الحمد لله رب العالمين خالق الخلق ورازقهم أجمعين، وصلاة وسلاما عاطرين علي الحبيب القريب محمد صلي الله عليه وسلم في الأولين والآخرين، ثم أما بعد:
نواصل بإذن الله تعالي ما بدأناه في الجزء الأول من الموضوع المشار إليه أعلاه بعدما أعاننا الله علي استكمال الجزء الأول منه.ومما يثير الحيرة والدهشة هو أن الحكومة لا تفصح عن نواياها وتنكر ذلك إنكارا تشمئز منه النفوس الأبية لأنه يحمل جبنا ليس له مثيل.
وما دمتم قد نويتم فعل فعلتكم المنكرة من كل العالم الحر، حتى من هم علي غير ملتنا من النشطاء الأوروبيين وغير الأوربيين، وتحملوا مشقة السفر مئات الأميال ليحملوا لشعب غزة الصابر المحتسب الطعام والدواء، ورغم ذلك نضع العراقيل والعقبات أمام دخولهم غزة وكأننا مصرون علي ذبح هذا الشعب بسكين باردة لنحقق للعدو القريب-إسرائيل- والبعيد- أمريكا وبعض دول الغرب الكافر الذي يكره الإسلام والمسلمين، ويناصرون العدو الصهيوني من غير مداراة أو خجل.
وحال الشعب الفلسطيني في غزة لا يخفي علي أحد، ومن هنا نجد أحرار العالم يقف معه ولا يجامل أحدا في ذلك، أما نحن الذين كنا الأولي من غيرنا في الوقوف في ظهر هذا الشعب المناضل نمده بالعتاد والسلاح والطعام والدواء، فلم نفعل ذلك إلا ذرا للرماد في العيون، وكان موقفنا هزيلا قبيحا أمام كل الشعوب التي تعرف معني الحرية والعدل والحق.
فماذا دهانا نحن المسلمين حتى تقطعت أوصالنا وصرنا مطمعا لكل طامع وغنيمة لكل الشعوب النجسة كاليهود ومن علي شاكلتهم من الطامعين والمرتزقة والساقطين من حثالات البشر.
ولم يعد للعرب ولا للمسلمين هيبة ولا رهبة وتعيش بعض شعوب أمتنا العربية والإسلامية وكأنهم غرباء في أوطانهم، وإذا ما نادوا بحقوقهم كما تعيش كل الشعوب يُتهمون بأنهم: إرهابيون، متطرفون، يريدون خلق المشكلات وغيرها من النعوت التي لا تطلق إلا لتحزيب العالم ضد هذه الشعوب المغلوبة علي أمرها.
وكلما تلفت المرء من حوله ووجد كل ذلك يحدث يزداد حزنه لأن حال أمتنا ليس هو الحال الذي نتمناه لأمة كانت خير أمة أخرجت للناس، فوجوهنا تغيرت
وجلودنا تغيرت ولم نعد نحن كما كنا فيما سبق وأصبحنا كما قال لبيد الشاعر:
ذهب الذين يُعاشُ في أكنافهم *** وبقيتُ في خلفٍ كجلد الأجربِ
ولا تلام الشعوب في ضعفها وعدم قدرتها علي تحريك الأحداث ليتحقق العدل والحق لأن أغلب شعوبنا العربية والإسلامية محكومة بالحديد والنار، والكثير من حكامها -إلا من رحم ربك- يتشبثون بمقاعد الحكم حتى الرمق الأخير من حياتهم، ونسوا أن الإمارة يوم القيامة ندامة علي صاحبها والساعي لها والمتمسك بها رغم ملل الشعوب من الكثير من حكامها لطول مكثهم وسوء حكمهم وسوء حاشيتهم.
فأدى ذلك إلي كثير من الفساد الذي آذي عباد الله وأبعد الناس عن دينهم لاختناقهم من حكامهم والمحيطين بهم.
ونبدأ بحول الله ومدده في الجزء الثاني من هذا الموضوع:
الجدار الفولاذي، جدار الموت والعار والدمار، وخراب الديار في ميزان الشريعة والقانون والأخلاق:
الجدار الفولاذي كما يُطلق عليه مخالف لكل المعايير والقيم والشريعة والأخلاق والقوانين والنظم الدولية، وقبل هذا كله مخالف لأبسط أصول وقواعد الشريعة الإسلامية التي تتطلب من أتباعها أن يكونوا أولياء بعض، وأن يكونوا جسدا واحدا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
وهو يمثل جريمة إبادة جماعية، ويتناقض مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 96(د-1)لعام1946 الخاص باتفاقية بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها مخالفة لاتفاقية "جنيف" لعام 1949 والبروتوكولات الإضافية الملحقة بها.
والجدار يمثل مخالفة للمبادئ التوجيهية بشأن الحق في المساعدة الإنسانية، وغير قانوني طبقا لفتوى محكمة العدل الدولية في عام2004 حيث اعتبرت الفتوى أن الجدار الذي تبنيه إسرائيل علي حدودها مع حدود الضفة الغربية مناقضا للقانون الدولي ويمس بمختلف الحقوق المقننة في الاتفاقيات والمواثيق التي وقعت عليها إسرائيل ومنها الحق في حرية الحركة.
ورأت المحكمة أن الانتهاكات الناتجة عن بناء الجدار لا يمكن أن تبررها المتطلبات العسكرية وضرورات الأمن الوطني أو النظام العام مما دفع المحكمة للمطالبة بضرورة تفكيك أجزاء الجدار الذي تم بناؤه في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية.
وبناء علي ذلك يعد جدار مصر مخالفا للقانون الدولي ويعتبر جريمة من جرائم النظام العام الدولي ومخالفا لاتفاقية الدفاع العربي المشترك التي تنص المادة الثانية منها: "علي أن يتعين علي مصر بحكم كونها دولة عربية أن تبادر إلي تقديم يد العون للشعب الفلسطيني المحاصر بدلا من الإسهام بشكل أو بآخر في تشديد الحصار عليه، استجابة للإملاءات الأمريكية والإسرائيلية المفروضة عليها".
الشريعة الإسلامية ترد علي الأقوال والأعمال العبثية للحكومة المصرية!!!
يعد بناء الجدار الفولاذي بين مصر وقطاع غزة عملا عبثيا يخالف ما تنص عليه الشريعة الإسلامية لأنه من ناحية فهو استجابة وتلبية لدول غير إسلامية كأمريكا وإسرائيل والدول الأوربية عامة.
والشرع الحكيم لا يجيز نصرة غير المسلم علي المسلم مهما كانت المبررات والأسباب لأن الأمة الإسلامية أمة واحدة بنص كتاب الله تعالي، ولا يجوز التحالف مع عدو للإسلام والمسلمين علي أحد أو جماعة أو دولة مسلمة كالتحالف مع اليهود أو النصارى واتخاذهم أولياء من دون المسلمين كما أشرنا إلي ذلك بالآيات القرآنية فيما سبق من هذا المقال وفيما هو آت من الآيات المباركات.
يقول الحق تبارك وتعالي: {وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون:52]
{إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:92].
وتأتي السنة النبوية المطهرة لترفع الحرج عن كل من جهل الشريعة المحمدية:
يقول صلي الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم: «المسلم، أخو المسلم لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله، كل المسلم علي المسلم حرام؛ عرضه، وماله، ودمه، التقوى ها هنا -وأشار إلي القلب- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم»(حديث صحيح)
وقال صلي الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعي بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد علي من سواهم، يرد مشدهم علي مضعفهم، ومسرعهم علي قاعدهم، لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده»(حديث حسن)
وقد استنكر العديد من علماء الأمة الإسلامية هذا العمل المصري المخالف للشريعة الإسلامية بجناحيها القرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة، ومن بين هؤلاء العلماء:
1- الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي رئيس رابطة علماء المسلمين.
2- الدكتور علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا، وقال: "بأن الجدار الفولاذي عمل محرم شرعا لأن المقصود به سد كل المنافذ علي غزة للزيادة في حصارهم وتجويعهم وإذلالهم والضغط عليهم حتى يركعوا ويستسلموا لما تريده إسرائيل.
3- الشيخ حافظ سلامة قائد المقومة الشعبية إبان حرب 1973 أصدر بيانا استنكر فيه إغلاق الحكومة المصرية لمعبر "رفح" وعدم السماح لقوافل الإغاثة الإسلامية بالدخول لغزة، واتهم الشيخ حافظ سلامة النظام المصري بتلطيخ سمعة مصر في العالم كله ببناء هذا الجدار العازل.
4- أفتي الدكتور يوسف أحمد أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الإمام محمد بن سعود بالسعودية: "بحرمة بناء هذا الجدار لما فيه من ظلم لشعب غزة المسلم كأول رد شرعي من السعودية تجاه الجدار".
5- أشار بعض العلماء في مصر بحرمة حصار الشعب الفلسطيني في غزة، وطالبوا مصر والعالم الإسلامي برفع هذا الظلم عن الشعب الفلسطيني في غزة والضفة وكل فلسطين، ومن بين هؤلاء الدكتور "نصر فريد" مفتي مصر السابق والشيخ يوسف البدري.
6- ندد الداعية الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل ببناء السور واعتبر أن تلك الخطوة تجر غضب السماء علي الأمة وأن وجود السور يمثل خدمة جليلة للعدو الإسرائيلي وظلما بينا لسكان قطاع غزة.
7- من جانبه أدان الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين بناء الحكومة المصرية هذا الجدار الفولاذي بين مصر وقطاع غزة، وأكد الإتحاد أن بناء مثل هذا الجدار محرم شرعا لأنه يهدف إلي إعطاء الشرعية للعدو الصهيوني في حصار قطاع غزة ويعمل علي سد كل المنافذ للضغط عليه وإذلاله تنفيذا لرغبة العدو الصهيوأمريكي.
8- كما اعتبرت رابطة علماء فلسطين أن بناء هذا الجدار حرام.. حرام شرعا وكل من يشارك فيه وينصره: آثم.. آثم.
9- الاعتصامات الدولية أمام السفارات المصرية في الخارج، واللوحات التي كتبت وتفند كذب الحكومة المصرية.
ومن بين هذه اللوحات:
ماذا حل بضميركم يا حكام مصر؟؟؟
لن يرحمكم التاريخ يا حكام مصر!!!
أوقفوا جدار العار ضد غزة!!!
ولله در من قال:
تغيرت مصر حتى صرت أنكرها
أَأُنزِلت عن مقام جاوزَ القِمَمَا؟؟؟
وكنتُ مازلت فيها ينتمي أملي
والقلب يهوي إليها عاشقا حُلُما
حتى غدت حادثات الدهر تدهشني
وحالٌ بمصر تبدي الحزن والندما
قالوا جدار من الأحقاد مصدره
زعيمه الغرب بالفولاذ...ملتئما
سد إذا قام...فالموت يتبعه
ويقطع الماء والأقوات والشيما
وغزة العز صارت من جنايتهم
يبكي لها قلب ...المسلمين دما
مَنْ مُبلِّغٍِ دُعاءً سوف أطلقه
واللهَ نرجو منه الجود والكرما
أَرَبِّ يا قاصم الكفار في عجلٍ
عليك بالآمر والأعوان منتقما
للشاعر:حامد عبد الله العلي
ثم أخيرا وليس آخرا: ماذا قال" علماء السلطة" في الأزهر حول هذا الجدار؟؟؟
قبل معرفة رأي أحبائنا علماء السلطة وزعيمهم الطنطاوي أود الإشارة إلي أمرين مهمين:
الأول: أن قرار الجدار وبنائه؛ قرار سياسي له حساباته المستجيبة للضغوط الخارجية الأمريكية والإسرائيلية.
والثاني: يتعلق بتسويغ شرعي مُورست لأجله ضغوطٌا داخلية وصدرَ في ملابساتٍ غريبة.
ولم يكن موضوع الجدار مدرجا علي جدول أعمال جلسة المجمع يوم الخميس31/12.
فماذا حدث داخل مجمع البحوث الإسلامية؟؟؟ لحبك هذه المسرحية المضحكة؟؟؟
أولا: حضرت كاميرات التليفزيون علي غير العادة لتسجيل وقائع هذه الجلسة الحاسمة التي دُبر أمر ما سيحدث فيها بليل وتشير الدلائل القوية أن هذا الأمر قد تم باتفاق مع وزير الإعلام ووزير الأوقاف مجاملة لشيخ الأزهر الذي هو رئيس المجمع.
ترقباً لغدٍ قريبٍ تُوزع فيه صكوك الرضى والاختيار!!!
وسارت الأمور طبيعية حتى تمت مناقشة كل البنود المعروضة علي الأعضاء وكاميرات التليفزيون صامتة لا تتحرك.
فجأة بدأ رئيس المجمع -الشيخ المعمم طنطاوي- يمسك بورقة أعدها للقراءة منها أمام أعضاء المجمع وبشهادة كاميرات التليفزيون -أي بالصوت والصورة ليكون الأمر محبوكا- وبدأت الكاميرات تتحرك لتصور الحدث الهام والخطير الذي قد جاءت من أجله.
وبدأت خيوط المؤامرة تُنسج بحنكة وفن وبدأ الشيخ يقرأ هذه الورقة، وهو يكاد يتواري من خزي ما هو مُقدم عليه لأن الأمر مفروض عليه أو مضطر إليه في أقل القليل ولأنه لا يستطيع أن يقول لا، أو لأنه تعود علي تقديم الخدمات للسلطة حتى ولو رمت به في نار جهنم وبئس المصير!!!!
ولأن الأمر لو كان عاديا لعلم أعضاء المجمع بمحتوي هذه الورقة وما كان الأمر يحتاج إلي كل تلك "التجهيزات" الخفية المستترة، لأن الأمر جد خطير وموقع الشيخ ليس بالهين.
وكان محتوي هذه الورقة -تأييد الشيخ لإقامة هذا الجدار الفولاذي- وهو يتكلم حينئذ باسم المجمع الذي لم يكن لأعضائه علم بفحواها حسب روايات البعض!!!
وأضاف الشيخ سيئة أخري بتأييده إقامة الجدار، وهي تأثيم كل من يعارض هذا الجدار!!!
مذكرا إيانا ببابوات الكنائس في العصور الوسطي الذين كانوا يبيعون "صكوك الغفران" للعصاة والمذنبين من مسيحي أوروبا في تلك العصور.
وما أن انتهي الشيخ من قراءة البيان الذي أعده في هذه الورقة، حتى قام من مقعده علي عجل من سوء ما بَشَّرَ به!!!
وانصرف مُنْهِياً الجلسة، وسط الدهشة التي عَقَدتْ السنة جميع الجالسين الذين لم يُتح لأيٍ منهم أن يناقش البيان أو يُعلق عليه.
والباقي بعد ذلك معروف إذ تم بث البيان الذي يُنسب للمجمع وكان واضحا فيه أمرين هما:
1- تغطية موقف الحكومة بعدما تعرض لحملة استياء وغضب شديدين عمت الشارع العربي والإسلامي...حتى والأجنبي..
2- ثم الرد علي إعلان الدكتور يوسف القرضاوي من تجريم وتحريم بناء مثل هذا الجدار الذي يُحْكِم الحصار حول الفلسطينيين في غزة...وهو ما يتفق مع أصول الشريعة الإسلامية التي نصت علي وحدة الأمة الإسلامية وتحريم الاعتداء علي حرمات المسلم في دمه وماله وعرضهز
وتمت خيوط "اللعبة" الصبيانية بقيام أمين مجمع البحوث "الشيخ علي عبد الباقي"
بتوصيل هذا الكلام في صيغة بيان رسمي نُشر علي الصفحة الأولي من جريدة المساء يوم الخميس31/12.
وجاء نص البيان كالتالي تحت عنوان جذاب يقول عنه: الجدار الهندسي فرض عين!!!!
ويضيف البيان: "أن إقامة الجدار الهندسي على الحدود يُعد بمثابة فرض ديني لحماية الأمن المصري وأنه يجب علي ولي الأمر أن يحمي شعبه بشرط عدم الاعتداء علي حقوق الآخرين.
وأتصور ويتصور كل من عنده بقايا من عقل أن هذا الجدار يمثل اعتداء علي الإخوة الفلسطينيين الذين لهم علينا حق الجوار للدين والعروبة والعرف والأخلاق والقيم!!!
وقد يتساءل البعض عن حرص الشيخ "علي عبد الباقي" في الظهور بهذا الشكل في هذه الظروف التي يتواري فيها الشرفاء في مثل حالات الخزي والعار هذه؟؟؟
ويكفي شيخه وما أتي به من مخالفات شرعية.
وليس موضوع الجدار آخرها ولن يكون، ونعيد للأذهان من أجل التذكير لا أكثر ولا أقل:
يوم مناقشة موضوع الحجاب في فرنسا وحضر السفير الفرنسي في القاهرة، تصور الجميع أن يقف شيخ الأزهر مع الحجاب باعتباره -في أضعف الأحوال- رمزا إسلاميا يجب الدفاع عنه والتمسك به، ولكنه يومها خذلنا ووقف مع الطلب الفرنسي بمنع الحجاب وقال قولته المشهورة: "هذا حقهم...هذا حقهم...هذا حقهم!!!"
والثانية: "في قضية هدم باب المغاربة بالأقصى الشريف قال: "وأنا مالي........؟؟؟!!!!
والثالثة: مصافحته " لبيريز" رئيس الكيان الصهيوني المزدوجة- يعني بيديه الاثنتين- وادعاؤه أنه لم يعرفه...ثم جلوسه معه علي منصة واحدة.
والرابعة: موقفه من الفتاة المسلمة التي كانت ترتدي الحجاب ونهرها بما قاله لها: "أنا اعلم بالدين من اللي خلفوكي".
وقوله الجاهلي: "أن الحجاب لا يمت للإسلام بأية صلة لا من قريب ولا من بعيد!!!"
فهل نستكثر عليه بيانه في مجمع البحوث الإسلامية بعلمائه المحسوبين علي الأمة الإسلامية وشعب مصر علي وجه الخصوص؟؟؟
والشيخ "علي عبد الباقي" وجدها فرصة لعل وعسي تصيبه نفحة من نفحات النظام الذي يتصور البعض بأن هذا البيان سيغير شيئا من الموقف المشين للحكومة المصرية بإقدامها علي هذا الفعل الذي كان كالقشة التي قصمت ظهر البعير، وكشف كل المستور وأظهر عورات النظام الذي سار مجمع البحوث في ركابه بشيخه رئيس المجمع وأمينه الذي يريد أن يكون له من الحظ نصيبا.
وليردد معي كل الرافضين، المستهجنين هذا التصرف من المجمع الإسلامي برئيسه وأمينه وبعض الأعضاء المجاملين لهما وللحكومة طمعا وانتظارا للمنحة المباركية فيما هو آت من الأيام، ليرددوا معي بعض قول الشاعر"أحمد مطر"، الذي لمس بقوله الوتر الحساس ووضع يده علي الداء وأسبابه وعلاجه، قال:
وجوهكم أقنعة بالغة المرونة***طلاؤها حصافة وقعرها رعونة.
صفق إبليس لها مندهشا*** وباعكم......... فنونه
وقال إني راحلٌ...ما عاد لي دورٌ .........هنا
دوري أنا...........................أنتُم ستلعبونه...!!!
ولعل الغضب والرفض الجماهيري لهذا العمل الذي أهدر كل ما بقي لنا من كرامة و ماء في وجوهنا مع العرب والمسلمين وحتى الأجانب، قد دفع بعض نواب كتلة الإخوان في البرلمان -مجلس الشعب- إلي رفع دعوي قضائية أمام مجلس الدولة ضد كل من:
رئيس الجمهورية ووزراء الدفاع والداخلية والري والموارد المائية والبيئة.
لأن الجدار مخالف للمعاهدات الدولية والقانون الإنساني الدولي ومخالف للقوانين والتشريعات المصرية ومخالف لفتاوى العلماء -باستثناء علماء السلطة المحترمين طبعا-...!!!
ولو أنني أشك في جدوى كل هذه الأعمال لأن الحكومة مقيدة بتعهدات وتعليمات لا يمكن الفكاك منها.
ويتصور هؤلاء الذين ارتكبوا هذه الجريمة في حق المسلمين عامة وفي حق الشعب الفلسطيني خاصة أن هذا الأمر من الرفض والغضب وحتى المظاهرات والاعتصامات سرعان ما تنُسي بمرور الأيام، وهم مطمئنون تماما لهذه النتيجة بدليل لم يخرج أحد من المسئولين الكبار كرئيس الدولة أو رئيس الوزراء ليقول الحقيقة ويريح الناس ويحاول إطفاء هذه النار التي في قلوب الناس من هول ما حدث.
ووقوف الدولة والحكومة في خندق واحد مع أعداء الأمة المسلمة عامة والشعب المصري المسلم خاصة.
ويكفي الحكومة المتورطة في هذه الجرائم أمام العالم الحر كله أن تجند بعض الأبواق المنافقة والهزيلة للدفاع عن موقف الحكومة المهلهل من خلال وسائل الإعلام الرسمية والحكومية ولكن كل ذلك لن يغير من الأمر شيئا...!!!
فالجريمة نكراء في حق الشعب المصري الذي لم تُراعي مشاعره وانتماءاته العربية والإسلامية، وعدم الوفاء للشعب الفلسطيني عامة وغزة علي وجه الخصوص.
والموقف لا يمكن علاجه وآلات الحفر والتركيب الفرنسية والأمريكية واليهودية تعمل ليل نهار علي وجه السرعة للانتهاء من استكمال جدار الموت والعار، من أجل المحافظة علي كراسي الحكم المهتزة ومن أجل دريهمات تعطيها أمريكا مساعدات لتشتري بها ما تبقي لنا من كرامة.
وما دامت مصلحة الحاكم ووزرائه تتحقق فلا قيمة للشعب مهما اعترض ومهما أضرب ومهما صنع من المعجزات.
ويكفي هؤلاء عارا أنه لن يترحم عليهم أحد أو يُذكر أحدهم بخير فعله لهذا الشعب في يوم ما، فالرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال.
وليعلم هؤلاء المغامرين بدينهم وإسلامهم من أجل يهود مغضوب عليهم ونصارى ضالين ليعلموا أنهم سيقفون يوم القيامة أمام الله الواحد الأحد يوم يتسلم كل امرئ كتابه ويقال له كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا.
يومها لن تكون هناك لا أمريكا ولا بوش ولا يهود ولا نصارى يدفعون عنكم وعن وجوهكم لهيب جهنم، ونار لظى، وتعضون علي أناملكم ندما وحسرة وتتمنون أن تسوي بكم الأرض ويقول كل ظالم ومفتر علي الله:
يا ليتني كنت ترابا...!!!
ولكن :هيهات....هيهات...!!!
ألا هل بلغت اللهم فاشهد...اللهم فاشهد...اللهم فاشهد..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلي آله وصحبه ومن سار علي نهجه والتزم طريقه.
والحمد لله رب العالمين.
وكتبه
الشيخ/ راشد بن عبد المعطي بن محفوظ
كاتب وباحث إسلامي
موجه أول سابق بالأزهر
مآآآآجده
نواصل بإذن الله تعالي ما بدأناه في الجزء الأول من الموضوع المشار إليه أعلاه بعدما أعاننا الله علي استكمال الجزء الأول منه.ومما يثير الحيرة والدهشة هو أن الحكومة لا تفصح عن نواياها وتنكر ذلك إنكارا تشمئز منه النفوس الأبية لأنه يحمل جبنا ليس له مثيل.
وما دمتم قد نويتم فعل فعلتكم المنكرة من كل العالم الحر، حتى من هم علي غير ملتنا من النشطاء الأوروبيين وغير الأوربيين، وتحملوا مشقة السفر مئات الأميال ليحملوا لشعب غزة الصابر المحتسب الطعام والدواء، ورغم ذلك نضع العراقيل والعقبات أمام دخولهم غزة وكأننا مصرون علي ذبح هذا الشعب بسكين باردة لنحقق للعدو القريب-إسرائيل- والبعيد- أمريكا وبعض دول الغرب الكافر الذي يكره الإسلام والمسلمين، ويناصرون العدو الصهيوني من غير مداراة أو خجل.
وحال الشعب الفلسطيني في غزة لا يخفي علي أحد، ومن هنا نجد أحرار العالم يقف معه ولا يجامل أحدا في ذلك، أما نحن الذين كنا الأولي من غيرنا في الوقوف في ظهر هذا الشعب المناضل نمده بالعتاد والسلاح والطعام والدواء، فلم نفعل ذلك إلا ذرا للرماد في العيون، وكان موقفنا هزيلا قبيحا أمام كل الشعوب التي تعرف معني الحرية والعدل والحق.
فماذا دهانا نحن المسلمين حتى تقطعت أوصالنا وصرنا مطمعا لكل طامع وغنيمة لكل الشعوب النجسة كاليهود ومن علي شاكلتهم من الطامعين والمرتزقة والساقطين من حثالات البشر.
ولم يعد للعرب ولا للمسلمين هيبة ولا رهبة وتعيش بعض شعوب أمتنا العربية والإسلامية وكأنهم غرباء في أوطانهم، وإذا ما نادوا بحقوقهم كما تعيش كل الشعوب يُتهمون بأنهم: إرهابيون، متطرفون، يريدون خلق المشكلات وغيرها من النعوت التي لا تطلق إلا لتحزيب العالم ضد هذه الشعوب المغلوبة علي أمرها.
وكلما تلفت المرء من حوله ووجد كل ذلك يحدث يزداد حزنه لأن حال أمتنا ليس هو الحال الذي نتمناه لأمة كانت خير أمة أخرجت للناس، فوجوهنا تغيرت
وجلودنا تغيرت ولم نعد نحن كما كنا فيما سبق وأصبحنا كما قال لبيد الشاعر:
ذهب الذين يُعاشُ في أكنافهم *** وبقيتُ في خلفٍ كجلد الأجربِ
ولا تلام الشعوب في ضعفها وعدم قدرتها علي تحريك الأحداث ليتحقق العدل والحق لأن أغلب شعوبنا العربية والإسلامية محكومة بالحديد والنار، والكثير من حكامها -إلا من رحم ربك- يتشبثون بمقاعد الحكم حتى الرمق الأخير من حياتهم، ونسوا أن الإمارة يوم القيامة ندامة علي صاحبها والساعي لها والمتمسك بها رغم ملل الشعوب من الكثير من حكامها لطول مكثهم وسوء حكمهم وسوء حاشيتهم.
فأدى ذلك إلي كثير من الفساد الذي آذي عباد الله وأبعد الناس عن دينهم لاختناقهم من حكامهم والمحيطين بهم.
ونبدأ بحول الله ومدده في الجزء الثاني من هذا الموضوع:
الجدار الفولاذي، جدار الموت والعار والدمار، وخراب الديار في ميزان الشريعة والقانون والأخلاق:
الجدار الفولاذي كما يُطلق عليه مخالف لكل المعايير والقيم والشريعة والأخلاق والقوانين والنظم الدولية، وقبل هذا كله مخالف لأبسط أصول وقواعد الشريعة الإسلامية التي تتطلب من أتباعها أن يكونوا أولياء بعض، وأن يكونوا جسدا واحدا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
وهو يمثل جريمة إبادة جماعية، ويتناقض مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 96(د-1)لعام1946 الخاص باتفاقية بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها مخالفة لاتفاقية "جنيف" لعام 1949 والبروتوكولات الإضافية الملحقة بها.
والجدار يمثل مخالفة للمبادئ التوجيهية بشأن الحق في المساعدة الإنسانية، وغير قانوني طبقا لفتوى محكمة العدل الدولية في عام2004 حيث اعتبرت الفتوى أن الجدار الذي تبنيه إسرائيل علي حدودها مع حدود الضفة الغربية مناقضا للقانون الدولي ويمس بمختلف الحقوق المقننة في الاتفاقيات والمواثيق التي وقعت عليها إسرائيل ومنها الحق في حرية الحركة.
ورأت المحكمة أن الانتهاكات الناتجة عن بناء الجدار لا يمكن أن تبررها المتطلبات العسكرية وضرورات الأمن الوطني أو النظام العام مما دفع المحكمة للمطالبة بضرورة تفكيك أجزاء الجدار الذي تم بناؤه في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية.
وبناء علي ذلك يعد جدار مصر مخالفا للقانون الدولي ويعتبر جريمة من جرائم النظام العام الدولي ومخالفا لاتفاقية الدفاع العربي المشترك التي تنص المادة الثانية منها: "علي أن يتعين علي مصر بحكم كونها دولة عربية أن تبادر إلي تقديم يد العون للشعب الفلسطيني المحاصر بدلا من الإسهام بشكل أو بآخر في تشديد الحصار عليه، استجابة للإملاءات الأمريكية والإسرائيلية المفروضة عليها".
الشريعة الإسلامية ترد علي الأقوال والأعمال العبثية للحكومة المصرية!!!
يعد بناء الجدار الفولاذي بين مصر وقطاع غزة عملا عبثيا يخالف ما تنص عليه الشريعة الإسلامية لأنه من ناحية فهو استجابة وتلبية لدول غير إسلامية كأمريكا وإسرائيل والدول الأوربية عامة.
والشرع الحكيم لا يجيز نصرة غير المسلم علي المسلم مهما كانت المبررات والأسباب لأن الأمة الإسلامية أمة واحدة بنص كتاب الله تعالي، ولا يجوز التحالف مع عدو للإسلام والمسلمين علي أحد أو جماعة أو دولة مسلمة كالتحالف مع اليهود أو النصارى واتخاذهم أولياء من دون المسلمين كما أشرنا إلي ذلك بالآيات القرآنية فيما سبق من هذا المقال وفيما هو آت من الآيات المباركات.
يقول الحق تبارك وتعالي: {وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون:52]
{إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:92].
وتأتي السنة النبوية المطهرة لترفع الحرج عن كل من جهل الشريعة المحمدية:
يقول صلي الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم: «المسلم، أخو المسلم لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله، كل المسلم علي المسلم حرام؛ عرضه، وماله، ودمه، التقوى ها هنا -وأشار إلي القلب- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم»(حديث صحيح)
وقال صلي الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعي بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد علي من سواهم، يرد مشدهم علي مضعفهم، ومسرعهم علي قاعدهم، لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده»(حديث حسن)
وقد استنكر العديد من علماء الأمة الإسلامية هذا العمل المصري المخالف للشريعة الإسلامية بجناحيها القرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة، ومن بين هؤلاء العلماء:
1- الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي رئيس رابطة علماء المسلمين.
2- الدكتور علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا، وقال: "بأن الجدار الفولاذي عمل محرم شرعا لأن المقصود به سد كل المنافذ علي غزة للزيادة في حصارهم وتجويعهم وإذلالهم والضغط عليهم حتى يركعوا ويستسلموا لما تريده إسرائيل.
3- الشيخ حافظ سلامة قائد المقومة الشعبية إبان حرب 1973 أصدر بيانا استنكر فيه إغلاق الحكومة المصرية لمعبر "رفح" وعدم السماح لقوافل الإغاثة الإسلامية بالدخول لغزة، واتهم الشيخ حافظ سلامة النظام المصري بتلطيخ سمعة مصر في العالم كله ببناء هذا الجدار العازل.
4- أفتي الدكتور يوسف أحمد أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الإمام محمد بن سعود بالسعودية: "بحرمة بناء هذا الجدار لما فيه من ظلم لشعب غزة المسلم كأول رد شرعي من السعودية تجاه الجدار".
5- أشار بعض العلماء في مصر بحرمة حصار الشعب الفلسطيني في غزة، وطالبوا مصر والعالم الإسلامي برفع هذا الظلم عن الشعب الفلسطيني في غزة والضفة وكل فلسطين، ومن بين هؤلاء الدكتور "نصر فريد" مفتي مصر السابق والشيخ يوسف البدري.
6- ندد الداعية الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل ببناء السور واعتبر أن تلك الخطوة تجر غضب السماء علي الأمة وأن وجود السور يمثل خدمة جليلة للعدو الإسرائيلي وظلما بينا لسكان قطاع غزة.
7- من جانبه أدان الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين بناء الحكومة المصرية هذا الجدار الفولاذي بين مصر وقطاع غزة، وأكد الإتحاد أن بناء مثل هذا الجدار محرم شرعا لأنه يهدف إلي إعطاء الشرعية للعدو الصهيوني في حصار قطاع غزة ويعمل علي سد كل المنافذ للضغط عليه وإذلاله تنفيذا لرغبة العدو الصهيوأمريكي.
8- كما اعتبرت رابطة علماء فلسطين أن بناء هذا الجدار حرام.. حرام شرعا وكل من يشارك فيه وينصره: آثم.. آثم.
9- الاعتصامات الدولية أمام السفارات المصرية في الخارج، واللوحات التي كتبت وتفند كذب الحكومة المصرية.
ومن بين هذه اللوحات:
ماذا حل بضميركم يا حكام مصر؟؟؟
لن يرحمكم التاريخ يا حكام مصر!!!
أوقفوا جدار العار ضد غزة!!!
ولله در من قال:
تغيرت مصر حتى صرت أنكرها
أَأُنزِلت عن مقام جاوزَ القِمَمَا؟؟؟
وكنتُ مازلت فيها ينتمي أملي
والقلب يهوي إليها عاشقا حُلُما
حتى غدت حادثات الدهر تدهشني
وحالٌ بمصر تبدي الحزن والندما
قالوا جدار من الأحقاد مصدره
زعيمه الغرب بالفولاذ...ملتئما
سد إذا قام...فالموت يتبعه
ويقطع الماء والأقوات والشيما
وغزة العز صارت من جنايتهم
يبكي لها قلب ...المسلمين دما
مَنْ مُبلِّغٍِ دُعاءً سوف أطلقه
واللهَ نرجو منه الجود والكرما
أَرَبِّ يا قاصم الكفار في عجلٍ
عليك بالآمر والأعوان منتقما
للشاعر:حامد عبد الله العلي
ثم أخيرا وليس آخرا: ماذا قال" علماء السلطة" في الأزهر حول هذا الجدار؟؟؟
قبل معرفة رأي أحبائنا علماء السلطة وزعيمهم الطنطاوي أود الإشارة إلي أمرين مهمين:
الأول: أن قرار الجدار وبنائه؛ قرار سياسي له حساباته المستجيبة للضغوط الخارجية الأمريكية والإسرائيلية.
والثاني: يتعلق بتسويغ شرعي مُورست لأجله ضغوطٌا داخلية وصدرَ في ملابساتٍ غريبة.
ولم يكن موضوع الجدار مدرجا علي جدول أعمال جلسة المجمع يوم الخميس31/12.
فماذا حدث داخل مجمع البحوث الإسلامية؟؟؟ لحبك هذه المسرحية المضحكة؟؟؟
أولا: حضرت كاميرات التليفزيون علي غير العادة لتسجيل وقائع هذه الجلسة الحاسمة التي دُبر أمر ما سيحدث فيها بليل وتشير الدلائل القوية أن هذا الأمر قد تم باتفاق مع وزير الإعلام ووزير الأوقاف مجاملة لشيخ الأزهر الذي هو رئيس المجمع.
ترقباً لغدٍ قريبٍ تُوزع فيه صكوك الرضى والاختيار!!!
وسارت الأمور طبيعية حتى تمت مناقشة كل البنود المعروضة علي الأعضاء وكاميرات التليفزيون صامتة لا تتحرك.
فجأة بدأ رئيس المجمع -الشيخ المعمم طنطاوي- يمسك بورقة أعدها للقراءة منها أمام أعضاء المجمع وبشهادة كاميرات التليفزيون -أي بالصوت والصورة ليكون الأمر محبوكا- وبدأت الكاميرات تتحرك لتصور الحدث الهام والخطير الذي قد جاءت من أجله.
وبدأت خيوط المؤامرة تُنسج بحنكة وفن وبدأ الشيخ يقرأ هذه الورقة، وهو يكاد يتواري من خزي ما هو مُقدم عليه لأن الأمر مفروض عليه أو مضطر إليه في أقل القليل ولأنه لا يستطيع أن يقول لا، أو لأنه تعود علي تقديم الخدمات للسلطة حتى ولو رمت به في نار جهنم وبئس المصير!!!!
ولأن الأمر لو كان عاديا لعلم أعضاء المجمع بمحتوي هذه الورقة وما كان الأمر يحتاج إلي كل تلك "التجهيزات" الخفية المستترة، لأن الأمر جد خطير وموقع الشيخ ليس بالهين.
وكان محتوي هذه الورقة -تأييد الشيخ لإقامة هذا الجدار الفولاذي- وهو يتكلم حينئذ باسم المجمع الذي لم يكن لأعضائه علم بفحواها حسب روايات البعض!!!
وأضاف الشيخ سيئة أخري بتأييده إقامة الجدار، وهي تأثيم كل من يعارض هذا الجدار!!!
مذكرا إيانا ببابوات الكنائس في العصور الوسطي الذين كانوا يبيعون "صكوك الغفران" للعصاة والمذنبين من مسيحي أوروبا في تلك العصور.
وما أن انتهي الشيخ من قراءة البيان الذي أعده في هذه الورقة، حتى قام من مقعده علي عجل من سوء ما بَشَّرَ به!!!
وانصرف مُنْهِياً الجلسة، وسط الدهشة التي عَقَدتْ السنة جميع الجالسين الذين لم يُتح لأيٍ منهم أن يناقش البيان أو يُعلق عليه.
والباقي بعد ذلك معروف إذ تم بث البيان الذي يُنسب للمجمع وكان واضحا فيه أمرين هما:
1- تغطية موقف الحكومة بعدما تعرض لحملة استياء وغضب شديدين عمت الشارع العربي والإسلامي...حتى والأجنبي..
2- ثم الرد علي إعلان الدكتور يوسف القرضاوي من تجريم وتحريم بناء مثل هذا الجدار الذي يُحْكِم الحصار حول الفلسطينيين في غزة...وهو ما يتفق مع أصول الشريعة الإسلامية التي نصت علي وحدة الأمة الإسلامية وتحريم الاعتداء علي حرمات المسلم في دمه وماله وعرضهز
وتمت خيوط "اللعبة" الصبيانية بقيام أمين مجمع البحوث "الشيخ علي عبد الباقي"
بتوصيل هذا الكلام في صيغة بيان رسمي نُشر علي الصفحة الأولي من جريدة المساء يوم الخميس31/12.
وجاء نص البيان كالتالي تحت عنوان جذاب يقول عنه: الجدار الهندسي فرض عين!!!!
ويضيف البيان: "أن إقامة الجدار الهندسي على الحدود يُعد بمثابة فرض ديني لحماية الأمن المصري وأنه يجب علي ولي الأمر أن يحمي شعبه بشرط عدم الاعتداء علي حقوق الآخرين.
وأتصور ويتصور كل من عنده بقايا من عقل أن هذا الجدار يمثل اعتداء علي الإخوة الفلسطينيين الذين لهم علينا حق الجوار للدين والعروبة والعرف والأخلاق والقيم!!!
وقد يتساءل البعض عن حرص الشيخ "علي عبد الباقي" في الظهور بهذا الشكل في هذه الظروف التي يتواري فيها الشرفاء في مثل حالات الخزي والعار هذه؟؟؟
ويكفي شيخه وما أتي به من مخالفات شرعية.
وليس موضوع الجدار آخرها ولن يكون، ونعيد للأذهان من أجل التذكير لا أكثر ولا أقل:
يوم مناقشة موضوع الحجاب في فرنسا وحضر السفير الفرنسي في القاهرة، تصور الجميع أن يقف شيخ الأزهر مع الحجاب باعتباره -في أضعف الأحوال- رمزا إسلاميا يجب الدفاع عنه والتمسك به، ولكنه يومها خذلنا ووقف مع الطلب الفرنسي بمنع الحجاب وقال قولته المشهورة: "هذا حقهم...هذا حقهم...هذا حقهم!!!"
والثانية: "في قضية هدم باب المغاربة بالأقصى الشريف قال: "وأنا مالي........؟؟؟!!!!
والثالثة: مصافحته " لبيريز" رئيس الكيان الصهيوني المزدوجة- يعني بيديه الاثنتين- وادعاؤه أنه لم يعرفه...ثم جلوسه معه علي منصة واحدة.
والرابعة: موقفه من الفتاة المسلمة التي كانت ترتدي الحجاب ونهرها بما قاله لها: "أنا اعلم بالدين من اللي خلفوكي".
وقوله الجاهلي: "أن الحجاب لا يمت للإسلام بأية صلة لا من قريب ولا من بعيد!!!"
فهل نستكثر عليه بيانه في مجمع البحوث الإسلامية بعلمائه المحسوبين علي الأمة الإسلامية وشعب مصر علي وجه الخصوص؟؟؟
والشيخ "علي عبد الباقي" وجدها فرصة لعل وعسي تصيبه نفحة من نفحات النظام الذي يتصور البعض بأن هذا البيان سيغير شيئا من الموقف المشين للحكومة المصرية بإقدامها علي هذا الفعل الذي كان كالقشة التي قصمت ظهر البعير، وكشف كل المستور وأظهر عورات النظام الذي سار مجمع البحوث في ركابه بشيخه رئيس المجمع وأمينه الذي يريد أن يكون له من الحظ نصيبا.
وليردد معي كل الرافضين، المستهجنين هذا التصرف من المجمع الإسلامي برئيسه وأمينه وبعض الأعضاء المجاملين لهما وللحكومة طمعا وانتظارا للمنحة المباركية فيما هو آت من الأيام، ليرددوا معي بعض قول الشاعر"أحمد مطر"، الذي لمس بقوله الوتر الحساس ووضع يده علي الداء وأسبابه وعلاجه، قال:
وجوهكم أقنعة بالغة المرونة***طلاؤها حصافة وقعرها رعونة.
صفق إبليس لها مندهشا*** وباعكم......... فنونه
وقال إني راحلٌ...ما عاد لي دورٌ .........هنا
دوري أنا...........................أنتُم ستلعبونه...!!!
ولعل الغضب والرفض الجماهيري لهذا العمل الذي أهدر كل ما بقي لنا من كرامة و ماء في وجوهنا مع العرب والمسلمين وحتى الأجانب، قد دفع بعض نواب كتلة الإخوان في البرلمان -مجلس الشعب- إلي رفع دعوي قضائية أمام مجلس الدولة ضد كل من:
رئيس الجمهورية ووزراء الدفاع والداخلية والري والموارد المائية والبيئة.
لأن الجدار مخالف للمعاهدات الدولية والقانون الإنساني الدولي ومخالف للقوانين والتشريعات المصرية ومخالف لفتاوى العلماء -باستثناء علماء السلطة المحترمين طبعا-...!!!
ولو أنني أشك في جدوى كل هذه الأعمال لأن الحكومة مقيدة بتعهدات وتعليمات لا يمكن الفكاك منها.
ويتصور هؤلاء الذين ارتكبوا هذه الجريمة في حق المسلمين عامة وفي حق الشعب الفلسطيني خاصة أن هذا الأمر من الرفض والغضب وحتى المظاهرات والاعتصامات سرعان ما تنُسي بمرور الأيام، وهم مطمئنون تماما لهذه النتيجة بدليل لم يخرج أحد من المسئولين الكبار كرئيس الدولة أو رئيس الوزراء ليقول الحقيقة ويريح الناس ويحاول إطفاء هذه النار التي في قلوب الناس من هول ما حدث.
ووقوف الدولة والحكومة في خندق واحد مع أعداء الأمة المسلمة عامة والشعب المصري المسلم خاصة.
ويكفي الحكومة المتورطة في هذه الجرائم أمام العالم الحر كله أن تجند بعض الأبواق المنافقة والهزيلة للدفاع عن موقف الحكومة المهلهل من خلال وسائل الإعلام الرسمية والحكومية ولكن كل ذلك لن يغير من الأمر شيئا...!!!
فالجريمة نكراء في حق الشعب المصري الذي لم تُراعي مشاعره وانتماءاته العربية والإسلامية، وعدم الوفاء للشعب الفلسطيني عامة وغزة علي وجه الخصوص.
والموقف لا يمكن علاجه وآلات الحفر والتركيب الفرنسية والأمريكية واليهودية تعمل ليل نهار علي وجه السرعة للانتهاء من استكمال جدار الموت والعار، من أجل المحافظة علي كراسي الحكم المهتزة ومن أجل دريهمات تعطيها أمريكا مساعدات لتشتري بها ما تبقي لنا من كرامة.
وما دامت مصلحة الحاكم ووزرائه تتحقق فلا قيمة للشعب مهما اعترض ومهما أضرب ومهما صنع من المعجزات.
ويكفي هؤلاء عارا أنه لن يترحم عليهم أحد أو يُذكر أحدهم بخير فعله لهذا الشعب في يوم ما، فالرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال.
وليعلم هؤلاء المغامرين بدينهم وإسلامهم من أجل يهود مغضوب عليهم ونصارى ضالين ليعلموا أنهم سيقفون يوم القيامة أمام الله الواحد الأحد يوم يتسلم كل امرئ كتابه ويقال له كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا.
يومها لن تكون هناك لا أمريكا ولا بوش ولا يهود ولا نصارى يدفعون عنكم وعن وجوهكم لهيب جهنم، ونار لظى، وتعضون علي أناملكم ندما وحسرة وتتمنون أن تسوي بكم الأرض ويقول كل ظالم ومفتر علي الله:
يا ليتني كنت ترابا...!!!
ولكن :هيهات....هيهات...!!!
ألا هل بلغت اللهم فاشهد...اللهم فاشهد...اللهم فاشهد..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلي آله وصحبه ومن سار علي نهجه والتزم طريقه.
والحمد لله رب العالمين.
وكتبه
الشيخ/ راشد بن عبد المعطي بن محفوظ
كاتب وباحث إسلامي
موجه أول سابق بالأزهر
مآآآآجده