في أحد البرامج التلفزيونية كنت أتناول الحديث عن الأحلام وأهميتها لكل واحد منا ، ووجدت أن هناك ثمة اختلاف بين المشاهدين في نقطة تحديد الحلم أو الرؤية المستقبلية ، وهل الأفضل أن يكون حلم المرء بسيط وقريب من واقعه ، أم يكون كبيرا براقاً ، وأجاب مؤيدي الرأي الأول بأن الحلم البسيط يكون واقعياً أكثر ، مما يحفزنا على تحقيقه ، بخلاف الحلم الكبير والذي يكون أقرب إلى الخيال مما يعطينا انطباعا باستحالة تحقيقه . بينما قال مؤيدي الرأي الثاني أن الأحلام البسيطة ليس لها سحر وجاذبية ، وأن الهدف الكبير يثير الحماسة ويجعلنا في حالة تحفيز دائم . وعندما جاء دوري للتعليق قلت : يجب أن يكون حلمنا كبيرا ، لكننا يجب أن نتعلم كيف نجزءه ونحوله إلى أهداف صغيرة .. ومرحلية . نعم الأهداف الكبيرة تحفزنا وتشحذ من همتنا وتزيد من فاعليتنا ، لكن الكثير منا يخشى من وضع خطة طموحة كي لا تكون خيالية صعبة أو مستحيلة التطبيق . هنا يأتي دور تجزءة الأحلام ، وتقطيعها جزءا جزءا، وهذا المفهوم ليس من بنات أفكاري بل هو قاعدة إدارية عتيدة . فأساتذة التخطيط يقولون ( فكر عالميا ، وتصرف محليا ) ، أي يجب أن تفكر بشكل شامل واسع ، تستطيع من خلاله تقييم قدراتك ، وتحديد موقعك على خارطة أحلامك بدقة . لكن حينما تبدأ العمل ، يجب أن تصرف اهتمامك إلى تلك الأشياء الصغيرة التي تستطيع إنجازها والتي تُحسب في خانة إنجازاتك ، إن الهدف الجزئي يكون ممكننا نظرا لسهولة القيام به ، لكن الهدف الكبير يكون خياليا نظرا لشكنا في إمكانية القيام به ، وكثيرا ما تصبح الأحلام الكبيرة مجرد أمنيات في عقل أصحابها لأنهم لم يجزئوها ، وينجزوها مرحلة تتبعها أخرى . وما أروع مقالة الشاعر العربي ( علي الكاتب) حين أجمل ما فصلناه في بيت شعر قال فيه : لا يؤيسنكَ من مجدٍ تباعُدُهُ فإِن للمجـــــدِ تدريجًا وتـــرتيبًا فالأحلام الكبيرة ، والأمجاد العظيمة ممكنة ، ونقدر عليها ، بشرط أن نخطط لها جيدا ، ونجزءها إلى مراحل ، ونضع لكل مرحلة خطة عمل ، ووقت للبدء والانتهاء . وعلى هذا جرت عادة الناجحين والعباقرة . ____________ _________ _ من كتاب " أفكار صغيرة لحياة كبيرة " كريم الشاذلي |
من بريد ALZAHRA