إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن التقوى خير زاد للقاء الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
عباد الله:
إن من رحمة الله تعالى بأمة الإسلام أنه أخبرها بما سوف تلقاه من الفتن، ودلها على سبل الوقاية منها، ومن أشد تلك الفتن التي أخبر عنها الشارع الحكيم ووقعت فيها أمة الإسلام فتنة المال.
فالمال يعتبر نعمة ونقمة، وبلاء وعافية، فهو من أعظم فتن هذا الزمان، فالمال قد أذلّ أعناق الرجال، وغيّر المبادئ والأخلاق، وأنطق الرويبضة في أمر العامة، وأفسد أمور الدين والدنيا إذا أُخِذَ بغير حق.
والله جل وعلا قد أخبر بأن المال مما فطر الناس على محبته وأنه شهوة من شهوات الدنيا، {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} [الكهف: 46]، وقال جل وعلا عن حال الإنسان مع المال:{وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً} [الفجر: 20].
والله جل وعلا قد أخبر بأن المال فتنة: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 28]، والله سبحانه قرر حقيقة باقية وسنة ماضية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها - وهي كذلك ميزان الله في الآخرة - أن المال ليس بمقياس على علو منزلة الإنسان عند الله لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهذا من عدل الله ورحمته بالأمة، قال تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَآءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37].
بل إن الله سبحانه تعالى بيّن أن المال الذي قد يعطاه من لا خلاق لهم من الناس لن يكون نافعاً لهم ولا حائلاً عن العذاب الذي يصيبهم، وهي رسالة لكل من حاد عن دين الله وعن شرعه ولم ينعم بهذه الشريعة ممن بهرتهم الدنيا وتعلقت قلوبهم بحب المال والشهوات، إذ يقول جل شأنه: {فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: 55]، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ} [آل عمران: 10].
عباد الله:
اعلموا رحمكم الله أن الفتنة بالمال أخذت صوراً شتى في حياة الناس، وبرزت في حلل جديدة زينها الشيطان لهم، فوجب التنبيه ولفت الأنظار لها، فرُبَّ مفتون لاهٍ ساهٍ غافلٍ يظن أنه على طريق صحيح وهو في طريق هلكة - والعياذ بالله.
ومن تلك الصور على سبيل الإجمال لا على سبيل الحصر ما يلي:
• الاشتغال بالمال - ولو كان حلالاً - عن طاعة الله وعن ذكره وشكره، كما قال تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَ-ئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: 9].
• ومن ذلك أيضاً عدم الإنفاق في سبيل الله: ولاسيما الزكاة الواجبة.
• ومن ذلك عدم التحري في المعاملات المالية، وعدم السؤال عن ما يدخل إليه أمن حرام أم من حلال، والتساهل في ذلك وعدم سؤال أهل العلم عما يشكل عليه من المعاملات، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه))؛ رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب.
• ومن ذلك أكل أموال اليتامى، وبخس حقوق الأجراء والعمال.
• ومن ذلك أخذ الرشاوى وأكل الربا.
وإن من أعظم الفتن التي وقع فيها كثير من الناس وطاشت لها عقولهم المسارعةَ في المضاربة بالأسهم، ووقوع البعض في المساهمات المحرمة مع وجود البدائل المباحة.
وأيضاً: وقوع البعض من الناس في أكل أموال الناس بالباطل، والتحايل على أكلها بشتى الوسائل والحيل الملتوية، كمن يأكل أموال المساهمين في بعض الشركات التي أخذ أصحابها أموال المساهمين دون وجه حق وعدم ردها لأصحابها، ألم يسمع هؤلاء قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء: 29]. وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن حلف ليأخذ مال أخيه بغير حق: ((لئن حلف على ماله ليأكله ظلماً ليلقين الله وهو عنه معرض))؛ رواه مسلم.
وليتذكر أولئك النفر الذين وقعوا في هذه الفتنة، قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة فلا أعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء، ولا بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه يقول: اللهم هل بلغت؟))؛ رواه البخاري ومسلم.
فتخيلوا يا عباد الله:
من استحل أموال اليتامى والأرامل وأصحاب الحاجات وغيرهم من سائر أبناء الوطن الذين علقوا آمالهم بالله ثم بهم أن يكونوا سبباً في التوسعة عليهم، يأتون يوم القيامة حاملين على أعناقهم أموالاً قد سرقوها، أو أكلوها بغير حق، هل يريدون أن يخسروا دنياهم وأخراهم، فينزع الله البركة من المال الذي أخذوه بالباطل وينالون العذاب الأليم في الآخرة.
فكم تعطّلت مصالح! وكم حُرِمَ أناس من حقوقهم بسبب هؤلاء المماطلين من أصحاب الشركات الذين أضاعوا أموال هؤلاء وأخذوها بغير حق! ألا يعلم هؤلاء أن ابتزاز أموال الناس وعدم الوفاء بحقوقهم يعود عليهم بالمال الحرام الذي يكون سبباً في الهم والغم في الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة؟
عباد الله:
إن ظاهرة أكل أموال المساهمين في بلادنا ظاهرة سيئة خطيرة تحتاج منا النظر فيما جرَّته علينا تجارة الأسهم وتعلق الكثيرين بها، وتحتاج أيضاً إلى وقفة جادة من جميع الجهات المسؤولة حتى يتم إيقاف هذا الصنف من الناس عند حدودهم وخصوصاً الذين استحلوا أموال المساهمين دون وجه حق، ولابد أن تتخذ ضدهم الإجراءات الصارمة لمحاسبتهم، وسد هذا الباب لمن تسول له نفسه السير على منوالهم.
وعلى كل فرد منا ألا يندفع بإعطاء ماله كل من أعلن عن فتح مساهمة أو زعم أنه يعطي أرباحاً طائلة، فهؤلاء عادة يقومون على شركات وهمية، ومؤسسات غير شرعية، ويتعاملون بغسيل الأموال فيعطون أرباحاً من أموال الناس حتى يكسبوا ثقتهم ثم يهربون بأموالهم، وعندنا شواهد كثيرة من الواقع.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 27، 28].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير رسله وأنبيائه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن سعادة العباد في الانقياد لأوامر الله، وعدم الوقوع في معاصيه.
عباد الله:
كان حديثنا في الجمعة الماضية عن المخدرات وما تخلفه من آثار وأضرار على المجتمع المسلم، وبقي أن نشير في هذه الجمعة إلى ما يكون عادة بداية للمخدرات وهو الدخان، وظاهرة الدخان ظاهرة خبيثة غير طيبة، ابتلي بها بعض فئات المجتمع، فراح البعض منهم ممن ابتلوا بفتنتها يجهرون بها في أوساط مجتمعهم، حتى رأينا بأعيننا بعض الناس ممن ضعف الإيمان في قلوبهم يظهرونها في أثناء قيادتهم للسيارات، أو أثناء سيرهم في الأسواق والأماكن العامة. وكأن هؤلاء وغيرهم لم يسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه))؛ متفق عليه، فهذا في حق من ستره الله ثم فضح نفسه بوقوعه في المعصية، فكيف بمن يجاهر بها ولا يستحي من نظر الله، ومن نظر الناس إليه؟ فهو يعين أصحاب المعاصي على الجهر بها، فهذا أشد إثماً ممن يتكلم بمعصيته فقط. وقد رأينا بعض الوافدين وقد جهر بها أيضاً بسبب ما رآه من أبناء هذا الوطن من جهر بتلك المعصية.
ومعلوم يا عباد الله:
ما للدخان من أضرار جسيمة على الفرد والمجتمع والأمة، لما يترتب عليه من خسارة في البدن، والمال، وأيضاً فهو من الذنوب القبيحة لأنه يجر إلى الإضرار بالنفس والتسبب في قتلها - والعياذ بالله.
عباد الله:
إن الأدلة الشرعية العامة من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم تبين أن شرب الدخان من الأمور المحرمة شرعاً، وذلك لما اشتمل عليه من الأضرار الكثيرة، وأن شربه يؤدي إلى أمراض عديدة تؤدي إلى الموت، فالضرر بالجسم أو الإضرار بالغير منهي عنه ، فشربه وبيعه حرام.
واللّه سبحانه وتعالى لم يُبِح لعباده من المطاعم والمشارب إلا ما كان طيبا نافعاً، أما ما كان ضاراً لهم في دينهم أو دنياهم أو مغيراً لعقولهم فإن اللّه سبحانه قد حرمه عليهم. وهو عزَّ وجلَّ أرحم بهم من أنفسهم، وهو الحكيم العليم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره، فلا يحرم شيئاً عبثاً، ولا يأمر بشيء ليس للعباد فيه فائدة.
ومن الأدلة الشرعية على تحريم شرب الدخان قوله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في سورة المائدة: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4]، وقال في سورة الأعراف في وصف نبينا محمد عليه الصلاة والسلام: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، فأوضح سبحانه في هاتين الآيتين الكريمتين أنه سبحانه لم يحل لعباده إلا الطيبات، وهي:الأطعمة والأشربة النافعة،أما الأطعمة والأشربة الضارة كالمسكرات والمخدرات وسائر الأطعمة والأشربة الضارة في الدين أو البدن أو العقل فهي من الخبائث المحرمة.
وقال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]، ومعلوم أن شارب الدخان يتسبب في قتل نفسه بالبطىء كما صرح بذلك أهل التخصص من الأطباء وغيرهم.
وقال صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» رواه أحمد ومالك، وصححه الألباني في الإرواء، وقد أجمع الأطباء وغيرهم من العارفين بالدخان وأضراره أن الدخان من المشارب الضارة ضرراً كبيراً على شاربه وعلى غيره ممن يكون قريباً منه، وذكروا أنه سبب لكثير من الأمراض الخطيرة كالسرطان وموت السكتة وغير ذلك.
فما كان بهذه المثابة فلا شك في تحريمه ووجوب الحذر منه، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يشربه فقد قال اللّه تعالى في كتابه العظيم: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام: 116].
ونصيحتي أيضاً لأصحاب المحلات الذين يبيعون الدخان أن يتقوا الله فيما يدخلون في جوفهم من المال الحرام بسبب بيعهم هذا المنكر العظيم، وما يطعمونه لأهليهم وذرياتهم، وليسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به)) رواه الطبراني، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب".
وليعلموا أنهم موقوفون بين يدي الله تعالى وسوف يسألهم عن هذا المال الذي كسبوه من أين اكتسبوه، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه وعن علمه فيم فعل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه))، رواه الترمذي،وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
وليعلموا أن بيعهم لهذا الدخان الخبيث من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه بقوله {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].
ونصيحتي لمن ابتلي بهذا البلاء أن يستعينوا بالله أولاً في تركهم له، وأن يأخذوا بالأسباب المعينة على تركه، وأن يتذكروا أن من مات وهو مصر على شربه على خطر عظيم، فربما يتوفاه الله على تلك المعصية فيختم له بالسوء، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالخواتيم))، متفق عليه. فهل يرضى أي مسلم عاقل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يختم له بهذه المعصية.
قال تعالى {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر: 56]، فليبادر كل من ابتلي بهذا البلاء إلى تركه، وليحرص على العلاج منه عن طريق مكتب مكافحة التدخين وسيجد كل عون بعد الله في شفائه من هذا المرض الخبيث، أسأل الله تعالى أن يعافي كل مسلم، وأن يهدينا جميعاً إلى سواء السبيل.
هذا، وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب: ٥٦].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين.
اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى، ويسر لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله:
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذا القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن التقوى خير زاد للقاء الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
عباد الله:
إن من رحمة الله تعالى بأمة الإسلام أنه أخبرها بما سوف تلقاه من الفتن، ودلها على سبل الوقاية منها، ومن أشد تلك الفتن التي أخبر عنها الشارع الحكيم ووقعت فيها أمة الإسلام فتنة المال.
فالمال يعتبر نعمة ونقمة، وبلاء وعافية، فهو من أعظم فتن هذا الزمان، فالمال قد أذلّ أعناق الرجال، وغيّر المبادئ والأخلاق، وأنطق الرويبضة في أمر العامة، وأفسد أمور الدين والدنيا إذا أُخِذَ بغير حق.
والله جل وعلا قد أخبر بأن المال مما فطر الناس على محبته وأنه شهوة من شهوات الدنيا، {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} [الكهف: 46]، وقال جل وعلا عن حال الإنسان مع المال:{وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً} [الفجر: 20].
والله جل وعلا قد أخبر بأن المال فتنة: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 28]، والله سبحانه قرر حقيقة باقية وسنة ماضية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها - وهي كذلك ميزان الله في الآخرة - أن المال ليس بمقياس على علو منزلة الإنسان عند الله لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهذا من عدل الله ورحمته بالأمة، قال تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَآءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37].
بل إن الله سبحانه تعالى بيّن أن المال الذي قد يعطاه من لا خلاق لهم من الناس لن يكون نافعاً لهم ولا حائلاً عن العذاب الذي يصيبهم، وهي رسالة لكل من حاد عن دين الله وعن شرعه ولم ينعم بهذه الشريعة ممن بهرتهم الدنيا وتعلقت قلوبهم بحب المال والشهوات، إذ يقول جل شأنه: {فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: 55]، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ} [آل عمران: 10].
عباد الله:
اعلموا رحمكم الله أن الفتنة بالمال أخذت صوراً شتى في حياة الناس، وبرزت في حلل جديدة زينها الشيطان لهم، فوجب التنبيه ولفت الأنظار لها، فرُبَّ مفتون لاهٍ ساهٍ غافلٍ يظن أنه على طريق صحيح وهو في طريق هلكة - والعياذ بالله.
ومن تلك الصور على سبيل الإجمال لا على سبيل الحصر ما يلي:
• الاشتغال بالمال - ولو كان حلالاً - عن طاعة الله وعن ذكره وشكره، كما قال تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَ-ئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: 9].
• ومن ذلك أيضاً عدم الإنفاق في سبيل الله: ولاسيما الزكاة الواجبة.
• ومن ذلك عدم التحري في المعاملات المالية، وعدم السؤال عن ما يدخل إليه أمن حرام أم من حلال، والتساهل في ذلك وعدم سؤال أهل العلم عما يشكل عليه من المعاملات، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه))؛ رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب.
• ومن ذلك أكل أموال اليتامى، وبخس حقوق الأجراء والعمال.
• ومن ذلك أخذ الرشاوى وأكل الربا.
وإن من أعظم الفتن التي وقع فيها كثير من الناس وطاشت لها عقولهم المسارعةَ في المضاربة بالأسهم، ووقوع البعض في المساهمات المحرمة مع وجود البدائل المباحة.
وأيضاً: وقوع البعض من الناس في أكل أموال الناس بالباطل، والتحايل على أكلها بشتى الوسائل والحيل الملتوية، كمن يأكل أموال المساهمين في بعض الشركات التي أخذ أصحابها أموال المساهمين دون وجه حق وعدم ردها لأصحابها، ألم يسمع هؤلاء قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء: 29]. وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن حلف ليأخذ مال أخيه بغير حق: ((لئن حلف على ماله ليأكله ظلماً ليلقين الله وهو عنه معرض))؛ رواه مسلم.
وليتذكر أولئك النفر الذين وقعوا في هذه الفتنة، قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة فلا أعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء، ولا بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه يقول: اللهم هل بلغت؟))؛ رواه البخاري ومسلم.
فتخيلوا يا عباد الله:
من استحل أموال اليتامى والأرامل وأصحاب الحاجات وغيرهم من سائر أبناء الوطن الذين علقوا آمالهم بالله ثم بهم أن يكونوا سبباً في التوسعة عليهم، يأتون يوم القيامة حاملين على أعناقهم أموالاً قد سرقوها، أو أكلوها بغير حق، هل يريدون أن يخسروا دنياهم وأخراهم، فينزع الله البركة من المال الذي أخذوه بالباطل وينالون العذاب الأليم في الآخرة.
فكم تعطّلت مصالح! وكم حُرِمَ أناس من حقوقهم بسبب هؤلاء المماطلين من أصحاب الشركات الذين أضاعوا أموال هؤلاء وأخذوها بغير حق! ألا يعلم هؤلاء أن ابتزاز أموال الناس وعدم الوفاء بحقوقهم يعود عليهم بالمال الحرام الذي يكون سبباً في الهم والغم في الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة؟
عباد الله:
إن ظاهرة أكل أموال المساهمين في بلادنا ظاهرة سيئة خطيرة تحتاج منا النظر فيما جرَّته علينا تجارة الأسهم وتعلق الكثيرين بها، وتحتاج أيضاً إلى وقفة جادة من جميع الجهات المسؤولة حتى يتم إيقاف هذا الصنف من الناس عند حدودهم وخصوصاً الذين استحلوا أموال المساهمين دون وجه حق، ولابد أن تتخذ ضدهم الإجراءات الصارمة لمحاسبتهم، وسد هذا الباب لمن تسول له نفسه السير على منوالهم.
وعلى كل فرد منا ألا يندفع بإعطاء ماله كل من أعلن عن فتح مساهمة أو زعم أنه يعطي أرباحاً طائلة، فهؤلاء عادة يقومون على شركات وهمية، ومؤسسات غير شرعية، ويتعاملون بغسيل الأموال فيعطون أرباحاً من أموال الناس حتى يكسبوا ثقتهم ثم يهربون بأموالهم، وعندنا شواهد كثيرة من الواقع.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 27، 28].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير رسله وأنبيائه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن سعادة العباد في الانقياد لأوامر الله، وعدم الوقوع في معاصيه.
عباد الله:
كان حديثنا في الجمعة الماضية عن المخدرات وما تخلفه من آثار وأضرار على المجتمع المسلم، وبقي أن نشير في هذه الجمعة إلى ما يكون عادة بداية للمخدرات وهو الدخان، وظاهرة الدخان ظاهرة خبيثة غير طيبة، ابتلي بها بعض فئات المجتمع، فراح البعض منهم ممن ابتلوا بفتنتها يجهرون بها في أوساط مجتمعهم، حتى رأينا بأعيننا بعض الناس ممن ضعف الإيمان في قلوبهم يظهرونها في أثناء قيادتهم للسيارات، أو أثناء سيرهم في الأسواق والأماكن العامة. وكأن هؤلاء وغيرهم لم يسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه))؛ متفق عليه، فهذا في حق من ستره الله ثم فضح نفسه بوقوعه في المعصية، فكيف بمن يجاهر بها ولا يستحي من نظر الله، ومن نظر الناس إليه؟ فهو يعين أصحاب المعاصي على الجهر بها، فهذا أشد إثماً ممن يتكلم بمعصيته فقط. وقد رأينا بعض الوافدين وقد جهر بها أيضاً بسبب ما رآه من أبناء هذا الوطن من جهر بتلك المعصية.
ومعلوم يا عباد الله:
ما للدخان من أضرار جسيمة على الفرد والمجتمع والأمة، لما يترتب عليه من خسارة في البدن، والمال، وأيضاً فهو من الذنوب القبيحة لأنه يجر إلى الإضرار بالنفس والتسبب في قتلها - والعياذ بالله.
عباد الله:
إن الأدلة الشرعية العامة من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم تبين أن شرب الدخان من الأمور المحرمة شرعاً، وذلك لما اشتمل عليه من الأضرار الكثيرة، وأن شربه يؤدي إلى أمراض عديدة تؤدي إلى الموت، فالضرر بالجسم أو الإضرار بالغير منهي عنه ، فشربه وبيعه حرام.
واللّه سبحانه وتعالى لم يُبِح لعباده من المطاعم والمشارب إلا ما كان طيبا نافعاً، أما ما كان ضاراً لهم في دينهم أو دنياهم أو مغيراً لعقولهم فإن اللّه سبحانه قد حرمه عليهم. وهو عزَّ وجلَّ أرحم بهم من أنفسهم، وهو الحكيم العليم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره، فلا يحرم شيئاً عبثاً، ولا يأمر بشيء ليس للعباد فيه فائدة.
ومن الأدلة الشرعية على تحريم شرب الدخان قوله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في سورة المائدة: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4]، وقال في سورة الأعراف في وصف نبينا محمد عليه الصلاة والسلام: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، فأوضح سبحانه في هاتين الآيتين الكريمتين أنه سبحانه لم يحل لعباده إلا الطيبات، وهي:الأطعمة والأشربة النافعة،أما الأطعمة والأشربة الضارة كالمسكرات والمخدرات وسائر الأطعمة والأشربة الضارة في الدين أو البدن أو العقل فهي من الخبائث المحرمة.
وقال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]، ومعلوم أن شارب الدخان يتسبب في قتل نفسه بالبطىء كما صرح بذلك أهل التخصص من الأطباء وغيرهم.
وقال صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» رواه أحمد ومالك، وصححه الألباني في الإرواء، وقد أجمع الأطباء وغيرهم من العارفين بالدخان وأضراره أن الدخان من المشارب الضارة ضرراً كبيراً على شاربه وعلى غيره ممن يكون قريباً منه، وذكروا أنه سبب لكثير من الأمراض الخطيرة كالسرطان وموت السكتة وغير ذلك.
فما كان بهذه المثابة فلا شك في تحريمه ووجوب الحذر منه، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يشربه فقد قال اللّه تعالى في كتابه العظيم: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام: 116].
ونصيحتي أيضاً لأصحاب المحلات الذين يبيعون الدخان أن يتقوا الله فيما يدخلون في جوفهم من المال الحرام بسبب بيعهم هذا المنكر العظيم، وما يطعمونه لأهليهم وذرياتهم، وليسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به)) رواه الطبراني، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب".
وليعلموا أنهم موقوفون بين يدي الله تعالى وسوف يسألهم عن هذا المال الذي كسبوه من أين اكتسبوه، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه وعن علمه فيم فعل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه))، رواه الترمذي،وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
وليعلموا أن بيعهم لهذا الدخان الخبيث من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه بقوله {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].
ونصيحتي لمن ابتلي بهذا البلاء أن يستعينوا بالله أولاً في تركهم له، وأن يأخذوا بالأسباب المعينة على تركه، وأن يتذكروا أن من مات وهو مصر على شربه على خطر عظيم، فربما يتوفاه الله على تلك المعصية فيختم له بالسوء، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالخواتيم))، متفق عليه. فهل يرضى أي مسلم عاقل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يختم له بهذه المعصية.
قال تعالى {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر: 56]، فليبادر كل من ابتلي بهذا البلاء إلى تركه، وليحرص على العلاج منه عن طريق مكتب مكافحة التدخين وسيجد كل عون بعد الله في شفائه من هذا المرض الخبيث، أسأل الله تعالى أن يعافي كل مسلم، وأن يهدينا جميعاً إلى سواء السبيل.
هذا، وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب: ٥٦].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين.
اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى، ويسر لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله:
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذا القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
مآآآآآآجده
مآآآآآآجده