لماذا تقرأ؟
تقرأ لأن القراءة الهادفة تغيِّر حياتك نحو الأفضل، وترفع مستوى فَهْمك وتفكيرك، وإدراكك ووعيك للأشياء والمواضيع من حولك، وتساعدك - إذا تمكَّنتَ من طريقة القراءة الواعية المثمرة - على أن تكون أحدَ البارزين في زمانك، وأن تكون من الرواد في التأثير على الآخرين، وتقرأ لأنك تحتسب الأجر من الله - عز وجل - وتقرأ لتكون مع الذين يَعلَمون؛ وقد قال الله - عز وجل - عنهم: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9].
وتقرأ لتستفيد من وقتك بما ينفعك، ولتكون مختلفًا عن اللاهين العابثين، وهي مع ذلك تحفظ لك وعيَك وعقلَك وتفكيرَك من التشويه الذي تمارسه الفضائيات والإعلام، الذي يقوم حاليًّا بمهمة ممتازة في تسطيح الوعي والتفكير والاهتمامات، فبقراءتك تصبح ذا وعيٍ وإدراك تام بما يدور حولك، وتستطيع التأليف وكتابة المقالات في المواضيع التي بحثتَها، ويصبح لك تأثير في المجالس التي تحضرها، وتكسب إعجاب الناس والمحيطين من حولك.
إذًا؛ اقرأ واجعل لك منهجًا ومسارًا في القراءة؛ لتكون أحد عظماء زمانك.
كيف ترغِّب نفسَك في القراءة؟
1- يمكنك في البداية قراءة القصص القصيرة، أو الروايات القصيرة والمتوسطة، الهادفة والمختارة: لأن فيها متعة، ولكن تندر فيها الفائدة، ولكن احذر من متعة الروايات؛ فهي إن استسلمتَ لها واتبعتَ هواك، جعلتْك مدمنًا لقراءة الروايات.
2- حدِّد التخصص أو التخصصات التي تحب أن تقرأ فيها: فكل شخص له مجال أو تخصص من القراءة يحب أن يقرأ فيه، وكلٌّ يستمتع بما يحبه من المواضيع التي يهتم بها ويحبها، فبعض الناس مثلاً يقرؤون؛ ليتعلموا كيف يمكن لهم عمل الأشياء، وآخرون يقرؤون؛ لأن الموضوع يعنيهم بشكل مباشر، كمَن يقرأ عن مرض معين - عافانا الله وإياكم من الأمراض - ليتعرف على المرض الذي أصابه، وكيفية التعامل معه، وبعضهم يقرأ؛ ليكون مؤرخًا كبيرًا؛ لذا فإن الشخص الذي يحدد مجال قراءتك هو أنت.
3- وقوعك في أخطاء في البداية في اختيار الكتب شيء طبيعي: ولكنك سوف تمتلك الخبرة بالممارسة، وتراكم المعرفة، ومع مرور الوقت، فاجعل الزمن والوقت عاملين مهمين؛ لتكون قارئًا متميزًا عظيمًا.
4- تذكَّر أن كل هدف عظيم يحتاج للجهد والتعب، والصبر وطول النَّفَس: وأما أصحاب الهمم الباردة والطموحات المحدودة، فالقراءة ليست مكانَهم المناسب، ولْيبحثوا عن شيء آخرَ يقضون فيه حياتهم.
لماذا تشتري الكتاب؟
تشتري الكتاب؛ لأنه يتفق مع هدفك من القراءة، فتحدد الهدف من القراءة، كتأليف كتاب، أو ليساعدك في البحث عن موضوع يشغل تفكيرك ولك به اهتمام خاص، أو لكتابة مقال، أو ليكون مرجعًا للدراسة الجامعية أو العليا، أو للبحث عن موضوعات علمية في تخصص معين، ويذكر أحد المتخصصين أن الفائزين بجائزة نوبل في السنوات الأخيرة - وهي أعلى جائزة علمية في العالم، تعطى للمبرزين والمبدعين في فروع علمية عدة؛ كالطب، والفيزياء، والكيمياء، والرياضيات، والآداب - قد رجع كلُّ واحد منهم إلى ما يقارب عشرة آلاف مرجع تقريبًا في تخصصه، حتى استطاع أن ينتج شيئًا جديدًا ينفع به البشرية.
إذًا؛ فهكذا لتكن الهمم.
كيف تشتري الكتاب أثناء وجودك بالمكتبة؟
وبعد أن يشدَّك أحدُ العناوين؛ لأنه يقع ضمن أهدافك في القراءة، فهناك عدة خطوات تقوم بها قبل شراء الكتاب، وهي على النحو التالي:
1- مراجعة فهرس الكتاب: فهي تبيِّن لك بشكل أوليٍّ ومبدئي محتوياتِ الكتاب والمواضيعَ التي يتطرق إليها، وتعطيك فكرة عامة عن الكتاب.
2- قراءة مقدمة الكتاب: فالمؤلف عادة يبين هدفه من الكتاب من خلال مقدمة الكتاب.
3- قراءة بعض الصفحات من الكتاب: وهذه تبيِّن لك كيفية تناول المؤلِّف للموضوع، وهل يبحثه بالجدية الكافية، وتبين لك أمرًا مهمًّا كذلك، ألا وهو أسلوب المؤلف، فقد يكون تناوله للموضوع بشكل جيد، ولكن أسلوبه وطريقته في الكتابة معقدة أو غامضة، أو أن أسلوبه لا يناسب طريقتك في القراءة، والقارئ هنا أمام خيارين؛ إما أن يشتري الكتاب وهو مجبر، وخصوصًا إذا لم يكن هناك بديل للكتاب في هذا الموضوع، وإما إذا كان هناك بديل للكتاب في نفس الموضوع، فالأفضل شراء كتاب يناسب القارئ وأسلوبه في القراءة.
4- لا تجعل من وجودك في المكتبة مثل وجودك في أحد الأسواق: ففي المكتبة لا يكفي المرور على أرفف الكتب، ومشاهدة العناوين وأشكال الكتب من بعيد؛ بل أمضِ وقتًا بين الرفوف، وابحث، وأمضِ وقتًا في المكتبة لا يقل عن الساعة، وهذا هو الشيء الطبيعي للباحث الجاد، أما أن يخصص أحدهم عشر دقائق أو ربع ساعة للبحث عن الكتاب المناسب في المكتبة، فهو للهزل والضحك على النفس أقرب منه للجد!
فالقارئ والباحث الجاد يرى أن الكتاب مهم لديه، ولأنه مهم؛ فهو يستحق البحث والجد والتعب؛ للبحث عن الكتاب الجيد والمفيد، الذي يثري العقلَ، ويرفع مستوى الفهم والتحليل، ويوسع مدى قدرة فهم القضايا المختلفة.
ماذا تقرأ؟
ندرك تمامًا أنه انتهى زمان العلماء الموسوعيين، وأصبح التخصص والإبداع في التخصص هو معيارَ النجاح والتفوق الكامل، وهو الذي يجعل للشخص أثرًا وبصمة في الحياة، ويصبح القارئ المتخصص من عظماء زمانه، وقراءة من ساعة إلى ساعتين في تخصص واحد يوميًّا يجعل الشخص خلال خمس سنوات من البارزين في تخصصه، ويستطيع أن يبدع وينتج من خلال تخصصه الذي اختاره، وبشكل عام ينصح المتخصصون في القراءة أن يكون للشخص قراءة شرعية وإسلامية بنسبة خمس وعشرين بالمائة من القراءة؛ إذ إنه من العيب والعار أن يكون الشخص جاهلاً بأمور دينه، وخمس وعشرون بالمائة للقراءة في الثقافة بشكل عام، والخمسون في المائة المتبقية تكون للقراءة في التخصص، وتختلف هذه النسبة بطبيعة الحال على حسب حال كل شخص، وطبيعة تخصصه، والوقت المتاح له.
متى تقرأ؟
1- اختيار وقت القراءة المناسب: وبشكل عام فإن القراءة بعد صلاة الفجر مباشرة من أفضل أوقات القراءة، وهذا كأفضلية، وأما غيرها من الأوقات، فبحسب نشاط الشخص، وحالته النفسية والمزاجية.
2- اختيار الوقت الذي يكون فيه الذهن نشيطًا: لأن القراءة في وقت إرهاق الذهن والبدن عديمة الجدوى والفائدة، والحرص على اختيار الوقت المناسب مهم لمن أراد الفائدة من القراءة؛ حتى يصبح ذا أثر في الحياة.
3- اختيار المكان والوضعية المناسبة للقراءة: فأنت سوف تقرأ وتستوعب بشكل أفضل، إذا كان المكان الذي تقرأ فيه مرتبًا بشكل يساعدك على القراءة والاستمرار فيها.
كيف تقرأ؟
1- إذا بدأت في القراءة لا تتوقف: وإذا كنت قارئًا جادًّا فسوف تقوم بإغلاق الجوال، وأما إذا كنت قارئًا هزيلاً، فسوف تسمح للآخرين - من خلال إبقاء الجوال مفتوحًا - بمقاطعتك أثناء قراءتك، والتشويش عليك وعلى أفكارك، وكان أحد المفكرين العرب الكبار يقفل على نفسه باب غرفة القراءة أثناء القراءة، ويقطع كل وسيلة للاتصال به، ويقول لأهله بلهجة صارمة: لا تطرقوا الباب لأي سبب، إلا إذا كان هناك حريق في المنزل.
2- التركيز أثناء القراءة: بحيث يقتنص القارئ الأفكار والتصورات والرؤى العظيمة اقتناصًا، ويحاول البحث بجدٍّ عن سنن وطبائع الأشياء والفوائد وكتابتها في أوراق خاصة لديك، هي مهارة القراء العظام، مع مراجعة هذه الفوائد والأفكار التي قمت بتسجيلها في أوراقك الخاصة كل شهرين أو ثلاثة أشهر.
3- حاول من خلال قراءتك تحسين مستوى الفهم والتحليل لديك: وذلك من خلال امتلاك القدرة النقدية للموضوع الذي تقرؤه، وهذه تأتي بالقراءة المستمرة، المبنيَّةِ على ثقافة شرعية قوية، والقراءةُ بدون ثقافة شرعية راسخة، قد تصبح خطرًا على صاحبها.
4- يمكنك التنقل بين الكتاب الصعب والسهل: وهذا مراد هوفمان المفكر الإسلامي المعروف، يقول عن نفسه: "كنت أقرأ الكتب الصعبة، فإذا تعبتُ وأُرهق ذهني أثناء القراءة، انتقلت للكتب السهلة".
واسمحوا لي أن أقول لكم هذا السر، بعد بحث طويل في القراءة وشؤونها، وبعد خبرة شخصية فيها، وهو أن القراءة تعمل في جسمك، وعقلك، وشعورك، في اتجاهين أو مسارين، هما:
1- المسار العقلي والفكري: فالقراءة المنهجية المنظمة الواعية المستمرة، والتعلم المستمر، تجعل شخصًا متوسط الذكاء يكون من البارزين في زمانه؛ فالذكاء والعبقرية وحدهما لا يصنعان شيئًا، وماذا يفيد شخص بعبقرية وذكاء نيوتن، وهو في مزرعته بدون أي شيء آخر من وسائل التعلم والتثقيف المستمرين؟!
هو فقط يستطيع تحديد موعد الزراعة المناسب، ويعرف متى يضع السماد؟ ويستطيع تحديد حال النبتة والمحصول بشكل عام، هذا أقصى ما يستطيعه، إن كان مهتمًّا، وإما إن لم يكن مهتمًّا، فالأمر مختلف.
وفي المقابل، فإن شخصًا متوسط الذكاء، وذا تعليم جيد، ويثقف نفسه باستمرار - يستطيع وهو في مزرعته استخدام وسائل الزراعة الحديثة، والري بالتنقيط، واستخدام البيوت المحمية، وتتبع أحدث الطرق المفيدة بالزراعة، ويستطيع تحديد أساليب تسويقية حديثة لتسويق منتجاته، وبيعها بأسعار أعلى من أسعار السوق؛ لأنه مثلاً يقوم بتغليفها بطريقة متميزة، ويمكنه استخدام الإنترنت للوصول لأسواق عالمية لتسويق منتجه.
إن الذكاء المتوسط، مع قراءة وتثقيف وتعلم مستمرين، يمكن أن يحول شخصًا عاديًّا إلى واحد من المبدعين والرواد في زمانه.
2- المسار الشعوري والحسي: تؤثِّر القراءة في شعور وحس الشخص، وقد تجعله يتخذ قراراتٍ في حياته، قد تؤثر في مسار حياته كلها، وإن الشعور يؤثر في الفكر والعقل والتصرفات - كما نعلم جميعًا - وهذا علاَّمة الحديث في عصرنا الحاضر، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، قد بدأ طلب علم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متأثرًا بأبحاث مجلة المنار التي كان يصدرها الشيخ محمد رشيد رضا - رحم الله الشيخين رحمة واسعة - وهذا أحمد ديدات - رحمه الله - وهو الداعية الإسلامي المعروف، وصاحب المناظرات الشهيرة مع قساوسة النصارى، قد تغيرت حياته تمامًا - كما يَذكر عن نفسه - بعد قراءته لكتاب "إظهار الحق"، حيث يقول: "لو لم أصادف هذا الكتاب، ما كنت لأقوم به الآن، وأعني بذلك التحدث إلى الناس عن الأديان من منطلق المقارنة بينها".
إذًا؛ اقرأ لتنضمَّ إلى العظماء.
لكل خير.
تقرأ لأن القراءة الهادفة تغيِّر حياتك نحو الأفضل، وترفع مستوى فَهْمك وتفكيرك، وإدراكك ووعيك للأشياء والمواضيع من حولك، وتساعدك - إذا تمكَّنتَ من طريقة القراءة الواعية المثمرة - على أن تكون أحدَ البارزين في زمانك، وأن تكون من الرواد في التأثير على الآخرين، وتقرأ لأنك تحتسب الأجر من الله - عز وجل - وتقرأ لتكون مع الذين يَعلَمون؛ وقد قال الله - عز وجل - عنهم: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9].
وتقرأ لتستفيد من وقتك بما ينفعك، ولتكون مختلفًا عن اللاهين العابثين، وهي مع ذلك تحفظ لك وعيَك وعقلَك وتفكيرَك من التشويه الذي تمارسه الفضائيات والإعلام، الذي يقوم حاليًّا بمهمة ممتازة في تسطيح الوعي والتفكير والاهتمامات، فبقراءتك تصبح ذا وعيٍ وإدراك تام بما يدور حولك، وتستطيع التأليف وكتابة المقالات في المواضيع التي بحثتَها، ويصبح لك تأثير في المجالس التي تحضرها، وتكسب إعجاب الناس والمحيطين من حولك.
إذًا؛ اقرأ واجعل لك منهجًا ومسارًا في القراءة؛ لتكون أحد عظماء زمانك.
كيف ترغِّب نفسَك في القراءة؟
1- يمكنك في البداية قراءة القصص القصيرة، أو الروايات القصيرة والمتوسطة، الهادفة والمختارة: لأن فيها متعة، ولكن تندر فيها الفائدة، ولكن احذر من متعة الروايات؛ فهي إن استسلمتَ لها واتبعتَ هواك، جعلتْك مدمنًا لقراءة الروايات.
2- حدِّد التخصص أو التخصصات التي تحب أن تقرأ فيها: فكل شخص له مجال أو تخصص من القراءة يحب أن يقرأ فيه، وكلٌّ يستمتع بما يحبه من المواضيع التي يهتم بها ويحبها، فبعض الناس مثلاً يقرؤون؛ ليتعلموا كيف يمكن لهم عمل الأشياء، وآخرون يقرؤون؛ لأن الموضوع يعنيهم بشكل مباشر، كمَن يقرأ عن مرض معين - عافانا الله وإياكم من الأمراض - ليتعرف على المرض الذي أصابه، وكيفية التعامل معه، وبعضهم يقرأ؛ ليكون مؤرخًا كبيرًا؛ لذا فإن الشخص الذي يحدد مجال قراءتك هو أنت.
3- وقوعك في أخطاء في البداية في اختيار الكتب شيء طبيعي: ولكنك سوف تمتلك الخبرة بالممارسة، وتراكم المعرفة، ومع مرور الوقت، فاجعل الزمن والوقت عاملين مهمين؛ لتكون قارئًا متميزًا عظيمًا.
4- تذكَّر أن كل هدف عظيم يحتاج للجهد والتعب، والصبر وطول النَّفَس: وأما أصحاب الهمم الباردة والطموحات المحدودة، فالقراءة ليست مكانَهم المناسب، ولْيبحثوا عن شيء آخرَ يقضون فيه حياتهم.
لماذا تشتري الكتاب؟
تشتري الكتاب؛ لأنه يتفق مع هدفك من القراءة، فتحدد الهدف من القراءة، كتأليف كتاب، أو ليساعدك في البحث عن موضوع يشغل تفكيرك ولك به اهتمام خاص، أو لكتابة مقال، أو ليكون مرجعًا للدراسة الجامعية أو العليا، أو للبحث عن موضوعات علمية في تخصص معين، ويذكر أحد المتخصصين أن الفائزين بجائزة نوبل في السنوات الأخيرة - وهي أعلى جائزة علمية في العالم، تعطى للمبرزين والمبدعين في فروع علمية عدة؛ كالطب، والفيزياء، والكيمياء، والرياضيات، والآداب - قد رجع كلُّ واحد منهم إلى ما يقارب عشرة آلاف مرجع تقريبًا في تخصصه، حتى استطاع أن ينتج شيئًا جديدًا ينفع به البشرية.
إذًا؛ فهكذا لتكن الهمم.
كيف تشتري الكتاب أثناء وجودك بالمكتبة؟
وبعد أن يشدَّك أحدُ العناوين؛ لأنه يقع ضمن أهدافك في القراءة، فهناك عدة خطوات تقوم بها قبل شراء الكتاب، وهي على النحو التالي:
1- مراجعة فهرس الكتاب: فهي تبيِّن لك بشكل أوليٍّ ومبدئي محتوياتِ الكتاب والمواضيعَ التي يتطرق إليها، وتعطيك فكرة عامة عن الكتاب.
2- قراءة مقدمة الكتاب: فالمؤلف عادة يبين هدفه من الكتاب من خلال مقدمة الكتاب.
3- قراءة بعض الصفحات من الكتاب: وهذه تبيِّن لك كيفية تناول المؤلِّف للموضوع، وهل يبحثه بالجدية الكافية، وتبين لك أمرًا مهمًّا كذلك، ألا وهو أسلوب المؤلف، فقد يكون تناوله للموضوع بشكل جيد، ولكن أسلوبه وطريقته في الكتابة معقدة أو غامضة، أو أن أسلوبه لا يناسب طريقتك في القراءة، والقارئ هنا أمام خيارين؛ إما أن يشتري الكتاب وهو مجبر، وخصوصًا إذا لم يكن هناك بديل للكتاب في هذا الموضوع، وإما إذا كان هناك بديل للكتاب في نفس الموضوع، فالأفضل شراء كتاب يناسب القارئ وأسلوبه في القراءة.
4- لا تجعل من وجودك في المكتبة مثل وجودك في أحد الأسواق: ففي المكتبة لا يكفي المرور على أرفف الكتب، ومشاهدة العناوين وأشكال الكتب من بعيد؛ بل أمضِ وقتًا بين الرفوف، وابحث، وأمضِ وقتًا في المكتبة لا يقل عن الساعة، وهذا هو الشيء الطبيعي للباحث الجاد، أما أن يخصص أحدهم عشر دقائق أو ربع ساعة للبحث عن الكتاب المناسب في المكتبة، فهو للهزل والضحك على النفس أقرب منه للجد!
فالقارئ والباحث الجاد يرى أن الكتاب مهم لديه، ولأنه مهم؛ فهو يستحق البحث والجد والتعب؛ للبحث عن الكتاب الجيد والمفيد، الذي يثري العقلَ، ويرفع مستوى الفهم والتحليل، ويوسع مدى قدرة فهم القضايا المختلفة.
ماذا تقرأ؟
ندرك تمامًا أنه انتهى زمان العلماء الموسوعيين، وأصبح التخصص والإبداع في التخصص هو معيارَ النجاح والتفوق الكامل، وهو الذي يجعل للشخص أثرًا وبصمة في الحياة، ويصبح القارئ المتخصص من عظماء زمانه، وقراءة من ساعة إلى ساعتين في تخصص واحد يوميًّا يجعل الشخص خلال خمس سنوات من البارزين في تخصصه، ويستطيع أن يبدع وينتج من خلال تخصصه الذي اختاره، وبشكل عام ينصح المتخصصون في القراءة أن يكون للشخص قراءة شرعية وإسلامية بنسبة خمس وعشرين بالمائة من القراءة؛ إذ إنه من العيب والعار أن يكون الشخص جاهلاً بأمور دينه، وخمس وعشرون بالمائة للقراءة في الثقافة بشكل عام، والخمسون في المائة المتبقية تكون للقراءة في التخصص، وتختلف هذه النسبة بطبيعة الحال على حسب حال كل شخص، وطبيعة تخصصه، والوقت المتاح له.
متى تقرأ؟
1- اختيار وقت القراءة المناسب: وبشكل عام فإن القراءة بعد صلاة الفجر مباشرة من أفضل أوقات القراءة، وهذا كأفضلية، وأما غيرها من الأوقات، فبحسب نشاط الشخص، وحالته النفسية والمزاجية.
2- اختيار الوقت الذي يكون فيه الذهن نشيطًا: لأن القراءة في وقت إرهاق الذهن والبدن عديمة الجدوى والفائدة، والحرص على اختيار الوقت المناسب مهم لمن أراد الفائدة من القراءة؛ حتى يصبح ذا أثر في الحياة.
3- اختيار المكان والوضعية المناسبة للقراءة: فأنت سوف تقرأ وتستوعب بشكل أفضل، إذا كان المكان الذي تقرأ فيه مرتبًا بشكل يساعدك على القراءة والاستمرار فيها.
كيف تقرأ؟
1- إذا بدأت في القراءة لا تتوقف: وإذا كنت قارئًا جادًّا فسوف تقوم بإغلاق الجوال، وأما إذا كنت قارئًا هزيلاً، فسوف تسمح للآخرين - من خلال إبقاء الجوال مفتوحًا - بمقاطعتك أثناء قراءتك، والتشويش عليك وعلى أفكارك، وكان أحد المفكرين العرب الكبار يقفل على نفسه باب غرفة القراءة أثناء القراءة، ويقطع كل وسيلة للاتصال به، ويقول لأهله بلهجة صارمة: لا تطرقوا الباب لأي سبب، إلا إذا كان هناك حريق في المنزل.
2- التركيز أثناء القراءة: بحيث يقتنص القارئ الأفكار والتصورات والرؤى العظيمة اقتناصًا، ويحاول البحث بجدٍّ عن سنن وطبائع الأشياء والفوائد وكتابتها في أوراق خاصة لديك، هي مهارة القراء العظام، مع مراجعة هذه الفوائد والأفكار التي قمت بتسجيلها في أوراقك الخاصة كل شهرين أو ثلاثة أشهر.
3- حاول من خلال قراءتك تحسين مستوى الفهم والتحليل لديك: وذلك من خلال امتلاك القدرة النقدية للموضوع الذي تقرؤه، وهذه تأتي بالقراءة المستمرة، المبنيَّةِ على ثقافة شرعية قوية، والقراءةُ بدون ثقافة شرعية راسخة، قد تصبح خطرًا على صاحبها.
4- يمكنك التنقل بين الكتاب الصعب والسهل: وهذا مراد هوفمان المفكر الإسلامي المعروف، يقول عن نفسه: "كنت أقرأ الكتب الصعبة، فإذا تعبتُ وأُرهق ذهني أثناء القراءة، انتقلت للكتب السهلة".
واسمحوا لي أن أقول لكم هذا السر، بعد بحث طويل في القراءة وشؤونها، وبعد خبرة شخصية فيها، وهو أن القراءة تعمل في جسمك، وعقلك، وشعورك، في اتجاهين أو مسارين، هما:
1- المسار العقلي والفكري: فالقراءة المنهجية المنظمة الواعية المستمرة، والتعلم المستمر، تجعل شخصًا متوسط الذكاء يكون من البارزين في زمانه؛ فالذكاء والعبقرية وحدهما لا يصنعان شيئًا، وماذا يفيد شخص بعبقرية وذكاء نيوتن، وهو في مزرعته بدون أي شيء آخر من وسائل التعلم والتثقيف المستمرين؟!
هو فقط يستطيع تحديد موعد الزراعة المناسب، ويعرف متى يضع السماد؟ ويستطيع تحديد حال النبتة والمحصول بشكل عام، هذا أقصى ما يستطيعه، إن كان مهتمًّا، وإما إن لم يكن مهتمًّا، فالأمر مختلف.
وفي المقابل، فإن شخصًا متوسط الذكاء، وذا تعليم جيد، ويثقف نفسه باستمرار - يستطيع وهو في مزرعته استخدام وسائل الزراعة الحديثة، والري بالتنقيط، واستخدام البيوت المحمية، وتتبع أحدث الطرق المفيدة بالزراعة، ويستطيع تحديد أساليب تسويقية حديثة لتسويق منتجاته، وبيعها بأسعار أعلى من أسعار السوق؛ لأنه مثلاً يقوم بتغليفها بطريقة متميزة، ويمكنه استخدام الإنترنت للوصول لأسواق عالمية لتسويق منتجه.
إن الذكاء المتوسط، مع قراءة وتثقيف وتعلم مستمرين، يمكن أن يحول شخصًا عاديًّا إلى واحد من المبدعين والرواد في زمانه.
2- المسار الشعوري والحسي: تؤثِّر القراءة في شعور وحس الشخص، وقد تجعله يتخذ قراراتٍ في حياته، قد تؤثر في مسار حياته كلها، وإن الشعور يؤثر في الفكر والعقل والتصرفات - كما نعلم جميعًا - وهذا علاَّمة الحديث في عصرنا الحاضر، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، قد بدأ طلب علم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متأثرًا بأبحاث مجلة المنار التي كان يصدرها الشيخ محمد رشيد رضا - رحم الله الشيخين رحمة واسعة - وهذا أحمد ديدات - رحمه الله - وهو الداعية الإسلامي المعروف، وصاحب المناظرات الشهيرة مع قساوسة النصارى، قد تغيرت حياته تمامًا - كما يَذكر عن نفسه - بعد قراءته لكتاب "إظهار الحق"، حيث يقول: "لو لم أصادف هذا الكتاب، ما كنت لأقوم به الآن، وأعني بذلك التحدث إلى الناس عن الأديان من منطلق المقارنة بينها".
إذًا؛ اقرأ لتنضمَّ إلى العظماء.
لكل خير.
سلطان الدويفن
مآآآآآآجده
مآآآآآآجده