قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين ). ننقل لكم هنا كتاب ( فصول في الصيام والزكاة والتراويح ) للشيخ : محمد الصالح بن العثيمين رحمه الله وهو كتاب مشهود له بالفائدة العظيمة لكل من قرأه قراءة جيدة لما فيه من توضيح لأحكام الصوم والزكاة وفوائدهما .. مقدمة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلّم، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً. أما بعد: فإنه بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك فإننا نقدم إلى إخواننا المسلمين الفصول التالية سائلين الله تعالى أن يجعل عملنا خالصاً لله موافقاً لشريعته نافعاً لخلقه إنه جواد كريم الفصل الأول: في حكم الصيام صيام رمضان فريضة ثابتة بكتاب الله تعالى وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلّم، وإجماع المسلمين؛ قال الله ـ تعالى ـ: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَـتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }. وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: (بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان). متفق عليه. وفي رواية لمسلم: (وصوم رمضان، وحج البيت). وأجمع المسلمون على فريضة صوم رمضان، فمن أنكر فريضة صوم رمضان فهو مرتد كافر، يُستتاب فإن تاب وأقر بفريضته فذاك وإلا قُتِل كافراً. وفُرض صومُ رمضان في السنة الثانية من الهجرة، فصام رسول الله صلى الله عليه وسلّم، تسع رمضانات، والصوم فريضة على كل مسلم بالغ عاقل. فلا يجب الصوم على الكافر، ولا يُقبَل منه حتى يُسلِم، ولا يجب الصوم على الصغير حتى يبلغ، ويحصل بلوغه بتمام خمس عشرة سنة، أو نبات عانته، أو نزول المني منه بالاحتلام أو غيره، وتزيد الأنثى بالحيض، فمتى حصل للصغير أحد هذه الأشياء فقد بلغ لكن يؤمر الصغير بالصوم إذا أطاق بلا ضرر عليه ليعتاده ويألفه. ولا يجب الصوم على فاقد العقل بجنون أو تغير دماغ أو نحوه، وعلى هذا فإذا كان الإنسان كبيراً يهذي ولا يميز فلا صيام عليه ولا إطعام. الفصل الثاني: في حِكَم الصيام وفوائده من أسماء الله تعالى: "الحكيم" والحكيم مَن اتَّصف بالحكمة، والحكمة: إتقان الأمور ووضعها في مواضعها، ومقتضى هذا الاسم من أسمائه تعالى أن كل ما خلقه الله تعالى أو شرعه فهو لحكمة بالغة علمها من علمها وجهلها من جهلها. وللصيام الذي شرعه الله وفرضه على عباده حِكَمٌ عظيمة وفوائد جمَّة: * فمن حِكَم الصيام: أنه عبادة يَتَقَرَّب بها العبد إلى ربه بترك محبوباته المجبول على محبَّتها من طعام وشراب ونكاح، لينال بذلك رضا ربه والفوز بدار كرامته، فيتبين بذلك إيثاره لمحبوبات ربه على محبوبات نفسه وللدار الآخرة على الدنيا. * ومن حكم الصيام: أنه سبب للتقوى إذا قام الصائم بواجب صيامه، قال الله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }. فالصائم مأمور بتقوى الله ـ عز وجل ـ وهي امتثال أمره، واجتناب نهيه، وذلك هو المقصود الأعظم بالصيام، وليس المقصود تعذيب الصائم بترك الأكل والشرب والنكاح؛ قال النبي صلى الله عليه وسلّم: (مَن لم يَدَعْ قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يَدَعَ طعامه وشرابه). رواه البخاري، قول الزور: كل مُحَرَّم من الكذب والغيبة والشتم، وغيرها من الأعمال المحرَّمة. والعمل بالزور: العمل بكل فعل مُحَرَّم من العدوان على الناس، بخيانة، وغش، وضرب الأبدان، وأخذ الأموال، ونحوها، ويدخل فيه الاستماع إلى ما يحرم الاستماع إليه من الأغاني المحرَّمة، والمعازف: وهي آلات اللهو. والجهل: هو السفه، وهو مجانبة الرشد في القول والعمل، فإذا تمشَّى الصائم بمقتضى هذه الآية والحديث كان الصيام تربية نفسه، وتهذيب أخلاقه، واستقامة سلوكه، ولم يخرج شهر رمضان إلا وقد تأثَّر تأثُّراً بالغاً يظهر في نفسه وأخلاقه وسلوكه. * ومن حِكَم الصيام: أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بالغِنى حيث إن الله ـ تعالى ـ قد يسَّر له الحصول على ما يشتهي، من طعام، وشراب، ونكاح مما أباح الله شرعاً، ويسَّره له قدراً، فيشكر ربه على هذه النعمة، ويذكر أخاه الفقير الذي لا يتيسر له الحصول على ذلك، فيجود عليه بالصدقة والإحسان. * ومن حِكَم الصيام: التمرُّن على ضبط النفس والسيطرة عليها حتى يتمكَّن من قيادتها لما فيه خيرها وسعادتها في الدنيا والآخرة، ويبتعد عن أن يكون إنساناً بهيميًّا لا يتمكن من منع نفسه عن لذَّتها وشهواتها، لما فيه مصلحتها. * ومن حِكَم الصيام: ما يحصل من الفوائد الصحيَّة الناتجة عن تقليل الطعام وإراحة الجهاز الهضمي فترة معيَّنة وترسُّب بعض الفضلات والرطوبات الضارة بالجسم وغير ذلك. الفصل الثالث : في حُكم صيام المريض والمسافر قال الله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}. والمريض على قسمين: أحدهما: مَن كان مرضه لازماً مستمرًّا لا يرجى زواله كالسرطان فلا يلزمه الصوم؛ لأنه ليس له حال يُرجى فيها أن يقدر عليه، ولكن يُطعِم عن صيام كل يوم مسكيناً، إما بأن يجمع مساكين بعدد الأيام فيعشِّيهم أو يُغديهم كما كان أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ يفعله حين كبر، وإما بأن يفرق طعاماً على مساكين بعدد الأيام لكل مسكين ربع صاع نبوي، أي مايزن نصف كيلو وعشرة غرامات من البُر الجيِّد، ويحسن أن يجعل معه ما يأدمه من لحم أو دهن، ومثل ذلك الكبير العاجز عن الصوم، فيطعم عن كل يوم مسكيناً. الثاني: مَن كان مرضه طارئاً غير ميؤوس من زواله كالحُمَّى وشبهها وله ثلاث حالات: الحال الأولى: أن لا يشق عليه الصوم ولا يضره فيجب عليه الصوم؛ لأنه لا عذر له. الحال الثانية: أن يشق عليه الصوم ولا يضره فيكره له الصوم لِمَا فيه من العدول عن رخصة الله تعالى مع الإشقاق على نفسه. الحال الثالثة: أن يضره الصوم فيحرم عليه أن يصوم لِمَا فيه من جلب الضرر على نفسه، وقد قال ـ تعالى ـ: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }. وقال: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: )لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ( أخرجه ابن ماجه، والحاكم، قال النووي: وله طرق يقوي بعضها بعضاً، ويعرف ضرر الصوم على المريض إما بإحساسه بالضرر بنفسه، وإما بخبر طبيب موثوق به. ومتى أفطر المريض في هذا القسم فإنه يقضي عدد الأيام التي أفطرها إذا عوفي، فإن مات قبل معافاته سقط عنه لقضاء المريض لأن فرضه أن يصوم عدة من أيام أُخر ولم يدركها. والمسافر على قسمين: أحدهما: مَن يقصد بسفره التحيل على الفطر، فلا يجوز له الفطر؛ لأن التحيل على فرائض الله لا يسقطها. الثاني: مَن لا يقصد ذلك فله ثلاث حالات: الحال الأولى: أن يشق عليه الصوم مشقة شديدة فيحرم عليه أن يصوم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم (كان في غزوة الفتح صائماً فبلغه أن الناس قد شقَّ عليهم الصيام، وأنهم ينظرون فيما فعل فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشربه، والناس ينظرون، فقيل له: إن بعض الناس قد صاموا، فقال: أولئك العُصاة، أولئك العُصاة) رواه مسلم. الحال الثانية: أن يشق عليه الصوم مشقة غير شديدة فيكره له الصوم لِما فيه من العدول عن رخصة الله ـ تعالى ـ مع الإشقاق على نفسه. الحال الثالثة: أن لا يشق عليه الصوم فيفعل الأيسر عليه من الصوم والفطر، لقوله ـ تعالى ـ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}. والإرادة هنا بمعنى المحبة، فإن تساويا فالصوم أفضل؛ لأنه فِعْل النبي صلى الله عليه وسلّم. كما في صحيح مسلم عن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال: (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلّم في رمضان في حر شديد حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعبدالله بن رواحة). والمسافر على سفر من حين يخرج من بلده حتى يرجع إليها، ولو أقام في البلد التي سافر إليها مدة فهو على سفر مادام على نيَّة أنه لن يقيم فيها بعد انتهاء غرضه الذي سافر إليها من أجله، فيترخص برخص السفر، ولو طالت مدة إقامته لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلّم تحديد مدة ينقطع بها السفر، والأصل بقاء السفر وثبوت أحكامه حتى يقوم دليل على انقطاعه وانتفاء أحكامه. ولا فرق في السفر الذي يترخّص فيه بين السفر العارض كحج وعمرة وزيارة قريب وتجارة ونحوه، وبين السفر المستمر كسفر أصحاب سيارات الأجرة (التكاسي) أو غيرها من السيارات الكبيرة فإنهم متى خرجوا من بلدهم فهم مسافرون يجوز لهم ما يجوز للمسافرين الآخرين من الفطر في رمضان وقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، والجمع عند الحاجة إليه بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، والفطر أفضل لهم من الصيام، إذا كان أسهل لهم ويقضونه في أيام الشتاء، لأن أصحاب هذه السيارات لهم بلد ينتمون إليها، فمتى كانوا في بلدهم فهم مقيمون، لهم ما للمقيمين وعليهم ما عليهم، ومتى سافروا فهم مسافرون، لهم ما للمسافرين وعليهم ما على المسافرين. الفصل الرابع : في مفسدات الصوم وهي المفطرات مفسدات الصوم سبعة: أحدها: الجماع، وهو إيلاج الذكر في الفرج، فمتى جامع الصائم فسد صومه، ثم إن كان في نهار رمضان والصوم واجب عليه لزمته الكفَّارة المغلَّظة لفُحش فعله، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، فإن كان الصوم غير واجب عليه كالمسافر يجامع زوجته وهو صائم فعليه القضاء دون الكفَّارة. الثاني: إنزال المني بمباشرة أو تقبيل أو ضم أو نحوها، فإن قبَّل ولم ينزل فلا شيء عليه. الثالث: الأكل والشرب، وهو إيصال الطعام أو الشراب إلى الجوف سواء كان عن طريق الفم أو عن طريق الأنف، أيًّا كان نوع المطعوم، أو المشروب، ولا يجوز للصائم أن يستنشق دخان البخور بحيث يصل إلى جوفه؛ لأن الدخان جرم، وأما شم الروائح الطيبة فلا بأس به. الرابع: ما كان بمعنى الأكل أو الشرب، مثل الإبر المغذية التي يستغنى بها عن الأكل والشرب، فأما غير المغذية فلا تفطر سواء كانت عن طريق العرق أو العضل. الخامس: إخراج الدم بالحجامة وعلى قياسه إخراجه بالفصد، ونحوه مما يؤثِّر على البدن كتأثير الحجامة، فأما إخراج الدم اليسير للفحص ونحوه، فلا يفطر لأنه لا يؤثِّر، على البدن من الضعف تأثير الحجامة. السادس: التقيؤ عمداً، وهو إخراج ما في المعدة من طعام أو شراب. السابع: خروج دم الحيض والنفاس. وهذه المفسدات لا تفطر الصائم إلا بثلاثة شروط: أحدها: أن يكون عالماً بالحكم وعالماً بالوقت. الثاني: أن يكون ذاكراً. الثالث: أن يكون مختاراً. فلو احتجم يظن أن الحجامة لا تفطر فصومه صحيح لأنه جاهل بالحكم، وقد قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}. وقال ـ تعالى ـ: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا}. فقال الله: "قد فعلت"، وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه جعل عقالين أسود وأبيض تحت وسادته فجعل يأكل وينظر إليهما فلمَّا تبيَّن أحدهما من الآخر، أمسك عن الأكل يظن أن ذلك معنى قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ}. ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم، فقال له صلى الله عليه وسلّم: (إنَّما ذلك بياضُ النهار وسوادُ الليل). ولم يأمره بالإعادة. ولو أكل يظن أن الفجر لم يطلع أو أن الشمس قد غربت ثم تبيَّن خلاف ظنه فصومه صحيح؛ لأنه جاهل بالوقت، وفي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ قالت: (أفطرنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم، في يوم غيم ثم طلعت الشمس). ولو كان القضاء واجباً لبيَّنه صلى الله عليه وسلّم؛ لأن الله أكمل به الدين، ولو بيَّنه صلى الله عليه وسلّم لنقله الصحابة؛ لأن الله تكفَّل بحفظ الدين، فلما لم ينقله الصحابة علمنا أنه ليس بواجب، ولأنه مما توفر الدواعي على نقله لأهميته، فلا يمكن إغفاله، ولو أكل ناسياً أنه صائم لم يفطر، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: (مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه). متفق عليه
2 مشترك
ننقل لكم هنا كتاب ( فصول في الصيام والزكاة والتراويح )
مـــ ماجده ـلاك الروح- الإداري المتميز
- الجنس :
مشاركات : 7979
البلد : المنصورة مصر
نقاط التميز : 17096
السٌّمعَة : 22
مـــ ماجده ـلاك الروح- الإداري المتميز
- الجنس :
مشاركات : 7979
البلد : المنصورة مصر
نقاط التميز : 17096
السٌّمعَة : 22
ولو أكره على الأكل، أو تمضمض فتهرَّب الماء إلى بطنه أو قطر في عينه، فتهرَّب القطور إلى جوفه، أو احتلم فأنزل منيًّا فصومه صحيح في ذلك كله لأنه بغير اختياره. ولا يفطر الصائم بالسواك بل هو سُنَّة له ولغيره في كل وقت في أول النهار وآخره، ويجوز للصائم أن يفعل ما يخفف عنه شدة الحر والعطش كالتبرد بالماء ونحوه، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم (كان يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش). وبَلَّ ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ثوباً فألقاه على نفسه وهو صائم، وهذا من اليُسر الذي كان الله يريده بنا ولله الحمد والمِنَّة على نعمته وتيسيره. الفصل الخامس : في التراويـــــح التراويح: قيام الليل جماعة في رمضان، ووقتها من بعد العشاء إلى طلوع الفجر، وقد رغَّب النبي صلى الله عليه وسلّم في قيام رمضان حيث قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). وفي صحيح البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلّم قام ذات ليلة في المسجد فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم، فلمَّا أصبح قال: (قد رأيت ما صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تُفرَض عليكم). وذلك في رمضان. والسُّنَّة أن يقتصر على إحدى عشرة ركعة، يسلِّم من كل ركعتين؛ لأن عائشة رضي الله عنها سئلت كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم في رمضان؟ فقالت: (ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة) متفق عليه. وفي الموطأ عن محمد بن يوسف ـ وهو ثقة ثبت ـ عن السائب بن يزيد ـ وهو صحابي ـ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أُبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة. وإن زاد على إحدى عشرة ركعة فلا حرج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم سُئِل عن قيام الليل فقال: (مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلَّى ركعة واحدة توتر له ما قد صلَّى) أخرجاه في الصحيحين، لكن المحافظة على العدد الذي جاءت به السُّنَّة مع التأنِّي والتطويل الذي لا يشق على الناس أفضل وأكمل. وأما ما يفعل بعض الناس من الإسراع المفرط فإنه خلاف المشروع، فإن أدَّى إلى الإخلال بواجب أو ركن كان مبطلاً للصلاة. وكثير من الأئمة: لا يتأنَّى في صلاة التراويح وهذا خطأ منهم، فإن الإمام لا يصلي لنفسه فقط، وإنما يصلي لنفسه ولغيره، فهو كالولي يجب عليه فعل الأصلح، وقد ذكر أهل العلم أنه يكره للإمام أن يسرع سرعة تمنع المأمومين فعل ما يجب. وينبغي للناس أن يحرصوا على إقامة هذه التراويح، وأن لا يضيِّعوها بالذهاب من مسجد إلى مسجد، فإن مَن قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة وإن نام بعد على فراشه. ولا بأس بحضور النساء صلاة التراويح إذا أمنت الفتنة، بشرط أن يخرجن محتشمات غير متبرجات بزينة ولا متطيبات. الفصل السادس : في الزكـاة وفوائدهـا الزكاة فريضة من فرائض الإسلام، وهي أحد أركانه وأهمها بعد الشهادتين والصلاة، وقد دلَّ على وجوبها كتاب الله ـ تعالى ـ وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلّم، وإجماع المسلمين، فمن أنكر وجوبها فهو كافر مرتد عن الإسلام يستتاب، فإن تاب وإلا قُتِل، ومن بخل بها أو انتقص منها شيئاً فهو من الظالمين، المستحقين لعقوبة الله ـ تعالى ـ قال الله ـ تعالى: ـ: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ ءَاتَـهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَـمَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ السَّمَـوَتِ وَالاَْرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (مَن آتاه الله مالاً فلم يؤدِّ زكاته مُثِّلَ له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زَبيبتان يُطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه ـ يعني شدقيه ـ يقول: أنا مَالُكَ أنا كنزُك). الشجاع: ذَكَرُ الحيَّات، والأقرع: الذي تمعط فروة رأسه لكثرة سُمِّه، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ }. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدِّي منها حقَّها إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبهُ وجبينه وظهرهُ كلما بردت أُعيدت في يوم كان مقدارهُ خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد). وللزكاة فوائد دينية وخلقية واجتماعية كثيرة، نذكر منها ما يأتي: فمن فوائدها الدينية: 1 ـ أنها قيام بركن من أركان الإسلام الذي عليه مدار سعادة العبد في دنياه وأخراه. 2 ـ أنها تقرب العبد إلى ربه وتزيد في إيمانه، شأنها في ذلك شأن جميع الطاعات. 3 ـ ما يترتب على أدائها من الأجر العظيم، قال الله ـ تعالى ـ: {يَمْحَقُ اللَّهُ الْرِّبَواْ وَيُرْبِى الصَّدَقَـتِ}. وقال ـ تعالى ـ: {وَمَآ ءَاتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِى أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ اللَّهِ وَمَآ ءاتَيْتُمْ مِّن زَكَوةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ }. وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: (مَن تصدَّق بعدل تمرة ـ أي: ما يعادل تمرة ـ من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يأخذها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فُلُوَّه حتى تكون مثل الجبل) رواه البخاري ومسلم. 4 ـ أن الله يمحو بها الخطايا كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم: (والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار). والمراد بالصدقة هنا الزكاة وصدقة التطوع جميعاً. ومن فوائدها الخلقية: 1 ـ أنها تُلْحِق المزكي بركب الكرماء ذوي السماحة والسخاء. 2 ـ أن الزكاة تستوجب اتصاف المزكي بالرحمة والعطف على إخوانه المعدمين، والراحمون يرحمهم الله. 3 ـ أنه من المشاهد أن بذل النفع المالي والبدني للمسلمين يشرح الصدر ويبسط النفس ويوجب أن يكون الإنسان محبوباً مكرماً بحسب ما يبذل من النفع لإخوانه. 4 ـ أن في الزكاة تطهيراً لأخلاق باذلها من البخل والشح كما قال ـ تعالى ـ: {خُذْ مِنْ أَمْوَلِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}. ومن فوائدها الاجتماعية: 1 ـ أن فيها دفعاً لحاجة الفقراء الذين هم السواد الأعظم في غالب البلاد. 2 ـ أن في الزكاة تقوية للمسلمين ورفعاً من شأنهم، ولذلك كان أحد جهات الزكاة الجهاد في سبيل الله كما سنذكره إن شاء الله تعالى. 3 ـ أن فيها إزالة للأحقاد والضغائن التي تكون في صدور الفقراء والمعوزين، فإن الفقراء إذا رأوا تَمَتُّع الأغنياء بالأموال وعدم انتفاعهم بشيء منها، لا بقليل ولا بكثير فربما يحملون عداوة وحقداً على الأغنياء حيث لم يراعوا لهم حقوقاً، ولم يدفعوا لهم حاجة، فإذا صرف الأغنياء لهم شيئاً من أموالهم على رأس كل حول زالت هذه الأمور وحصلت المودة والوئام. 4 ـ أن فيها تنمية للأموال وتكثيراً لبركتها، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: )ما نقصت صدقة من مال(. أي إن نقصت الصدقة المال عدديًّا فإنها لن تنقصه بركة وزيادة في المستقبل بل يخلف الله بدلها ويبارك له في ماله. 5 ـ أن له فيها توسعة وبسطاً للأموال، فإن الأموال إذا صرف منها شيء اتسعت دائرتها وانتفع بها كثير من الناس، بخلاف إذا كانت دولة بين الأغنياء لا يحصل الفقراء على شيء منها. فهذه الفوائد كلها في الزكاة تدل على أن الزكاة أمر ضروري لإصلاح الفرد والمجتمع، وسبحان الله العليم الحكيم. والزكاة تجب في أموال مخصوصة منها: الذهب والفضة بشرط بلوغ النصاب، وهو في الذهب أحد عشر جنيهاً سعوديًّا وثلاثة أسباع الجنيه. وفي الفضة ستة وخمسون ريالاً سعوديًّا من الفضة أو ما يعادلها من الأوراق النقدية، والواجب فيها ربع العشر، ولا فرق بين أن يكون الذهب والفضة نقوداً أم تبراً أو حليًّا، وعلى هذا فتجب الزكاة في حُليّ المرأة من الذهب والفضة إذا بلغ نصاباً، ولو كانت تلبسه أو تعيره، لعموم الأدلة الموجبة لزكاة الذهب والفضة بدون تفصيل، ولأنه وردت أحاديث خاصة تدل على وجوب الزكاة في الحُلي وإن كان يلبس، مثل ما رواه عبدالله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلّم وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال: (أتعطين زكاة هذا؟) قالت: لا. قال: (أَيسُرُّك أن يُسوِّرك الله بهما سوارين من نار؟) فألقتهما وقالت: هما لله ورسوله. قال في "بلوغ المرام": رواه الثلاثة وإسناده قوي، ولأنه أحوط وما كان أحوط فهو أولى. ومن الأموال التي تجب فيها الزكاة: عروض التجارة، وهي كل ما أعد للتجارة من عقار وسيارات ومواشي وأقمشة وغيرها من أصناف المال، والواجب فيها ربع العُشر فيقومها على رأس الحول بما تساوي ويخرج ربع عشره، سواء كان أقل مما اشتراها به أم أكثر أم مساوياً. فأما ما أعدَّه لحاجته أو تأجيره من العقارات والسيارات والمعدات ونحوها فلا زكاة فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)، لكن تجب في الأجرة إذا تم حولها وفي حليّ الذهب والفضة لما سبق. الفصل السابع : في أهل الزكاة أهل الزكاة هم الجهات التي تصرف إليها الزكاة، وقد تولَّى الله تعالى بيانها بنفسه فقال: {إِنَّمَا الصَّدَقَـتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَـكِينِ وَالْعَـمِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَـرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }. فهؤلاء ثمانية أصناف: الأول: الفقراء، وهم الذين لا يجدون من كفايتهم إلا شيئاً قليلاً دون النصف، فإذا كان الإنسان لا يجد ما ينفق على نفسه وعائلته نصف سنة فهو فقير فيعطى ما يكفيه وعائلته سنة. الثاني: المساكين، وهم الذين يجدون من كفايتهم النصف فأكثر ولكن لا يجدون ما يكفيهم سنةً كاملة فيكمل لهم نفقة السنة.. وإذا كان الرجل ليس عنده نقود ولكن عنده مورد آخر من حرفة أو راتب أو استغلال يقوم بكفايته فإنه لا يعطى من الزكاة لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: (لا حظَّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب). الثالث: العاملون عليها، وهم الذين يوكلهم الحاكم العام للدولة بجبايتها من أهلها، وتصريفها إلى مستحقيها، وحفظها ونحو ذلك من الولاية عليها، فيعطون من الزكاة بقدر عملهم وإن كانوا أغنياء. الرابع: المؤلفة قلوبهم وهم رؤساء العشائر الذين ليس في إيمانهم قوة، فيعطون من الزكاة ليقوى إيمانهم، فيكونوا دُعاة للإسلام وقدوة صالحة، وإذا كان الإنسان ضعيف الإسلام ولكنه ليس من الرؤساء المطاعين بل هو من عامة الناس فهل يعطى من الزكاة ليقوى إيمانه؟ يرى بعض العلماء أنه يعطى لأن مصلحة الدين أعظم من مصلحة البدن، وها هو إذا كان فقيراً يعطى لغذاء بدنه، فغذاء قلبه بالإيمان أشد وأعظم نفعاً، ويرى بعض العلماء أنه لا يعطى لأن المصلحة من قوة إيمانه مصلحة فردية خاصة به. الخامس: الرِّقاب، ويدخل فيها شراء الرقيق من الزكاة وإعتاقه ومعاونة المكاتبين وفكُّ الأسرى من المسلمين. السادس: الغارمون، وهم المدينون إذا لم يكن لهم ما يمكن أن يوفوا منه ديونهم، فهؤلاء يعطَون ما يوفون به ديونهم قليلة كانت أم كثيرة، وإن كانوا أغنياء من جهة القوت، فإذا قدر أن هناك رجلاً له مورد يكفي لقوته وقوت عائلته، إلا أن عليه ديناً لا يستطيع وفاءه، فإنه يعطى من الزكاة ما يوفي به دينه، ولا يجوز أن يسقط الدين عن مدينه الفقير وينويه من الزكاة. واختلف العلماء فيما إذا كان المدين والداً أو ولداً، فهل يعطى من الزكاة لوفاء دينه، والصحيح الجواز. ويجوز لصاحب الزكاة أن يذهب إلى صاحب الحق ويعطيه حقَّه وإن لم يعلم المدين بذلك، إذا كان صاحب الزكاة يعرف أن المدين لا يستطيع الوفاء. السابع: في سبيل الله، وهو الجهاد في سبيل الله فيعطَى المجاهدون من الزكاة ما يكفيهم لجهادهم، ويشترى من الزكاة آلات للجهاد في سبيل الله. ومن سبيل الله العلم الشرعي، فيعطى طالب العلم الشرعي ما يتمكن به من طلب العلم من الكُتُب وغيرها، إلا أن يكون له مال يمكنه من تحصيل ذلك به. الثامن: ابن السبيل، وهو المسافر الذي انقطع به السفر فيعطى من الزكاة ما يوصله لبلده. فهؤلاء هم أهل الزكاة الذين ذكرهم الله ـ تعالى ـ في كتابه وأخبر بأن ذلك فريضة منه صادرة عن علم وحكمة والله عليم حكيم. ولا يجوز صرفها في غيرها كبناء المساجد، وإصلاح الطرق، لأن الله ذكر مستحقيها على سبيل الحصر، والحصر يفيد نفي الحكم عن غير المحصور فيه. وإذا تأملنا هذه الجهات عرفنا أن منهم مَن يحتاج إلى الزكاة بنفسه ومنهم من يحتاج المسلمون إليه، وبهذا نعرف مدى الحكمة في إيجاب الزكاة، وأن الحكمة منه بناء مجتمع صالح متكامل متكافأ بقدر الإمكان، وأن الإسلام لم يهمل الأموال ولا المصالح التي يمكن أن تبنى على المال، ولم يترك للنفوس الجشعةِ الشحيحةِ الحريةَ في شُحِّها وهواها، بل هو أعظم موجِّهٍ للخير ومصلح للأُمم، والحمد لله رب العالمين. الفصل الثامن : في زكاة الفطر زكاة الفطر فريضة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلّم، عند الفطر من رمضان. قال عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلّم الفطر من رمضان على العبد والحر والذَكر والأُنثى والصغير والكبير من المسلمين) متفق عليه. وهي صاع من طعام مما يقتاته الآدميون، قال أبوسعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ: (كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم صاعاً من طعام، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر). رواه البخاري. فلا تجزأ من الدراهم والفرش واللباس وأقوات البهائم والأمتعة وغيرها؛ لأن ذلك خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلّم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). أي مردود عليه. ومقدار الصاع كيلوان وأربعون غراماً من البُر الجيِّد، هذا هو مقدار الصاع النبوي الذي قدر به النبي صلى الله عليه وسلّم الفطرة. ويجب إخراج الفطرة قبل صلاة العيد والأفضل إخراجها يوم العيد قبل الصلاة، وتجزأ قبله بيوم أو يومين فقط، ولا تجزأ بعد صلاة العيد؛ لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلّم: (فرض زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، فمن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومَن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات). رواه أبوداود وابن ماجه. ولكن لو لم يعلم بالعيد إلا بعد الصلاة أو كان وقت إخراجها في برّ أو بلد ليس فيه مستحق أجزأ إخراجها بعد الصلاة عند تمكنه من إخراجها. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. انتهى الكتاب.
[رحم الله الشيخ بن عثيمين وجزاه عن المسلمين خير الجزاء ]؛
م
مآآآآآآجده
[رحم الله الشيخ بن عثيمين وجزاه عن المسلمين خير الجزاء ]؛
م
مآآآآآآجده
مدير عام- الجنس :
مشاركات : 6872
البلد : Morocco
نقاط التميز : 8209
السٌّمعَة : 3
جزاك الله خيرا وأتمنى أن يستفيد الجميع
مـــ ماجده ـلاك الروح- الإداري المتميز
- الجنس :
مشاركات : 7979
البلد : المنصورة مصر
نقاط التميز : 17096
السٌّمعَة : 22
ميرسى لمرورك العطر
مدير عام- الجنس :
مشاركات : 6872
البلد : Morocco
نقاط التميز : 8209
السٌّمعَة : 3
أنت المشكروة على المجهود المتميز