السؤال:
السَّلامُ عليكم ورحْمة الله وبركاته،
أنا عندي مشكلة كبيرة، وبصراحة الحيرة التي أنا فيها أهلكتْني.
لا قادرة أنام، ولا أعمل أي شيء إلاَّ التَّفكير في أن أجد حلاًّ مناسبًا.
أنا من مدة طويلة كانت لي علاقة مع شاب، ثم صارتْ بيننا مشاكل فرَّقتْ بيننا.
وغاب الشاب عنّي مدَّة طويلة، بصراحة: أنا كنتُ بعيدة عن الدّين وربّنا هداني إلى الصواب.
صرْتُ أقوم بواجباتي الدّينيَّة والتَزَمْت اللِّباس الشَّرعي، والحمْد لله.
الشاب من فترة رجع.
وطالب أن نرتبِط؛ لأنه هو غير مرتاح، ولازِم نصحَّح الغلَط الذي كان بيننا؛ من أجل أن يوفِّقنا الله في حياتنا.
لكن هو مصمّم يكرّر أسئلة جارحة إليَّ كبنت.
إنَّه غير مصدّق أنني أنا ما كان لي علاقات مع غيره، والذي قهرني أنَّه صار يَحكي أنَّه متأكِّد أنَّه كان لي علاقات قبله، يعْني: ماذا يطْلب منّي؟ أَعْترف عن ماضٍ وحاضر!
ماضٍ هو ما كان موجودًا فيه، وحاضر كان غائبًا عنه وقاطعًا كلَّ أخبارِه.
حيرتي ما أعرِف هل هي خوف من الرجال وكسر الاحترام الموْجود بين البشر؟
لأنَّه بهذا الأسلوب يكون ما يحترمني؛ لأنَّه شك والشَّك غير قابل لتغيير ما في باله.
يريد منّي اعترافًا صريحًا، وهذا شيء حرام، وأنا لا أعرف ماذا أعمل؟
إذا اعترفتُ بما يريده أكيد سوف أخسره، ويبدو حالي إنسانة فاشلة.
وإذا لم أعترف سوف يبعد، وأنا بغيره يصعُب أن أرتبط أبدًا.
أريد حلاًّ، جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
حيَّاك الله أختي الغالية، ومرحبًا بك معنا في موقع (الألوكة).
احْمدي الله - تعالى - أن منَّ عليك وهداك إلى التَّوبة وإلى ارتِداء الحجاب الشرعي، وأبعدك عن تلك العلاقة الآثِمة، فهذا من فضل الله عليْك، والواجب شكر هذه النعمة العظيمة بالمحافظة على الهداية والتِزام سبيل الهدى، والبعد عن كل ما يُغْضِب الله - جلَّ وعلا.
أُخيَّتي الفاضلة، هناك معلومة خاطِئة، لا أدْري كيف ومتى أُشيعتْ بين الناس حتَّى صارتْ معتقدًا ثابتًا، ويقينًا راسخًا لدى الكثير.
مَن قال: إنَّ الزَّواج بمن كنتِ على علاقة به تصحيحٌ للخطأ وتكفير للذَّنب؟
لا علاقة أبدًا بين التَّوبة الصَّادقة من مثل هذه الذّنوب، وبين الزَّواج بمن كنتِ على علاقة معه؛ التَّوبة شروطها معروفة:
1- الإقلاع عن الذَّنب.
2- النَّدم على ما اقترفتِ.
3- العزْم على عدم العوْدة للذَّنب.
أمَّا الزَّواج منه فجائزٌ إن تاب واهتدَى وحسُنت توبته، وإلاَّ فمثل هذا النَّوع لا يصلح لك زوجًا، ولا أنصحك أبدًا بأن تصطفيه أبًا لأبنائك.
قد يكون هذا الكلام على غير ما تُحبِّين، وقد تتوقَّعين أنِّي لا أتكلَّم بهذا الكلام إلاَّ لجهلي بحالك، وعدم إحاطتي بنوعيَّة العلاقة، أو قد تظنِّين أنَّه مجرَّد كلام صدر منّي لأنِّي لم أجرِّب هذا الحبَّ، ولم أتألَّم بألَم الفراق، وأقول لك:
ليْس الأمْر كذلِك أبدًا، صدِّقيني أخيَّتي.
نحنُ كبشر ننظُر دائمًا للأُمور من وجهة نظر سطحيَّة، ونرى الأشْياء من حولنا برؤية بشريَّة قاصرة، لا تعِي إلاَّ ما ترى، ولا تُدْرِك إلاَّ ما يسَّر الله لها أن تُدْرِك، ولكن في كثيرٍ من الأحْيان نرى ونسمع من أُناس يتحدَّثون عن أحداث وقعتْ لهم في الماضي، ويتعجَّبون من أشياء كانوا يظنُّون أنَّ فيها الخير الكثير، وإذا بها الشَّرُّ المستطير، ولوْلا لطْف الله بهم وتدارُكه لهم، لوقعوا فيها.
نعم، يحدث هذا كثيرًا ونراه ونسمعه، والله تعالى يقول في كتابه: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]، ويقول: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].
إحْدى الأخوات ممَّن عُرفْن بالالتزام الديني والتمسُّك به، بل وبالتشدُّد أيضًا، تقول: إنَّه قد تقدَّم لها يومًا أحدُ الشَّباب، وكان حاله أنَّه تارك للصَّلاة يُصاحب الفتيات ويفعل ويفعل، فلمَّا سألت قريبتَه وهي متعجبة: ما دفعه للتقدُّم إليّ وحالي على غير ما يُحبّ؟ وحاله على غير ما أحبّ؟
فكانت الإجابة: أنَّه لا يثق في أيِّ فتاة من كثْرة ما شاهد في علاقاته مع الفتيات!
فالآن تأمَّلي معي:
الشَّابُّ من كثْرة ما رأى من حال الفتيات اللاَّتي تعامل معهنَّ لم يعُد في نفسه ثقةٌ إلاَّ بفتاة لم يكن ليرغب فيها إلاَّ لما رأى من حال صديقاتِه، وهو قريب من حال الشَّابّ معك، يرغب في الزَّواج منك، لكن الشَّكّ لن يتركَه، وأنت قلْتِ بنفسِك الحقّ: إمَّا أن تستُري على نفسك وتستمرّي في الإنكار وسيبتعد عنك حينها.
أو أن تعترفي فيصْبح الشَّكّ يقينًا، ولن يستمرَّ في الإقْدام على الزَّواج منك بعد ذلك، وفي الاعتِراف والإخبار بما كان في الماضي من ذنوب مجاهرةٌ بالمعصية؛ وقد جاء في الحديث: ((كلّ أمَّتي معافًى إلاَّ المجاهرين، وإنَّ من المجاهرة أن يعمل الرَّجُل باللَّيل عملاً ثمَّ يُصْبِح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان، عمِلْت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه))؛ متَّفق عليه.
فلا تعترفي له بشيء ولا تَهتكي ستر الله عليْك بعد أن تبتِ ورجعْتِ إلى الله.
أختي الكريمة، اعْلمي أنَّ ما بُني على باطل فهو باطل، وأحبُّ أن أخبرك أنَّ غالب حالات الزَّواج الَّتي تكون بعد علاقة حبّ يكون مصيرها الفشَل، وهذا ليس رأْيِي الشَّخصي، بل هي دراسات حقيقيَّة، والسَّبب في الغالِب يكون أنَّ كلاًّ من الطَّرفين يتعامَل بصورة يَملؤها الكذِب والذي يصِفونه بالتجمُّل، وهذا قد يكون سهلاً في حالة التَّعامل مع الغرباء، لكن لن يقدر صاحبُه على الاستمرار في هذا التجمُّل بعد الزَّواج ومرافقة صاحبِه في كلّ وقت، فتتجلَّى عيوب كلّ واحد، وتصبح مقارنةً بما كان قبلها بشعةً، ويظلّ الإنسان يتذكَّر صفات صاحبِه في السَّابق ويقارنها بحاله الآن، حتَّى تزيد بشاعتُها ويظهر قبحها فلا يطيقها، ويرغب في الفراق؛ لأنَّه لا يستطيع تحمُّل الصدمة.
نعم، كما يبدو من حديثي: لا أنصحُك بالزَّواج من هذا الشَّابّ.
أنتِ قد هداكِ الله والتزمْتِ بالحجاب وتقرَّبت إلى الله، وتغيَّر حالُك - بفضْل الله - فلِم ترْغبين في الزَّواج بمن ليس لك كفؤًا؟
ولتتَّضح الصورة لك أكثر، قيسي كلَّ مواصفاتِه على مواصفات الزَّوج المسلم، والتي ألخِّصها لك في الآتي:
1- الدين: لابدَّ أن يكون الزَّوج مسلمًا، ملتزمًا بشرائع الدّين، محافظًا على الصَّلاة، معروفا بالصَّلاح بين أهله وأصدقائِه، والرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إذا جاءكُم مَن ترضون دينَه وخُلقه فأنكِحوه، إلاَّ تفعلوا تكُن فتنة في الأرْض وفساد عريض))، صحَّحه الألباني.
2- الخُلق: سأل رجلٌ الحسَن - رحِمه الله - فقال له: مَن أزوِّج ابنتي؟
قال: زوِّجها التَّقيَّ، فإنَّه إن أحبَّها أكرمها، وإن كرِهَها لم يهنها.
ولستِ بحاجةٍ للسؤال عن حاله وخُلقه، فلعلَّك تعلمين من ذلك الشَّيء الكثير.
3- يستحبُّ السّؤال والنَّظر في نسبِه، فأهل الزَّوج تكون لهم صلات وثيقة بالزَّوجة والأبناء، والكثير من المشكلات الزوجيَّة تحدُث بين الزَّوجة وأهل زوجها، وإن كانت العلاقة بزوجها طيّبة، لعلَّها تفسد إن ساءت علاقتها بأهلِه.
4- الحالة المادّيَّة: من الأفضل أن يكون ذا مال؛ حتَّى يستطيع أن ينفِق على أهلِه ولا يلجِئهم للحاجة، وقد قال الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - لفاطمة بنت قيس لمَّا أتت تسأله عن رجال تقدَّموا لها: ((أمَّا معاوية فرجُل ترب لا مال له، وأمَّا أبو جهم فرجل ضرَّاب للنساء، ولكن أسامة بن زيد))، رواه مسلم.
5- يستحبُّ أن يكون على عِلْم شرعي؛ حتى يكون على بصيرة في عبادته وتعامُله مع أهله، ولا يشترط أن يكون عالمًا، بل يكْفي أن يطلب من العلم ما ييسِّر له الحياة مع زوجتِه على نور، فينشأ الأبناء في جوٍّ إسلامي، عندهم من العِلْم ما يجعلهم من خير الأجيال وأحسَنِها.
هذه بعض مواصفات الزَّوج المسلِم، الذي ينبغي أن تَحرص عليه كل فتاة مسلمة، وعلى كل حال، قد يثقل عليك الأمرُ في البداية، لكن ثِقِي أنَّ الله لا يضيع قلبًا توكَّل عليه، ورجا رحمتَه ولجأ إليه.
فأنصحُك بقطْع العلاقة على الفوْر بهذا الشَّابِّ، وتجنُّب الحديث معه نهائيًّا، وإن حاول مرارًا فتسلَّحي بالصَّبر، وسلي الله العون، ولا تُحادثيه، لا في الهاتف، ولا عبر المسنجر، ولا غيره، وإن هدَّدك بأن يفضح أمرَك، فتذكَّري أنَّ الفضيحة يوم القيامة أشدّ وأقوى، وسلي الله - تعالى - أن يرزُقَك زوجًا صالحًا طيِّبًا تقيًّا، إنَّه سميع مجيب، وفَّقك الله لكل خير وفلاح، ونسعد بالتواصُل معك في كلّ وقت.
السَّلامُ عليكم ورحْمة الله وبركاته،
أنا عندي مشكلة كبيرة، وبصراحة الحيرة التي أنا فيها أهلكتْني.
لا قادرة أنام، ولا أعمل أي شيء إلاَّ التَّفكير في أن أجد حلاًّ مناسبًا.
أنا من مدة طويلة كانت لي علاقة مع شاب، ثم صارتْ بيننا مشاكل فرَّقتْ بيننا.
وغاب الشاب عنّي مدَّة طويلة، بصراحة: أنا كنتُ بعيدة عن الدّين وربّنا هداني إلى الصواب.
صرْتُ أقوم بواجباتي الدّينيَّة والتَزَمْت اللِّباس الشَّرعي، والحمْد لله.
الشاب من فترة رجع.
وطالب أن نرتبِط؛ لأنه هو غير مرتاح، ولازِم نصحَّح الغلَط الذي كان بيننا؛ من أجل أن يوفِّقنا الله في حياتنا.
لكن هو مصمّم يكرّر أسئلة جارحة إليَّ كبنت.
إنَّه غير مصدّق أنني أنا ما كان لي علاقات مع غيره، والذي قهرني أنَّه صار يَحكي أنَّه متأكِّد أنَّه كان لي علاقات قبله، يعْني: ماذا يطْلب منّي؟ أَعْترف عن ماضٍ وحاضر!
ماضٍ هو ما كان موجودًا فيه، وحاضر كان غائبًا عنه وقاطعًا كلَّ أخبارِه.
حيرتي ما أعرِف هل هي خوف من الرجال وكسر الاحترام الموْجود بين البشر؟
لأنَّه بهذا الأسلوب يكون ما يحترمني؛ لأنَّه شك والشَّك غير قابل لتغيير ما في باله.
يريد منّي اعترافًا صريحًا، وهذا شيء حرام، وأنا لا أعرف ماذا أعمل؟
إذا اعترفتُ بما يريده أكيد سوف أخسره، ويبدو حالي إنسانة فاشلة.
وإذا لم أعترف سوف يبعد، وأنا بغيره يصعُب أن أرتبط أبدًا.
أريد حلاًّ، جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
حيَّاك الله أختي الغالية، ومرحبًا بك معنا في موقع (الألوكة).
احْمدي الله - تعالى - أن منَّ عليك وهداك إلى التَّوبة وإلى ارتِداء الحجاب الشرعي، وأبعدك عن تلك العلاقة الآثِمة، فهذا من فضل الله عليْك، والواجب شكر هذه النعمة العظيمة بالمحافظة على الهداية والتِزام سبيل الهدى، والبعد عن كل ما يُغْضِب الله - جلَّ وعلا.
أُخيَّتي الفاضلة، هناك معلومة خاطِئة، لا أدْري كيف ومتى أُشيعتْ بين الناس حتَّى صارتْ معتقدًا ثابتًا، ويقينًا راسخًا لدى الكثير.
مَن قال: إنَّ الزَّواج بمن كنتِ على علاقة به تصحيحٌ للخطأ وتكفير للذَّنب؟
لا علاقة أبدًا بين التَّوبة الصَّادقة من مثل هذه الذّنوب، وبين الزَّواج بمن كنتِ على علاقة معه؛ التَّوبة شروطها معروفة:
1- الإقلاع عن الذَّنب.
2- النَّدم على ما اقترفتِ.
3- العزْم على عدم العوْدة للذَّنب.
أمَّا الزَّواج منه فجائزٌ إن تاب واهتدَى وحسُنت توبته، وإلاَّ فمثل هذا النَّوع لا يصلح لك زوجًا، ولا أنصحك أبدًا بأن تصطفيه أبًا لأبنائك.
قد يكون هذا الكلام على غير ما تُحبِّين، وقد تتوقَّعين أنِّي لا أتكلَّم بهذا الكلام إلاَّ لجهلي بحالك، وعدم إحاطتي بنوعيَّة العلاقة، أو قد تظنِّين أنَّه مجرَّد كلام صدر منّي لأنِّي لم أجرِّب هذا الحبَّ، ولم أتألَّم بألَم الفراق، وأقول لك:
ليْس الأمْر كذلِك أبدًا، صدِّقيني أخيَّتي.
نحنُ كبشر ننظُر دائمًا للأُمور من وجهة نظر سطحيَّة، ونرى الأشْياء من حولنا برؤية بشريَّة قاصرة، لا تعِي إلاَّ ما ترى، ولا تُدْرِك إلاَّ ما يسَّر الله لها أن تُدْرِك، ولكن في كثيرٍ من الأحْيان نرى ونسمع من أُناس يتحدَّثون عن أحداث وقعتْ لهم في الماضي، ويتعجَّبون من أشياء كانوا يظنُّون أنَّ فيها الخير الكثير، وإذا بها الشَّرُّ المستطير، ولوْلا لطْف الله بهم وتدارُكه لهم، لوقعوا فيها.
نعم، يحدث هذا كثيرًا ونراه ونسمعه، والله تعالى يقول في كتابه: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]، ويقول: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].
إحْدى الأخوات ممَّن عُرفْن بالالتزام الديني والتمسُّك به، بل وبالتشدُّد أيضًا، تقول: إنَّه قد تقدَّم لها يومًا أحدُ الشَّباب، وكان حاله أنَّه تارك للصَّلاة يُصاحب الفتيات ويفعل ويفعل، فلمَّا سألت قريبتَه وهي متعجبة: ما دفعه للتقدُّم إليّ وحالي على غير ما يُحبّ؟ وحاله على غير ما أحبّ؟
فكانت الإجابة: أنَّه لا يثق في أيِّ فتاة من كثْرة ما شاهد في علاقاته مع الفتيات!
فالآن تأمَّلي معي:
الشَّابُّ من كثْرة ما رأى من حال الفتيات اللاَّتي تعامل معهنَّ لم يعُد في نفسه ثقةٌ إلاَّ بفتاة لم يكن ليرغب فيها إلاَّ لما رأى من حال صديقاتِه، وهو قريب من حال الشَّابّ معك، يرغب في الزَّواج منك، لكن الشَّكّ لن يتركَه، وأنت قلْتِ بنفسِك الحقّ: إمَّا أن تستُري على نفسك وتستمرّي في الإنكار وسيبتعد عنك حينها.
أو أن تعترفي فيصْبح الشَّكّ يقينًا، ولن يستمرَّ في الإقْدام على الزَّواج منك بعد ذلك، وفي الاعتِراف والإخبار بما كان في الماضي من ذنوب مجاهرةٌ بالمعصية؛ وقد جاء في الحديث: ((كلّ أمَّتي معافًى إلاَّ المجاهرين، وإنَّ من المجاهرة أن يعمل الرَّجُل باللَّيل عملاً ثمَّ يُصْبِح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان، عمِلْت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه))؛ متَّفق عليه.
فلا تعترفي له بشيء ولا تَهتكي ستر الله عليْك بعد أن تبتِ ورجعْتِ إلى الله.
أختي الكريمة، اعْلمي أنَّ ما بُني على باطل فهو باطل، وأحبُّ أن أخبرك أنَّ غالب حالات الزَّواج الَّتي تكون بعد علاقة حبّ يكون مصيرها الفشَل، وهذا ليس رأْيِي الشَّخصي، بل هي دراسات حقيقيَّة، والسَّبب في الغالِب يكون أنَّ كلاًّ من الطَّرفين يتعامَل بصورة يَملؤها الكذِب والذي يصِفونه بالتجمُّل، وهذا قد يكون سهلاً في حالة التَّعامل مع الغرباء، لكن لن يقدر صاحبُه على الاستمرار في هذا التجمُّل بعد الزَّواج ومرافقة صاحبِه في كلّ وقت، فتتجلَّى عيوب كلّ واحد، وتصبح مقارنةً بما كان قبلها بشعةً، ويظلّ الإنسان يتذكَّر صفات صاحبِه في السَّابق ويقارنها بحاله الآن، حتَّى تزيد بشاعتُها ويظهر قبحها فلا يطيقها، ويرغب في الفراق؛ لأنَّه لا يستطيع تحمُّل الصدمة.
نعم، كما يبدو من حديثي: لا أنصحُك بالزَّواج من هذا الشَّابّ.
أنتِ قد هداكِ الله والتزمْتِ بالحجاب وتقرَّبت إلى الله، وتغيَّر حالُك - بفضْل الله - فلِم ترْغبين في الزَّواج بمن ليس لك كفؤًا؟
ولتتَّضح الصورة لك أكثر، قيسي كلَّ مواصفاتِه على مواصفات الزَّوج المسلم، والتي ألخِّصها لك في الآتي:
1- الدين: لابدَّ أن يكون الزَّوج مسلمًا، ملتزمًا بشرائع الدّين، محافظًا على الصَّلاة، معروفا بالصَّلاح بين أهله وأصدقائِه، والرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إذا جاءكُم مَن ترضون دينَه وخُلقه فأنكِحوه، إلاَّ تفعلوا تكُن فتنة في الأرْض وفساد عريض))، صحَّحه الألباني.
2- الخُلق: سأل رجلٌ الحسَن - رحِمه الله - فقال له: مَن أزوِّج ابنتي؟
قال: زوِّجها التَّقيَّ، فإنَّه إن أحبَّها أكرمها، وإن كرِهَها لم يهنها.
ولستِ بحاجةٍ للسؤال عن حاله وخُلقه، فلعلَّك تعلمين من ذلك الشَّيء الكثير.
3- يستحبُّ السّؤال والنَّظر في نسبِه، فأهل الزَّوج تكون لهم صلات وثيقة بالزَّوجة والأبناء، والكثير من المشكلات الزوجيَّة تحدُث بين الزَّوجة وأهل زوجها، وإن كانت العلاقة بزوجها طيّبة، لعلَّها تفسد إن ساءت علاقتها بأهلِه.
4- الحالة المادّيَّة: من الأفضل أن يكون ذا مال؛ حتَّى يستطيع أن ينفِق على أهلِه ولا يلجِئهم للحاجة، وقد قال الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - لفاطمة بنت قيس لمَّا أتت تسأله عن رجال تقدَّموا لها: ((أمَّا معاوية فرجُل ترب لا مال له، وأمَّا أبو جهم فرجل ضرَّاب للنساء، ولكن أسامة بن زيد))، رواه مسلم.
5- يستحبُّ أن يكون على عِلْم شرعي؛ حتى يكون على بصيرة في عبادته وتعامُله مع أهله، ولا يشترط أن يكون عالمًا، بل يكْفي أن يطلب من العلم ما ييسِّر له الحياة مع زوجتِه على نور، فينشأ الأبناء في جوٍّ إسلامي، عندهم من العِلْم ما يجعلهم من خير الأجيال وأحسَنِها.
هذه بعض مواصفات الزَّوج المسلِم، الذي ينبغي أن تَحرص عليه كل فتاة مسلمة، وعلى كل حال، قد يثقل عليك الأمرُ في البداية، لكن ثِقِي أنَّ الله لا يضيع قلبًا توكَّل عليه، ورجا رحمتَه ولجأ إليه.
فأنصحُك بقطْع العلاقة على الفوْر بهذا الشَّابِّ، وتجنُّب الحديث معه نهائيًّا، وإن حاول مرارًا فتسلَّحي بالصَّبر، وسلي الله العون، ولا تُحادثيه، لا في الهاتف، ولا عبر المسنجر، ولا غيره، وإن هدَّدك بأن يفضح أمرَك، فتذكَّري أنَّ الفضيحة يوم القيامة أشدّ وأقوى، وسلي الله - تعالى - أن يرزُقَك زوجًا صالحًا طيِّبًا تقيًّا، إنَّه سميع مجيب، وفَّقك الله لكل خير وفلاح، ونسعد بالتواصُل معك في كلّ وقت.
أ. مروة يوسف عاشور
مجووووووده
مجووووووده