ليلى و فرن الصمود
فتح "عبد الله " فرنه .. رفع اكمامه ، وضع المريول على خصره ، ثم بدأ يكيل الطحين ويديره في وعاء العجين الكبير . لم يكن فرنه كبيرا متطورا ، لكنه كان فرنا صغيرا مرتبا يخدم اهل الحي خارج مدينه نابلس القديمه ..وضع الطحين في العجانه ، اضاف الخميره و الملح وادار صنبور الماء، وبدأت الاله تدور وتعجن ..
هكذا كان هو عمله .. يترك بيته قبل ان يترك احد بيته .. وقبل ان يؤذن الصبح او تشرق الشمس .. يذهب الى الفرن ، يعجن العجين ، ويغطيه ويتركه ليتخمر .. يرتب الواح الخشب ، يحمي الفرن ، ثم يذهب ليصلي صلاة الصبح في الجامع .. وعندما يعود تكون زوجته قد ارسلت ابريق الشاي المحلى مع ابنتيه ..
"عبدالله البحش " فران اخذ مهنته عن ابيه وجده وهو لاينسى كم حمل في صغره من الواح الخشب ، وكم رق العجين ارغف مستديره لا ينسى كم حمل من الفرن اطباق الخبز لاهل الحي ، وكم خبزمناقيش الخبز بالزعتر والبيض وصواني اللحم والكفته ، وقد اصبح عنده اليوم الات اتوماتيكيه تلبي احتياجات اهل نابلس المتزايده ..
وهو فران نشيط يحب عمله ويحب خدمة اهل مدينته ، لكن عمله منذ مده بدأ يتراجع لم يعد اهل نابلس كما كانو من قبل .منذ ان دخل الاحتلال الصهيوني مدن فلسطين وقراها ؛تغير الحال ، من كان يشتري عشرة ارغفه اصبح يكتفي بخمسه .. ومن كان يخبز عشرين رغيفا اصبح يخبز عشره اختفت عرائس الخبز‘ تلك كانت لافطار ايام الهناء و السعاده قبل الاحتلال ؛ اما اليوم فقد اصبحت الحياه قاسيه صعبة .. واصبح الوصول الى الفرن صعبا محفوفا بالمخاطر ..