مشكلتى التى تؤرقنى كثيرا ، وتحرمنى من أوقات سعادتى هى أن زوجى يكره صديقاتى ، ويحاول دوما الاستئثار بى ومنعى من محادثتهن الهاتفية أو زيارتهن لى أو زيارتى لهن ؛ بحجة أنه الأحق باهتمامى الكامل ، وأن جلساتى معهن تكون بلا فائدة وقد تؤثر سلبا على شخصيتى ، مع العلم بأن أكثر أوقاتى سعادة هى التى أقضيها معهن ، أشعر أننى أختنق ولا أطيق التحدث مع زوجى الذى حرمنى من صديقاتى الحبيبات ، ماذا أفعل ؟
أخيتى الفاضلة
لأننى أحبك فى الله ؛ فأرجو أن تتقبلى كلماتى بصدر رحب واعلمى أنها من قلب يحرص شديد الحرص على سعادتك الدائمة باذن الله، أما بعد
لقد قرأت مشكلتك واستوقفتنى عناصر كثيرة فيها أتمنى من الله تعالى أن يعيننى على تبسيطها وتوضيح أسرارها الخافية عنك وهى كالآتى :
أولا اعلمى حبيبتى أن ديننا الاسلامى قد جعل مرتبة الزوج عظيمة لدى زوجته ، وأنه الانسان الأعظم فضلا عليها ، والذى يجب أن يكون حبها له متملكا لكل ذرة فى كيانها وكل خلية من خلايها ، فهو السند والوتد ، والظهر والعضد ، فلقد اختارك من بين نساء العالمين وفضلك عليهن لتكونى درة مكنونة فى بيته تحفظين عرضه وتصونين أمانته وتنجبين أطفاله وتتربعين على عرش قلبه وبيته ، أبعد كل هذا لا يستحق منك أن تذوبى حبا واكبارا له !!
ثانيا من منا لا تتمنى حبا من زوجها يماثل حب زوجك لك ، فالكثيرات يتمنين من أزواجهن ما ترغبين عنه من زوجك ، ثم كيف تصل الأمور بك أن يستدر زوجك العطف منك ويتمنى أن يحظى باهتمامك الكامل ، كيف لا يكون حبك له ورعايتك لمشاعره وتدفئتك لأحاسيسه ؛ هو مركزحرصك وجل ما تحيين لأجله .
ثالثا تخيلى معى حبيبتى لولا قدر الله كان الأوان قد فاتك للزواج ولم يطرق زوجك باب بيتك، وظللت فى الظلال تتألمين ، تشكين من طول السنين ، تنادى الوصال فلا تجابين ، تشيخ مشاعرك حينا بعد حين ، تتوحش غربتك ويدفن الحنين ، حنين للزوج والولد ، وحلم ضاع للأبد ؛ انظرى أخيتى لتلك النعمة العظيمة التى وهبها الله لك واشكرى واحمدى ، واتقى الله فى زوج ذنبه الوحيد أنه يحبك ويخاف عليك من صحبة تلهيك عنه وتسلبك منه ، فأى احساس رائع هذا وكيف لاتذوبين عشقا له وتتأجج مشاعرك ذودا عنه ؛ ذودا أمام نفسك اللائمة بأحلامها القاتمة ووساوسها الغاشمة ،ان ما تمتلكين عظيم فاسلكى أخيتى طريقك القويم فلديك زوج كريم ذو قلب سليم .
رابعا اذا كانت صديقاتك يحببنك بالفعل حبا خالصا حقيقيا ؛ فستكون سعادتك هى همهن الوحيد حتى ولو كانت بغيابك عنهن ؛ ثم لم لا تتخذى من زوجك صديقا وفيا حنونا تشكين له آلامك وتتقاسمين معه أفراحك وأطراحك ، والله انه لأهل لذلك بحبه العظيم لك والذى تلهيك عنه أفكارا مسمومة تنخر بوحشية فى ثقتك بصدق مشاعره تجاهك واخلاص فؤاده لحبك ورغبته النقية بوجودك قربه على الدوام.
خامسا كونى صادقة مع نفسك ،هل صديقاتك خليلات يخفن الله ويخشونه فيك ، فلا يتحدثن معك بغيبة أو نميمة تعاقبين عليها فى الدنيا والآخرة ؟ وهل هن صالحات كفاية ليتشاركن معك فى طريق الهدى بفعل ما أمر الله به والابتعاد عما نهى عنه ؟ أم هن والعياذ بالله صديقات سوء يزدن من صفحات ذنوبك ويلهينك عن طاعة ربك وحسن عبادته ؟ أصدقى نفسك القول ثم تصرفى على أساس ما توصلت له من نتائج .
اذا كن صالحات فحاولى ارواء زوجك حتى يشبع من نهر حبك واهتمامك وعنايتك ورعايتك وحنانك، ثم وضحى له بروية أنه لا يوجد مخلوق فى هذا العالم قادر على أخذك منه ، وأنه يسكن بداخل أوردتك وشرايينك ، فهو سر سعادتك وهنائك ، وحبك له ليس قابلا للتفاوض ولا للتقاسم ، وبعد هذا كله ومع محاولاتك الجهيدة والخالصة لطاعة ربك بطاعة زوجك ؛ قومى باقناعه بالحسنى بأن صديقاتك صالحات يخفن الله ويخشينه فى السر والعلن ، وأنك بصداقتك لهن تتعاونين معهن على البر والتقوى ، واضربى له المثل بحسن أخلاقهن وطهارة سمعتهن ، واستسمحيه بان يأذن لك يالتزاور معهن لوقت قليل ومحدد أسبوعيا تسعدين فيه معهن فتقطفى ثمرة رضا زوجك عنك التى لا تضاهيها ثمار العالم حلاوة وجمالا وتنعمين بوقت جميل مع صديقات صالحات متقيات خاشعات تضحكن و تأنسن ثم تعودى لزوجك فتغمريه بحبك الذى يأمله منك وتشبعى عواطفه فلا يغار من حبك لصديقاتك، فهو الآمر على قلبك المالك له الساكن به المدخل لك للجنة برضاه عنك ، وأى أجر أعظم من هذا الأجر ؟ !
أما اذا كن سيئات والعياذ بالله فابتعدى عنهن وانجى بنفسك وبمركب حياتك قبل أن يغرقنها ، واملئى فراغ حياتك فى أحضان قلب زوجك وارتوى من ينابيعه واسكنى بين أضلعه فزوجك هو الباقى وصديقاتك هن الذاهبات ورضاه عنك يدخلك الجنة ورضاهن عنك لا يمنحك شيئا فكيف تقارنين الثرى بالثريا؟!
أتمنى من الله أن تكون كلماتى قد أفادتك حبيبتى وأن يوفقك الله تعالى لما تصبين اليه .
د / رهام حسن المجاهد
مأأأأأجى