من طرف مـــ ماجده ـلاك الروح الثلاثاء 20 سبتمبر - 12:59
هل يمكن العيش مع شريك لا نحبه؟
هل الحب هو السبب الوجيه الوحيد لقيام الحياة الزوجية وإستمرارها؟ أم أنّه من الممكن أن تستمر الحياة الزوجية على الرغم من غياب الحب؟ وكيف يكون شكل تلك العلاقة التي تقوم على إعتبارات أخرى سوى الحب؟ في الوقت الذي يرى فيه بعض الأزواج والزوجات أن غياب الحب سبب مقنع لإنهاء العلاقة الزوجية، يميل البعض الآخر نحو النظر إلى الجانب المشرق، والنصف المملوء من الكوب، باعتبار أنّ الحب، بمفهومه العاطفي والرومانسي، ليس من ضروريات الحياة الزوجية، مقارنة بأمور أخرى مثل الإخلاص والوفاء وحسن المعاشرة. وكلا الفريقين لديه أسبابه ومبرراته. - لا تفاهم: بالنسبة إلى سارة ناصيف (موظفة) من الصعب أن تعيش ولو ليوم واحد مع شخص لا تحبه، ولا تشعر تجاهه بأي عاطفة، موضحة أنّ التفاهم في هذه الحالة يكون ضرباً من المحال. وتستطرد ناصيف، مؤكدة "هناك أزواج لا يحبون بعضهم، ومع ذلك يعيشون وينجحون في حياتهم الزوجية من أجل أبنائهم، ولكن يكون ذلك على حساب صحتهم النفسية، لهذا الأمر ينبغي على المتزوجين حديثاً عن غير حب عدم التسرع في إتّخاذ قرار الإنجاب، حيث يفضل إرجاء ذلك إلى حين التأكد من حقيقة مشاعر كل منهما تجاه الآخر". - كان زمان: تبدي مريم إبراهيم (موظفة) نظرة تشاؤمية تجاه العلاقة بين الأزواج في الوقت الراهن، وذلك بقولها: "في الماضي كان من الممكن أن يعيش الأزواج مع بعضهم بأقل درجة من درجات الحب، لأنّهم كانوا يؤمنون بأنّ الزواج قسمة ونصيب، كما كانوا على إستعداد للتضحية في سبيل إستمرار الحياة الزوجية وإستقرار الأسرة. أمّا اليوم فمن الصعب حدوث ذلك، مادام الأزواج الذين يرتبطون عن حب أصبحوا لا يطيق بعضهم بعضاً". النظرة التشاؤمية لدى مريم لا تقف عند هذا الحد، فهي تؤكد أنّ الأطفال لم يعد لهم دور في إرغام الأبوين على العيش تحت سقف واحد، لافتة إلى أنّ الزيجات التي تفتقر إلى الحب بين الزوجين "تنتهي غالباً بخيانة زوجية من قبل الزوج". - بدائل للحب: بالنسبة إلى ريم الطرابلسي (موظفة)، فهي تؤكد أهمية الحب كقوة دافعة "لها تأثير إيجابي في الحياة الزوجية، وإستقرار العلاقة بين الزوجين، على الرغم من أنّ المودة والرحمة تلعبان الدور نفسه إذا انعدم الحب". في سياق متصل تشير الطرابلسي إلى أن وجود بدائل للحب لا تقلل من أهميته بين الزوجين" الحب يبدو أمراً ضرورياً ولازماً لشخصين يعيشان تحت سقف واحد، لأن مشاعر الحب تسهم في خلق كثير من السلوكيات الإيجابية، مثل الإعتراف بالخطأ والإستعداد للتضحية وتقديم التنازلات عن طيب خاطر إرضاء للطرف الآخر. كما تدفع الطرفين إلى أن يتحمل بعضهما بعضاً في الأوقات العصيبة، حتى يبحر قارب العلاقة الزوجية إلى برّ الأمان". - مهمة مستحيلة: إذا كان هناك أزواج لديهم القدرة على العيش مع شركاء لا يحبونهم، فالمسألة تبدو مستحيلة من وجهة نظر بيلين كوناكي (موظفة) "لا أتصور أن حياة زوجية يمكن أن تستمر في غياب الحب، هو حجر الزاوية، الذي تقوم عليه الحياة الزوجية، وغيابه يعني أنّ الأسرة بأكملها قائمة على أسس هشة، وبالتالي فهي عرضة للإنهيار عند أوّل هزة أو ضغط". تبرر كوناكي رفضها المطلق للعيش مع شخص لا تحبه، مبررة رفضها العيش مع شريك لا تحبه، لأن أغلب هذه الأنواع من الزيجات ينتهي بخيانة زوجية من جانب الزوج، وهو أمل لا تقبله أي زوجة، وهاجس ترفض أن تعيشه، الأمر الذي يجعل من الطلاق، على الرغم من صعوبته، حلاً أمثل ووحيداً. - اليوبيل الفضي: على الرغم من أنّ العادات والتقاليد في بلدها (إيران) تتحفظ على الطلاق، مهما استدعت الأسباب، غير أن آزام أشبيريان تتفق مع الآراء التي ترى إستحالة العيش مع شخص لا تحبه، مهما كانت الأسباب لافتة أنّ الأطفال لم يعد لهم دور أساسي في إستمرار الحياة الزوجية كما كان يحدث سابقاً. من ناحية أخرى، تؤكد آزام حبها الصادق لزوجها، لافتة أنّه، وعلى الرغم من إنقضاء 25 سنة على زواجهما، إلا ان شريك حياتها لايزال يكن لها المشاعر الدافئة ذاتها، الأمر الذي أسهم في إستمرارية زواجهما بلا مشاكل، أو خلافات، وتضيف: "كنت أخشى أن تتغير مشاعر زوجي تجاهي مع مرور الوقت ولكن والحمد لله لا تزال مشاعره تجاهي متأججة وكأنّنا في فترة الخطوبة". - المهمة الصعبة: الحب بالنسبة إلى بعض الزوجات لا يعني الرومانسية، بقدر ما هو مسؤولية مشتركة، وتضحيات تنمو وتكبر كلما كبر الأبناء وأصبحوا في أمس الحاجة إلى أسرة مستقرة تحتويهم. أسباب كافية أسهمت في تقبل أُم علي (ربة منزل) العيش مع شريك لم يعد يسمعها كلمات الحب والغزل، التي كان يمطر أذنيها بها في سنوات الزواج الأولى. لا تشعر أُم علي بالندم على حب أفلاطوني لم يعد له وجود في حياتها، لافتة إلى أنّها فخورة برعايتها لأبناء أنهوا دراستهم الجامعية بنجاح وتفوق. فمنهم الطبيب، والمهندس، ورجل الأعمال، "أشعر بأنني قد أديت رسالتي وأنهيت مهمتي الصعبة على أكمل وجه، وهذا كل ما تمنيته خلال رحلة زواجي، التي استمرت لأكثر من 30 عاماً، وما دامت هناك مودة ورحمة ووفاء بالواجبات تجاه الزوجة والأسرة، فإنّ الحب الرومانسي لا يمثل أولوية تستحق أن تُهدم الأسرة بسبب غيابه". من جانب آخر تشير أُم علي إلى أنّ هناك زوجات هجرن عش الزوجية، لإعتقادهنّ بأن أزواجهنّ قد تغيروا بعد الزواج ولم يعودوا كسابق عهدهم أيام التعارف والخطوبة، دون أن يدركن لكل مرحلة حلاوتها. * قالوا في الزواج: - إننا نتزوج لنسعد الآخرين لا نسعد أنفسنا. - قرأت أخيراً أنّ الحب هو أمر مرده الكيمياء، هذا لابدّ أن يكون السبب في أن زوجتي تعتبرني من النفايات السامة. - الزوجة الجيِّدة هي التي دوماً تسامح زوجها، عندما تكون هي المخطئة. - بعد الزواج يصبح الزوج والزوجة كوجهي عملة، لا يستطيعان مواجهة بعضهما ومع ذلك يبقيان معاً. - قبل الزواج لا ينام الرجل مفكراً في كلام قالته المرأة، وبعد الزواج ينام فوراً قبل أن تكمل كلامها معه. - الزواج هو الشيء الوحيد الذي ينقل المرأة من عالم الخيال إلى عالم الواقع. - الفعل أم القول: تتفق إيناس أحمد عبدالله (موظفة) مع الرأي السابق، موضحة أنّ الحب الحقيقي "يكون بالفعل وليس بالقول، حيث يستطيع كل من الزوجين أن يعبر عن رغبته في العيش مع شريك حياته بطرق وأساليب مختلفة، قد لا تكون عبارات الغزل من بينها"، وتضيف موضحة أنّ الزوجة، التي تهدم بيتها لأن زوجها لا يحبها كما تعتقد، أو لأنّه لا يحبها "إنما تفكر بشكل أناني لأنّها تؤثر سعادتها في سعادة أسرتها وأولادها وإستقرارهم". وتستطرد إيناس مؤكدة أنّ الحب الرومانسي ينتهي عمره الإفتراضي، ليبدأ وقت العلاقة الزوجية الجادة المبنية على أساس المودة والرحمة، وتبادل الرأي والمشورة، وهي ترى أنّ هذه المقومات "أهم بكثير من مضيعة الزمن في تبادل عبارات الحب والغزل، الذي لا يحمل في أغلب الأحوال بين طياته معاني حقيقية ومشاعر صادقة". - الحب الصادق: آراء السيدات تراوحت بين القبول والرفض، فما رأي الرجال في إمكانية الإستمرار في حياة زوجية تفتقر إلى الحب؟ يحيى السويدي (مدير مبيعات) يوضح أنّ "الحب الصادق لا يتغير بمرور الوقت، وأن مشاعر الحب مادامت عرفت طريقها إلى قلب الرجل تجاه زوجته، فمن الصعب أن تتبدل أو تزول". وبسؤاله عن الحل إذا كان الزوج لا يحب زوجته يقول السويدي: "ليس من السهل أن يلجأ الزوج إلى تطليق زوجته لمجرد أنّه لا يحبها، خصوصاً إذا كان هناك أطفال، لكنه من الممكن أن يتزوج مرة ثانية إذا كان لا يرغب في تطليق زوجته"، لافتاً إلى أنّ النساء ربّما ينظرن إلى الأمر بمنظور مختلف تماماً "بعض النساء قد يؤثرن طلب الطلاق على الإستمرار في الحياة مع زوج لا يحببنه، أو يلجأن إلى أساليب أخرى تجعل من الطلاق أخف الأضرار". ويستدرك السويدي "علماً بأنّ هناك زوجات كثيرات يدركن أن أزواجهنّ يحبونهنّ، لكنهنّ لا يأبهنّ لذلك مادام هؤلاء الأزواج يوفرون لهنّ حياة كريمة ومستقرة، حيث تستمر الحياة بينهما على طريقة صباح الخير يا جاري أنت في حالك وأنا في حالي". - عامل أساسي: من وجهة نظر مخالفة، يجزم مصطفى حمادي (موظف) على عدم قدرته على العيش مع زوجة لا يحبها "الإنسان بطبيعته لا يحتمل البقاءتحت سقف واحد مع شخص لا يطيقه، فكيف تكون الحال إذا كان هذا الشخص هو نصفه الآخر وشريك حياته؟". ويقر حمادي بأن عنصر الحب مهم جدّاً لتأسيس حياة سعيدة، كما أنّه عامل رئيسي وأساسي في إستقرار الحياة الزوجية، لافتاً إلى أنّه "في حال عدم وجود هذا العنصر، يجب أن يذهب كل طرف إلى حال سبيله، علماً بأنّ الأطفال لا ولن يرغموا أي طرف على الإبقاء على زيجة محكوم عليها سلفاً بالفشل". - علاقة جافة: يتفق محمد كمال الدين (موظف) مع الآراء التي تؤكد صعوبة العيش مع شريك لا يكن له ولو ذرة واحدة من المشاعر، غير أنّه يوضح بقوله: "إذا كان الطرفان لا يحب بعضهما بعضاً تصبح العلاقة جافة لا تطاق، لهذا الأمر من الأفضل الإنفصال، لكي يبحث كل طرف عن نصيبه، قبل أن تتحول المشاعر السلبية إلى مشاعر عدائية تؤدي في نهاية المطاف إلى مشاكل ما أنزل الله بها من سلطان". ويعود كمال الدين ليضيف: "هناك بعض الإستثناءات التي تجعل أحد الأطراف يغض الطرف عن مسألة الحب ويحتسب أمره إلى الله، على أمل أن تتبدل العلاقة. فمثلاً، إذا كانت الزوجة بنت حلال وطيبة، ومن الأفضل ألا يفرط الزوج في هذه العلاقة، فقد تتبدل مشاعره السلبية ناحيتها وتتحول إلى حب بفضل سلوكها الرزين، أخلاقها الحميدة، وكما يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء: (فإنْ كَرهْتُمُوهنَّ فَعَسَى أنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ الله فِيهِ خَيْراً كَثِيراً). - أجمل ما في الحياة: فكرة الإبقاء على حياة زوجية تقوم على المسؤولية المشتركة التي تسودها المودة والرحمة، وإن كان الحب غائباً عنها، ليست حكراً على المجتمعات العربية، فبنبرة لا تخلو من إعتدال يؤكد الأميركي شين تيدي (موظف) أنّ الحب كقيمة مطلوب، لكن تترتب على وجوده أمور أخرى مهمة حتى يتحقق الإستقرار العائلي، من بينها الإخلاص، وحسن المعاملة، لافتاً إلى أنّ الحب بلا إخلاص كالزهرة بلا رحيق. شين يؤكد أنّه في إمكان الزوجين أن يعيشا كأصدقاء، إذ ليس بالضرورة أن يجمعها الحب الذي لم يعد أولوية قصوى، مادام هناك توافق على بعض الأشياء من أجل مصلحة الأبناء. في سياق آخر يقول شين: "أعيش مع زوجتي تحت سقف واحد منذ أكثر من 35 عاماً، ولم نفكر يوماً في الطلاق مهما كان حجم الخلاف الذي يمكن أن يطرأ بيننا، وحتى لا نصل إلى طريق مسدود لابدّ لكل منا أن يسأل نفسه بين وقت آخر لماذا تزوجت؟ وإذا تأملنا في الإجابة سنعرف لماذا تزوجنا، وسيمنحنا ذلك دافعاً للإستمرار، هذا ما أؤمن به، ومع ذلك أؤكد أنّ المرأة هي العنصر الأوّل والأساسي في الحياة، ومن دونها لا نستطيع العيش لأنّه أجمل ما في الحياة". - الصبر والإحتساب: يؤكد ماهر فوز (رجل أعمال) أهمية الحب في الحياة الزوجية، غير أنّه في الوقت نفسه يرى أنّ هناك زيجات تقليدية لا علاقة لها بالحب، لكنها تُبنى على العشرة وحسن المعاملة حتى يتولد الحب، أو تستمر الحال كما هي عليه. ويستطرد ماهر فوز إذ يقول: "في حال فشل الزوجين في إيجاد صيغة إيجابية للعلاقة الزوجية، وعدم قدرتهم على التعامل بالمعروف، أو إذا فشل أحدهما في الوفاء بمتطلبات الحياة الأسرية، فسوف يكون الطلاق هو الحل الأمثل لبعض الحالات التي تصل إلى طريق مسدود". لافتاً إلى أنّ "هناك الكثير من العلاقات الزوجية التي لم يعرف الحب إليها سبيلاً، لكنها نجحت وإستمرت، بسبب تفهم الزوجين وصبرهما على أمل أن يكافئهما الله سبحانه وتعالى على ذلك". - آخر الدواء: يتفق فهد السلمان (رجل أعمال) مع الرأي السابق، مؤكداً أن أغلب الزيجات في دول الخليج ذات طابع تقليدي لهذا الأمر لابدّ من وجود حلول منطقية ومستديمة إذا لم يأت الحب، حتى لا تصبح العلاقة هشة وجافة وتنهار عند أقرب منعطف. السلمان يرى أنّه في حالة فشل الزوجين في إيجاد صيغة للعيش المشترك تسهم في إستقرار الحياة الزوجية، فسيكون من الصعب عليهما الإستمرار في حياة تعيسة لا طعم لها". - الإحترام والقوامة: على الرغم من أهمية الدور الذي يلعبه الحب في الحياة الزوجية، غير أن أحمد أشبيريان (رجل أعمال) يرى أنّ هناك أموراً أكثر أهمية من الحب، وأن غيابها يمثل تهديداً لإستقرار العلاقة الزوجية، لافتاً إلى أنّ الزواج في المجتمعات الإسلامية يكون مبنياً على أسس كثيرة من بينها الإحترام والقوامة، وهي تعد بدائل قد تصلح للتعويض عن غياب الحب". ويؤكد أشبيريان أنّ الإحترام يُولد الحب، ويرفع من قدر كلا الزوجين لدى الآخر، وبالقدر نفسه إذ فُقد هذا العنصر المهم وهو الإحترام، يكون الحب بلا معنى، أو قيمة حقيقية، الأمر يؤكد أن ثمّة أموراً أخرى أكثر أهمية من الحب. - المودة والرحمة: سواء تزوج الشريكان عن حب أم من دونه، فثمة إحتمال أن يؤول الأمر إلى حياة زوجية تفتقر إلى الحب، فهما قد يتزوجان زواجاً تقليدياً، بحكم القرابة مثلاً، على أمل أن يأتي الحب بعد الزواج لكنه لا يأتي، فما هي إحتمالات إستمرارية هذه الزيجة؟ وما هي المشاكل التي يمكن أن تعترضها؟ يجيب عن هذا السؤال المستشار الأسري محمد ناجي بقوله: "للحب والزواج إستراتيجية معيّنة، وهي أن كل طرف قد وجد لدى الطرف الآخر الشيء الذي يطلبه، سواء أكان الإشباع العاطفي أم الإجتماعي لتكوين أسرة، فإذا ارتبط الزوجان عن حب وتبدلت هذه المشاعر، فإما أن يخضع الزوجان للأمر الواقع لإعتبارات عديدة، وإما أن ينتهي الأمر بالطلاق ويذهب كل منهما إلى حال سبيله، وهو الأمر الذي تلاقيه في وجود نضج في الرؤية، وتضحية في التعاطي مع الطرف الآخر". وفي ما يتعلق بالزواج التقليدي، يشير محمد ناجي إلى إحتمالات عدة "قد يأتي الحب مع العشرة، وقد لا يأتي أبداً، غير أنّ الله سبحانه وتعالى يكفل هذا الزواج بالمودة والرحمة، متى أراد الزوجان ذلك، وهذا شأن كثير من الزيجات التقليدية التي تقوم على حسن المعاملة والمودة، ولا يعتبر الحب شرطاً من الشروط، إلا في حالات نادرة". وفي حديثه عن تداعيات الزواج الذي لا يجد الحب إليه طريقاً، يقول محمد ناجي: "قد يصبر الطرفان ويتحمل كل منهما الآخر لإعتبارات معينة، وقد تحدث الخيانة الزوجية إذا لم يكن الطلاق هو الحل الأخير وآخر الدواء الذي يكون كالكي بالنار. أمّا الخيانة، فلا أعتقد أن لوجود الحب أو غيابه دوراً في هذا السلوك، فعندما تنهار القيم وتصاب الأفكار بالمرض تحدث الخيانة، حتى ولو كانت الزوجة جميلة، ومخلصة، وتقية، لأنّ الخيانة تكون خيانة نفسية، ولا علاقة لها بالسعادة أو الشقاء، ومع ذلك فالمرأة السوية هي التي تعتز بإنسانيتها وكرامتها، وتنظر إلى الأبناء ومستقبلهم باعتبارهم أعظم ثروة وأهم مسؤولية". - عطاء وتضحية: هل يختلف الزواج من دون حب الزواج العادي؟ في إجابته عن هذا السؤال يقول د. طلعت مطر، إستشاري الطب النفسي: "لا يزال أغلب الأزواج في المجتمعات العربية يعتقدون أنّ الحب هو العلاقة الرومانسية التي يقع فيها الطرفان قبل الزواج، وهو نوع من التوتر الدائم بين الطرفين، يدفع كل طرف إلى التفنن في الإستحواذ على الآخر، غير أنّ هذا الحب يتحول إلى نوع آخر بعد الزواج، فيحل محله العطاء والتضحية وتقديم التنازلات، وهو خسارة على المستوى الفردي، حيث يتم الحجر على الحرِّية، غير أنّه مكسب للحفاظ على النوع. لذلك، لابدّ من تقبل الوضع كما هو لكي لا يحدث الفشل الناتج عن الفكرة الخاطئة عن الزواج". وفي سياق متصل يشير د. مطر إلى أنّ الزوجين عادة لا يعرفان أنّ العلاقة التي تربطهما بحلوها ومرها هي الحب الحقيقي، حتى ولو كانت من دون تبادل لكلمات الغزل والغرام، لأنّها في الواقع علاقة مسؤولية وعطاء من أجل الأطفال والأسرة. من جانب آخر ينصح د. مطر الزوجات بألا يلهثن خلف الكلمات المعسولة ولا تغرهنّ عبارات الغزل لأنّ هذا السلوك حسب تجاربه الشخصية وخبراته العملية، لا يدل على الحب في أغلب الأحيان، فقد يكون وراء الأكمة ما وراءها، لافتاً إلى أنّ هناك فرقاً كبيراً بين الحب الذي يدوم بعد الزواج، وبين العشق الذي يتغنى به الشعراء والمطربون.