بسم الله الرحما
ربنا ولك الحمد
مشكلة العنوسة
الأسرة أساس المجتمع، فمنها يبدأ، وعليها يعتمد، وبقدر ما تكون الأسرة مترابطة بقدرما يكون المجتمع قويًّا مترابطًا.
والزواج هو الوسيلة المثلى لبناء مجتمع هادئ قوي مستقر، والأسرة تتكون عن طريق الزواج، الذي يشبع الحاجات النفسية والجسدية للأفراد، ويقمع الانحراف والشذوذ، ويحقق الحياة الوادعة، ويوفر الهدوء والاستقرار، قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} [الروم: 21].
ومن يُعْرض عن منهج الله وشريعته يكون عقابه المزيد من الآلام، فتزداد بالتالي المشكلات التي تصيب المجتمع، ومنها مشكلة العنوسة. تلك المشكلة التي تشغل بال بعض الأسر، وتحزن الآباء والأمهات قبل البنات. وجوهر المشكلة يكمن في تأخر سن زواج بعض الفتيات عن السن الطبيعية، مما يترتب عليه كثير من الآثار النفسية والاجتماعية الخطيرة.
أسباب العنوسة:
والتغلب على هذه المشكلة الخطيرة يتطلب معرفة أسبابها، التي تتفاوت ما بين سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية، ومن ذلك:
- عدم إقبال كثير من الشباب على الزواج؛ لعجزهم المادي أمام ارتفاع المهور، بدرجة كادت أن تصبح عرفًا سائدًا وعادة محكمة، ويصل الأمر بالفقير إلى العجز عن التقدم لأية امرأة، فإذا حاول كان مثارًا للسخرية والاستهزاء به.
- امتناع الحكومات في كثير من الدول الإسلامية عن معاونة الشباب الراغب في الزواج، من خلال تهيئة الظروف المساعدة على الحياة الكريمة في مختلف المجالات.
- انخفاض مستوي المعيشة في العديد من الدول الإسلامية، مع الارتفاع المطرد للأسعار.
- العصبيات التقليدية؛ كأن نجد عائلة لا تتزوج إلا من عائلة معينة، أو لا تزوِّج بناتها للغرباء عنها؛ حفاظًا على شرف العائلة أو ميراثها أو حسبها.
- تعنت بعض الفتيات، ورفضهن الزواج من الأشخاص الذين لا يقيمون معهن في منطقة قريبة من بيت الأسرة.
- الحروب التي يذهب ضحيتَها الآلافُ من الشباب، فتزيد نسبة الإناث إلى الذكور.
- انسياق بعض الفتيات وراء التيارات الفكرية المنادية بتحرير المرأة، والمساواة مع الرجل، وتحقيق الذات، وهنا ترفض بعض الفتيات الزواج حتى ينتهين من التعليم، ويحصلن على وظيفة مناسبة، فتزيد أعمارهن، وتقل فرصهن في الزواج.
- كثرة المشاكل العائلية بين الأبوين، فتنشأ الفتاة ولديها فكرة سيئة عن الزواج، فترفض الإقدام عليه خوفًا من الوقوع في نفس المشاكل.
- الاختلاط الفاسد والانحلال وفساد المجتمع، فيجد الشباب الطريق ميسورًا لإشباع شهواته وقضاء حاجاته دون التزام أو قيد، إضافة إلى أن هذا الاختلاط يدفع العديد من الشباب إلى عدم الثقة في النساء بوجه عام، فيحجم عن الزواج.
- معارضة بعض الآباء في تزويج بناتهم الموظفات طمعًا في أموالهن، مع تبرير موقفهم بحجج واهية، ومن ذلك القول: (إنه لم يحدث نصيب)، أو (لا يوجد أحد في مستواها)... إلخ.
آثار العنوسة:
وأمام هذا التعدد والتنوع في الأسباب التي أفضت إلى هذه المشكلة الخطيرة، فقد أفرزت هذه المشكلة العديد من الآثار التي تهدد المجتمع الإسلامي، وتؤثر في تماسكه، وتظهر خطورة العنوسة على عدة مستويات:
خطورتها بالنسبة للفتاة:
بحيث تصاب الفتاة (العانس) بالعديد من الآلام النفسية، فتشعر بالحزن والاكتئاب، والنفور من الناس خشية السخرية والتلميح الجارح، وهذا قد يترتب عليه العديد من الآلام العضوية. والأخطر أن الفتاة قد تنحرف عن الطريق السوي التماسًا للسكن والعاطفة.
خطورة العنوسة بالنسبة للأسرة:
تُحْدِثُ العنوسة آثارًا نفسية سيئة على كل أسرة فيها عانس، حيث يشعر أفرادها بالهم والغم، بل الخزي والعار في بعض المجتمعات، حيث الخوف من نظرات الناس وتفسيرها بغير معناها واعتبارها نوعًا من الاتهام لهم ولبناتهم، مما يؤثر بصورة سلبية على العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
خطورة العنوسة بالنسبة للمجتمع:
حيث يؤدي انتشار ظاهرة العنوسة لأخطار شديدة على المجتمعات، إذ يحدث التفكك والتحلل في المجتمع، وتنتشر الأحقاد والضغائن بين أفراده، كما ينتشر الفساد والرذائل والانحرافات، التي تندفع إليها بعض الفتيات في ظل الدوافع النفسية التي يعانين منها.
كما تنبت وتترعرع في ظل مشكلة العنوسة بعض العادات الجاهلية؛ كالسحر والدجل والشعوذة، ظنًّا من البعض أن هذا سيؤدي إلى زواج بناتهم.
وأمام كل هذا الخطر... ما الحل؟
إن الإسلام لم يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الظاهرة، بل وضع العديد من الأسس والمبادئ التي تقضي عليها، وتجنب المسلمين أخطارها، ومن ذلك:
- الحث على الاعتدال والوسطية في كل شيء، ومن ذلك المهور؛ فلا تكون فوق الطاقة، ويراعي الحرص على الخلق والدين قبل المال عند اختيار الزوج المناسب، فإذا توفر الخلق النبيل والحرص على الدين، فهذا هو الفوز والمغنم، قال (: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد) [الترمذي].
- تأكيد مسؤولية الحاكم في توفير فرص الحياة الطيبة لرعيته، والنهوض بأعبائهم، والسهر على حل مشكلاتهم.
وقد أفتى العلماء بجواز تزويج المعسر من مال الزكاة، وقد أمر عمر بن عبد العزيز بالمال -من بيت المال- لتزويج الشباب.
- العمل على تحقيق التنمية في الدول الإسلامية، بما يرفع من أحوال المعيشة، لتسهيل فرص المعيشة الكريمة وبناء أسر جديدة بالزواج.
4- إزالة الفجوات وتقريب المسافات بين مختلف أفراد المجتمع، حتى لا يكون الاختلاف الطبقي مبررًا لعدم الزواج من صاحب الخلق والدين.
- الأخذ بمبدأ (تعدد الزوجات)؛ الذي يُعَدُّ متنفسا شرعيًّا عظيم الفائدة، في الحالات التي يزيد فيها عدد الإناث عن الذكور، وخاصة في زمن الحرب وما يعقبها. نهى الإسلام الآباء عن منع بناتهن من الزواج، لهوى في نفوسهم أو لمآرب يسعون إليها.
إن العودة إلى شريعة الله وهدي النبي ( هي الشفاء من كل ما يصـيب المجتمع من مشكلات، وهي الواقي للمجتمع من التدهور والانهيار تحت معاول الاختلاط والانحلال والغرائز والشهوات، قال (: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي) [مالك].
كلمة أخيرة:
يجب على المرأة -وهي مشغولة بعملها أو بتحصيل العلم- أن تتذكر أن المصير الطبيعي لها هو الزواج؛ لتسكن إلى زوجها، لإنشاء بيت جديد وعش هادئ، ولذا وجب عليها ألا تنغمس في مثل هذه المشاغل حتى يكبر سنها، فلا تجد الأنيس الذي يؤنس وحشتها، والأليف الذي يملأ فراغها، وإلا فالندم هو المصير، وعليها التيقن من عدم التعارض بين دائرة العلم والعمل، ودائرة الزواج والأسرة، فإذا اضطرت أن تختار إحدى هذه الدوائر فعليها أن تعرف أولى هذه الأمور فتختاره.
ربنا ولك الحمد ماجده ربنا ولك الحمد
ربنا ولك الحمد
مشكلة العنوسة
الأسرة أساس المجتمع، فمنها يبدأ، وعليها يعتمد، وبقدر ما تكون الأسرة مترابطة بقدرما يكون المجتمع قويًّا مترابطًا.
والزواج هو الوسيلة المثلى لبناء مجتمع هادئ قوي مستقر، والأسرة تتكون عن طريق الزواج، الذي يشبع الحاجات النفسية والجسدية للأفراد، ويقمع الانحراف والشذوذ، ويحقق الحياة الوادعة، ويوفر الهدوء والاستقرار، قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} [الروم: 21].
ومن يُعْرض عن منهج الله وشريعته يكون عقابه المزيد من الآلام، فتزداد بالتالي المشكلات التي تصيب المجتمع، ومنها مشكلة العنوسة. تلك المشكلة التي تشغل بال بعض الأسر، وتحزن الآباء والأمهات قبل البنات. وجوهر المشكلة يكمن في تأخر سن زواج بعض الفتيات عن السن الطبيعية، مما يترتب عليه كثير من الآثار النفسية والاجتماعية الخطيرة.
أسباب العنوسة:
والتغلب على هذه المشكلة الخطيرة يتطلب معرفة أسبابها، التي تتفاوت ما بين سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية، ومن ذلك:
- عدم إقبال كثير من الشباب على الزواج؛ لعجزهم المادي أمام ارتفاع المهور، بدرجة كادت أن تصبح عرفًا سائدًا وعادة محكمة، ويصل الأمر بالفقير إلى العجز عن التقدم لأية امرأة، فإذا حاول كان مثارًا للسخرية والاستهزاء به.
- امتناع الحكومات في كثير من الدول الإسلامية عن معاونة الشباب الراغب في الزواج، من خلال تهيئة الظروف المساعدة على الحياة الكريمة في مختلف المجالات.
- انخفاض مستوي المعيشة في العديد من الدول الإسلامية، مع الارتفاع المطرد للأسعار.
- العصبيات التقليدية؛ كأن نجد عائلة لا تتزوج إلا من عائلة معينة، أو لا تزوِّج بناتها للغرباء عنها؛ حفاظًا على شرف العائلة أو ميراثها أو حسبها.
- تعنت بعض الفتيات، ورفضهن الزواج من الأشخاص الذين لا يقيمون معهن في منطقة قريبة من بيت الأسرة.
- الحروب التي يذهب ضحيتَها الآلافُ من الشباب، فتزيد نسبة الإناث إلى الذكور.
- انسياق بعض الفتيات وراء التيارات الفكرية المنادية بتحرير المرأة، والمساواة مع الرجل، وتحقيق الذات، وهنا ترفض بعض الفتيات الزواج حتى ينتهين من التعليم، ويحصلن على وظيفة مناسبة، فتزيد أعمارهن، وتقل فرصهن في الزواج.
- كثرة المشاكل العائلية بين الأبوين، فتنشأ الفتاة ولديها فكرة سيئة عن الزواج، فترفض الإقدام عليه خوفًا من الوقوع في نفس المشاكل.
- الاختلاط الفاسد والانحلال وفساد المجتمع، فيجد الشباب الطريق ميسورًا لإشباع شهواته وقضاء حاجاته دون التزام أو قيد، إضافة إلى أن هذا الاختلاط يدفع العديد من الشباب إلى عدم الثقة في النساء بوجه عام، فيحجم عن الزواج.
- معارضة بعض الآباء في تزويج بناتهم الموظفات طمعًا في أموالهن، مع تبرير موقفهم بحجج واهية، ومن ذلك القول: (إنه لم يحدث نصيب)، أو (لا يوجد أحد في مستواها)... إلخ.
آثار العنوسة:
وأمام هذا التعدد والتنوع في الأسباب التي أفضت إلى هذه المشكلة الخطيرة، فقد أفرزت هذه المشكلة العديد من الآثار التي تهدد المجتمع الإسلامي، وتؤثر في تماسكه، وتظهر خطورة العنوسة على عدة مستويات:
خطورتها بالنسبة للفتاة:
بحيث تصاب الفتاة (العانس) بالعديد من الآلام النفسية، فتشعر بالحزن والاكتئاب، والنفور من الناس خشية السخرية والتلميح الجارح، وهذا قد يترتب عليه العديد من الآلام العضوية. والأخطر أن الفتاة قد تنحرف عن الطريق السوي التماسًا للسكن والعاطفة.
خطورة العنوسة بالنسبة للأسرة:
تُحْدِثُ العنوسة آثارًا نفسية سيئة على كل أسرة فيها عانس، حيث يشعر أفرادها بالهم والغم، بل الخزي والعار في بعض المجتمعات، حيث الخوف من نظرات الناس وتفسيرها بغير معناها واعتبارها نوعًا من الاتهام لهم ولبناتهم، مما يؤثر بصورة سلبية على العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
خطورة العنوسة بالنسبة للمجتمع:
حيث يؤدي انتشار ظاهرة العنوسة لأخطار شديدة على المجتمعات، إذ يحدث التفكك والتحلل في المجتمع، وتنتشر الأحقاد والضغائن بين أفراده، كما ينتشر الفساد والرذائل والانحرافات، التي تندفع إليها بعض الفتيات في ظل الدوافع النفسية التي يعانين منها.
كما تنبت وتترعرع في ظل مشكلة العنوسة بعض العادات الجاهلية؛ كالسحر والدجل والشعوذة، ظنًّا من البعض أن هذا سيؤدي إلى زواج بناتهم.
وأمام كل هذا الخطر... ما الحل؟
إن الإسلام لم يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الظاهرة، بل وضع العديد من الأسس والمبادئ التي تقضي عليها، وتجنب المسلمين أخطارها، ومن ذلك:
- الحث على الاعتدال والوسطية في كل شيء، ومن ذلك المهور؛ فلا تكون فوق الطاقة، ويراعي الحرص على الخلق والدين قبل المال عند اختيار الزوج المناسب، فإذا توفر الخلق النبيل والحرص على الدين، فهذا هو الفوز والمغنم، قال (: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد) [الترمذي].
- تأكيد مسؤولية الحاكم في توفير فرص الحياة الطيبة لرعيته، والنهوض بأعبائهم، والسهر على حل مشكلاتهم.
وقد أفتى العلماء بجواز تزويج المعسر من مال الزكاة، وقد أمر عمر بن عبد العزيز بالمال -من بيت المال- لتزويج الشباب.
- العمل على تحقيق التنمية في الدول الإسلامية، بما يرفع من أحوال المعيشة، لتسهيل فرص المعيشة الكريمة وبناء أسر جديدة بالزواج.
4- إزالة الفجوات وتقريب المسافات بين مختلف أفراد المجتمع، حتى لا يكون الاختلاف الطبقي مبررًا لعدم الزواج من صاحب الخلق والدين.
- الأخذ بمبدأ (تعدد الزوجات)؛ الذي يُعَدُّ متنفسا شرعيًّا عظيم الفائدة، في الحالات التي يزيد فيها عدد الإناث عن الذكور، وخاصة في زمن الحرب وما يعقبها. نهى الإسلام الآباء عن منع بناتهن من الزواج، لهوى في نفوسهم أو لمآرب يسعون إليها.
إن العودة إلى شريعة الله وهدي النبي ( هي الشفاء من كل ما يصـيب المجتمع من مشكلات، وهي الواقي للمجتمع من التدهور والانهيار تحت معاول الاختلاط والانحلال والغرائز والشهوات، قال (: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي) [مالك].
كلمة أخيرة:
يجب على المرأة -وهي مشغولة بعملها أو بتحصيل العلم- أن تتذكر أن المصير الطبيعي لها هو الزواج؛ لتسكن إلى زوجها، لإنشاء بيت جديد وعش هادئ، ولذا وجب عليها ألا تنغمس في مثل هذه المشاغل حتى يكبر سنها، فلا تجد الأنيس الذي يؤنس وحشتها، والأليف الذي يملأ فراغها، وإلا فالندم هو المصير، وعليها التيقن من عدم التعارض بين دائرة العلم والعمل، ودائرة الزواج والأسرة، فإذا اضطرت أن تختار إحدى هذه الدوائر فعليها أن تعرف أولى هذه الأمور فتختاره.
ربنا ولك الحمد ماجده ربنا ولك الحمد