السؤال:
أنا عندي مشكلة، وأريد أن آخذ مشورة منكم.
حاليًّا أنا في ثانوية عامة، وأبي يريد أن يُدخلني كليَّة طب، ومجموعي لم يكمل، وأبي قال لي: مُمكن أسافر للخارج من أجل أن أدخلك كلية طب، لكن الحل الوحيد أنَّه يتزوَّج واحدة أجنبيَّة ويحصل على الجنسيَّة، وساعتَها ممكن أسافر وأدرس الطب، لكن أمي قالت: لو أبوك عمل هذا وتزوَّج فأنا سأطلب الطلاق؛ لأني لن أسمح بهذا.
وأبي مصمِّم على هذا، وأنا خائف أن أعصي كلامَ أبي وأقول له: لن أسافر، وبهذا لن أخسر أمي.
أم أسمع كلام أبي حتى لا يكون غاضبًا مني، لكن في الوقت نفسه سأخسر أمي والعلاقة الزَّوجيَّة التي بيْنهما.
ولو أني قلتُ لأبي: لا، أنا لن أسافر وسأدخل أي كليَّة هنا، فإنَّ أبي سيبقى غاضبًا منِّي طولَ عمره، ولن يكون راضيًا عني أبدًا طول حياته.
أنا ماذا أعمل؟ أرجو الرَّدَّ في أسرع وقت ممكن؛ لأني في حيرة من أمري، وأخاف أن أعْصي ربَّنا في أي حل أو موقِف أعمله.
الجواب:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلا شكَّ أنَّ الدِّراسة في بلاد الغرب فيها من الفِتن والمنكرات العظيمة، والمفاسد الكبيرة في الدين والدُّنيا ما لا يَخفى على أحد؛ والواقع خيرُ شاهدٍ، فلا يَجوزُ للمسلم أن يُسافرَ للدِّراسة في تلك البلاد إلاَّ إذا كان سيدرس علومًا ليستْ موجودةً في بلاد المسلمين، وأن يكون الطَّالب عنده من الدين الرَّاسخ ما يدفع بهِ عن نفسه فِتَن الشُّبهات والشَّهوات، كما سبق بيانه في فتوى: "حكم السفر إلى أمريكا للإقامة"، "حكم السفر لأجل الدراسة في بلاد الكفار"،، وراجع فتوى: "الدِّراسة الجامعية المختلطة".
وقد نصَّت اللَّجنة الدَّائمة في السعوديَّة على أنَّه: لا تَجب طاعة الوالدَين في الدِّراسة المختلطة؛ لأنَّه لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصية الخالق، فراجِعْها على موقعنا في فتوى: "حكم التدريس في المدارس المختلطة".
أما ما ذكره الوالد من ربط سفر ابنه للدراسة في تلك البلاد بزواجه، فالظاهر أنه خرج منه مخرج الهزل والدعابة، وإلا فهو غير متصور ولا يصح؛ لأننا نرى الكثير من الناس يسافرون للدراسة في تلك البلاد، دون أن يسبقهم آباؤهم للزواج في تلك البقاع!!
وأما إن كان الوالد عازمًا على الزواج من هناك، فننصحه ألّا يفعل؛ نظرًا للمخاطر المكتنفة للزواج من نسائهم، إذ يتعذر غالبًا شرط الإحصان، فلا تكاد تجد فيهم محصنة يحل نكاحها. وراجع الفتويين: "حكم الزواج بامرأة من أهل الكتاب"، "حكم الزواج بكتابية غير عفيفة".
وما ننصح به الابن الكريم: هو الالتحاق بأي جامعة في بلدِه، أو دخول إحْدى كليَّات الطّبّ الخاصَّة، مع الإحْسان إلى والدِكَ، ولو أساء معاملتَكَ، وبذْل الوسْع لإرضائِه في غير معصية الله، ولتستعِن على ذلك ببعض المقرَّبين من والدِك، سواء الأقْرباء أو الأصدقاء ممَّن لهم تأثير عليه؛ ليصرِفَ النَّظر عن هذا الأمْر، الَّذي قد يترتَّب عليه تفكُّك الأسرة وضياع الابن، بل قد يضيع هو أيضًا، فإنْ أصرَّ على موقفِه، فلا يضرُّك بعد ذلك غضبُه عليك.
فالوالدانِ يَجب طاعتُهما إذا أمرا بدراسةٍ مشْروعة، وموافقة لميول الابن؛ فالوالد مَجبولٌ على حُبِّ ما ينفع أبناءَه، والسَّعي في مصالحِهم، ولكن إن كان الابن لا يتقبَّل تلك الدِّراسة، سواء لعُذْر شرعي، أو عدم رغبة أصلاً، أو لما يترتَّب عليها من معصية، أو غير ذلك - فلا يَجب عليْه طاعةُ الوالِد حينئذٍ، وليجتهِدْ في برِّه، وإقناعه بِحكمةٍ ولُطفٍ.
وليعلم أنَّ الشَّرع الحنيف كما أوْجب على الأبناء طاعةَ الآباء، فكذلك أوْجب على الوالِد عدمَ الاعتِساف في استِخدام حقِّه في برِّ ولدِه، بِما يعود على الابن بالضَّررِ، ومن ثمَّ حسَم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - المسألةَ بقوله: ((إنَّما الطَّاعةُ في المعروف))؛ متَّفق عليه.
وراجع الفتويين: "حكم طاعة الوالد في العمل في جهة لا يرغبها الابن"، "طاعة الزَّوجة لوالديها في العمل"،، والله أعلم.
أنا عندي مشكلة، وأريد أن آخذ مشورة منكم.
حاليًّا أنا في ثانوية عامة، وأبي يريد أن يُدخلني كليَّة طب، ومجموعي لم يكمل، وأبي قال لي: مُمكن أسافر للخارج من أجل أن أدخلك كلية طب، لكن الحل الوحيد أنَّه يتزوَّج واحدة أجنبيَّة ويحصل على الجنسيَّة، وساعتَها ممكن أسافر وأدرس الطب، لكن أمي قالت: لو أبوك عمل هذا وتزوَّج فأنا سأطلب الطلاق؛ لأني لن أسمح بهذا.
وأبي مصمِّم على هذا، وأنا خائف أن أعصي كلامَ أبي وأقول له: لن أسافر، وبهذا لن أخسر أمي.
أم أسمع كلام أبي حتى لا يكون غاضبًا مني، لكن في الوقت نفسه سأخسر أمي والعلاقة الزَّوجيَّة التي بيْنهما.
ولو أني قلتُ لأبي: لا، أنا لن أسافر وسأدخل أي كليَّة هنا، فإنَّ أبي سيبقى غاضبًا منِّي طولَ عمره، ولن يكون راضيًا عني أبدًا طول حياته.
أنا ماذا أعمل؟ أرجو الرَّدَّ في أسرع وقت ممكن؛ لأني في حيرة من أمري، وأخاف أن أعْصي ربَّنا في أي حل أو موقِف أعمله.
الجواب:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلا شكَّ أنَّ الدِّراسة في بلاد الغرب فيها من الفِتن والمنكرات العظيمة، والمفاسد الكبيرة في الدين والدُّنيا ما لا يَخفى على أحد؛ والواقع خيرُ شاهدٍ، فلا يَجوزُ للمسلم أن يُسافرَ للدِّراسة في تلك البلاد إلاَّ إذا كان سيدرس علومًا ليستْ موجودةً في بلاد المسلمين، وأن يكون الطَّالب عنده من الدين الرَّاسخ ما يدفع بهِ عن نفسه فِتَن الشُّبهات والشَّهوات، كما سبق بيانه في فتوى: "حكم السفر إلى أمريكا للإقامة"، "حكم السفر لأجل الدراسة في بلاد الكفار"،، وراجع فتوى: "الدِّراسة الجامعية المختلطة".
وقد نصَّت اللَّجنة الدَّائمة في السعوديَّة على أنَّه: لا تَجب طاعة الوالدَين في الدِّراسة المختلطة؛ لأنَّه لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصية الخالق، فراجِعْها على موقعنا في فتوى: "حكم التدريس في المدارس المختلطة".
أما ما ذكره الوالد من ربط سفر ابنه للدراسة في تلك البلاد بزواجه، فالظاهر أنه خرج منه مخرج الهزل والدعابة، وإلا فهو غير متصور ولا يصح؛ لأننا نرى الكثير من الناس يسافرون للدراسة في تلك البلاد، دون أن يسبقهم آباؤهم للزواج في تلك البقاع!!
وأما إن كان الوالد عازمًا على الزواج من هناك، فننصحه ألّا يفعل؛ نظرًا للمخاطر المكتنفة للزواج من نسائهم، إذ يتعذر غالبًا شرط الإحصان، فلا تكاد تجد فيهم محصنة يحل نكاحها. وراجع الفتويين: "حكم الزواج بامرأة من أهل الكتاب"، "حكم الزواج بكتابية غير عفيفة".
وما ننصح به الابن الكريم: هو الالتحاق بأي جامعة في بلدِه، أو دخول إحْدى كليَّات الطّبّ الخاصَّة، مع الإحْسان إلى والدِكَ، ولو أساء معاملتَكَ، وبذْل الوسْع لإرضائِه في غير معصية الله، ولتستعِن على ذلك ببعض المقرَّبين من والدِك، سواء الأقْرباء أو الأصدقاء ممَّن لهم تأثير عليه؛ ليصرِفَ النَّظر عن هذا الأمْر، الَّذي قد يترتَّب عليه تفكُّك الأسرة وضياع الابن، بل قد يضيع هو أيضًا، فإنْ أصرَّ على موقفِه، فلا يضرُّك بعد ذلك غضبُه عليك.
فالوالدانِ يَجب طاعتُهما إذا أمرا بدراسةٍ مشْروعة، وموافقة لميول الابن؛ فالوالد مَجبولٌ على حُبِّ ما ينفع أبناءَه، والسَّعي في مصالحِهم، ولكن إن كان الابن لا يتقبَّل تلك الدِّراسة، سواء لعُذْر شرعي، أو عدم رغبة أصلاً، أو لما يترتَّب عليها من معصية، أو غير ذلك - فلا يَجب عليْه طاعةُ الوالِد حينئذٍ، وليجتهِدْ في برِّه، وإقناعه بِحكمةٍ ولُطفٍ.
وليعلم أنَّ الشَّرع الحنيف كما أوْجب على الأبناء طاعةَ الآباء، فكذلك أوْجب على الوالِد عدمَ الاعتِساف في استِخدام حقِّه في برِّ ولدِه، بِما يعود على الابن بالضَّررِ، ومن ثمَّ حسَم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - المسألةَ بقوله: ((إنَّما الطَّاعةُ في المعروف))؛ متَّفق عليه.
وراجع الفتويين: "حكم طاعة الوالد في العمل في جهة لا يرغبها الابن"، "طاعة الزَّوجة لوالديها في العمل"،، والله أعلم.