هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    قال تعالى: "فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ "

    مـــ ماجده ـلاك الروح
    مـــ ماجده ـلاك الروح
    الإداري المتميز
    الإداري المتميز


    الجنس : انثى

    مشاركات : 7979
    البلد : المنصورة مصر
    نقاط التميز : 17074
    السٌّمعَة : 22

    سؤال قال تعالى: "فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ "

    مُساهمة من طرف مـــ ماجده ـلاك الروح الأحد 6 يونيو - 9:56

    قال تعالى: "فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ " (الكهف/45)، وتذروه الرياح: أي تفرقه وتنسفه (كلمات القرآن تفسير وبيان، حسنين محمد مخلوف).

    والتذرية: هي العملية التي يقوم بها الإنسان لفصل التبن عن الحبوب بعد درس النبات ودوسه لفصل الأغلفة عن الحبوب. ويستخدم الفلاح في ذلك طاقة الرياح، فيرفع الحبوب مع التبن في الهواء بالمذراة فتحمل الرياح التبن بعيدا لخفته وتسقط الحبوب قريبا لثقلها.
    وقد بين الله تعالى أصل هذه العملية في الآية السابقة حيث يتقطع النبات ويصبح هشيما وتقوم الرياح بتفريقه ونسفه وفصل مكوناته.
    ونحن في هذا المقال نبين كيف تقوم الرياح بتفريق الحبوب والبذور بعيدا عن النبات الأم ولسنا بصدد التفسير العلمي للآية الـ 45 منسورة الكهف كاملة، فقط نبين دور الرياح في انتشار البذور والحبوب والثمار.

    في البداية نقول: زود الله سبحانه وتعالى الإنسان والحيوان ومعظم الكائنات الحية الدقيقة بآليات ووسائل للانتقال من مكان إلى مكان، فماذا يفعل النبات الذي لا يملكتلك الآليات؟ وفوق ذلك فهو مثبت في الأرض في مكان واحد بجذوره، ولكن الله سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم زود النبات بآليات معجزة لنقل حبوبه وبذوره وثمراته بعيدا عن التكدس حول النبات الأم ومن هذه الآليات: الماء والحيوان والآلات الميكانيكية والإنسان والرياح وما يهمنا هنا هو الانتشار بالرياح "تذروه الرياح".

    في نبات كفمريم تنحني فروعه إلى الداخل كما يغلق الإنسان كفه، ويتكور النبات كالكرة، وعندما تشتد الرياح تخلع جذور النبات من الأرض الرملية الجافة المفككة وتدحرِج النبات بسرعة على الرمال، ومع كل صدمة تنتثر بذور النبات، وعندما يصل النبات إلى بيئة رطبة تتشرب الأفرع الماء وتنتفخ الثمار ويلقى بها بعيدا عن النبات، وهذه عملية تذرية معجزة ومتقنة محكمة ومقدرة لبذور هذا النبات منعا لتكدسها في مكان واحد، ومساعدتها على انتثار بذورها في مساحة واسعة من الصحراء القاحلة لتتفرق وتنبت، وتحصل على رزقها المقدر وتعاود النباتات الجديدة الانتثار بالرياح كما فعل النبات الأم منقبل.

    وفي نباتات الأوركيدات فإن حجم البذور متناه في الصغر والخفة فتصبح كالدقيق، أو حبوب اللقاح، فتحملها الرياح وتذروها إلى مسافات بعيدة ولذلك تسمى البذور الترابية، (انظر النباتات الزهرية، شكري سعد، دار الفكر العربي - القاهرة "بط" ص17 "ب ت").

    وفي النباتات الهوائية التلقيح ينتج النبات العديد من حبوب اللقاح الخفيفة الوزن التي تذروها الرياح وتنثرها في البيئة المحيطة بالنبات فتستقبلها مياسم الأزهار المؤنثة لنفس النبات لتتلقح بها وتتخصب.

    وفي الثمار والبذور الريشية أو الزغبية تتحور الكأس إلى ريش أو زغب أو شعور دائمة، وفي النجيليات قد تحمل القنابات زغبا طويلا، وفي نبات الكليماتس يحمل القلم زغبا ويشبه في ذلك الريشة، وفي كثير من البذور يغطي الزغب أو الشعر جزءا من البذرة مثل بذور الحرير النباتي (المرجع السابق ص173).

    وفي نبات أبي المكارم يمتد غلاف الثمرة على هيئة جناح يسمح للثمرة بالطيران بعيدا عند انفصالها من الشجرة الأم.

    وفينبات الخشخاش تكون الثمرة علبة محمولة على حامل طويل مرن متلاعب بالرياح، وفي الثمرة ثقوب عديدة، فعندما تهب الرياح جيئة وذهابا تلاعب الثمرة وتهزها بشدة فتطلق البذور وتخرج وتذرى بعيدا عن النبات الأم من تلك الثقوب الموجودة بأعلى الثمرة (انظر كتاب النبات العام، احمد مجاهد وآخرون، مكتبة الانجلو مصرية (ط 6) ص637، 1968م).

    وإذا انتقلنا إلى الفطريات نجد أن فطر البافبول العملاق ينتج البلايين من الجراثيم الدقيقة الحجم الخفيفة الوزن داخل تركيب بالوني الشكل ( الجسم الثمري ) مرن الجدار، فإذا سقط الماء على جدار البلونة ضغط عليها ونثر البلايين من الجراثيم في الخارج كالمنفاخ فتحملها الرياح وتذروها في أماكن بعيدة.

    كما أن الجراثيم البكتيرية والفطرية تختلط بحبيبات التربة، وتركب على سطحها الخارجي، وعندما تهب الرياح تحمل حبيبات التربة وعليها الجراثيم إلى مكان بعيد، وتسبح معها في الهواء وتذرى إلى أماكن بعيدة في مساحات شاسعة.

    ومن العجيب انه في حالة الثمار والبذور المجنحة والمشعرة نجد أن التركيب النهائي لتلك البذور متزن ومحسوب الوزن والطول مما يجعلها تطير في الهواء كـ "البراشوتات" في اتزان معجز، وبعض الثمار المجنحة بجناحين تطير في الهواء كأنها فراش متزن وتقطع المسافات المحمولة على تيارات الحمل الهوائية الساخنة.

    وبعض الأجنحة توربينيا يلف في الهواء كما يدور التوربين أو المروحة فتحملها الرياح وتذروها بعيدا عن النبات الأم.
    فمن خلق هذه الآليات في هذا النبات؟
    ومن قدر ووزن حجم البذرة أو الثمرة وطول الجناح أو الزغب؟
    ومن قدر للرياح أن تذر هذه التراكيب التكاثرية النباتية العجيبة؟
    إنه الخالق سبحانه وتعالى: (قَالَرَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى{50}) (طه/50).
    وقد قلد الإنسان وتعلم من هذه الآيات العجيبة فقام بعد تقطيع سيقان وسنابل ونورات النبات برفع مكوناته المدروسة عاليا في الهواء فيحمل الهواء التبن إلى مكان بعيد عن الحبوب والبذور، وصنع الإنسان الذرايات التي تدفع بالهواء في اتجاه الريح حاملة التبن بعيدا عن غرابيل جمع الحبوب فسبحان من خلق الرياح وهيأ البذور والثمار والحبوب للتذرية وسبحانه القائل: "فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً{45} " (الكهف/45) ، وسبحان من جعل هذه التذرية سببا في إعادة دورات الحياة من جديد.

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 1 نوفمبر - 8:36