الحمدُ لله موفِّق الطائعين إلى رضاه - سبحانه - تَدين له بالفضْل الجباه، ولا ربَّ غيرُه، ولا معبودَ سواه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المَلِك الحق المبين.
وأشهد أنَّ سيِّدنا محمدًا عبدُ الله ورسوله، سيِّد المتواضعين، وخير العابدين، وأعظم الخَلْق قدرًا، وأَعلاهم شرفًا، اللهمِّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فالتواضعُ خُلقُ المؤمنين، وصفةُ المتَّقين، وهو دليلٌ على سُموِّ الإيمان ورِفْعةِ القَدْرِ عند الله، وعندَ عباده الصالحين.
وهو - كما عرَّفهُ البعضُ -: اللِّينُ مع الخَلْقِ، والخضوعُ للحقِّ، وخفضُ الجناحِ، وقيل: التواضعُ ضدُّ التعالي؛ بمعنى: ألاَّ يترفَّع الإنسانُ على غيره بنسبٍ ولا عِلمٍ، ولا مالٍ ولا جاهٍ، ولا إمارةٍ ولا وزارةٍ، وقيل: ألاَّ يرى العبد من نفسِه قيمةً، وهذا هو تمامُ صورتِه.
من بركات التواضع:
والتواضعُ أمرُ الله - تعالى - إلى كلِّ خلقِه، وحيًا طاهرًا إلى النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - فعن عِياض بن حمار عن النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((إنَّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا، حتى لا يفخرَ أحدٌ على أحد، ولا يَبغِي أحدٌ على أحد))؛ مسلم في صحيحه (2865).
وقد يظنُّ الحَمْقى وقِصارُ العقول أنَّ المتواضعين أقلُّ قدرًا من غيرهم بسبب خَفْض جناحِهم، وإظهار الخمول أو المَسْكنة لله - تعالى - وهذا توهُّمٌ يدلُّ على عدم رؤية الأمور على حقيقتها، بل إنَّ النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُقسِم على أنَّ الله - تعالى - يرفع أقدار المتواضعين؛ فعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ما نقصتْ صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلاَّ عزًّا، وما تواضع أحدٌ للهِ إلا رَفَعَه الله))؛ مسلم (2588).
ومِن خُصوص صفاتِ عباد الرحمن: التواضعُ ولِين الجَناح، وعدم وَضْع النفس مواضعَ الكِبْر والفخر؛ قال الله - تعالى -: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا} [الفرقان: 63]؛ لذلك فَهُم في قلقٍ وحذرٍٍ من قوله - تعالى -: {وَلاَ تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} [الإسراء: 37].
وفي المشهد العادل يومَ القيامة تتجلَّى آثارُ التواضُعِ الطيِّبة مع سخائم الكِبْر المهلكة؛ فعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((احتجتِ الجَنَّة والنار، فقالت الجنَّة: يَدخُلني الضعفاء والمساكين، وقالت النار: يَدخُلني الجبَّارون والمتكبِّرون، فقال للنار: أنت عذابي أنتقم بك مِمَّن شئت، وقال للجِنَّة: أنت رحمتي، أرحم بك مَن شئت))؛ سنن الترمذي (2561)، وقال: حديث حسنٌ صحيحٌ، فالانتقام من المتكبِّرين، والرحمة للمتواضعين.
وقد عدَّ نبيُّنا الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - المتكبِّرين من شرِّ العِباد، كما أنَّ المتواضعين من خير الخَلْق؛ فعن حذيفة بن اليمان - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألاَ أُخبِركم بشرِّ عِباد لله؟ الفَظُّ المستكبِر، ألاَ أخبركم بخيرِ عباد الله؟ الضعيفُ المستضعف، ذو الطِّمْرَين، لا يُؤبَه له، لو أقسم على الله لأبرَّه))؛ الألباني في "صحيح الترغيب" (3904)، والحديث صحيحٌ لغيره.
ومِن حال النبيِّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - نقفُ على ساحلِ هدايته الغرَّاء في شأن التواضع الجميل؛ لنجدَ صُورًا رائقةً من المَثَل الحي الذي ضَرَبه - صلَّى الله عليه وسلَّم - والتي نقطف من روائعها:
عن أنس بن مالك - رضي الله تعالى - عنه قال: ((إنْ كانتِ الأَمَةُ من إماء المدينة لتأخذ بيدِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فتنطلق به حيث شاءتْ))؛ البخاري (6072).
وعن الأسود بن يزيدَ قال: سُئِلت عائشة - رضي الله عنها -: ما كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَصنع في بيته؟ قالت: كان يكونُ في مِهنة أهله - يعني: خِدمة أهله - فإذا حضرتِ الصلاةُ خرجَ إلى الصلاة))؛ البخاري (676).
عن أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه -: أنَّه كان يُسلِّم على الصِّبيان وقال: "كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يفعله"؛ متفق عليه.
ومِن خُلُقه العظيم - صلَّى الله عليه وسلَّم - نَتعلَّم خفضَ الجناح للأصحاب والأهل من المؤمنين، وهكذا كان شأنُه مع أصحابه الكرام، فقد قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تُطروني كما أَطْرَتِ النَّصارى ابنَ مريم...))؛ البخاري (3445).
زيادةٌ في التواضع:
وممَّا يُستلزَم فَهْمُه أنَّ هناك أصنافًا من الناس تقتضي العلاقةُ معهم خفضَ الجناح، وشدَّةَ التواضع أكثرَ من غيرهم، وهم:
الوالدان: قال الله - تعالى -: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24]، وذلك لِمَا لهما من حقوق حُسْن العِشرة، والبِرِّ الحاني، والأدب العالي، ولا يكون ذلك إلاَّ بالتواضع، على حدِّ قول مَن قال:
المؤمنون الذين ينتظمون في عقدِ المجتمـع: فمِن شأن المؤمنين أنهم متواضعون جدًّا مع بعضهم، لدرجةِ أن الله - تعالى - قد وصـفهم فيما بينهم بقوله تعـالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ...} [المائدة: 54].
وقد أمر الله - تعالى - نبيَّه الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله عزَّ مِن قائلٍ: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88]؛ لأنَّ المجتمع المسلم مبنيٌ على الاحترام والألفة، والتقدير بين أفراده، وهذه المعاني الرائعة تحتاج إلى فيضٍ زائدٍ من بركات التواضُعِ حتى تُعين المسلمين على القيام بها، والحبُّ للمؤمنين يقتضي الانصهارَ معهم في بوتقةٍ واحدة، وعدم الترفُّع عليهم، حتى لا تصيب القلوبَ خناجرُ الكِبْر المميتة، فتهدم بينهم أعلامَ المودَّة والوِئام.
العلماء والمربُّون والقائمون لله بأمره: فهُمْ أولى الناس بالتواضُع والاحترام، وقد ورد في الأثر: "تواضعوا لِمَن تَعلَّمون منهم"، وقد كان للعلماء في سالفِ الأزمان خططٌ تربويَّة، شديدةٌ في أساليبها على الطلبة والمتعلِّمين، بَيْدَ أنَّها تصف الحزمَ الذي تسعد به الخواتيم؛ ولذلك ورَدَ عن إمامنا الشافعي - رحمه الله تعالى - قوله:
كِبار السِّنِّ والمقام، فهؤلاء يحتاجون إلى معاملةٍ خاصَّةٍ من التواضُع واللِّين، وخَفْض الجَناح، فأمَّا كِبَرُ السنِّ، فإنَّه يُوهِن القوَّة، ويَضِيقُ به الخُلُقُ ويقلُّ معه الصَّبر، ولذلك فهم أحوجُ الناس إلى ركوب مركب التواضُع، وعدم التضجُّر من معاملتهم، حتى وإنْ بدَا منهم ما يظنُّه الناسُ إساءةً، وقد أوصى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بتقديم الكبير حينما قال لمُحيِّصَةَ قوله: ((كَبِّرْ كَبِّر))؛ أي: قَدِّم الكبير في الكلام، يُريد أخاه حُويِّصة؛ البخاري (7192)، عن سهْل بن أبي حثمة، وعلى العموم فالتواضعُ مُثمِر بالعطاء لكلِّ مَن يهتدي قلبُه إليه.
ومن المناظر المبهجة لطلاَّبِ العِلم: أنَّ الملائكة تضع أجنحتَها رضًا بما يصنعون، هكذا أخبر النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله: ((وإنَّ الملائكةَ لتضعُ أجنحتَها لطالِب العلم رضًا بما يطلب))؛ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (25/247)، فيا ليتَ المجتمع يَلمح هذه الإشارة الملهمة بالتواضع والتقدير لطلاَّب العِلم.
ميزان التواضع:
للتواضُع ميزانٌ يُبيِّن الفارقَ بينه وبين ما يشتبه به مِن المعاني، فإنَّ كثيرًا من الخَلْقِ اختلطتْ عليهم العزَّة بالكِبر، والتواضُع بقلَّة الهَيْبة، وذهاب القيمة بدعوى خَفْض الجناح والمسكنة!
وأكثرُ الأعمال قبولاً وأحبُّها عندَ الله: ما أنزله الناس منزلتَه، ولم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه، فإذا كان الكبرُ مذمومًا، فكذلك المذلَّة، وعلى هذا فإنَّه ليس من التواضُع تركُ الحقِّ بدعوى التسامُح، فالتواضع بهذه الصورة من المذلَّة المنكورة، وفي النهاية فإنَّ الحقَّ غَلاَّبٌ؛ قال الله - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97].
ومِن الناس مَن ظنَّ أنَّ التواضع يتجلَّى في مُحيَّا شخصٍ بائسٍ، يلبس المرقَّعَ والبَالِي من الثياب، ويبدو للناس في مجامعِهم وملتقياتهم في هيئة من يطلب الصدقات، وهو قادرٌ على شِراء عشرات الأثواب الغالية، إنَّه تعبيرٌ عن شريحةٍ من المجتمع تُعاني الفقر في عقولها ليْسَ إلاَّ! ألم يسمعوا إلى ما جاء في الأثر: ((إنَّ الله يُحبُّ أن يرى أثرَ نعمته على عبده))، ولعلَّ قومًا فهموا المرادَ من أحاديثَ شريفةٍ على غير وجهها، جاءت لتكسرَ نزعةَ التطُّلع إلى الفخر والمباهاة فقط، مثل ما جاء عن أبي أُمامة - رضي الله تعالى عنه - قال: ذكَر أصحابُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يومًا عندَه الدنيا، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألاَ تسمعون، ألاَ تسمعون؟ إنَّ البذاذةَ من الإيمان))؛ سنن أبي داود (4161).
والبذاذة: هي التواضع في المَلْبس برثاثة الهيئة، وتَرْك الزِّينة، والرِّضا بالدون من الثياب، وقد علَّق الحافظ المنذريُّ على هذا الحديث بقوله: "رواه أبو داود وابن ماجه، كلاهما من رواية محمد بن إسحاق، وقد تكلَّم أبو عمر النمري في هذا الحديث"؛ المنذري "الترغيب والترهيب" (3/ 153)، دار الحديث بالقاهرة.
ومثل ما جاء أيضًا عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ الله - عز وجل - يُحبُّ المتبذل الذي لا يُبالي ما لَبَس))، وذكر الإمام المنذريُّ أيضًا: أنَّ الإمام البيهقيَّ هو راوي الحديث، وقد ذكرت لجنة تحقيق الكتاب - أي: كتاب "الترغيب والترهيب"، طبعة وزارة الأوقاف المصرية - في الهامش أنَّ الإمام العراقيَّ ذَكَر في الجزء الرابع من تخريج أحاديث "إحياء علوم الدِّين" للإمام الغزالي: أنَّه لم يجد لهذا الحديث أصلاً.
ومِن الخطأ في بَذْل التواضُع أن نبذلَه لِمَن لا يستحقونه من أهل المناصب والغِنى إذا اشتهروا بالمعاصي، وندرة العمل الصالح؛ طمعًا فيما لديهم من الحُطام الفاني، فهذا مِن بذْل الشيء في غير مَوضعِه، ثم إنَّ فيه موالاةً زائدةً عن حدِّها لأهل المعصية، وقد أَمَرَنا الإسلامُ العظيم في عمومه بزَجْرِهم، أو هجرهم، بدلاً مِن الْتماس رضاهم بالتواضُع معهم.
من مفاخر التواضع عند أعلامنا:
من تاريخنا الزاخر برموز الأخلاق الحِسان في ميدان التواضُع نلتقط هذه الدُّررَ الغالية:
فهذا صِدِّيق الأمَّة أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - يحلب الشِّياهَ لليتامى والفقراء مِن شدَّة تواضعه.
وهذا فاروقُها المُلهَم يُصوِّر التواضعَ في أبهى حُللِه، فيحمل جوالَ الدقيق وقِرْبةَ الماء على ظهرِه لجوعَى المسلمين.
وفي مشهدٍ فاروقيٍّ آخرَ نجده يصعد المنبر، فيقول: أيُّها الناس، لقد كنتُ أُسمَّى عُميرًا، فصرتْ عمر، ثم أمير المؤمنين، وكنتُ أرعى الغنم على بضع دُرَيهمات، فقال عبدالرحمن بن عوف: ما زدتَ على أن قمئتَ نفسك بين الناس! قال: يا ابنَ عوف، لقد حدَّثتْني نفسي أنِّي أمير المؤمنين، فأحببتُ أن أُلجِمَها.
وهذا أبو ذرٍّ - رضي الله عنه - يضع خدَّه على الأرض؛ ليطأهَ بلال لَمَّا قال له: يا ابنَ السوداء.
وهذا الخليفةُ الراشد عمر بن عبدالعزيز - رضي الله تعالى عنه - ينتظر حتى يجفَّ ثوبُه بعد غسله، فقالوا له: أمَا عندك آخرُ؟ قال: نعم، ولكنَّه ممزَّق، ثم تلا: {تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83].
فالمتواضِعون هُم زِينةُ البلاد، وخيرُ العِباد، وشرف الدنيا، والدليل القائم على كرم الأخلاق، وحُسن الشِّيَم، ومِن أظهر علامات العبد المتواضع في عموم أمره: أنَّه يحبُّ الجلوس مع الناس، ويُسلِّم عليهم، ويردُّ عليهم السلام بقلْبِه قبلَ لسانه، ويحمل أمتعتَه بنفسه، ويزور المرضى، ويشهد الجنائز، ويحضُر الجماعات، ويُشارِك الناس مناسباتِهم بإجابة الدعوة، حينما يُدعَى إلى أيِّ مناسبة.
وأخيرًا:
على المرءِ أن يتواضعَ، ويُدرِّبَ نفسَه على هذا الخُلُق، حتى تسلمَ له نفسه، فإنَّ الكِبْر بابُ الهلاك، وما أتى التواضعُ لأهله إلاَّ بالخير.
فيا ابن الإسلام:
ودائمًا، حتى ترقى في إيمانك وتُحلِّق بقلبك الطاهر في أجواء الفضاء، كُنْ كريمَ الأصل، كلَّما زاد من خيرٍ تواضع وانحنَى.
نسأل الله الكريم أن يهبَ قلوبَنا التواضعَ، ويملأ نفوسنا به عزًّا.
والحمد لله في بدءٍ وفي ختمٍ.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المَلِك الحق المبين.
وأشهد أنَّ سيِّدنا محمدًا عبدُ الله ورسوله، سيِّد المتواضعين، وخير العابدين، وأعظم الخَلْق قدرًا، وأَعلاهم شرفًا، اللهمِّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فالتواضعُ خُلقُ المؤمنين، وصفةُ المتَّقين، وهو دليلٌ على سُموِّ الإيمان ورِفْعةِ القَدْرِ عند الله، وعندَ عباده الصالحين.
وهو - كما عرَّفهُ البعضُ -: اللِّينُ مع الخَلْقِ، والخضوعُ للحقِّ، وخفضُ الجناحِ، وقيل: التواضعُ ضدُّ التعالي؛ بمعنى: ألاَّ يترفَّع الإنسانُ على غيره بنسبٍ ولا عِلمٍ، ولا مالٍ ولا جاهٍ، ولا إمارةٍ ولا وزارةٍ، وقيل: ألاَّ يرى العبد من نفسِه قيمةً، وهذا هو تمامُ صورتِه.
من بركات التواضع:
والتواضعُ أمرُ الله - تعالى - إلى كلِّ خلقِه، وحيًا طاهرًا إلى النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - فعن عِياض بن حمار عن النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((إنَّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا، حتى لا يفخرَ أحدٌ على أحد، ولا يَبغِي أحدٌ على أحد))؛ مسلم في صحيحه (2865).
وقد يظنُّ الحَمْقى وقِصارُ العقول أنَّ المتواضعين أقلُّ قدرًا من غيرهم بسبب خَفْض جناحِهم، وإظهار الخمول أو المَسْكنة لله - تعالى - وهذا توهُّمٌ يدلُّ على عدم رؤية الأمور على حقيقتها، بل إنَّ النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُقسِم على أنَّ الله - تعالى - يرفع أقدار المتواضعين؛ فعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ما نقصتْ صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلاَّ عزًّا، وما تواضع أحدٌ للهِ إلا رَفَعَه الله))؛ مسلم (2588).
ومِن خُصوص صفاتِ عباد الرحمن: التواضعُ ولِين الجَناح، وعدم وَضْع النفس مواضعَ الكِبْر والفخر؛ قال الله - تعالى -: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا} [الفرقان: 63]؛ لذلك فَهُم في قلقٍ وحذرٍٍ من قوله - تعالى -: {وَلاَ تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} [الإسراء: 37].
وفي المشهد العادل يومَ القيامة تتجلَّى آثارُ التواضُعِ الطيِّبة مع سخائم الكِبْر المهلكة؛ فعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((احتجتِ الجَنَّة والنار، فقالت الجنَّة: يَدخُلني الضعفاء والمساكين، وقالت النار: يَدخُلني الجبَّارون والمتكبِّرون، فقال للنار: أنت عذابي أنتقم بك مِمَّن شئت، وقال للجِنَّة: أنت رحمتي، أرحم بك مَن شئت))؛ سنن الترمذي (2561)، وقال: حديث حسنٌ صحيحٌ، فالانتقام من المتكبِّرين، والرحمة للمتواضعين.
وقد عدَّ نبيُّنا الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - المتكبِّرين من شرِّ العِباد، كما أنَّ المتواضعين من خير الخَلْق؛ فعن حذيفة بن اليمان - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألاَ أُخبِركم بشرِّ عِباد لله؟ الفَظُّ المستكبِر، ألاَ أخبركم بخيرِ عباد الله؟ الضعيفُ المستضعف، ذو الطِّمْرَين، لا يُؤبَه له، لو أقسم على الله لأبرَّه))؛ الألباني في "صحيح الترغيب" (3904)، والحديث صحيحٌ لغيره.
ومِن حال النبيِّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - نقفُ على ساحلِ هدايته الغرَّاء في شأن التواضع الجميل؛ لنجدَ صُورًا رائقةً من المَثَل الحي الذي ضَرَبه - صلَّى الله عليه وسلَّم - والتي نقطف من روائعها:
عن أنس بن مالك - رضي الله تعالى - عنه قال: ((إنْ كانتِ الأَمَةُ من إماء المدينة لتأخذ بيدِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فتنطلق به حيث شاءتْ))؛ البخاري (6072).
وعن الأسود بن يزيدَ قال: سُئِلت عائشة - رضي الله عنها -: ما كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَصنع في بيته؟ قالت: كان يكونُ في مِهنة أهله - يعني: خِدمة أهله - فإذا حضرتِ الصلاةُ خرجَ إلى الصلاة))؛ البخاري (676).
عن أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه -: أنَّه كان يُسلِّم على الصِّبيان وقال: "كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يفعله"؛ متفق عليه.
ومِن خُلُقه العظيم - صلَّى الله عليه وسلَّم - نَتعلَّم خفضَ الجناح للأصحاب والأهل من المؤمنين، وهكذا كان شأنُه مع أصحابه الكرام، فقد قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تُطروني كما أَطْرَتِ النَّصارى ابنَ مريم...))؛ البخاري (3445).
زيادةٌ في التواضع:
وممَّا يُستلزَم فَهْمُه أنَّ هناك أصنافًا من الناس تقتضي العلاقةُ معهم خفضَ الجناح، وشدَّةَ التواضع أكثرَ من غيرهم، وهم:
الوالدان: قال الله - تعالى -: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24]، وذلك لِمَا لهما من حقوق حُسْن العِشرة، والبِرِّ الحاني، والأدب العالي، ولا يكون ذلك إلاَّ بالتواضع، على حدِّ قول مَن قال:
وَأَطِعْ أَبَاكَ لِأَنَّهُ رَبَّاكَ فِي عَهْدِ الصِّغَرْ وَاخْضَعْ لِأُمِّكَ وامتَثِلْ فَعُقُوقُهَا إِحْدَى الْكُبَرْ حَمَلَتْكَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ بَيْنَ الْمَوْدَّةِ وَالضَّرَرْ |
المؤمنون الذين ينتظمون في عقدِ المجتمـع: فمِن شأن المؤمنين أنهم متواضعون جدًّا مع بعضهم، لدرجةِ أن الله - تعالى - قد وصـفهم فيما بينهم بقوله تعـالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ...} [المائدة: 54].
وقد أمر الله - تعالى - نبيَّه الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله عزَّ مِن قائلٍ: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88]؛ لأنَّ المجتمع المسلم مبنيٌ على الاحترام والألفة، والتقدير بين أفراده، وهذه المعاني الرائعة تحتاج إلى فيضٍ زائدٍ من بركات التواضُعِ حتى تُعين المسلمين على القيام بها، والحبُّ للمؤمنين يقتضي الانصهارَ معهم في بوتقةٍ واحدة، وعدم الترفُّع عليهم، حتى لا تصيب القلوبَ خناجرُ الكِبْر المميتة، فتهدم بينهم أعلامَ المودَّة والوِئام.
العلماء والمربُّون والقائمون لله بأمره: فهُمْ أولى الناس بالتواضُع والاحترام، وقد ورد في الأثر: "تواضعوا لِمَن تَعلَّمون منهم"، وقد كان للعلماء في سالفِ الأزمان خططٌ تربويَّة، شديدةٌ في أساليبها على الطلبة والمتعلِّمين، بَيْدَ أنَّها تصف الحزمَ الذي تسعد به الخواتيم؛ ولذلك ورَدَ عن إمامنا الشافعي - رحمه الله تعالى - قوله:
فَصَبْرًا عَلَى مُرِّ الْجَفَا مِنْ مُعَلِّمٍ فَإِنَّ رُسُوبَ الْعِلْمِ فِي نَفَراتِهِ وَمَنْ لَمْ يَذُقْ مُرَّ التَّعَلُّمِ سَاعَةً تَجَرَّعَ كَأْسَ الْجَهْلِ طُولَ حَيَاتِهِ |
كِبار السِّنِّ والمقام، فهؤلاء يحتاجون إلى معاملةٍ خاصَّةٍ من التواضُع واللِّين، وخَفْض الجَناح، فأمَّا كِبَرُ السنِّ، فإنَّه يُوهِن القوَّة، ويَضِيقُ به الخُلُقُ ويقلُّ معه الصَّبر، ولذلك فهم أحوجُ الناس إلى ركوب مركب التواضُع، وعدم التضجُّر من معاملتهم، حتى وإنْ بدَا منهم ما يظنُّه الناسُ إساءةً، وقد أوصى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بتقديم الكبير حينما قال لمُحيِّصَةَ قوله: ((كَبِّرْ كَبِّر))؛ أي: قَدِّم الكبير في الكلام، يُريد أخاه حُويِّصة؛ البخاري (7192)، عن سهْل بن أبي حثمة، وعلى العموم فالتواضعُ مُثمِر بالعطاء لكلِّ مَن يهتدي قلبُه إليه.
ومن المناظر المبهجة لطلاَّبِ العِلم: أنَّ الملائكة تضع أجنحتَها رضًا بما يصنعون، هكذا أخبر النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله: ((وإنَّ الملائكةَ لتضعُ أجنحتَها لطالِب العلم رضًا بما يطلب))؛ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (25/247)، فيا ليتَ المجتمع يَلمح هذه الإشارة الملهمة بالتواضع والتقدير لطلاَّب العِلم.
ميزان التواضع:
للتواضُع ميزانٌ يُبيِّن الفارقَ بينه وبين ما يشتبه به مِن المعاني، فإنَّ كثيرًا من الخَلْقِ اختلطتْ عليهم العزَّة بالكِبر، والتواضُع بقلَّة الهَيْبة، وذهاب القيمة بدعوى خَفْض الجناح والمسكنة!
وأكثرُ الأعمال قبولاً وأحبُّها عندَ الله: ما أنزله الناس منزلتَه، ولم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه، فإذا كان الكبرُ مذمومًا، فكذلك المذلَّة، وعلى هذا فإنَّه ليس من التواضُع تركُ الحقِّ بدعوى التسامُح، فالتواضع بهذه الصورة من المذلَّة المنكورة، وفي النهاية فإنَّ الحقَّ غَلاَّبٌ؛ قال الله - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97].
ومِن الناس مَن ظنَّ أنَّ التواضع يتجلَّى في مُحيَّا شخصٍ بائسٍ، يلبس المرقَّعَ والبَالِي من الثياب، ويبدو للناس في مجامعِهم وملتقياتهم في هيئة من يطلب الصدقات، وهو قادرٌ على شِراء عشرات الأثواب الغالية، إنَّه تعبيرٌ عن شريحةٍ من المجتمع تُعاني الفقر في عقولها ليْسَ إلاَّ! ألم يسمعوا إلى ما جاء في الأثر: ((إنَّ الله يُحبُّ أن يرى أثرَ نعمته على عبده))، ولعلَّ قومًا فهموا المرادَ من أحاديثَ شريفةٍ على غير وجهها، جاءت لتكسرَ نزعةَ التطُّلع إلى الفخر والمباهاة فقط، مثل ما جاء عن أبي أُمامة - رضي الله تعالى عنه - قال: ذكَر أصحابُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يومًا عندَه الدنيا، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألاَ تسمعون، ألاَ تسمعون؟ إنَّ البذاذةَ من الإيمان))؛ سنن أبي داود (4161).
والبذاذة: هي التواضع في المَلْبس برثاثة الهيئة، وتَرْك الزِّينة، والرِّضا بالدون من الثياب، وقد علَّق الحافظ المنذريُّ على هذا الحديث بقوله: "رواه أبو داود وابن ماجه، كلاهما من رواية محمد بن إسحاق، وقد تكلَّم أبو عمر النمري في هذا الحديث"؛ المنذري "الترغيب والترهيب" (3/ 153)، دار الحديث بالقاهرة.
ومثل ما جاء أيضًا عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ الله - عز وجل - يُحبُّ المتبذل الذي لا يُبالي ما لَبَس))، وذكر الإمام المنذريُّ أيضًا: أنَّ الإمام البيهقيَّ هو راوي الحديث، وقد ذكرت لجنة تحقيق الكتاب - أي: كتاب "الترغيب والترهيب"، طبعة وزارة الأوقاف المصرية - في الهامش أنَّ الإمام العراقيَّ ذَكَر في الجزء الرابع من تخريج أحاديث "إحياء علوم الدِّين" للإمام الغزالي: أنَّه لم يجد لهذا الحديث أصلاً.
ومِن الخطأ في بَذْل التواضُع أن نبذلَه لِمَن لا يستحقونه من أهل المناصب والغِنى إذا اشتهروا بالمعاصي، وندرة العمل الصالح؛ طمعًا فيما لديهم من الحُطام الفاني، فهذا مِن بذْل الشيء في غير مَوضعِه، ثم إنَّ فيه موالاةً زائدةً عن حدِّها لأهل المعصية، وقد أَمَرَنا الإسلامُ العظيم في عمومه بزَجْرِهم، أو هجرهم، بدلاً مِن الْتماس رضاهم بالتواضُع معهم.
من مفاخر التواضع عند أعلامنا:
من تاريخنا الزاخر برموز الأخلاق الحِسان في ميدان التواضُع نلتقط هذه الدُّررَ الغالية:
فهذا صِدِّيق الأمَّة أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - يحلب الشِّياهَ لليتامى والفقراء مِن شدَّة تواضعه.
وهذا فاروقُها المُلهَم يُصوِّر التواضعَ في أبهى حُللِه، فيحمل جوالَ الدقيق وقِرْبةَ الماء على ظهرِه لجوعَى المسلمين.
وفي مشهدٍ فاروقيٍّ آخرَ نجده يصعد المنبر، فيقول: أيُّها الناس، لقد كنتُ أُسمَّى عُميرًا، فصرتْ عمر، ثم أمير المؤمنين، وكنتُ أرعى الغنم على بضع دُرَيهمات، فقال عبدالرحمن بن عوف: ما زدتَ على أن قمئتَ نفسك بين الناس! قال: يا ابنَ عوف، لقد حدَّثتْني نفسي أنِّي أمير المؤمنين، فأحببتُ أن أُلجِمَها.
وهذا أبو ذرٍّ - رضي الله عنه - يضع خدَّه على الأرض؛ ليطأهَ بلال لَمَّا قال له: يا ابنَ السوداء.
وهذا الخليفةُ الراشد عمر بن عبدالعزيز - رضي الله تعالى عنه - ينتظر حتى يجفَّ ثوبُه بعد غسله، فقالوا له: أمَا عندك آخرُ؟ قال: نعم، ولكنَّه ممزَّق، ثم تلا: {تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83].
فالمتواضِعون هُم زِينةُ البلاد، وخيرُ العِباد، وشرف الدنيا، والدليل القائم على كرم الأخلاق، وحُسن الشِّيَم، ومِن أظهر علامات العبد المتواضع في عموم أمره: أنَّه يحبُّ الجلوس مع الناس، ويُسلِّم عليهم، ويردُّ عليهم السلام بقلْبِه قبلَ لسانه، ويحمل أمتعتَه بنفسه، ويزور المرضى، ويشهد الجنائز، ويحضُر الجماعات، ويُشارِك الناس مناسباتِهم بإجابة الدعوة، حينما يُدعَى إلى أيِّ مناسبة.
وأخيرًا:
على المرءِ أن يتواضعَ، ويُدرِّبَ نفسَه على هذا الخُلُق، حتى تسلمَ له نفسه، فإنَّ الكِبْر بابُ الهلاك، وما أتى التواضعُ لأهله إلاَّ بالخير.
فيا ابن الإسلام:
ودائمًا، حتى ترقى في إيمانك وتُحلِّق بقلبك الطاهر في أجواء الفضاء، كُنْ كريمَ الأصل، كلَّما زاد من خيرٍ تواضع وانحنَى.
تواضعْ تكن كالنَّجمِ لاحَ لناظر في صفحة الماء وهو رفيع. ولا تك كالدُّخان يعلو بنفسِه في طبقات الجوِّ وهو وضيع. |
نسأل الله الكريم أن يهبَ قلوبَنا التواضعَ، ويملأ نفوسنا به عزًّا.
والحمد لله في بدءٍ وفي ختمٍ.
الشيخ حسين شعبان وهدان
مآآآآآجده
مآآآآآجده