عن ابن مسعود ـ رضي الله
عنه : قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعليه ،
والنار مثل ذلك ) . رواه البخاري(74)
الشرح
هذا الحديث يتضمن ترغيباً
وترهيباً يتضمن ترغيباً في الجملة الأولى ، وهي قوله صلى الله عليه وسلم : الجنة
أقرب إلى أحدكم من شراك نعله) ، وشراك النعل هو السير الذي يكون على ظهر القدم ،
وهو قريب من الإنسان جداً ، ويضرب به المثل في القرب ، وذلك لأنه قد يتكلم الإنسان
بالكلمة الواحدة من رضوان الله ـ عز وجل ـ لا يظن أنها تبلغ ما بلغت ، فإذا هي
توصله إلى جنة النعيم .
ومع ذلك فإن الحديث أعم من هذا ؛ فإن كثرة الطاعات ،
واجتناب المحرمات ، من أسباب دخول الجنة ، وهو يسير على من يسره الله عليه ، فأنت
تجد المؤمن الذي شرح الله صدره للإسلام يصلي براحة ، وطمأنينة ، وانشراح صدر ،
ومحبة للصلاة ، ويزكي كذلك ، ويصوم كذلك ، ويحج كذلك ، ويفعل الخير كذلك ، فهو يسير
عليه ، سهل قريب منه ، وتجده يتجنب ما حرمه الله عليه من الأقوال والأفعال ، وهو
يسير عليه .
وأما ـ والعياذ بالله ـ من قد ضاق بالإسلام ذرعاً ، وصار الإسلام
ثقيلاً عليه فإنه يستثقل الطاعات ، ويستثقل اجتناب المحرمات ، ولا تصير الجنة أقرب
إليه من شرك نعله .
وكذلك النار ، وهي الجملة الثانية في الحديث ، وهي التي
فيها التحذير ، يقول النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ (والنار مثل ذلك) أي أقرب إلى
أحدنا من شراك نعله ، فإن الإنسان ربما يتكلم بالكلمة لا يلقى لها بالاً ، وهي من
سخط الله ، فيهوي بها في النار كذا وكذا من السنين وهو لا يدري . وما أكثر الكلمات
التي يتكلم بها الإنسان غير مبال بها ، وغير مهتم بمدلولها ، فترديه في نار جهنم ،
نسأل الله العافية .
ألم تروا إلى قصة المنافقين الذين كانوا مع النبي صلى الله
عليه وسلم في غزوة تبوك ، حيث كانوا يتحدثون فيما بينهم ، يقولون : ما رأينا مثل
قرائناً هؤلاء أرغب بطوناً ، ولا أكذب السناً ، ولا أجبن عند اللقاء ؛ يعنون بذلك
النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (75)، يعني أنهم واسعو البطون من كثرة الأكل ،
وليس لهم هم إلا الأكل . ولا أكذب ألسناً ؛ يعني أنهم يتكلمون بالكذب . ولا أجبن
عند اللقاء ؛ أي أنهم يخافون لقاء العدو ، ولا يثبتون بل يفرون ويهربون . هكذا يقول
المنافقون في الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
وإذا تأملت وجدت أن هذا
ينطبق على المنافقين تماماً ، لا على المؤمنين ، فالمنافقون من أشد الناس حرصاً على
الحياة ، والمنافقون من أكذب الناس ألسناً ، والمنافقون من أجبن الناس عند اللقاء .
فهذا الوصف حقيقته في هؤلاء المنافقين .
ومع ذلك يقول الله عز وجل : ( وَلَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ) ، يعني ما كنا
نقصد الكلام ، إنما هو خوض في الكلام ولعب ؛ فقال الله عز وجل : ( قُلْ ) ، يعني :
قل يا محمد ( أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا
تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ
مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِين َ) (التوبة:65،66)،
فبين الله عز وجل ـ أن هؤلاء كفروا بعد إيمانهم باستهزائهم بالله وآياته ورسوله ،
ولهذا يجب على الإنسان أن يقيد منطقة ، وأن يحفظ لسانه حتى لا يزل فيهلك، نسأل الله
لنا ولكم الثبات على الحق ، والسلامة من الآثم .
من رياض الصالحين للعثيمين رحمه الله
عنه : قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعليه ،
والنار مثل ذلك ) . رواه البخاري(74)
الشرح
هذا الحديث يتضمن ترغيباً
وترهيباً يتضمن ترغيباً في الجملة الأولى ، وهي قوله صلى الله عليه وسلم : الجنة
أقرب إلى أحدكم من شراك نعله) ، وشراك النعل هو السير الذي يكون على ظهر القدم ،
وهو قريب من الإنسان جداً ، ويضرب به المثل في القرب ، وذلك لأنه قد يتكلم الإنسان
بالكلمة الواحدة من رضوان الله ـ عز وجل ـ لا يظن أنها تبلغ ما بلغت ، فإذا هي
توصله إلى جنة النعيم .
ومع ذلك فإن الحديث أعم من هذا ؛ فإن كثرة الطاعات ،
واجتناب المحرمات ، من أسباب دخول الجنة ، وهو يسير على من يسره الله عليه ، فأنت
تجد المؤمن الذي شرح الله صدره للإسلام يصلي براحة ، وطمأنينة ، وانشراح صدر ،
ومحبة للصلاة ، ويزكي كذلك ، ويصوم كذلك ، ويحج كذلك ، ويفعل الخير كذلك ، فهو يسير
عليه ، سهل قريب منه ، وتجده يتجنب ما حرمه الله عليه من الأقوال والأفعال ، وهو
يسير عليه .
وأما ـ والعياذ بالله ـ من قد ضاق بالإسلام ذرعاً ، وصار الإسلام
ثقيلاً عليه فإنه يستثقل الطاعات ، ويستثقل اجتناب المحرمات ، ولا تصير الجنة أقرب
إليه من شرك نعله .
وكذلك النار ، وهي الجملة الثانية في الحديث ، وهي التي
فيها التحذير ، يقول النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ (والنار مثل ذلك) أي أقرب إلى
أحدنا من شراك نعله ، فإن الإنسان ربما يتكلم بالكلمة لا يلقى لها بالاً ، وهي من
سخط الله ، فيهوي بها في النار كذا وكذا من السنين وهو لا يدري . وما أكثر الكلمات
التي يتكلم بها الإنسان غير مبال بها ، وغير مهتم بمدلولها ، فترديه في نار جهنم ،
نسأل الله العافية .
ألم تروا إلى قصة المنافقين الذين كانوا مع النبي صلى الله
عليه وسلم في غزوة تبوك ، حيث كانوا يتحدثون فيما بينهم ، يقولون : ما رأينا مثل
قرائناً هؤلاء أرغب بطوناً ، ولا أكذب السناً ، ولا أجبن عند اللقاء ؛ يعنون بذلك
النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (75)، يعني أنهم واسعو البطون من كثرة الأكل ،
وليس لهم هم إلا الأكل . ولا أكذب ألسناً ؛ يعني أنهم يتكلمون بالكذب . ولا أجبن
عند اللقاء ؛ أي أنهم يخافون لقاء العدو ، ولا يثبتون بل يفرون ويهربون . هكذا يقول
المنافقون في الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
وإذا تأملت وجدت أن هذا
ينطبق على المنافقين تماماً ، لا على المؤمنين ، فالمنافقون من أشد الناس حرصاً على
الحياة ، والمنافقون من أكذب الناس ألسناً ، والمنافقون من أجبن الناس عند اللقاء .
فهذا الوصف حقيقته في هؤلاء المنافقين .
ومع ذلك يقول الله عز وجل : ( وَلَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ) ، يعني ما كنا
نقصد الكلام ، إنما هو خوض في الكلام ولعب ؛ فقال الله عز وجل : ( قُلْ ) ، يعني :
قل يا محمد ( أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا
تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ
مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِين َ) (التوبة:65،66)،
فبين الله عز وجل ـ أن هؤلاء كفروا بعد إيمانهم باستهزائهم بالله وآياته ورسوله ،
ولهذا يجب على الإنسان أن يقيد منطقة ، وأن يحفظ لسانه حتى لا يزل فيهلك، نسأل الله
لنا ولكم الثبات على الحق ، والسلامة من الآثم .
من رياض الصالحين للعثيمين رحمه الله