مشكلتى قد تبدو فى أعين الكثيرين بسيطة ومضحكة ، ولكنها تنغص على حياتى وتفتك بأيام شبابى التى أصبحت أقضيها كلها فى المطبخ أعد وجبة تلو الأخرى ، أكاد أختنق من جو الطبخ ، فزوجى ينتهى من الغذاء ليفكر فى العشاء ، ويمنعنى من استخدام من تساعدنى لأنه يرغب فى الطعام من يدى فقط لتأكده من جودته ونظافته ، ويعاملنى جيدا اذا وفرت له الوجبات المحببة الى نفسه فى الوقت الذى يريده ويتمنى تلبية أى مطلب لى ، ولكنه يغضب كالعاصفة ويثور فى حديثه الى ؛ اذا ما تأخرت أو تقاعست عن عمل أى وجبة يطلبها والتى يمكن أن تكون بعد منتصف الليل مثلا، لقد أصبحت لاأطيق حياتى وأشعر أننى مجرد خادمة ، ماذا أفعل ؟
أخيتى الفاضلة
أعانك الله وجعل تعبك هذا كله فى ميزان حسناتك ووهبك المثوبة فى الدنيا و الآخرة ، أما بعد
أخيتى كل منا يرى أن المشكلة التى تواجهه هى أعظم مشكلة فى العالم ، فيظل يفكر بها الى أن تتحول وحشا يسيطر على أفكاره ويحتل خلاياه ويطغى على ذرات كيانه شيئا فشيئا ، الى أن يسلبه من عالمه ويمسى أسيرا لمشكلته لا يقوى على جرأة التفكير بامكانية حلها أو حتى تبسيط نسيجها المعقد ، الخانق لحياته ، و الملتهم لثوانى حاضره ومستقبله ؛ ولكننى واثقة باذن الله أنك قادرة على التغلب على مشكلتك وفك شفرات ألغازها لتهنأحياتك وتسعد أيامك كما أتمنى لك ، لكن يجب أن تساعدى نفسك بالنظر للجوانب الايجابية من مشكلتك والتى تخفيها وساوس الشيطان عنك لتظلى تحومين فى دوامة ضائقتك وتضيعين فى متاهاتها دون أن تشكرى خالقك على نعمه العظيمة عليك والتى سأوضحها لك الآن:
أولا لقد وهبك الله تعالى نعمة ثمينة ودرة نفيسة ألا وهى الصحة التى من خلالها تسعدين زوجك بتقديم ما يسره من النعمة الحلال وهى نعمة الطعام ، فتخيلى لو أن زوجك كان متطلبا هكذا وكنت لا قدر الله مريضة فماذا كنت ستفعلين وقتها ؟ وكيف كانت ستمضى حياتك وأنت عاجزة عن خدمته ؟ فاحمدى الله على نعمته عليك بالصحة .
ثانيا كثير من الزوجات يحلمن برجل يستطعن ارضاءة ؛ فكثير منهن يشتكيين من أنهن لا يعرفن ما الذى يرضى أزواجهن مع أنهن لا يقصرن فى أى شىء تجاههم ويعصرن خلاياهن جهدا لارضائهم وبالرغم من ذلك لا يحصلن حتى على كلمة شكر ، أما بالنسبة لك فالأمر غاية فى السهولة ، فما أبسط أن تسعدى زوجك بتقديم وجبة محببة الى نفسه وتستمتعين برؤيته يتلذذ بصنع يديك ، ثم تستمتعين أكثر بعبارات الثناء والمديح التى يجود بها قلبه لك امتنانا لمجهودك وتقديرا لحرصك على ارضائه ، ثم تهنئين برغبته فى تلبية مطالبك كلها ؛ فما أجمل ذلك حبيبتى ؛ وجبة بسيطة لذيذة تلبى لك جميع مطالبك ، صدقينى فكثير من الأخوات المتزوجات على استعداد أن يقفن ساعات طوال فى سبيل لحظة دفء واحدة من أزواجهن يشعرنهن فيها بالعرفان والحب والاستعداد لتلبية رغباتهن ولو بأبسط الامكانيات ، فاحمدى الله على زوجك الطيب ذو القلب النقى فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
ثالثا انظرى أخيتى لحال بعض الزوجات اللاتى يطلب منهن ما لا يطقن ، كالانفاق القسرى على المنزل مع غنى أزواجهن ، أو بعض الأزواج الذين يضربن زوجاتهن ضربا مبرحا اذا ما تقاعسن عن تأدية ما يطلبوا فاذا كان زوجك يرفع صوته عليك فقط اذا ما تأخرت عنه بالطعام أفلا تعتبر هذه نعمة تستحق الشكر عليها ، احمدى الله حبيبتى أن بيدك مقاليد قلب زوجك ومفاتيح أبواب رضاه عنك وبالتالى سعادتكم الدائمة معا باذن الله .
رابعا اذا كان زوجك يحب أن يأكل من يديك فقط فهذا معناه أنه يحب جمال المصنوع من حبه لجمال الصانع ، فاسعدى باعزازه لك واعلمى أن كثيرا من الزوجات تتمنى أن يأكل زوجها من صنع يديها ويثنى على حسن اعداده كما يفعل معك زوجك .
انظرى أخيتى لكل تلك النعم والنواحى الايحابية فى مشكلتك والى قد تغفل عنها بصيرتك ولكن باذن الله أنت قادرة على ازالة تلك الغشاوة والتمتع بحب زوجك ورقة قلبه الذى أسلمك مفاتيحه عن طيب خاطر .
يمكنك الاستعانة بمن تساعدك وأكدى لزوجك أنها لن تساهم فى تحضير طعامه بأى حال من الأحوال، انما فقط قد تغسل بعض الأطباق أو تنظف المطبخ لتتهيئين أنت للتفنن فى اعداد طعامه ، وافعلى ذلك أمامه عدة مرات حتى يتأكد تماما من أن الطعام من صنع يديك أنت دون مساعدة أحد .
حاولى اسماع زوجك بعض برامج التوعية بالوزن الصحى ومخاطر كثرة الطعام ، ولكن بذكاء وروية حتى لا يفهم أنك متضررة من انجاز ما يحب من الأطعمة ، انما أظهرى له حبك وخوفك على صحته بأسلوب رقيق يحمل من صدق كلماتك وعبير أنوثتك ما يجعله يرغب عن كثرة تناول الطعام بنفسه ودون أى ضغط منك .
أتمنى من الله العلى القدير أن تكون كلماتى قد أفادتك و أن تحققى ما تصبين اليه .
د / رهام حسن المجاهد
مآآآآآجده
مآآآآآجده