يشكِّك الشِّيعة في التاريخ الإسلامي السنِّي، بل يتَّهمون المؤرِّخين السنَّة بالنفاق والكذب ومجاراة السلطان؛ وبذلك فإن التاريخ الإسلامي - في نظرهم - مزيَّف، وهم ينطلقون من قاعدة: (إن القوي هو الذي يكتب التاريخ)؛ وبالتالي فإنه يعمد إلى تشويه صورة المعترِضين عليه، ويلصق بهم أبشع الصفات؛ ليبعد الناس من حولهم، وأيضًا ليبرِّر كلَّ ممارساته التعسُّفية والإجرامية بحقِّهم، وهذا ما حصل - وفق التحليل الشيعي للتاريخ الإسلامي - مع آل بيت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعند محاجتهم بوقائع وحقائق لا لبس فيها؛ كاستحالة - وهذا على سبيل المثال لا الحصر - قبول علي بن أبي طالب - رضِي الله عنه - بخلافة أبي بكر الصدِّيق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان - رضوان الله عليهم - إذا كانت قضيَّة الإمامة بالأهمية التي يُولِيها لها الفقه الشيعي، فإنهم بدل رجوعهم إلى الحق برَّروا ذلك بالتقيَّة، وخشية علي بن أبي طالب - رضِي الله عنه - ألاَّ يُذكَر اسمُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا ما صدع بالحق، ومن ثَمَّ أصبحت التقية من ضرورات المذهب الشيعي، وتركها أكبر من ترك الصلاة!
إذا ما انطلقنا من هذه القاعدة التي تقول بأن القويَّ هو مَن يكتب التاريخ، فإننا سنُسقِطها - أي: القاعدة - على نظام الملالي ونتساءل: مَن يكتب التاريخ في إيران اليوم؟
تعقيدات الأزمة الإيرانية الحاليَّة كبيرة جدًّا، وإمكانية حلِّها صعبة أيضًا؛ وذلك لأن طرفيها هم من رموز الثورة الإيرانية عام 1979، كما أن كلاهما يدَّعي أنه الممثِّل الحقيقي لنهج الخميني، وهذا ما يفسِّر دخولها في نفق مظلم لم تخرج منه منذ سبعة أشهر، ولا يبدو في الأفق القريب والمتوسِّط أن هناك مخرجًا لها، خاصة إذا ما أخذ في الاعتبار تأثير الأوضاع الدولية والاستقطاب الحاد بين إيران والغرب؛ بسبب الملف النووي وملفَّات إقليمية أخرى مرتبطة به يحاول المحافظون كسبها لصالحهم.
وما يهمُّ في هذه الأزمة هو نظرة المحافظين بزعامة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية على خامنائي، والرئيس أحمدي نجاد، إلى الإصلاحيين الذين يتزعَّمهم رئيس مجلس الخبراء هاشمي رفسنجاني، ورئيس الوزراء الأسبق مير حسين موسوي، إضافة إلى مهدي كروبي.
فالمحافظون يتَّهمون الإصلاحيين بمحاربة الله ورسوله، والتآمر على نظام الجمهورية الإسلامية، والتعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا لتغيير النظام، وهذه الاتِّهامات جاءت على مستويات مختلفة؛ حيث دعا خامنائي المعارَضَة للنأي بنفسها عن الأعداء، وفسَّر قائد الحرس الثوري دعواتهم لتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية على أنها محاوَلَة للحدِّ من صلاحيات المرشد الأعلى، كما اتَّهم رئيس القضاء الإيراني للشؤون الدولية محمد جواد لاريجاني الزعيم الإصلاحي موسوي بخيانة الثورة، معتبرًا أن خيانته تُشبِه خيانة مسعود رجوي زعيم منظَّمة مجاهدي خلق، وهاجَم في السياق نفسه حفيد الإمام الخميني لتأييده زعماء الإصلاح، ولا زالت هجمات أعضاء مجلس الخبراء مستمرَّة على هاشمي رفسنجاني، كما اتَّهمه نوَّاب محافظون في البرلمان مع أسرته بدعم الاضطرابات وإثارة فتنة كبيرة لمحاربة قِيَم الثورة، وتشويه صورته بتُهَم الفساد.
ودُعِّمت هذه الاتِّهامات بفتاوى لآيات الله؛ حيث قال محمد مصباح يزدي: إن المحتجِّين على نتائج الانتخابات مفسِدون في الأرض، وعقوبتهم بالطبع هي الإعدام، ولم يتوقَّفوا عند هذا الحدِّ؛ فبعد قَمْعِ المتظاهِرِين في عاشوراء والمظاهرات التي سبقَتْها، ونزول الآلاف من البسيج والحرس الثوري إلى الشوارع، وممارَسَة مختلف أنواع الاضطهاد ضدَّ المتظاهِرِين بلغت حدَّ القتل، قام النظام بزجِّ الآلاف منهم في السجون التي لم يسلَموا فيها أيضًا؛ حيث قُتِل العديد منهم، وقام الحرس الثوري بتعذيبهم بمختلف الوسائل، بما في ذالك الاعتداءات الجنسيَّة، وبعد انتشار تلك الفضائح في وسائل الإعلام اضطرَّ المرشد الأعلى علي خامنائي إلى إصدار قرار غلق سجن كهريزك، إلاَّ أن بعض التقارير تتحدَّث عن استمرار التعذيب وممارَسَات مشابهة في السجون الأخرى.
وفي تصعيد آخر، أُعدِم متظاهرون بالتُّهَم نفسها، وينتظر البعض منهم المصير نفسه، فسَّرَها مراقبون بأنها إشارات تحذيرية للإصلاحيين ومحاوَلَة لترهيبهم؛ حتى لا يخرجوا في مظاهرات في ذكرى الثورة، وبثَّ التلفزيون الإيراني مقاطع فيديو لمتظاهرين قاموا بحرق صورة الخميني وخامنائي، شكَّك الإصلاحيون فيها، واعتبروها محاوَلةً لتشويه صورتهم، ولا زالت التهديدات مستمرَّة لموسوي وكروبي بالمحاكمة والإعدام، كما حاولوا اغتيال هذا الأخير قبل أيام عندما استُهدِفت سيارته بإطلاق نار، وتَمَّ تجريد هاشمي رفسنجاني من لقب آية الله؛ إذ أصبحت وسائل الإعلام الرسمية تكتفي بلقب حجة الله، ولهذه الخطوة دلائل سياسية؛ منها: حرمان رفسنجاني من منصب الولي الفقيه مستقبلاً، كما تَمَّ استبعاده من خطبة الجمعة منذ بداية الأزمة، إضافَة إلى إلغاء خطابه في احتفالات الذكرى الواحدة والثلاثين للثورة، الذي كان يلقيه كلَّ عام.
بعد استعراض كل هذا، ووَفْقَ القاعدة الشيعية: (القوي هو مَن يكتب التاريخ)، يمكننا القول: إن النظام الإيراني - والممسِكون بزمام السلطة فيه تحديدًا - ليسوا إلا مجرَّد ديكتاتوريين متسلِّطين متجبِّرين، هدفهم تحقيق مكاسب شخصية، واحتكار السلطة في أيديهم، ومن أجل ذلك يُلصِقون بخصومهم (الإصلاحيين) أبشع الأوصاف وأشنعها، خاصة إذا كان هؤلاء - كما سبَقت الإشارة إليه - من الرموز الثورية التي يشهد لها تاريخها الناصع مع الخميني، ووقوفهم معه في أصعب الظروف، يؤكِّد مدى وطنيتهم وتمسُّكهم بالثورة.
وإذا ما أخذنا إحدى هذه التُّهَم وناقشناها - كالتعاون مع الغرب - فإننا نجد أن المحافظين لا يملكون أيَّ دليل على وجود علاقة بين الإصلاحيين وأمريكا سوى الدعم الإعلامي، وإشادة وسائل الإعلام الغربية بهم، أو اتِّهام بعض الموظَّفين (من الإيرانيين) في السفارة البريطانية والفرنسية بالمشاركة في المظاهرات والتحريض عليها، وهذه حجة أوهى من بيت العنكبوت، ولا تخرج عن الإطار السابق، وإذا ما سلَّمنا جدلاً بصحَّة هذه التُّهَم، فإنها ستكون إدانة للخميني والثورة من أساسها قبل أن تكون إدانة للإصلاحيين؛ إذ إنَّ معظم مَن كتب عن ثورة 1979 يُجمِعون على أن وسائل الإعلام الغربية كان لها دور كبير في الثورة وأسهمت في الدعاية للخميني، حيث كانت صُوَره تتصدَّر الصحف العالمية، وكانت الإذاعات الموجَّهة لإيران تبثُّ تصريحاته ولم يتردَّد الخميني في استغلالها، ويشير محمد حسنين هيكل في كتابه "مدافع آية الله" إلى أن الخميني كان معدَّل تصريحاته الإعلامية من أربعة إلى خمسة يوميًّا، فضلاً عن أنه عاد إلى إيران من فرنسا وفوق طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية.
ومع ذلك فإن الإيرانيين يرفضون وصف نجاح الثورة بالمؤامرة، ولا شكَّ في أن الغرب لم يدعم الخميني حبًّا فيه أو في الشعب الإيراني، وإنما من أجل مصالحه التي ترتبط بها مواقفه السياسية، ومن هنا فإن النظام الإيراني أمام خيارين أحلاهما مر، فالإصرار على تعاون الإصلاحيين مع الغرب إدانة للخميني والنظام جملةً وتفصيلاً، وإذا ما تراجعوا عن التهمة فمعنى ذلك صِدْقُ مقولة: (القوي هو مَن يكتب التاريخ)، وما يترتَّب عليها من أحكام على المحافظين.
وبغضِّ النظر عن كلِّ هذا، فإن حلَّ الأزمة الإيرانية أمام خيارَين لا ثالث لهما: الوصول إلى تسويةٍ ما وبأي صيغة بين التيَّارَين، سواء بتقاسم السلطة، أو إعادة إجراء الانتخابات التي سيضطرُّ فيها المحافظون للتراجع عن تهمهم للإصلاحيين، أو الاستمرار في المواجهة والتصعيد حتى محاكمة رموز الإصلاح، والزج بهم في غياهب السجن، ولربما حتى الإعدام، وهذا ليس مستبعدًا؛ نظرًا لطريقة تعامُل النظام مع وفاة المرجع الديني الإصلاحي آية الله حسين منتظري، وفي الحالتين ستُثبت القاعدة الشيعية على نظام الملالي في إيران أنهم مجرَّد دكتاتوريين متجبِّرين ومتسلِّطين، هدفهم تحقيق مصالحهم الشخصية باستغلال الدين، وكما قال مير حسين موسوي: "الديكتاتورية باسم الدين هي أسوأ الدكتاتوريات".
إذا ما انطلقنا من هذه القاعدة التي تقول بأن القويَّ هو مَن يكتب التاريخ، فإننا سنُسقِطها - أي: القاعدة - على نظام الملالي ونتساءل: مَن يكتب التاريخ في إيران اليوم؟
تعقيدات الأزمة الإيرانية الحاليَّة كبيرة جدًّا، وإمكانية حلِّها صعبة أيضًا؛ وذلك لأن طرفيها هم من رموز الثورة الإيرانية عام 1979، كما أن كلاهما يدَّعي أنه الممثِّل الحقيقي لنهج الخميني، وهذا ما يفسِّر دخولها في نفق مظلم لم تخرج منه منذ سبعة أشهر، ولا يبدو في الأفق القريب والمتوسِّط أن هناك مخرجًا لها، خاصة إذا ما أخذ في الاعتبار تأثير الأوضاع الدولية والاستقطاب الحاد بين إيران والغرب؛ بسبب الملف النووي وملفَّات إقليمية أخرى مرتبطة به يحاول المحافظون كسبها لصالحهم.
وما يهمُّ في هذه الأزمة هو نظرة المحافظين بزعامة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية على خامنائي، والرئيس أحمدي نجاد، إلى الإصلاحيين الذين يتزعَّمهم رئيس مجلس الخبراء هاشمي رفسنجاني، ورئيس الوزراء الأسبق مير حسين موسوي، إضافة إلى مهدي كروبي.
فالمحافظون يتَّهمون الإصلاحيين بمحاربة الله ورسوله، والتآمر على نظام الجمهورية الإسلامية، والتعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا لتغيير النظام، وهذه الاتِّهامات جاءت على مستويات مختلفة؛ حيث دعا خامنائي المعارَضَة للنأي بنفسها عن الأعداء، وفسَّر قائد الحرس الثوري دعواتهم لتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية على أنها محاوَلَة للحدِّ من صلاحيات المرشد الأعلى، كما اتَّهم رئيس القضاء الإيراني للشؤون الدولية محمد جواد لاريجاني الزعيم الإصلاحي موسوي بخيانة الثورة، معتبرًا أن خيانته تُشبِه خيانة مسعود رجوي زعيم منظَّمة مجاهدي خلق، وهاجَم في السياق نفسه حفيد الإمام الخميني لتأييده زعماء الإصلاح، ولا زالت هجمات أعضاء مجلس الخبراء مستمرَّة على هاشمي رفسنجاني، كما اتَّهمه نوَّاب محافظون في البرلمان مع أسرته بدعم الاضطرابات وإثارة فتنة كبيرة لمحاربة قِيَم الثورة، وتشويه صورته بتُهَم الفساد.
ودُعِّمت هذه الاتِّهامات بفتاوى لآيات الله؛ حيث قال محمد مصباح يزدي: إن المحتجِّين على نتائج الانتخابات مفسِدون في الأرض، وعقوبتهم بالطبع هي الإعدام، ولم يتوقَّفوا عند هذا الحدِّ؛ فبعد قَمْعِ المتظاهِرِين في عاشوراء والمظاهرات التي سبقَتْها، ونزول الآلاف من البسيج والحرس الثوري إلى الشوارع، وممارَسَة مختلف أنواع الاضطهاد ضدَّ المتظاهِرِين بلغت حدَّ القتل، قام النظام بزجِّ الآلاف منهم في السجون التي لم يسلَموا فيها أيضًا؛ حيث قُتِل العديد منهم، وقام الحرس الثوري بتعذيبهم بمختلف الوسائل، بما في ذالك الاعتداءات الجنسيَّة، وبعد انتشار تلك الفضائح في وسائل الإعلام اضطرَّ المرشد الأعلى علي خامنائي إلى إصدار قرار غلق سجن كهريزك، إلاَّ أن بعض التقارير تتحدَّث عن استمرار التعذيب وممارَسَات مشابهة في السجون الأخرى.
وفي تصعيد آخر، أُعدِم متظاهرون بالتُّهَم نفسها، وينتظر البعض منهم المصير نفسه، فسَّرَها مراقبون بأنها إشارات تحذيرية للإصلاحيين ومحاوَلَة لترهيبهم؛ حتى لا يخرجوا في مظاهرات في ذكرى الثورة، وبثَّ التلفزيون الإيراني مقاطع فيديو لمتظاهرين قاموا بحرق صورة الخميني وخامنائي، شكَّك الإصلاحيون فيها، واعتبروها محاوَلةً لتشويه صورتهم، ولا زالت التهديدات مستمرَّة لموسوي وكروبي بالمحاكمة والإعدام، كما حاولوا اغتيال هذا الأخير قبل أيام عندما استُهدِفت سيارته بإطلاق نار، وتَمَّ تجريد هاشمي رفسنجاني من لقب آية الله؛ إذ أصبحت وسائل الإعلام الرسمية تكتفي بلقب حجة الله، ولهذه الخطوة دلائل سياسية؛ منها: حرمان رفسنجاني من منصب الولي الفقيه مستقبلاً، كما تَمَّ استبعاده من خطبة الجمعة منذ بداية الأزمة، إضافَة إلى إلغاء خطابه في احتفالات الذكرى الواحدة والثلاثين للثورة، الذي كان يلقيه كلَّ عام.
بعد استعراض كل هذا، ووَفْقَ القاعدة الشيعية: (القوي هو مَن يكتب التاريخ)، يمكننا القول: إن النظام الإيراني - والممسِكون بزمام السلطة فيه تحديدًا - ليسوا إلا مجرَّد ديكتاتوريين متسلِّطين متجبِّرين، هدفهم تحقيق مكاسب شخصية، واحتكار السلطة في أيديهم، ومن أجل ذلك يُلصِقون بخصومهم (الإصلاحيين) أبشع الأوصاف وأشنعها، خاصة إذا كان هؤلاء - كما سبَقت الإشارة إليه - من الرموز الثورية التي يشهد لها تاريخها الناصع مع الخميني، ووقوفهم معه في أصعب الظروف، يؤكِّد مدى وطنيتهم وتمسُّكهم بالثورة.
وإذا ما أخذنا إحدى هذه التُّهَم وناقشناها - كالتعاون مع الغرب - فإننا نجد أن المحافظين لا يملكون أيَّ دليل على وجود علاقة بين الإصلاحيين وأمريكا سوى الدعم الإعلامي، وإشادة وسائل الإعلام الغربية بهم، أو اتِّهام بعض الموظَّفين (من الإيرانيين) في السفارة البريطانية والفرنسية بالمشاركة في المظاهرات والتحريض عليها، وهذه حجة أوهى من بيت العنكبوت، ولا تخرج عن الإطار السابق، وإذا ما سلَّمنا جدلاً بصحَّة هذه التُّهَم، فإنها ستكون إدانة للخميني والثورة من أساسها قبل أن تكون إدانة للإصلاحيين؛ إذ إنَّ معظم مَن كتب عن ثورة 1979 يُجمِعون على أن وسائل الإعلام الغربية كان لها دور كبير في الثورة وأسهمت في الدعاية للخميني، حيث كانت صُوَره تتصدَّر الصحف العالمية، وكانت الإذاعات الموجَّهة لإيران تبثُّ تصريحاته ولم يتردَّد الخميني في استغلالها، ويشير محمد حسنين هيكل في كتابه "مدافع آية الله" إلى أن الخميني كان معدَّل تصريحاته الإعلامية من أربعة إلى خمسة يوميًّا، فضلاً عن أنه عاد إلى إيران من فرنسا وفوق طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية.
ومع ذلك فإن الإيرانيين يرفضون وصف نجاح الثورة بالمؤامرة، ولا شكَّ في أن الغرب لم يدعم الخميني حبًّا فيه أو في الشعب الإيراني، وإنما من أجل مصالحه التي ترتبط بها مواقفه السياسية، ومن هنا فإن النظام الإيراني أمام خيارين أحلاهما مر، فالإصرار على تعاون الإصلاحيين مع الغرب إدانة للخميني والنظام جملةً وتفصيلاً، وإذا ما تراجعوا عن التهمة فمعنى ذلك صِدْقُ مقولة: (القوي هو مَن يكتب التاريخ)، وما يترتَّب عليها من أحكام على المحافظين.
وبغضِّ النظر عن كلِّ هذا، فإن حلَّ الأزمة الإيرانية أمام خيارَين لا ثالث لهما: الوصول إلى تسويةٍ ما وبأي صيغة بين التيَّارَين، سواء بتقاسم السلطة، أو إعادة إجراء الانتخابات التي سيضطرُّ فيها المحافظون للتراجع عن تهمهم للإصلاحيين، أو الاستمرار في المواجهة والتصعيد حتى محاكمة رموز الإصلاح، والزج بهم في غياهب السجن، ولربما حتى الإعدام، وهذا ليس مستبعدًا؛ نظرًا لطريقة تعامُل النظام مع وفاة المرجع الديني الإصلاحي آية الله حسين منتظري، وفي الحالتين ستُثبت القاعدة الشيعية على نظام الملالي في إيران أنهم مجرَّد دكتاتوريين متجبِّرين ومتسلِّطين، هدفهم تحقيق مصالحهم الشخصية باستغلال الدين، وكما قال مير حسين موسوي: "الديكتاتورية باسم الدين هي أسوأ الدكتاتوريات".
بو زيد يحيى
مآآآآآجى
مآآآآآجى