الحديث عن الصراع الأمريكي الصيني - أو الحرْب الباردة، كما يحلو للبعض أن يسمِّيها - بات الفاكِهة المشتركة للمنتديات السياسيَّة والبرامج الحواريَّة، فما يمرّ يومٌ إلاَّ وتخرج لنا مقالة أو محلّل أو كتاب يتحدَّث عن مآلات الصِّراع المتفاقم بين الصين وأمريكا، وغالبًا ما يرجِّح المُتحدِّث أنَّ المستقبل للصين، وهذا ما سأُخالفه فيه في مقالتي هذه؛ مستندًا على بعض الحقائق، غير أنَّ حديثنا لن يكون عن الصِّراع السياسي ولا العسكري، وسنخوض في حديثِنا عن العصَب الرَّئيس لاقتِصاد البلدَين (الصَّادرات).
كان ولا يزال - وعلى ما يبدو سيظل - المنتَجُ الأمريكي يَمتاز بالجودة العالية والدِّقَّة الشديدة، وكانت - ولا تزال - الصّين مستمرَّة في غيِّها، فما يكاد يمرُّ يوم إلاَّ ويصحو العالم على حلقة جديدة من المسلْسل الهزلي (صنع في الصين) ولعلَّ آخِرها نكتة 2010م شركة صينيَّة تقلِّد محرِّك البحث الشهير قوقل "google" بمحرِّكها المتهالك جوجه "goojje".
إنَّ التفوُّق الصيني في النموّ التِّجاري على الولايات المتَّحدة، لا يرجع بأي حال من الأحوال للتَّنافس بين المنتجات، بل إنَّه لا يمكن المقارنة بين السِّلَع الأمريكيَّة ونظيرتها الصينيَّة.
وإنَّما هناك عدَّة أمور كبحَتْ جماح النموِّ التِّجاري الأمريكي، وأطلقت العنان لنظيرِه الصيني، وهي:
أوَّلاً: بعكس الشَّعب الأمريكي الَّذي يعتبر من أكثر شعوب العالم استهلاكًا للسِّلع الأساسيَّة والكماليَّة، يعتبر الصينيُّون من أكثَر شعوب العالم - إن لَم يكونوا الأكثرَ على الإطلاق - في الادِّخار.
ثانيًا: أغرقت الصين الدُّول المتقدِّمة والدول النَّامية بِمنتجاتها، فما سرُّ نجاحها حتَّى الآن؟
فيما يخص الدُّول المتقدِّمة - وبالأخصّ الأسواق الأوربيَّة والأمريكيَّة - استطاعت الصين اكتساح تلك الأسواق بمنتجات ذات جودة عالية نسبيًّا، وبسعْر منخفِض مقارنةً بالمنتجات الأوربيَّة والأمريكيَّة المماثلة، معتمِدة في ذلك على انْخفاض عملتها مقارنة بعملات تلك الدول.
أمَّا بالنسبة للدُّول النَّامية - وعلى رأسها الدول العربيَّة - الَّتي تكتظ أسواقُها بالبضائع الصينيَّة المقلَّدة والرديئة، الَّتي يتحقَّق للصين من ورائها أرباح هائلة، وتَجني منها الدول النامية استنزافًا رهيبًا لأموالها؛ والسَّبب في ذلك يرجع بشكل رئيس لضعْف ثقافة المستهلِك، وضَعْف الرِّقابة إذا أحسنَّا الظَّنَّ بعدم التواطؤ.
وفي كلا الحالتَين لا يمكن أن يستمرَّ الأمر كثيرًا، ففي الحالة الأولى: العالم يشْهد تغيرات كبيرة زلزلت اقتِصادات دول كبرى، الصين ليست بمنأًى عن ذلك، خصوصًا مع ازدِياد الضغوطات الدَّوليَّة عليْها، وخاصَّة من قبل الولايات المتَّحدة.
وفي الحالة الثانية: زيادة ثقافة المستهلك في غالب الدّول النامية، وستصل لمستوى تفقد فيه البضائع الصينيَّة بريق سعرِها المنخفض، وهو ما سينعكس سالبًا على الصَّادرات الصينيَّة، وإيجابًا على الأمريكيَّة أو غيرها من الدول المتقدِّمة الأخرى.
ثالثًا: بسبب السياسة العدائيَّة التي تنتهِجها الولايات المتَّحدة، وفرضها الحصار على كثيرٍ من الدّول، ومنع السِّلع الأمريكيَّة من الدخول لتلك البلدان؛ استطاعت الصين وبذكاء أن تروج لمنتجاتِها في تلك الدول لتكون البديل المناسب لتلك الدول، فأوجدت أسواقًا ضخمة لترويج منتجاتها، وأكبر مثال على ذلك إيران والسودان.
صحيح أنَّ النموَّ الصيني المتسارع أقضَّ مضاجع كثيرٍ من الدول الكبرى، بِما فيها أمريكا واليابان، لكن ليس معنى ذلك ما يعتقِده البعض بأنَّ الصين ما نازلت الغرب في مجالٍ إلاَّ وألحقت بهم الهزيمة.
وهذا ليس تناقضًا مع ما سبق، فالحديث يدور عن أحد جوانب الصِّراع، وبحسب ما أرى فإنَّ الصين ستكون الطَّرف الخاسر على المدى البعيد.
كان ولا يزال - وعلى ما يبدو سيظل - المنتَجُ الأمريكي يَمتاز بالجودة العالية والدِّقَّة الشديدة، وكانت - ولا تزال - الصّين مستمرَّة في غيِّها، فما يكاد يمرُّ يوم إلاَّ ويصحو العالم على حلقة جديدة من المسلْسل الهزلي (صنع في الصين) ولعلَّ آخِرها نكتة 2010م شركة صينيَّة تقلِّد محرِّك البحث الشهير قوقل "google" بمحرِّكها المتهالك جوجه "goojje".
إنَّ التفوُّق الصيني في النموّ التِّجاري على الولايات المتَّحدة، لا يرجع بأي حال من الأحوال للتَّنافس بين المنتجات، بل إنَّه لا يمكن المقارنة بين السِّلَع الأمريكيَّة ونظيرتها الصينيَّة.
وإنَّما هناك عدَّة أمور كبحَتْ جماح النموِّ التِّجاري الأمريكي، وأطلقت العنان لنظيرِه الصيني، وهي:
أوَّلاً: بعكس الشَّعب الأمريكي الَّذي يعتبر من أكثر شعوب العالم استهلاكًا للسِّلع الأساسيَّة والكماليَّة، يعتبر الصينيُّون من أكثَر شعوب العالم - إن لَم يكونوا الأكثرَ على الإطلاق - في الادِّخار.
ثانيًا: أغرقت الصين الدُّول المتقدِّمة والدول النَّامية بِمنتجاتها، فما سرُّ نجاحها حتَّى الآن؟
فيما يخص الدُّول المتقدِّمة - وبالأخصّ الأسواق الأوربيَّة والأمريكيَّة - استطاعت الصين اكتساح تلك الأسواق بمنتجات ذات جودة عالية نسبيًّا، وبسعْر منخفِض مقارنةً بالمنتجات الأوربيَّة والأمريكيَّة المماثلة، معتمِدة في ذلك على انْخفاض عملتها مقارنة بعملات تلك الدول.
أمَّا بالنسبة للدُّول النَّامية - وعلى رأسها الدول العربيَّة - الَّتي تكتظ أسواقُها بالبضائع الصينيَّة المقلَّدة والرديئة، الَّتي يتحقَّق للصين من ورائها أرباح هائلة، وتَجني منها الدول النامية استنزافًا رهيبًا لأموالها؛ والسَّبب في ذلك يرجع بشكل رئيس لضعْف ثقافة المستهلِك، وضَعْف الرِّقابة إذا أحسنَّا الظَّنَّ بعدم التواطؤ.
وفي كلا الحالتَين لا يمكن أن يستمرَّ الأمر كثيرًا، ففي الحالة الأولى: العالم يشْهد تغيرات كبيرة زلزلت اقتِصادات دول كبرى، الصين ليست بمنأًى عن ذلك، خصوصًا مع ازدِياد الضغوطات الدَّوليَّة عليْها، وخاصَّة من قبل الولايات المتَّحدة.
وفي الحالة الثانية: زيادة ثقافة المستهلك في غالب الدّول النامية، وستصل لمستوى تفقد فيه البضائع الصينيَّة بريق سعرِها المنخفض، وهو ما سينعكس سالبًا على الصَّادرات الصينيَّة، وإيجابًا على الأمريكيَّة أو غيرها من الدول المتقدِّمة الأخرى.
ثالثًا: بسبب السياسة العدائيَّة التي تنتهِجها الولايات المتَّحدة، وفرضها الحصار على كثيرٍ من الدّول، ومنع السِّلع الأمريكيَّة من الدخول لتلك البلدان؛ استطاعت الصين وبذكاء أن تروج لمنتجاتِها في تلك الدول لتكون البديل المناسب لتلك الدول، فأوجدت أسواقًا ضخمة لترويج منتجاتها، وأكبر مثال على ذلك إيران والسودان.
صحيح أنَّ النموَّ الصيني المتسارع أقضَّ مضاجع كثيرٍ من الدول الكبرى، بِما فيها أمريكا واليابان، لكن ليس معنى ذلك ما يعتقِده البعض بأنَّ الصين ما نازلت الغرب في مجالٍ إلاَّ وألحقت بهم الهزيمة.
وهذا ليس تناقضًا مع ما سبق، فالحديث يدور عن أحد جوانب الصِّراع، وبحسب ما أرى فإنَّ الصين ستكون الطَّرف الخاسر على المدى البعيد.
محمد فهيد الدوسري
مجووووووده
مجووووووده