السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توضيح قوله تعالى ( إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان )
ورد في قصة سليمان وملكة سبأ في سورة النمل الآية التالية: ( قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
أنا أفهم أن المعنى: أنها ظلمت نفسها بالكفر، وأنها أسلمت بعد أن تبين لها الحق، ولكن لفظ الآية، وعدم وجود علامة وقف بعد كلمة ( نفسي )، توحي بعكس هذا المعنى، وهو أنها ظلمت نفسها بالإسلام - ومعاذ اللّه -، فهل من توضيح؟
الجــواب
الحمد لله
يقول تعالى في سورة النمل: ( قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ، فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا، قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ، قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ). [1]
يحكي سبحانه وتعالى في هذه الآية المفاجأة الكبيرة التي كان أعدها سليمان عليه السلام لملكة سبأ، وكانت قصرا من البلور، أقيمت أرضيته فوق الماء، فوقفت الملكة مدهوشة أمام هذه العجائب التي يعجز عن مثلها البشر، فرجعت إلى الله، وناجته معترفة بظلمها لنفسها فيما سلف من عبادة غيره، معلنة إسلامها مع سليمان لله رب العالمين .
هذا هو فهم سياق القصة، وهو أيضا ما تقتضيه قواعد اللغة العربية.
فإن قولها ( ظَلَمْتُ نَفْسِي ) جملة فعلية في محل رفع خبر ( إِنِّي)، ثم جاء حرف العطف ( الواو ) ليعطف جملة على جملة، فقالت (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ )[2]
والتقدير: وإني أسلمت مع سليمان لله رب العالمين.
وهذا هو التقدير الصحيح؛ لأن النحاة يقولون: إن حرف العطف إنما جيء به لاختصار التكرار في الجملة.
يقول ابن عقيل: " العطف على نية تكرار العامل "[3] انتهى .
فبدل أن تقول: جاء زيد وجاء عمرو، تختصر فتقول: جاء زيد وعمرو.
وكذلك الحال في عطف الجمل التي لها محل من الإعراب:
فبدل أن تقول: إن الله يعلم ما أنتم عليه، وإن الله سيحاسبكم عليه.
تختصر فتقول: إن الله يعلم ما أنتم عليه وسيحاسبكم عليه.
فالواجب فهم الآية الكريمة على هذه القاعدة، فيكون تقدير الآية:
( إني ظلمت نفسي، وإني أسلمت مع سليمان لله رب العالمين )
ولا يلزم لغة - إذا كان العطف بين الجمل - أن تشترك في المعنى، بل قد يكون المعنى متضادا.
يقول الأستاذ عباس حسن: " والعطف بالواو إذا كان المعطوف غير مفرد، قد يفيد مطلق التشريك، نحو: نبت الورد ونبت القصب، أو لا يفيد، نحو: حضرت الطيارة ولم تحضر السيارة "[4] انتهى.
فحين يعطف الله تعالى قول ملكة سبأ ( وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ ) لا يجوز أن تفهم على أنها توضيح للمعطوف عليه أو بيان له، من حيث أصل اللغة، فكيف حين يكون بين المعنيين تضاد ظاهر.
والسياق يبين أن الملكة اعترفت بظلمها نفسها حين كانت تعبد الشمس من دون الله، فتابت من ذلك الشرك، وأسلمت وجهها، ووحدت عبادتها لله رب العالمين.
وبهذا يكون المعنى سليما، وينتفي التوهم الذي يظنه السائل في الآية.
قد يكون لإشكال السائل وجه – من حيث قواعد النحو - إذا كان سياق الكلام:
( إني ظلمت نفسي: أسلمت مع سليمان ) بحذف حرف العطف، على أن الجملة الثانية بدل من الجملة الأولى، كقوله تعالى:
( وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً: يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً )[5]
فإن مضاعفة العذاب هي بيان وتوضيح للإثم الذي يلقاه مرتكب الكبائر.
كما قد يكون لهذا الإشكال وجه – من حيث قواعد اللغة – لو كان حرف العطف هو الفاء، فكان الكلام: إني ظلمت نفسي فأسلمت مع سليمان .
فإن الفاء تفيد – كثيرا – مع الترتيب ( التسبب )، أي الدلالة على السببية في عطف الجمل، نحو: رمى الصياد الطائر فقتله .[6]
أَمَا وقد جاء السياق القرآني على الوجه البَيِّنِ الجَلِيِّ: (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
فليس لإشكال السائل أي محل من الفهم الصحيح للسياق، وقواعد النحو العربي.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
مآآآآآجده
توضيح قوله تعالى ( إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان )
ورد في قصة سليمان وملكة سبأ في سورة النمل الآية التالية: ( قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
أنا أفهم أن المعنى: أنها ظلمت نفسها بالكفر، وأنها أسلمت بعد أن تبين لها الحق، ولكن لفظ الآية، وعدم وجود علامة وقف بعد كلمة ( نفسي )، توحي بعكس هذا المعنى، وهو أنها ظلمت نفسها بالإسلام - ومعاذ اللّه -، فهل من توضيح؟
الجــواب
الحمد لله
يقول تعالى في سورة النمل: ( قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ، فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا، قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ، قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ). [1]
يحكي سبحانه وتعالى في هذه الآية المفاجأة الكبيرة التي كان أعدها سليمان عليه السلام لملكة سبأ، وكانت قصرا من البلور، أقيمت أرضيته فوق الماء، فوقفت الملكة مدهوشة أمام هذه العجائب التي يعجز عن مثلها البشر، فرجعت إلى الله، وناجته معترفة بظلمها لنفسها فيما سلف من عبادة غيره، معلنة إسلامها مع سليمان لله رب العالمين .
هذا هو فهم سياق القصة، وهو أيضا ما تقتضيه قواعد اللغة العربية.
فإن قولها ( ظَلَمْتُ نَفْسِي ) جملة فعلية في محل رفع خبر ( إِنِّي)، ثم جاء حرف العطف ( الواو ) ليعطف جملة على جملة، فقالت (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ )[2]
والتقدير: وإني أسلمت مع سليمان لله رب العالمين.
وهذا هو التقدير الصحيح؛ لأن النحاة يقولون: إن حرف العطف إنما جيء به لاختصار التكرار في الجملة.
يقول ابن عقيل: " العطف على نية تكرار العامل "[3] انتهى .
فبدل أن تقول: جاء زيد وجاء عمرو، تختصر فتقول: جاء زيد وعمرو.
وكذلك الحال في عطف الجمل التي لها محل من الإعراب:
فبدل أن تقول: إن الله يعلم ما أنتم عليه، وإن الله سيحاسبكم عليه.
تختصر فتقول: إن الله يعلم ما أنتم عليه وسيحاسبكم عليه.
فالواجب فهم الآية الكريمة على هذه القاعدة، فيكون تقدير الآية:
( إني ظلمت نفسي، وإني أسلمت مع سليمان لله رب العالمين )
ولا يلزم لغة - إذا كان العطف بين الجمل - أن تشترك في المعنى، بل قد يكون المعنى متضادا.
يقول الأستاذ عباس حسن: " والعطف بالواو إذا كان المعطوف غير مفرد، قد يفيد مطلق التشريك، نحو: نبت الورد ونبت القصب، أو لا يفيد، نحو: حضرت الطيارة ولم تحضر السيارة "[4] انتهى.
فحين يعطف الله تعالى قول ملكة سبأ ( وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ ) لا يجوز أن تفهم على أنها توضيح للمعطوف عليه أو بيان له، من حيث أصل اللغة، فكيف حين يكون بين المعنيين تضاد ظاهر.
والسياق يبين أن الملكة اعترفت بظلمها نفسها حين كانت تعبد الشمس من دون الله، فتابت من ذلك الشرك، وأسلمت وجهها، ووحدت عبادتها لله رب العالمين.
وبهذا يكون المعنى سليما، وينتفي التوهم الذي يظنه السائل في الآية.
قد يكون لإشكال السائل وجه – من حيث قواعد النحو - إذا كان سياق الكلام:
( إني ظلمت نفسي: أسلمت مع سليمان ) بحذف حرف العطف، على أن الجملة الثانية بدل من الجملة الأولى، كقوله تعالى:
( وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً: يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً )[5]
فإن مضاعفة العذاب هي بيان وتوضيح للإثم الذي يلقاه مرتكب الكبائر.
كما قد يكون لهذا الإشكال وجه – من حيث قواعد اللغة – لو كان حرف العطف هو الفاء، فكان الكلام: إني ظلمت نفسي فأسلمت مع سليمان .
فإن الفاء تفيد – كثيرا – مع الترتيب ( التسبب )، أي الدلالة على السببية في عطف الجمل، نحو: رمى الصياد الطائر فقتله .[6]
أَمَا وقد جاء السياق القرآني على الوجه البَيِّنِ الجَلِيِّ: (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
فليس لإشكال السائل أي محل من الفهم الصحيح للسياق، وقواعد النحو العربي.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
مآآآآآجده