هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    دماء طاهرة لا تضيع!!!

    مـــ ماجده ـلاك الروح
    مـــ ماجده ـلاك الروح
    الإداري المتميز
    الإداري المتميز


    الجنس : انثى

    مشاركات : 7979
    البلد : المنصورة مصر
    نقاط التميز : 17074
    السٌّمعَة : 22

    سؤال دماء طاهرة لا تضيع!!!

    مُساهمة من طرف مـــ ماجده ـلاك الروح السبت 12 يونيو - 12:36

    كتبه/
    عصام حسنين


    الحمد
    لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛


    فـ
    "حسبنا الله ونعم الوكيل"..


    هذه
    كلمة المغلوب على أمره، والعاجز الذي لا يقدر كما رُويَ عن النبي -صلى الله عليه
    وسلم- أنه قال: "إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ
    بِالْكَيْسِ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: "حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ
    الْوَكِيلُ"
    (رواه
    أبو داود، وضعفه الألباني)
    ،
    والحديث وإن كان ضعيف السند إلا أن معناه صحيح.


    و"إنا
    لله وإنا إليه راجعون"..


    استرجاعًا
    على مُصاب المسلمين كما قال -تعالى-: (الَّذِينَ إِذَا
    أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .
    أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ
    الْمُهْتَدُونَ
    )
    (البقرة:156-156).

    قال
    الحافظ ابن كثير -رحمه الله-:

    "أي تسلوا بقولهم هذا عما أصابهم، وعلموا أنهم ملك لله يتصرف في عبيده بما يشاء،
    وعلموا أنه لا يضيع لديه مثقال ذرة يوم القيامة، فأحدث لهم ذلك اعترافهم بأنهم
    عبيده، وأنهم إليه راجعون في الدار الآخرة، ولهذا أخبر -تعالى- عما أعطاهم على ذلك:
    (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ
    وَرَحْمَةٌ
    ) أي: ثناء من الله عليهم، (وَأُولَئِكَ
    هُمُ الْمُهْتَدُونَ
    )"
    اهـ
    بتصرف 1/197
    .

    و"اللهم
    أجرنا في مصيبتنا، وأخلف لنا خيرًا منها"..


    كما
    قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ
    مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ
    أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا؛ إِلاَّ أَجَرَهُ اللَّهُ
    فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا
    )
    (رواه
    مسلم)
    .

    نقول
    هذا مبتدئين مقالنا على الفاجعة التي أصابت المسلمين فجر الاثنين 31 - 5 - 2010م،
    حيث قام اليهود -عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة- بالهجوم على سفينة
    تركية تحمل مجموعة من المسلمين وغيرهم أتوا بالمؤن للمسلمين المستضعفين المحاصرين
    في غزة الصامدة -نصرهم الله وحفظهم-، وقتلوا منهم عشرين، وجرحوا العشرات، واقتادوا
    السفينة بمَنْ فيها مِن القتلى والجرحى إلى ميناء "أسدود"، وأما مَن بقي حيًّا فقد
    قيدوه، ومنهم من سلَّموه لبلده، ومنهم من اعتقلوه.


    ومعظم
    القتلى من مسلمي تركيا، نسأل الله -تعالى- أن يتقبلهم في الشهداء،
    آمين.


    وأما
    ردود الأفعال فمتباينة:


    -
    منهم من ندَّد بقوة كرئيس وزراء تركيا الذي قال:


    "إن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الهجوم الإسرائيلي الوحشي على
    أسطول الحرية"، مشيرًا إلى أن تركيا حكومة وشعبًا تساند الشعب الفلسطيني في
    غزة.


    - وقامت تركيا بسحب سفيرها.

    -
    ومجموعة من الأتراك يحاصرون القنصليتين الإسرائيلية والأمريكية، ووزير الخارجية
    اليهودي يدعو المجرمين أمثاله إلى المغادرة فورًا.


    -
    وهناك مَن اكتفى بمجرد الإدانة.


    - ومنهم مَن سكت -أسكته الله-.

    - ومنهم -وهم سلطة فتح-: "حالة تأهب قصوى في صفوف أجهزة فتح لمنع
    اندلاع مواجهات ضد الاحتلال في الضفة الغربية"! نعوذ بالله من الخيانة.


    - وإنكار مِن كثير من الدول، واجتماع لمجلس الأمن، ودعوة لمؤتمر قمة
    عربي، وأسف أمريكي وبريطاني.


    هذه
    الأخبار وما يُتابعها فيها دروس كثيرة، نقف على ما يفتح الله به، نستفيد منه،
    ونطبقه إبراءً لذمتنا أمام الله -تعالى-، وأداءً للواجب الذي في رقبة كل مسلم لأخيه
    المسلم: (لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ)
    (متفق
    عليه)
    ،
    وفي رواية لمسلم: (وَلاَ
    يَخْذُلُهُ
    ).


    أمة
    الإسلام تمرض، لكنها لا تموت:


    فهذه
    الأمة المرحومة المشرَّفة -زادها الله شرفـًا- قد تُصيبها الأمراض بسبب ذنوبها،
    لكنها لا تموت.


    ما
    يصيبها من الابتلاءات رحمة من ربها -عز وجل- لتُراجع أمر دينها؛ قال -تعالى-:
    (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا
    كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ
    يَرْجِعُونَ
    )
    (الروم:41)،
    وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ
    بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ،
    وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى
    تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ
    )
    (رواه
    أبو داود، وصححه الألباني)

    ، فسرعان ما تفيق وتستيقظ -ولله الحمد-.


    ولا
    تموت؛ لأنها أمة الخيرية..

    خير الناس للناس؛ ولأنها خاتمة الأمم، أتباع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في
    إبلاغ الدين كما قال -تعالى-: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
    أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
    وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
    )
    (آل
    عمران:110)
    ،
    وقال الله -تعالى-: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى
    اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا
    مِنَ الْمُشْرِكِينَ
    )
    (يوسف:108).

    ففي
    الوقت الذي ظن فيه علمانيو تركيا أنهم قضوا على مظاهر الإسلام وعلى الإسلام في نفوس
    المسلمين إذا بالإسلام يظهر -ولله الحمد-، ودليله هذه الجموع التي جمعت ما جمعت
    وخرجت لفك الحصار عن إخوانهم المستضعفين في غزة، وهذه آية وإعجاز يُظهره الله
    -تعالى- مصداقـًا لقوله -عز وجل-: (يُرِيدُونَ أَنْ
    يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ
    نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى
    وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ
    الْمُشْرِكُونَ
    )
    (التوبة:32-33)،
    وقوله -تعالى-: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ
    وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ
    )
    (يوسف:21)،
    وأيضًا قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تَزَالُ
    طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ
    خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ
    )
    (رواه
    مسلم)
    ،
    وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَزَالُ اللَّهُ
    يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ إِلَى يَوْمِ
    الْقِيَامَةِ
    )
    (رواه
    أحمد وابن ماجه، وحسنه الألباني)
    .

    ولو
    لم يكن في هذه المصائب والابتلاءات التي تُصيب الأمة إلا رجوعهم إلى ربهم -تعالى-
    لكفى والحمد لله، وإذا رجعوا إلى ربهم -تعالى- وكانوا له على ما يحب أعطاهم، وكان
    لهم على ما يحبون -عز وجل- كما قال -تعالى-: (إِنَّ
    الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ
    لِلْمُتَّقِينَ
    )
    (الأعراف:128)،
    وقال -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا
    وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ
    كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
    )
    (الأعراف:96).

    - لا يخلق الله شرًّا محضًا؛ بل شرًّا فيه خير
    وبركات:


    كما
    قال -تعالى-: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ
    خَيْرٌ لَكُمْ
    )
    (البقرة:216)،
    فهذا الذي رأيناه ونراه شرًّا إنما هو في ظاهره، لكنه خير في
    باطنه.


    -
    قال الله -تعالى-: (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ
    شُهَدَاءَ
    )
    (آل
    عمران:140)
    ،
    وقال الله -تعالى-: (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ
    آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ
    )
    (آل
    عمران:141)
    .

    - دماء قتلانا وقود المعركة مع عدونا؛ فها هي هذه الدماء الطاهرة من
    دماء المسلمين تحيي الأمة، وتردها إلى دينها، وتبصرهم بعدوهم الذي أخبرهم الله عنه:
    (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ)
    (النساء:45)،
    فيعلمون أن الله -تعالى- أصدق قيلاً من غيرهم من المنافقين الذين يريدون صرفهم عن
    عقيدة الولاء والبراء بمسميات باطلة كـ"الآخر"، و"التعايش مع الآخر"، و"قبول
    الآخر"! والله -تعالى- يقول: (وَوَدُّوا لَوْ
    تَكْفُرُونَ
    )
    (الممتحنة:2)،
    ويقول: (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى
    يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا
    )
    (البقرة:217).

    نعم.
    يُعايَش معه بالعدل والقسط كما أمر الله -تعالى- إذا كان الظهور لنا وهم تحتنا لم
    يحتلوا أرضنا ولم يُظاهِروا عدوًّا علينا أو يسعوا لإخراجنا من أرضنا، أما الدعوة
    إلى التعايش في ظل الذل والخضوع والاغتصاب لأرض المسلمين؛ فلا يُوجد عاقل على وجه
    الأرض -فضلاً عن المسلم- يرضى بذلك.


    - هذه الدماء الطاهرة ستكون دعوة عملية إلى الإسلام، وهذه الحرب
    السافرة الفاجرة التي يشنها الغرب على المسلمين لالتزامهم بدينهم ستكون سببًا
    لإسلام الكثيرين من أهلهم، وستكون مقبرة لكفرهم وحقدهم وغيظهم على الإسلام
    والمسلمين.


    وها
    هي الأخبار الطيبة تأتينا من أرضهم لتقول لنا: إن الإسلام هو الحق، وإن هذه الأمة
    تُحيى وتُولد من رحم البلاء، وأن تاريخها المجيد يُسطر
    بالدماء.


    فالله
    أكبر.. الله أكبر..


    الله
    أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد.


    - أعلن الأحد قبل ليلة المجزرة اليهودية "بيترفينز" الإنجليزي
    إسلامه فوق سفينة "مرمرة التركية"، وقد شارك مع المتضامنين إيمانًا منه بحق أهل غزة
    في الحياة، لما جاء إلى إسطنبول، وزار مسجد السلطان أحمد؛ قال لنفسه: "لابد أن أصبح
    مسلمًا، وأدخل في دين الإسلام".


    فالله
    أكبر..


    - هذه الدماء الطاهرة بيَّنت للعالم حقيقة اليهود التي أخبر الله
    عنها:


    (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ
    فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ
    )
    (البقرة:100).

    فهم
    لا عهد لهم ولا أمان؛ فصدق الله وكذب المنافقون.


    - وأن الكفر ملة واحدة:

    وأنهم
    وإخوانهم المنافقون في خندق واحد كما قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)
    (الأنفال:73)،
    وقال -تعالى-: (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)
    (المائدة:51)،
    وقال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا
    يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ
    أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ
    قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ . لَئِنْ
    أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ
    وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ
    )
    (الحشر:11-12)،
    وقال الله -تعالى-: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
    مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى
    اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى
    مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ
    )
    (المائدة:52).

    - هذه الدماء الطاهرة صدَّقت ما أخبر الله -تعالى-
    به:


    أنه
    لا حل مع العدو الذي احتل أرضًا إسلامية وجثم بغشمه على المسجد الأقصى، واغتصب
    المسجد الإبراهيمي وغيره إلا الجهاد؛ فـ"لا يفل الحديد إلا الحديد"، فكل الحلول
    البشرية التي وضعها الأعداء -الذين هم من بني جلدتنا- لقوات الصهيوصليبية
    والمنافقين مع المعتدين المغتصبين أراضي المسلمين باءت بالفشل؛ لأنها مخالفة لأمر
    الله -تعالى- العليم بما خلق، قال -تعالى-: (أَلا
    يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ
    )
    (الملك:14)،
    (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
    (البقرة:216).

    فالله
    -تعالى- فرض الجهاد لرد المعتدين ودعوة إلى الله -تعالى-،

    قال -تعالى-: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ
    كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ
    تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا
    تَعْلَمُونَ
    )
    (البقرة:216).

    قال
    الشيخ الجزائري -حفظه الله-:
    "يخبر
    -تعالى- رسوله وعباده المؤمنين بأنه فرض عليهم قتال المشركين والكافرين وهو يعلم
    أنه مكروه لهم بطبعهم؛ لما فيه من الآلام والأتعاب وإضاعة المال والنفس، وأخبرهم أن
    ما يكرهونه قد يكون خيرًا، وأن ما يحبونه قد يكون شرًّا، ومن ذلك الجهاد؛ فإنه
    مكروه لهم وهو خير لهم؛ لما فيه من عزتهم ونصرتهم ونصرة دينهم مع حسن الثواب وعظم
    الجزاء في الدار الآخرة، كما أن ترك الجهاد محبوب لهم، وهو شرٌّ لهم؛ لأنه يشجع
    عدوهم على قتالهم واستباحة بيضتهم وانتهاك حرمات دينهم مع سوء الجزاء في الدار
    الآخرة، وهذا الذي أخبرهم -تعالى- به من حبهم لأشياء وهي شَر لهم وكراهيتهم لأشياء
    وهي خير لهم هو كما أخبر لعلم الله به قبل خلقه، والله يعلم وهم لا يعلمون، فيجب
    التسليم لله -تعالى- في أمره وشرعه مع حب ما أمر به وما شرعه واعتقاد أنه خير لا شر
    فيه".


    ونقل
    عن القرطبي -رحمه الله- قوله:
    "كما
    اتفق في بلاد الأندلس تركوا الجهاد، وجبنوا عن القتال، وأكثروا من الفرار، فاستولى
    العدو على البلاد، وأسر وقتل وسبى واسترقَّ، فإنَّا لله وإنا إليه راجعون، ذلك بما
    قدمت أيدينا وكسبته"
    اهـ
    1/196
    .

    وها
    نحن نرى أيضًا مفاسد ترك الجهاد

    بزعم أن فيه شرًّا، وما قولهم هذا إلا لنفاقهم ومسارعتهم في الكافرين، وحسبنا الله
    ونعم الوكيل:


    - اغتصاب أراضي المسلمين.

    - سفك الدماء، وذلة ومهانة، كما قال أبو بكر –رضي الله عنه-: "ما
    ترك قومٌ الجهاد إلا ذلُّوا".


    - ترؤس الجاهلين والمنافقين والمضلِّين.

    - جيوش مجيَّشة في خدمة العدو المغتصب لبلاد
    المسلمين.


    - وكما قال -تعالى-: (وَلَوْلا دَفْعُ
    اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو
    فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
    )
    (البقرة:251)،
    وقال -تعالى-: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ
    بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ
    يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ
    إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
    )
    (الحج:40).

    -
    وهذه الدماء الطاهرة درس للذين حاصروا إخوانهم المستضعفين في
    غزة:


    من
    النساء، والأطفال، والعجائز والشيوخ، والمرضى، والجوعى، وغيرهم...


    ها
    هم العُزَّل قد جاؤوا لرفع الحصار عن إخوانهم وإيصال الإمدادات إليهم، وها هم غير
    المسلمين الذين ألقى الله الرحمة والشفقة في قلوبهم لعباده المؤمنين المستضعفين،
    وصدق -صلى الله عليه وسلم- إذ قال: (وَإِنَّ اللَّهَ
    لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ
    )
    (رواه
    البخاري)
    ،
    جاؤوا لرفع المعاناة عن هذا الشعب المُحاصَر المظلوم، وأنه لابد وأن يُرفع عنه هذا
    الظلم، فأين شفقتكم أنتم؟!


    وأين
    واجب النصرة الذي أوجبه عليكم الشرع؟!


    قال
    الله -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)
    (الحجرات:10)،
    وقال الله -تعالى-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ
    بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
    الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ
    وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ
    حَكِيمٌ
    )
    (التوبة:71)،
    وقال -تعالى-: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ
    فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ
    )
    (الأنفال:72)،
    وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ
    لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا
    )
    (متفق
    عليه)
    ،
    وقال -صلى الله عليه وسلم-: (الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ
    دِمَاؤُهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ
    )
    (رواه
    أبو داود والنسائي، وصححه الألباني)
    ،
    وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي
    تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى
    مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى
    )
    (رواه
    مسلم)
    ،
    وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ
    كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ
    يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ في
    الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا
    وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ
    أَخِيهِ
    )
    (رواه
    مسلم)
    .

    - والحذر من التخلي عنهم:

    فقد
    نُبتلى ببلائهم، وكما تدين تُدان.


    - وأما مَن لا قدرة له؛ فينبغي مناصرةً لإخوانه
    المسلمين:


    1- أن يتبرأ من النفاق وأهله، وأن يُري الله -تعالى- أنه له كاره،
    كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ
    بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ
    رَضِيَ
    وَتَابَعَ)
    (رواه
    مسلم)
    .

    2- أن يحدث نفسه بالغزو؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ
    عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ
    )
    (رواه
    مسلم)
    .

    3- أن يساعد إخوانه بما يستطيع بما لا يترتب عليه
    مفسدة.


    4- مقاطعة الذنوب والمعاصي وأسبابها وأهلها.

    5- الالتزام بالدين التزامًا صحيحًا كما قال -صلى الله عليه وسلم-:
    (مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي)
    (رواه
    الترمذي، وحسنه الألباني)
    .

    6- الدعوة إلى الله -تعالى- وتعريف الناس بعقيدتهم، خاصة عقيدة
    الولاء والبراء وما هم عنه غافلون.


    7- الدعاء لهم بالنصرة ورفع البلاء عنهم؛ فإن الدعاء هو العبادة،
    ويحب الله -تعالى من عباده أن يدعوه ويتضرعوا له، فما هذه الابتلاءات إلا لاستخراج
    هذه المكنونات الإيمانية المحبوبة لله -تعالى-.


    8-
    الشكوى إلى الله -تعالى- كما قال -صلى الله عليهم وسلم- في دعائه المشهور -كما ذكره
    أهل السير-: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي،
    وهواني على الناس، أنت أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟
    إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدوٍّ ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي، غير
    أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا
    والآخرة أن يحل عليَّ غضبك أو ينزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة
    إلا بك
    ).


    نسأل
    الله -تعالى- أن ينصر الإسلام ويعز المسلمين.


    اللهم
    أنج المسلمين المستضعفين في غزة وفلسطين وسائر بلاد المسلمين.


    اللهم
    تقبل شهداءنا، وارحم موتانا، وفُك أسرانا، وأعزز من نصر دينك وعبادك، واخذل من خذل
    عبادك المستضعفين.


    اللهم
    مجري السحاب، ومنزل الكتاب، وهازم الأحزاب؛ اهزمهم وزلزلهم وانصرنا
    عليهم.


    آمين،
    والحمد لله أولاً وآخرًا

    مآآآآجى

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 1 نوفمبر - 6:37