السؤال
هل يصِحُّ الزواجُ بدون الرُّؤية الشرعية، والاعتماد على الصور والفيديو لمشاهدة المخطوبة، والاعتماد على الأهل في ذلك، مع العلم أنه يوجَد حب متبادَل، وموافقة منَ الطرفين، بما فيهم الأهل وأهل البنْت.كذلك يوجد الدِّين والأخلاق في الطرفين، وكلاهما يتناسبان في كلِّ شيء، ويوجد تراضٍ وحبٌّ كبير بين الطرفين.
مع العلم أنه منَ الصَّعب وُجُود رؤية شرعيَّة إلا قبل سنة بعد الخطوبة، وقبل الزواج مباشرة؛ لأسباب صعبة، وهي سفَر الشاب، وعدم القُدرة على الإجازة، فهل يجوز ذلك مع التأكُّد من الأهْل ومن المخطوبة، وَوُجُود ثقة متبادلة بَيْن الطرفَيْن، وجزاكم الله خيرَ الجزاء، والله الموفق.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فإنَّ الأسلوب المشروع والأنسب لِمَنْ أرَادَ الزَّواجَ هو ما بَيَّنَتْه السُّنَّة النبوية المطهرة، من النظر إلى المخطوبة، وخطبتها عند ولِيِّها.
فقد روى التِّرمذي عن المغيرة بن شُعبة: أنه خطب امرأة، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((هل نظرتَ إليها؟))، قال: لا، قال: ((انظر إليها؛ فإنَّه أحرى أن يؤدمَ بينكما)).
أما إذا لم يتمكَّن الخاطبُ من النظر إليها مباشرة، فلا بأس بألاّ ينظرَ إليها؛ لأنَّ النظرَ إلى المخطوبة أمرٌ مُستحبٌّ، وليس بواجب؛ لحديث محمد بن مَسْلَمة قال: خطبتُ امرأة فجعلْتُ أتخبَّأ لها، حتى نظرْتُ إليها في نخلٍ لها؛ فقيل له: أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟! فقال: سمعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إذا ألقى الله في قلْب امرئٍ خطبة امرأة، فلا بأس أن ينظرَ إليها))، ونفي البأس دليلٌ على أن النظر مباح أو مُستحب.
قال النووي - تعليقًا على حديث عن أبي هريرة قال: كنتُ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجل، فأخبره أنه تزوَّج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنظرتَ إليها؟))، قال: لا، قال: ((فاذهبْ فانظُر إليها؛ فإنَّ في أعيُن الأنصار شيئًا)) -: فيه استحباب النَّظَر إلى مَن يريد تَزَوُّجهَا، وهو مذْهبنا، ومذهب مالك، وأبي حنيفة، وسائر الكوفيين، وأحمد، وجماهير العلماء".
وقال المرْداوي في "الإنصاف" (12 / 205): ويجوز لِمَن أراد خطبة امرأة النظرُ، هذا المذهب؛ أعني: أنه يباح.
جزَم به في: "الهداية"، و"المذهب"، و"المستوعب"، و"الخلاصة"، و"الكافي"، و"الرعايتين"، و"الحاوي الصغير"، و"الفائق"، وغيرهم.
وقدَّمه في "الفُرُوع"، و"تجريد العناية".
وقيل: يُستحب له النظر، جزَم به أبو الفتْح الحلواني، وابن عقيل، وصاحب التَّرغيب، وغيرهم.
قلتُ: وهو الصواب.
قال الزركشي: وجعلَه ابن عقيل وابن الجوْزي مُستحبًّا، وهو ظاهر الحديث.
فزاد: ابن الجوزي: قال ابن رزين في شرْحه: يُسَن إجماعًا، كذا قال، وأطلق الوجهَيْن ابن خطيب السلامية.
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار": "وأحاديث الباب فيها دليلٌ على أنه لا بأس بنظر الرجل إلى المرأة التي يريد أن يتزوّجها، والأمرُ المذكور في حديث أبي هريرة وحديث المغيرة وحديث جابر للإباحة؛ بقرينة قوله في حديث أبي حميد: ((فلا جُناح عليه))، وفي حديث محمد بن مسلمة ((فلا بأس))، وإلى ذلك ذهَب جمهور العلماء، وحكى القاضي عياض كراهته، وهو خطأ، مخالف للأدلة المذكورة ولأقوال أهل العلم".
والحاصل: أن النظرَ للمخطوبة مُستحب فقط، ولا يؤثر على صحَّة عقد الزواج، كما أن الصور الثابتة أو المتحركة يمكن أن تقوم مقام النظر إذا احتاج لذلك وأَمِنَت المرأة المَفْسَدة في انتشار صورتها،، والله أعلم.
هل يصِحُّ الزواجُ بدون الرُّؤية الشرعية، والاعتماد على الصور والفيديو لمشاهدة المخطوبة، والاعتماد على الأهل في ذلك، مع العلم أنه يوجَد حب متبادَل، وموافقة منَ الطرفين، بما فيهم الأهل وأهل البنْت.كذلك يوجد الدِّين والأخلاق في الطرفين، وكلاهما يتناسبان في كلِّ شيء، ويوجد تراضٍ وحبٌّ كبير بين الطرفين.
مع العلم أنه منَ الصَّعب وُجُود رؤية شرعيَّة إلا قبل سنة بعد الخطوبة، وقبل الزواج مباشرة؛ لأسباب صعبة، وهي سفَر الشاب، وعدم القُدرة على الإجازة، فهل يجوز ذلك مع التأكُّد من الأهْل ومن المخطوبة، وَوُجُود ثقة متبادلة بَيْن الطرفَيْن، وجزاكم الله خيرَ الجزاء، والله الموفق.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فإنَّ الأسلوب المشروع والأنسب لِمَنْ أرَادَ الزَّواجَ هو ما بَيَّنَتْه السُّنَّة النبوية المطهرة، من النظر إلى المخطوبة، وخطبتها عند ولِيِّها.
فقد روى التِّرمذي عن المغيرة بن شُعبة: أنه خطب امرأة، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((هل نظرتَ إليها؟))، قال: لا، قال: ((انظر إليها؛ فإنَّه أحرى أن يؤدمَ بينكما)).
أما إذا لم يتمكَّن الخاطبُ من النظر إليها مباشرة، فلا بأس بألاّ ينظرَ إليها؛ لأنَّ النظرَ إلى المخطوبة أمرٌ مُستحبٌّ، وليس بواجب؛ لحديث محمد بن مَسْلَمة قال: خطبتُ امرأة فجعلْتُ أتخبَّأ لها، حتى نظرْتُ إليها في نخلٍ لها؛ فقيل له: أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟! فقال: سمعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إذا ألقى الله في قلْب امرئٍ خطبة امرأة، فلا بأس أن ينظرَ إليها))، ونفي البأس دليلٌ على أن النظر مباح أو مُستحب.
قال النووي - تعليقًا على حديث عن أبي هريرة قال: كنتُ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجل، فأخبره أنه تزوَّج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنظرتَ إليها؟))، قال: لا، قال: ((فاذهبْ فانظُر إليها؛ فإنَّ في أعيُن الأنصار شيئًا)) -: فيه استحباب النَّظَر إلى مَن يريد تَزَوُّجهَا، وهو مذْهبنا، ومذهب مالك، وأبي حنيفة، وسائر الكوفيين، وأحمد، وجماهير العلماء".
وقال المرْداوي في "الإنصاف" (12 / 205): ويجوز لِمَن أراد خطبة امرأة النظرُ، هذا المذهب؛ أعني: أنه يباح.
جزَم به في: "الهداية"، و"المذهب"، و"المستوعب"، و"الخلاصة"، و"الكافي"، و"الرعايتين"، و"الحاوي الصغير"، و"الفائق"، وغيرهم.
وقدَّمه في "الفُرُوع"، و"تجريد العناية".
وقيل: يُستحب له النظر، جزَم به أبو الفتْح الحلواني، وابن عقيل، وصاحب التَّرغيب، وغيرهم.
قلتُ: وهو الصواب.
قال الزركشي: وجعلَه ابن عقيل وابن الجوْزي مُستحبًّا، وهو ظاهر الحديث.
فزاد: ابن الجوزي: قال ابن رزين في شرْحه: يُسَن إجماعًا، كذا قال، وأطلق الوجهَيْن ابن خطيب السلامية.
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار": "وأحاديث الباب فيها دليلٌ على أنه لا بأس بنظر الرجل إلى المرأة التي يريد أن يتزوّجها، والأمرُ المذكور في حديث أبي هريرة وحديث المغيرة وحديث جابر للإباحة؛ بقرينة قوله في حديث أبي حميد: ((فلا جُناح عليه))، وفي حديث محمد بن مسلمة ((فلا بأس))، وإلى ذلك ذهَب جمهور العلماء، وحكى القاضي عياض كراهته، وهو خطأ، مخالف للأدلة المذكورة ولأقوال أهل العلم".
والحاصل: أن النظرَ للمخطوبة مُستحب فقط، ولا يؤثر على صحَّة عقد الزواج، كما أن الصور الثابتة أو المتحركة يمكن أن تقوم مقام النظر إذا احتاج لذلك وأَمِنَت المرأة المَفْسَدة في انتشار صورتها،، والله أعلم.