إحدى الزوجات تقسم أنها لا تسمع ضحكة زوجها ولا تراه يبتسم إلاّ عندما يتحدّث إلى أصدقائه، أما هي فحرامٌ عليها وليس من حقّها ولا من صلاحياتها الحصول على ابتسامة منه.
لمناقشة هذا الموضوع الذي تعاني منه الكثير من الأسر، ويترك آثاراً سلبية على واقع العلاقات الأسرية، طرحنا هذا الموضوع على الشيخ عبد الجليل البن سعد، فأجاب: إن هذا السلوك العُصابي وغير السوي يتوجب أولاً النظر في أسبابه، فقد تكون وراثية وهذه بطبيعتها تختلف عن البيئة، ثم النظر في تركيبة السلوك، فقد يكون انشداده نحو الأصدقاء والرفقاء، بينما تكون معاملته فجة مع الزوجة والأبناء. إذا أغمضنا عن المحددات للسلوك ووثقنا بعدم كون موضوع غير الزوجة هو السبب، فإنه قد يعبر عن عقدة واحدة، ربما هي فقدان القناعة بالزوجة وهذه الزيجة من الأساس.
فيتحتم علينا كمهمة مبدئية، إثبات هذه الحقيقة أو نفيها ففي حال حوصرت النتيجة بالإثبات فإن التغلب على الحالة سيكون أكثر صعوبة لأن المرأة ستستقبل مهمة بناء في عمق الذات وهي تكوين قناعة، وخطب ود، واستمالة حب ولهذا المجهود خطط يطول فيها الحديث.
وفي حال ظهرت لنا النتيجة بنفي علاقة هذا السلوك الفج بقناعته بشريكته، فسنطمئن بسهولة الحالة وتجاوز الوعورة فيها، فهناك جوانب ينبغي طرحها للكشف عن حقيقة المشكلة وأخرى للعلاج.
فمن طرق العلاج سعة الصدر والتحلي بالصبر، فالمقابلة بالمثل تدفع إلى المزيد. وإتيان الزوج بالطرق المباشرة كالنصح والتذكير، الاسترحام، إبداء المعاناة التي لا تشعره بالضجر أو تشير إليه بإصبع الاتهام والظلم، بل معاناة تستجدي منه الحب والاسترحام بصبغة المودة والرغبة في الآخر كل ذلك أمامه باستمرار.
والرجال أصحاب النظرة القاصرة وحدهم الذين ينزلون الوحشية وألوان العنف بالمرأة، لابتنائهم فكرياً على فكرة أن المرأة كيان لا شعور له بما يسر أو يسيء فهي لا تستحق ما يسعد، ولا يضرها ما يؤلم. في نظره هي كالحيوان يتحمل أشق الأعمال ولا يمسك برفق إلاّ إذا كان سيحلب فقط! فحديث المرأة عن مشاعرها وبثها المباشر لآلامها عسية بأن تقلب الصورة وتزيف الفكرة قد يجدي نفعاً عند هذا الصنف من الرجال الذي يتعامل معها بثقافة موروثة لا أكثر.
وأما إذا أفاد اطلاعنا عدم تقبله للمواجهة الهادئة ولا العاصفة، فهناك خطوات يجب أن نفكر فيها على تمهل.
1_ تعيين المسجد الذي يداوم عليه (إن كان من طبيعته ذلك)، ثم الاتفاق مع الإمام أو الخطباء لتناول على المشكلة فيولونها جل اهتمامهم ويضعونها في أولويات اعتبارهم.
2_ دفعه واقتياده نحو صفوف البرمجة والتطوير الذاتي وهذا ما تحتاجه الزوجة أيضاً من أجل أن تتخلق بأساليب النفوذ والاحتواء والانسجام مع المواقف لتكون أكثر قدرة على الحد من تفاقم سوء خلق زوجها.
3_ مخاطبته من قبل ذوي الأهلية الاجتماعية والدينية على انفراد بلسان غير لسانهم. بلسان ومنطق رسول الله (ص) والذي منه: "ألا وإن الله ورسوله بريئان ممن أضر بامرأة حتى تخلع منه".
وقوله أيضاً: "اتقوا الله في الضعيفين: اليتيم والمرأة فإن خياركم خياركم لأهله". ومثل ذلك ما جاء من أقوال الإمام علي (ع): "لا يكن أهلك أشقى الناس بك".
وللكشف عن حقيقة المشكلة، قد يكون التوحش داخل البيت نقمة على الذات لأنه أسلوب يبدو مألوفاً عند من يشعر بالتقصير، وفي ذات الوقت يرى أنه لا يستطيع التغلب على إرادته. إذن فهذا الصراخ إشارة على الألم الداخلي، وكأنه يريد أن يقول بعجم اللفظ: إن لم أستطع إصلاحكم فارحموني بإصلاح أنفسكم!
إن اعتذار المرأة لزوجها وإن كان مقصّراً، هو من سبل العلاج الناجح وهو لا يلصق الذنب بها كما يُظن، بل سيقطع عليه الطريق ويهدأ صراع يوشك أن ينفجر. ثم لا ينبغي أن تقف عند حد الاعتذار بل عليها أن تتخذه معبراً وممراً إلى الوقوف على عنجهيته، وتنبيهه إلى أخطائه.
أيضاً من سبل العلاج، الدخول معه في حوار دافئ، الغاية منه طلب رأيه واستصدار حكم منه على حكايات تسردها عليه عن رجال صنعوا وألحقوا بأزواجهم مختلف ألوان الإساءة، دون أن ينتبه إلى انها تقدصه على طريقة "إياك أعني واسمعي يا جارة"، وبهذا الأسلوب يلتفت إلى مغبة فعله وشناعة أمره.
ويبقى كل ما قلناه، إنما يثمر مع من له بقية من إيمان وتقوى، يقول الإمام الحسن (ع) لرجل في ابنته: "زوّجها من رجل تقي، فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها".
إذن فكأن جميع ما اقترحناه من سبل، إنما هو بالتعويل على الجوانب الخيرة لديه، من إيمان وتقوى، وإلاّ لو لم يكن له إيمان والتزام في الأساس وكانت له شقاوة تعبئ قواه لظلم الآخرين، فلا ينفع معه مجهود ولا علاج.
وتبقى الجانب الأهم، أن تكون هناك قناعة تامة بأن الحياة الزوجية إنما تقوم على التفاهم، ونشر المحبة والمودة، وأن الأقربين أولى بالمعروف، والزوجة والأبناء أولى بالابتسامة والتعامل بالحسنى من الغريب.
م
لمناقشة هذا الموضوع الذي تعاني منه الكثير من الأسر، ويترك آثاراً سلبية على واقع العلاقات الأسرية، طرحنا هذا الموضوع على الشيخ عبد الجليل البن سعد، فأجاب: إن هذا السلوك العُصابي وغير السوي يتوجب أولاً النظر في أسبابه، فقد تكون وراثية وهذه بطبيعتها تختلف عن البيئة، ثم النظر في تركيبة السلوك، فقد يكون انشداده نحو الأصدقاء والرفقاء، بينما تكون معاملته فجة مع الزوجة والأبناء. إذا أغمضنا عن المحددات للسلوك ووثقنا بعدم كون موضوع غير الزوجة هو السبب، فإنه قد يعبر عن عقدة واحدة، ربما هي فقدان القناعة بالزوجة وهذه الزيجة من الأساس.
فيتحتم علينا كمهمة مبدئية، إثبات هذه الحقيقة أو نفيها ففي حال حوصرت النتيجة بالإثبات فإن التغلب على الحالة سيكون أكثر صعوبة لأن المرأة ستستقبل مهمة بناء في عمق الذات وهي تكوين قناعة، وخطب ود، واستمالة حب ولهذا المجهود خطط يطول فيها الحديث.
وفي حال ظهرت لنا النتيجة بنفي علاقة هذا السلوك الفج بقناعته بشريكته، فسنطمئن بسهولة الحالة وتجاوز الوعورة فيها، فهناك جوانب ينبغي طرحها للكشف عن حقيقة المشكلة وأخرى للعلاج.
فمن طرق العلاج سعة الصدر والتحلي بالصبر، فالمقابلة بالمثل تدفع إلى المزيد. وإتيان الزوج بالطرق المباشرة كالنصح والتذكير، الاسترحام، إبداء المعاناة التي لا تشعره بالضجر أو تشير إليه بإصبع الاتهام والظلم، بل معاناة تستجدي منه الحب والاسترحام بصبغة المودة والرغبة في الآخر كل ذلك أمامه باستمرار.
والرجال أصحاب النظرة القاصرة وحدهم الذين ينزلون الوحشية وألوان العنف بالمرأة، لابتنائهم فكرياً على فكرة أن المرأة كيان لا شعور له بما يسر أو يسيء فهي لا تستحق ما يسعد، ولا يضرها ما يؤلم. في نظره هي كالحيوان يتحمل أشق الأعمال ولا يمسك برفق إلاّ إذا كان سيحلب فقط! فحديث المرأة عن مشاعرها وبثها المباشر لآلامها عسية بأن تقلب الصورة وتزيف الفكرة قد يجدي نفعاً عند هذا الصنف من الرجال الذي يتعامل معها بثقافة موروثة لا أكثر.
وأما إذا أفاد اطلاعنا عدم تقبله للمواجهة الهادئة ولا العاصفة، فهناك خطوات يجب أن نفكر فيها على تمهل.
1_ تعيين المسجد الذي يداوم عليه (إن كان من طبيعته ذلك)، ثم الاتفاق مع الإمام أو الخطباء لتناول على المشكلة فيولونها جل اهتمامهم ويضعونها في أولويات اعتبارهم.
2_ دفعه واقتياده نحو صفوف البرمجة والتطوير الذاتي وهذا ما تحتاجه الزوجة أيضاً من أجل أن تتخلق بأساليب النفوذ والاحتواء والانسجام مع المواقف لتكون أكثر قدرة على الحد من تفاقم سوء خلق زوجها.
3_ مخاطبته من قبل ذوي الأهلية الاجتماعية والدينية على انفراد بلسان غير لسانهم. بلسان ومنطق رسول الله (ص) والذي منه: "ألا وإن الله ورسوله بريئان ممن أضر بامرأة حتى تخلع منه".
وقوله أيضاً: "اتقوا الله في الضعيفين: اليتيم والمرأة فإن خياركم خياركم لأهله". ومثل ذلك ما جاء من أقوال الإمام علي (ع): "لا يكن أهلك أشقى الناس بك".
وللكشف عن حقيقة المشكلة، قد يكون التوحش داخل البيت نقمة على الذات لأنه أسلوب يبدو مألوفاً عند من يشعر بالتقصير، وفي ذات الوقت يرى أنه لا يستطيع التغلب على إرادته. إذن فهذا الصراخ إشارة على الألم الداخلي، وكأنه يريد أن يقول بعجم اللفظ: إن لم أستطع إصلاحكم فارحموني بإصلاح أنفسكم!
إن اعتذار المرأة لزوجها وإن كان مقصّراً، هو من سبل العلاج الناجح وهو لا يلصق الذنب بها كما يُظن، بل سيقطع عليه الطريق ويهدأ صراع يوشك أن ينفجر. ثم لا ينبغي أن تقف عند حد الاعتذار بل عليها أن تتخذه معبراً وممراً إلى الوقوف على عنجهيته، وتنبيهه إلى أخطائه.
أيضاً من سبل العلاج، الدخول معه في حوار دافئ، الغاية منه طلب رأيه واستصدار حكم منه على حكايات تسردها عليه عن رجال صنعوا وألحقوا بأزواجهم مختلف ألوان الإساءة، دون أن ينتبه إلى انها تقدصه على طريقة "إياك أعني واسمعي يا جارة"، وبهذا الأسلوب يلتفت إلى مغبة فعله وشناعة أمره.
ويبقى كل ما قلناه، إنما يثمر مع من له بقية من إيمان وتقوى، يقول الإمام الحسن (ع) لرجل في ابنته: "زوّجها من رجل تقي، فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها".
إذن فكأن جميع ما اقترحناه من سبل، إنما هو بالتعويل على الجوانب الخيرة لديه، من إيمان وتقوى، وإلاّ لو لم يكن له إيمان والتزام في الأساس وكانت له شقاوة تعبئ قواه لظلم الآخرين، فلا ينفع معه مجهود ولا علاج.
وتبقى الجانب الأهم، أن تكون هناك قناعة تامة بأن الحياة الزوجية إنما تقوم على التفاهم، ونشر المحبة والمودة، وأن الأقربين أولى بالمعروف، والزوجة والأبناء أولى بالابتسامة والتعامل بالحسنى من الغريب.
م