هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الخائفون من الله (1)

    مـــ ماجده ـلاك الروح
    مـــ ماجده ـلاك الروح
    الإداري المتميز
    الإداري المتميز


    الجنس : انثى

    مشاركات : 7979
    البلد : المنصورة مصر
    نقاط التميز : 17074
    السٌّمعَة : 22

    سؤال الخائفون من الله (1)

    مُساهمة من طرف مـــ ماجده ـلاك الروح الثلاثاء 11 مايو - 11:34

    الخائفون من الله (1)
    <BLOCKQUOTE>أبـو بكـر الصـديـق - رضى الله عنه -:

    كان أبو بكر – رضي الله عنه – رجلا أسيفًا كثير البكاء. إذا قرأ القرآن لم تكد تفهم قراءته من كثرة بكائه – رضي الله عنه وأرضاه -.


    إذا تذكرت شجـوًا من أخي ثقة فاذكر أخاك أبا بكر بما فعـلا
    الصاحب التالي المحمود سيرته وأول الخلق طرًّا صدَّق الرسلا




    الفـاروق عمـر بن الخطـاب - رضي الله عنه -:

    أما عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فقد كان آية في التقوى، أعجوبة في الخوف، مذهلا في البكاء، بكى حتى اتخذت الدموع لها مجرى على خديه، فرسمت لها خطين أسودين من كثرة تحدّرها، ويجب عليك وأنت تقرأ سيرة عمر وغيره من أولئك العظماء أن تنظر إلى هذا الربط البديع، والتناسق العظيم، بين شدة الخوف وكثرة البكاء، وبين القوة والصلابة في الحق والعزيمة في رفعة الدين، فلم يكن خوف خور وخضوع، وقعودٍ وخنوع، بل هو خوف يدفع للقوة، وبكاء يثمر عطاءً، وخشية أوجبت التضحية.


    يا من رأى عمرًا تكسوه بردته والزيت أدْم له والكوخ مأواه
    يهتز كسرى على كرسيه فرقًا من خوفه وملوك الروم تخشاه



    كان عمر يخوف نفسه بالله، ويحب الذين يخوّفونه بالله جل وعلا ويبحث عمن يخوفه بالله ويذكره بهول المطلع على الله، لعلمه بثمرة الخوف وحسن عاقبته.

    كان كعب – رضي الله عنه – عنده في يوم من الأيام، فقال له عمر: يا كعب خَوِّفنا، فقال له كعب: يا أمير المؤمنين أليس فيكم كتاب الله وحكمة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، قال: بلى، ولكن يا كعب خوفنا، فقال له: يا أمير المؤمنين اعمل عمل رجل لو وافى القيامة بعمل سبعين نبيًا لازدرأ عمله مما يرى من الهول.

    كانت قُواه تنهار من خوف الله وخشيته، كان يهوي إلى الأرض، ويأخذ التبنة بيده ويبكي قائلا: (
    يا ليتني هذه التبنة، ليتني لم أكن شيئًا، ليت أمي لم تلدني، ليتني كنت نسيًا منسيًا
    ).

    لما خرج – رضي الله عنه وأرضاه – لاستلام مفاتيح المقدس استقبلته الكتائب والجيوش والأمراء والعظماء، فقال لهم: تفرقوا عني أين أخي أبو عبيدة، فتقدم أبو عبيدة إليه فعانقه وبكى بكاءً طويلا، ثم قال عمر: يا أبا عبيدة كيف بنا إذا سألنا الله يوم القيامة ماذا فعلنا بعد رسولنا – صلى الله عيه وآله وسلم -، قال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين تعال إلى مكان لا يرانا الناس فيه لنتباكى، فاتجها إلى شجرة ثم توقفا عندها وأخذا يبكيان بكاءً مريرًا طويلا يبكيان حنينًا لصاحبهم - صلى الله عليه وآله وسلم -، ويتذكران أيامهما معه، ويبكيان خوفًا من ربهم عز وجل إذا سألهم ماذا فعلوا بعده.

    حينما حضرت عمر الوفاةُ كان رأسه على فخذ ابنه عبد الله، فقال له: ضع رأسي على التراب عل الله يرحمني، فلما وضع رأسه على الأرض قال: ويلي وويلُ أمي إن لم يرحمني الله، وكان يقول: والله وددت لو نجوت كفافًا لا لي ولا علي.

    بكى عمر الفاروق خوفًا وخشيـة وقد كان في الأرض الإمام المثاليا
    وقال بصوت الحزن يا ليت أنني نجوت كفـافًا لا علـيّ ولا ليـا.



    عثمـان بن عفـان - رضي الله عنه -:

    أما عثمان – رضي الله عنه وأرضاه – فقد كان إذا وقف على قبر يبكي حتى تخضل لحيته بالدموع، فقيل له: يا أمير المؤمنين، يذكر عندك الموت والجنة والنار فلا تبكي أحيانًا، فإذا ذكر القبر بكيت، قال: لأني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم – يقول: (
    ما رأيت منظرًا قط إلا والقبر أفظع منه فمن نجا منه فما بعده أهون منه
    ).
    </BLOCKQUOTE>
    <BLOCKQUOTE>

    علـي بن أبـي طـالـب - رضي الله عنه -:

    وقد كان علي بن أبي طالب - رضي الله عنه وأرضاه – كثير الخوف سريع العبر، دائم الفكرة، شديد الخشية، صلى صلاة الفجر في يوم من الأيام فجلس حزينًا مطرقًا، فما طلعت الشمس قبض على لحيته وبدأ يبكي بكاءً مريرًا، فلما هدأت نفسه، وسكنت عبرته قال: (
    لقد رأيت أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم – فما رأيت شيئًا يشبههم، كانوا يصبحون شعثًا عبرًا صفرًا بين أعينهم كأمثال ركب المعزى من كثرة السجود، قد باتوا لله سجدًا وقيامًا يراوحون بين جباههم وأقدامهم، فإذا طبع الفجر ذكروا الله، فمادوا كما يميد الشجر في يوم الريح، وهطلت أعينهم بالدموع، والله لكأنهم أمسوا غافلين
    ).

    كان علي – رضي الله عنه – إذا أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه يقوم في محرابه قابضًا على لحيته يتململ تململ الملدوغ، ويبكي بكاء الحزين، وينادي، يا ربنا، يا ربنا.. آه، آه، آه من قلة الزاد بعد السفر، ووحشة الطريق.

    </BLOCKQUOTE>
    <BLOCKQUOTE>

    عبـد الرحمـن بن عـوف - رضي الله عنه -:

    وهذا عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه وأرضاه – أُتي له بطعام وقد كان صائمًا فلما وضعوه أمامه قال: قتل مصعب بن عمير – رضي الله عنه – وهو خير مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة، إن غُطّي بها رأسه بدت رجلاه، وإن غُطّي بها رجلاه بدا رأسه، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط قد خشينا أن تكون حسناتنا عُجِّلت لنا، ثم انهار بالبكاء حتى رفع الطعام وما أكل منه، وأُتي له بعشائه في يوم آخر وقد كان صائمًا، فلما رأى الطعام قرأ قول الله تعالى: ﴿
    إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً ﴿12﴾ وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً ﴾ ... [المزمل: 12ـ 13 ]، فلم يزل يبكي حتى رفع طعامه وما تعشى.
    </BLOCKQUOTE>
    <BLOCKQUOTE>

    أبـو هـريـرة - رضي الله عنه -:

    أبو هريرة – رضي الله عنه وأرضاه – في مرض موته بكى بكاءً مريرًا فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أما إني لا أبكي على دنياكم هذه، ولكن أبكي على بعد سفري وقلة زادي، وإني أمسيت في صعود المهبط منه على جنة أو نار ولا أدري إلى أيتهما يؤخذ بي.
    </BLOCKQUOTE>
    <BLOCKQUOTE>

    عمـر بن عبـد العـزيـز - رحمه الله -:

    أما عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – فكأن النار لم تخلق إلا له، وكأن الصراط لم ينصب إلا من أجله، كان خليفة للمسلمين، الدنيا طوع أمره، والأموال تحت تصرّفه، والكنوز ترتمي عند قدمه، وأبّهة الملك تغازله ومع ذلك أعرض عنها جميعًا، وطلب ملكًا لا يفنى، ونعيمًا لا يزول، تقول زوجته فاطمة بن عبد الملك – رضي الله عنها – قد يكون في الرعية من هو أكثر صلاة وصيامًا من عمر، ولكن ليس بينهم من هو أشد خوفًا وبكاءً من عمر.
    كان إذا صلى العشاء جاء إلى بيته فألقى بنفسه في محرابه، ثم رفع يديه فلا يزال يبكي حتى تغلبه عيناه، ثم ينتبه فلا يزال يبكي حتى تغلبه عيناه، وقد كان يبكي أحيانًا حتى يطلع الفجر.

    بكى في يوم من الأيام واشتد بكاؤه فسمع أهله بكاءه فبكوا لبكائه، ثم سمع الجيران البكاء فبكوا لبكاء عمر وأهله، وقد كادت روحه تذهب من شدة البكاء، فلما سكن فؤاده، وهدأت نفسه، قالوا له: يا أمير المؤمنين، ما الذي أبكاك؟ فوالله لقد أشفقنا عليك، قال: تذكرت يوم القدوم على الله فريق في الجنة وفريق في السعير، ولا أدري أين يذهب بي.
    قيل لعمر في يوم من الأيام: لو جعلت على طعامك أمينًا لا تُغتال، وحرسًا إذا صليت لا تُغتال، وتنحّ عن الطاعون، فقال: « اللهم إن كنت تعلم أني أخاف يومًا دون يوم القيامة فلا تؤمن خوفي ».



    الحسـن البصـري - رحمه الله -:

    وكان الحسن البصري – رحمه الله – من أعظم الناس خوفًا، وأكثرهم بكاءً وخشية من الله تعالى، بكى في يوم من الأيام، فقيل له ما يبكيك؟ قال: أخاف أن يطرحني غدًا في النار ولا يبالي.

    أُتي له بكوز من ماءٍ ليفطر عليه وقد كان صائمًا عطشان، فلما أدناه إلى فيه بكى وأسبلت عيناه الدموع فقال: ذكرت أمنية أهل النار وقولهم: ﴿
    أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ ﴾ ... [الأعراف: 50 ].

    </BLOCKQUOTE>
    فضيلة الشيخ / ناصر الزهراني
    م

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 1 نوفمبر - 8:32