"إنَّ الذي يَحدث للمسلمين بتركستان الشرقية على أيدي الحكومة الصينيَّة لا يُمكن وصفه إلا بأنه إبادة جماعيَّة"، بهذه الكلمات عبَّر رئيس الوزراء التُّركي رجب طيب أردوجان عن الجرائم الوحشيَّة التي تقوم بها السُّلطات الصينية بمسلمي تركستان الشرقيَّة، في سلسلة من الاعتداءات والجرائم العُنصرية، يرجع تاريخها إلى 60 عامًا مَضَت.
فالبنظر في الفِقْرة الثانية من القانون الدَّولِي، بموجب اتفاقية 1948 الخاصَّة بعُقُوبة جريمة الإبادة الجماعية، نَجد أنَّها تصف الإبادة الجماعية بأنَّها "محاولة إبادة كلية أو جزئية لمجموعة قوميَّة أو عرقية، أو جنس أو دين".
فبالنظر في هذه الفقرة من الممكن أن نَخلص إلى أنَّ الإبادة الجماعية هي:
1 - فرض ظروف مُعيَّنة على إحدى المجموعات الاجتماعيَّة؛ مما يؤدي إلى القضاء الجزئي أو الكلي عليها.
2 - قتل أعضاء هذه الجماعة.
فالصينُ التي ينتمي سكانُها البالغ عددهم 1،2 مليار، ينتمون إلى 56 عرقًا مُختلفًا، وتبلغ نسبة عرق الهان منهم 91،6%، يشكل المسلمون خامسَ أكبر مجموعة في المجتمع الصيني، والبالغ عددهم قرابة 8،5 مليون يقطنون تُركستان الشرقيَّة، البالغ مساحتها 1،66 مليون كيلومتر مربع، إضافةً إلى ما تتمتَّع به من المميزات، فهي ثاني مصدر للبترول بالصين؛ حيثُ تقوم بتوفير 27،4 مليون طن، كما أنَّه من المتوقَّع بحلول عام 2010 أنْ توفر 60 مليون طن من الغاز الطبيعي، كما أن تركستان تُعد مصدرًا للفحم، الذي يبلغ 2،11 مليار طن، إضافةً إلى أن أراضيها تحتوي على 138 نوعًا من المعادن المختلفة.
وليس هذا فحسب، بل إنَّ تركستان الشرقية من الناحية الجغرافية تتمتَّع بالعديد من المميزات؛ حيثُ تضم 300 نهر، منها نهر تاريم أكبر أنهار الصين، إضافةً إلى 100 بُحيرة، منها أكبر بحيرات المياه العذبة الصينيَّة؛ مما يوفر مساحة كبيرة من الأراضي الخصبة التي تصدر العديد من المحاصيل الزِّراعية المختلفة.
وكذلك فتركستان الشرقية تُعد نافذة الصين على ثمانٍ من الدُّول المجاورة، التي تقع على الحدود الصينية، وهي دول: منغوليا، روسيا، كازاخستان، كيرجيزستان، طاجكستان، أفغانستان، باكستان، الهند، فكلُّ هذه المميزات وغيرها جعلت تركستان الشرقية مركزًا استراتيجيًّا مهمًّا للسلطات الصينيَّة الشيوعية، ومِن ثَمَّ منذ 1949 اتَّخذت الحكومة الصينية الإجراءات الصَّارمة، وفرضت القيودَ الشديدةَ على الإقليم، على النَّواحي السياسية والثقافية والدينية والجغرافية كافَّةً.
وأطلقت عليها حكومة المانشو حينذاك اسمَ شانغ يانغ على إثر احتلالها عام 1884، ولكن استمرت مقاومة أهل تركستان الشرقيَّة، والتي أزعجت الحكومةَ الصينية إلى أنْ قامت بإحكام السيطرة على الإقليم عَقِبَ انهيار جمهورية تركستان الشرقية، والتي أُسِّست في 1944.
وليس هذا فحسب، بل منذ 1949، والحكومة الصينية تعمل على التهجير الجماعي لعرق الهان، والذي ارتفعت نسبة تواجُده بإقليم تركستان من 6% إلى 40%؛ طبقًا للتقارير الرسمية الصادرة عام 2001، وهذا من أجل تغيير ديمجرافية الإقليم، وتصديًا لسيطرة الإيجور المسلمين، وعملاً على طردهم من الإقليم، وهذا الذي أدَّى إلى الكثير من الصُّعوبات التي يعانيها مسلمو الإيجور في أمور المعيشة والحياة.
فالهان توفِّر لهم الحكومة الشيوعية الصينيَّة التنقُّلات والمساكن المجانية والتَّأمين، كما أنَّها توفر لهم فرصَ العمل، وقد رصدت جريدةُ لوس إنجليس تايمز أَحَدَ الإعلانات التي تُبَرهن على هذه السياسية العُنصرية القمعية الصينيَّة الشيوعية ضدَّ مسلمي الإيجور، عندما نقلت على صفحات عددها الصادر في الحادي عشر من يوليو إعلانًا عن وظيفة، ومن الشُّروط أنْ يكون المتقدِّم من عرقية الهان دون غيرهم، في حين أنَّ مليون ونصف المليون من الإيجور لا يجدون عملاً.
وفي أبريل عام 2009 أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا، أكَّدت فيه تعرُّض الهوية الإيجورية للتهديدات في ظلِّ الحكومة الصينيَّة الشيوعية، والتي تُجبِر المزارعين الصينيين على العمل بلا مقابل في الزِّراعة، أو الأعمال الأخرى، ودون تقديم أيِّ نوع من المساعدات، أو مصروفات التنقُّلات، ودون تعويضات، أو توفير مسكن، أو طعام لهؤلاء العمال المقهورين، وهذا الذي دفع بعض الإيجوريين إلى التَّصريحِ بأنَّ الحكومة الصينيَّة تريد أن تسترقَّ الإيجور، وأنْ تستأصل شأفتهم.
ولم تكتفِ الحكومة الصينيَّة الفاشية بهذا القمع الاقتصادي والاجتماعي؛ بل أضافت إليه فرضَ القيودِ على الحرية الدِّينية والثَّقافية للإيجور، وهذا لأنَّ الصين الشُّيوعية تعلمُ التأثير القوي للإسلام على الإيجور؛ مما جعلها تخشى من نُمُو الحركات الانفصاليَّة التي تقوم على الفكر الإسلامي؛ مما أسهم في ازدياد عمليَّات الاضطهاد والقمع على المستوى الشخصي والفردي؛ أُسوة بالمستوى الاجتماعي العام.
ومن الأحداث الإجراميَّة التي رصدتْها تقاريرُ منظمة حقوق الإنسان المتعلقة بالاضطهاد والقمع الدِّيني، ضدَّ مسلمي تركستان: أنَّ حكومة الصين الفاشية قامت في 21 أكتوبر عام 2001 بتحويل أحد المساجد إلى مصنعٍ من مصانع السجاد، بدعوى أنَّ المسجد يقع بجوار مدرسة، ويسبب لها الكثير من الإزعاج والضَّوضاء، ثم في العام الذي يليه أصدرت الحكومة الصينية قرارًا بِمَنع بناء المساجد في تركستان الشرقية، إضافة إلى مصادرة الكتب والأشرطة الإسلامية، وإغلاق مواقع الإنترنت الإسلامية.
وأخذت سلسلة القمع الشُّيوعي تتزايد على المسلمين حتَّى وصلت إلى طردِ المسلمين من العمل الحُكُومي إذا ما قام المسلمون بأداء الشَّعائر الدينية كالصلاة والصيام.
وطبقًا لتقرير مُنظمة العفو، أخذت الحكومة الصينية الفاشية تُجبِر الطلاب المسلمين على البقاء في المدارس إلى ما بعد الظهر؛ من أجل مَنْعهم من حضور صلاة الجمعة، كما أنَّ المسلمين أقل من 18 عامًا ممنوعون من دخول المساجد، أو تلقِّي التعاليم الدِّينية، وهذا الذي تنصُّ عليه الفقرة الرابعة عشرة من قانون الحكم الذَّاتي الإيجوري، فالمادة تقول: "يَجب أن يَمنع الآباءُ والأولياء الصغارَ من الاشتراك في الأنشطة الدِّينية (إقامة الشعائر الدينية)".
وليس هذا فحسب، ولكن طبقًا لتقريرٍ أصدرته مُنظمة العفو أيضًا عام 2009، فإنَّ الحكومة الفاشية الشيوعية ألقت القبضَ على 160 صبيًّا أعمارُهم ما بين الثامنةَ والرابعةَ عَشْرَةَ، بتهمة مُمارسة الشعائر الدينية، إلا أنَّه تَمَّ الإفراج عن عَشَرَة فقط، بعدما دفعت أُسَرُهم غرامة قدرها3،140$، ولم يفرج عن الباقِين؛ بسبب ظروف أُسَرِهم الاقتصادية الصَّعبة، التي حالت بينهم وبين دفع هذه الغرامة الكبرى.
وكذلك فإنَّ الحكومة الصينية الشيوعية الفاشية تفرض غرامة 630$ في جنوب تركستان الشرقية على كل مَن تَمتنع عن خلع حجابها، وهذه الغرامة التي تُمثل دَخْلَ الْمُزارع الإيجوري لمدة خمسة أعوام في هذه المنطقة.
ومن هذه الجرائم الوحشية الكثيرة التي لا تزال ترتكبها السُّلطات الصينية بحقِّ الإيجوريِّين: التجاربُ النَّوويَّة في الصحراء المطلة على إقليم الإيجور، فمنذ 1964 والصين مُستمرة في عمل التجارب النووية؛ من أجل تطوير برنامجها النَّووي، وقد قامت منذ ذلك التاريخ إلى عام 1980بعمل 23 تجربة نووية في الهواء الطلق، واستمر الأمر على هذا الوضع إلى أن أعلنت الحكومة الصينية توقُّف هذه التجارب في 1996.
وقد صدر عام 1991 كتاب عن إحدى المنظمات الطبِّية، وهي منظمة اتِّحاد الأطباء العالمي لمنع الحرب النَّووية، بعنوان: "الإشعاع النَّووي في الأرض والسماء"، وهذا أشار إلى الكمِّ الكبير من الإشعاع النَّووي الذي نَجَمَ عن التجارب الصينيَّة منذ 1964، والذي أكَّد أنَّ كمَّ البلوتونيوم 239 النَّاتج عن هذه التجارب قد وصل إلى 48 كيلو جرام، وأنَّ استنشاق جزء من المليون من الجرام من هذه المادة الْمُشعَّة تتسبب في الإصابة بمرض السَّرطان، إضافةً إلى كميات هائلة من مادة سترونتيم 90 الذي يلصق بالعظام، ويظلُّ يفرز إشعاعه بالجسم لمدى طويل.
وفي عام 1996 أعلنت حكومةُ الصين المركزية عن حملة إجراميَّة مُكثَّفة كُبرى عُرفت باسم "يان دا"؛ بغرض القضاءِ على الأنشطة الدِّينية غير المصرَّح بها، والقضاء على بوادر الميول الانفصاليَّة.
وعندما خرج بعضُ الإيجوريين من أهالي منطقة ينينج في مظاهرة سلميَّة؛ للتنديد بالقيود الثقافية والدينية، قابلتهم الشُّرطة الصينية بوابلٍ من الرَّصَاص في وحشية وإجراميَّة أَرْدَتِ الكثير من المتظاهرين العُزَّل قتلى، وأصابت 198، وألقت الشرطة القبضَ على 500 آخرين.
وفي عام 2008 أعلن رئيسُ الوزراء الصيني زو رونجي أنَّه يَجب الحفاظُ على وحدة واستقرار الصين، من خلال القضاء - وبقوة - على التهديدات التي يُشكِّها إقليم شانغ يانغ، وفي عام 2008 قامت السُّلطات بالعديد من العمليات القمعيَّة الوحشية؛ للقضاء على ما يزعمونه بالانفصاليِّين الإيجور، وفرض الإجراءات الصارمة على الإقليم.
بل وَصَلَ الأمر إلى أن أعلن وانج ليوكوان سكرتير الحزب الشيوعي عن تركستان الشرقية: أنَّ التصدي للانفصاليِّين بالإيجور أصبحَ مسألةَ حياة أو موت.
وأمَّا بالنسبة للأحداث الدَّامية الأخيرة التي وقعت بين الإيجور والهان المسانَدين من قبل الشرطة الصينية، فقد أدَّت إلى مَقتل 186 إيجوريٍّ، وإصابة 1600، والقبض على 1400 آخرين.
نعم، قد يكونُ من حقِّ الصين أنْ تَحمي نفسها مما تسمِّيه الإرهاب، ونحوه من العبارات المطاطة، مُتعددة المفاهيم، ولكن هذا لا يسوغ لها الاعتداءَ على تركستان الشرقية وثقافتها ودينها، بالرَّغم من أن تركستان تتمتع بالحكم الذَّاتي، إضافةً إلى الهوية المختلفة عن الهوية الصينية، فالحكم الذاتي يضمن لتركستان تشكيلَ الحكومة والنواب البرلمانيِّين، والتمتع بحرية العقيدة والحقوق الإنسانية الأخرى.
فالبنظر في الفِقْرة الثانية من القانون الدَّولِي، بموجب اتفاقية 1948 الخاصَّة بعُقُوبة جريمة الإبادة الجماعية، نَجد أنَّها تصف الإبادة الجماعية بأنَّها "محاولة إبادة كلية أو جزئية لمجموعة قوميَّة أو عرقية، أو جنس أو دين".
فبالنظر في هذه الفقرة من الممكن أن نَخلص إلى أنَّ الإبادة الجماعية هي:
1 - فرض ظروف مُعيَّنة على إحدى المجموعات الاجتماعيَّة؛ مما يؤدي إلى القضاء الجزئي أو الكلي عليها.
2 - قتل أعضاء هذه الجماعة.
فالصينُ التي ينتمي سكانُها البالغ عددهم 1،2 مليار، ينتمون إلى 56 عرقًا مُختلفًا، وتبلغ نسبة عرق الهان منهم 91،6%، يشكل المسلمون خامسَ أكبر مجموعة في المجتمع الصيني، والبالغ عددهم قرابة 8،5 مليون يقطنون تُركستان الشرقيَّة، البالغ مساحتها 1،66 مليون كيلومتر مربع، إضافةً إلى ما تتمتَّع به من المميزات، فهي ثاني مصدر للبترول بالصين؛ حيثُ تقوم بتوفير 27،4 مليون طن، كما أنَّه من المتوقَّع بحلول عام 2010 أنْ توفر 60 مليون طن من الغاز الطبيعي، كما أن تركستان تُعد مصدرًا للفحم، الذي يبلغ 2،11 مليار طن، إضافةً إلى أن أراضيها تحتوي على 138 نوعًا من المعادن المختلفة.
وليس هذا فحسب، بل إنَّ تركستان الشرقية من الناحية الجغرافية تتمتَّع بالعديد من المميزات؛ حيثُ تضم 300 نهر، منها نهر تاريم أكبر أنهار الصين، إضافةً إلى 100 بُحيرة، منها أكبر بحيرات المياه العذبة الصينيَّة؛ مما يوفر مساحة كبيرة من الأراضي الخصبة التي تصدر العديد من المحاصيل الزِّراعية المختلفة.
وكذلك فتركستان الشرقية تُعد نافذة الصين على ثمانٍ من الدُّول المجاورة، التي تقع على الحدود الصينية، وهي دول: منغوليا، روسيا، كازاخستان، كيرجيزستان، طاجكستان، أفغانستان، باكستان، الهند، فكلُّ هذه المميزات وغيرها جعلت تركستان الشرقية مركزًا استراتيجيًّا مهمًّا للسلطات الصينيَّة الشيوعية، ومِن ثَمَّ منذ 1949 اتَّخذت الحكومة الصينية الإجراءات الصَّارمة، وفرضت القيودَ الشديدةَ على الإقليم، على النَّواحي السياسية والثقافية والدينية والجغرافية كافَّةً.
وأطلقت عليها حكومة المانشو حينذاك اسمَ شانغ يانغ على إثر احتلالها عام 1884، ولكن استمرت مقاومة أهل تركستان الشرقيَّة، والتي أزعجت الحكومةَ الصينية إلى أنْ قامت بإحكام السيطرة على الإقليم عَقِبَ انهيار جمهورية تركستان الشرقية، والتي أُسِّست في 1944.
وليس هذا فحسب، بل منذ 1949، والحكومة الصينية تعمل على التهجير الجماعي لعرق الهان، والذي ارتفعت نسبة تواجُده بإقليم تركستان من 6% إلى 40%؛ طبقًا للتقارير الرسمية الصادرة عام 2001، وهذا من أجل تغيير ديمجرافية الإقليم، وتصديًا لسيطرة الإيجور المسلمين، وعملاً على طردهم من الإقليم، وهذا الذي أدَّى إلى الكثير من الصُّعوبات التي يعانيها مسلمو الإيجور في أمور المعيشة والحياة.
فالهان توفِّر لهم الحكومة الشيوعية الصينيَّة التنقُّلات والمساكن المجانية والتَّأمين، كما أنَّها توفر لهم فرصَ العمل، وقد رصدت جريدةُ لوس إنجليس تايمز أَحَدَ الإعلانات التي تُبَرهن على هذه السياسية العُنصرية القمعية الصينيَّة الشيوعية ضدَّ مسلمي الإيجور، عندما نقلت على صفحات عددها الصادر في الحادي عشر من يوليو إعلانًا عن وظيفة، ومن الشُّروط أنْ يكون المتقدِّم من عرقية الهان دون غيرهم، في حين أنَّ مليون ونصف المليون من الإيجور لا يجدون عملاً.
وفي أبريل عام 2009 أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا، أكَّدت فيه تعرُّض الهوية الإيجورية للتهديدات في ظلِّ الحكومة الصينيَّة الشيوعية، والتي تُجبِر المزارعين الصينيين على العمل بلا مقابل في الزِّراعة، أو الأعمال الأخرى، ودون تقديم أيِّ نوع من المساعدات، أو مصروفات التنقُّلات، ودون تعويضات، أو توفير مسكن، أو طعام لهؤلاء العمال المقهورين، وهذا الذي دفع بعض الإيجوريين إلى التَّصريحِ بأنَّ الحكومة الصينيَّة تريد أن تسترقَّ الإيجور، وأنْ تستأصل شأفتهم.
ولم تكتفِ الحكومة الصينيَّة الفاشية بهذا القمع الاقتصادي والاجتماعي؛ بل أضافت إليه فرضَ القيودِ على الحرية الدِّينية والثَّقافية للإيجور، وهذا لأنَّ الصين الشُّيوعية تعلمُ التأثير القوي للإسلام على الإيجور؛ مما جعلها تخشى من نُمُو الحركات الانفصاليَّة التي تقوم على الفكر الإسلامي؛ مما أسهم في ازدياد عمليَّات الاضطهاد والقمع على المستوى الشخصي والفردي؛ أُسوة بالمستوى الاجتماعي العام.
ومن الأحداث الإجراميَّة التي رصدتْها تقاريرُ منظمة حقوق الإنسان المتعلقة بالاضطهاد والقمع الدِّيني، ضدَّ مسلمي تركستان: أنَّ حكومة الصين الفاشية قامت في 21 أكتوبر عام 2001 بتحويل أحد المساجد إلى مصنعٍ من مصانع السجاد، بدعوى أنَّ المسجد يقع بجوار مدرسة، ويسبب لها الكثير من الإزعاج والضَّوضاء، ثم في العام الذي يليه أصدرت الحكومة الصينية قرارًا بِمَنع بناء المساجد في تركستان الشرقية، إضافة إلى مصادرة الكتب والأشرطة الإسلامية، وإغلاق مواقع الإنترنت الإسلامية.
وأخذت سلسلة القمع الشُّيوعي تتزايد على المسلمين حتَّى وصلت إلى طردِ المسلمين من العمل الحُكُومي إذا ما قام المسلمون بأداء الشَّعائر الدينية كالصلاة والصيام.
وطبقًا لتقرير مُنظمة العفو، أخذت الحكومة الصينية الفاشية تُجبِر الطلاب المسلمين على البقاء في المدارس إلى ما بعد الظهر؛ من أجل مَنْعهم من حضور صلاة الجمعة، كما أنَّ المسلمين أقل من 18 عامًا ممنوعون من دخول المساجد، أو تلقِّي التعاليم الدِّينية، وهذا الذي تنصُّ عليه الفقرة الرابعة عشرة من قانون الحكم الذَّاتي الإيجوري، فالمادة تقول: "يَجب أن يَمنع الآباءُ والأولياء الصغارَ من الاشتراك في الأنشطة الدِّينية (إقامة الشعائر الدينية)".
وليس هذا فحسب، ولكن طبقًا لتقريرٍ أصدرته مُنظمة العفو أيضًا عام 2009، فإنَّ الحكومة الفاشية الشيوعية ألقت القبضَ على 160 صبيًّا أعمارُهم ما بين الثامنةَ والرابعةَ عَشْرَةَ، بتهمة مُمارسة الشعائر الدينية، إلا أنَّه تَمَّ الإفراج عن عَشَرَة فقط، بعدما دفعت أُسَرُهم غرامة قدرها3،140$، ولم يفرج عن الباقِين؛ بسبب ظروف أُسَرِهم الاقتصادية الصَّعبة، التي حالت بينهم وبين دفع هذه الغرامة الكبرى.
وكذلك فإنَّ الحكومة الصينية الشيوعية الفاشية تفرض غرامة 630$ في جنوب تركستان الشرقية على كل مَن تَمتنع عن خلع حجابها، وهذه الغرامة التي تُمثل دَخْلَ الْمُزارع الإيجوري لمدة خمسة أعوام في هذه المنطقة.
ومن هذه الجرائم الوحشية الكثيرة التي لا تزال ترتكبها السُّلطات الصينية بحقِّ الإيجوريِّين: التجاربُ النَّوويَّة في الصحراء المطلة على إقليم الإيجور، فمنذ 1964 والصين مُستمرة في عمل التجارب النووية؛ من أجل تطوير برنامجها النَّووي، وقد قامت منذ ذلك التاريخ إلى عام 1980بعمل 23 تجربة نووية في الهواء الطلق، واستمر الأمر على هذا الوضع إلى أن أعلنت الحكومة الصينية توقُّف هذه التجارب في 1996.
وقد صدر عام 1991 كتاب عن إحدى المنظمات الطبِّية، وهي منظمة اتِّحاد الأطباء العالمي لمنع الحرب النَّووية، بعنوان: "الإشعاع النَّووي في الأرض والسماء"، وهذا أشار إلى الكمِّ الكبير من الإشعاع النَّووي الذي نَجَمَ عن التجارب الصينيَّة منذ 1964، والذي أكَّد أنَّ كمَّ البلوتونيوم 239 النَّاتج عن هذه التجارب قد وصل إلى 48 كيلو جرام، وأنَّ استنشاق جزء من المليون من الجرام من هذه المادة الْمُشعَّة تتسبب في الإصابة بمرض السَّرطان، إضافةً إلى كميات هائلة من مادة سترونتيم 90 الذي يلصق بالعظام، ويظلُّ يفرز إشعاعه بالجسم لمدى طويل.
وفي عام 1996 أعلنت حكومةُ الصين المركزية عن حملة إجراميَّة مُكثَّفة كُبرى عُرفت باسم "يان دا"؛ بغرض القضاءِ على الأنشطة الدِّينية غير المصرَّح بها، والقضاء على بوادر الميول الانفصاليَّة.
وعندما خرج بعضُ الإيجوريين من أهالي منطقة ينينج في مظاهرة سلميَّة؛ للتنديد بالقيود الثقافية والدينية، قابلتهم الشُّرطة الصينية بوابلٍ من الرَّصَاص في وحشية وإجراميَّة أَرْدَتِ الكثير من المتظاهرين العُزَّل قتلى، وأصابت 198، وألقت الشرطة القبضَ على 500 آخرين.
وفي عام 2008 أعلن رئيسُ الوزراء الصيني زو رونجي أنَّه يَجب الحفاظُ على وحدة واستقرار الصين، من خلال القضاء - وبقوة - على التهديدات التي يُشكِّها إقليم شانغ يانغ، وفي عام 2008 قامت السُّلطات بالعديد من العمليات القمعيَّة الوحشية؛ للقضاء على ما يزعمونه بالانفصاليِّين الإيجور، وفرض الإجراءات الصارمة على الإقليم.
بل وَصَلَ الأمر إلى أن أعلن وانج ليوكوان سكرتير الحزب الشيوعي عن تركستان الشرقية: أنَّ التصدي للانفصاليِّين بالإيجور أصبحَ مسألةَ حياة أو موت.
وأمَّا بالنسبة للأحداث الدَّامية الأخيرة التي وقعت بين الإيجور والهان المسانَدين من قبل الشرطة الصينية، فقد أدَّت إلى مَقتل 186 إيجوريٍّ، وإصابة 1600، والقبض على 1400 آخرين.
نعم، قد يكونُ من حقِّ الصين أنْ تَحمي نفسها مما تسمِّيه الإرهاب، ونحوه من العبارات المطاطة، مُتعددة المفاهيم، ولكن هذا لا يسوغ لها الاعتداءَ على تركستان الشرقية وثقافتها ودينها، بالرَّغم من أن تركستان تتمتع بالحكم الذَّاتي، إضافةً إلى الهوية المختلفة عن الهوية الصينية، فالحكم الذاتي يضمن لتركستان تشكيلَ الحكومة والنواب البرلمانيِّين، والتمتع بحرية العقيدة والحقوق الإنسانية الأخرى.
ولتعلم الحكومة الصينية أنَّ القبضةَ الحديديَّة، والمواجهات والضربات الدامية - لن تولد إلاَّ المزيد من العنف، وأن ذلك الاعتداء الإجرامي لن يستطيع الصمود طويلاً، فالواقع يؤكد صدقَ مقولة أردوجان التي افْتُتِحَ بها المقال، ويبرهن الواقع أنَّ هذه الإبادة الجماعية استمرت طويلاً أمام صمت عالمي رهيب آن له أن ينتهي.
مترجم خاص الألوكة
مآآآآآآجده
مترجم خاص الألوكة
مآآآآآآجده