بسم الله
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فإن الوسواس مرض يبتلي الله به من يشاء من عباده وقد يصاب به الصالحون. وهو على أنواع منه ما هو عملي ومنه ما هو اعتقادي. والوسواس القهري هو أفكار تتسلط على العبد وتحمله على تكرار التفكير أو الأفعال بشكل قهري وإذا لم يستجب لتلكم الأفكار والأفعال وينساق معها حصل له قلق شديد وتوتر نفسي لا يزول عنه إلا بالإستجابة لها.
و الأصل في سببه أنه من عمل الشيطان وقد يكون سببه مرض نفسي يتعلق بالجهاز العصبي. والشيطان يبدأ في وسواس العبد في الشيء اليسير في عبادته وعمله وسلوكه فإن استعاذ منه وامتنع عنه لم يتغلب عليه وإن استجاب له العبد وكان ضعيفا شدد عليه الشيطان وأكثر من وسواسه وتمكن منه حتى يشككه في دينه وربه ونبيه ويهجم على قلبه ويضعف عزيمته ويبطل عمله ويكون العبد له أسيرا . قال عثمان بن أبي العاص :" يا رسول الله : إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ذاك شيطان يقال له خنزب ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، و اتفل عن يسارك ثلاثاً ). قال : ففعلت ذلك فأذهبه الله عني "رواه مسلم . وفي الغالب ينفذ الشيطان على العبد في حال غفلته وضعفه وخوره وفتنته بالدنيا وغير ذلك من أحوال ضعف البصيرة وقلة الإخلاص. قال الله تعالى ( مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ). وقال المعتمر بن سليمان عن أبيه " ذكر لي أن الشيطان الوسواس ينفث في قلب بن آدم عند الحزن وعند الفرح فإذا ذكر الله خنس ". وقال ابن عباس في قوله ( الوسواس الخناس ) قال " الشيطان جاثم على قلب بن آدم فإذا سها وغفل وسوس فإذا ذكر الله خنس ".
والمراد بمرض الوسواس هو الذي يكون مسيطرا على تفكير العبد وسلوكه في سائر أحواله لا ينفك عنه. أما الوسوسة الطارئة و خاطرة السوء والهم بالمعصية الذي بعرض للعبد أحيانا فهذا لا يعد مرضا وأمره سهل بإذن الله تعالى. ولا يضر العبد ذلك ولا يحاسب عليه إذا طرده وتخلص منه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنّ الله تجاوز لأمتي عما وسوست به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) رواه البخاري.
كما أن الناس يتفاوتون أيضا في مرض الوسواس فمنهم من وسواسه خفيف و منهم متوسط ومنهم شديد. ومنهم من وسواسه في العبادات ومنهم من في الإعتقادات والعياذ بالله. و أحوال وقصص الموسوسين عجيبة ومحزنة في هذا الباب. جاء أحد الموسوسين المتشككين إلى مجلس الفقيه ابن عقيل، فلما جلس، قال للفقيه: إني أنغمس في الماء مرات كثيرة، ومع ذلك أشك: هل تطهرت أم لا، فما رأيك في ذلك؟فقال ابن عقيل: اذهب، فقد سقطت عنك الصلاة.فتعجب الرجل وقال له: وكيف ذلك؟فقال ابن عقيل:لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رفع القلم عن ثلاثة: المجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يبلغ ". ومن ينغمس في الماء مرارا - مثلك- ويشك هل اغتسل أم لا، فهو بلا شك مجنون .
وعلاج الوسواس الذي سببه الشيطان يكمن في الأمور الآتية:
1- أن يعلم المبتلى بذلك أن ما أصابه مرض ابتلاه الله به لحكمة فيصبر على ذلك ويحتسب و يتعاطى الأسباب التي تخففه أو تمنعه بالكلية. قال تعالى ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ).
2- أن يكثر العبد من الإستعاذة بالله من شرور الشيطان وأن يلتجأ بالله ويعتصم به. قال تعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ).
3- أن يطلب العون من الله ويحسن التوكل عليه. ويوقن أنه لا يمنعه من الشيطان ويقيه إلا الله. ومن استعان بالله على أحد من خلقه كفاه شره وعصمه ووقاه منه ويسر أمره. قال تعالى ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ). وقال تعالى ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ).
4- أن يكثر من الدعاء الصادق لا سيما في الأوقات والأماكن الفاضلة ويطرح بين يدي الله ويدعو دعوة المضطرين بخوف وإنابة وحسن ظن بالله. قال تعالى ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ).
5- إذا هجم الوسواس عليه قطع التفكير به ولم يستسلم وينقد له بل إشتغل بأمر آخر ديني أو دنيوي نافع. وينبغي له أن يملأ وقته ويومه بكثير من الأعمال والبرامج و لا يبقى فارغا يتسلط التفكير عليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول من خلق كذا وكذا ؟ حتى يقول له من خلق ربَّك ؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته ) رواه مسلم .
6- إذا وجد ذلك في نفسه فليقل ( آمنت بالله ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق اللهُ الخلقَ ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله ) رواه مسلم. و ليكثر من النظر في كتاب الله و دلائل الإيمان وأسماء الله وصفاته وأفعاله الجميلة والجليلة. ويتفكر في آيات الله الكونية. وقراءة الأحاديث النبوية وسماع كلام أهل الحق والحكمة ومجالس العلم. قال تعالى ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ).
7- أن يتحلى بالثقة بالله وقوة القلب والعزيمة ويوقن ضعف الشيطان وكيده. وليعلم أن ارتفاع معنوياته ومستواه النفسي له أثر عظيم و دور كبير بإذن الله في حصول علاجه وتخلصه من الوسواس. قال تعالى ( فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ). وقال تعالى ( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ).
8- أن يكثر من ذكر الله والتدبر فيه خاصة الفاتحة والمعوذات وسورة البقرة. فإن لذكر الله أثر عظيم في اطمئنان القلب و طهارته وذهاب صدأه وقسوته ووحشته من الشبهات المحرقة والشهوات المظلمة. قال تعالى ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ).
و إذا ثبت أن الوسواس ناشئ عن مرض نفسي فلا بأس في تعاطي العلاج النفسي و الإستعانة بالمختصين وغير ذلك من الأسباب النافعة مع تلاوة القرآن و الذكر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ) رواه البخاري.
وإذا قاوم العبد الشيطان على وسواسه وجاهده على ذلك وصبر على بلائه كان مأجورا على ذلك ولم يؤاخذه الله بما حصل منه وكان ذلك دليلا على كمال إيمانه ونور بصيرته . وقد وقع ذلك للصحابة فعن حديث أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: وقد وجدتموه. قالوا نعم. قال: ذاك صريح الإيمان ) رواه مسلم. والمعنى أن حصول الوسواس في نفوسهم مع كراهتهم له ودفعه عن قلوبهم هو من صريح الإيمان وليس المراد أن الوسواس من صريح الإيمان.
و الشيطان حريص أشد الحرص على الهجوم على قلب المؤمن الحق والوسوسة فيه لإفساده وإذهاب نوره ولن يتمكن من ذلك بإذن الله ما دام العبد متحصن بذكر الله. أما الكافر والمنافق فالشيطان مستغن عن الوسوسة في قلبه ليس بحاجة إليه لأن قلبه مظلم بالكفر. فقد جاء الصحابة لابن عباس وقالوا إن اليهود يعيروننا بقولهم نخشع في صلاتنا ولا تخشعون في صلاتكم فقال ابن عباس: وماذا يفعل الشيطان بالبيت الخرب.
أسأل الله أن يقوي إيماننا وينور بصائرنا ويقينا من شرور الشيطان ويحفظنا من كيده ويشف من ابتلي بالوسواس من المؤمنين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فإن الوسواس مرض يبتلي الله به من يشاء من عباده وقد يصاب به الصالحون. وهو على أنواع منه ما هو عملي ومنه ما هو اعتقادي. والوسواس القهري هو أفكار تتسلط على العبد وتحمله على تكرار التفكير أو الأفعال بشكل قهري وإذا لم يستجب لتلكم الأفكار والأفعال وينساق معها حصل له قلق شديد وتوتر نفسي لا يزول عنه إلا بالإستجابة لها.
و الأصل في سببه أنه من عمل الشيطان وقد يكون سببه مرض نفسي يتعلق بالجهاز العصبي. والشيطان يبدأ في وسواس العبد في الشيء اليسير في عبادته وعمله وسلوكه فإن استعاذ منه وامتنع عنه لم يتغلب عليه وإن استجاب له العبد وكان ضعيفا شدد عليه الشيطان وأكثر من وسواسه وتمكن منه حتى يشككه في دينه وربه ونبيه ويهجم على قلبه ويضعف عزيمته ويبطل عمله ويكون العبد له أسيرا . قال عثمان بن أبي العاص :" يا رسول الله : إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ذاك شيطان يقال له خنزب ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، و اتفل عن يسارك ثلاثاً ). قال : ففعلت ذلك فأذهبه الله عني "رواه مسلم . وفي الغالب ينفذ الشيطان على العبد في حال غفلته وضعفه وخوره وفتنته بالدنيا وغير ذلك من أحوال ضعف البصيرة وقلة الإخلاص. قال الله تعالى ( مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ). وقال المعتمر بن سليمان عن أبيه " ذكر لي أن الشيطان الوسواس ينفث في قلب بن آدم عند الحزن وعند الفرح فإذا ذكر الله خنس ". وقال ابن عباس في قوله ( الوسواس الخناس ) قال " الشيطان جاثم على قلب بن آدم فإذا سها وغفل وسوس فإذا ذكر الله خنس ".
والمراد بمرض الوسواس هو الذي يكون مسيطرا على تفكير العبد وسلوكه في سائر أحواله لا ينفك عنه. أما الوسوسة الطارئة و خاطرة السوء والهم بالمعصية الذي بعرض للعبد أحيانا فهذا لا يعد مرضا وأمره سهل بإذن الله تعالى. ولا يضر العبد ذلك ولا يحاسب عليه إذا طرده وتخلص منه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنّ الله تجاوز لأمتي عما وسوست به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) رواه البخاري.
كما أن الناس يتفاوتون أيضا في مرض الوسواس فمنهم من وسواسه خفيف و منهم متوسط ومنهم شديد. ومنهم من وسواسه في العبادات ومنهم من في الإعتقادات والعياذ بالله. و أحوال وقصص الموسوسين عجيبة ومحزنة في هذا الباب. جاء أحد الموسوسين المتشككين إلى مجلس الفقيه ابن عقيل، فلما جلس، قال للفقيه: إني أنغمس في الماء مرات كثيرة، ومع ذلك أشك: هل تطهرت أم لا، فما رأيك في ذلك؟فقال ابن عقيل: اذهب، فقد سقطت عنك الصلاة.فتعجب الرجل وقال له: وكيف ذلك؟فقال ابن عقيل:لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رفع القلم عن ثلاثة: المجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يبلغ ". ومن ينغمس في الماء مرارا - مثلك- ويشك هل اغتسل أم لا، فهو بلا شك مجنون .
وعلاج الوسواس الذي سببه الشيطان يكمن في الأمور الآتية:
1- أن يعلم المبتلى بذلك أن ما أصابه مرض ابتلاه الله به لحكمة فيصبر على ذلك ويحتسب و يتعاطى الأسباب التي تخففه أو تمنعه بالكلية. قال تعالى ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ).
2- أن يكثر العبد من الإستعاذة بالله من شرور الشيطان وأن يلتجأ بالله ويعتصم به. قال تعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ).
3- أن يطلب العون من الله ويحسن التوكل عليه. ويوقن أنه لا يمنعه من الشيطان ويقيه إلا الله. ومن استعان بالله على أحد من خلقه كفاه شره وعصمه ووقاه منه ويسر أمره. قال تعالى ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ). وقال تعالى ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ).
4- أن يكثر من الدعاء الصادق لا سيما في الأوقات والأماكن الفاضلة ويطرح بين يدي الله ويدعو دعوة المضطرين بخوف وإنابة وحسن ظن بالله. قال تعالى ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ).
5- إذا هجم الوسواس عليه قطع التفكير به ولم يستسلم وينقد له بل إشتغل بأمر آخر ديني أو دنيوي نافع. وينبغي له أن يملأ وقته ويومه بكثير من الأعمال والبرامج و لا يبقى فارغا يتسلط التفكير عليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول من خلق كذا وكذا ؟ حتى يقول له من خلق ربَّك ؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته ) رواه مسلم .
6- إذا وجد ذلك في نفسه فليقل ( آمنت بالله ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق اللهُ الخلقَ ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله ) رواه مسلم. و ليكثر من النظر في كتاب الله و دلائل الإيمان وأسماء الله وصفاته وأفعاله الجميلة والجليلة. ويتفكر في آيات الله الكونية. وقراءة الأحاديث النبوية وسماع كلام أهل الحق والحكمة ومجالس العلم. قال تعالى ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ).
7- أن يتحلى بالثقة بالله وقوة القلب والعزيمة ويوقن ضعف الشيطان وكيده. وليعلم أن ارتفاع معنوياته ومستواه النفسي له أثر عظيم و دور كبير بإذن الله في حصول علاجه وتخلصه من الوسواس. قال تعالى ( فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ). وقال تعالى ( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ).
8- أن يكثر من ذكر الله والتدبر فيه خاصة الفاتحة والمعوذات وسورة البقرة. فإن لذكر الله أثر عظيم في اطمئنان القلب و طهارته وذهاب صدأه وقسوته ووحشته من الشبهات المحرقة والشهوات المظلمة. قال تعالى ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ).
و إذا ثبت أن الوسواس ناشئ عن مرض نفسي فلا بأس في تعاطي العلاج النفسي و الإستعانة بالمختصين وغير ذلك من الأسباب النافعة مع تلاوة القرآن و الذكر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ) رواه البخاري.
وإذا قاوم العبد الشيطان على وسواسه وجاهده على ذلك وصبر على بلائه كان مأجورا على ذلك ولم يؤاخذه الله بما حصل منه وكان ذلك دليلا على كمال إيمانه ونور بصيرته . وقد وقع ذلك للصحابة فعن حديث أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: وقد وجدتموه. قالوا نعم. قال: ذاك صريح الإيمان ) رواه مسلم. والمعنى أن حصول الوسواس في نفوسهم مع كراهتهم له ودفعه عن قلوبهم هو من صريح الإيمان وليس المراد أن الوسواس من صريح الإيمان.
و الشيطان حريص أشد الحرص على الهجوم على قلب المؤمن الحق والوسوسة فيه لإفساده وإذهاب نوره ولن يتمكن من ذلك بإذن الله ما دام العبد متحصن بذكر الله. أما الكافر والمنافق فالشيطان مستغن عن الوسوسة في قلبه ليس بحاجة إليه لأن قلبه مظلم بالكفر. فقد جاء الصحابة لابن عباس وقالوا إن اليهود يعيروننا بقولهم نخشع في صلاتنا ولا تخشعون في صلاتكم فقال ابن عباس: وماذا يفعل الشيطان بالبيت الخرب.
أسأل الله أن يقوي إيماننا وينور بصائرنا ويقينا من شرور الشيطان ويحفظنا من كيده ويشف من ابتلي بالوسواس من المؤمنين