بداية سنغوص في أعماق التاريخ حينما كان المماليك يحكمون مصر، وبالتحديد في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر الميلادي، أي منذ قرابة 500 عام، وقتها كانت مصر ملتقى طرق التجارة العالمي، حيث كانت تمر عن طريقها التجارة من أوروبا إلى الهند، و كانت تلك إحدى أكبر مصادر الدخل في ذلك الوقت للقطر المصري. كانت التجارة تأتي عن طريق البحر المتوسط ثم يتم تحميلها برا إلى البحر الأحمر (بحر القلزم في ذلك الوقت)، و من ثم تنطلق إلى الشرق حيث بلاد التوابل والعطور (الهند).
عندها قرر البرتغاليون الالتفاف حول العالم الإسلامي وتقطيع أوصاله من خلال اكتشاف طريق جديد للتجارة لا يمر عبر مصر. ونجحت البرتغال في اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح الذي كان يعتمد على الالتفاف حول أفريقية بدون الحاجة للخوض في الطريق البري المصري (ولم تكن قناة السويس قد أنشئت في ذلك الوقت)، وبذلك فقدت مصر أحد أهم مواردها الاستراتيجية وكانت بداية الذبول الاقتصادي المصري في ذلك الوقت.
عندما ذهب البرتغاليون إلى الهند، كانت إسلامية، وكانت تحكم حكما إسلاميا في ذلك التاريخ، ولم يكن الوعي غائبا عند حكام مصر المماليك، ولذلك لم يكن غريبا أن تخرج الجيوش المملوكية من مصر لتقاتل البرتغاليين في الهند في ذلك التاريخ، وهزمت الجيوش المملوكية في 1504 أي بعد اكتشاف رأس الرجاء الصالح بأقل من 7 سنوات. ولا داعي هنا للخوض في أسباب هزيمة المماليك من الخضوع للملذات وفشو المعاصي و عدم الأخذ بأسباب القوة غيرها فلذلك موضع آخر بإذن الله.
و لكن السؤال هنا، هل اكتفى أعداء الأمة بذلك؟
بالطبع لا، فبعد أن فقدت مصر الأهمية الاستراتيجية لموقعها، أرادوا أن يجعلوها تفقد شريان حياتها (إن جاز التعبير)، فخططوا لحرمانها من نهر النيل. وكان من بين الخطط التى اعتزمها "دالبوكيرك" أحد قواد حملاتهم الصليبية التي لم تنقطع قط تحويل مجرى نهر النيل ليحرم مصر من أراضيها الخصبة فيتم هلاكها وإخضاعها، وقد كتب إلى ملك البرتغال يستدعى صناعا مهرة ليقوموا بفتح ثغرة بين سلسلة التلال الصغيرة التى تجرى بجانب النيل فى الحبشة ولكنه توفى سنة1515 ثم أحبط مواصلة الخطط فى هذا الاتجاه انضمام مصر بالفتح إلى الدولة الإسلامية الكبرى (الدولة العثمانية) منذ عام 1517. تلك الدولة العثمانية التي حمت ربوع المسلمين قرونا طويلة، فجزاهم الله عنا خيرا.
إذن لماذا كان ذلك التخطيط لعزل مصر وتحويلها إلى صحراء موحشة، ببساطة لأن ذلك يعني عزل العالم الإسلامي بقسميه الشرقي و الغربي، و بالتالي سهولة السيطرة عليه.
إن كل الفكرة التي أبتغيها من المقدمة السابقة هي أن الصراع بين الأمم لا يكون فقط داخل أقطارها ولكن يمتد أيضا إلى خارج الحدود الإقليمية، وأولئك الذين يقبلون بالعيش في داخل إقليمهم، وينعزلزن عن العالم الخارجي سيكتشفون أنه ينكمش عليهم حتى يموتون جوعا وعطشا.
و ماذا عن الحاضر؟؟؟
الحقيقة الحاضر مؤلم والمستقبل مخيف (ونسأل الله السلامة)، فالكيان الصهيوني هو أحد أكبر الأبواق التي نفخت في أزمة دارفور و حاولت جاهدة إقامة دولة في جنوب مصر تهدد منابع النيل و تستطيع من خلالها إخضاع أحد أهم أعدائها المحتملين وإحكام الخناق عليه. عندها لا تملك مصر إلا الخضوع وإلا فالعقاب الموت عطشا، والخضوع يعني تقديم تنازلات أكبر و فقدان موارد أكثر، والغرق في مستنقع الفقر والجوع والبؤس أكثر وأكثر، حتى تخرج مصر من المعادلة تماما إلى أن يشاء ربي شيئا.
هل اكتفى الكيان الصهيوني بهذا؟
بالتأكيد لا. لقد قام أيضا بإقامة علاقات قوية مع دول أخرى من دول حوض النيل، وبدأ في إنشاء السدود في بعضها، وهناك تهديد بانفصال جنوب السودان قريبا، مما ينذر بأزمة وشيكة جدا، نسأل الله السلامة منها.
إذن ما العمل؟
ليس أمامنا إلا أحد حلين، الأول أن نخرج من سباتنا وندرك أنه لم يعد هناك وقت للعب ونأخذ بأسباب القوة المتاحة،و نتضرع إلى الله أن يعيننا و ييسر لنا من السبل ما يدفع به شرور أعدائنا، والآخر أن نظل نائمين مسترخين مستسلمين حتى يموت أولادنا عطشا وجوعا. هذا بشكل عام ثم هناك تفصيل.
بالنسبة لأزمة دارفور فأصل الصراع هو التناحر بين قبائل مختلفة على موارد المياه القليلة، فهناك قبائل رعوية و أخرى تمتهن الزراعة حدث بينها اشتباكات وصراعات قبليية، وحدث بعض الظلم تم تضخيمه إعلاميا حتى وصلت الأمور إلى صورتها الحالية.
وقد اكتشف العالم الجيولوجي د. فاروق الباز مياه جوفية في الموقع يقول أنها قد تكفي بإذن الله لحل الشق الاقتصادي للأزمة من خلال حفر ما يقارب ألف بئر للمياه الجوفية، وهنا يجب على الحكومة المصرية توفير كافة الدعم الإعلامي والمعنوي والخبراتي والإداري للمساعدة في حل ذلك الشق الاقتصادي، فإن لم تقم بهذا الدور فليس أقل من أن تفسح الطريق للجمعيات الأهلية للتدخل عن طريق إقامة حملة تبرعات عالمية، وإنشاء جمعية أهلية تتابع العمل على حل الأزمة وتوفر لها الخبرات العلمية والإدارية والدعوية اللازمة.
وبالمناسبة السودان الآن يمر بمرحلة كبيرة جدا من التطور الاقتصادي بعد الاكتشافات البترولية الأخيرة، بالإضافة إلى خصوبة أرضه، وأخيرا اكتشافات اليورانيوم في دارفور. هذا بجانب نهضة كبيرة صناعية وزراعية في السنوات الأخيرة يلحظها القاصي والداني، هل تعلم مثلا أن السودان أصبحت مركزا لجذب العمالة الأجنبية و ليس العكس.
فإذا أمكننا أن نقيم خطا للسكك الحديدية بين مصر والسودان لأمكن لمصر تأمين مخزون استراتيجي للطعام والشراب في خلال السنوات القادمة إن شاء الله. وإذا أمكن توصيل الخط إلى محطة "وادي حلفا" لأمكن ببساطة الاتصال بالسودان كله عن طريق المحطة الرئيسية. وهذا يعني أن تتصل مصر بالسودان بقوة، ويتم توفير فرص عمل لملايين المصريين مما يساهم في حل مشكلات اجتماعية تكاد تنفجر منها المجتمعات أبرزها العنوسة والبطالة وما يترتب عنهما من تحرش جنسي وجريمة وغيرها، ونسأل الله السلامة.
وهذه الطاقات البشرية المصرية ستساهم بقوة بإذن الله في دفع عجلة التطور في السودان مما يفيد السودان نفسه، ويدفع عنه شبح الانفصال الجنوبي بسبب الانتعاش الاقتصادي. وانهيار فكرة الانفصال يصب في النهاية في مصلحة مصر. يمكن اعتبار العلاقة هنا لا غنى عنها للبلدين من الناحية الشرعية، والاقتصادية، والاجتماعية.
مسودة المشروع جاهزة و يمكن البدء بتنفيذها فقد كانت جزءا من مشروع ممر التنمية والتعمير للدكتور فاروق الباز. والمشروع العملاق (ممر التنمية والتعمير) يمكن تقسيمه على مشاريع أصغر للتعجيل بالأهم والبدء في الحال في طرح تنفيذ وإدارة خط السكك الحديدية بين مصر والسودان على القطاع الخاص حتى لا تتحمل الحكومتين أي تكلفة مادية.
ولا يكفي هنا أن نطالب الحكومة ثم ينتهي دورنا، بل لابد من تكوين فريق عمل أهلي لمتابعة سير المشروعين، و مستوى الأداء التنفيذي، واستغلال مساحة الحرية المتاحة للنقد البناء. إذا لم يتم التحرك الآن فأبناؤنا مهددون بالموت جوعا وعطشا!!!
هذا عن الجانب الاقتصادي، ولكن هذا وحده لا يكفي لإصلاح النفوس ونزع الأحقاد. يقول تعالى عن نعمة التأليف بين القلوب "وألف بين قلوبهم، لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم، ولكن الله ألف بينهم". فرب العالمين هو من ألف بين قلوب الأوس والخزرج بعد أن طحنتهم الحروب لسنوات طوال، و رب العالمين هو من ألف بين قلوب المهاجرين والأنصار فرأينا أجمل قصة هجرة في تاريخ الإنسانية، وليس لنا إلا الله وحده نلجأ له ونتوكل عليه في كل أمورنا. وهنا نطالب الحكومة المصرية بفتح الباب أمام الدعاة الذين فتح الله قلوب الناس لهم للتوجه إلى دارفور، وإقامة دعوة إسلامية قوية هناك تساعد على تأليف القلوب ومنع الانفصال حتى لا يتطور الأمر ويحدث ما لا تحمد عقباه.
أما عن المشاريع الأخرى التي تقام على دول حوض النيل و عن الدولة المزمع إقامتها في جنوب السودان وكيفية التعامل مع تلك التحديات، فليس لدي الكثير لأقوله هنا في هذا الوقت، وأطالب الباحثين في الخوض أكثر في هذه الأمور. و هنا سؤال، ما فائدة الكم الكبير جدا من الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه) إن لم تكن توجه لمعالجة القضايا الرئيسية للأمة و طرح أطروحات للتعامل معها. إننا بحاجة لإنشاء معهد للدراسات الاستراتيجية ينطلق من منظور شرعي لدراسة قضايا الأمة الكبرى وكيفية معالجتها، وطرحها على الإعلام حتى تأخذ طريقها إلى التنفيذ، ودعوني أقترح اسما له هو "معهد لقمان الحكيم للدراسات الاستراتيجية" وقد فضلت اختيار اسما يعبر عن هوية الأمة. فأين أنتم يا رجال الصحوة ؟؟؟
محمد نصر
28- ربيع الأول – 1431 هـ
14- مارس - 2010 م
مآآآآآجى
عندها قرر البرتغاليون الالتفاف حول العالم الإسلامي وتقطيع أوصاله من خلال اكتشاف طريق جديد للتجارة لا يمر عبر مصر. ونجحت البرتغال في اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح الذي كان يعتمد على الالتفاف حول أفريقية بدون الحاجة للخوض في الطريق البري المصري (ولم تكن قناة السويس قد أنشئت في ذلك الوقت)، وبذلك فقدت مصر أحد أهم مواردها الاستراتيجية وكانت بداية الذبول الاقتصادي المصري في ذلك الوقت.
عندما ذهب البرتغاليون إلى الهند، كانت إسلامية، وكانت تحكم حكما إسلاميا في ذلك التاريخ، ولم يكن الوعي غائبا عند حكام مصر المماليك، ولذلك لم يكن غريبا أن تخرج الجيوش المملوكية من مصر لتقاتل البرتغاليين في الهند في ذلك التاريخ، وهزمت الجيوش المملوكية في 1504 أي بعد اكتشاف رأس الرجاء الصالح بأقل من 7 سنوات. ولا داعي هنا للخوض في أسباب هزيمة المماليك من الخضوع للملذات وفشو المعاصي و عدم الأخذ بأسباب القوة غيرها فلذلك موضع آخر بإذن الله.
و لكن السؤال هنا، هل اكتفى أعداء الأمة بذلك؟
بالطبع لا، فبعد أن فقدت مصر الأهمية الاستراتيجية لموقعها، أرادوا أن يجعلوها تفقد شريان حياتها (إن جاز التعبير)، فخططوا لحرمانها من نهر النيل. وكان من بين الخطط التى اعتزمها "دالبوكيرك" أحد قواد حملاتهم الصليبية التي لم تنقطع قط تحويل مجرى نهر النيل ليحرم مصر من أراضيها الخصبة فيتم هلاكها وإخضاعها، وقد كتب إلى ملك البرتغال يستدعى صناعا مهرة ليقوموا بفتح ثغرة بين سلسلة التلال الصغيرة التى تجرى بجانب النيل فى الحبشة ولكنه توفى سنة1515 ثم أحبط مواصلة الخطط فى هذا الاتجاه انضمام مصر بالفتح إلى الدولة الإسلامية الكبرى (الدولة العثمانية) منذ عام 1517. تلك الدولة العثمانية التي حمت ربوع المسلمين قرونا طويلة، فجزاهم الله عنا خيرا.
إذن لماذا كان ذلك التخطيط لعزل مصر وتحويلها إلى صحراء موحشة، ببساطة لأن ذلك يعني عزل العالم الإسلامي بقسميه الشرقي و الغربي، و بالتالي سهولة السيطرة عليه.
إن كل الفكرة التي أبتغيها من المقدمة السابقة هي أن الصراع بين الأمم لا يكون فقط داخل أقطارها ولكن يمتد أيضا إلى خارج الحدود الإقليمية، وأولئك الذين يقبلون بالعيش في داخل إقليمهم، وينعزلزن عن العالم الخارجي سيكتشفون أنه ينكمش عليهم حتى يموتون جوعا وعطشا.
و ماذا عن الحاضر؟؟؟
الحقيقة الحاضر مؤلم والمستقبل مخيف (ونسأل الله السلامة)، فالكيان الصهيوني هو أحد أكبر الأبواق التي نفخت في أزمة دارفور و حاولت جاهدة إقامة دولة في جنوب مصر تهدد منابع النيل و تستطيع من خلالها إخضاع أحد أهم أعدائها المحتملين وإحكام الخناق عليه. عندها لا تملك مصر إلا الخضوع وإلا فالعقاب الموت عطشا، والخضوع يعني تقديم تنازلات أكبر و فقدان موارد أكثر، والغرق في مستنقع الفقر والجوع والبؤس أكثر وأكثر، حتى تخرج مصر من المعادلة تماما إلى أن يشاء ربي شيئا.
هل اكتفى الكيان الصهيوني بهذا؟
بالتأكيد لا. لقد قام أيضا بإقامة علاقات قوية مع دول أخرى من دول حوض النيل، وبدأ في إنشاء السدود في بعضها، وهناك تهديد بانفصال جنوب السودان قريبا، مما ينذر بأزمة وشيكة جدا، نسأل الله السلامة منها.
إذن ما العمل؟
ليس أمامنا إلا أحد حلين، الأول أن نخرج من سباتنا وندرك أنه لم يعد هناك وقت للعب ونأخذ بأسباب القوة المتاحة،و نتضرع إلى الله أن يعيننا و ييسر لنا من السبل ما يدفع به شرور أعدائنا، والآخر أن نظل نائمين مسترخين مستسلمين حتى يموت أولادنا عطشا وجوعا. هذا بشكل عام ثم هناك تفصيل.
بالنسبة لأزمة دارفور فأصل الصراع هو التناحر بين قبائل مختلفة على موارد المياه القليلة، فهناك قبائل رعوية و أخرى تمتهن الزراعة حدث بينها اشتباكات وصراعات قبليية، وحدث بعض الظلم تم تضخيمه إعلاميا حتى وصلت الأمور إلى صورتها الحالية.
وقد اكتشف العالم الجيولوجي د. فاروق الباز مياه جوفية في الموقع يقول أنها قد تكفي بإذن الله لحل الشق الاقتصادي للأزمة من خلال حفر ما يقارب ألف بئر للمياه الجوفية، وهنا يجب على الحكومة المصرية توفير كافة الدعم الإعلامي والمعنوي والخبراتي والإداري للمساعدة في حل ذلك الشق الاقتصادي، فإن لم تقم بهذا الدور فليس أقل من أن تفسح الطريق للجمعيات الأهلية للتدخل عن طريق إقامة حملة تبرعات عالمية، وإنشاء جمعية أهلية تتابع العمل على حل الأزمة وتوفر لها الخبرات العلمية والإدارية والدعوية اللازمة.
وبالمناسبة السودان الآن يمر بمرحلة كبيرة جدا من التطور الاقتصادي بعد الاكتشافات البترولية الأخيرة، بالإضافة إلى خصوبة أرضه، وأخيرا اكتشافات اليورانيوم في دارفور. هذا بجانب نهضة كبيرة صناعية وزراعية في السنوات الأخيرة يلحظها القاصي والداني، هل تعلم مثلا أن السودان أصبحت مركزا لجذب العمالة الأجنبية و ليس العكس.
فإذا أمكننا أن نقيم خطا للسكك الحديدية بين مصر والسودان لأمكن لمصر تأمين مخزون استراتيجي للطعام والشراب في خلال السنوات القادمة إن شاء الله. وإذا أمكن توصيل الخط إلى محطة "وادي حلفا" لأمكن ببساطة الاتصال بالسودان كله عن طريق المحطة الرئيسية. وهذا يعني أن تتصل مصر بالسودان بقوة، ويتم توفير فرص عمل لملايين المصريين مما يساهم في حل مشكلات اجتماعية تكاد تنفجر منها المجتمعات أبرزها العنوسة والبطالة وما يترتب عنهما من تحرش جنسي وجريمة وغيرها، ونسأل الله السلامة.
وهذه الطاقات البشرية المصرية ستساهم بقوة بإذن الله في دفع عجلة التطور في السودان مما يفيد السودان نفسه، ويدفع عنه شبح الانفصال الجنوبي بسبب الانتعاش الاقتصادي. وانهيار فكرة الانفصال يصب في النهاية في مصلحة مصر. يمكن اعتبار العلاقة هنا لا غنى عنها للبلدين من الناحية الشرعية، والاقتصادية، والاجتماعية.
مسودة المشروع جاهزة و يمكن البدء بتنفيذها فقد كانت جزءا من مشروع ممر التنمية والتعمير للدكتور فاروق الباز. والمشروع العملاق (ممر التنمية والتعمير) يمكن تقسيمه على مشاريع أصغر للتعجيل بالأهم والبدء في الحال في طرح تنفيذ وإدارة خط السكك الحديدية بين مصر والسودان على القطاع الخاص حتى لا تتحمل الحكومتين أي تكلفة مادية.
ولا يكفي هنا أن نطالب الحكومة ثم ينتهي دورنا، بل لابد من تكوين فريق عمل أهلي لمتابعة سير المشروعين، و مستوى الأداء التنفيذي، واستغلال مساحة الحرية المتاحة للنقد البناء. إذا لم يتم التحرك الآن فأبناؤنا مهددون بالموت جوعا وعطشا!!!
هذا عن الجانب الاقتصادي، ولكن هذا وحده لا يكفي لإصلاح النفوس ونزع الأحقاد. يقول تعالى عن نعمة التأليف بين القلوب "وألف بين قلوبهم، لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم، ولكن الله ألف بينهم". فرب العالمين هو من ألف بين قلوب الأوس والخزرج بعد أن طحنتهم الحروب لسنوات طوال، و رب العالمين هو من ألف بين قلوب المهاجرين والأنصار فرأينا أجمل قصة هجرة في تاريخ الإنسانية، وليس لنا إلا الله وحده نلجأ له ونتوكل عليه في كل أمورنا. وهنا نطالب الحكومة المصرية بفتح الباب أمام الدعاة الذين فتح الله قلوب الناس لهم للتوجه إلى دارفور، وإقامة دعوة إسلامية قوية هناك تساعد على تأليف القلوب ومنع الانفصال حتى لا يتطور الأمر ويحدث ما لا تحمد عقباه.
أما عن المشاريع الأخرى التي تقام على دول حوض النيل و عن الدولة المزمع إقامتها في جنوب السودان وكيفية التعامل مع تلك التحديات، فليس لدي الكثير لأقوله هنا في هذا الوقت، وأطالب الباحثين في الخوض أكثر في هذه الأمور. و هنا سؤال، ما فائدة الكم الكبير جدا من الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه) إن لم تكن توجه لمعالجة القضايا الرئيسية للأمة و طرح أطروحات للتعامل معها. إننا بحاجة لإنشاء معهد للدراسات الاستراتيجية ينطلق من منظور شرعي لدراسة قضايا الأمة الكبرى وكيفية معالجتها، وطرحها على الإعلام حتى تأخذ طريقها إلى التنفيذ، ودعوني أقترح اسما له هو "معهد لقمان الحكيم للدراسات الاستراتيجية" وقد فضلت اختيار اسما يعبر عن هوية الأمة. فأين أنتم يا رجال الصحوة ؟؟؟
محمد نصر
28- ربيع الأول – 1431 هـ
14- مارس - 2010 م
مآآآآآجى