أمامي الكثيرُ من الأخبار التي مرَّتْ على الناس عبرَ سنين الاحتلال والغزْو للعراق، وما سبَقَه وما تلاه حتى ساعتِنا، ولم أقصدْ في هذه العجالة أن أُعيدَ سَرْدَ هذه الأخبار، أو أن أجمعَ تفاصيلَها، وإنَّما قصدتُ أن أُشير إلى ما يربط بينها، وأن أضعَها في صورتها الحقيقة أمامَ القارئ؛ ليفهمَ الصورة، ويَعرِف أبعادَ المشهد على الحقيقة، بعيدًا عن التزييف والتزوير الذي تمارِسُه أقلامٌ ووسائلُ إعلامٍ مأجورة.
وقد دفعني إلى إعادةِ رسْم هذه الخريطة أمامَ القارئ ما رأيناه في مشهدها الأخير ذي الأعلام الاثني عشر، ولنبدأ من الأوَّل:
حيث العداوةُ الإيرانيَّة الأمريكيَّة المُعلَنة في وسائل الإعلام، والهتافات المتكرِّرة في إيران ضدَّ الشيطان الأكبر أمريكا، الذي ما لَبِث الإعلامُ نفسُه أن كشف عن العَلاقات الوطيدة بين النِّظام الإيراني وأمريكا التي ساعدت الثوريِّين الإيرانيِّين، كما ساعدتْ الشاهَ من قبلُ، وتناقلتْ وسائل الإعلام فضيحةَ إيران جيت، تلك التي حصلت إيران بموجبها على سِلاح الأمريكان والصهاينة، في حَرْبها ضدَّ العراق.
وفي حديثٍ (مُتلْفَز)، بثَّتْه وسائلُ الإعلام في حينه، وهو موجودٌ على شبكة (الإنترنت)، يتحدَّث فيه الرئيس العراقيُّ المقتولُ يومَ عيد الأضحى صدام حسين، عن بداية الحرْب العراقية الإيرانيَّة، ويقرأ عددًا من الوثائق والخِطابات التي توجَّهتْ بها بغداد إلى طهران، تُعْلِمها فيها بالتجاوزات والضربات التي قامتْ بها أسلحةُ طهران على المدن العراقية، وتطلب منها مَنْعَ ذلك مستقبلاً، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، غير أنَّ شيئًا من ذلك لم يكن، وبدأتِ الحربُ العراقية الإيرانيَّة، ثم وضَعتْ أوزارَها، وهدأتِ الأمور، وبدأ نجمُ طهران يخفُت شيئًا ما.
وحصل العدوانُ على الكويت، وجاءتْ دولُ التحالُف، ورجعتْ، ثم جاءت مرَّة أخرى ودخلتِ العراق، وفي المرَّة الأولى لمجيئها لم تكن طهران في الخريطة، كما كانتْ في المرَّة الثانية، هو الذي أغراها ووجَّهها تُجاهَ حليفتها الشيعيَّة الصفويَّة الفارسيَّة، وجعلها تَعقدُ معها صفقةً تقومُ طهران بموجبها بتسهيل دخول الأمريكان واحتلالهم للعِراق وأفغانستان، بمساعدةِ دول التحالُف مع الأمريكان، لكن لم يتضِح الثمن الذي سيدفعُه الأمريكان لطهران الفارسيَّة الرافضية آنذاك، ولم تُعلِن طهران عن الثمن الذي ستَجنيه من وراءِ هذه التسهيلات، أو الخِيانات والمساعدات على احتلال بلادِ المسلمين لصالِح الحليف اليهوديِّ والصِّهْيَونيِّ لطهران، التي تضع نفسَها في خِدمة الجالية اليهودية، بل وسائر الجاليات، وتفتح لهم دُورَ عبادة، في الوقت الذي لا يوجد فيها مسجد واحدٌ للمسلمين السُّنَّة، الذين يُمثِّلون الملايين من عدد سُكَّان إيران.
فما هو الثمن؟ هذا ما سيكتَشِفه القارئُ بعد قليل - إن شاء الله تعالى.
بدأتْ إيران أوَّلاً بالكشْف عن التسهيلات التي قدَّمتْها للمحتلِّين على احتلال ديار المسلمين، في العِراق وأفغانستان؛ بل صرَّح كِبارُ الساسة في النظام الإيراني بأنَّه لولا طهران لَمَا قدرتْ أمريكا على احتلال العِراق وأفغانستان، وافتخرتْ طهران الفارسيَّة بهذه الخيانة، كما افتخرَ وزيرُ الرافضة ابن العلقمي بخيانتِه لخليفة المسلمين، وتسليمِه لأعدائه، وإسقاطِ بغداد في يدِ المحتلِّين قديمًا، وابن العلقمي هو الذي يفتخر ويُشيد به الخمينيُّ في أكثرَ من مناسبة مِن كتبه، ولماذا لا يَفتخرُ به الخمينيُّ وهو مثلُه في الخيانة والغَدرِ للأمَّة المسلِمة؟!
لكن عادتْ طهران تُزيِّن نفسَها، مرَّة أخرى، وتُخفي وجهَها الفارسيَّ الرافضي، فادَّعتْ أنَّها قد أزالتْ قبرَ أبي لؤلؤة المجوسي - لعنه الله - قاتلِ أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - ولَمَّا نشرتْ جريدة "المصريون" أنَّ المزار الخاص بأبي لؤلؤة ما زال موجودًا، يزوره الإيرانيُّون، عاد تسخيري الرافضي الفارسي يؤكِّد على زواله، ويحاول خداعَ المسلمين، وكذَّب الجريدةَ في كلامها، ثم عاد واعتذر في رسالة لمحمَّد سليم العوَّا عن الأمر، وأقرَّ فيها بوجود المزار كما هو، قائم بالفعل، ونشرتْ جريدة "المصريون" الرِّسالة، ثم دخلْنا الموقع الإلكتروني للجريدة بعد فترة، فلم نجدِ الرِّسالة في مكانها.
وشبيهٌ بهذا ما حصل عندما نَشَر مراسلُ موقع "مفكرة الإسلام" الإخباري خبرًا عن نشْر الإيرانيِّين الشيعة آلافَ المصاحف في العراق بعدَ احتلالها، ممَّا يسمُّونه بمصحف فاطمة، الذي يختلف مع مصحف المسلمين في عدد السُّور، ويَزيد فيه الرافضة سورةً يسمُّونها بسورة الولاية، ثم دخلْنا الموقع الإخباري بعدَ فترة للبحث عن الخبر في مكانه، فلم نجده هو الآخَر!
لكنَّ هذه الأخبارَ كلَّها ما زالت موجودةً في العديد من المواقع على شبكة (الإنترنت)، كانت قد نقلتْها من مصدرها قبلَ أن تُحذَف منه بفِعْل فاعل، أو بغيرها من الطُّرق والاتصالات.
وقد حاولتْ طهران الفارسيَّة الرافضيَّة التنصُّلَ من كلِّ هذا، والعودة لتزيين نفسها مرَّة أخرى، ووضعتْ أمثال مقتدَى الصدر الشيعي الرافضي الخبيث، الذي أفتى لميلشياته بسَلْخ المسلمين السُّنَّة، وقتلهم جِهارًا في العراق، فقد وضعه الفارسيُّون الرافضة كقائد معارض لاحتلال دول التحالُف للعراق، وجهاده ضدَّ المحتلِّين، في محاولة شيعيَّة لغسْل آثار فتاوى السيستاني وغيره من مراجع الشيعة الكِبار بعدم جواز جهادِ المحتلِّين.
ويزداد الأمرُ غرابةً عندما ننظر في أدلة فتاوى السيستاني وغيره من مراجع الروافض، فنجدها تدور على نظرية الغيبة وعدم وجود الإمام القائم (المهدي) الذي لا بدَّ من وجوده ليُجاهدوا خلفَه، ويُقيموا دولةً يحكمهم هو فيها، والأغربُ أنَّ أحدًا ممَّن قرأ فتوى السيستاني لم يسأل نفسَه: فها هي إيران الرافضية دولةٌ قائمة، فَلِمَ لا يرحل ساستُها ويَدَعونها حتى يأتيَ القائم (المهدي)، فيحكم في أهلها بما يشاء؟!
أم أنَّ المهديَّ للعراق فقط، أمَّا إيران فهي تتصرَّف في المهدي كما تشاء، وتأكل به كما تشاء، وتستغفل به مَن تشاء، وتجمع به أموالَ مَن تشاء؟!
لقد زرعتْ إيران الرافضية وذيولها في العِراق مقتدى الصدر وأمثالَه كمعارضين للاحتلال، ثم تكشَّفت صلةُ مقتدَى الصدر بطهران لاحقًا، وكيف قامتْ طهران على تمويله وتدريبه وتدريب ميلشياته في العِراق.
وإلى هنا ما زال ثَمنُ الخِدْمات الجليلة لتسهيل احتلال العراق وأفغانستان غيرَ واضحٍ، وما زال ثمن فتاوى السيستاني وأمثاله من مراجع الشيعة ودعمهم للمحتلِّين غيرَ واضح.
بدأ الرافضةُ حملةَ تزيين أخرى، على سبيل التضليل لغيرهم، فكوَّنوا أحزابًا ووضعوا لافتاتٍ كبيرةً، وأصلحوا بين بعضهم البعض، ووجَّهوا العديد من الاتِّهامات لجيش مقتدى الصدر وغيره، لكنَّها اتهامات في الهواء؛ للتضليل الإعلامي، وفي الباطن فقد أدخلوا هؤلاءِ تحت مسمَّيات أخرى، بل دخل هؤلاءِ إلى الشرطة العراقيَّة الحاكمة من أوسعِ الأبواب، فظنَّ السُّذَّجُ أنَّ جيش الصدر وغيره قد انتهى، وفي الحقيقة قد انتهى اسمُه وبدأ هؤلاء الرافضةُ العملَ تحت اسم جديد يُسمَّى بالجيش العراقي، وبالشرطة العراقية.
ولَمَّا خالف بعضُ الروافض هذه الخطط تمَّ تسوية الأمور معهم بطريقة أو بأخرى، مع الإعلانِ عن عدَّة حوادث تطهير من المسلَّحين أو الميلشيات الخارجة عن القانون في النَّجف وغيرِها من مدن وأحياء الشيعة، على سبيل التضليل الإعلاميِّ والتزوير لا أكثر؛ لتمريرِ العديد من السيناريوهات، مثل إقامة دولة غير طائفيَّة، ودعوة السُّنة للوقوف في وجه المقاومة مثلما فعلَ الرافضة مع ميلشياتهم.
فأنشأ الرافضةُ والمحتلُّون مجالسَ الصحوات، التي عملت في المربَّع العربي خاصَّة، وأدَّت من الخِدْمات ما عجز عنه الرافضةُ والمحتلُّون معًا، فحاربت الصحوات نيابةً عن المحتلِّ ضدَّ المقاومة العراقية، فلمَّا استقر الوضع للرافضة والمحتلِّين ولم يَعدْ للصحوات فائدة، بدأت الحكومة الرافضيَّة بتصفية الصحوات، واتِّهامها بإيواء المقاومة العراقيَّة والإرهابيِّين، وغير ذلك من التُّهم المجهَّزة سلفًا.
إلى هنا ما زال ثمنُ التسهيلات والخِدْمات والمساعدات التي قدَّمها الرافضةُ الفرس وطهران للمحتلِّين لم يتضحْ بعدُ بجلاء، والكلُّ يتوقَّع الثمن ويتوقع؛ لكنَّه بوضوح لم يتضح بعدُ على وجه التحديد.
وتمرُّ الأيَّام، وتنتشر في الناس أحاديثُ الخِلافات والصِّراعات المشتعلة بين واشنطن وطهران، بين المحتلِّين والرافضة الفارسيِّين، والكلام عن عدم انصياع طهران للغرْب بخصوص الملف النووي الإيراني، واحتمال توجيه واشنطن أو حتى إسرائيل ضربةً عسكريَّة لطهران، وبدأ العلماءُ السُّنَّة وعلماءُ المسلمين ينسَوْن لطهران جرائمَها، ويتكلَّمون عن دعمهم لها في وجه الضربةِ العسكريَّة المتوقَّعة، هذا ما جرى في الإعلام؛ لكن في باطن الأمور وجدْنا بعضَ أمناء حزب الله الرافضي اللبناني يتكلَّم عن حراسة حزب الله الرافضي لحدودِ شمال إسرائيل، ويمنع أيَّ مقاوم من الاقتراب من الحدود الإسرائيليَّة، ثم ضربتْ إسرائيلُ غزَّةَ بكلِّ أسلحتها وبالفوسفور الأبيض والكيماويات، ولم يتحرَّك حزب الله قِيدَ أنملة لنُصرة غزَّة، ولا رأينا صواريخَه التي هدَّد بوصولها لتلِّ أبيب، وإنَّما اختفى كالفئران في جحوره، ولم نشهدْ له إلاَّ تأليبَ الشعب المصري والجيش المصري على حكومته، من خلال عبارات مزيَّفة عن نُصرة المقاومة، وعلى الجانب الآخَرِ يعبث بأمن العديد من البلدان العربية، ويتَّخذ له خلايا نائمةً يستخدمها متى شاء لتهديد الدول العربية، والإضرار بالمسلمين، والحمد لله أن تنبَّهت المغرب ومصر وغيرُها من دول العرب إلى الخطر الرافضي الفارسي القادم.
وكلَّما اشتدَّ الخطاب الإعلامي ضراوةً بخصوص الخلاف الرهيب بين الغرْب وطهران الرافضية، كلَّما وجدنْا الاتفاقات والسيناريوهات يتمُّ تمريرُها بين طهران وواشنطن خاصَّة، وطهران والغرْب عامَّة.
واشتدَّ الصِّراع الإعلامي بين الفرس والأمريكان، وينشغل الناسُ بتفاصيله، ويتمخَّض عن مقْتل بناظير بوتو، وتولِّي زوجِها المجرِم آصف زرداري المسجون سابقًا رئاسةَ باكستان، وهو الإسماعيليُّ الشيعي الخبيث، وفي الجهة الأخرى تَولَّى حكومة نوري المالكي الشيعي مقاليدَ رئاسة وزارة العراق، ثم دخولها الانتخابات، تحت شِعارِ دولة القانون.
وبهذا صار للشيعة الفُرس هلالٌ كبير يبدأ في باكستان، ويمرُّ بطهران، وينتهي ببغداد، وهذا هو الثمنُ الذي قبضتْه طهران الفارسية الرافضية، لكنَّها ما زالتْ تقبض فيه دفعةً دفعة، وتثبت دعائِمَه؛ ليستقرَّ لها.
ولئن كان الوضْعُ في باكستان لا يستدعي أن يُعلِن آصف زرداري عن نفسه، فقد أعلن المالكيُّ في بغداد بوقاحة، فوضَع خلفَه اثنتي عشرة نُسخةً من العَلم العراقي، وهو يُلقي خطابَه بمناسبة ما سَمَّوْه بخروج القوات الأمريكية من المدن العراقية، وتولِّي الشرطة العراقية مقاليدَ الأمن العراقي.
والمالكيُّ لا يتصرَّف خطوةً بغير مشورة رافضيَّة لمراجعه الرافضة أمثال السيستاني وغيره، وكما اختاروا مناسبةَ إعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين - رحمه الله - يوم عيد الأضحى نِكايةً في المسلمين العراقيِّين وغيرهم، فقد اختاروا يومَ ما سَمَّوه جلاء المحتلِّين الأمريكان عن المدن، وتسلُّم الشرطة العراقية مقاليدَ الأمور؛ لوضع اثني عشر علمًا وراءَ نوري المالكي إعلانًا بقيام الدولة الشيعيَّة الاثني عشرية في العراق، والتي هي امتدادٌ بكلِّ تأكيد للدولة الشيعيَّة الاثني عشرية في طهران، ولتبدأَ مرحلةٌ أخرى من مراحل الحُلم الإيراني في تجديد الإمبراطوريَّة الفارسية.
وأمريكا والغرْب لا يُقدِّمون للفرس إمبراطوريَّةً فارسيَّة هكذا بغير ثمن، وإنَّما يقدِّمونها وهم يعرفون جيِّدًا أنَّ الرافضة هم أكثرُ الموالين والمتحالفين والمتعاونين مع الأمريكان والغرْب، فهذا دَأْبُ الرافضة، ولهذا مجال آخرُ للحديث عنه؛ لكنِّي أختم بكلمة للإمام الكبير ابن تيمية - رحمه الله - وهو يُصوِّر هذه المسألةَ قبل مئات السنين، حيث قال ابن تيمية: "فالرافضةُ يوالون مَن حارب أهل السُّنَّة والجماعة، ويوالون التتار، ويوالون النصارى، وقد كان بالساحل بين الرافضة وبين الفرنج مهادنة، حتى صارتِ الرافضة تَحمِل إلى قبرص خيلَ المسلمين وسلاحَهم وغلمانَ السلطان وغيرهم من الجند والصبيان، وإذا انتصرَ المسلمون على التتار أقاموا المآتمَ والحزن، وإذا انتصر التتارُ على المسلمين أقاموا الفرحَ والسرور، وهم الذين أشاروا على التتار بقتْل الخليفة وقَتلِ أهل بغداد، ووزير بغداد ابن العلقمي الرافضي هو الذي خامَرَ على المسلمين، وكاتب التتار حتى أدخلَهم أرضَ العِراق بالمكْرِ والخديعة، ونهى الناس عن قتالِهم، وقد عَرَف العارفون بالإسلام أنَّ الرافضة تميلُ مع أعداء الدِّين، ولَمَّا كانوا ملوكَ القاهرة، كان وزيرُهم مرَّة يهوديًّا، ومرَّة نصرانيًّا أرمينيًّا، وقويت النصارى بسبب ذلك النصرانيِّ الأرميني، وبنوا كنائسَ كثيرة بأرض مصر في دولة أولئك الرافضة المنافقين، وكانوا يُنادون بين القَصْرَين: مَن لَعَن وسَبَّ فله دِينار وإردبٌّ، وفي أيَّامهم أخذت النصارى ساحلَ الشام من المسلمين، حتى فتحه نورُ الدِّين وصلاح الدين، وفي أيَّامهم جاءتِ الفرنج إلى بلبيس، وغلبوا من الفرنج فإنَّهم منافقون، وأعانهم النصارى، والله لا يَنصرُ المنافقين الذين هم يُوالون النصارى، فبعثوا إلى نور الدِّين يطلبون النجدةَ، فأمدَّهم بأسد الدين وابن أخيه صلاح الدين، فلمَّا جاءت الغزاةُ المجاهدون إلى دِيار مصرَ قامتِ الرافضةُ مع النصارى، فطلبوا قتالَ الغُزاةِ المجاهدين المسلمين، وجرتْ فصولٌ يعرفها الناس، حتى قَتَل صلاحُ الدين مقدمَهم شاور، ومِن حينئذ ظهرتْ بهذه البلاد كلمةُ الإسلام والسُّنَّة والجماعة، وصار يُقرأ فيها أحاديثُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"؛ "مجموع فتاوى ابن تيمية" (28/ 636).
والسؤال الذي يطرح نفسه:
هل ما زالت الدول العربية تُراهِن على الحكومة الاثني عشرية في العراق؟! والتي أعلنت بهذه الأعلام الاثني عشر عن هُويَّتها الشِّيعيَّة الفارسية؟! فهل ما زال البعضُ يُراهن على مدِّ جسور الثِّقة مع هؤلاء الروافض؟! خاصَّة وأنَّ العراقيين الرافضة الذين خرجوا من العِراق بحجَّة الهروب من الغزو، قدِ اكتوتْ بهم ديارُ المسلمين والعرب، وما زالتِ النار مشتعلةً، فهل يطمع العَربُ والمسلمون أن يُطفِئَ الرافضةُ الفرس نارَهم، والتي كان أجدادُهم الفرسُ يعبدونها؟ أم سيتغيَّر الحال إلى شيء آخرَ لم يظهرِ الآن في الأُفق؟
وقد دفعني إلى إعادةِ رسْم هذه الخريطة أمامَ القارئ ما رأيناه في مشهدها الأخير ذي الأعلام الاثني عشر، ولنبدأ من الأوَّل:
حيث العداوةُ الإيرانيَّة الأمريكيَّة المُعلَنة في وسائل الإعلام، والهتافات المتكرِّرة في إيران ضدَّ الشيطان الأكبر أمريكا، الذي ما لَبِث الإعلامُ نفسُه أن كشف عن العَلاقات الوطيدة بين النِّظام الإيراني وأمريكا التي ساعدت الثوريِّين الإيرانيِّين، كما ساعدتْ الشاهَ من قبلُ، وتناقلتْ وسائل الإعلام فضيحةَ إيران جيت، تلك التي حصلت إيران بموجبها على سِلاح الأمريكان والصهاينة، في حَرْبها ضدَّ العراق.
وفي حديثٍ (مُتلْفَز)، بثَّتْه وسائلُ الإعلام في حينه، وهو موجودٌ على شبكة (الإنترنت)، يتحدَّث فيه الرئيس العراقيُّ المقتولُ يومَ عيد الأضحى صدام حسين، عن بداية الحرْب العراقية الإيرانيَّة، ويقرأ عددًا من الوثائق والخِطابات التي توجَّهتْ بها بغداد إلى طهران، تُعْلِمها فيها بالتجاوزات والضربات التي قامتْ بها أسلحةُ طهران على المدن العراقية، وتطلب منها مَنْعَ ذلك مستقبلاً، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، غير أنَّ شيئًا من ذلك لم يكن، وبدأتِ الحربُ العراقية الإيرانيَّة، ثم وضَعتْ أوزارَها، وهدأتِ الأمور، وبدأ نجمُ طهران يخفُت شيئًا ما.
وحصل العدوانُ على الكويت، وجاءتْ دولُ التحالُف، ورجعتْ، ثم جاءت مرَّة أخرى ودخلتِ العراق، وفي المرَّة الأولى لمجيئها لم تكن طهران في الخريطة، كما كانتْ في المرَّة الثانية، هو الذي أغراها ووجَّهها تُجاهَ حليفتها الشيعيَّة الصفويَّة الفارسيَّة، وجعلها تَعقدُ معها صفقةً تقومُ طهران بموجبها بتسهيل دخول الأمريكان واحتلالهم للعِراق وأفغانستان، بمساعدةِ دول التحالُف مع الأمريكان، لكن لم يتضِح الثمن الذي سيدفعُه الأمريكان لطهران الفارسيَّة الرافضية آنذاك، ولم تُعلِن طهران عن الثمن الذي ستَجنيه من وراءِ هذه التسهيلات، أو الخِيانات والمساعدات على احتلال بلادِ المسلمين لصالِح الحليف اليهوديِّ والصِّهْيَونيِّ لطهران، التي تضع نفسَها في خِدمة الجالية اليهودية، بل وسائر الجاليات، وتفتح لهم دُورَ عبادة، في الوقت الذي لا يوجد فيها مسجد واحدٌ للمسلمين السُّنَّة، الذين يُمثِّلون الملايين من عدد سُكَّان إيران.
فما هو الثمن؟ هذا ما سيكتَشِفه القارئُ بعد قليل - إن شاء الله تعالى.
بدأتْ إيران أوَّلاً بالكشْف عن التسهيلات التي قدَّمتْها للمحتلِّين على احتلال ديار المسلمين، في العِراق وأفغانستان؛ بل صرَّح كِبارُ الساسة في النظام الإيراني بأنَّه لولا طهران لَمَا قدرتْ أمريكا على احتلال العِراق وأفغانستان، وافتخرتْ طهران الفارسيَّة بهذه الخيانة، كما افتخرَ وزيرُ الرافضة ابن العلقمي بخيانتِه لخليفة المسلمين، وتسليمِه لأعدائه، وإسقاطِ بغداد في يدِ المحتلِّين قديمًا، وابن العلقمي هو الذي يفتخر ويُشيد به الخمينيُّ في أكثرَ من مناسبة مِن كتبه، ولماذا لا يَفتخرُ به الخمينيُّ وهو مثلُه في الخيانة والغَدرِ للأمَّة المسلِمة؟!
لكن عادتْ طهران تُزيِّن نفسَها، مرَّة أخرى، وتُخفي وجهَها الفارسيَّ الرافضي، فادَّعتْ أنَّها قد أزالتْ قبرَ أبي لؤلؤة المجوسي - لعنه الله - قاتلِ أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - ولَمَّا نشرتْ جريدة "المصريون" أنَّ المزار الخاص بأبي لؤلؤة ما زال موجودًا، يزوره الإيرانيُّون، عاد تسخيري الرافضي الفارسي يؤكِّد على زواله، ويحاول خداعَ المسلمين، وكذَّب الجريدةَ في كلامها، ثم عاد واعتذر في رسالة لمحمَّد سليم العوَّا عن الأمر، وأقرَّ فيها بوجود المزار كما هو، قائم بالفعل، ونشرتْ جريدة "المصريون" الرِّسالة، ثم دخلْنا الموقع الإلكتروني للجريدة بعد فترة، فلم نجدِ الرِّسالة في مكانها.
وشبيهٌ بهذا ما حصل عندما نَشَر مراسلُ موقع "مفكرة الإسلام" الإخباري خبرًا عن نشْر الإيرانيِّين الشيعة آلافَ المصاحف في العراق بعدَ احتلالها، ممَّا يسمُّونه بمصحف فاطمة، الذي يختلف مع مصحف المسلمين في عدد السُّور، ويَزيد فيه الرافضة سورةً يسمُّونها بسورة الولاية، ثم دخلْنا الموقع الإخباري بعدَ فترة للبحث عن الخبر في مكانه، فلم نجده هو الآخَر!
لكنَّ هذه الأخبارَ كلَّها ما زالت موجودةً في العديد من المواقع على شبكة (الإنترنت)، كانت قد نقلتْها من مصدرها قبلَ أن تُحذَف منه بفِعْل فاعل، أو بغيرها من الطُّرق والاتصالات.
وقد حاولتْ طهران الفارسيَّة الرافضيَّة التنصُّلَ من كلِّ هذا، والعودة لتزيين نفسها مرَّة أخرى، ووضعتْ أمثال مقتدَى الصدر الشيعي الرافضي الخبيث، الذي أفتى لميلشياته بسَلْخ المسلمين السُّنَّة، وقتلهم جِهارًا في العراق، فقد وضعه الفارسيُّون الرافضة كقائد معارض لاحتلال دول التحالُف للعراق، وجهاده ضدَّ المحتلِّين، في محاولة شيعيَّة لغسْل آثار فتاوى السيستاني وغيره من مراجع الشيعة الكِبار بعدم جواز جهادِ المحتلِّين.
ويزداد الأمرُ غرابةً عندما ننظر في أدلة فتاوى السيستاني وغيره من مراجع الروافض، فنجدها تدور على نظرية الغيبة وعدم وجود الإمام القائم (المهدي) الذي لا بدَّ من وجوده ليُجاهدوا خلفَه، ويُقيموا دولةً يحكمهم هو فيها، والأغربُ أنَّ أحدًا ممَّن قرأ فتوى السيستاني لم يسأل نفسَه: فها هي إيران الرافضية دولةٌ قائمة، فَلِمَ لا يرحل ساستُها ويَدَعونها حتى يأتيَ القائم (المهدي)، فيحكم في أهلها بما يشاء؟!
أم أنَّ المهديَّ للعراق فقط، أمَّا إيران فهي تتصرَّف في المهدي كما تشاء، وتأكل به كما تشاء، وتستغفل به مَن تشاء، وتجمع به أموالَ مَن تشاء؟!
لقد زرعتْ إيران الرافضية وذيولها في العِراق مقتدى الصدر وأمثالَه كمعارضين للاحتلال، ثم تكشَّفت صلةُ مقتدَى الصدر بطهران لاحقًا، وكيف قامتْ طهران على تمويله وتدريبه وتدريب ميلشياته في العِراق.
وإلى هنا ما زال ثَمنُ الخِدْمات الجليلة لتسهيل احتلال العراق وأفغانستان غيرَ واضحٍ، وما زال ثمن فتاوى السيستاني وأمثاله من مراجع الشيعة ودعمهم للمحتلِّين غيرَ واضح.
بدأ الرافضةُ حملةَ تزيين أخرى، على سبيل التضليل لغيرهم، فكوَّنوا أحزابًا ووضعوا لافتاتٍ كبيرةً، وأصلحوا بين بعضهم البعض، ووجَّهوا العديد من الاتِّهامات لجيش مقتدى الصدر وغيره، لكنَّها اتهامات في الهواء؛ للتضليل الإعلامي، وفي الباطن فقد أدخلوا هؤلاءِ تحت مسمَّيات أخرى، بل دخل هؤلاءِ إلى الشرطة العراقيَّة الحاكمة من أوسعِ الأبواب، فظنَّ السُّذَّجُ أنَّ جيش الصدر وغيره قد انتهى، وفي الحقيقة قد انتهى اسمُه وبدأ هؤلاء الرافضةُ العملَ تحت اسم جديد يُسمَّى بالجيش العراقي، وبالشرطة العراقية.
ولَمَّا خالف بعضُ الروافض هذه الخطط تمَّ تسوية الأمور معهم بطريقة أو بأخرى، مع الإعلانِ عن عدَّة حوادث تطهير من المسلَّحين أو الميلشيات الخارجة عن القانون في النَّجف وغيرِها من مدن وأحياء الشيعة، على سبيل التضليل الإعلاميِّ والتزوير لا أكثر؛ لتمريرِ العديد من السيناريوهات، مثل إقامة دولة غير طائفيَّة، ودعوة السُّنة للوقوف في وجه المقاومة مثلما فعلَ الرافضة مع ميلشياتهم.
فأنشأ الرافضةُ والمحتلُّون مجالسَ الصحوات، التي عملت في المربَّع العربي خاصَّة، وأدَّت من الخِدْمات ما عجز عنه الرافضةُ والمحتلُّون معًا، فحاربت الصحوات نيابةً عن المحتلِّ ضدَّ المقاومة العراقية، فلمَّا استقر الوضع للرافضة والمحتلِّين ولم يَعدْ للصحوات فائدة، بدأت الحكومة الرافضيَّة بتصفية الصحوات، واتِّهامها بإيواء المقاومة العراقيَّة والإرهابيِّين، وغير ذلك من التُّهم المجهَّزة سلفًا.
إلى هنا ما زال ثمنُ التسهيلات والخِدْمات والمساعدات التي قدَّمها الرافضةُ الفرس وطهران للمحتلِّين لم يتضحْ بعدُ بجلاء، والكلُّ يتوقَّع الثمن ويتوقع؛ لكنَّه بوضوح لم يتضح بعدُ على وجه التحديد.
وتمرُّ الأيَّام، وتنتشر في الناس أحاديثُ الخِلافات والصِّراعات المشتعلة بين واشنطن وطهران، بين المحتلِّين والرافضة الفارسيِّين، والكلام عن عدم انصياع طهران للغرْب بخصوص الملف النووي الإيراني، واحتمال توجيه واشنطن أو حتى إسرائيل ضربةً عسكريَّة لطهران، وبدأ العلماءُ السُّنَّة وعلماءُ المسلمين ينسَوْن لطهران جرائمَها، ويتكلَّمون عن دعمهم لها في وجه الضربةِ العسكريَّة المتوقَّعة، هذا ما جرى في الإعلام؛ لكن في باطن الأمور وجدْنا بعضَ أمناء حزب الله الرافضي اللبناني يتكلَّم عن حراسة حزب الله الرافضي لحدودِ شمال إسرائيل، ويمنع أيَّ مقاوم من الاقتراب من الحدود الإسرائيليَّة، ثم ضربتْ إسرائيلُ غزَّةَ بكلِّ أسلحتها وبالفوسفور الأبيض والكيماويات، ولم يتحرَّك حزب الله قِيدَ أنملة لنُصرة غزَّة، ولا رأينا صواريخَه التي هدَّد بوصولها لتلِّ أبيب، وإنَّما اختفى كالفئران في جحوره، ولم نشهدْ له إلاَّ تأليبَ الشعب المصري والجيش المصري على حكومته، من خلال عبارات مزيَّفة عن نُصرة المقاومة، وعلى الجانب الآخَرِ يعبث بأمن العديد من البلدان العربية، ويتَّخذ له خلايا نائمةً يستخدمها متى شاء لتهديد الدول العربية، والإضرار بالمسلمين، والحمد لله أن تنبَّهت المغرب ومصر وغيرُها من دول العرب إلى الخطر الرافضي الفارسي القادم.
وكلَّما اشتدَّ الخطاب الإعلامي ضراوةً بخصوص الخلاف الرهيب بين الغرْب وطهران الرافضية، كلَّما وجدنْا الاتفاقات والسيناريوهات يتمُّ تمريرُها بين طهران وواشنطن خاصَّة، وطهران والغرْب عامَّة.
واشتدَّ الصِّراع الإعلامي بين الفرس والأمريكان، وينشغل الناسُ بتفاصيله، ويتمخَّض عن مقْتل بناظير بوتو، وتولِّي زوجِها المجرِم آصف زرداري المسجون سابقًا رئاسةَ باكستان، وهو الإسماعيليُّ الشيعي الخبيث، وفي الجهة الأخرى تَولَّى حكومة نوري المالكي الشيعي مقاليدَ رئاسة وزارة العراق، ثم دخولها الانتخابات، تحت شِعارِ دولة القانون.
وبهذا صار للشيعة الفُرس هلالٌ كبير يبدأ في باكستان، ويمرُّ بطهران، وينتهي ببغداد، وهذا هو الثمنُ الذي قبضتْه طهران الفارسية الرافضية، لكنَّها ما زالتْ تقبض فيه دفعةً دفعة، وتثبت دعائِمَه؛ ليستقرَّ لها.
ولئن كان الوضْعُ في باكستان لا يستدعي أن يُعلِن آصف زرداري عن نفسه، فقد أعلن المالكيُّ في بغداد بوقاحة، فوضَع خلفَه اثنتي عشرة نُسخةً من العَلم العراقي، وهو يُلقي خطابَه بمناسبة ما سَمَّوْه بخروج القوات الأمريكية من المدن العراقية، وتولِّي الشرطة العراقية مقاليدَ الأمن العراقي.
والمالكيُّ لا يتصرَّف خطوةً بغير مشورة رافضيَّة لمراجعه الرافضة أمثال السيستاني وغيره، وكما اختاروا مناسبةَ إعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين - رحمه الله - يوم عيد الأضحى نِكايةً في المسلمين العراقيِّين وغيرهم، فقد اختاروا يومَ ما سَمَّوه جلاء المحتلِّين الأمريكان عن المدن، وتسلُّم الشرطة العراقية مقاليدَ الأمور؛ لوضع اثني عشر علمًا وراءَ نوري المالكي إعلانًا بقيام الدولة الشيعيَّة الاثني عشرية في العراق، والتي هي امتدادٌ بكلِّ تأكيد للدولة الشيعيَّة الاثني عشرية في طهران، ولتبدأَ مرحلةٌ أخرى من مراحل الحُلم الإيراني في تجديد الإمبراطوريَّة الفارسية.
وأمريكا والغرْب لا يُقدِّمون للفرس إمبراطوريَّةً فارسيَّة هكذا بغير ثمن، وإنَّما يقدِّمونها وهم يعرفون جيِّدًا أنَّ الرافضة هم أكثرُ الموالين والمتحالفين والمتعاونين مع الأمريكان والغرْب، فهذا دَأْبُ الرافضة، ولهذا مجال آخرُ للحديث عنه؛ لكنِّي أختم بكلمة للإمام الكبير ابن تيمية - رحمه الله - وهو يُصوِّر هذه المسألةَ قبل مئات السنين، حيث قال ابن تيمية: "فالرافضةُ يوالون مَن حارب أهل السُّنَّة والجماعة، ويوالون التتار، ويوالون النصارى، وقد كان بالساحل بين الرافضة وبين الفرنج مهادنة، حتى صارتِ الرافضة تَحمِل إلى قبرص خيلَ المسلمين وسلاحَهم وغلمانَ السلطان وغيرهم من الجند والصبيان، وإذا انتصرَ المسلمون على التتار أقاموا المآتمَ والحزن، وإذا انتصر التتارُ على المسلمين أقاموا الفرحَ والسرور، وهم الذين أشاروا على التتار بقتْل الخليفة وقَتلِ أهل بغداد، ووزير بغداد ابن العلقمي الرافضي هو الذي خامَرَ على المسلمين، وكاتب التتار حتى أدخلَهم أرضَ العِراق بالمكْرِ والخديعة، ونهى الناس عن قتالِهم، وقد عَرَف العارفون بالإسلام أنَّ الرافضة تميلُ مع أعداء الدِّين، ولَمَّا كانوا ملوكَ القاهرة، كان وزيرُهم مرَّة يهوديًّا، ومرَّة نصرانيًّا أرمينيًّا، وقويت النصارى بسبب ذلك النصرانيِّ الأرميني، وبنوا كنائسَ كثيرة بأرض مصر في دولة أولئك الرافضة المنافقين، وكانوا يُنادون بين القَصْرَين: مَن لَعَن وسَبَّ فله دِينار وإردبٌّ، وفي أيَّامهم أخذت النصارى ساحلَ الشام من المسلمين، حتى فتحه نورُ الدِّين وصلاح الدين، وفي أيَّامهم جاءتِ الفرنج إلى بلبيس، وغلبوا من الفرنج فإنَّهم منافقون، وأعانهم النصارى، والله لا يَنصرُ المنافقين الذين هم يُوالون النصارى، فبعثوا إلى نور الدِّين يطلبون النجدةَ، فأمدَّهم بأسد الدين وابن أخيه صلاح الدين، فلمَّا جاءت الغزاةُ المجاهدون إلى دِيار مصرَ قامتِ الرافضةُ مع النصارى، فطلبوا قتالَ الغُزاةِ المجاهدين المسلمين، وجرتْ فصولٌ يعرفها الناس، حتى قَتَل صلاحُ الدين مقدمَهم شاور، ومِن حينئذ ظهرتْ بهذه البلاد كلمةُ الإسلام والسُّنَّة والجماعة، وصار يُقرأ فيها أحاديثُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"؛ "مجموع فتاوى ابن تيمية" (28/ 636).
والسؤال الذي يطرح نفسه:
هل ما زالت الدول العربية تُراهِن على الحكومة الاثني عشرية في العراق؟! والتي أعلنت بهذه الأعلام الاثني عشر عن هُويَّتها الشِّيعيَّة الفارسية؟! فهل ما زال البعضُ يُراهن على مدِّ جسور الثِّقة مع هؤلاء الروافض؟! خاصَّة وأنَّ العراقيين الرافضة الذين خرجوا من العِراق بحجَّة الهروب من الغزو، قدِ اكتوتْ بهم ديارُ المسلمين والعرب، وما زالتِ النار مشتعلةً، فهل يطمع العَربُ والمسلمون أن يُطفِئَ الرافضةُ الفرس نارَهم، والتي كان أجدادُهم الفرسُ يعبدونها؟ أم سيتغيَّر الحال إلى شيء آخرَ لم يظهرِ الآن في الأُفق؟
طالب شافع الحسيني
مآآآآآجى
مآآآآآجى