بسم الله الرحما
إن إلى ربك الرج
من الممارسات الجسدية التي تمزج بين طاعة الجسد وطاعة الجن : الزار .
ونحن نميل لاعتباره طقساً جنسياً وجنياً وجسدياً لكونه مزيجاً من هذه الثـلاثة مجتمعة ، فالتركيز فيه على الملابس والألوان والرقص يكشف بوضوح عن بعده الجنسي ، واستخدامه ستاراً لممارسات محرمة يؤكد هذا ، فضلاً عن أن كثيرين ممن ينظرون إليه من ناحية نفسية يعتبرونه تنفيساً بدنياً عن كبتٍ أو معـاناة جنسية بدنية تتفجر بحـرية من خلال الرقص العنيف الصاخب والحركات المبالغ فيها .
ولست بدعاً في ذلك فهناك " من الدارسين من يؤكد أنه ذو دلالة جنسية ، ويذهبون في ذلك مذهبـاً بعيداً ".
وهو على كل حال أدل الطقوس الاعتقادية على بدائية الفن الشعبي ، فهو مجرد رقصات همجية تذكرنا بما نقرؤه عن رقصات الجماعات البدائية المتأخرة استدراراً للخير أو دفعاً للحيوان الباطش أو الظلام المخيف .
ولتتأكد من الروح الشركية عالية النبرة الموجودة بطقس الزار اقرأ هذه الصيغة الشركية :
يا بنت ماما يا أم الغلام
يامُ الغلام والعفو منك
يامُ الغلام واشفي عّيانك
يامُ الغلام والطبل طبلك
يامُ الغلام والدبح دبحك
يام الغلام والكل عندك
يام الغلام والليلة ليلتك
وقد اعتبره المصلحون الاجتماعيون من الأمراض الخطيرة التي تقوض دعـائم المجتمع ، ونُشرت مقـالات وكتب عن مضار الزار ، وكانت النظرة الإصلاحية في ذلك الوقت ترى أن أضرار الزار تكمن في أمرين :
أولهما: السفه في إنفاق المال بغير طائل إرضاءً لطائفة من صاحبات الدجل والشعوذة .
وثانيهما: ما لوحظ في بعض الأحوال من استخدام حفـلات الزار بطريقة سرية لأعمال منافية للآداب، حتى إن بعض هذه الحفلات كانت تقام فقط من أجل التهتك والعربدة .
وسبب ثالث: أهم من هذين لم يذكره " المصلحون الاجتماعيون " !!
وهو السبب الديني العقيـدي ، الذي يقضي بوضوح وحسم على كل مظهر من مظـاهر عبادة الجن أو الدينونة لغير الله تعالى ، واعتقاد أن مخلوقاً ما يتصرف في أقدار الناس وعقولهم وقلوبهم .
وقد دخل طقس الـزار إلى كل بلاد المسلمين بلا استثناء - فيما وجدت - حتى إنه دخـل الجزيرة العربية واستقر بها ، فهو منتشر في مصر والسودان والمغرب العربي والعراق والخليج والسعودية ، فضلاً عن وجوده في الحبشة - التي تعد مهده الأول - وبين زنوج افريقيا ، بل وفي أووربا ، مع فروق بين كل بلد ..
يقول فهد الطياش :
إن ارتباط أغاني السامري برفقة الزار حديث عهد بالجزيرة العربية بعد انتشار الجهل ، كما أن مفهوم الزار غريب ومنافٍ لروح العقيدة ، وفكرة أن الأرواح المؤمنة أو الجن المؤمنين يسيطرون على أفراد من الإنـس شبيهة بما يعتقده الزنوج النصارى من المعمدانيين Paptist خاصة حلال طقوس الكنيسة .
ومن خلال ملاحظتي - يقول فهد الطياش - لما يقدم من تلك الطقوس الدينية خاصة في منطقة ديترويت - نرى أن هؤلاء الناس يقومون بمثل ما يقوم به راقص الزار في الجزيرة العربية (!!) ولكن الاختلاف في مصدر الإثارة والنشوة ، ففي الطقوس الكنسية نرى أن مصدر الإثارة هو الإلقاء الدرامي أو غناء الكورال الذين يؤدون التراتيل . أما في قصة الزار فنرى أن مصدر الإثارة هو موسيقى السامري وغناؤه .
الأداء يبدأ في الكنيسة عادة بترتيل بسيط ، ومن ثم يتصاعد في الحدة والإثارة إلى حـد درامي يثير لدى الشخص النشوة ، والإحساس بأن قدرة علوية تسيطر عليه ، بينما نرى في رقصة الزار أن الحافظ يردد قصيدة معينة، يردده خلفه المغنون ، وفي كلتا الحالتين فإن مؤثراً حسياً يؤثر في أشخاص بأعيانهم ، وتختلف التفسيرات: ففي الكنيسة يقال إن سبب الإثارة هو سيطرة روح القدس على الشخص ، بينما في الزار يقال إن الجني سيطر عليه .
وأما عن الزار كطقوس وممارسات فتقول دائرة المعارف الإسلامية : إن كلمة زار مشتقة من جار DJARكبير آلهة الكوشيين الذي يتغير اسمه لدى بعض الطوائف إلى يارو YARO أو دارو DARO، وظهر منه في إطار المسيحية الحبشية اسم روح شريرة هو زار ZAR الذي استعـاره المسيحيون الأحباش من بعض القبائل الوثنية .
وينقسم الأسياد في الزار إلى مجموعات مختلفة منها :
المجموعة الإقليمية : وتضم الأرواح السودانية والحبشية ، والصعيدية ، والعربية والمغربية والجبلاوي .
المجموعة القبطية : وتضم علياً ، والحسين ، وفاطمة ، ونفيسة ، وسكينة ، وأبا بكر - رضي الله عنهم - كما تضم مشاهير الأولياء كالبدوي ، والدسوقي ، والرفاعي ، والبيومي ، والقطب المتولي ، وأبي العـلا ، والشافعي، والليث .الطوائف المهنية : ومنهم الياوري بك ، وسلطان اللواء ، والعسكري ، والضابط ، والحكيمباشا .
ومجموعة مستقلة : لا تندرج تحت التقسيمات السـابقة ، ومنها سلطان روم نجدي ، وسلطـان رينا ، والولاّج ، وسلطان مامة .
ولكل سيد من الأسياد جنس وجنسية وأغانٍ ملائمة وملابس خاصة تلبس له عند اللزوم ، فإذا كان عربياً لبست المرأة في الزار لبساً عربياً ، ورقصت رقصـة عربية ، وغنت لها جوقة الزار غناءً بلهجة عربية ، وإذا حضر الشيخ - الجني - على لسـان الست تكلم بلهجة عربية ، ونظر ذلك إذا كان مغربياً أو سودانياً أو حبشياً .
وتسمى شيخة الزار " الكدية " - وكلمة كدية عربية فصيحة معناها التسول ، وأهل الكدية طائفة كانوا يستجدون ويحتالون في ذلك ، وعندهم دهاء في ابتزاز الأموال .
ومثلهم موجود في الآداب الأوروبية ) SAVAGE ) ولا يبـعد أن يكون فريق منهم امتهن إقامة حفلات الزار منذ أمدٍ بعيد فصارت رئيسة الزار تسمى الكدية .
تقوم الكدية بوضع كرسي في وسط المجلس ، تجلس عليه صاحبة المنزل التي نصب لها الزار ، وتحضر فرختين وديكاً ، وتربط أرجلها ، ثم تضع الديك على رأسـها ، والفرختين على أكتافها ، ثم تتلو نصوصاً معهودة ، وتنشد أناشيد بينما الحاضرات يقلن : دستور يا سيـادي ، مدد يا أهل الله يا سيادي ، وتوقع الكدية ومن معها على الدفوف بنغمات مختلفة متسارعة .
ولقد أشار بعض الدارسين إلى ارتباط طقوس الزار بالألوان ، خاصة في الملابس التي تختلف باختلاف ملوك الجان الذين يراد استرضاؤهم ، كما أشاروا إلى أن الاعتقـاد بالألوان مرتبط بالاعتقـادات الشعبـية في الكواكب وتأثيرها على حيـاة الإنسان وطبائعه ، مثل الاعتقاد في المريخ وأن ألوانه في الثياب هي الأحمر والأصفر ، أما الزهرة فألوانه التي تكون في الثياب هي الأخضر والأبيض ، ويمتد هذا الاعتقاد فيشمل الأيام الخاصة بهذه الكواكب مما يمكن رده إلى العبادات البابلية والكلدانية القديمة. فيوم الثلاثاء هو يوم المريخ بينما يوم الجمعة هو يوم الزهرة، وكلمة FRIDAY في الإنجليزية جاءت عن طريق الشعوب الشمالية وتعني يوم الإلهة FRIG زوجة أدون كبير آلهة الإغريق والسبت يوم زحل SATURDAY والأحد يوم الشمس SUNDAY والاثنين يوم القمر MONDAY .. الخ.
ويتم في الزار طقس آخر هو تبادل الملابس لإعطاء تأثير سحري، فحين يتبادل الرجال ملابس النساء والعكس فإنهم يقصدون بذلك مخادعة الروح الشريرة ، كما أن تبادل الملابس يستخدم أيضاً لمقاومة السحر ورده .
ومن طلبات الكودية يسخر بيرم التونسي في زجل له، فيقول متحدثاً عن امرأة تبتغي السمنة وقد أظهر الأثر " الأطر " المطلوب منها :
طلع لها جوز تيوس من غير إشارة سود
وعجل أبيض يكون تحت السما مولود
وست وزات وفرخة عرقها مفرود
وديك عشاري عريض السدر والمنقار
وفي النهاية أقول : إن هذا الطقس ليس نادراً بل هو منتشر انتشاراً واسعاً ، وقد بدأت جلسات الزار تعلّب في أشرطة كاسيت ، وتوزع لتستخدمها النسوة على نطاق واسع كما لاحظت في البيئات الريفية المصرية .
وقد وجد الدكتور عبد الرحمن عيسوي في استبانة أجراها على عينة من اللبنانيين والمصريين أن 20 من العينة المصرية التي لاحظها كانت تؤمن بأثر الزار في علاج الأمراض المستعصية في حين كان 15 من العينة اللبنانية مؤمناً بذلك .
وقد درس كثير من المستشرقين _ منذ قرنين أو يزيد _ هذا الطقس فيمـا درسوه من عوائد شعوبنا لتكون دراساتهم وسيلة فتاكة للانتشار بيننا كالسوس ، وممن درسوا الـزار إدوارد لين وكريس وسيمون مسنج جون كندي وهاري فاخوري وغيرهم … فتأمل .
ومن الطقوس الداخلة في موضوعنا والتي تمارس في الجزائر ما يسمى بالوعدة والنشرة ، وتشبهان - إلى حد كبير - الزار في مصر ، أو ربما كانت الزار المصري لكن على الطريقة الجزائرية ، ففيهما الرقص والثيـاب المميزة والغيبوبة الانتشائية بالموسيقى والارتباط بالجن ، لكن ربما افترقنا عن الزار بطول مدة الممارسة التي قد تستمر اسبوعاً ، وببعض الملامح المحلية في الجن والأولياء .
م
سبحان الله وبحم ماجده سبحان الله وبحم
إن إلى ربك الرج
من الممارسات الجسدية التي تمزج بين طاعة الجسد وطاعة الجن : الزار .
ونحن نميل لاعتباره طقساً جنسياً وجنياً وجسدياً لكونه مزيجاً من هذه الثـلاثة مجتمعة ، فالتركيز فيه على الملابس والألوان والرقص يكشف بوضوح عن بعده الجنسي ، واستخدامه ستاراً لممارسات محرمة يؤكد هذا ، فضلاً عن أن كثيرين ممن ينظرون إليه من ناحية نفسية يعتبرونه تنفيساً بدنياً عن كبتٍ أو معـاناة جنسية بدنية تتفجر بحـرية من خلال الرقص العنيف الصاخب والحركات المبالغ فيها .
ولست بدعاً في ذلك فهناك " من الدارسين من يؤكد أنه ذو دلالة جنسية ، ويذهبون في ذلك مذهبـاً بعيداً ".
وهو على كل حال أدل الطقوس الاعتقادية على بدائية الفن الشعبي ، فهو مجرد رقصات همجية تذكرنا بما نقرؤه عن رقصات الجماعات البدائية المتأخرة استدراراً للخير أو دفعاً للحيوان الباطش أو الظلام المخيف .
ولتتأكد من الروح الشركية عالية النبرة الموجودة بطقس الزار اقرأ هذه الصيغة الشركية :
يا بنت ماما يا أم الغلام
يامُ الغلام والعفو منك
يامُ الغلام واشفي عّيانك
يامُ الغلام والطبل طبلك
يامُ الغلام والدبح دبحك
يام الغلام والكل عندك
يام الغلام والليلة ليلتك
وقد اعتبره المصلحون الاجتماعيون من الأمراض الخطيرة التي تقوض دعـائم المجتمع ، ونُشرت مقـالات وكتب عن مضار الزار ، وكانت النظرة الإصلاحية في ذلك الوقت ترى أن أضرار الزار تكمن في أمرين :
أولهما: السفه في إنفاق المال بغير طائل إرضاءً لطائفة من صاحبات الدجل والشعوذة .
وثانيهما: ما لوحظ في بعض الأحوال من استخدام حفـلات الزار بطريقة سرية لأعمال منافية للآداب، حتى إن بعض هذه الحفلات كانت تقام فقط من أجل التهتك والعربدة .
وسبب ثالث: أهم من هذين لم يذكره " المصلحون الاجتماعيون " !!
وهو السبب الديني العقيـدي ، الذي يقضي بوضوح وحسم على كل مظهر من مظـاهر عبادة الجن أو الدينونة لغير الله تعالى ، واعتقاد أن مخلوقاً ما يتصرف في أقدار الناس وعقولهم وقلوبهم .
وقد دخل طقس الـزار إلى كل بلاد المسلمين بلا استثناء - فيما وجدت - حتى إنه دخـل الجزيرة العربية واستقر بها ، فهو منتشر في مصر والسودان والمغرب العربي والعراق والخليج والسعودية ، فضلاً عن وجوده في الحبشة - التي تعد مهده الأول - وبين زنوج افريقيا ، بل وفي أووربا ، مع فروق بين كل بلد ..
يقول فهد الطياش :
إن ارتباط أغاني السامري برفقة الزار حديث عهد بالجزيرة العربية بعد انتشار الجهل ، كما أن مفهوم الزار غريب ومنافٍ لروح العقيدة ، وفكرة أن الأرواح المؤمنة أو الجن المؤمنين يسيطرون على أفراد من الإنـس شبيهة بما يعتقده الزنوج النصارى من المعمدانيين Paptist خاصة حلال طقوس الكنيسة .
ومن خلال ملاحظتي - يقول فهد الطياش - لما يقدم من تلك الطقوس الدينية خاصة في منطقة ديترويت - نرى أن هؤلاء الناس يقومون بمثل ما يقوم به راقص الزار في الجزيرة العربية (!!) ولكن الاختلاف في مصدر الإثارة والنشوة ، ففي الطقوس الكنسية نرى أن مصدر الإثارة هو الإلقاء الدرامي أو غناء الكورال الذين يؤدون التراتيل . أما في قصة الزار فنرى أن مصدر الإثارة هو موسيقى السامري وغناؤه .
الأداء يبدأ في الكنيسة عادة بترتيل بسيط ، ومن ثم يتصاعد في الحدة والإثارة إلى حـد درامي يثير لدى الشخص النشوة ، والإحساس بأن قدرة علوية تسيطر عليه ، بينما نرى في رقصة الزار أن الحافظ يردد قصيدة معينة، يردده خلفه المغنون ، وفي كلتا الحالتين فإن مؤثراً حسياً يؤثر في أشخاص بأعيانهم ، وتختلف التفسيرات: ففي الكنيسة يقال إن سبب الإثارة هو سيطرة روح القدس على الشخص ، بينما في الزار يقال إن الجني سيطر عليه .
وأما عن الزار كطقوس وممارسات فتقول دائرة المعارف الإسلامية : إن كلمة زار مشتقة من جار DJARكبير آلهة الكوشيين الذي يتغير اسمه لدى بعض الطوائف إلى يارو YARO أو دارو DARO، وظهر منه في إطار المسيحية الحبشية اسم روح شريرة هو زار ZAR الذي استعـاره المسيحيون الأحباش من بعض القبائل الوثنية .
وينقسم الأسياد في الزار إلى مجموعات مختلفة منها :
المجموعة الإقليمية : وتضم الأرواح السودانية والحبشية ، والصعيدية ، والعربية والمغربية والجبلاوي .
المجموعة القبطية : وتضم علياً ، والحسين ، وفاطمة ، ونفيسة ، وسكينة ، وأبا بكر - رضي الله عنهم - كما تضم مشاهير الأولياء كالبدوي ، والدسوقي ، والرفاعي ، والبيومي ، والقطب المتولي ، وأبي العـلا ، والشافعي، والليث .الطوائف المهنية : ومنهم الياوري بك ، وسلطان اللواء ، والعسكري ، والضابط ، والحكيمباشا .
ومجموعة مستقلة : لا تندرج تحت التقسيمات السـابقة ، ومنها سلطان روم نجدي ، وسلطـان رينا ، والولاّج ، وسلطان مامة .
ولكل سيد من الأسياد جنس وجنسية وأغانٍ ملائمة وملابس خاصة تلبس له عند اللزوم ، فإذا كان عربياً لبست المرأة في الزار لبساً عربياً ، ورقصت رقصـة عربية ، وغنت لها جوقة الزار غناءً بلهجة عربية ، وإذا حضر الشيخ - الجني - على لسـان الست تكلم بلهجة عربية ، ونظر ذلك إذا كان مغربياً أو سودانياً أو حبشياً .
وتسمى شيخة الزار " الكدية " - وكلمة كدية عربية فصيحة معناها التسول ، وأهل الكدية طائفة كانوا يستجدون ويحتالون في ذلك ، وعندهم دهاء في ابتزاز الأموال .
ومثلهم موجود في الآداب الأوروبية ) SAVAGE ) ولا يبـعد أن يكون فريق منهم امتهن إقامة حفلات الزار منذ أمدٍ بعيد فصارت رئيسة الزار تسمى الكدية .
تقوم الكدية بوضع كرسي في وسط المجلس ، تجلس عليه صاحبة المنزل التي نصب لها الزار ، وتحضر فرختين وديكاً ، وتربط أرجلها ، ثم تضع الديك على رأسـها ، والفرختين على أكتافها ، ثم تتلو نصوصاً معهودة ، وتنشد أناشيد بينما الحاضرات يقلن : دستور يا سيـادي ، مدد يا أهل الله يا سيادي ، وتوقع الكدية ومن معها على الدفوف بنغمات مختلفة متسارعة .
ولقد أشار بعض الدارسين إلى ارتباط طقوس الزار بالألوان ، خاصة في الملابس التي تختلف باختلاف ملوك الجان الذين يراد استرضاؤهم ، كما أشاروا إلى أن الاعتقـاد بالألوان مرتبط بالاعتقـادات الشعبـية في الكواكب وتأثيرها على حيـاة الإنسان وطبائعه ، مثل الاعتقاد في المريخ وأن ألوانه في الثياب هي الأحمر والأصفر ، أما الزهرة فألوانه التي تكون في الثياب هي الأخضر والأبيض ، ويمتد هذا الاعتقاد فيشمل الأيام الخاصة بهذه الكواكب مما يمكن رده إلى العبادات البابلية والكلدانية القديمة. فيوم الثلاثاء هو يوم المريخ بينما يوم الجمعة هو يوم الزهرة، وكلمة FRIDAY في الإنجليزية جاءت عن طريق الشعوب الشمالية وتعني يوم الإلهة FRIG زوجة أدون كبير آلهة الإغريق والسبت يوم زحل SATURDAY والأحد يوم الشمس SUNDAY والاثنين يوم القمر MONDAY .. الخ.
ويتم في الزار طقس آخر هو تبادل الملابس لإعطاء تأثير سحري، فحين يتبادل الرجال ملابس النساء والعكس فإنهم يقصدون بذلك مخادعة الروح الشريرة ، كما أن تبادل الملابس يستخدم أيضاً لمقاومة السحر ورده .
ومن طلبات الكودية يسخر بيرم التونسي في زجل له، فيقول متحدثاً عن امرأة تبتغي السمنة وقد أظهر الأثر " الأطر " المطلوب منها :
طلع لها جوز تيوس من غير إشارة سود
وعجل أبيض يكون تحت السما مولود
وست وزات وفرخة عرقها مفرود
وديك عشاري عريض السدر والمنقار
وفي النهاية أقول : إن هذا الطقس ليس نادراً بل هو منتشر انتشاراً واسعاً ، وقد بدأت جلسات الزار تعلّب في أشرطة كاسيت ، وتوزع لتستخدمها النسوة على نطاق واسع كما لاحظت في البيئات الريفية المصرية .
وقد وجد الدكتور عبد الرحمن عيسوي في استبانة أجراها على عينة من اللبنانيين والمصريين أن 20 من العينة المصرية التي لاحظها كانت تؤمن بأثر الزار في علاج الأمراض المستعصية في حين كان 15 من العينة اللبنانية مؤمناً بذلك .
وقد درس كثير من المستشرقين _ منذ قرنين أو يزيد _ هذا الطقس فيمـا درسوه من عوائد شعوبنا لتكون دراساتهم وسيلة فتاكة للانتشار بيننا كالسوس ، وممن درسوا الـزار إدوارد لين وكريس وسيمون مسنج جون كندي وهاري فاخوري وغيرهم … فتأمل .
ومن الطقوس الداخلة في موضوعنا والتي تمارس في الجزائر ما يسمى بالوعدة والنشرة ، وتشبهان - إلى حد كبير - الزار في مصر ، أو ربما كانت الزار المصري لكن على الطريقة الجزائرية ، ففيهما الرقص والثيـاب المميزة والغيبوبة الانتشائية بالموسيقى والارتباط بالجن ، لكن ربما افترقنا عن الزار بطول مدة الممارسة التي قد تستمر اسبوعاً ، وببعض الملامح المحلية في الجن والأولياء .
م
سبحان الله وبحم ماجده سبحان الله وبحم