ناقشتُ من قبلُ المأساةَ غير المرئية التي يعيشها الشَّعب المسلِم في روهينجيا في مقال آخرَ نشرتُه على هذا الموقع، وذكرتُ معلوماتٍ عنها، والقاعدة هي أنَّ أخبار روهينجيا يتمُّ تداولها إعلاميًّا فقط حينما تكون هناك ندرةٌ في الأخبار التي تهتمُّ بها عادة وسائل الإعلام، واليوم صارَ عددٌ أكبرُ من الناس على وعي بقضية شعْب روهينجيا، والسبب في ذلك تلك التقارير المفجِعة التي كان فيها بعضُ السُّيَّاح شهودًا على المعاملة السيِّئة بالغة القسوة، التي يتعامَل بها الجيش التايلانديُّ على الشواطئ التايلاندية مع اللاَّجئين الروهانجيين، حيث قاموا بتوثيقها.
من جانبها طالبتِ الأممُ المتحدة بالسَّماح لها بلقاء اللاَّجئين، والذين تعرَّض بعضُهم للطرْد، وطالبتُ أيضًا بإجراء تحقيق حولَ المزاعم بوجود إساءة معاملة.
الشَّعْب المسلِم في روهينجيا هو شعبٌ لا يتمتَّع بأيِّ جنسية على أرض الواقع، وإصباغ صفة "المهاجرين لأسباب اقتصادية" عليهم - كما تحاول الحكومةُ التايلانديَّة الجديدة أن تفعل - هو أمر غير واقعي تمامًا، مثل التحقيق الكامل الذي وعدوا بإجرائه، والذي يُنتظر أن يُجرَى تحت إشراف الجيش التايلانديِّ المتورِّط في الفضيحة الدولية.
ومن السَّهل أن نُقدِّم شعب روهينجيا في صورة ضحايا البوذيِّين "الأشرار"، لكن الحقيقة تختلف عن هذا تمام الاختلاف؛ فالمسلمون في روهينجيا هم ضحايا انعدامِ القِيمة الإستراتيجية عند أشقائهم في جنوب شرق آسيا، وعندَ المجتمع الدولي على نطاق أرحب، فهؤلاء ليس لحياتهم قيمةٌ اقتصادية أو سياسية عندَ بقية العالَم الذي تُسيطر عليه قيمه الأنانية.
وانطلاقًا من مفهوم معيَّن، وحيث إنَّ الشعب المسلِم في روهينجيا ليس قادرًا ولا راغبًا في أن يخوض صِراعًا في المنطقة، فهذا يُقلِّل من فرص انتهاء مأساتهم الإغريقيَّة من مكان لآخرَ في الوقت القريب.
لا تقلُّ مسؤولية الدول الإسلاميَّة مثل بنجلاديش عن معاناة الشَّعب المسلِم في روهينجيا عن بقية الدول غيرِ الإسلامية في المنطقة، فنصف مليون روهينجي كانوا قد فرُّوا بالفعل من الحملات التي شُنَّت بغرض فرْضِ النِّظام في العامَين 1978 و1991، واستمرَّ مَن بقي في محاولة الهروب من الاضطهاد الذي يواجهونَه على يَدِ الحُكَّام الديكتاتوريين في الحُكم العسكري في بورما، حاول غالبيتُهم واستمرُّوا في محاولاتهم للوصول إلى بنجلاديش، ويعيش الكثيرون منهم في المنافي، في باكستان والسعودية والإمارات العربية، وتايلاند وماليزيا.
منذ عام 2006 وبنجلاديش صعَّبتْ من إجراءات الحصول على جوازات سفر، ممَّا جعل الشعبَ المسلم في روهينجيا يبدؤون في اللُّجوء إلى الرحلات الخَطِرة عبرَ القوارب إلى تايلاند، ثم برًّا إلى ماليزيا؛ بغرضِ تحسين ظروف معيشتهم، وتَجنُّب التعرُّض للمجاعات.
بنجلاديش هي دولة مسلمة غالبيةُ سُكَّانها من المسلمين، لكن من الواضح أن المفهوم الإسلاميَّ للأمَّة له قيمة متدنية عندهم، مقارنةً بالمصالح السياسيَّة؛ ولهذا فبنجلاديش، ومعها الدول الإسلاميَّةُ الأخرى مثل إندونيسيا وماليزيا - ليسوا أقلَّ - في عدم ترحيبهم بالمسلمين الروهانجيين - من تايلاند.
والشعب الروهينجي قد احتجَّ - مثلما حدث مؤخَّرًا - حتى حاول أن يجعل عددًا أكبرَ وأكبرَ من الناس على وعيٍ بالقضية، خاصَّة أناسًا ممَّن يُعتبرون "إخوة" و"أخوات" في الاضطهاد الذي لا يُطاق، ولكن مَن يُصغي إليهم السمع؟!
لا شيء تقريبًا خارجَ نِطاق الجوانب الإغاثيَّة الإنسانيَّة، والدِّراسات التي تصدُر عن مفوضيات اللاَّجئين، قد مسَّت قضية المسلمين الروهانجيين بحديث؛ وليس هناك - بحسب عِلمي - دراساتٌ أنثروبولوجية، أو مقالٌ موسَّع يُلقي الضوءَ بتركيز على حياتهم وثقافتهم وتقاليدهم، وما إلى غير ذلك.
وسأكون مهتمًّا بالغَ الاهتمام أن أتعلَّم أكثرَ عن تقاليد هذه المجموعة المسلِمة، وعن ثقافتهم، واللتان تعيشانِ تحتَ تهديد بأن يضيع ذِكرُهما في غياهب النسيان إلى الأبد، وينبغي علينا أن نعترفَ اعترافًا حقيقيًّا أنَّ الشَّعب المسلِم في روهينجيا البعيد عن أعين غالبيةِ شُعوب العالَم، والمتجاهَل بفِعْل المصالِح السياسيَّة والاقتصادية في منطقة جنوب شرق آسيا - لا يتكبَّد حالةَ شتاتٍ طويلة الأمد يبحث خلالَها عن أوطان جديدة، ويبدأ في كل حين رحلات بالقوارب يمتطي فيها صهوةَ الأخطار بين أمواج المحيط الهادئ؛ بل إنَّه يُواجِه مذبحةً ثقافيَّة بطيئة وصامتة.
فهل لي أن أتوقَّعَ رؤية المسلمين من مختلف دول العالَم يحشدون طاقاتِهم؛ ليطالبوا بأن يحصل الشعبُ الروهانجيُّ على حقِّه في العيش بين جنبات وطنه، وأن يتَّخذ المجتمع الدوليُّ خطواتٍ جادَّةً لحماية الشَّعب الروهانجي، ولضمان حياةٍ هادئة وكريمة له؟
أعلمُ عِلمَ اليقين أنَّ هذا لن يحدث، وربما نجد بعض المنظَّمات - وأغلبها غير إسلاميَّة - تحاول أن تُعرِّف العالَم بالمأساة التي يعيشها شعبُ روهانجيا، وأن تُنظِّم مساعداتٍ إنسانيَّة لمصلحته، ومع ذلك فغالبيةُ المسلمين، وحتى أولئك الذين هم على أتمِّ استعداد لأن يصرخوا بعنف، وأن يسلكوا مسالكَ عنيفة، شتَّى لتحرير فلسطين - لن يَنْبِسوا ببنتِ شفة لمدِّ يدِ العون "لإخوانهم"!
كم مسلمًا سمع، ولو إمامًا واحدًا يذكر اسمَ الشعب الروهانجي في دُعائِه للأفغان وللفلسطينيين وللعراقيين، وربَّما للمجاهدين الشيشانين؟!
ربَّما يستغرق ذِكْرُ الأمور التي تسببت في هذا الفتور الواسع من جهة غالبية المسلمين تُجاهَ مصير المسلمين في روهانجيا منَّا زمنًا طويلاً، لكن دعوني أقل لكم: إنَّ كثيرًا من هذه الأسباب هي أسباب سياسيَّة بحتة، فكثيرٌ من الحكومات في الدول الإسلاميَّة أياديهم مُلوَّثة بدماء مسلمي روهانجيا؛ لكنَّهم ما يزالون يلعبون بكارت "الأمة الإسلامية الواحدة"، كما في موضوع الرسوم الكرتونيَّة الدنماركيَّة، حينما كان اللَّعِب بكارت الرسوم مطلوبًا لمصالحهم السياسية؛ لكنَّهم لا يلجؤون إليه حينما يَجِد مسلمون بسطاء - ليس لهم أهمية سياسيَّة يُقايضون عليها؛ مثل الشعب المسلم في روهانجيا - أنفسَهم مضطهدين مقموعين.
لا يجوزُ أن تصيبنا الدهشةُ حينما تتحوَّل معسكراتُ اللاَّجئين في بنجلاديش إلى ميدان تجنيد، بالغ السُّهولة للمدعومين مِن قِبل "كشافة المواهب"، التابعين لجماعات العُنف، التي بمقدورها أن تُوفِّر لهم ثمنًا في صورة جهاد يؤمنون به، وسبيلاً ليعبِّروا مِن خلاله عن خيبات أملِهم المتراكمة، خاصَّة من بين الشباب صِغارِ السِّن.
لم يفت الوقتُ على محاولة تحسين سُبُل عيش هؤلاء الناس؛ وإذا لم تكن لدى الحكومات الرغبةُ في حلِّ المشكلات التي يُواجِهها الشعبُ الروهانجي لأسبابٍ إنسانيَّة، ولحقِّ العدالة الدولية، فليفعلوها على الأقلِّ حفاظًا على أمنِهم وأمْن العالَم.
آملُ أن يستطيع المزيدُ من خبراء الأنثروبولجي - على الرغم من الصُّعوبات والمخاطر التي يتحتَّم عليهم أن يواجهونها في سبيل ذلك - أن يُظهِروا اهتمامًا أكبر بالتأليف في فرْع دراسة السُّلالات والأجناس البشرية، وعاداتها، وروايات المسلمين في روهانجيا عن ظروفِهم المعيشيَّة، وأن يُوثِّقوا كذلك المعاناةَ التي يتكبَّدونها قبلَ أن نكتشف يومًا أنَّ الوقت قد فات على فعل ذلك.
ـــــــــــــــــــــ
[1] مسلمو بورما أو ميانمار كما تُسمَّى الآن.
[2] المؤلِّف - كما يقول عن نفسه -: هو أستاذ متخصص في علم الأنثروبولوجي (علم دراسة الإنسان) في جامعة أبردين الأيرلندية، إيطالي الجنسية من مواليد فلورنس عام 1973، حصل على شهادته في الأنثروبولوجي من جامعة الملكة في بلفاست في أيرلندا التي سافر إليها للدراسة.
والكاتب له مقالاتٌ عديدة تسودها الموضوعية تجاه القضايا الإسلامية والأقليات المسلمة في الشرق والغرب، والدفاع كثيرًا عن حقوق المسلمين في العيش في الغرْب بأمان، بعيدًا عن فوبيا الإسلام التي يحاول كثيرون نشرها بين الغربيِّين.
من جانبها طالبتِ الأممُ المتحدة بالسَّماح لها بلقاء اللاَّجئين، والذين تعرَّض بعضُهم للطرْد، وطالبتُ أيضًا بإجراء تحقيق حولَ المزاعم بوجود إساءة معاملة.
الشَّعْب المسلِم في روهينجيا هو شعبٌ لا يتمتَّع بأيِّ جنسية على أرض الواقع، وإصباغ صفة "المهاجرين لأسباب اقتصادية" عليهم - كما تحاول الحكومةُ التايلانديَّة الجديدة أن تفعل - هو أمر غير واقعي تمامًا، مثل التحقيق الكامل الذي وعدوا بإجرائه، والذي يُنتظر أن يُجرَى تحت إشراف الجيش التايلانديِّ المتورِّط في الفضيحة الدولية.
ومن السَّهل أن نُقدِّم شعب روهينجيا في صورة ضحايا البوذيِّين "الأشرار"، لكن الحقيقة تختلف عن هذا تمام الاختلاف؛ فالمسلمون في روهينجيا هم ضحايا انعدامِ القِيمة الإستراتيجية عند أشقائهم في جنوب شرق آسيا، وعندَ المجتمع الدولي على نطاق أرحب، فهؤلاء ليس لحياتهم قيمةٌ اقتصادية أو سياسية عندَ بقية العالَم الذي تُسيطر عليه قيمه الأنانية.
وانطلاقًا من مفهوم معيَّن، وحيث إنَّ الشعب المسلِم في روهينجيا ليس قادرًا ولا راغبًا في أن يخوض صِراعًا في المنطقة، فهذا يُقلِّل من فرص انتهاء مأساتهم الإغريقيَّة من مكان لآخرَ في الوقت القريب.
لا تقلُّ مسؤولية الدول الإسلاميَّة مثل بنجلاديش عن معاناة الشَّعب المسلِم في روهينجيا عن بقية الدول غيرِ الإسلامية في المنطقة، فنصف مليون روهينجي كانوا قد فرُّوا بالفعل من الحملات التي شُنَّت بغرض فرْضِ النِّظام في العامَين 1978 و1991، واستمرَّ مَن بقي في محاولة الهروب من الاضطهاد الذي يواجهونَه على يَدِ الحُكَّام الديكتاتوريين في الحُكم العسكري في بورما، حاول غالبيتُهم واستمرُّوا في محاولاتهم للوصول إلى بنجلاديش، ويعيش الكثيرون منهم في المنافي، في باكستان والسعودية والإمارات العربية، وتايلاند وماليزيا.
منذ عام 2006 وبنجلاديش صعَّبتْ من إجراءات الحصول على جوازات سفر، ممَّا جعل الشعبَ المسلم في روهينجيا يبدؤون في اللُّجوء إلى الرحلات الخَطِرة عبرَ القوارب إلى تايلاند، ثم برًّا إلى ماليزيا؛ بغرضِ تحسين ظروف معيشتهم، وتَجنُّب التعرُّض للمجاعات.
بنجلاديش هي دولة مسلمة غالبيةُ سُكَّانها من المسلمين، لكن من الواضح أن المفهوم الإسلاميَّ للأمَّة له قيمة متدنية عندهم، مقارنةً بالمصالح السياسيَّة؛ ولهذا فبنجلاديش، ومعها الدول الإسلاميَّةُ الأخرى مثل إندونيسيا وماليزيا - ليسوا أقلَّ - في عدم ترحيبهم بالمسلمين الروهانجيين - من تايلاند.
والشعب الروهينجي قد احتجَّ - مثلما حدث مؤخَّرًا - حتى حاول أن يجعل عددًا أكبرَ وأكبرَ من الناس على وعيٍ بالقضية، خاصَّة أناسًا ممَّن يُعتبرون "إخوة" و"أخوات" في الاضطهاد الذي لا يُطاق، ولكن مَن يُصغي إليهم السمع؟!
لا شيء تقريبًا خارجَ نِطاق الجوانب الإغاثيَّة الإنسانيَّة، والدِّراسات التي تصدُر عن مفوضيات اللاَّجئين، قد مسَّت قضية المسلمين الروهانجيين بحديث؛ وليس هناك - بحسب عِلمي - دراساتٌ أنثروبولوجية، أو مقالٌ موسَّع يُلقي الضوءَ بتركيز على حياتهم وثقافتهم وتقاليدهم، وما إلى غير ذلك.
وسأكون مهتمًّا بالغَ الاهتمام أن أتعلَّم أكثرَ عن تقاليد هذه المجموعة المسلِمة، وعن ثقافتهم، واللتان تعيشانِ تحتَ تهديد بأن يضيع ذِكرُهما في غياهب النسيان إلى الأبد، وينبغي علينا أن نعترفَ اعترافًا حقيقيًّا أنَّ الشَّعب المسلِم في روهينجيا البعيد عن أعين غالبيةِ شُعوب العالَم، والمتجاهَل بفِعْل المصالِح السياسيَّة والاقتصادية في منطقة جنوب شرق آسيا - لا يتكبَّد حالةَ شتاتٍ طويلة الأمد يبحث خلالَها عن أوطان جديدة، ويبدأ في كل حين رحلات بالقوارب يمتطي فيها صهوةَ الأخطار بين أمواج المحيط الهادئ؛ بل إنَّه يُواجِه مذبحةً ثقافيَّة بطيئة وصامتة.
فهل لي أن أتوقَّعَ رؤية المسلمين من مختلف دول العالَم يحشدون طاقاتِهم؛ ليطالبوا بأن يحصل الشعبُ الروهانجيُّ على حقِّه في العيش بين جنبات وطنه، وأن يتَّخذ المجتمع الدوليُّ خطواتٍ جادَّةً لحماية الشَّعب الروهانجي، ولضمان حياةٍ هادئة وكريمة له؟
أعلمُ عِلمَ اليقين أنَّ هذا لن يحدث، وربما نجد بعض المنظَّمات - وأغلبها غير إسلاميَّة - تحاول أن تُعرِّف العالَم بالمأساة التي يعيشها شعبُ روهانجيا، وأن تُنظِّم مساعداتٍ إنسانيَّة لمصلحته، ومع ذلك فغالبيةُ المسلمين، وحتى أولئك الذين هم على أتمِّ استعداد لأن يصرخوا بعنف، وأن يسلكوا مسالكَ عنيفة، شتَّى لتحرير فلسطين - لن يَنْبِسوا ببنتِ شفة لمدِّ يدِ العون "لإخوانهم"!
كم مسلمًا سمع، ولو إمامًا واحدًا يذكر اسمَ الشعب الروهانجي في دُعائِه للأفغان وللفلسطينيين وللعراقيين، وربَّما للمجاهدين الشيشانين؟!
ربَّما يستغرق ذِكْرُ الأمور التي تسببت في هذا الفتور الواسع من جهة غالبية المسلمين تُجاهَ مصير المسلمين في روهانجيا منَّا زمنًا طويلاً، لكن دعوني أقل لكم: إنَّ كثيرًا من هذه الأسباب هي أسباب سياسيَّة بحتة، فكثيرٌ من الحكومات في الدول الإسلاميَّة أياديهم مُلوَّثة بدماء مسلمي روهانجيا؛ لكنَّهم ما يزالون يلعبون بكارت "الأمة الإسلامية الواحدة"، كما في موضوع الرسوم الكرتونيَّة الدنماركيَّة، حينما كان اللَّعِب بكارت الرسوم مطلوبًا لمصالحهم السياسية؛ لكنَّهم لا يلجؤون إليه حينما يَجِد مسلمون بسطاء - ليس لهم أهمية سياسيَّة يُقايضون عليها؛ مثل الشعب المسلم في روهانجيا - أنفسَهم مضطهدين مقموعين.
لا يجوزُ أن تصيبنا الدهشةُ حينما تتحوَّل معسكراتُ اللاَّجئين في بنجلاديش إلى ميدان تجنيد، بالغ السُّهولة للمدعومين مِن قِبل "كشافة المواهب"، التابعين لجماعات العُنف، التي بمقدورها أن تُوفِّر لهم ثمنًا في صورة جهاد يؤمنون به، وسبيلاً ليعبِّروا مِن خلاله عن خيبات أملِهم المتراكمة، خاصَّة من بين الشباب صِغارِ السِّن.
لم يفت الوقتُ على محاولة تحسين سُبُل عيش هؤلاء الناس؛ وإذا لم تكن لدى الحكومات الرغبةُ في حلِّ المشكلات التي يُواجِهها الشعبُ الروهانجي لأسبابٍ إنسانيَّة، ولحقِّ العدالة الدولية، فليفعلوها على الأقلِّ حفاظًا على أمنِهم وأمْن العالَم.
آملُ أن يستطيع المزيدُ من خبراء الأنثروبولجي - على الرغم من الصُّعوبات والمخاطر التي يتحتَّم عليهم أن يواجهونها في سبيل ذلك - أن يُظهِروا اهتمامًا أكبر بالتأليف في فرْع دراسة السُّلالات والأجناس البشرية، وعاداتها، وروايات المسلمين في روهانجيا عن ظروفِهم المعيشيَّة، وأن يُوثِّقوا كذلك المعاناةَ التي يتكبَّدونها قبلَ أن نكتشف يومًا أنَّ الوقت قد فات على فعل ذلك.
ـــــــــــــــــــــ
[1] مسلمو بورما أو ميانمار كما تُسمَّى الآن.
[2] المؤلِّف - كما يقول عن نفسه -: هو أستاذ متخصص في علم الأنثروبولوجي (علم دراسة الإنسان) في جامعة أبردين الأيرلندية، إيطالي الجنسية من مواليد فلورنس عام 1973، حصل على شهادته في الأنثروبولوجي من جامعة الملكة في بلفاست في أيرلندا التي سافر إليها للدراسة.
والكاتب له مقالاتٌ عديدة تسودها الموضوعية تجاه القضايا الإسلامية والأقليات المسلمة في الشرق والغرب، والدفاع كثيرًا عن حقوق المسلمين في العيش في الغرْب بأمان، بعيدًا عن فوبيا الإسلام التي يحاول كثيرون نشرها بين الغربيِّين.
ترجمة: كرم شومان
مآآآآآجى
مآآآآآجى