نساء متميزات في القرآن الكريم
|
د. جمال الدين محمد محمود ولقد اختص القرآن الكريم أم عيسى عليه السلام بالذكروذكر نشأتهاوتبتلها وأنها نذرت – وهي حمل في بطن أمها – لله سبحانه وتعالى وذكرالقرآن الكريم قصة ولادتها لعيسى عليه السلام وماواجهته من مشاق إزاء إنكارقومها ذلك وقد ذكر القرآن الكريم اسم مريم ابنة عمران نحو ثلاثين مرة يقول تعالى: (وإذ قالت الملائكة يامريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين )(آل عمران/43). وعاب القرآن الكريم على اليهود الذين حاولوا الانتقاص من قدرها واتهموها بما نزلها الله عنه يقول الله تعالى عن اليهود (وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً) (النساء/156).وفي القرآن الكريم سورة آل عمران وسورة مريم وفي السورتين تبدو أعظم الصفات الإنسانية في مريم الاصطفاء من الله والطهر والإخلاص في العبادة والصبر على المشاق. وقد ذكرت زوجات النبي (ص) وبناته في القرآن ورفع الله منزلتهن فهن أمهات المؤمنين,يقول تعالى : (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) (الأحزاب/6).وقد أمر الله تعالى نبيه أن يخير زوجاته بين الدنيا وزينتها وبين الله ورسوله والدار الاخرة – فاخترن رضوان الله عليهن الخير كله (ياأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً,وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً) (الأحزاب/28,29). وذكر القرآن زي المرأة المسلمة وآدابه – وهو رمز العفة والحياءيقول تعالى مخاطباً نبيه: (ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلايؤذين وكان الله غفوراً رحيماً) (الأحزاب/59). فالاحتشام كما تدل الآية حماية للمرأة من الأذى,وتثير مسألة الحجاب الذي تلتزمه المرأة المسلمة جدلاً ونقاشاً لايستغرب من غير المسلمين أو من الفكر الغربي بالذات,ولكنه لامنطق له عند بعض المسلمين,فالبعض يردد بلا وعي أن هذا العصر – عصر التقدم والذرة والصعود الى الفضاء – لايناسبه فرض الزي على المرأة – وينسى هؤلاء أن لا علاقة من أي نوع كان بين زي المرأة وبين التقدم,اللهم إلا أن يكون التحشم وحده هو الدليل والمؤشر على التقدم,فإن النساء في القبائل البدائية في أفريقيا وغيرها لايسترن أجسادهن – ولاعلاقة بين قدرماتكشفه المرأة من جسدها وبين مقدار تقدمها إلا إذا كانت علاقة عكسية كما ذكرنا,وحتى الآن مايزال الاحتشام في اللباس هو الأدعى للاحترام بن كل المجتمعات الإنسانية على اختلاف الأديانوالأجناس والأعراف فهوعلامة على التقدم الفكري والخلقي وعلى عكس ذلك العري من المرأة فهو لايعطيها ميزة أو فضلاً كالاحتشام – حتى وإن كان العري سائدا أو شائعاً. وتناول القرآن الكريم في سوره وآياته شؤون المرأة كلها الزواج والأمومة والطفولة وحقوق المرأة في الكرامة والصون والحماية والرعاية وحقوقها حين تنقطع رابطة الزواج وحقها في الميراث,ولقد كان اهتمام القرآن بالمرأة أمراً لم يسبق اليه وكانت حقوقها ورعايتها أمراً جديداً على كل المجتمعات الإنسانية القائمة وقت ظهور الإسلام. ولابد لنا بعد أن أوردنا صورة المرأة وحياتها في القرآن الكريم بدءاً من النشأة والتكريم والتسوية والتوصية وانتهاء بالإشارة الى الحقوق والواجبات أن نقرر أن هذه الصورة القرآنية هي التي تشكل – مع السنة النبوية – مكانة المرأة في الإسلام وقدرها في المجتمع ورسالتها الخالدة في الحياة الى جانب الرجل – وهي صورة فرضت نفسها على الفكر الإسلامي منذ ظهور الإسلام – حتى وإن لم يكن الواقع في بعض الأوقات أو الأماكن في العالم الإسلامي يتفق معها لكنها تعتبر في نظر جميع المسلمين وفي البلاد التي تلتزم أحكام الإسلام وآدابه وفضائله هي الصورة المثلى التي ينبغي أن تكون حياة المرأة في دائرتها. وإذا ذكر القرآن حياة المرأة بدءاً من النشأة والتكريم الإلهي فإننا ينبغي أن نذكر أن الأمر في ذلك خاص بالمسلمين في نظرتهم الى المرأة,ويكفي أن نلقي بعض الضوء على قصة المرأة والخطيئة الأزلية وقد ظلت تشكل الفكر الغربي في هذا المجال لكثر من ألف عام ونحن نشير الى ذلك لأن أساس هذا الفكر ورد في الكتب المقدسة المتداولة وشكل الفكر الاجتماعي – وربما الديني – لمئات الملاين من البشر طوال قرون عديدة.
|