السـلام عليـكم ورحمهـ اللهـ وبركآتهـ
"
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
..
اما بعد:
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ
ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ *
لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ
الْيَوْمَ حَدِيدٌ
[ق:20-22].
وجاءت سكرة الموت بالحق
والحق: أنك تموت والله حي لا يموت.
وجاءت سكرة الموت
بالحق
والحق: أن ترى عند موتك ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب.
وجاءت
سكرة الموت بالحق
والحق: أن يكون قبرك روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر
النيران
وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد
ذلك ما كنت منه
تفر، ذلك ما كنت منه تهرب
ذلك ما كنت منه تجري
تحيد إلى الطبيب إذا جاءك
المرض
وتحيد إلى الطعام إذا أحسست بالجوع
وتحيد إلى الشراب إذا أحسست
بالظمأ
ولكن
أيها القوي الفتي! أيها الذكي العبقري!
يا أيها
الوزير! ويا أيها الأمير! ويا أيها الكبير!
ويا أيها الصغير!
اعلم
أن:
كـل باك سيبكى وكـل نـاع سينعى
كل مذكور سيفنى كل مذكور
سينسى
ليس غـير الله يبقى من عـلا فالله أعلـى
وجاءت سكرة الموت
بالحق
إنها الحقيقة الكبرى التي تعلن على مدى الزمان والمكان في أذن كل
سامع، وعقل كل مفكر، ورأس كل طاغوت:
البقاء لله الحي الذي لا
يموت
إنها الحقيقة الكبرى التي تصبغ الحياة البشرية كلها بصبغة الذل
والعبودية لقهار السماوات والأرض
إنها الحقيقة الكبرى التي تسربل بها طوعاً
أو كرهاً العصاة والطائعون، بل والأنبياء والمرسلون، إنها الحقيقة التي أمرنا
حبيبنا ونبينا وقدوتنا وقرة أعيننا محمد صلى الله عليه وسلم أن نذكرها ولا
ننساها
كما في الحديث الذي رواه الترمذي بسند حسن من حديث فاروق الأمة
عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال:
(أكثروا من ذكر هادم اللذات)
وفي
لفظ:
(أكثروا من ذكر هاذم اللذات ، قيل: وما هاذم اللذات يا رسول الله ؟!
قال: الموت)
إنه الموت أيها
الأحباب!
الدقاق:
من أكثر من ذكر الموت أُكرم
بثلاثة أشياء:
تعجيل التوبة, وقناعة القلب, ونشاط العبادة,
ومن نسي
الموت عوقب بثلاثة أشياء:
تسويف التوبة, وترك الرضى بالكفاف, والتكاسل في
العبادة .
و لأن هذا مصير كل حي (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ) و تفرد عز
وجل بالبقاء فقال ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) فما
أحوجنا ونحلم نعلم هذا المصير أن نتذاكره ونتأمله .
وأعلم يا أخي/ اختي
الحبيب/ـه
أن الدنيا دار فناء لا دار بقاء ...
فالموت هذا الذي حير
الأطباء ولم يجدوا له دواء
لأنه صلى الله عليه وسلم قال لا دواء ...
لم
ينج منه حتى الأنبياء ولا الصحابة الفضلاء ولا التابعين والأولياء .
لكنهم
أخذوا حاجتهم وتزودوا لغايتهم كان ابن عمر يقول:
" إذا أمسيت فلا تنتظر
الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك
"
الفقراء والأغنياء .. الأذلاء والأعزاء
كلهم سيمر لأنها دار ممر لا
دار مقر ..
هادم اللذات ... ومفرق الجماعات ... ومخرب الدور والقصور
والضيعات ... وقاطع كل الشهوات ... ومنهي الآمال والتطلعات ...
أخي /
اختي الحبيب/ـه
كفى بالموت واعظاً ...و للحياة مكدراً ...و للقلوب مقطعا...
وللعيون مبكيا... وللذات هادما... وللجماعات مفرقا... وللأماني قاطعا.
إنها
الحقيقة التي سماها اللـه في قرآنه بالحق فقال جل وعلا:
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ
ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ .
أخي / اختي
قف وتأمل
كيف لو نزل بك الموت ... تخيل وقد شخصت
منك العينان ... وبردت منك القدمان ... وتجمد الدم في اليدان ... كيف لو بلغت الروح
التراقي ... والتفت الساق بالساق ...
أتعرف إلى أين المصير ؟
إلى ربك
يومئذ المساق .. فأقرأ كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ
وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ
يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ..
أخي / اختي الحبيب/ـه
لو كان أحد ينجو
من الموت لنجى منه المصطفى صلى الله عليه وسلم ..
عن عائشة رضي الله عنها أن
رسول الله كانت بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء, فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح
بهما وجهه ويقول:
«لا إله إلا الله إن للموت سكرات»
ثم نصب يديه فجعل
يقول: «في الرفيق الأعلى» حتى قبض ومالت يده.
أخرجه البخاري
...
وقالت
ما أغبط أحداً بهون الموت, بعد الذي رأيت من شدة موت رسول
الله
أخرجه الترمذي .
فكيف بي وبك أخي / اختي الحبيب/ـه
كيف لو نزلوا بنا الملائكة لقبض أرواحنا ... ما حالي وحالك ... هل هم
ملائكة عذاب أم رحمة نسأل الله الرحمة .
أيً أُخي
/اختي
هل وقفت مع نفسك لتذكر هذا القادم الغائب المنتظر وإنما هي سويعات ثم
ترحل فجد السير وهي مركب السير قبل أن تخرج الروح فتقول (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي
أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ) فيقال لك (كَلَّا )
"كل نفس
ذائقةُ الموت"..
مات الحبيب بأبي هو وأمي الذي كان يقول في آخر
لحظات الحياة
" ألا لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
"
من وصاياه في ساعات احتضاره وفي ساعات وداعه أنه كان يقول: "الصلاة وما
ملكت أيمانكم".
صعد المنبر آخر ما صعد قال: من أخذت منه مالا فهذا مالي
فيأخذ منه، من سببت له عرضاً فهذا عرضي فليقتص منه، من ضربتُ له جسداً فهذا جسدي
فليقتص منه؛ إن رجلاً خيره الله بين ما عنده وبين زينة الدنيا فاختار ما عند الله؛
فبكى الصديق - رضي الله عنه - وأرضاه. فقالوا: ما الذي يبكي هذا الشيخ الكبير؟!..
لقد علم أنها آخر ساعات الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه..
في آخر
ساعات احتضاره أخذ يضع يده في ركوة من الماء ويمسح على وجهه ويقول: لا إله إلا
الله.. إن للموت لسكرات.. إن للموت لسكرات.. اللهم هون علي الموت وسكراته.. اللهم
هون علي الموت وسكراته..
فلما رأت فاطمة شدة البلاء على أبيها أخذت تقول:
وا كرب أبتاه.. وا كرب أبتاه.. وا كرب أبتاه..
فأخذ يقول لها: لا كرب على
أبيك بعد اليوم..
لا كرب يا فاطمة على أبيك بعد اليوم.
ثم أخذ يشخص
ببصره إلى السماء ويرفع بيده السبابة وهو يناجي ربه وهو يقول: اللهم اغفر لي..
اللهم ارحمني.. اللهم تب علي.. اللهم الرفيق الأعلى.. اللهم الرفيق الأعلى.. اللهم
الرفيق الأعلى..
ثم سكتت الأنفاس الطاهرة، وتوقف القلب الكبير؛
لأن
الله قال: "إنك ميتٌ وإنهم ميتون".
لأن الله قال: "وما جعلنا لبشر من قبلك
الخلد أفإن مت فهم الخالدون".
كل نفسٍ ذائقة الموت ..
فلما فارقت الروح
الحياة وسكت ذلك الجسد الطاهر الشريف
أخذت فاطمةُ تقول: وا أبتاه.. وا
أبتاه.. أجاب رباً دعاه.. وا أبتاه.. أجاب رباً دعاه.. وا أبتاه.. جنة الفردوس
مأواه.. وا أبتاه.. إلى جبريل ننعاه..
فلما دُفن، قالت فاطمة لأنس:
أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله؟!
يقول أنس: فقلت في نفسي
والله ما طابت ولكننا ألجمناها إلجاماً..
مات الحبيب لأن الله قال: "إنك
ميتٌ وإنهم ميتون"
الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت..
ثم يموت
الصدّيق - رضي الله عنه - وأرضاه خليفة الحبيب.
وفي ساعات احتضاره وكانت
ساعات احتضاره بليل..
أخذ يقول لعائشة: في أي يوم نحن ؟
قالت: يوم
الاثنين .
قال: في أي يوم قُبض فيه النبي صلى الله عليه ؟
قالت:
يوم الاثنين.
ولقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مراراً في منامه.
سألوه في ساعات مرضه..
سألوه في أيام مرضه: عرضت نفسك على الطبيب ؟
قال: نعم
قالوا: ماذا قال؟
قال: قال إني فعّال لما أُريد
..
قال الطبيب: إني فعّال لما أُريد ..
فلما اشتدت عليه السكرات،
ورأت عائشة سكرات الموت على أبيها..
أخذت تستشهد ببيت تقول فيه:
واعاذلٌ وما يغني الحذارى عن الفتى **** إن حشرجت يوما وضاقت بها الصدر
فقال: يا عائشًُ.. لا تقولي ذلك ولكن قولي:
"وجاءت سكرة الموت بالحق
ذلك ما كنت منه تحيد".
نعم أيها الغالي.. "قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه
ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون".
أوصى
أبو بكر عمر وصية..
ليتنا فهمناها..
قال: يا عمر إن لله حق بالليل
لا يقبله بالنهار، وإن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل.
مات الصدّيق لأن
الله قال: "إنك ميتٌ وإنهم ميتون".
الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت..
ثم يموت الفاروق - رضي الله عنه - وأرضاه وهو يصلي الفجر، في يوم ضيع الناس
صلاة الفجر..
هل لسبب شرعي ضُيعت صلاة الفجر؟!
أم بسبب المكوث
ساعات وساعات أمام الشاشات والقنوات؟!
مات.. طُعن وهو يقرأ قوله جل في
علاه:
"إنما أشكو بثي وحزني إلى الله"
نعم أيها الغالي.. طُعن شهيد
المحراب..
فلما أفاق..
كانت أول كلمة قالها: أصلى الناس؟
اسمع يا رعاك الله أول كلمة تلفظ بها عمر يوم أفاق من غيبوبته قال: أصلى
الناس؟
ثم يوم رأى الدم ينزف منه نزفاً، تيقن أن الموت قد اقترب.
كان هناك شغلٌ يشغله وهمٌ يهمّه..
قال يا عبد الله ابن عمر اذهب
إلى عائشة أم المؤمنين وقل لها: يقرؤك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست
أميراً للمؤمنين بعد اليوم..
قل لها يبلّغك عمر السلام ويستأذنك أن يُدفن
مع صاحبيه.
يريد أن يكون رفيق النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى في
الممات.. رفيقه في روحته وجيئته.. يريد أن يرافق حبيبه حتى في الممات..
فذهب عبد الله ابن عمر وطرق الباب على عائشة وقال لها: يقرؤك عمر السلام
ويقول لكِ: أتأذنين له أن يدفن مع صاحبيه؟
فقالت الصديقة بنت الصديق: والله
إني كنت أريده لنفسي.. ووالله لأوثرنّه على نفسي..
فلما رجع عبد الله ابن
عمر.. ورآه عمر قد أقبل، قال: أجلسوني.
فقال ما الخطب يا عبد الله ابن عمر؟
قال: أبشر يا أمير المؤمنين فقد رضيت.
فتهلل وجه عمر - رضي الله
عنه - وأرضاه.
القضية كانت تشغله.. القضية كانت تهمه..
يا رعاك
الله..
ما كان يوصي بمال ولا بعيال ولا بحلال.. القضية قضية مرافقة في
الدنيا وفي الآخرة..
فقال عمر: إن أنا مت فغسلوني وكفنوني ثم احملوني
واطرقوا عليها الباب وقولوا يستأذن عمر مرة ثانية فإن أذنت وإلا خذوني إلى مقابر
المسلمين..
فلما جاءت ساعات الاحتضار وبدأت تتنزل عليه كربات الموت أخذ عبد
الله ابن عمر رأسه ووضعه على فخذه، فقال عمر: ضع وجهي على التراب علّ الله أن يرحم
عمر، ليتني خرجتُ منها كفافاً لا لي ولا علي، ودتُ أن أمي لم تلدني، ليتني كنتُ
ورقة تعضد..
من هو؟!
عمر الصوام القوّام يقول ودتُ أني خرجتُ منها
كفافاً لا لي ولا علي..
مات عمر.. مات عمر لأن الله قال: "إنك ميتٌ وإنهم
ميتون"
الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت..
ثم يموت عثمان - رضي
الله عنه - وأرضاه..
يموت وقد رأى في منامه في تلك الليلة النبي - صلى الله
عليه وسلم - يقول له: تفطر عندنا غداً..
فأصبح صائماً - رضي الله عنه -
وأرضاه..
تسلقوا عليه البيت وطعنوه وهو يقرأ القرآن فتدفقت تلك الدماء على
لحيته الطاهرة ثم أخذ يدعوا ويقول: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين..
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين.. اللهم اجمع شمل أمة محمد.. اللهم
اجمع شمل أمة محمد.
عثمان وما أدراك ما عثمان؟!
تلك اللحية التي
لطالما تبللت بالدموع من خشية الله.. تلك اللحية التي لطالما تبللت بكاءً وخشية من
الله جلّ في علاه..
عثمان الذي إذا ذُكرت الجنة والنار يبكي وإذا ذُكر
القبر يبكي بكاءً شديداً..
فإذا قيل له لا تبكي للجنة والنار كبكائك
للقبر؟!
قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: القبر أول منازل
الآخرة.. إذا كان الذي فيه هيّنٌ فما بعده أهون.. وإن كان الذي فيه شديد فما بعده
أشد..
مات عثمان قارئ القرآن الذي قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -:
ما ضرّ عثمان ما فعل بعد اليوم..
عثمان الذي نفس بأمواله كربات المسلمين
عثمان الذي كان أباً للأرامل والفقراء والمساكين..
مات لأن الله قال: " إنك
ميتٌ وإنهم ميتون "
الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت ..
وبعد
ساعات الفجر تحلو دقائق الاستغفار فخرج علي مستغفر ربه بعد قيام الليل منطلق إلى
صلاة الفجر.. فيطعن وهو في طريقه إلى المسجد.
شتان بين خواتيم وخواتيم ..
شتان بين من مات وهو يسير إلى المسجد وشتان بين من يسير إلى معصية الله..
ثم يوم علم علي أنها النهاية قال: أبقوه فإن أنا بقيت قتلتُ أو عفوت، وإن
أنا مت فاقتلوه وعجلوه فإني مخاصمه عند ربي جلّ في علاه؛ ولم يتلفظ بعدها بكلمة إلا
قول لا إله الله.. لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله.. حتى فارق الحياة.
علي المجاهد العنيد والمقاتل الصنديد يموت وهو يسير إلى صلاة الفجر.
مات لأن الله قال: " إنك ميتٌ وإنهم ميتون "
الكل سيموت إلا ذو
العزة والجبروت..
مات أبو هريرة راوي الحديث والمرافق للنبي في روحته
وجيئته.
ماذا يقول في ساعات الاحتضار؟!
يقول: آه من قلة الزاد وطول
الطريق
راوي الحديث ناقل السنة وناقل العلم الشرعي للأمة.. يقول: آه من قلة
الزاد وطول الطريق.
فماذا يقول المفرطون أمثالنا؟!
ماذا يقول
المقصرون أمثالنا؟!
ماذا يقول المذنبون والمضيّعون؟!
مات أبو هريرة
لأن الله قال: " إنك ميتٌ وإنهم ميتون "
الكل سيموت إلا ذو العزة
والجبروت..
ثم يموت أعلم الأمة بالحلال والحرام معاذ - رضي الله عنه -
وأرضاه..
كانت ساعة احتضاره بليل، فقال لابنه: أصبحنا؟
قال: ليس
بعد.
ثم سأله مرة ثانية: أصبحنا؟
قال: ليس بعد
ثم سأله مرة
ثالثة: أصبحنا؟
قال: نعم.
قال: أعوذ بالله من ليلة صبيحتها إلى
النار.. أعوذ بالله من ليلة صبيحتها إلى النار..
ثم أخذ يدعوا ربه ويناجيه
ويقول: اللهم إنك تعلم أني كنت أخافك ، أنا الآن أرجوك.. اللهم إنك تعلم أني كنت
أخافك ، أنا الآن ارجوك .
اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا لطول
البقاء ولا لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لصيام الهواجر وقيام الليل ومجالسة
العلماء..
أنظر على ماذا يبكون.. أنظر على ماذا يتحسرون..
ونحن:
النفس تبكي على الدنيــا وقد علمت **** أن السلامــة
فيهـا ترك ما فيها
فليس للمرء دار بعد الموت يسكنها **** إلا التي كان قبـل
الموت يبنيها
فإن بنـاهـــــا بخيــر طــاب مسكنـه **** وإن بناها بشـر
خــاب بانيهـــا
مات لأن الله قال: " إنك ميتٌ وإنهم ميتون "
الكل سيموت إلا ذو العزة و الجبروت ..
م
"
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
..
اما بعد:
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ
ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ *
لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ
الْيَوْمَ حَدِيدٌ
[ق:20-22].
وجاءت سكرة الموت بالحق
والحق: أنك تموت والله حي لا يموت.
وجاءت سكرة الموت
بالحق
والحق: أن ترى عند موتك ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب.
وجاءت
سكرة الموت بالحق
والحق: أن يكون قبرك روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر
النيران
وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد
ذلك ما كنت منه
تفر، ذلك ما كنت منه تهرب
ذلك ما كنت منه تجري
تحيد إلى الطبيب إذا جاءك
المرض
وتحيد إلى الطعام إذا أحسست بالجوع
وتحيد إلى الشراب إذا أحسست
بالظمأ
ولكن
أيها القوي الفتي! أيها الذكي العبقري!
يا أيها
الوزير! ويا أيها الأمير! ويا أيها الكبير!
ويا أيها الصغير!
اعلم
أن:
كـل باك سيبكى وكـل نـاع سينعى
كل مذكور سيفنى كل مذكور
سينسى
ليس غـير الله يبقى من عـلا فالله أعلـى
وجاءت سكرة الموت
بالحق
إنها الحقيقة الكبرى التي تعلن على مدى الزمان والمكان في أذن كل
سامع، وعقل كل مفكر، ورأس كل طاغوت:
البقاء لله الحي الذي لا
يموت
إنها الحقيقة الكبرى التي تصبغ الحياة البشرية كلها بصبغة الذل
والعبودية لقهار السماوات والأرض
إنها الحقيقة الكبرى التي تسربل بها طوعاً
أو كرهاً العصاة والطائعون، بل والأنبياء والمرسلون، إنها الحقيقة التي أمرنا
حبيبنا ونبينا وقدوتنا وقرة أعيننا محمد صلى الله عليه وسلم أن نذكرها ولا
ننساها
كما في الحديث الذي رواه الترمذي بسند حسن من حديث فاروق الأمة
عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال:
(أكثروا من ذكر هادم اللذات)
وفي
لفظ:
(أكثروا من ذكر هاذم اللذات ، قيل: وما هاذم اللذات يا رسول الله ؟!
قال: الموت)
إنه الموت أيها
الأحباب!
الدقاق:
من أكثر من ذكر الموت أُكرم
بثلاثة أشياء:
تعجيل التوبة, وقناعة القلب, ونشاط العبادة,
ومن نسي
الموت عوقب بثلاثة أشياء:
تسويف التوبة, وترك الرضى بالكفاف, والتكاسل في
العبادة .
و لأن هذا مصير كل حي (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ) و تفرد عز
وجل بالبقاء فقال ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) فما
أحوجنا ونحلم نعلم هذا المصير أن نتذاكره ونتأمله .
وأعلم يا أخي/ اختي
الحبيب/ـه
أن الدنيا دار فناء لا دار بقاء ...
فالموت هذا الذي حير
الأطباء ولم يجدوا له دواء
لأنه صلى الله عليه وسلم قال لا دواء ...
لم
ينج منه حتى الأنبياء ولا الصحابة الفضلاء ولا التابعين والأولياء .
لكنهم
أخذوا حاجتهم وتزودوا لغايتهم كان ابن عمر يقول:
" إذا أمسيت فلا تنتظر
الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك
"
الفقراء والأغنياء .. الأذلاء والأعزاء
كلهم سيمر لأنها دار ممر لا
دار مقر ..
هادم اللذات ... ومفرق الجماعات ... ومخرب الدور والقصور
والضيعات ... وقاطع كل الشهوات ... ومنهي الآمال والتطلعات ...
أخي /
اختي الحبيب/ـه
كفى بالموت واعظاً ...و للحياة مكدراً ...و للقلوب مقطعا...
وللعيون مبكيا... وللذات هادما... وللجماعات مفرقا... وللأماني قاطعا.
إنها
الحقيقة التي سماها اللـه في قرآنه بالحق فقال جل وعلا:
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ
ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ .
أخي / اختي
قف وتأمل
كيف لو نزل بك الموت ... تخيل وقد شخصت
منك العينان ... وبردت منك القدمان ... وتجمد الدم في اليدان ... كيف لو بلغت الروح
التراقي ... والتفت الساق بالساق ...
أتعرف إلى أين المصير ؟
إلى ربك
يومئذ المساق .. فأقرأ كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ
وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ
يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ..
أخي / اختي الحبيب/ـه
لو كان أحد ينجو
من الموت لنجى منه المصطفى صلى الله عليه وسلم ..
عن عائشة رضي الله عنها أن
رسول الله كانت بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء, فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح
بهما وجهه ويقول:
«لا إله إلا الله إن للموت سكرات»
ثم نصب يديه فجعل
يقول: «في الرفيق الأعلى» حتى قبض ومالت يده.
أخرجه البخاري
...
وقالت
ما أغبط أحداً بهون الموت, بعد الذي رأيت من شدة موت رسول
الله
أخرجه الترمذي .
فكيف بي وبك أخي / اختي الحبيب/ـه
كيف لو نزلوا بنا الملائكة لقبض أرواحنا ... ما حالي وحالك ... هل هم
ملائكة عذاب أم رحمة نسأل الله الرحمة .
أيً أُخي
/اختي
هل وقفت مع نفسك لتذكر هذا القادم الغائب المنتظر وإنما هي سويعات ثم
ترحل فجد السير وهي مركب السير قبل أن تخرج الروح فتقول (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي
أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ) فيقال لك (كَلَّا )
"كل نفس
ذائقةُ الموت"..
مات الحبيب بأبي هو وأمي الذي كان يقول في آخر
لحظات الحياة
" ألا لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
"
من وصاياه في ساعات احتضاره وفي ساعات وداعه أنه كان يقول: "الصلاة وما
ملكت أيمانكم".
صعد المنبر آخر ما صعد قال: من أخذت منه مالا فهذا مالي
فيأخذ منه، من سببت له عرضاً فهذا عرضي فليقتص منه، من ضربتُ له جسداً فهذا جسدي
فليقتص منه؛ إن رجلاً خيره الله بين ما عنده وبين زينة الدنيا فاختار ما عند الله؛
فبكى الصديق - رضي الله عنه - وأرضاه. فقالوا: ما الذي يبكي هذا الشيخ الكبير؟!..
لقد علم أنها آخر ساعات الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه..
في آخر
ساعات احتضاره أخذ يضع يده في ركوة من الماء ويمسح على وجهه ويقول: لا إله إلا
الله.. إن للموت لسكرات.. إن للموت لسكرات.. اللهم هون علي الموت وسكراته.. اللهم
هون علي الموت وسكراته..
فلما رأت فاطمة شدة البلاء على أبيها أخذت تقول:
وا كرب أبتاه.. وا كرب أبتاه.. وا كرب أبتاه..
فأخذ يقول لها: لا كرب على
أبيك بعد اليوم..
لا كرب يا فاطمة على أبيك بعد اليوم.
ثم أخذ يشخص
ببصره إلى السماء ويرفع بيده السبابة وهو يناجي ربه وهو يقول: اللهم اغفر لي..
اللهم ارحمني.. اللهم تب علي.. اللهم الرفيق الأعلى.. اللهم الرفيق الأعلى.. اللهم
الرفيق الأعلى..
ثم سكتت الأنفاس الطاهرة، وتوقف القلب الكبير؛
لأن
الله قال: "إنك ميتٌ وإنهم ميتون".
لأن الله قال: "وما جعلنا لبشر من قبلك
الخلد أفإن مت فهم الخالدون".
كل نفسٍ ذائقة الموت ..
فلما فارقت الروح
الحياة وسكت ذلك الجسد الطاهر الشريف
أخذت فاطمةُ تقول: وا أبتاه.. وا
أبتاه.. أجاب رباً دعاه.. وا أبتاه.. أجاب رباً دعاه.. وا أبتاه.. جنة الفردوس
مأواه.. وا أبتاه.. إلى جبريل ننعاه..
فلما دُفن، قالت فاطمة لأنس:
أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله؟!
يقول أنس: فقلت في نفسي
والله ما طابت ولكننا ألجمناها إلجاماً..
مات الحبيب لأن الله قال: "إنك
ميتٌ وإنهم ميتون"
الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت..
ثم يموت
الصدّيق - رضي الله عنه - وأرضاه خليفة الحبيب.
وفي ساعات احتضاره وكانت
ساعات احتضاره بليل..
أخذ يقول لعائشة: في أي يوم نحن ؟
قالت: يوم
الاثنين .
قال: في أي يوم قُبض فيه النبي صلى الله عليه ؟
قالت:
يوم الاثنين.
ولقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مراراً في منامه.
سألوه في ساعات مرضه..
سألوه في أيام مرضه: عرضت نفسك على الطبيب ؟
قال: نعم
قالوا: ماذا قال؟
قال: قال إني فعّال لما أُريد
..
قال الطبيب: إني فعّال لما أُريد ..
فلما اشتدت عليه السكرات،
ورأت عائشة سكرات الموت على أبيها..
أخذت تستشهد ببيت تقول فيه:
واعاذلٌ وما يغني الحذارى عن الفتى **** إن حشرجت يوما وضاقت بها الصدر
فقال: يا عائشًُ.. لا تقولي ذلك ولكن قولي:
"وجاءت سكرة الموت بالحق
ذلك ما كنت منه تحيد".
نعم أيها الغالي.. "قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه
ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون".
أوصى
أبو بكر عمر وصية..
ليتنا فهمناها..
قال: يا عمر إن لله حق بالليل
لا يقبله بالنهار، وإن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل.
مات الصدّيق لأن
الله قال: "إنك ميتٌ وإنهم ميتون".
الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت..
ثم يموت الفاروق - رضي الله عنه - وأرضاه وهو يصلي الفجر، في يوم ضيع الناس
صلاة الفجر..
هل لسبب شرعي ضُيعت صلاة الفجر؟!
أم بسبب المكوث
ساعات وساعات أمام الشاشات والقنوات؟!
مات.. طُعن وهو يقرأ قوله جل في
علاه:
"إنما أشكو بثي وحزني إلى الله"
نعم أيها الغالي.. طُعن شهيد
المحراب..
فلما أفاق..
كانت أول كلمة قالها: أصلى الناس؟
اسمع يا رعاك الله أول كلمة تلفظ بها عمر يوم أفاق من غيبوبته قال: أصلى
الناس؟
ثم يوم رأى الدم ينزف منه نزفاً، تيقن أن الموت قد اقترب.
كان هناك شغلٌ يشغله وهمٌ يهمّه..
قال يا عبد الله ابن عمر اذهب
إلى عائشة أم المؤمنين وقل لها: يقرؤك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست
أميراً للمؤمنين بعد اليوم..
قل لها يبلّغك عمر السلام ويستأذنك أن يُدفن
مع صاحبيه.
يريد أن يكون رفيق النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى في
الممات.. رفيقه في روحته وجيئته.. يريد أن يرافق حبيبه حتى في الممات..
فذهب عبد الله ابن عمر وطرق الباب على عائشة وقال لها: يقرؤك عمر السلام
ويقول لكِ: أتأذنين له أن يدفن مع صاحبيه؟
فقالت الصديقة بنت الصديق: والله
إني كنت أريده لنفسي.. ووالله لأوثرنّه على نفسي..
فلما رجع عبد الله ابن
عمر.. ورآه عمر قد أقبل، قال: أجلسوني.
فقال ما الخطب يا عبد الله ابن عمر؟
قال: أبشر يا أمير المؤمنين فقد رضيت.
فتهلل وجه عمر - رضي الله
عنه - وأرضاه.
القضية كانت تشغله.. القضية كانت تهمه..
يا رعاك
الله..
ما كان يوصي بمال ولا بعيال ولا بحلال.. القضية قضية مرافقة في
الدنيا وفي الآخرة..
فقال عمر: إن أنا مت فغسلوني وكفنوني ثم احملوني
واطرقوا عليها الباب وقولوا يستأذن عمر مرة ثانية فإن أذنت وإلا خذوني إلى مقابر
المسلمين..
فلما جاءت ساعات الاحتضار وبدأت تتنزل عليه كربات الموت أخذ عبد
الله ابن عمر رأسه ووضعه على فخذه، فقال عمر: ضع وجهي على التراب علّ الله أن يرحم
عمر، ليتني خرجتُ منها كفافاً لا لي ولا علي، ودتُ أن أمي لم تلدني، ليتني كنتُ
ورقة تعضد..
من هو؟!
عمر الصوام القوّام يقول ودتُ أني خرجتُ منها
كفافاً لا لي ولا علي..
مات عمر.. مات عمر لأن الله قال: "إنك ميتٌ وإنهم
ميتون"
الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت..
ثم يموت عثمان - رضي
الله عنه - وأرضاه..
يموت وقد رأى في منامه في تلك الليلة النبي - صلى الله
عليه وسلم - يقول له: تفطر عندنا غداً..
فأصبح صائماً - رضي الله عنه -
وأرضاه..
تسلقوا عليه البيت وطعنوه وهو يقرأ القرآن فتدفقت تلك الدماء على
لحيته الطاهرة ثم أخذ يدعوا ويقول: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين..
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين.. اللهم اجمع شمل أمة محمد.. اللهم
اجمع شمل أمة محمد.
عثمان وما أدراك ما عثمان؟!
تلك اللحية التي
لطالما تبللت بالدموع من خشية الله.. تلك اللحية التي لطالما تبللت بكاءً وخشية من
الله جلّ في علاه..
عثمان الذي إذا ذُكرت الجنة والنار يبكي وإذا ذُكر
القبر يبكي بكاءً شديداً..
فإذا قيل له لا تبكي للجنة والنار كبكائك
للقبر؟!
قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: القبر أول منازل
الآخرة.. إذا كان الذي فيه هيّنٌ فما بعده أهون.. وإن كان الذي فيه شديد فما بعده
أشد..
مات عثمان قارئ القرآن الذي قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -:
ما ضرّ عثمان ما فعل بعد اليوم..
عثمان الذي نفس بأمواله كربات المسلمين
عثمان الذي كان أباً للأرامل والفقراء والمساكين..
مات لأن الله قال: " إنك
ميتٌ وإنهم ميتون "
الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت ..
وبعد
ساعات الفجر تحلو دقائق الاستغفار فخرج علي مستغفر ربه بعد قيام الليل منطلق إلى
صلاة الفجر.. فيطعن وهو في طريقه إلى المسجد.
شتان بين خواتيم وخواتيم ..
شتان بين من مات وهو يسير إلى المسجد وشتان بين من يسير إلى معصية الله..
ثم يوم علم علي أنها النهاية قال: أبقوه فإن أنا بقيت قتلتُ أو عفوت، وإن
أنا مت فاقتلوه وعجلوه فإني مخاصمه عند ربي جلّ في علاه؛ ولم يتلفظ بعدها بكلمة إلا
قول لا إله الله.. لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله.. حتى فارق الحياة.
علي المجاهد العنيد والمقاتل الصنديد يموت وهو يسير إلى صلاة الفجر.
مات لأن الله قال: " إنك ميتٌ وإنهم ميتون "
الكل سيموت إلا ذو
العزة والجبروت..
مات أبو هريرة راوي الحديث والمرافق للنبي في روحته
وجيئته.
ماذا يقول في ساعات الاحتضار؟!
يقول: آه من قلة الزاد وطول
الطريق
راوي الحديث ناقل السنة وناقل العلم الشرعي للأمة.. يقول: آه من قلة
الزاد وطول الطريق.
فماذا يقول المفرطون أمثالنا؟!
ماذا يقول
المقصرون أمثالنا؟!
ماذا يقول المذنبون والمضيّعون؟!
مات أبو هريرة
لأن الله قال: " إنك ميتٌ وإنهم ميتون "
الكل سيموت إلا ذو العزة
والجبروت..
ثم يموت أعلم الأمة بالحلال والحرام معاذ - رضي الله عنه -
وأرضاه..
كانت ساعة احتضاره بليل، فقال لابنه: أصبحنا؟
قال: ليس
بعد.
ثم سأله مرة ثانية: أصبحنا؟
قال: ليس بعد
ثم سأله مرة
ثالثة: أصبحنا؟
قال: نعم.
قال: أعوذ بالله من ليلة صبيحتها إلى
النار.. أعوذ بالله من ليلة صبيحتها إلى النار..
ثم أخذ يدعوا ربه ويناجيه
ويقول: اللهم إنك تعلم أني كنت أخافك ، أنا الآن أرجوك.. اللهم إنك تعلم أني كنت
أخافك ، أنا الآن ارجوك .
اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا لطول
البقاء ولا لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لصيام الهواجر وقيام الليل ومجالسة
العلماء..
أنظر على ماذا يبكون.. أنظر على ماذا يتحسرون..
ونحن:
النفس تبكي على الدنيــا وقد علمت **** أن السلامــة
فيهـا ترك ما فيها
فليس للمرء دار بعد الموت يسكنها **** إلا التي كان قبـل
الموت يبنيها
فإن بنـاهـــــا بخيــر طــاب مسكنـه **** وإن بناها بشـر
خــاب بانيهـــا
مات لأن الله قال: " إنك ميتٌ وإنهم ميتون "
الكل سيموت إلا ذو العزة و الجبروت ..
م