الْحَمْدُ لِلَّهِ القائل: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ [آل عمران:190-194] والصلاة والسلام على رسول الله القائل: {والله لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً } أرسله الله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراًَ.......
أول أمر للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو الأمر بالتفكر
أمَّا بَعْد:
أيها الناس! كانت أول كلمة أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هي قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق:1].
والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، وكيف يقرأ الأمي الذي لم يكتب ولم يقرأ؟ ولم يتعلم ولم يخط بيمينه خطاً، وأصبح في الأربعين من عمره ثم تأتيه كلمة اقرأ؟! فكأن الله يقول له: اقرأ في كتاب الكون المفتوح، وفي آيات الله المعروضة، والشمس الساطعة، والنجوم اللامعة، في الجدول والغدير، وفي الماء النمير، وفي الشجيرات، والحيوانات، اقرأ في كل آية تمر بك في المخلوقات.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
فقرأ صلى الله عليه وسلم في آيات الله، فكان يخرج فيتفكر، ويتأمل، ويبكي صلى الله عليه وسلم من آيات الله، والله يقول: قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [يونس:101]
ترون العجائب، ترون أدلة التوحيد القاطعة، ترون كل شيء يتحدث عن عظمة الله، الزهرة تحدثكم عن الله، الطائر بجناحيه في الفضاء يحدثكم عن الله، والشجرة في الغابة تحدثكم عن الله: قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) [يونس:101] ويقول تبارك وتعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُ [فصلت:53] يريهم كل آية ليعرفوا أن لا إله إلا الله، ويعرض أمامهم كل مخلوق؛ ليعلموا أن لا إله إلا الله، ويخلق من الآيات البينات على مر السنين؛ ليعلموا أن لا إله إلا الله، يقول جل وعز: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ [الغاشية:17-20].
أفلا ينظر أهل الصحراء إلى الإبل وهم يحملون عليها، من خلقها وأبدعها؟ من سواها وزينها؟ من أحياها متحركة على أربع؟
ثم ألا ينظرون إلى السماء، وهم عاشوا مع السماء، وعاشت السماء معهم، والسماء في الصحراء لها طعم ومذاق، فكأنه لا سماء إلا في الصحراء، السماء حين تخلو بها في ليلة من ليالي القمر؛ ترى فيها آيات الله الواضحات، أليس هذا دليلاً على قدرة القدير؟
قيل لأعرابي من البادية: [[أعرفت الله؟ قال: إي والله، قالوا: فبماذا عرفته؟ قال: عجباً لكم! الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، وأرض ذات فجاج، وليل داج، ألا تدلان على السميع البصير ]] سُبحَانَهُ وَتَعَالَىَ كل آية تدلل على أنه موجود.
قيل للإمام الشافعي : اعرض لنا من آيات الله - وكان بجانبه صنوبر- فأخذ ورقة منها، وقال: [[هذه الورقة تأكلها النحلة فتخرج عسلاً، وتأكلها دودة القز فتخرج حريراً، وتأكلها الغزال، فتخرج مسكاً، أما تدل على الله الذي بيده كل شيء ]].
يقول الأمريكي " كريسي موريسون " في كتابه" الإنسان لا يقوم وحده -والحق ما شهدت به الأعداء- يقول: يا للعجب! النحلة تهاجر تطلب رزقها من وراء آلاف الأميال، فإذا امتصت رحيق الأزهار عادت مهاجرةً مرةً ثانيةً إلى خليتها دون أن تضيع ولا تضل، ربما يكون لها ذبذبات توحي إليها بخبرها، ثم يقول: لست أدري.
فإذا لم يدر هو، فنحن ندري والحمد لله؛ لأن الله يقول: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:68-69] أفلا يكفي دليل النحلة على وجود الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى؟!
قل للطبيب تخطفته يد الردى من يا طبيب بطبه أرداكا
قل للمريض نجا وعوفي بعدما عجزت فنون الطب من عافاكا
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهداً، وقل للشهد: من حلاكا
وإذا ترى الثعبان ينفث سُمَّهُ فاسأله من ذا بالسموم حشاكا
واسأله كيف تعيشُ يا ثعبانُ أو تحيا وهذا السم يملأ فاكا
فالحمد لله الجليل لذاته حمداً وليس لواحدٍ إلاكا
التفكر موصل للخشية
في كل شيء لله آية، يقول: تدبروا، وتفكروا في آيات الله، وفكر لا يرزق خوفاً من الله فليس بفكر، ولذلك كان أعظم مراقي التوحيد، وأعظم مقامات العبودية هو: الخوف من الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وكان أخوف الناس من الله هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
كل شيء اقتربت منه أمنته إلا الله، فكلما تعرفت عليه خفته: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28].
يقول إبراهيم عليه السلام: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشعراء:82] بعد إخباته إلى الله، وإنابته إلى الحي القيوم يقول من مقام الخوف: أطمع طمعاً شديداً من الله أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين، ولا يجزم جزماً.
ويقول يوسف عليه السلام، بعد أن ملك مصر ، وبعد أن جمع مالها وكنوزها، قال وهو يبكي في آخر عمره: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [يوسف:101] أقصى أمانيه وأعظم ما يرجو أن يلحقه الله إلحاقاً بالصالحين.
واستعرض سليمان عليه السلام قواته وجيوشه من الجن والبشر، ومن الطيور والزواحف، فلما رآها ملأت البر؛ سجد وبكى وقال: قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ [النمل:40].
فالشاهد: أن تفكيراً وتدبراً لا يهديك إلى الخوف من الله، فليس بنافع ولا مفيد، وقد كان صلى الله عليه وسلم من أخوف الناس لله، يقول أبو ذر رضي الله عنه: {نمت عنده صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي، فقام يقرأ، وقال: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم بكى، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم بكى، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم ارتفع صوته، وقال: ويل لمن لم يرحمه الله }.
ويقول عبد الله بن الشخير رضي الله عنه: {دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء } -والمرجل: القدر إذا استجمع غلياناً- وهو يبكي من معرفته لله تبارك وتعالى، وكان يحدث الناس عن الله -دائماً- وآياته، ويناديهم بالتزود والقدوم على الله، ويخبرهم أنهم مراقبون من الله، فالله معنا دائماً، وهو فوقنا، سُبحَانَهُ وَتَعَالَى؛ يسجل حسناتنا وسيئاتنا: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ [المجادلة:7].
وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان
فاستح من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
وإذا خلوت بريبة في ظلمة: لا يراك إلا الله، ولا يسجل حركاتك وسكناتك إلا الله.
والنفس داعية إلى الطغيان: تريد الاقتحام على المعصية..
فاستح من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
فأعظم مقامات التوحيد عند أهل السنة والجماعة هو: التفكر، ثم الخوف من الله الجليل.
ولدتك أمك يابن آدم باكياً والناس حولك يضحكون سرورا
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكـوا في يوم موتك ضاحكاً مسرورا
حضرت الوفاة أبا بكر رضي الله عنه، فدخلت عليه ابنته عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فقالت: يا أبتاه! صدق الشاعر:
لعمرك ما يغني النـزاء عن الفتى إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر
]]
فغضب، ونظر إليها، وقال: [[بل كذب الشاعر، وصدق الله: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق:18-21] ]].
فهذا أبو بكر الذي قدم للإسلام كل شيء، فالإسلام كأنه أبو بكر ، وكأن أبا بكر هو الإسلام، وكما روى الإمام أحمد في كتاب الزهد : دخل مع الصحابة، ليتنـزهوا في بستان من بساتين المدينة ، فرأى طائراً على نخلة، فبكى، فقال الصحابة: مالك يا خليفة رسول الله؟ قال: أبكي لهذا الطائر، يأكل من الشجر، ويرد الماء، ويموت، ولا حساب ولا عذاب، فبكوا رضوان الله عليهم.
ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا ويسأل ربنا عن كل شيء
قام هارون الرشيد فحلى قصوره، وزين دوره , وجمع الناس في مهرجان، ثم أدخل عليه الناس أفواجاً أفواجاً، فأتى أبو العتاهية الشاعر الزاهد، فقال له هارون : أمدحت هذا اليوم المشهود؟ قال: نعم. مدحته، قال: وماذا قلت فيه؟ قال: قلت:
عش ما بدا لك سالماً في ظل شاهقة القصور
قال: ثم ماذا؟ قال:
يجري عليك بما أردت مع العشية والبكور
قال: ثم ماذا؟ قال:
فإذا النفوس تغرغرت بزفير حشرجة الصدور
قال: ثم ماذا؟ قال:
فهناك تعلم موقناً ما كنت إلا في غرور
فبكى هارون الرشيد حتى أغمي عليه، وأمر بالزينة أن تخلع.
فيا عباد الله: أعظم المقامات: التفكر في أسماء الله وصفاته، وفي آياته وأيامه، وفي دلائل وحدانيته في الكون، ثم الخوف منه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
وما ارتفع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إلا بتدبر آيات الله، والتفكر في دلائل وحدانية الله، والخوف من الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى.
يقول علي رضي الله عنه: [[لا يخافن أحدكم إلا ذنبه، ولا يرجون إلا ربه ]] وكانوا رضي الله عنهم دائماً يشعرون برقابة الله، ووحدانيته، ويخافونه سُبحَانَهُ وَتَعَالىَ.
يقول: أسلم مولى عمر :[[خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، بعد أن انتصف الليل، فقال لي: يا أسلم ! الحقني فإني أتفقد الناس ]] هذا في عام المجاعة -عام الرمادة- يوم أن جاع الناس فجاع عمر معهم، ويوم أن تعب الناس تعب عمر معهم، ويوم أن سهر الناس وسهر عمر معهم.
حسب القوافي وحسبي حين أرويها أني إلى ساحة الفاروق أهديها
فمن يضاهي أبا حفص وسيرته ومن يحاول للفاروق تشبيها
لما اشتهت زوجه الحلوى فقال لهـا من أين لي ثمن الحلوى، فأشريها؟
خرج رضي الله عنه عام الرمادة، يوم أن وقف يوم الجمعة على الناس، فبكى وأبكى، وسمع قرقرة بطنه، فقال: [[قرقر، أو لا تقرقر، والله لا تشبع حتى يشبع أطفال المسلمين ]].
أيها المسلمون: عباد الله! انظروا إلى اليهود، وهم أنصار القردة والخنازير، كيف يهاجرون إلى فلسطين ! متعاونين متساعدين، متآخين على حرب المسلمين، وانظروا إلى الشيوعيين وأذنابهم، كيف يقومون جبهة واحدة ضد المسلمين، من أفريقيا وآسيا ، وروسيا جبهة متآخين لصد زحف الإسلام المقدس، ونحن شيع وأحزاب، أفكار وآراء، الجار يحقد على جاره، والمسلم يغتاب أخاه المسلم، والأعراض تنتهك في المجالس.
فهل هذا دين؟! وهل هذا نصر، أو ظفر؟!
إن كيد مطرف الإخاء فإننا نسري ونغدو في إخاء تالد
أو يختلف ماء الوصال فماؤنا عذب تحدر من غمام واحد
أو يفترق نسب يؤلف بيننا دين أقمناه مقام الوالد
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.
لوازم المحبة في الله
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أمَّا بَعْد:
أيها الناس: إن من لوازم المحبة في الله، والأخوة فيه سُبحَانَهُ وَتَعَالى:......
النصيحـة
النصيحة، النصيحة لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى ولرسوله ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم.
يقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه وأرضاه: {قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: بايعني يا رسول الله! قال: أبايعك على شهادة أن لا إله إلا الله, وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم، قال: فبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم، فوالله ما لقيت مسلماً إلا نصحته }.
[[ وكان جرير رضي الله عنه إذا بايع رجلاً قال له: اختر في السلعة والثمن، فإني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم ]].
[[شرى فرساً بأربعمائة درهم، فلما ذهب الرجل وأخذ الدراهم - البائع- قال جرير : عد، فعاد الرجل، قال: أتريد أن لك بفرسك خمسمائة درهم، قال: نعم، قال: وستمائة، قال: نعم، قال: وسبعمائة، وثمانمائة، قال: نعم، قال: خذ ثمانمائة، فإني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم ]].
وروى الإمام أحمد بسند جيد في مسنده ، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لوجه الله - وفي لفظ: لله- ومناصحة ولاة الأمور، ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط بمن وراءهم }.
يقول ابن تيمية كلاماً ما معناه: يجب الاعتناء بهذا الحديث وفهمه، فهو جزء من عقيدة أهل السنة والجماعة ، أن نوالي من والى الله، ونعادي من عادى الله، ونحب من أحب الله، ونبغض من أبغض الله، سواء وافقنا على فرعيات الآراء، أو خالفنا، سواء اجتهد، أو لم يجتهد، وقلَّد أو لم يقلد: فإن هذه أمور لا تمت إلى الولاء والبراء بشيء من الخدش، بل يبقى الولاء والبراء لله ولرسوله وللمؤمنين.
تتمة الموضوع :التفكر في آيات الله 2
أول أمر للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو الأمر بالتفكر
أمَّا بَعْد:
أيها الناس! كانت أول كلمة أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هي قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق:1].
والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، وكيف يقرأ الأمي الذي لم يكتب ولم يقرأ؟ ولم يتعلم ولم يخط بيمينه خطاً، وأصبح في الأربعين من عمره ثم تأتيه كلمة اقرأ؟! فكأن الله يقول له: اقرأ في كتاب الكون المفتوح، وفي آيات الله المعروضة، والشمس الساطعة، والنجوم اللامعة، في الجدول والغدير، وفي الماء النمير، وفي الشجيرات، والحيوانات، اقرأ في كل آية تمر بك في المخلوقات.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
فقرأ صلى الله عليه وسلم في آيات الله، فكان يخرج فيتفكر، ويتأمل، ويبكي صلى الله عليه وسلم من آيات الله، والله يقول: قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [يونس:101]
ترون العجائب، ترون أدلة التوحيد القاطعة، ترون كل شيء يتحدث عن عظمة الله، الزهرة تحدثكم عن الله، الطائر بجناحيه في الفضاء يحدثكم عن الله، والشجرة في الغابة تحدثكم عن الله: قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) [يونس:101] ويقول تبارك وتعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُ [فصلت:53] يريهم كل آية ليعرفوا أن لا إله إلا الله، ويعرض أمامهم كل مخلوق؛ ليعلموا أن لا إله إلا الله، ويخلق من الآيات البينات على مر السنين؛ ليعلموا أن لا إله إلا الله، يقول جل وعز: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ [الغاشية:17-20].
أفلا ينظر أهل الصحراء إلى الإبل وهم يحملون عليها، من خلقها وأبدعها؟ من سواها وزينها؟ من أحياها متحركة على أربع؟
ثم ألا ينظرون إلى السماء، وهم عاشوا مع السماء، وعاشت السماء معهم، والسماء في الصحراء لها طعم ومذاق، فكأنه لا سماء إلا في الصحراء، السماء حين تخلو بها في ليلة من ليالي القمر؛ ترى فيها آيات الله الواضحات، أليس هذا دليلاً على قدرة القدير؟
قيل لأعرابي من البادية: [[أعرفت الله؟ قال: إي والله، قالوا: فبماذا عرفته؟ قال: عجباً لكم! الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، وأرض ذات فجاج، وليل داج، ألا تدلان على السميع البصير ]] سُبحَانَهُ وَتَعَالَىَ كل آية تدلل على أنه موجود.
قيل للإمام الشافعي : اعرض لنا من آيات الله - وكان بجانبه صنوبر- فأخذ ورقة منها، وقال: [[هذه الورقة تأكلها النحلة فتخرج عسلاً، وتأكلها دودة القز فتخرج حريراً، وتأكلها الغزال، فتخرج مسكاً، أما تدل على الله الذي بيده كل شيء ]].
يقول الأمريكي " كريسي موريسون " في كتابه" الإنسان لا يقوم وحده -والحق ما شهدت به الأعداء- يقول: يا للعجب! النحلة تهاجر تطلب رزقها من وراء آلاف الأميال، فإذا امتصت رحيق الأزهار عادت مهاجرةً مرةً ثانيةً إلى خليتها دون أن تضيع ولا تضل، ربما يكون لها ذبذبات توحي إليها بخبرها، ثم يقول: لست أدري.
فإذا لم يدر هو، فنحن ندري والحمد لله؛ لأن الله يقول: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:68-69] أفلا يكفي دليل النحلة على وجود الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى؟!
قل للطبيب تخطفته يد الردى من يا طبيب بطبه أرداكا
قل للمريض نجا وعوفي بعدما عجزت فنون الطب من عافاكا
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهداً، وقل للشهد: من حلاكا
وإذا ترى الثعبان ينفث سُمَّهُ فاسأله من ذا بالسموم حشاكا
واسأله كيف تعيشُ يا ثعبانُ أو تحيا وهذا السم يملأ فاكا
فالحمد لله الجليل لذاته حمداً وليس لواحدٍ إلاكا
التفكر موصل للخشية
في كل شيء لله آية، يقول: تدبروا، وتفكروا في آيات الله، وفكر لا يرزق خوفاً من الله فليس بفكر، ولذلك كان أعظم مراقي التوحيد، وأعظم مقامات العبودية هو: الخوف من الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وكان أخوف الناس من الله هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
كل شيء اقتربت منه أمنته إلا الله، فكلما تعرفت عليه خفته: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28].
يقول إبراهيم عليه السلام: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشعراء:82] بعد إخباته إلى الله، وإنابته إلى الحي القيوم يقول من مقام الخوف: أطمع طمعاً شديداً من الله أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين، ولا يجزم جزماً.
ويقول يوسف عليه السلام، بعد أن ملك مصر ، وبعد أن جمع مالها وكنوزها، قال وهو يبكي في آخر عمره: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [يوسف:101] أقصى أمانيه وأعظم ما يرجو أن يلحقه الله إلحاقاً بالصالحين.
واستعرض سليمان عليه السلام قواته وجيوشه من الجن والبشر، ومن الطيور والزواحف، فلما رآها ملأت البر؛ سجد وبكى وقال: قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ [النمل:40].
فالشاهد: أن تفكيراً وتدبراً لا يهديك إلى الخوف من الله، فليس بنافع ولا مفيد، وقد كان صلى الله عليه وسلم من أخوف الناس لله، يقول أبو ذر رضي الله عنه: {نمت عنده صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي، فقام يقرأ، وقال: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم بكى، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم بكى، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم ارتفع صوته، وقال: ويل لمن لم يرحمه الله }.
ويقول عبد الله بن الشخير رضي الله عنه: {دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء } -والمرجل: القدر إذا استجمع غلياناً- وهو يبكي من معرفته لله تبارك وتعالى، وكان يحدث الناس عن الله -دائماً- وآياته، ويناديهم بالتزود والقدوم على الله، ويخبرهم أنهم مراقبون من الله، فالله معنا دائماً، وهو فوقنا، سُبحَانَهُ وَتَعَالَى؛ يسجل حسناتنا وسيئاتنا: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ [المجادلة:7].
وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان
فاستح من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
وإذا خلوت بريبة في ظلمة: لا يراك إلا الله، ولا يسجل حركاتك وسكناتك إلا الله.
والنفس داعية إلى الطغيان: تريد الاقتحام على المعصية..
فاستح من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
فأعظم مقامات التوحيد عند أهل السنة والجماعة هو: التفكر، ثم الخوف من الله الجليل.
ولدتك أمك يابن آدم باكياً والناس حولك يضحكون سرورا
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكـوا في يوم موتك ضاحكاً مسرورا
حضرت الوفاة أبا بكر رضي الله عنه، فدخلت عليه ابنته عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فقالت: يا أبتاه! صدق الشاعر:
لعمرك ما يغني النـزاء عن الفتى إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر
]]
فغضب، ونظر إليها، وقال: [[بل كذب الشاعر، وصدق الله: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق:18-21] ]].
فهذا أبو بكر الذي قدم للإسلام كل شيء، فالإسلام كأنه أبو بكر ، وكأن أبا بكر هو الإسلام، وكما روى الإمام أحمد في كتاب الزهد : دخل مع الصحابة، ليتنـزهوا في بستان من بساتين المدينة ، فرأى طائراً على نخلة، فبكى، فقال الصحابة: مالك يا خليفة رسول الله؟ قال: أبكي لهذا الطائر، يأكل من الشجر، ويرد الماء، ويموت، ولا حساب ولا عذاب، فبكوا رضوان الله عليهم.
ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا ويسأل ربنا عن كل شيء
قام هارون الرشيد فحلى قصوره، وزين دوره , وجمع الناس في مهرجان، ثم أدخل عليه الناس أفواجاً أفواجاً، فأتى أبو العتاهية الشاعر الزاهد، فقال له هارون : أمدحت هذا اليوم المشهود؟ قال: نعم. مدحته، قال: وماذا قلت فيه؟ قال: قلت:
عش ما بدا لك سالماً في ظل شاهقة القصور
قال: ثم ماذا؟ قال:
يجري عليك بما أردت مع العشية والبكور
قال: ثم ماذا؟ قال:
فإذا النفوس تغرغرت بزفير حشرجة الصدور
قال: ثم ماذا؟ قال:
فهناك تعلم موقناً ما كنت إلا في غرور
فبكى هارون الرشيد حتى أغمي عليه، وأمر بالزينة أن تخلع.
فيا عباد الله: أعظم المقامات: التفكر في أسماء الله وصفاته، وفي آياته وأيامه، وفي دلائل وحدانيته في الكون، ثم الخوف منه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
وما ارتفع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إلا بتدبر آيات الله، والتفكر في دلائل وحدانية الله، والخوف من الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى.
يقول علي رضي الله عنه: [[لا يخافن أحدكم إلا ذنبه، ولا يرجون إلا ربه ]] وكانوا رضي الله عنهم دائماً يشعرون برقابة الله، ووحدانيته، ويخافونه سُبحَانَهُ وَتَعَالىَ.
يقول: أسلم مولى عمر :[[خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، بعد أن انتصف الليل، فقال لي: يا أسلم ! الحقني فإني أتفقد الناس ]] هذا في عام المجاعة -عام الرمادة- يوم أن جاع الناس فجاع عمر معهم، ويوم أن تعب الناس تعب عمر معهم، ويوم أن سهر الناس وسهر عمر معهم.
حسب القوافي وحسبي حين أرويها أني إلى ساحة الفاروق أهديها
فمن يضاهي أبا حفص وسيرته ومن يحاول للفاروق تشبيها
لما اشتهت زوجه الحلوى فقال لهـا من أين لي ثمن الحلوى، فأشريها؟
خرج رضي الله عنه عام الرمادة، يوم أن وقف يوم الجمعة على الناس، فبكى وأبكى، وسمع قرقرة بطنه، فقال: [[قرقر، أو لا تقرقر، والله لا تشبع حتى يشبع أطفال المسلمين ]].
أيها المسلمون: عباد الله! انظروا إلى اليهود، وهم أنصار القردة والخنازير، كيف يهاجرون إلى فلسطين ! متعاونين متساعدين، متآخين على حرب المسلمين، وانظروا إلى الشيوعيين وأذنابهم، كيف يقومون جبهة واحدة ضد المسلمين، من أفريقيا وآسيا ، وروسيا جبهة متآخين لصد زحف الإسلام المقدس، ونحن شيع وأحزاب، أفكار وآراء، الجار يحقد على جاره، والمسلم يغتاب أخاه المسلم، والأعراض تنتهك في المجالس.
فهل هذا دين؟! وهل هذا نصر، أو ظفر؟!
إن كيد مطرف الإخاء فإننا نسري ونغدو في إخاء تالد
أو يختلف ماء الوصال فماؤنا عذب تحدر من غمام واحد
أو يفترق نسب يؤلف بيننا دين أقمناه مقام الوالد
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.
لوازم المحبة في الله
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أمَّا بَعْد:
أيها الناس: إن من لوازم المحبة في الله، والأخوة فيه سُبحَانَهُ وَتَعَالى:......
النصيحـة
النصيحة، النصيحة لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى ولرسوله ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم.
يقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه وأرضاه: {قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: بايعني يا رسول الله! قال: أبايعك على شهادة أن لا إله إلا الله, وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم، قال: فبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم، فوالله ما لقيت مسلماً إلا نصحته }.
[[ وكان جرير رضي الله عنه إذا بايع رجلاً قال له: اختر في السلعة والثمن، فإني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم ]].
[[شرى فرساً بأربعمائة درهم، فلما ذهب الرجل وأخذ الدراهم - البائع- قال جرير : عد، فعاد الرجل، قال: أتريد أن لك بفرسك خمسمائة درهم، قال: نعم، قال: وستمائة، قال: نعم، قال: وسبعمائة، وثمانمائة، قال: نعم، قال: خذ ثمانمائة، فإني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم ]].
وروى الإمام أحمد بسند جيد في مسنده ، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لوجه الله - وفي لفظ: لله- ومناصحة ولاة الأمور، ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط بمن وراءهم }.
يقول ابن تيمية كلاماً ما معناه: يجب الاعتناء بهذا الحديث وفهمه، فهو جزء من عقيدة أهل السنة والجماعة ، أن نوالي من والى الله، ونعادي من عادى الله، ونحب من أحب الله، ونبغض من أبغض الله، سواء وافقنا على فرعيات الآراء، أو خالفنا، سواء اجتهد، أو لم يجتهد، وقلَّد أو لم يقلد: فإن هذه أمور لا تمت إلى الولاء والبراء بشيء من الخدش، بل يبقى الولاء والبراء لله ولرسوله وللمؤمنين.
تتمة الموضوع :التفكر في آيات الله 2