يا علماء المسلمين، اتقوا الله في فتاواكم، ولا تخشوا في الله لومة لائم!
الرد على فتوى "بجواز نقل أعضاء الموتى إلى الأحياء"
الحمد لله رب العالمين، الذي ارتضى لنا الإسلام دينًا، مصداقًا لقوله - تعالى -: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وصلاةً وسلامًا دائمين عظيمين لمعلِّم البشرية الأعظم، محمد بن عبدالله، رسول رب العالمين - صلى الله عليه وسلم - الذي بُعث بدين الحق؛ ليُخرِج الناسَ به من الظلمات إلى النور بإذن ربهم، ورضي الله عن أصحابه وأزواجه أمهات المؤمنين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.
ثم أما بعد:
فلقد فاجأتْنا وسائلُ الإعلام المختلفة - المرئي منها والمقروء - بفتوى مجمع البحوث الإسلامية التي تبنَّاها شيخ الأزهر د. طنطاوي، والدكتور القرضاوي، والدكتور إبراهيم بدران، ثلاثتهم أجمعوا على جواز نقل أعضاء من الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام، وكان أشدهم حماسًا د. طنطاوي.
وانضم إليهم د. حمدي السيد نقيب الأطباء المصريين، وقال: إن مصر هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تعطَّل فيها تشريعٌ يسمح بنقل أعضاء الأموات إلى الأحياء حتى الآن!
وكأن الدنيا لم تنجبْ غيرَه في الفهم والمعرفة، ونَسِيَ أو تناسى أن هناك ضوابطَ شرعيةً تحكم هذا الموضوعَ إباحةً ومنعًا، كغيره من الأمور الشرعية الأخرى.
وقال الدكتور القرضاوي: ليس هناك في الشرع نصٌّ شرعي عن الموت - ونسي هؤلاء أو تناسَوْا أن "الحشيش" لم يَرِدْ ذِكرُه من بين المسكرات المحرَّمات؛ لكن العالم الرباني شيخ الإسلام ابن تيميه أفتى بسحب حكمه على الخمر، وقال: إن الحشيش"الخشخاش" لم يكن موجودًا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم - وإنما وجد "الحشيش" مع هجمة "التتر" أو التتار أو المغول، وأعمل هؤلاء الفقهاء عقولَهم الخالصة لله تعالى؛ وبالتالي فالحكم هنا للفقيه - والكلام للشيخ القرضاوي - والمفتي يكون بالخبرات المتغيرة من عصر إلى عصر، أو بينة لبينة.
ويقصد - والله أعلم - نصًّا يحرِّم المساس بالميت، ونسي هو الآخر أن هناك نصوصًا شرعية تتحدث عن الأموات وحرمة المساس بهم؛ لأنهم جميعًا ملك لله - جل وعلا - مصداقًا لقوله - تعالى -: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [النور: 42].
واسمعوا يا علماء المسلمين:
يا من أنتم أمناء على هذا الدين - لحديث النبي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - الصحيح، كما في "صحيح الجامع" و"أحكام الجنائز" و"الإرواء":
((كسر عظم الميت ككسره حيًّا))؛ "أحكام الجنائز"/233، و"الإرواء"/763، "صحيح الجامع"/826/2، ح: 4478، من حديث عائشة - رضي الله عنها وأرضاها - والذي جاء في رواية أخرى بلفظ:
((إن كسر عظم المسلم ميتًا ككسره حيًّا))؛ "صحيح الجامع"، 1/429، ح: 2143.
فماذا تقول يا فضيلة شيخ الأزهر في فتواك التي تقول بجواز نقل أعضاء المحكوم عليهم بالإعدام - وهم مسلمون قد تم فيهم حكم الله، وأتصور أنه طهَّرهم من كبيرتهم التي استحقتْ هذا القتل - بدون إذنٍ منهم، أو من أحد غيرهم؟!
وأذكِّرك بالذات يا مولانا بحديث الزانية من جهينة، التي صلى عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبر عنها الصحابةَ أنها تابتْ توبةً تَسَعُ سبعين من أهل المدينة - وأن إقامة الحد على مرتكب الذنب تطهِّره من هذا الذنب، ويصبح بعد ذلك لا شيء عليه، فهو في هذه الحالة كأي مسلم عادي، ولا يصح أخذُ شيء من جسده بعد موته لهذا السبب أو لغيره؛ لمخالفة ذلك للشريعة ((كلُّ المسلم على المسلم حرام...)) الحديث، كما سنرى بعد قليل - إن شاء الله تعالى.
ناهيك عن تكريم الله - جل وعلا - للإنسان الذي خلقه بيديه؛ قال - تعالى -: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70].
وعليه؛ فلا يجوز شرعًا مسُّ أيِّ عضوٍ من أعضاء ذلك الإنسان حيًّا أو ميتًا؛ للحديث السابق عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كسر عظم الميت ككسره حيًّا)) - والميت هنا مسلم؛ كما في حديث عائشة - رضي الله عنها - السالف الذِّكر؛ أي: في العقوبة لمن يفعل ذلك يا مشايخنا الكرام.
حتى الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء يفتي هو الآخر بأن مصر هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تأخَّر فيها إصدار مثل هذا القانون – أي: جواز نقل أعضاء إنسان إلى إنسان آخر - وللأسف فإن غياب العلم عند علمائنا، يفتح البابَ على مصراعيه لكل من هبَّ ودب، ومثله في عدم الفهم والعلم د. إبراهيم بدران.
ورحم الله شيوخ الأزهر قديمًا: الشيخ شلتوت، والشيخ عبدالمجيد سليم، والشيخ جاد الحق، وغيرهم كثير؛ فقد كانت فتاواهم تنمُّ عن علم ودراسة وخوفٍ من الله؛ لكن في زماننا هذا تَصْدُر الفتوى السياسية لإرضاء الحكام؛ حتى يرضوا عن مشايخنا الكرام، ونسُوا أو تناسَوْا يومًا سيُسألون فيه عن عِلمهم أمام الواحد الأحد، يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها!
ولنُصْغِ السمع جيدًا لمعلم البشرية الأعظم محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - القائل في الحديث الصحيح: ((كل المسلم على المسلم حرام: ماله، وعرضه، ودمه))؛ "صحيح الجامع"/830 /2، ح: 4509.
فكيف يحرِّم النبي - صلى الله عليه وسلم - كلَّ المسلم من انتهاك لجزء من أجزائه، وتُفتون أنتم بجواز نقل أعضائه؛ لإنقاذ حياة مريض؟! ألم تسألوا أنفسكم: من الذي أمرضه؟! هو الله الذي قدَّره له؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث الصحيح الذي سنورده بعد قليل.
ألم تعلموا أن كل شيء بقدر الله: المرض والصحة، والغنى والفقر، واسمعوا يا علماءنا الكرام لحديث النبي الهادي - صلى الله عليه وسلم - الصحيح: ((كل شيء بقدر، حتى العجزُ والكيسُ))؛ أي: الصحة والمرض؛ "صحيح الجامع"/2 /833، ح: 4531.
ولو أن الأطباء نقلوا إليه كل ما يحتاج وفي قدر الله الموت، لن ينفع معه شيء، وكأنكم تعترضون على قدر الله بمرض شخصٍ ما!
فاتقوا الله يا علماء المسلمين في دين الله، ولا تبيعوا آخرتكم بدنيا فانية، ستنتهي ولا يبقى للعبد غيرُ عمله الصالح، وعلمه الصالح الذي يريد به وجه الله، وارجعوا إلى سنة نبيكم الهادي - صلى الله عليه وسلم - لتتعلموا، واتقوا الله ويعلمكم الله.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلِّ اللهم على عبدك ورسولك محمد - صلى الله عليه وسلم - وآله وصحبه وسلم.
الرد على فتوى "بجواز نقل أعضاء الموتى إلى الأحياء"
الحمد لله رب العالمين، الذي ارتضى لنا الإسلام دينًا، مصداقًا لقوله - تعالى -: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وصلاةً وسلامًا دائمين عظيمين لمعلِّم البشرية الأعظم، محمد بن عبدالله، رسول رب العالمين - صلى الله عليه وسلم - الذي بُعث بدين الحق؛ ليُخرِج الناسَ به من الظلمات إلى النور بإذن ربهم، ورضي الله عن أصحابه وأزواجه أمهات المؤمنين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.
ثم أما بعد:
فلقد فاجأتْنا وسائلُ الإعلام المختلفة - المرئي منها والمقروء - بفتوى مجمع البحوث الإسلامية التي تبنَّاها شيخ الأزهر د. طنطاوي، والدكتور القرضاوي، والدكتور إبراهيم بدران، ثلاثتهم أجمعوا على جواز نقل أعضاء من الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام، وكان أشدهم حماسًا د. طنطاوي.
وانضم إليهم د. حمدي السيد نقيب الأطباء المصريين، وقال: إن مصر هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تعطَّل فيها تشريعٌ يسمح بنقل أعضاء الأموات إلى الأحياء حتى الآن!
وكأن الدنيا لم تنجبْ غيرَه في الفهم والمعرفة، ونَسِيَ أو تناسى أن هناك ضوابطَ شرعيةً تحكم هذا الموضوعَ إباحةً ومنعًا، كغيره من الأمور الشرعية الأخرى.
وقال الدكتور القرضاوي: ليس هناك في الشرع نصٌّ شرعي عن الموت - ونسي هؤلاء أو تناسَوْا أن "الحشيش" لم يَرِدْ ذِكرُه من بين المسكرات المحرَّمات؛ لكن العالم الرباني شيخ الإسلام ابن تيميه أفتى بسحب حكمه على الخمر، وقال: إن الحشيش"الخشخاش" لم يكن موجودًا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم - وإنما وجد "الحشيش" مع هجمة "التتر" أو التتار أو المغول، وأعمل هؤلاء الفقهاء عقولَهم الخالصة لله تعالى؛ وبالتالي فالحكم هنا للفقيه - والكلام للشيخ القرضاوي - والمفتي يكون بالخبرات المتغيرة من عصر إلى عصر، أو بينة لبينة.
ويقصد - والله أعلم - نصًّا يحرِّم المساس بالميت، ونسي هو الآخر أن هناك نصوصًا شرعية تتحدث عن الأموات وحرمة المساس بهم؛ لأنهم جميعًا ملك لله - جل وعلا - مصداقًا لقوله - تعالى -: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [النور: 42].
واسمعوا يا علماء المسلمين:
يا من أنتم أمناء على هذا الدين - لحديث النبي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - الصحيح، كما في "صحيح الجامع" و"أحكام الجنائز" و"الإرواء":
((كسر عظم الميت ككسره حيًّا))؛ "أحكام الجنائز"/233، و"الإرواء"/763، "صحيح الجامع"/826/2، ح: 4478، من حديث عائشة - رضي الله عنها وأرضاها - والذي جاء في رواية أخرى بلفظ:
((إن كسر عظم المسلم ميتًا ككسره حيًّا))؛ "صحيح الجامع"، 1/429، ح: 2143.
فماذا تقول يا فضيلة شيخ الأزهر في فتواك التي تقول بجواز نقل أعضاء المحكوم عليهم بالإعدام - وهم مسلمون قد تم فيهم حكم الله، وأتصور أنه طهَّرهم من كبيرتهم التي استحقتْ هذا القتل - بدون إذنٍ منهم، أو من أحد غيرهم؟!
وأذكِّرك بالذات يا مولانا بحديث الزانية من جهينة، التي صلى عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبر عنها الصحابةَ أنها تابتْ توبةً تَسَعُ سبعين من أهل المدينة - وأن إقامة الحد على مرتكب الذنب تطهِّره من هذا الذنب، ويصبح بعد ذلك لا شيء عليه، فهو في هذه الحالة كأي مسلم عادي، ولا يصح أخذُ شيء من جسده بعد موته لهذا السبب أو لغيره؛ لمخالفة ذلك للشريعة ((كلُّ المسلم على المسلم حرام...)) الحديث، كما سنرى بعد قليل - إن شاء الله تعالى.
ناهيك عن تكريم الله - جل وعلا - للإنسان الذي خلقه بيديه؛ قال - تعالى -: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70].
وعليه؛ فلا يجوز شرعًا مسُّ أيِّ عضوٍ من أعضاء ذلك الإنسان حيًّا أو ميتًا؛ للحديث السابق عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كسر عظم الميت ككسره حيًّا)) - والميت هنا مسلم؛ كما في حديث عائشة - رضي الله عنها - السالف الذِّكر؛ أي: في العقوبة لمن يفعل ذلك يا مشايخنا الكرام.
حتى الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء يفتي هو الآخر بأن مصر هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تأخَّر فيها إصدار مثل هذا القانون – أي: جواز نقل أعضاء إنسان إلى إنسان آخر - وللأسف فإن غياب العلم عند علمائنا، يفتح البابَ على مصراعيه لكل من هبَّ ودب، ومثله في عدم الفهم والعلم د. إبراهيم بدران.
ورحم الله شيوخ الأزهر قديمًا: الشيخ شلتوت، والشيخ عبدالمجيد سليم، والشيخ جاد الحق، وغيرهم كثير؛ فقد كانت فتاواهم تنمُّ عن علم ودراسة وخوفٍ من الله؛ لكن في زماننا هذا تَصْدُر الفتوى السياسية لإرضاء الحكام؛ حتى يرضوا عن مشايخنا الكرام، ونسُوا أو تناسَوْا يومًا سيُسألون فيه عن عِلمهم أمام الواحد الأحد، يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها!
ولنُصْغِ السمع جيدًا لمعلم البشرية الأعظم محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - القائل في الحديث الصحيح: ((كل المسلم على المسلم حرام: ماله، وعرضه، ودمه))؛ "صحيح الجامع"/830 /2، ح: 4509.
فكيف يحرِّم النبي - صلى الله عليه وسلم - كلَّ المسلم من انتهاك لجزء من أجزائه، وتُفتون أنتم بجواز نقل أعضائه؛ لإنقاذ حياة مريض؟! ألم تسألوا أنفسكم: من الذي أمرضه؟! هو الله الذي قدَّره له؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث الصحيح الذي سنورده بعد قليل.
ألم تعلموا أن كل شيء بقدر الله: المرض والصحة، والغنى والفقر، واسمعوا يا علماءنا الكرام لحديث النبي الهادي - صلى الله عليه وسلم - الصحيح: ((كل شيء بقدر، حتى العجزُ والكيسُ))؛ أي: الصحة والمرض؛ "صحيح الجامع"/2 /833، ح: 4531.
ولو أن الأطباء نقلوا إليه كل ما يحتاج وفي قدر الله الموت، لن ينفع معه شيء، وكأنكم تعترضون على قدر الله بمرض شخصٍ ما!
فاتقوا الله يا علماء المسلمين في دين الله، ولا تبيعوا آخرتكم بدنيا فانية، ستنتهي ولا يبقى للعبد غيرُ عمله الصالح، وعلمه الصالح الذي يريد به وجه الله، وارجعوا إلى سنة نبيكم الهادي - صلى الله عليه وسلم - لتتعلموا، واتقوا الله ويعلمكم الله.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلِّ اللهم على عبدك ورسولك محمد - صلى الله عليه وسلم - وآله وصحبه وسلم.
راشد بن عبدالمعطي بن محفوظ
مجووووووده
مجووووووده