ناصر غذائية مزدوجة مهمة لصحة الجسم
الإرشادات الغذائية، بل وحتى ملصقات التعريف بالعناصر الغذائية في المنتجات، تؤكد أحيانا على هذا العنصر أو ذاك.
وهي تنصحنا بتناول كمية ما من هذا الفيتامين ـ أو الملح المعدني ـ أو ذاك. وبفصلها للعناصر الغذائية عن بعضها بعضا، فإن الإرشادات تغدو سهلة القراءة وتساعدنا في الغالب على درء حدوث الأمراض المرتبطة بنقص العناصر الغذائية، مثل الإسقربوط (الناجم عن نقص فيتامين «سي») أو البلاجرا ـ الحصاف ـ pellagra (نقص الحامض النيكوتيني «نياسين» niacin).
إلا أن التغذية الجيدة ـ والطريقة التي تمتص بها أجسامنا العناصر الغذائية وتعالجها ـ تظل لغزا كبيرا مقارنة بقائمة العناصر الغذائية المنفردة المقدمة في الإرشادات.
فغالبية العناصر الغذائية لا تحلق منفردة لوحدها، فهي تتفاعل، وتتوحد مع قوى أخرى، وتلغي بعضها بعضا، وتسرع لاحتلال موقعها في عمليات التمثيل الغذائي.
وتكمن أفضلية الغذاء مقارنة بالحبوب أو المكملات الغذائية في أن الغذاء يحتوي على خليط من العناصر الغذائية، ولذلك فإننا نستفيد من تفاعل هذه العناصر في كل لقمة نتناولها.
وفي ما يلي قائمة بالعناصر الغذائية التي تعمل معًا بشكل «ثنائي».
وهذه القائمة مختصرة تشتمل على عينة منها فقط ولا تكفي لأن تعتمد كدليل كامل. ومع هذا فقد تساعدنا على اختيار غذائنا.
فيتامين «دي» والكالسيوم
الكالسيوم، مثله مثل غالبية العناصر الغذائية، يُمتص داخل الأمعاء. وإن حدث وكانت كمياته كبيرة فإن هذا العنصر، المقوي لصحة العظام، ينفذ بنفسه عبر البطانة الداخلية لجدران الأمعاء.
إلا أن وجود كميات قليلة منه يمكن امتصاصها بمساعدة فيتامين «دي» وعدد من مشتقاته التي تبدي نشاطا قويا هنا. كما يقوم فيتامين «دي» دوما بالمساعدة في امتصاص الفسفور، وهو عنصر آخر مهم لقوة العظام وصحتها، وكذلك عنصر المغنيسيوم.
وتزداد الدلائل الحديثة على أن فيتامين «دي» ربما يقدم عددا كبيرا من الفوائد، ومنها توفير بعض الوقاية من أمراض القلب وبعض أنواع السرطان.
وقد ينتج بعض هذه الفوائد عن المهمات التي ينفذها الفيتامين في عمليات الامتصاص، إلا أنها قد تكون ناتجة، أكثر مما كان يعتقد في السابق، عن التأثير المباشر لهذا الفيتامين على عمليات الإصابة بالأمراض، وعلى عمل جهاز المناعة.
وحتى الآن فإن الإرشادات الغذائية الرسمية توصي البالغين بتناول 1000(ملجم) من الكالسيوم و400 وحدة دولية من فيتامين «دي» يوميا.
أما البالغون الأكبر سنا، فعليهم تناول كميات أكثر: 1200 ملجم من الكالسيوم بعد تعدي عمر الخمسين سنة، و600 وحدة دولية من فيتامين «دي» بعد تعدي عمر 70 سنة.
ولكي تتعرف على الكمية التي يجب عليك تناولها، فإن قدحا من الحليب سعته 8 أونصات (230 مليلترا تقريبا) يحتوي على 300 ملغم من الكالسيوم، وإضافة إلى ذلك ـ ونتيجة دعم الحليب بالعناصر الإضافية ـ فإنه يحتوي على 100 وحدة دولية من فيتامين «دي».
وتدور مناقشات حاليا حول ما إذا كان من اللازم مراجعة هذه التوصيات بهدف تقليل كميات الكالسيوم المتناولة مقابل زيادة كميات فيتامين «دي» (حتى 1000 وحدة دولية، بل وأكثر).
الصوديوم والبوتاسيوم
يأتي 90 في المائة من الصوديوم الذي نتناوله من كلوريد الصوديوم وهو ملح الطعام. والصوديوم والكلوريد هما عنصران حيويان، لأننا نحتاجهما للحفاظ على مستويات السوائل في الجسم.
إلا أن الأميركي يتناول يوميا في المتوسط كميات كبيرة أكثر مما يحتاجه جسمه. وتؤدي زيادة الصوديوم إلى التأثير على قدرات الأوعية الدموية الطبيعية للاسترخاء والتوسع، فيما تحث الجسم في الوقت نفسه على الاحتفاظ بالماء فيه، وبذلك يزداد حجم الدم.
وتؤدي صعوبة تدفق كميات أكبر من الدم عبر الأوعية الدموية إلى مشكلات في القلب.
ويرتفع ضغط الدم، وتزداد احتمالات حدوث نوبة قلبية أو سكتة دماغية.
إلا أن البوتاسيوم، الذي يحفز الكلى على لفظ الصوديوم إلى خارج الجسم، يعاكس تأثيرات زيادة الصوديوم الضارة على القلب والأوعية الدموية.
وقد أظهر كثير من الدراسات الصلة بين تناول كميات أكبر من البوتاسيوم وبين حالات ضغط الدم الأقل، أي الصحي.
كما تعمقت بعض الدراسات ووجدت أن النسبة بين البوتاسيوم والصوديوم ربما تكون أهم من كمية الصوديوم أو البوتاسيوم لوحدهما، إلا أن تحديد هذه النسبة لا يزال غير مؤكد حتى الآن.
ووفقا للإرشادات الحالية، فإن على البالغين الأميركيين الحصول على 4700 ملجم من البوتاسيوم وما بين 1200 و1500 ملجم من الصوديوم يوميا، أي بنسبة بين أربعة إلى واحد، أو ثلاثة إلى واحد.
ويتناول الأميركي في المتوسط نصف هذه الكمية من البوتاسيوم (2500 ملجم)، وضعف هذه الكمية على الأقل من الصوديوم (2500 ـ 7500 ملجم).
ولذلك علينا أن نتناول كميات أكثر من البوتاسيوم بتناول الفواكه والخضراوات (المصادر الرئيسية للبوتاسيوم) وتقليل تناول الوجبات الخفيفة المالحة، والمأكولات السريعة، والأغذية الجاهزة (وهي المصادر الرئيسية للصوديوم).
فيتامين «بي ـ 12» والفوليت
يشكل فيتامين «بي ـ 12» مع الفوليت folate واحدا من أكثر «الثنائيات» أهمية، إذ إنهما يعملان معا لدعم العمليات الأساسية لتكاثر الخلايا.
كما أنهما يعملان على تمثيل مادة الهومسيستين homocysteine غذائيا.
والفوليت، وهو واحد من مجموعة فيتامينات «بي» الثمانية، يعتمد على فيتامين «بي ـ 12» لكي يتم امتصاصه، وخزنه، وتمثيله غذائيا.
إلا أن كل هذا التشابك يأتي من جهتين منفصلتين من مملكتي الحيوان والنبات، ففيتامين «بي ـ 12» يوجد طبيعيا في اللحوم والبيض والحليب والأغذية الحيوانية الأخرى، بينما تتكون أهم مصادر الفوليت من الخضراوات الورقية، والفاصولياء، والبقول.
وتحتوي رقائق الحبوب التي تسوق لإفطار الصباح على كميات مضافة من الأملاح المعدنية والفيتامينات وهي تحتوي على فيتامين «بي ـ 12».
كما يتم في الولايات المتحدة، ووفقا للقوانين، حبوب الإفطار الصباحي بالفوليت. ونتيجة لهذا فإن من السهل الحصول على الكمية الموصى بها من فيتامين «بي ـ 12» (2.4 ميكروغرام) والفوليت (400 ميكروجرام)، بتناول غذاء متوازن.
والنباتيون الصارمون الذين يمتنعون عن تناول أية منتجات حيوانية، قد يصعب عليهم الحصول على كفايتهم من «بي ـ 12».
إلا أن حالات النقص أو العوَز في فيتامين «بي ـ 12» لا تأتي منها، بل وفي الغالب من النقص في مادة توجد داخل الجهاز الهضمي للإنسان.
وبعض الناس يفتقدون هذه المادة، وهي بروتين تفرزه خلايا المعدة يحتاجه فيتامين «بي ـ 12» لكي يتم امتصاصه في المعى اللفائفي الذي يوجد أسفل الأمعاء الدقيقة.
كما تقل إفرازات المعدة التي تحلل مركبات فيتامين «بي ـ 12» لدى كثير من الناس المتقدمين في العمر، وذلك بسبب إصابتهم بالتهاب المعدة الضموري atrophic gastritis، وهو حالة التهابية تؤثر على بطانة المعدة.
أما النقص في الفوليت فقد يظهر لعدة أسباب، ومنها التغذية السيئة، وتناول الكحول بكثرة (يؤثر الكحول على امتصاص الفوليت)، والنقص في فيتامين «بي ـ 12» لأن الفوليت بحاجة إلى هذا الفيتامين كي يمكن تمثيله غذائيا.
العوز في كل واحد أو في كلا هذين الفيتامينين يؤدي إلى حالة «فقر الدم كبير الخلية» macrocytic anemia التي تظهر فيها خلايا دم حمراء كبيرة.
ويمكن معالجة النقص في فيتامين «بي ـ 12» مباشرة. فبالإمكان الحصول على حقنة منه كل بضعة أشهر، أو تناول حبة منه يوميا. وحتى إن كنت من الأشخاص الذين لديهم عوامل غير مشجعة في المعدة، أو مصابا بالتهاب المعدة الضموري فإن جرعة الحبة العالية (1 ملغم) تكون كافية لكي يستطيع الجسم امتصاص كمية مناسبة من الفيتامين.
ويؤدي العوز في فيتامين «بي ـ 12» إلى مشكلات عصبية تتراوح بين الإحساس الخفيف بالوخز إلى فقدان الذاكرة، إضافة إلى فقر الدم.
أما النقص في الفوليت فيمكن تصحيحه بتناول الفيتامينات المتعددة أو حبوب حامض الفوليك.
وفي الواقع فإن الفوليت الموجود في منتجات الغذاء المعززة به، أو حبوبه، يتم امتصاصه وهضمه أسرع مرتين تقريبا من الفوليت الموجود في الغذاء الطبيعي.
الزنك والنحاس
يرتبط النحاس في أذهاننا بالقروش المعدنية، والأسلاك، والأواني، إلا أنه أيضا عنصر غذائي حيوي. أما الزنك فهو معروف أكثر كعنصر متوفر، وذلك يعود جزئيا إلى أقراص الزنك لتقليل فترة الإصابة بنزلات البرد (على الرغم من أن الدلائل حول ذلك مختلطة).
ويفترض بالبالغين تناول 900 ميكروغرام من النحاس يوميا. أما الزنك فعلى الرجال تناول 11 ملغم منه مقابل 8 ملغم للنساء. وبما أن هذين العنصرين غير نادرين في المنتجات الغذائية الأميركية فإن العوز أو النقص فيهما، غير وارد.
ويتنافس النحاس مع الزنك لاتخاذ مواضع لهما داخل الأمعاء الدقيقة، تسمح بالامتصاص. وإن كانت كميات الزنك كبيرة فإن النحاس يفقد معركته وتظهر حالة النقص في النحاس.
ويوصف لبعض الناس المصابين بمرض التنكس البقعي في العين، الذي قد يؤدي إلى العمى، توليفة من الفيتامينات والمعادن تسمى AREDS التي ظهر أنها تقوم بإبطاء تطور المرض.
وتضم حبوب AREDS هذه 80 ملغم من الزنك، وهي كمية تكفي لكي تؤدي إلى حدوث نقص في النحاس، ولذلك تضاف 2 ملغم من النحاس إلى تلك الحبوب.
المصدر الآخر لزيادة كمية الزنك هو الدهانات (الكريمات) الخاصة بالأسنان الصناعية.
وقد وصف تقرير نشر عام 2008 أربع حالات لاضطرابات عصبية لدى أشخاص كانوا يستخدمون دهانات الأسنان الصناعية.
وقد ظهر النقص في النحاس بسبب استخدامهم لكميات كبيرة من الدهانات. كما شخص باحث في جامعة هارفارد حالة من هذا النوع عام 2009.
«الناياسين» و«التريبتوفان»
«الناياسين» niacin هو واحد من مجموعة فيتامينات «بي» وهو اسم يعود إلى فيتامين «بي ـ 3».
ويعرف اسمه اليوم أكثر ربما بفضل مكافحته للكولسترول، إذ تؤدي جرعات كبيرة منه (500 إلى 1500 ملغم يوميا) إلى خفض الكولسترول الضار LDL وزيادة الكولسترول الحميد HDL.
إلا أن هذه الجرعات الدوائية تزيد كثيرا جدا عن الجرعات اللازمة للتغذية، فالكمية الموصى بها يوميا منه هي 16 ملغم للرجال و14 ملغم للنساء.
أما «التريبتوفان» tryptophan فهو واحد من الأحماض الأمينية التسعة التي يجب على الإنسان تناولها.
والأحماض الأمينية هي الأحجار الأساسية للبروتينات. ولا يستطيع الإنسان عادة إنتاج هذه الأحماض بنفسه.
و«التريبتوفان» مهم لعدة أسباب، أهمها دوره في إمداد الجسم بالناياسين، وذلك عبر عملية تمثيل غذائي معقدة.
ولذلك فإن إحدى وسائل تجنب النقص أو العوز في «الناياسين» هو تناول الطعام الذي يحتوي على الكثير من «التريبتوفان». والدجاج والديك الرومي هما أفضل المصادر من «التريبتوفان».
ويشار عادة إلى البلاجرا pellagra، كمرض كلاسيكي، يرتبط بالنقص في الناياسين، وكان يعتقد في الماضي بأنه ينجم عن نقص في «التريبتوفان».
وكان هذا المرض الذي يؤدي إلى حدوث طفح سيئ، والإسهال، والعته، شائعا في الجنوب الأميركي بداية القرن العشرين.
واعتبر نجاح العلماء في التعرف على المرض بوصفه ناجما عن نقص الناياسين واحدا من النجاحات الكبرى في دراسات انتشار الأمراض الغذائية
الإرشادات الغذائية، بل وحتى ملصقات التعريف بالعناصر الغذائية في المنتجات، تؤكد أحيانا على هذا العنصر أو ذاك.
وهي تنصحنا بتناول كمية ما من هذا الفيتامين ـ أو الملح المعدني ـ أو ذاك. وبفصلها للعناصر الغذائية عن بعضها بعضا، فإن الإرشادات تغدو سهلة القراءة وتساعدنا في الغالب على درء حدوث الأمراض المرتبطة بنقص العناصر الغذائية، مثل الإسقربوط (الناجم عن نقص فيتامين «سي») أو البلاجرا ـ الحصاف ـ pellagra (نقص الحامض النيكوتيني «نياسين» niacin).
إلا أن التغذية الجيدة ـ والطريقة التي تمتص بها أجسامنا العناصر الغذائية وتعالجها ـ تظل لغزا كبيرا مقارنة بقائمة العناصر الغذائية المنفردة المقدمة في الإرشادات.
فغالبية العناصر الغذائية لا تحلق منفردة لوحدها، فهي تتفاعل، وتتوحد مع قوى أخرى، وتلغي بعضها بعضا، وتسرع لاحتلال موقعها في عمليات التمثيل الغذائي.
وتكمن أفضلية الغذاء مقارنة بالحبوب أو المكملات الغذائية في أن الغذاء يحتوي على خليط من العناصر الغذائية، ولذلك فإننا نستفيد من تفاعل هذه العناصر في كل لقمة نتناولها.
وفي ما يلي قائمة بالعناصر الغذائية التي تعمل معًا بشكل «ثنائي».
وهذه القائمة مختصرة تشتمل على عينة منها فقط ولا تكفي لأن تعتمد كدليل كامل. ومع هذا فقد تساعدنا على اختيار غذائنا.
فيتامين «دي» والكالسيوم
الكالسيوم، مثله مثل غالبية العناصر الغذائية، يُمتص داخل الأمعاء. وإن حدث وكانت كمياته كبيرة فإن هذا العنصر، المقوي لصحة العظام، ينفذ بنفسه عبر البطانة الداخلية لجدران الأمعاء.
إلا أن وجود كميات قليلة منه يمكن امتصاصها بمساعدة فيتامين «دي» وعدد من مشتقاته التي تبدي نشاطا قويا هنا. كما يقوم فيتامين «دي» دوما بالمساعدة في امتصاص الفسفور، وهو عنصر آخر مهم لقوة العظام وصحتها، وكذلك عنصر المغنيسيوم.
وتزداد الدلائل الحديثة على أن فيتامين «دي» ربما يقدم عددا كبيرا من الفوائد، ومنها توفير بعض الوقاية من أمراض القلب وبعض أنواع السرطان.
وقد ينتج بعض هذه الفوائد عن المهمات التي ينفذها الفيتامين في عمليات الامتصاص، إلا أنها قد تكون ناتجة، أكثر مما كان يعتقد في السابق، عن التأثير المباشر لهذا الفيتامين على عمليات الإصابة بالأمراض، وعلى عمل جهاز المناعة.
وحتى الآن فإن الإرشادات الغذائية الرسمية توصي البالغين بتناول 1000(ملجم) من الكالسيوم و400 وحدة دولية من فيتامين «دي» يوميا.
أما البالغون الأكبر سنا، فعليهم تناول كميات أكثر: 1200 ملجم من الكالسيوم بعد تعدي عمر الخمسين سنة، و600 وحدة دولية من فيتامين «دي» بعد تعدي عمر 70 سنة.
ولكي تتعرف على الكمية التي يجب عليك تناولها، فإن قدحا من الحليب سعته 8 أونصات (230 مليلترا تقريبا) يحتوي على 300 ملغم من الكالسيوم، وإضافة إلى ذلك ـ ونتيجة دعم الحليب بالعناصر الإضافية ـ فإنه يحتوي على 100 وحدة دولية من فيتامين «دي».
وتدور مناقشات حاليا حول ما إذا كان من اللازم مراجعة هذه التوصيات بهدف تقليل كميات الكالسيوم المتناولة مقابل زيادة كميات فيتامين «دي» (حتى 1000 وحدة دولية، بل وأكثر).
الصوديوم والبوتاسيوم
يأتي 90 في المائة من الصوديوم الذي نتناوله من كلوريد الصوديوم وهو ملح الطعام. والصوديوم والكلوريد هما عنصران حيويان، لأننا نحتاجهما للحفاظ على مستويات السوائل في الجسم.
إلا أن الأميركي يتناول يوميا في المتوسط كميات كبيرة أكثر مما يحتاجه جسمه. وتؤدي زيادة الصوديوم إلى التأثير على قدرات الأوعية الدموية الطبيعية للاسترخاء والتوسع، فيما تحث الجسم في الوقت نفسه على الاحتفاظ بالماء فيه، وبذلك يزداد حجم الدم.
وتؤدي صعوبة تدفق كميات أكبر من الدم عبر الأوعية الدموية إلى مشكلات في القلب.
ويرتفع ضغط الدم، وتزداد احتمالات حدوث نوبة قلبية أو سكتة دماغية.
إلا أن البوتاسيوم، الذي يحفز الكلى على لفظ الصوديوم إلى خارج الجسم، يعاكس تأثيرات زيادة الصوديوم الضارة على القلب والأوعية الدموية.
وقد أظهر كثير من الدراسات الصلة بين تناول كميات أكبر من البوتاسيوم وبين حالات ضغط الدم الأقل، أي الصحي.
كما تعمقت بعض الدراسات ووجدت أن النسبة بين البوتاسيوم والصوديوم ربما تكون أهم من كمية الصوديوم أو البوتاسيوم لوحدهما، إلا أن تحديد هذه النسبة لا يزال غير مؤكد حتى الآن.
ووفقا للإرشادات الحالية، فإن على البالغين الأميركيين الحصول على 4700 ملجم من البوتاسيوم وما بين 1200 و1500 ملجم من الصوديوم يوميا، أي بنسبة بين أربعة إلى واحد، أو ثلاثة إلى واحد.
ويتناول الأميركي في المتوسط نصف هذه الكمية من البوتاسيوم (2500 ملجم)، وضعف هذه الكمية على الأقل من الصوديوم (2500 ـ 7500 ملجم).
ولذلك علينا أن نتناول كميات أكثر من البوتاسيوم بتناول الفواكه والخضراوات (المصادر الرئيسية للبوتاسيوم) وتقليل تناول الوجبات الخفيفة المالحة، والمأكولات السريعة، والأغذية الجاهزة (وهي المصادر الرئيسية للصوديوم).
فيتامين «بي ـ 12» والفوليت
يشكل فيتامين «بي ـ 12» مع الفوليت folate واحدا من أكثر «الثنائيات» أهمية، إذ إنهما يعملان معا لدعم العمليات الأساسية لتكاثر الخلايا.
كما أنهما يعملان على تمثيل مادة الهومسيستين homocysteine غذائيا.
والفوليت، وهو واحد من مجموعة فيتامينات «بي» الثمانية، يعتمد على فيتامين «بي ـ 12» لكي يتم امتصاصه، وخزنه، وتمثيله غذائيا.
إلا أن كل هذا التشابك يأتي من جهتين منفصلتين من مملكتي الحيوان والنبات، ففيتامين «بي ـ 12» يوجد طبيعيا في اللحوم والبيض والحليب والأغذية الحيوانية الأخرى، بينما تتكون أهم مصادر الفوليت من الخضراوات الورقية، والفاصولياء، والبقول.
وتحتوي رقائق الحبوب التي تسوق لإفطار الصباح على كميات مضافة من الأملاح المعدنية والفيتامينات وهي تحتوي على فيتامين «بي ـ 12».
كما يتم في الولايات المتحدة، ووفقا للقوانين، حبوب الإفطار الصباحي بالفوليت. ونتيجة لهذا فإن من السهل الحصول على الكمية الموصى بها من فيتامين «بي ـ 12» (2.4 ميكروغرام) والفوليت (400 ميكروجرام)، بتناول غذاء متوازن.
والنباتيون الصارمون الذين يمتنعون عن تناول أية منتجات حيوانية، قد يصعب عليهم الحصول على كفايتهم من «بي ـ 12».
إلا أن حالات النقص أو العوَز في فيتامين «بي ـ 12» لا تأتي منها، بل وفي الغالب من النقص في مادة توجد داخل الجهاز الهضمي للإنسان.
وبعض الناس يفتقدون هذه المادة، وهي بروتين تفرزه خلايا المعدة يحتاجه فيتامين «بي ـ 12» لكي يتم امتصاصه في المعى اللفائفي الذي يوجد أسفل الأمعاء الدقيقة.
كما تقل إفرازات المعدة التي تحلل مركبات فيتامين «بي ـ 12» لدى كثير من الناس المتقدمين في العمر، وذلك بسبب إصابتهم بالتهاب المعدة الضموري atrophic gastritis، وهو حالة التهابية تؤثر على بطانة المعدة.
أما النقص في الفوليت فقد يظهر لعدة أسباب، ومنها التغذية السيئة، وتناول الكحول بكثرة (يؤثر الكحول على امتصاص الفوليت)، والنقص في فيتامين «بي ـ 12» لأن الفوليت بحاجة إلى هذا الفيتامين كي يمكن تمثيله غذائيا.
العوز في كل واحد أو في كلا هذين الفيتامينين يؤدي إلى حالة «فقر الدم كبير الخلية» macrocytic anemia التي تظهر فيها خلايا دم حمراء كبيرة.
ويمكن معالجة النقص في فيتامين «بي ـ 12» مباشرة. فبالإمكان الحصول على حقنة منه كل بضعة أشهر، أو تناول حبة منه يوميا. وحتى إن كنت من الأشخاص الذين لديهم عوامل غير مشجعة في المعدة، أو مصابا بالتهاب المعدة الضموري فإن جرعة الحبة العالية (1 ملغم) تكون كافية لكي يستطيع الجسم امتصاص كمية مناسبة من الفيتامين.
ويؤدي العوز في فيتامين «بي ـ 12» إلى مشكلات عصبية تتراوح بين الإحساس الخفيف بالوخز إلى فقدان الذاكرة، إضافة إلى فقر الدم.
أما النقص في الفوليت فيمكن تصحيحه بتناول الفيتامينات المتعددة أو حبوب حامض الفوليك.
وفي الواقع فإن الفوليت الموجود في منتجات الغذاء المعززة به، أو حبوبه، يتم امتصاصه وهضمه أسرع مرتين تقريبا من الفوليت الموجود في الغذاء الطبيعي.
الزنك والنحاس
يرتبط النحاس في أذهاننا بالقروش المعدنية، والأسلاك، والأواني، إلا أنه أيضا عنصر غذائي حيوي. أما الزنك فهو معروف أكثر كعنصر متوفر، وذلك يعود جزئيا إلى أقراص الزنك لتقليل فترة الإصابة بنزلات البرد (على الرغم من أن الدلائل حول ذلك مختلطة).
ويفترض بالبالغين تناول 900 ميكروغرام من النحاس يوميا. أما الزنك فعلى الرجال تناول 11 ملغم منه مقابل 8 ملغم للنساء. وبما أن هذين العنصرين غير نادرين في المنتجات الغذائية الأميركية فإن العوز أو النقص فيهما، غير وارد.
ويتنافس النحاس مع الزنك لاتخاذ مواضع لهما داخل الأمعاء الدقيقة، تسمح بالامتصاص. وإن كانت كميات الزنك كبيرة فإن النحاس يفقد معركته وتظهر حالة النقص في النحاس.
ويوصف لبعض الناس المصابين بمرض التنكس البقعي في العين، الذي قد يؤدي إلى العمى، توليفة من الفيتامينات والمعادن تسمى AREDS التي ظهر أنها تقوم بإبطاء تطور المرض.
وتضم حبوب AREDS هذه 80 ملغم من الزنك، وهي كمية تكفي لكي تؤدي إلى حدوث نقص في النحاس، ولذلك تضاف 2 ملغم من النحاس إلى تلك الحبوب.
المصدر الآخر لزيادة كمية الزنك هو الدهانات (الكريمات) الخاصة بالأسنان الصناعية.
وقد وصف تقرير نشر عام 2008 أربع حالات لاضطرابات عصبية لدى أشخاص كانوا يستخدمون دهانات الأسنان الصناعية.
وقد ظهر النقص في النحاس بسبب استخدامهم لكميات كبيرة من الدهانات. كما شخص باحث في جامعة هارفارد حالة من هذا النوع عام 2009.
«الناياسين» و«التريبتوفان»
«الناياسين» niacin هو واحد من مجموعة فيتامينات «بي» وهو اسم يعود إلى فيتامين «بي ـ 3».
ويعرف اسمه اليوم أكثر ربما بفضل مكافحته للكولسترول، إذ تؤدي جرعات كبيرة منه (500 إلى 1500 ملغم يوميا) إلى خفض الكولسترول الضار LDL وزيادة الكولسترول الحميد HDL.
إلا أن هذه الجرعات الدوائية تزيد كثيرا جدا عن الجرعات اللازمة للتغذية، فالكمية الموصى بها يوميا منه هي 16 ملغم للرجال و14 ملغم للنساء.
أما «التريبتوفان» tryptophan فهو واحد من الأحماض الأمينية التسعة التي يجب على الإنسان تناولها.
والأحماض الأمينية هي الأحجار الأساسية للبروتينات. ولا يستطيع الإنسان عادة إنتاج هذه الأحماض بنفسه.
و«التريبتوفان» مهم لعدة أسباب، أهمها دوره في إمداد الجسم بالناياسين، وذلك عبر عملية تمثيل غذائي معقدة.
ولذلك فإن إحدى وسائل تجنب النقص أو العوز في «الناياسين» هو تناول الطعام الذي يحتوي على الكثير من «التريبتوفان». والدجاج والديك الرومي هما أفضل المصادر من «التريبتوفان».
ويشار عادة إلى البلاجرا pellagra، كمرض كلاسيكي، يرتبط بالنقص في الناياسين، وكان يعتقد في الماضي بأنه ينجم عن نقص في «التريبتوفان».
وكان هذا المرض الذي يؤدي إلى حدوث طفح سيئ، والإسهال، والعته، شائعا في الجنوب الأميركي بداية القرن العشرين.
واعتبر نجاح العلماء في التعرف على المرض بوصفه ناجما عن نقص الناياسين واحدا من النجاحات الكبرى في دراسات انتشار الأمراض الغذائية
مجووووووده