لقاؤنا اليوم مع درة جديدة من درر رياض الصالحين
مع حديثين جليلين من باب التوبة
بطاقات الحديث الأول
الحديث كما ورد في كتاب رياض الصالحين
13- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:
(( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم
أكثر من سبعين مرة))
( رواه البخاري).
رياض الصالحين / بشرح الشيخ العثيمين / 2- باب التوبة / حديث رقم : 13
*الحديث كما ورد في البخاري
قال البخاري في صحيحه
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، قال : أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ،عَنْ الزُّهْرِيِّ ،
قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ ،
قَالَ:قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
" وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ
مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً "
صحيح البخاري / 80- كتاب الدعوات / 3- باب استغفار
النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة /
حديث رقم : 6307 / ص: 741
بطاقات الحديث الثاني
الحديث كما ورد في كتاب رياض الصالحين
14- وعن الأعز بن يسار المزني رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
(( يا أيها الناس، توبوا إلي الله واستغفروه ،
فإني أتوب في اليوم مائة مرة))
( رواه مسلم).
رياض الصالحين / بشرح الشيخ العثيمين /
2- باب التوبة / حديث رقم : 14
*الحديث كما ورد في صحيح مسلم
قال الإمام مسلم في صحيحه
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ،قال:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ،عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِيبُرْدَةَ ،
قَالَ: سَمِعْتُ الْأَغَرَّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يُحَدِّثُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ، فَإِنِّي
أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ "
صحيح مسلم /48- كتاب: الذكر والدعاء والتوبة
والاستغفار / 12- باب: استحباب الاستغفار
والاستكثار منه /
حديث رقم :42-(2702) / ص : 685
شرح الحديثين
قال الشيخ محمد صالح العثيمين
تقدم الكلام علي ما ذكره المؤلف- رحمه الله-
من وجوب التوبة
وشروطها ، وما ساقه من الآيات الدالة على وجوبها.
وهذان الحديثان ذكرهما المؤلف- رحمه الله-
ليستدل على ذلك بالسنة.
لأنه كلما تضافرت الأدلة على الشيء قوي،
وصار أوكد، وصار أوجب، فذكر
حديث أبي هريرة رضي الله عنه
أن النبي عليه الصلاة والسلام
أقسم بأنه يستغفر الله ويتوب إليه أكثر من سبعين مرة.
وهذا هو الرسول عليه الصلاة والسلام- الذي غفر الله له
ما تقدم من ذنبه وما تأخر -يستغفر الله في اليوم
أكثر من سبعين مرة.
وفي حديث الأغر بن يسار المزني أنه صلي الله عليه وسلم قال:
(( يا أيها الناس توبوا إلي الله واستغفروه فإني أتوب
إلي الله في اليوم مائة مرة)).
ففي هذين الحديثين دليل على وجوب التوبة، لأن النبي
عليه الصلاة والسلام أمر بها فقال:
(( يا أيها الناس توبوا إلي الله))
فإذا تاب الإنسان إلي ربه حصل بذلك
فائدتين
الفائدة الأولي
امتثال أمر الله ورسوله؛ وفي امتثال أمر الله ورسوله كل الخير.
فعلى امتثال أمر الله ورسوله تدور السعادة في الدنيا والآخرة.
والفائدة الثانية:
الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم .
حيث كان صلي الله عليه وسلم يتوب إلي الله في اليوم
مائة مرة؛ يعني: يقول: أتوب إلي الله، أتوب إلي الله …
والتوبة لابد فيها من صدق، بحيث إذا
تاب الإنسان إلي الله
أقلع عن الذنب.
أما الإنسان الذي يتوب بلسانه وقلبه
منطو على فعل المعصية، أو على ترك الواجب.
أو يتوب إلي الله بلسانه، وجوارحه مصرة على فعل
المعصية ؛ فإن توبته لا تنفعه ، بل إنها أشبه ما تكون
بالاستهزاء بالله عز وجل!
كيف تقول أتوب إلي الله من معصية وأنت مصر عليها،
أو تقول أتوب إلي الله من معصية وأنت عازم علي فعلها؟
الإنسان لو عامل بشرًا مثله بهذه المعاملة لقال
هذا يسخر بي، ويستهزئ بي!! كيف يتنصل من أمر عندي
وهو متلبس به؟ ما هذا إلا هزو ولعب، فكيف برب العالمين؟
إن من الناس من يقول إنه تائب من الربا، ولكنه-
والعياذ بالله مصرعليه!!
يمارس الربا صريحًا، ويمارس الربا مخادعة ،
وقد مر بنا كثيراً أن الذي يمارس الربا مخادعة أعظم إثمـًا
وجرمـًا من الذي يمارس الربا بالصراحة.
لأن الذي يمارس
الربا بالمخادعة جنى علة نفسه مرتين:
أولاً: الوقوع في الربا.
وثانياً: مخادعة الله- عز وجل –
وكان الله- سبحانه وتعالي- لا يعلم. وهذا يوجد
كثيرًا فيالناس اليوم الذين يتعاملون في الربا
صريحاً، أمرهم واضح،
لكن من الناس من يتعامل في الربا خيانة ومخادعة؛
تجد عنده أموالاً لها سنوات عديدة في الدكان،
فيأتي الغني بشخص
فقير يوقده للمذبحة والعياذ بالله !! فيأتي إلي صاحب
الدكان الذي عنده هذه البضاعة ، ويبيعها على الفقير
بالدين بيعاً صورياً. وكل يعلم أنه ليس بيعاً حقيقياً؛
لأن هذا المشتري - المدين- لا يقلب المال، ولا ينظر إليه،
ولا يهمه ، بل لو كان أكياساً من الرمل ويبعث عليه على
أنها رز أو سكر أخذها؛ لأنه لا يهمه؛ الذي يهمه أن يقضي
حاجة فيبيعها عليه - مثلاً- بعشرة آلاف لمدة سنة ،
وينصرف بدون أن ينقلها من مكانها، ثم يبيعها هذا المدين
على صاحب الدكان بتسعة آلاف- مثلاً- فيؤكل هذا الفقير
من وجهين:
فيؤكل هذا الفقير
من وجهين:
من وجهين:
من جهة هذا الذي دينه،
ومن جهة صاحب الدكان، ويقولون:
إن هذا صحيح .بل يسمونه التصحيح ،
يقول قائلهم:
تعال أصحح عليك، أو أصحح لك كذا وكذا .سبحان الله،
هل هذا تصحيح؟ هذا تلطيخ بالذنوب والعياذ بالله!!
ولهذا يجب علينا - إذا كنا صادقين مع الله –
سبحانه وتعالي- في التوبة-
أن نقلع عن الذنوب
والمعاصي إقلاعاً حقيقياً، ونكرها، ونندم علي فعلها؛
حتى تكون التوبة توبة نصوحاً.
وفي هذين الحديثين :
* دليل على أن نبينا محمداً صلي الله عليه
وسلم أشد الناس عبادة لله،
وهو كذلك، فإنه أخشانا لله، وأتقانا لله،
وأعلمنا بالله صلوات الله
وسلامه عليه.
*وفيه دليل على أنه عليه الصلاة والسلام
معلم الخير بمقاله وفعاله.
فكان يستغفر الله، ويأمر الناس بالاستغفار؛
حتى يتأسوا به
امتثالاً للأمر واتباعًا للفعل.
وهذا من كمال نصحه صلوات الله وسلامه عليه لأمته.
فينبغي لنا نحن أيضاً أن نتأسى به،
إذا أمرنا الناس بأمر أن نكون
أول من يمتثل هذا الأمر، وإذا نهيناهم عن شيء أن
نكون أول من ينتهي عنه،
لأن هذا هو حقيقة الداعي إلي الله،
بل هذا حقيقة الدعوة إلى الله عز وجل؛
أن تفعل ما تؤمر به، وتترك ما تنهي عنه.
كما كان الرسول صلي الله عليه وسلم يأمرنا التوبة
وهو - عليه الصلاة والسلام- يتوب أكثر منا .
نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم،
وأن يهدينا وإياكم صراطاً مستقيماً.
والله الموفق.
م
مجووووووده