بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قاربوا وسدِّدوا، واعلموا أنه لنْ يَنْجُوَ أحدٌ منكم بِعَمَلِهِ قالوا: و لا أنت يا رسول الله؟ قال: و لا أنا إلا أن يتغمَّدني الله برحمة منه و فضل)
(338) رواه مسلم
هذا الحديث يدل على أنَّ الاستقامة على حسب الاستطاعة وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم(قارِبوا وسَدِّدوا) أي: قاربوا ما أمرتم به، واحرصوا على أن تقرُبوا منه بقدر المسْتَطَاع.
وقوله (سدِّدُوا) أي سدِّدُوا على الإصابة؛ أي: احْرصوا على أن تكون أعمالكم مصيبةً للحق بقدر المستطاع، وذلك لأن الإنسان مهما بلغ من التقوى، فإنه لابد أن يخطىءَ، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كلُّ بني آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطائين التوابون) وقال عليه والصلاة السلام: (لو لم تُذنِبوا لذهب الله بكم، وَلَجَاءَ بقوم يُذنِبون فيستغفرون اللهَ فيغفرُ لهم) . فالإنسان مأمور أن يقارب ويُسدد بقدر ما يستطيع.
ثم قال عليه الصلاة والسلام: (واعلموا أنَّه لن يَنْجُوَ أحدٌ منكم بِعَمَلِه)أي: لن ينجو من النار بعمله. وذلك لأن العمل لا يبلغ ما يجب لله_ عز وجل _ من الشُّكر، وما يجب له على عباده من الحقوق، ولكن يتغمد الله_ سبحانه وتعالى _ العبد برحمته فيغفر له. فلما قال: (لَنْ يَنْجُوَ أحدٌ منكم بِعَمَلِه) قالوا له: ولا أنت؟! قال: (ولا أنا) حتى النبي عليه الصلاة والسلام لن ينجو بعمله(إلا أن يتغمدني الله برحمة منه) .
فدلَّ ذلك على أن الإنسان مهما بلغ من المرتبة والولاية، فإنه لن ينجوَ بعمله، حتى النبي عليه الصلاة والسلام، لولا أن الله مَنَّ عليه بأن غفر له ذنبه ما تقدم منه وما تأخر، ما أنْجاه عمله.
فإن قال قائل: هناك نُصُوص من الكتاب والسنة تدل على أن العمل الصالح ينجي من النار ويُدخل الجنة، مثل قوله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل:97]، فكيف يُجمَع بين هذا وبين الحديث السابق؟
والجواب عن ذلك: أن يقال: يُجمع بينهما بأن المنفيَّ دخول الإنسان الجنة بالعمل في المقابلة، أما المثْبتُ: فهو أن العمل سبب وليس عوضا. فالعمل _ لا شكَّ_ أنه سَبَب لدخول الجنة والنجاة من النار، لكنه ليس هو العوض، وليس وحده الذي يدخل به الإنسان الجنة، ولكن فضل الله ورحمته هما السَّبب في دخول الجنة وهما اللذان يوصلان الإنسان إلى الجنة وينجيانه من النار.
شرح رياض الصالحين / المجلد الأول / باب الإستقامة / قضيلة العلامة محمد بن عثيمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قاربوا وسدِّدوا، واعلموا أنه لنْ يَنْجُوَ أحدٌ منكم بِعَمَلِهِ قالوا: و لا أنت يا رسول الله؟ قال: و لا أنا إلا أن يتغمَّدني الله برحمة منه و فضل)
(338) رواه مسلم
هذا الحديث يدل على أنَّ الاستقامة على حسب الاستطاعة وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم(قارِبوا وسَدِّدوا) أي: قاربوا ما أمرتم به، واحرصوا على أن تقرُبوا منه بقدر المسْتَطَاع.
وقوله (سدِّدُوا) أي سدِّدُوا على الإصابة؛ أي: احْرصوا على أن تكون أعمالكم مصيبةً للحق بقدر المستطاع، وذلك لأن الإنسان مهما بلغ من التقوى، فإنه لابد أن يخطىءَ، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كلُّ بني آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطائين التوابون) وقال عليه والصلاة السلام: (لو لم تُذنِبوا لذهب الله بكم، وَلَجَاءَ بقوم يُذنِبون فيستغفرون اللهَ فيغفرُ لهم) . فالإنسان مأمور أن يقارب ويُسدد بقدر ما يستطيع.
ثم قال عليه الصلاة والسلام: (واعلموا أنَّه لن يَنْجُوَ أحدٌ منكم بِعَمَلِه)أي: لن ينجو من النار بعمله. وذلك لأن العمل لا يبلغ ما يجب لله_ عز وجل _ من الشُّكر، وما يجب له على عباده من الحقوق، ولكن يتغمد الله_ سبحانه وتعالى _ العبد برحمته فيغفر له. فلما قال: (لَنْ يَنْجُوَ أحدٌ منكم بِعَمَلِه) قالوا له: ولا أنت؟! قال: (ولا أنا) حتى النبي عليه الصلاة والسلام لن ينجو بعمله(إلا أن يتغمدني الله برحمة منه) .
فدلَّ ذلك على أن الإنسان مهما بلغ من المرتبة والولاية، فإنه لن ينجوَ بعمله، حتى النبي عليه الصلاة والسلام، لولا أن الله مَنَّ عليه بأن غفر له ذنبه ما تقدم منه وما تأخر، ما أنْجاه عمله.
فإن قال قائل: هناك نُصُوص من الكتاب والسنة تدل على أن العمل الصالح ينجي من النار ويُدخل الجنة، مثل قوله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل:97]، فكيف يُجمَع بين هذا وبين الحديث السابق؟
والجواب عن ذلك: أن يقال: يُجمع بينهما بأن المنفيَّ دخول الإنسان الجنة بالعمل في المقابلة، أما المثْبتُ: فهو أن العمل سبب وليس عوضا. فالعمل _ لا شكَّ_ أنه سَبَب لدخول الجنة والنجاة من النار، لكنه ليس هو العوض، وليس وحده الذي يدخل به الإنسان الجنة، ولكن فضل الله ورحمته هما السَّبب في دخول الجنة وهما اللذان يوصلان الإنسان إلى الجنة وينجيانه من النار.
شرح رياض الصالحين / المجلد الأول / باب الإستقامة / قضيلة العلامة محمد بن عثيمين