الحمد لله والصلاة على رسول الله وبعد..
فهذه كلمات من القلب إلى القلب إلى كل مسلم حريص على رضا ربه سبحانه، وعلى امتثال ما أمر، إلى كل مسلم غفل عن أداء فريضة من فرائض الله، وركن من أركان الإسلام، ألا وهي الزكاة، أهدي إليه هذه الكلمات.
• .. هل تعلم بارك الله فيك بأن الزكاة ركن من أركان الإسلام؟!
قال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سورة البقرة: 110].
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان».
وفي الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مُعَاذًا - قَالَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِنَّكَ تَأْتِى قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِى فُقَرَائِهِمْ».
• هل تعلم -وفقك الله لكل خير- فضل الزكاة:
1- الزكاة دليل على صحة إيمان المزكي، وعلامة على تصديقه بأحكام الله سبحانه، وقبوله ورجائه لما وعد الله الطائعين من الثواب العظيم والأجر الكريم ، ولذلك جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِى مَالِكٍ الأَشْعَرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «.. وَالصَّلاَةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ..».
2- الزكاة تزكي صاحبها وتطهره من دنس الأخلاق الذميمة، كالبخل والشح، وتنقيه من الآثام والذنوب، وتصرف عنه عقوباتها، وهي من أعظم الأسباب لتكفير الذنوب، قال سبحانه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة التوبة: 103].
3- المزكي له أجر عظيم عند ربه فلا يخاف يوم القيامة ولا يحزن، قال سبحانه: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [سورة البقرة: 274].
4- الزكاة من أعظم أسباب رحمة الله سبحانه في الدنيا والآخرة، قال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [سورة النور: 56]، وقال سبحانه: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [سورة الأعراف: 156].
5- ما ينفقه المزكي لا ينقص، بل تكون فيه البركة، قال سبحانه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سورة سبأ: 39]، وفي صحيح مسلم عن أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ».
6- المزكي الذي يدفع زكاته بنفس طيبة ينال الهداية والفلاح، قال سبحانه: {ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴿٣﴾ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴿٤﴾ أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة البقرة: 2-5].
7- من يؤدي الزكاة وعده الله سبحانه بالرحمة، والفوز بجنة عرضها السموات والأرض، قال سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿٧١﴾ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [سورة التوبة: 71-72].
• خذ الحذر - - من عقوبة تارك الزكاة؟
قال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [سورة التوبة: 34-35].
وفي صحيح مسلم عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلاَ فِضَّةٍ لاَ يُؤَدِّى مِنْهَا حَقَّهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحَ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِىَ عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيُرَى سَبِيلُهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ».
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه - يعني بشدقيه - يقول أنا مالك أنا كنزك»، ثم تلا هذه الآية: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [سورة آل عمران: 180].
.. هل يتحمل جسدك الطاهر نارًا أعظم من نار الدنيا بتسعة وستين جزءا؟!
هل يتحمل جسدك الطاهر نارًا يكوى بها جسمك من كل ناحية: الجبهه والجنب والظهر؟!
هل يتحمل جسدك الطاهر هذه النار التي تحرق الجسم، وكلما بردت أعيدت فأحميت مرة أخرى؟!
هل يتحمل جسدك الطاهر هذه النار التي تحرق جميع الجسد في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؟!
يا عبد الله، يا من آمن بالله ورسوله، يا من صدق بالقرآن، وصدق بالسنة، ما قيمة الأموال التي تبخل بزكاتها وما فائدتها؟... إنها تكون نقمة عليك، وثمرتها لغيرك!!
يا عبد الله، إنك لا تطيق الصبر على وهج النار في الدنيا، فكيف تصبر على نار جهنم؟!
.. اتق الله سبحانه الذي خلقك، أد ما أوجب عليك في مالك الذي رزقك الله سبحانه، فقد أخرجك الله سبحانه من بطن أمك لا تعلم شيئا، ولا تملك لنفسك نفعا ولا ضرا، ثم يسر لك الرزق، وأعطاك ما ليس في حسابك، فلم تبخل بإخراج زكاة مالك؟
عليك -بارك الله فيك- أن تقوم بشكر خالقك ورازقك سبحانه، فتؤدي ما أوجب الله عليك من الزكاة، لتبرأ ذمتك، وتطهر أموالك، وترضي ربك سبحانه، فتفوز بجنته، وتنجو من ناره.
• الأموال التي تجب فيها الزكاة:
1- بهيمة الأنعام: وهي الإبل والبقر والغنم، تجب الزكاة فيها إذا كانت سائمة، أي ترعى أكثر الحول، فإن كانت تعلف أكثر الحول فلا زكاة فيها إلا إذا كانت للتجارة فتزكى زكاة العروض التجارية. ولا تجب الزكاة فيها حتى تبلغ النصاب، فنصاب الإبل خمس وفيها شاة، ونصاب البقر ثلاثون وفيها عجل تبيع وهو ما تم له سنة، ونصاب الغنم أربعون وفيها شاة، وما زاد على ذلك يسأل فيه أهل العلم.
2- الخارج من الأرض من الحبوب والثمار مما يدخر للقوت: ولا تجب فيه الزكاة حتى تبلغ النصاب وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعا، أي النصاب ثلاثون صاعا، ويقدر ب 612 كيلو تقريبا. والواجب في الحبوب والثمار العشر إذا كان يسقى بلا كلفة، أي من المطر أو العيون ونحوها، أما ما يسقى بكلفة عن طريق الآلات أو البهائم فالواجب فيه نصف العشر، وتفاصيل الزكاة في الحبوب والثمار يسأل عنها أهل العلم.
3- الذهب الفضة: تجب فيهما الزكاة مطلقا، سواء كانا مضروبين أو غير مضروبين، مستعملين أو غير مستعملين، لأن نصوص القرآن والسنة بوجوب الزكاة فيهما جاءت عامة بدون تفصيل. ولا تجب فيهما الزكاة حتى يبلغا النصاب، فنصاب الذهب 85 جراما، ونصاب الفضة 595 جراما، والواجب فيهما ربع العشر أي 2.5%. وتجب الزكاة في الدينار الكويتي إذا بلغ النصاب وهو حاصل ضرب 85 × سعر الجرام يوم الحول. وتفاصيل الزكاة في الذهب والفضة يسأل عنها أهل العلم.
4- عروض التجارة: وهي كل مال أعده مالكه للبيع تكسبا وانتظارا للربح، من عقار، وأثاث، ومواشي، وسيارات، ومكائن، وأطعمة، وأقمشة، وغيرها. فإذا حال الحول يقدر قيمة ما أعده للبيع بسعره يوم الحول، ويضيف إليه الربح الموجود، ويخرج من المجموع 2.5%. أما ما يعده الإنسان للاستعمال الشخصي كالسيارة والبيت والأثاث فليس فيه زكاة. كما تجب الزكاة في الأسهم إذا حال عليها الحول، فيخرج عن قيمتها يوم الحول، ويمكن الاستفادة من النشرة السنوية لبيت الزكاة التي تحدد زكاة كل سهم من الأسهم المتداولة في البورصة. وتجب الزكاة في أجرة العمارة والتاكسي، فإذا حال الحول يخرج الزكاة عن الأجرة 2.5%، أما العمارة أو التاكسي فليس في قيمته زكاة. وتفاصيل الزكاة في عروض التجارة يسأل عنها أهل العلم.
• .. رزقني الله وإياك من فضله...
- زك أموالك امتثالا لأمر ربك سبحانه وأمر رسولك صلى الله عليه وسلم.
- زك أموالك لتنجو من عذاب ربك سبحانه يوم تلقاه.
- زك أموالك لتطهر نفسك من البخل والشح، وتنقيها من الآثام والذنوب.
- زك أموالك ليغفر الله لك ذنوبك، ويكفر خطيئاتك، ويرفع درجاتك.
- زك أموالك لتحصنها وتحفظها وتنميها.
- زك أموالك لتدفع عنك البلايا والأمراض والأسقام والمصائب.
- زك أموالك لتدفع عن نفسك ميتة السوء.
- زك أموالك لتنال محبة الله سبحانه ورضوانه.
- زك أموالك لتفوز بجنة عرضها السموات والأرض.
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقني وإياك لطاعته، ولإخراج زكاة أموالنا، وأن يبارك الله في أموالنا وأرزاقنا وأهلينا وأولادنا إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سلسلة العلامتين