لا أعرف ما الذي يجعل الشخصَ يكذب ويدلِّس، ويخدع الآخرين؛ من أجل الدعوة لدِينه، لماذا يتظاهر الشخص بالبراءة والطهارة أمام الناس، وهو أمام ضميره إنسانٌ مدلِّس مخادع؟! هل هذا الأسلوب هو نفسه الأسلوب المذكور في الإنجيل، كما قال بولس في رسالته لأهل رومية 3/7: "فإنه إن كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده، فلماذا أدان أنا بعد كخاطئ؟"؟! وعلى ذلك؛ فلا حرج من الكذب، إن كان هذا سيزيد من مجْد الرب - على حد قول بولس.
وهذا الأسلوب هو نفسه الذي يتَّبعه المنصِّرون في كل العالم، فلا توجد ثمة مشاكل أن يكذبوا في عملياتهم التنصيرية، ويقولوا: إن يسوع محبة، وإن بلوغ الغاية الحقيقية للإيمان به أن تؤمن بموته من أجْلك، ولهم الحق في أن يشتموا الإسلام، ويكذبوا لإيصال صورة خاطئة يملؤها الكذبُ والتدليس؛ من أجل استقطاب شخصٍ يخرج من الإسلام ليعتنق دينَهم بالكذب، والغش، والتدليس.
كان - ولا يزال - يتبع هذا الأسلوبَ المنصرُ الهارب، والقس المشلوح زكريا بطرس، الذي يسبُّ الإسلام ورسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم - على فضائيته الخاصة التي تملكها امرأةٌ إنجيلية، وتتلقَّى الدعم من منظمات صهيونية، زكريا بطرس كلما اصطنع موقفًا يدلس ويكذب فيه، فضَحَه الله، جاء ذات يوم برجلٍ وامرأة، قال: إنه متنصر من السعودية وهي من مصر، وقال: إنه كان شيخًا كبيرًا، وواعظًا جليلاً، واسمه الشيخ جواد، وقال: إنه عرَف الحق، والحق حرَّره، وترك ظلمة الإسلام، إلى نور الخلاص، نور يسوع، ويهل علينا الرجلُ بطلعته البهية على شاشة القناة القذرة، وإذا به مرتدٍ زيًّا خليجيًّا، وعقالاً خليجيًّا، وذو لحية كثيفة، ويرتدي نظارة شمسية تغطي نصف وجهه، وتجلس بجواره الفتاةُ الأخرى ترتدي حجابًا كبيرًا؛ حتى لا يعرفها أهلُها، ولا تقترب منها الكاميرا؛ حتى لا تحدِّد ملامحها، ومهندس صوت الأستوديو يغيِّر من صوته ويضخمه؛ حتى لا يعرفه أحدٌ من أعداء الحرية الإرهابيين ويسفكوا دماءه الذكية، ولكن يا سادة، تحدث المفاجأة، القنبلة التي تنفجر في قلب مجلسهم.
ويشاء الله - تبارك وتعالى - أن يفضحهم في الحلقة نفسها، وفي المجلس نفسه، ويخطئ مهندس الصوت، ويظهر صوت الشيخ جواد الحقيقي، وكأنه صوت المنصِّر، وأستاذ اللاهوت، وحيد، الذي يقدم برامجَ في القناة نفسها.
وبعدها يعترف زكريا بطرس أن هذا - فعلاً - كان وحيدًا، وهذه الفتاة الأخرى التي كانت بجواره هي الأخرى كاذبة، وهي نصرانية الأصل، واسمها نادين.
الأمر لم يقف بتدليس زكريا بطرس عند هذا الحد، ولكن تعدَّاه إلى أكثرَ من ذلك بكثير، يتم استضافة شخص يدَّعي أنه كان أستاذًا في الأزهر ولكنه تنصَّر، ونستمع لاختبار الأستاذ الأزهري، لنصدم أنه لا يجيد قراءة القرآن، وينطق بعضَ الأسماء الإسلامية بطريقة تدلُّ على كذبه، مثل قوله: "وروي في مَسند أحمد"، ينطق مسند بفتح الميم، ويقول: "سورة إلعمران، والمايدة"، ولما نسأل في جامعة الأزهر عن هذا الاسم، نكتشف أنه لم ينتسب لها يومًا دارسًا، فضلاً عن أن يكون أستاذًا فيها.
تتوالى تمثيليات المنصرين يومًا بعد يوم، وتتوالى فضائح المنصرين يومًا بعد يوم.
حتى وصلنا لفضيلة الشيخ صموئيل بولس عبدالمسيح، عفوًا؛ أقصد: الشيخ محمد النجار، العالم العلاَّمة، الفهم الفهامة، الذي تنصَّر عن علم واقتناع ومعجزة كما يدَّعي.
وحينما سمعناه يتكلَّم أول مرة، وجدناه يتكلم بصوت مهتز، تشعر أن ضربات قلبه تتدافع للخروج بقوة في اختباره الذي سجَّله في إحدى كنائس بروكسل، وتم تصويرُه ونقله في محطات تنصيرية مسيئة للإسلام، قال: "أنا شيخ معروف في الأوساط الدينية في مصر، وكلُّ الناس تعرف من هو فضيلة الشيخ محمد النجار إمام مسجد العمرانية بمنطقة الجيزة، كنت من "برَّه" رجلاً شيخًا، ومن "جوَّه" إنسانًا سافلاً، وإنسانًا شريرًا، بدأت دراستي الإسلامية من سن 16 و17، لما تعرفت على الجماعات الإسلامية وبدؤوا يعطونني الكتب المتطرفة لأمثال سيد قطب، ومحمد قطب، وأبي الأعلى المودودي، وابن تُمَية، وكنت التحق بمعاهد الإمامة، بجانب المقالات التي كنت أكتبها ضد الديانة المسيحية".
طبعًا، ولأن الكذب ليس له قدم ولا يد؛ فقد وقع في شرِّ أعماله، فالشيخ أبو الأعلى المودودي - رحمه الله - من علماء الهند، وله كتاب واحد في التفسير اسمه "تفهيم القرآن"، كتبه باللغة الأردية، وليس العربية، ولم تتم ترجمتُه كاملاً للعربية، فضلاً عن طباعته، أما ابن تُمَية، فاسمه ابن تيمية - رحمه الله - وليس ابن تُمَية، كما لا يوجد في مصر معاهد الإمامة كما ادَّعى الكذاب المدلس؛ بل هي معاهد إعداد الدعاة.
ثم يستطرد قائلاً: "وفي يوم 1/ 1/ 1987 ذهبت للسعودية لمقابلة المسؤولين برابطة العالم الإسلامي بمكة؛ لتقديم كتاب لهم قمتُ بتأليفه يهاجم المسيحيين، وأصرَّت الرابطة على شراء الكتاب لنشره للعالم الإسلامي؛ لما فيه من قيمة كبيرة"، قال: "ثم توجهت لأداء مناسك العمرة"، ثم سكت قليلاً، وأكمل قائلاً: "أنا كشيخ كنت أحسب أن الكعبة هي مكان مقدس، وأنه مدفون بها من الداخل النبيَّان إبراهيم وإسماعيل، ثم فجأة ظهر لي المسيح فوق الكعبة، وهو يمد يده لي التي تملأ كل المكان، وقال لي: "يابني أنت سايبني ورايح تعبد حجر؟!"، ويؤكد أنه رأى يسوع في جوف الكعبة، ويقول: "تقابلت فيها وجهًا لوجه مع مخلِّصي يسوع، وهو يتوسط السماء، ومن حوله هالة من النور الساطع، ويحوطه الملائكة"، والغريب أن كتابه المقدس في إنجيل يوحنا يقول باستحالة رؤية الرب؛ فهو لم يره أحد قط - كما في يوحنا 1/18 - وكذلك في نص آخر من كتاب صموئيل يقول النص: "لا يستطيع أحد أن يرى الله ويعيش".
ولكن الشيخ صموئيل يكسر القاعدةَ في جوف الكعبة، ويظهر له يسوع إلهه ومخلِّصه، ويمسكه من قفاه قائلاً له: تركتني أنا (الإله الحي)، وجئتَ إلى هنا لتعبد أمواتًا وديانات الناس.
ثم قال والناس في حالة ذهول من كلامه، منهم من فتح فمه وبرق عينيه:
"وانتفض كل جسدي، وأخذتْني رعدة شديدة، وظلَّ قلبي يخفق من شدة الخوف والهلع، وخاصة بعدما تبيَّنتُ ملامح وجهه النوراني الكريم أكثر وضوحًا، ورأيت موضع إكليل الشوك حول جبهته، وموضع طعنة الحربة في جنبه، وموضع اختراق المسامير في يديه ورجليه، فتأكدتُ أنه هو يسوع المسيح إله النصارى.
ثم فوجئت بجسدي يثبت موضعه، بينما روحي تنخلع من جسدي وتختطف مني، ويأخذها السيد المسيح معه إلى عصور سحيقة مضتْ، وجعلني أرى هناك مشهدًا في غاية العجب.
فلقد أراني السيد أناسًا من قديم الزمان، ومن مختلف الشعوب والأجناس، وهي تتعبد للأحجار والأصنام، وبعضهم كان يدور من حولها (كما يدور المسلمون حول الكعبة)، وظل يريني ما يحدث من عبادات وثنية قديمة، بحسب الترتيب الزمني والتسلسل التاريخي لظهورها، حتى بلغ بي المطاف أخيرًا إلى (حجر الكعبة والمسلمون يطوفون من حوله).
وفجأة اختفى السيد من أمام بصري، وعادت السماء كما كانت إلى حالتها الطبيعية، وكلُّ هذا الظهور بما تخلَّله من أحاديث وإعلانات لم يكن محسوبًا من عمر الزمن؛ لأني عندما دخلت الكعبة كانت الساعة الثانية عشرة ظهرًا، وبعد انتهاء الظهور كانت الساعة لم تزل الثانية عشرة ظهرًا!
ومن هنا تغيرتْ حياتي، ورجعتُ مصر، وقرأت الكتاب المقدس، وعرفت طريق الخلاص؛ طريق الرب يسوع".
هذا هو فضيلة الشيخ محمد النجار، أو صموئيل بولس عبدالمسيح، صاحب المؤلفات الإسلامية العظيمة، التي تنشرها رابطة العالم الإسلامي كما يدَّعي، وهذه تمثيلية ظهور يسوع له عند الكعبة، وكيف أخذه من يده وأراه أشياء غيبية؛ حتى يثبت الإيمان في قلبه.
تذكرتُ وقتها منصرًا كذَّابًا آخر، ولكن خياله أوسع من خيال صموئيل؛ فقد ادَّعى أن يسوع أخذه من يده، وصعد به إلى السماء، وعرَّفه على كل الأنبياء، وجعل الأنبياء تسلِّم عليه وتحتضنه.
المهم أنه انتشر اختبار صموئيل، وأصبحت القنوات التنصيرية تتهافتْ خلفه، وتأتيه الدعواتُ من الكنائس في أوربا لإلقاء اختباره، كما تلقَّفتْه المحطات التنصيرية في أوربا وفي أمريكا، فقد استضافتْه إحدى الكنائس ببروكسل، ثم استضافته الكنيسة (الإنجليزية) للعاملين بالسوق الأوربية ببروكسل، وبعدها توالت إعلانات اختباراته الكاذبة بشكل أكثر وضوحًا وأكثر علانية، وخاصة في وسائل الإعلام الهولندية، بعدما أعدَّ التلفاز الهولندي حلقةً تلفازية تناولتْ ظهور يسوع له في الكعبة، ثم تكرر العرض في إحدى الفضائيات التي تبثُّ برامجها لمنطقة الشرق الأوسط، ثم في إحدى الإذاعات التنصيرية الموجَّهة للعرب والمغاربة في هولندا وبلجيكا، ثم كتبتْ عنه الجريدةُ الكاثوليكية الرسمية بهولندا، ثم ألقى الشهادة نفسَها عينَها في العديد من الكنائس الهولندية، ثم في الكنائس الشرقية والتجمعات المسيحية الشرقية، مرورًا بزياراته العديدة للسويد، وإلقاء زيفه وكذبه هذا داخل الكنائس ووسط تجمعات المسيحيين الشرقيين.
يشاء الله أن يتمَّ فضحُه على يد نصراني مثله، اسمه مدحت عويضة، وأن تدور بينهما حربٌ كلامية على المواقع النصرانية، ويفضح كلٌّ منهما الآخرَ، أحدهما يتهم الآخر أنه لص ينصب على الناس باختباره الكاذب لجمع المال، والآخر يتجسَّس على الأول ويسجل حوارًا بينه وبين أب اعترافه، ينشره على الملأ على شبكة الإنترنت، وأصبحت فضائح الاثنين لا تنتهي، وأثناء هذه الحرب الكلامية بينهما، يفجر عويضة القنبلة، ويقول: إن صموئيل كذَّاب ومدلس، وأن كل اختباراته كذبٌ وتدليس، وليس لها أي أساس من الصحة، وأنه نصراني أبًا عن جَدٍّ، وقال: والحقيقة لمن لا يعرف، فالرجل يدَّعي إنه متنصر، وهو ليس بمتنصر؛ حيث وُلد من أسرة مسيحية مفككة، وأسلم وهو في الخامسة عشرة من عمره، ثم ادَّعى أن المسيح ظهر له في الكعبة وتنصر، وللأمانة فإني متأكِّد أن مثل هذا الإنسان لم يظهر له المسيح، فهو كذاب يريد بذلك جمع الأموال.
ويؤكِّد كلامَ عويضة ذاك الإهداء الذي كتبه صموئيل على كتابه لأمِّه، وقال فيه:
إهداء
روح أمي التي ظلَّت تبكي من أجلي سنوات طويلة، بدموعٍ غزيرة، حتى استجاب الرب لدموعها، وأحيا نفسي من بعد موت.
لم يقف الأمر عند كذب النصراني المدلس صموئيل بولس عبدالمسيح، ولكن تعدَّاه إلى أبعدَ من ذلك بكثير، فيكتشف أن الرجل كان يستغل كلَّ هذا الكذبِ والتدليس من أجل جمْع الأموال والتبرعات لمصالحه الشخصية، بدعوى خدمة إخوة الرب، كان يستغل هذه القصةَ المفبركة الكاذبة من أجل الحصول على الإعانات من الناس، وكسْب عطف واستجداء المخدوعين من النصارى، ولم يكن الأمر هو التسول منهم فقط؛ بل ووصل الأمر به إلى النصب على أقباط هولندا، حينما خدعهم بأنه بصدد القيام بشراء حافلة كبيرة لخدمة المعوقين من الأقباط، وحتى يزيد الأمر إقناعًا؛ قام بالْتقاط عدة صور له وهو واقف بجوار أحد الحافلات الفخمة الواقفة في أحد شوارع هولندا، وحتى الآن المعوقون ينتظرون الحافلة، وصموئيل ذهب بالمال، فلا عاد صموئيل، ولا جاءت الحافلة.
فضائح المنصرين لن تنتهي، سيعيش بداخلهم الكذب والتدليس والخداع، وأكْل المال الحرام، فليفعلوا ما يشاؤون، فليس بعد الكفر ذنب.
وهذا الأسلوب هو نفسه الذي يتَّبعه المنصِّرون في كل العالم، فلا توجد ثمة مشاكل أن يكذبوا في عملياتهم التنصيرية، ويقولوا: إن يسوع محبة، وإن بلوغ الغاية الحقيقية للإيمان به أن تؤمن بموته من أجْلك، ولهم الحق في أن يشتموا الإسلام، ويكذبوا لإيصال صورة خاطئة يملؤها الكذبُ والتدليس؛ من أجل استقطاب شخصٍ يخرج من الإسلام ليعتنق دينَهم بالكذب، والغش، والتدليس.
كان - ولا يزال - يتبع هذا الأسلوبَ المنصرُ الهارب، والقس المشلوح زكريا بطرس، الذي يسبُّ الإسلام ورسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم - على فضائيته الخاصة التي تملكها امرأةٌ إنجيلية، وتتلقَّى الدعم من منظمات صهيونية، زكريا بطرس كلما اصطنع موقفًا يدلس ويكذب فيه، فضَحَه الله، جاء ذات يوم برجلٍ وامرأة، قال: إنه متنصر من السعودية وهي من مصر، وقال: إنه كان شيخًا كبيرًا، وواعظًا جليلاً، واسمه الشيخ جواد، وقال: إنه عرَف الحق، والحق حرَّره، وترك ظلمة الإسلام، إلى نور الخلاص، نور يسوع، ويهل علينا الرجلُ بطلعته البهية على شاشة القناة القذرة، وإذا به مرتدٍ زيًّا خليجيًّا، وعقالاً خليجيًّا، وذو لحية كثيفة، ويرتدي نظارة شمسية تغطي نصف وجهه، وتجلس بجواره الفتاةُ الأخرى ترتدي حجابًا كبيرًا؛ حتى لا يعرفها أهلُها، ولا تقترب منها الكاميرا؛ حتى لا تحدِّد ملامحها، ومهندس صوت الأستوديو يغيِّر من صوته ويضخمه؛ حتى لا يعرفه أحدٌ من أعداء الحرية الإرهابيين ويسفكوا دماءه الذكية، ولكن يا سادة، تحدث المفاجأة، القنبلة التي تنفجر في قلب مجلسهم.
ويشاء الله - تبارك وتعالى - أن يفضحهم في الحلقة نفسها، وفي المجلس نفسه، ويخطئ مهندس الصوت، ويظهر صوت الشيخ جواد الحقيقي، وكأنه صوت المنصِّر، وأستاذ اللاهوت، وحيد، الذي يقدم برامجَ في القناة نفسها.
وبعدها يعترف زكريا بطرس أن هذا - فعلاً - كان وحيدًا، وهذه الفتاة الأخرى التي كانت بجواره هي الأخرى كاذبة، وهي نصرانية الأصل، واسمها نادين.
الأمر لم يقف بتدليس زكريا بطرس عند هذا الحد، ولكن تعدَّاه إلى أكثرَ من ذلك بكثير، يتم استضافة شخص يدَّعي أنه كان أستاذًا في الأزهر ولكنه تنصَّر، ونستمع لاختبار الأستاذ الأزهري، لنصدم أنه لا يجيد قراءة القرآن، وينطق بعضَ الأسماء الإسلامية بطريقة تدلُّ على كذبه، مثل قوله: "وروي في مَسند أحمد"، ينطق مسند بفتح الميم، ويقول: "سورة إلعمران، والمايدة"، ولما نسأل في جامعة الأزهر عن هذا الاسم، نكتشف أنه لم ينتسب لها يومًا دارسًا، فضلاً عن أن يكون أستاذًا فيها.
تتوالى تمثيليات المنصرين يومًا بعد يوم، وتتوالى فضائح المنصرين يومًا بعد يوم.
حتى وصلنا لفضيلة الشيخ صموئيل بولس عبدالمسيح، عفوًا؛ أقصد: الشيخ محمد النجار، العالم العلاَّمة، الفهم الفهامة، الذي تنصَّر عن علم واقتناع ومعجزة كما يدَّعي.
وحينما سمعناه يتكلَّم أول مرة، وجدناه يتكلم بصوت مهتز، تشعر أن ضربات قلبه تتدافع للخروج بقوة في اختباره الذي سجَّله في إحدى كنائس بروكسل، وتم تصويرُه ونقله في محطات تنصيرية مسيئة للإسلام، قال: "أنا شيخ معروف في الأوساط الدينية في مصر، وكلُّ الناس تعرف من هو فضيلة الشيخ محمد النجار إمام مسجد العمرانية بمنطقة الجيزة، كنت من "برَّه" رجلاً شيخًا، ومن "جوَّه" إنسانًا سافلاً، وإنسانًا شريرًا، بدأت دراستي الإسلامية من سن 16 و17، لما تعرفت على الجماعات الإسلامية وبدؤوا يعطونني الكتب المتطرفة لأمثال سيد قطب، ومحمد قطب، وأبي الأعلى المودودي، وابن تُمَية، وكنت التحق بمعاهد الإمامة، بجانب المقالات التي كنت أكتبها ضد الديانة المسيحية".
طبعًا، ولأن الكذب ليس له قدم ولا يد؛ فقد وقع في شرِّ أعماله، فالشيخ أبو الأعلى المودودي - رحمه الله - من علماء الهند، وله كتاب واحد في التفسير اسمه "تفهيم القرآن"، كتبه باللغة الأردية، وليس العربية، ولم تتم ترجمتُه كاملاً للعربية، فضلاً عن طباعته، أما ابن تُمَية، فاسمه ابن تيمية - رحمه الله - وليس ابن تُمَية، كما لا يوجد في مصر معاهد الإمامة كما ادَّعى الكذاب المدلس؛ بل هي معاهد إعداد الدعاة.
ثم يستطرد قائلاً: "وفي يوم 1/ 1/ 1987 ذهبت للسعودية لمقابلة المسؤولين برابطة العالم الإسلامي بمكة؛ لتقديم كتاب لهم قمتُ بتأليفه يهاجم المسيحيين، وأصرَّت الرابطة على شراء الكتاب لنشره للعالم الإسلامي؛ لما فيه من قيمة كبيرة"، قال: "ثم توجهت لأداء مناسك العمرة"، ثم سكت قليلاً، وأكمل قائلاً: "أنا كشيخ كنت أحسب أن الكعبة هي مكان مقدس، وأنه مدفون بها من الداخل النبيَّان إبراهيم وإسماعيل، ثم فجأة ظهر لي المسيح فوق الكعبة، وهو يمد يده لي التي تملأ كل المكان، وقال لي: "يابني أنت سايبني ورايح تعبد حجر؟!"، ويؤكد أنه رأى يسوع في جوف الكعبة، ويقول: "تقابلت فيها وجهًا لوجه مع مخلِّصي يسوع، وهو يتوسط السماء، ومن حوله هالة من النور الساطع، ويحوطه الملائكة"، والغريب أن كتابه المقدس في إنجيل يوحنا يقول باستحالة رؤية الرب؛ فهو لم يره أحد قط - كما في يوحنا 1/18 - وكذلك في نص آخر من كتاب صموئيل يقول النص: "لا يستطيع أحد أن يرى الله ويعيش".
ولكن الشيخ صموئيل يكسر القاعدةَ في جوف الكعبة، ويظهر له يسوع إلهه ومخلِّصه، ويمسكه من قفاه قائلاً له: تركتني أنا (الإله الحي)، وجئتَ إلى هنا لتعبد أمواتًا وديانات الناس.
ثم قال والناس في حالة ذهول من كلامه، منهم من فتح فمه وبرق عينيه:
"وانتفض كل جسدي، وأخذتْني رعدة شديدة، وظلَّ قلبي يخفق من شدة الخوف والهلع، وخاصة بعدما تبيَّنتُ ملامح وجهه النوراني الكريم أكثر وضوحًا، ورأيت موضع إكليل الشوك حول جبهته، وموضع طعنة الحربة في جنبه، وموضع اختراق المسامير في يديه ورجليه، فتأكدتُ أنه هو يسوع المسيح إله النصارى.
ثم فوجئت بجسدي يثبت موضعه، بينما روحي تنخلع من جسدي وتختطف مني، ويأخذها السيد المسيح معه إلى عصور سحيقة مضتْ، وجعلني أرى هناك مشهدًا في غاية العجب.
فلقد أراني السيد أناسًا من قديم الزمان، ومن مختلف الشعوب والأجناس، وهي تتعبد للأحجار والأصنام، وبعضهم كان يدور من حولها (كما يدور المسلمون حول الكعبة)، وظل يريني ما يحدث من عبادات وثنية قديمة، بحسب الترتيب الزمني والتسلسل التاريخي لظهورها، حتى بلغ بي المطاف أخيرًا إلى (حجر الكعبة والمسلمون يطوفون من حوله).
وفجأة اختفى السيد من أمام بصري، وعادت السماء كما كانت إلى حالتها الطبيعية، وكلُّ هذا الظهور بما تخلَّله من أحاديث وإعلانات لم يكن محسوبًا من عمر الزمن؛ لأني عندما دخلت الكعبة كانت الساعة الثانية عشرة ظهرًا، وبعد انتهاء الظهور كانت الساعة لم تزل الثانية عشرة ظهرًا!
ومن هنا تغيرتْ حياتي، ورجعتُ مصر، وقرأت الكتاب المقدس، وعرفت طريق الخلاص؛ طريق الرب يسوع".
هذا هو فضيلة الشيخ محمد النجار، أو صموئيل بولس عبدالمسيح، صاحب المؤلفات الإسلامية العظيمة، التي تنشرها رابطة العالم الإسلامي كما يدَّعي، وهذه تمثيلية ظهور يسوع له عند الكعبة، وكيف أخذه من يده وأراه أشياء غيبية؛ حتى يثبت الإيمان في قلبه.
تذكرتُ وقتها منصرًا كذَّابًا آخر، ولكن خياله أوسع من خيال صموئيل؛ فقد ادَّعى أن يسوع أخذه من يده، وصعد به إلى السماء، وعرَّفه على كل الأنبياء، وجعل الأنبياء تسلِّم عليه وتحتضنه.
المهم أنه انتشر اختبار صموئيل، وأصبحت القنوات التنصيرية تتهافتْ خلفه، وتأتيه الدعواتُ من الكنائس في أوربا لإلقاء اختباره، كما تلقَّفتْه المحطات التنصيرية في أوربا وفي أمريكا، فقد استضافتْه إحدى الكنائس ببروكسل، ثم استضافته الكنيسة (الإنجليزية) للعاملين بالسوق الأوربية ببروكسل، وبعدها توالت إعلانات اختباراته الكاذبة بشكل أكثر وضوحًا وأكثر علانية، وخاصة في وسائل الإعلام الهولندية، بعدما أعدَّ التلفاز الهولندي حلقةً تلفازية تناولتْ ظهور يسوع له في الكعبة، ثم تكرر العرض في إحدى الفضائيات التي تبثُّ برامجها لمنطقة الشرق الأوسط، ثم في إحدى الإذاعات التنصيرية الموجَّهة للعرب والمغاربة في هولندا وبلجيكا، ثم كتبتْ عنه الجريدةُ الكاثوليكية الرسمية بهولندا، ثم ألقى الشهادة نفسَها عينَها في العديد من الكنائس الهولندية، ثم في الكنائس الشرقية والتجمعات المسيحية الشرقية، مرورًا بزياراته العديدة للسويد، وإلقاء زيفه وكذبه هذا داخل الكنائس ووسط تجمعات المسيحيين الشرقيين.
يشاء الله أن يتمَّ فضحُه على يد نصراني مثله، اسمه مدحت عويضة، وأن تدور بينهما حربٌ كلامية على المواقع النصرانية، ويفضح كلٌّ منهما الآخرَ، أحدهما يتهم الآخر أنه لص ينصب على الناس باختباره الكاذب لجمع المال، والآخر يتجسَّس على الأول ويسجل حوارًا بينه وبين أب اعترافه، ينشره على الملأ على شبكة الإنترنت، وأصبحت فضائح الاثنين لا تنتهي، وأثناء هذه الحرب الكلامية بينهما، يفجر عويضة القنبلة، ويقول: إن صموئيل كذَّاب ومدلس، وأن كل اختباراته كذبٌ وتدليس، وليس لها أي أساس من الصحة، وأنه نصراني أبًا عن جَدٍّ، وقال: والحقيقة لمن لا يعرف، فالرجل يدَّعي إنه متنصر، وهو ليس بمتنصر؛ حيث وُلد من أسرة مسيحية مفككة، وأسلم وهو في الخامسة عشرة من عمره، ثم ادَّعى أن المسيح ظهر له في الكعبة وتنصر، وللأمانة فإني متأكِّد أن مثل هذا الإنسان لم يظهر له المسيح، فهو كذاب يريد بذلك جمع الأموال.
ويؤكِّد كلامَ عويضة ذاك الإهداء الذي كتبه صموئيل على كتابه لأمِّه، وقال فيه:
إهداء
روح أمي التي ظلَّت تبكي من أجلي سنوات طويلة، بدموعٍ غزيرة، حتى استجاب الرب لدموعها، وأحيا نفسي من بعد موت.
لم يقف الأمر عند كذب النصراني المدلس صموئيل بولس عبدالمسيح، ولكن تعدَّاه إلى أبعدَ من ذلك بكثير، فيكتشف أن الرجل كان يستغل كلَّ هذا الكذبِ والتدليس من أجل جمْع الأموال والتبرعات لمصالحه الشخصية، بدعوى خدمة إخوة الرب، كان يستغل هذه القصةَ المفبركة الكاذبة من أجل الحصول على الإعانات من الناس، وكسْب عطف واستجداء المخدوعين من النصارى، ولم يكن الأمر هو التسول منهم فقط؛ بل ووصل الأمر به إلى النصب على أقباط هولندا، حينما خدعهم بأنه بصدد القيام بشراء حافلة كبيرة لخدمة المعوقين من الأقباط، وحتى يزيد الأمر إقناعًا؛ قام بالْتقاط عدة صور له وهو واقف بجوار أحد الحافلات الفخمة الواقفة في أحد شوارع هولندا، وحتى الآن المعوقون ينتظرون الحافلة، وصموئيل ذهب بالمال، فلا عاد صموئيل، ولا جاءت الحافلة.
فضائح المنصرين لن تنتهي، سيعيش بداخلهم الكذب والتدليس والخداع، وأكْل المال الحرام، فليفعلوا ما يشاؤون، فليس بعد الكفر ذنب.
خالد المصري
مجووووووده
مجووووووده