فتوى لفضيلة الشيخ العلامة : صالح ابن عثيمين رحمه الله .
السؤال: هذه الرسالة وردتنا من المستمع يقول الباحث عن الحقيقة يقول في رسالته هناك نوعان من الحياة. الحياة السعيدة ولا أقصد السعادة بالمال والجاه وإنما أقصد تلك السعادة التي تأتي من النفس أي أن يكون الإنسان مرتاحاً من الناحية النفسية ثانياً الحياة الذليلة وأقصد به الذل النفسي أي أن يكون الإنسان ذليلاً من الناحية النفسية والسؤال لماذا يخلق الإنسان ذليلاً في أمة الإسلام حيث قال الله تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وذكر عدة آيات منها قوله تعالى (إن الله ليس بظلام للعبيد) وعدة آيات يقول هل نستطيع أن نعتبر أن الذين خلقهم الله أذلاء من ناحية النفسية لم تشملهم هذه الرحمة الواسعة ولا تزال قلوبهم ونفوسهم تعيش في الظلمات ولم تر النور ونعتبر هذا ظلماً لهم من الله سبحانه وتعالى؟
الجواب
الشيخ: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد هذا السؤال الذي سأله عنه الأخ يتعلق بمسألة عظيمة وهي مسألة القضاء والقدر التي ينقسم الناس فيها إلى قسمين: منهم من وفق للاستقامة،ومنهم من يوفق للضلالة وهذا هو محط الإشكال عند كثير من الناس كيف يكون هذا ضالاً وكيف يكون هذا مهتدياً ولكننا ننبه على نقطة مهمة في هذا الباب وهي أن من كان ضالاً فإن سبب ضلاله هو نفسه لقول الله تعالى:﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.ولقوله تعالى:﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:"حين حدث أصحابه بأن مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ أَوْ مِنْ الْجَنَّةِ قَالُوا أَلا نَتَّكِلُ قَالَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ" ثم تلا هذه الآية:﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾. وعلى هذا فنقول هؤلاء الذين وصفهم السائل بأنهم أذلاء إنما أذلتهم المعصية ولم يكتب لهم الهدى بسبب أنهم هم الذين تسببوا للضلالة حيث لم تكن إرادتهم صادقة في طلب الحق والوصول إليه وفي العمل به بعد وضوحه وبيانه ولو أنهم كانوا حسن النية وصادق العزيمة لوفقوا للحق لأن الحق بين ميسر:﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ فالذي أنصح به هذا الأخ ومن على شاكلته وممن أشكل عليهم هذا الأمر أن يرجعوا إلى أنفسهم أولاً ويحسنوا نيتهم ويصححوا عزيمتهم حتى تكون النية سليمة والعزيمة صادقة في طلب الحق وحينئذٍ فأنا ضامن أن يوفقوا له لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي وعد بذلك:﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾وتأمل أن الآية جاءت بالسين الدالة على قرب مدخولها وعلى تحقق مدخولها أيضاً بأن السين كما هو معلوم تدل على هاذين المعنيين قرب مدخولها وتحققه ولكن البلاء من أنفسنا وأتلو الآن أيضاً قول الله تبارك وتعالى:﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾.فإن هذا النسيان يشمل الذهول الذي هو ذهول القلب عن المعلوم وكذلك النسيان الذي بمعنى الترك فهم تسلب علومهم ولا يوفقون إلى العمل الصالح بسبب نقض الميثاق.
موقع الشيخ ابن عثيمين رحمه الله واسكنه فسيح جناته.
م
السؤال: هذه الرسالة وردتنا من المستمع يقول الباحث عن الحقيقة يقول في رسالته هناك نوعان من الحياة. الحياة السعيدة ولا أقصد السعادة بالمال والجاه وإنما أقصد تلك السعادة التي تأتي من النفس أي أن يكون الإنسان مرتاحاً من الناحية النفسية ثانياً الحياة الذليلة وأقصد به الذل النفسي أي أن يكون الإنسان ذليلاً من الناحية النفسية والسؤال لماذا يخلق الإنسان ذليلاً في أمة الإسلام حيث قال الله تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وذكر عدة آيات منها قوله تعالى (إن الله ليس بظلام للعبيد) وعدة آيات يقول هل نستطيع أن نعتبر أن الذين خلقهم الله أذلاء من ناحية النفسية لم تشملهم هذه الرحمة الواسعة ولا تزال قلوبهم ونفوسهم تعيش في الظلمات ولم تر النور ونعتبر هذا ظلماً لهم من الله سبحانه وتعالى؟
الجواب
الشيخ: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد هذا السؤال الذي سأله عنه الأخ يتعلق بمسألة عظيمة وهي مسألة القضاء والقدر التي ينقسم الناس فيها إلى قسمين: منهم من وفق للاستقامة،ومنهم من يوفق للضلالة وهذا هو محط الإشكال عند كثير من الناس كيف يكون هذا ضالاً وكيف يكون هذا مهتدياً ولكننا ننبه على نقطة مهمة في هذا الباب وهي أن من كان ضالاً فإن سبب ضلاله هو نفسه لقول الله تعالى:﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.ولقوله تعالى:﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:"حين حدث أصحابه بأن مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ أَوْ مِنْ الْجَنَّةِ قَالُوا أَلا نَتَّكِلُ قَالَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ" ثم تلا هذه الآية:﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾. وعلى هذا فنقول هؤلاء الذين وصفهم السائل بأنهم أذلاء إنما أذلتهم المعصية ولم يكتب لهم الهدى بسبب أنهم هم الذين تسببوا للضلالة حيث لم تكن إرادتهم صادقة في طلب الحق والوصول إليه وفي العمل به بعد وضوحه وبيانه ولو أنهم كانوا حسن النية وصادق العزيمة لوفقوا للحق لأن الحق بين ميسر:﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ فالذي أنصح به هذا الأخ ومن على شاكلته وممن أشكل عليهم هذا الأمر أن يرجعوا إلى أنفسهم أولاً ويحسنوا نيتهم ويصححوا عزيمتهم حتى تكون النية سليمة والعزيمة صادقة في طلب الحق وحينئذٍ فأنا ضامن أن يوفقوا له لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي وعد بذلك:﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾وتأمل أن الآية جاءت بالسين الدالة على قرب مدخولها وعلى تحقق مدخولها أيضاً بأن السين كما هو معلوم تدل على هاذين المعنيين قرب مدخولها وتحققه ولكن البلاء من أنفسنا وأتلو الآن أيضاً قول الله تبارك وتعالى:﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾.فإن هذا النسيان يشمل الذهول الذي هو ذهول القلب عن المعلوم وكذلك النسيان الذي بمعنى الترك فهم تسلب علومهم ولا يوفقون إلى العمل الصالح بسبب نقض الميثاق.
موقع الشيخ ابن عثيمين رحمه الله واسكنه فسيح جناته.
م