها,فدل قوله وعمله صلى الله عليه وسلم على مشروعية رفع اليدين في الدعاء,فكيف يسوغ لمسلم اليوم الإنكار على مؤمن صلى ورفع يديه يدعو ربه الأمر الذي أحدث في النفوس ريبا وشكوكا,فهل الرغبة في اتباع السنة يكون سببا في النفرة بين المسلمين,إن هذا عائد إلى عدم الفقه في دين الله,كما هو عائد إلى عدم تقدير المسؤولية,وما يترتب على الأمر والنهي من نتائج قد تكون سلبية فتضر أكثر مما تنفع,وتبعد من الدين والإصلاح فيه أكثر مما تقرب,
والثاني حديث ابن ماجة وهو صحيح الإسناد لا مطعن فيه ونصه: عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن ربكم حييٌّ كريم يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردهما صفراً,أو قال خائبتين". فهذا الحديث الصحيح ليس الأول ولا الآخر فهناك عشرات الأحاديث والآثار كلها قاضية بمشروعية رفع اليدين في الدعاء وسواء أكان العبد في الصلاة أم خارجها.فكيف يسوغ للأبناء ـ فتح الله عليهم,وزادهم رغبة في العلم والفهم ـ الإنكار على آبائهم رفع أيديهم بالدعاء بعد الصلاة؟,وكيف يسوغ لبعض العلماء الكبار أيضاً إقرارهم على ذلك؟.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه
وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
بين فريقين
كثر الحديث - بين طلبة العلم - عن مشروعية رفع اليدين في الدعاء وعدم مشروعيتها، وقامت سجالات بين الطرفين، وتاه في وسط هذه الضجة العوام من المسلمين، وظلوا في (مكانك قف)، ولا يدرون أيتجهون يمينا أم شمالا ليسلَموا من نقد الآخر لهم؛ وليت أن هذا الأمر توقف عند هذا الحد, بل تعدّ إلى أكثرَ من ذلك, فعبر هذا الخلاف المحيطات و القارات - بواسطة بعض الأخوة العاملين في مجال الدعوة– ليستقر بين الأقليات المسلمة الذين هم بأمس الحاجة لمن يعلمهم أولويات الإسلام. وما سوى ذلك من الخلاف هم في غنىً عنه.ولقد حصلت على رسالة قيمة للشيخ أبي بكر جابر الجزائري ـ حفظه الله ـ يبين فيها اللبس الذي وقع فيه الكثير من طلبة العلم ـ هداني الله وإياهم ـ فرأيت أنه من الواجب نشرها بين إخواني المسلمين لتعم الفائدة ويذهب اللبس الذي وقع فيه الكثير.
يقول الشيخ:أن الذي قضينا فيه عمراً طويلا ندعو المسلمين إلى تركه لمخالفته لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأئمة الإسلام وهو الدعاء الجماعي,والذكر الجماعي دبر الصلوات الخمس,ونقول لهم: ليذكر كل واحد ربّه في خاصة نفسه وليدعُ بما شاء وحده إذ صلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمسلمين بالمدينة عشر سنوات إماما فلم يشأ يوما صلى الله عليه وسلم أن يذكر، أو يدعو بهم، بل كان إذا قضى صلاته استقبلهم فذكر الله وسبحه في نفسه ريثما يخرج النساء ثم ينصرف إلى بيته,وكذلك فعل خلفاؤه من بعده,فظهر بذلك أن الذكر والدعاء جماعة بعد المكتوبات محدث يتعين تركه.والحمد لله استجاب أكثر المسلمين وتركوا هذه البدعة.وما كدنا نفرغ من هذه حتى طالعنا الأبناء بأخرى أعظم وهي نهيهم الصريح عن رفع اليدين في الدعاء,ونسبة من يرفع يديه إلى ربه يدعوه بعد الصلاة إلى الابتداع,وبالغ بعضهم حتى كان إذا وجد الرجل رافعا يديه يدعو، يضربُ على يديه قائلا:اترك هذا فإنها بدعة,وتألم لذلك الناس حتى قال لي بعضهم:لقد كنت أجد راحة وانشراح صدري في رفع يدي في الدعاء,والآن أصبحت أهاب ذلك,وأتخوف منه.
ومن غريب ما احتج به الأبناء أن النبي صلى الله عليه وسلم ما فعله بعد الصلوات.وهذا الاحتجاج باطل لأمرين:
الأول:أنه لو فعله النبي صلى الله عليه وسلم ولازمه لكان واجبا لا يسع المؤمن تركه.
والثاني:أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إماما طيلة حياته,و كان إذا صلى استقبل الناس بوجهه وذكر وسبح ولم يدع بالناس,وهذا الذي احتججنا به على الناس وأبطلنا لهم الدعاء والذكر الجماعي بعد الصلوات الخمس.أما مشروعية الدعاء ورفع اليدين فهي ثابتة بأكثر من ثلاثين حديثا ذكرها النووي رحمه الله تعالى في (المنهاج),وألف السيوطي في مشروعية رفع اليدين رسالة سماها (فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء)ولنكتف بحديثين اثنين من الثلاثين حديثا.
الأول:حديث مسلم وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يُطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب,ومطعمه حرام ومشربه حرام,وقد غذي بالحرام فأنى يستجاب له؟فهذا الحديث دالٌ دلالة قطعية على جواز رفع اليدين في الدعاء، وهو مطلق غير مقيد بزمان، ولا مكان,فمن أين يأتي الإنكار على من رفع يديه يدعو في صلاته أو بعدها؟وقد رفع صلى الله عليه وسلم يديه يدعو ربه حتى يبدو بياض إبطه صلى الله عليه وسلم,وفي مواطن عديدة في عرفات وعند رمي الجمرات,وفي بدر وفي غيرها,فدل قوله وعمله صلى الله عليه وسلم على مشروعية رفع اليدين في الدعاء,فكيف يسوغ لمسلم اليوم الإنكار على مؤمن صلى ورفع يديه يدعو ربه الأمر الذي أحدث في النفوس ريبا وشكوكا,فهل الرغبة في اتباع السنة يكون سببا في النفرة بين المسلمين,إن هذا عائد إلى عدم الفقه في دين الله,كما هو عائد إلى عدم تقدير المسؤولية,وما يترتب على الأمر والنهي من نتائج قد تكون سلبية فتضر أكثر مما تنفع,وتبعد من الدين والإصلاح فيه أكثر مما تقرب,
والثاني حديث ابن ماجة وهو صحيح الإسناد لا مطعن فيه ونصه: عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن ربكم حييٌّ كريم يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردهما صفراً,أو قال خائبتين". فهذا الحديث الصحيح ليس الأول ولا الآخر فهناك عشرات الأحاديث والآثار كلها قاضية بمشروعية رفع اليدين في الدعاء وسواء أكان العبد في الصلاة أم خارجها.فكيف يسوغ للأبناء ـ فتح الله عليهم,وزادهم رغبة في العلم والفهم ـ الإنكار على آبائهم رفع أيديهم بالدعاء بعد الصلاة؟,وكيف يسوغ لبعض العلماء الكبار أيضاً إقرارهم على ذلك؟.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه
وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه